الفصل الرابع والأربعين – قصر الوحوش
اليوم التالي
كانت الغابة الميتة خلفهم، صامتة كجثة. تقدّم ريفان بخطواتٍ بطيئة، يحسّ ثقلاً غريبًا في صدره، كأن الظلال التي صهرها في جسده صارت تحاول ابتلاعه من الداخل.
---
آزار
"أتعلم… لو لم أرَ ما فعلته البارحة… لظننت أنك مجرد مجنون آخر."
---
ريفان
"ولأنك رأيت… صرت تظنني وحشًا."
---
آزار
"ربما…"
---
فيكتور
كان يمشي قرب ريفان، ينظر إلى السماء الرمادية.
"هذا المكان لا يختلف عن كوابيسي…"
---
أمامهم
انكشفت بوابة هائلة بارتفاع خمسة طوابق. مصنوعة من حجارة سوداء متشققة. تغطيها نقوش وحوش بأنياب طويلة وأجنحة من عظام.
فوق البوابة لوح حجري واحد، محفور عليه بثلاث كلمات بلغة قديمة:
"عرش الفناء الأبدي."
---
آزار
"قصر الوحوش… سمعنا عنه في الأساطير فقط."
---
ريفان
"هذا المكان كان يوماً قصر إمبراطور خالد."
---
آزار
"أتعني… أن الطلاسم التي تركها هنا تخصه؟"
---
ريفان
"وربما أكثر."
---
اقترب ريفان
رفع يده اليمنى، مرر أصابعه على سطح البوابة. لامس نقوش الوحوش، شعر بذبذبة عميقة تتسلل لعظمه.
---
في ذهنه
انهمر صوت غامض كصدى بعيد:
"عدتَ… أخيرًا…"
---
آزار
"ما الذي…؟"
---
ريفان
"هذا القصر… لا يفتح إلا لمن يحمل وصمة الليل."
---
مد يده نحو مركز البوابة
أغمض عينيه، ركز كل مانا جسده الجديد في كفه، ثم همس:
"أنا وريث الليل… وريثك يا خالد."
---
تصدعت البوابة
تفتحت فجوات ضوء أسود، ثم انشقت ببطء لتكشف عن ممر طويل تتصاعد منه رائحة العصور.
---
فيكتور تشبث بمعطفه
"أبي… هل سندخل؟"
---
ريفان
"هذا القصر… سيعلمني كيف أصقل جسدي حتى لا يقدر أحد على تحطيمي."
---
دخل الثلاثة
انغلق الظلام خلفهم كفم وحش.
---
في الداخل
كان الصمت ثقيلاً، الهواء يلمع بذرّات فضية كرمادٍ خالد. امتدت أعمدة عملاقة من العظام السوداء، وعلى كل عمود… نقشُ وحش غريب يحدق بهم بعينين فارغتين.
---
في نهاية الممر
تربّع عرش حجري. فوقه لوح رخامي محفور عليه نفس الحروف التي قرأها في الكتاب السماوي:
"نحت الجسد… عتبة الخلود."
---
ريفان
اقترب بخطوات ثابتة، رفع يده ليلمس العرش.
في تلك اللحظة… اهتز جسده كأنه سقط في بحرٍ لا قرار له.
---
داخل ذهنه
رأى الإمبراطور خالد جالسًا على هذا العرش، عيناه الإلهيتان تشتعلان.
"إذا أردت أن تصل إليّ… عليك أن تحرق جسدك حتى لا يبقى غير النواة."
---
ريڤان
فتح عينيه، ترددت أنفاسه.
"مرحلة الصقل الثانية…"
---
آزار
"أيّ جنون آخر هذه المرة؟"
---
ريڤان
"إعادة بناء الجسد في أحشاء الظلال… حتى لا يكون عظمك ولا دمك إلا مادة للخلود."
---
فيكتور
"ستتألم مجددًا… أليس كذلك؟"
---
ريڤان
"الألم… ثمنٌ لا بد من دفعه."
---
جلس القرفصاء أمام العرش
أغلق عينيه، وهمس:
"ابدأ…"
---
في اللحظة التالية
انفجرت حوله دوامة سوداء اجتاحت القاعة.
---
آزار أمسك فيكتور وابتعدا
لكن صوت ريفان بقي يتردد وسط الإعصار:
"حين أخرج… لن أكون كما كنتم تعرفونني."
---