الفصل الحادي والخمسون – قيامة الظل والدم
داخل الممر النجمي كان الفراغ يذوب حول جسد ريفان،خطواته الأخيرة نحو البوابة جعلت الهواء يزداد ثقلاً،كأن كل ذرة حوله تعيد تذكيره بالماضي الذي سيفقده.
---
آزار "هل أنت مستعد…؟"
----
ريفان "لم أكن مستعدًا يومًا… لكني اخترت ألا أعود.
"---
فيكتور اقترب حتى صار يلمس معطفه الممزق: "حين تخرج… هل ستظل أبي؟
---
ريفان "ربما أكون شيئًا أسوأ… أو أفضل. لكني سأظل الشيء الوحيد القادر على حمايتك.
----
رفع يده سحق قلب التنين الميت بقبضته.اندفعت طاقة سوداء لزجة اخترقت عروقه،واستيقظ شيء قديم في صدره… نواة روحه، التي لم تعرف الرحمة ولا الغفران.
---
في الخارج – الهضبة الرمادية كانت فرقة الظلال تحيط بالبوابة،أسلحتهم الطويلة تنزلق فوق الحجارة كالأفاعي
.---
القائد "إن صعد… سيكون أعتى من أن يسقط لاحقًا."
---
لوّح بيده:"اقتلوهم جميعًا.
---
أحد جنود الظلال "لكن هناك مخلوقات محايدة… الألف والوحش
---
القائد "قلت اقتلوهم.
---
اندفعوا تحوّلوا إلى ومضات قاتمة انقضت على المدخل.
---
في اللحظة ذاتها رفعت الألف رمحها البلوري،وشقّت الهواء بانفجارٍ أخضر شق جسد أول المهاجمين.
---
الألف "ابقوا وراء ظهري!"
---
وحش التنين فتح صدره، أطلق شهيقًا عميقًا خرج بعده لهيبٌ أسود حارق.ذابت الصخور تحت الموجة اللاهبة.
---
آزار "لن نصمد طويلاً!"
---
فيكتور "أبي… أسرع!"
---
داخل البوابة شعر ريفان أن قلبه يختفي.أن روحه تنزلق عبر شق أسود لا نهاية له. رأى أمامه صورًا تتعاقب:لحظة ولادته منبوذًا…صوت أبيه وهو يلعنه…ضحكات خطيبته القديمة وهي تدس السم في طبقه…ثم شعلة ذاكرة الإمبراطور خالد، تهمس: "إن أردت قيامةً كاملة… فلا بد أن تحرق كل ما أنت عليه."
---
ريفان "فليحترق…
---
خارج البوابة كانت الأرض تتحطم تحت وقع القتال.انشق الممر النجمي إلى شقوقٍ عميقة،تتسرب منها أنفاس خفية أشبه بأنين الموتى
.---
الألف سددت رمحها نحو القائد،لكن يده اخترقت دفاعها بقبضة مشبعة بالظل.انطرحت أرضًا، دمها يتساقط على الصخور.
---
وحش التنين زمجر، التوى جسده ليصد الهجوم التالي،لكن ثلاثة من الظلال انقضّوا عليه بسيوفهم السوداء.تشققت حراشفه المعدنية.
---
آزار ركع قرب الألف،يحاول كبح النزيف: "تماسكي…!"
---
الألف همست "لن… يدعوه يصعد… إن لم نؤخرهم…
---
فوقهم مباشرة ظهرت ليليا أميرة الظلام فجأة وسط سحابة من الدخان البنفسجي.رفعت يدها ببطء،كأنها لم ترَ في المشهد كله سوى شهوة الدم والفوضى
.---
ليليا "كفاكم مضيعة للوقت…"
---
أغلقت قبضتها.في لحظة واحدة، تحولت الريح كلها إلى مقص أسود هائل.شقّت جسد أحد أفراد الظلال نصفين ببطء…ثم بعثرت أشلاءه في الهواء كرماد.
---
القائد استدار نحوها: "أنتِ…! من أنتِ حتى تتدخلي؟
-----
ليليا "أنا من تكره الرتابة… ومن تكره انتصاركم السريع
-----
في الممر النجمي انفتحت عينا ريفان فجأة.لكن لم تكونا عاديتين بعد الآن.ظهر فيهما شقّان طويلان كالندبة،في اليمين عين روحية تلمع بنورٍ شفاف،وفي اليسار عين إلهية يبتلع ضوءها كل شيء.
---
رأيت كل الأكاذيب… وحان وقت اقتلاعها.
"---
مدّ يديه للأمام "بوابة صقل الروح… افتحي
---
انفتح الباب بهزة هائلة،اندفعت منه رياح بيضاء،وفيها آلاف الأصوات تصرخ وتبكي وتضحك معًا.
---
خارج البوابة توقف الجميع حين ظهرت تلك الهالة.هالة لم تكن طاقةً وحسب… بل كانت حضورًا يطوي السماء.
---
القائد "هذا… ليس بشريًا بعد الآن."-
----
ليليا غطت نصف وجهها بقناعها،همست بابتسامة: "نجا… بل ولد من جديد
-----
وحش التنين رغم جراحه… انفجر ضاحكًا: "هكذا… هكذا يولد الإمبراطور."
---
ريفان خرج من البوابة ببطء.خطواته تركت أثراً أسود يتبخر كالدخان
.---
رفع رأسه،الريح تحرّك شعره الملطخ بآثار الطقوس.حين فتح عينيه، خيّم الصمت.
--- "
أين هي؟
"---
صوته خرج منخفضًا "إلينورا…
---
في مكانٍ بعيد – قصر العائلة المالكة كانت إلينورا تجلس أمام خريطة قديمة.شعرت فجأة برعشةٍ باردة تزحف من أسفل عنقها.
---
"لقد صعد…
---
رفعت رأسها ببطء "إن كان لا بد من النهاية… سأكون أول من يشهدها
------
في السماء الرمادية صوت ريفان ارتفع ببطء،صوت لا يشبه ما كان عليه: "من أراد موتي… فلينتظر.ومن ظن أني سأغفر… فليحلم
------
ليليا
أغمضت عينيها نصف ابتسامة: "يا وريث الليل
…
لن تترك هذا العالم كما وجدته
------