الفصل الثامن والثلاثين – مدينة الشفق
على مشارف المدينة
حين هبط الليل، بدت مدينة الشفق كجوهرة فاسدة يلمع بريقها وسط المستنقع. أضواء الفوانيس الحمراء ترتجف على طول الأسوار السوداء، وصيحات الباعة والعبيد تختلط برائحة الدم والعطن.
وقف ريفان بجانب آزار، يلف جسده معطف طويل أسود يغطي ضماداته. تسللت عيناه الرماديتان على الشوارع، كأنهما تمسحان كل ركن وتحتسبان كل نفس.
---
آزار
"أتظن أنهم سيرحبون بك؟"
---
ريڤان
"الترحيب لا يعنيني… طالما يركعون بعد حين."
---
دخلا البوابة الرئيسية
مرّا قرب بوابة معدنية ضخمة كُتب عليها بخط صدئ: سوق الظلال – هنا تُباع الأرواح والدم.
حارس ضخم ذو وجه ملطخ بوشم النار حاول اعتراضهما:
"من؟ لا يُسمح بدخول الغرباء…"
لكن ريفان لم يتوقف. رفع إصبعه… امتد ظل رمادي طويل ولف عنق الرجل بلمح البصر.
صرخة قصيرة… ثم صوت تحطم فقرات. هوى جسد الحارس دون حياة.
---
آزار
"أحيانًا… أنسى كم أنت بارد."
---
ريڤان
"ليس لدي وقت لتهذيب الوحوش."
---
في قلب السوق
الضجيج كان مثل موجة لا تهدأ. أقفاص من حديد يعلوها صراخ عبيد وجثث مقطوعة الأيدي والأرجل مرمية كالقمامة. باعة يعرضون عيون التنانين الصغيرة، جلد الغرغونات، رؤوس محنطة.
تحرك ريفان بخطوات ثابتة نحو خيمة ضخمة يتدلى فوقها راية حمراء مرسوم عليها جمجمة سوداء:
"هنا… يختبئ سيد السوق."
---
آزار
"الخطة؟"
---
ريڤان
"نحرق أوكارهم… ثم نعرض الصفقة."
---
قبل أن يقتربا أكثر
تقدمت مجموعة رجال ملثمين، يرفعون السيوف المعقوفة، تطوقهما الدائرة.
أحدهم بصوت أجش:
"الغريبان… تجرؤان على قتل حرّاس السوق؟"
---
ريڤان
رفع رأسه ببطء، وصوته خرج هادئًا:
"إن لم تنحنوا الآن… سأسقي هذه الأرض من دمكم."
---
ضحك زعيمهم
"أرِنا إن استطعت!"
---
في لحظة
لم يعد جسده يبدو ساكنًا. ظلاله تمددت تحت قدميه كوحش جائع. انطلقت شفرات رمادية من العتمة وقطعت ساقين وذراعين في طرفة عين.
صرخ أحدهم وهو يسقط يترنح:
"ماذا… ماذا يكون هذا؟"
---
آزار
كان يضحك ببرود بينما يلوح بسيفه الطويل. اندفع وسط المرتزقة كالذئب بين قطيع خراف، يفتح الصدور ويشق الوجوه.
الدم غمر التراب… وامتلأت السوق بعويل هستيري.
---
بعد دقائق
سكت كل شيء إلا أنفاسهم الثقيلة.
من بقي حيًا راكعًا يحدق برعب في ريفان. رفع الأخير يده الملطخة بالدم، وأشار نحو الخيمة:
"بلغوا سيدكم… وريث الليل جاء."
---
آزار
مسح شفرته بقماش أسود:
"وما الخطوة التالية؟"
---
ريڤان
"سنريه شيئًا بسيطًا… حتى يفهم."
---
تقدم بخطوات بطيئة
وقف أمام بوابة الخيمة… وبحركة واحدة، طبع راحة يده على الخشب. خرج من جلده خيط دم رفيع… امتزج مع الظلال وصنع ختمًا أسود صارخًا.
"علامتي… وكل من يراها يعرف أن الموت ينتظر من يعاندني."
---
في لحظة
اهتزت الأرض حولهم. من داخل الخيمة، صدى صوت خشن:
"من أنت… بحق الآلهة؟"
---
ريڤان
صوته خرج عميقًا، لا يلين:
"الذي سيجرف هذا السوق… ويعيد بناءه."
---
في مكان آخر، خلف ستار خفي
راقبتهم عيون غريبة، ليست بشرية تمامًا. عينان ذهبيتان تتوهجان في الظلال.
"هذا الرجل… يحمل رائحة القارة المظلمة."
---