الفصل التاسع والأربعين – نُذر الفوضى

داخل قصر الوحوش – بعد صقل الدم

كان الصمت يملأ القاعة السوداء. ريفان جلس مسندًا ظهره للعرش، بشرته المغبرة تتلألأ بخطوطٍ قاتمة، وعيناه تشعّان بوميضٍ يجمع بين ذهبٍ أسطوري وشقٍ أسود لا قرار له.

---

آزار

وقف صامتًا قرب أحد الأعمدة، لم يجرؤ على مقاطعته. كانت رائحة الحديد المحترق لا تزال تعبق في الجو، وكأن هذا المكان ابتلع شيئًا من حياة ريفان… وأعاده مخلوقًا آخر.

---

فيكتور

اقترب بخطوات صغيرة، تردد لحظة قبل أن يرفع يده ويمسك طرف معطف أبيه المحترق:

"أبي… أنت… لم تعد كما كنت."

---

ريفان

فتح عينيه ببطء، صوته خرج عميقًا:

"ولا أنوي العودة كما كنت."

---

آزار

"وهل ستبدأ صقل الروح هنا أيضًا؟"

---

ريفان

"لا… صقل الروح لا ينضج في أماكن الموت. يحتاج فضاءً حرًا… بين العوالم."

---

آزار

"تقصد… الصعود؟"

---

ريفان

"القارة العليا."

---

فيكتور

"لكن… ألن يكون ذلك خطرًا؟"

---

ريفان

"الخطر صار قدري…"

---

أغلق قبضته على حجر الظلال المتبقي

"وأنا لن أدعهم يقررون نهايتي."

---

في ذات الوقت – قمة شجرة سوداء قرب القصر

وقفت ليليا أميرة الظلام، رداؤها الليلي يرفرف وسط الريح الراكدة، وعيناها البنفسجيتان تراقبان مدخل القصر.

---

ليليا

"فرقة الظلال المطلقة…"

---

مدّت يدها في الهواء، ظهرت بلورة رؤية صغيرة، تعكس صورة إلينورا وهي تصدر الأوامر.

---

ليليا همست

"ما أسوأ الحقد حين يخالط الغرور."

---

ثم ضحكت بخفة

"لكن… هذا سيجعل مراقبتك أكثر إمتاعًا يا وريث الليل."

---

أغلقت البلورة، رفعت يدها

خرج من الظلال طائر أسود صغير، همست له:

"اتبع فرقة الظلال… وأبلغني بتحركاتهم ساعةً بساعة."

---

اختفى الطائر

---

ليليا

أغمضت عينيها، شعرت بانجذاب غريب نحو ذلك الرجل… رغبة غامضة في رؤيته ينجو من كل شيء، أو يهوي في الهاوية حتى النهاية.

---

في قاعة العرش

وقف ريفان، جسده يئن من ثقل التحوّل.

---

آزار

"إلى أين ستصعد؟"

---

ريفان

"إلى بوابة العوالم العليا… حيث نواة الروح تنتظرني."

---

مدّ يده نحو العرش، وضع راحة كفه عليه. انبثق ضوء شاحب، فتح شقًا مظلمًا في الجدار، يكشف ممرًا ضيقًا يلمع بنجومٍ صغيرة.

---

فيكتور

"سنذهب معك."

---

ريفان

"إن اخترتما ذلك… لن يكون هناك عودة."

---

فيكتور بابتسامة صغيرة

"أنت أنقذتني من ظلمة عمرها خمسمئة عام… لا أريد أن أتركك الآن."

---

آزار

"وإذا سقطنا… فسنكون على الأقل قاتلنا كرجال."

---

ريفان

"حسنًا… فلنمضِ."

---

دخلوا الممر

كان صعودهم بطيئًا، الجدران حولهم كأنها سماءٌ مضغوطة.

---

كل خطوة

كانت تجذب شيئًا من روحه، وكل نفسٍ كأنه يترك قطعةً من كيانه القديم خلفه.

---

رفرف الظلام حوله

وفجأة… لمع في وعيه صدى صوتٍ قديم:

"حين تصل إلى البوابة العليا… سيُطلب منك دمك وذكرياتك وروحك."

---

همس لنفسه

"فليأخذوا كل شيء… طالما بقيت إرادتي."

---

وراءهم

انغلق الممر ببطء… وكأن الأرض نفسها تلفظهم نحو سماءٍ لا تعرف الرحمة.

---

خارج القارة المظلمة – معسكر فرقة الظلال

كانت الخيام السوداء تنتشر كالسرطان على الهضبة. وقف قائد الفرقة يحدق في خريطة متشققة.

---

القائد بصوت خافت

"إن صعد نحو العوالم العليا… فلن نهبط إلا برأسه."

---

أحد الجنود

"لكن إن وصل إلى بوابة صقل الروح… قد لا نقدر على منعه."

---

القائد

"سنقسم فرقتنا… نصفٌ يعطل البوابة، ونصفٌ يتتبع أثره."

---

رفع بصره نحو السماء الرمادية.

"لم يبقَ له كثير من الوقت."

---

في ركن بعيد

كانت عين طائر الظلال تراقب المعسكر. بينما ليليا تبتسم بهدوء وهي ترى كل شيء عبر بلورتها.

---

ليليا

"لعبة شطرنج… وكل حجر فيها مغطى بالدم."

---

همست

"يا وريث الليل… هل ستنجو حتى الخطوة الأخيرة؟"

2025/08/28 · 5 مشاهدة · 549 كلمة
نادي الروايات - 2025