️ الفصل السادس والعشرون – خطوات في الظلام

منتصف الليل

لفّ السكون أروقة القصر الحجري العظيم. حتى الرياح توقفت عن العواء خلف النوافذ العالية. لكن داخل تلك الجدران… لم يكن شيء ساكنًا.

في قلب الظلال، تحركت خطوات خفيفة بالكاد تسمع.

---

ممر العرش المظلم – جناح عائلة الظلال السماوية

كانت ليانا تجلس وحدها، يحيطها صف من الشموع السوداء. تحدّق في خريطةٍ نقشت عليها رموز الطاقة. نقرت على اسم ريفان بإصبعها البيضاء.

"إن كان ظلاً… فللظل جذر. وكل جذر له تربة يختبئ فيها."

رفعت رأسها، وأمرت حارسها المقرّب:

"أطلقوا الكلاب السوداء. لا أريد أن ينجو من رقابتنا بعد هذه الليلة."

انحنى الحارس دون نقاش. خرج بسرعة، وصوت بابه ارتد كجرس شؤم في الغرفة.

---

في الأزقة الخلفية للساحة الكبرى

خطى ريفان وسط رائحة الرطوبة والعفن. لم تكن هذه الطرق مخصّصة للورثة ولا للملوك، بل للمهربين وتجار العبيد والقتلة. خطا ببطء، يراقب الظلال الباردة، وهو يفكر:

"ليانا… تظنين أن كل شيء لعبة قط وفأر. لكنّك نسيتِ أن الفأر أحيانًا يعض."

---

من سطحٍ مظلم يراقب

على سطح أحد الأبراج، وقف فيكتور الصغير. ريح الليل تحرّك خصل شعره الأبيض. ابتسم بابتسامة واسعة لا تناسب طفلاً عمره سبع سنوات.

"أبي… هل ستسمح لهم بمطاردتك حقًا؟"

---

في قلب الأزقة

توقّف ريفان عند بوابة خشبية قديمة. طرق بخفة ثلاث مرات، ثم مرة واحدة أطول.

لحظة صمت. ثم فُتحت فتحة صغيرة في الباب، ظهرت منها عينٌ رمادية كئيبة.

"الرمز؟"

أجاب ريفان ببرود:

"الجليد لا يحرق… إلا حين يُحرق قلبه."

انفتح الباب بصريرٍ ثقيل.

---

داخل الغرفة المظلمة

جلس ثلاثة رجال يرتدون أقنعة معدنية. كانت أمامهم لفافات أسرار العائلات الكبرى، وأسماء مخفية بعناية.

قال أحدهم بصوت أجش:

"لم أتوقع أن تأتي بنفسك."

تقدّم ريفان، وقلب عباءته قليلاً ليظهر خنجرًا قصيرًا ينزّ من نصلِه دخان رمادي.

"أريد كل شيء عن تحركات عائلات النور، وخصوصًا… عائلة الظلال السماوية."

تبادل الرجال النظرات، قبل أن ينحني أكبرهم:

"ستدفع الثمن؟"

ردّ ريفان:

"ثمن المعرفة دائمًا يُدفع."

---

في الساحة العليا

انفتح الباب الحجري العظيم. دخلت عشرة ظلال مقنعة، أقدامها لا تصدر أي صوت. كانت تلك هي الكلاب السوداء: أشرس جواسيس عائلة ليانا.

انتشروا في صمت، يفتشون كل ممرٍ وزقاق.

---

في الغرفة المظلمة

امتدّت يد حاملة لفافة سميكة، وضعت على الطاولة. فتحها ريفان، وعيناه الرماديتان تلمعان وسط العتمة.

أسماء. خطط. أماكن تخزين الكنوز. وأسرارٌ عن أميرة الظلال نفسها.

"جميل… هذه هدية تستحق الوقت."

---

في الممر الحجري قرب الغرفة

خطوات صامتة اقتربت. رجل مقنّع من الكلاب السوداء رفع يده يُشير لفريقه. تجمّدوا للحظة حين شعروا بطاقة هائلة خلف الباب.

لكن القائد تمتم ببرود:

"إن كان هنا… الليلة سنكشفه."

---

داخل الغرفة

أدار ريفان رأسه قليلًا. ابتسم بسكون: "أخيرًا… وصلتم."

ثم أغمض عينيه، ومدّ يده نحو الظلال التي تتحرّك خلف الجدران. تموّج الهواء حول أصابعه كأنه سطح ماء قاتم.

---

في الخارج

رفع قائد الكلاب السوداء يده ليعطي إشارة الاقتحام.

لكن قبل أن ينطق… تكسّر الهواء أمامه فجأة. امتدّت يد رمادية خرجت من العدم، قبضت على رقبته بلا رحمة.

اتسعت عيون رجاله رعبًا. في تلك اللحظة… فهموا أنهم لم يكونوا من يطارد. بل كانوا هم الفريسة.

---

على السطح

ضحك فيكتور الصغير بصوت خافت:

"هيّا… العبوا لعبة المطاردة حتى النهاية."

---

2025/08/10 · 14 مشاهدة · 498 كلمة
نادي الروايات - 2025