الفصل الثاني والخمسون – عرش الرماد
أعلى الممر النجمي – حافة القارة العليا
خرج ريفان من البوابة التي التهمتها شقوق الظلام.
خطواته الأولى على الأرض العليا لم تكن مجرد عبور…
كانت إعلانًا أن شيئًا قد انبعث من الهاوية، لا يليق به الانحناء لأحد.
---
تلاشى الضوء حوله ببطء،
وانكشف جسده وقد أعيد بناؤه كليًا:
عضلات مرسومة كتماثيل من الفولاذ،
عروقه تتوهج بخيوط مانا سوداء،
وعيناه…
عينٌ روحية شفافة تكشف نوايا الأرواح،
وعينٌ إلهية تسلب العزم من كل من يتجرأ على النظر إليها.
---
آزار وفيكتور
تسلّقا حافة الممر وهما يلهثان.
وحين وقفا خلفه، شعرا برهبةٍ لم يعرفاها من قبل.
---
آزار (بصوت مرتجف)
"يا… يا ريفان… أنت…"
---
ريفان (نبرة منخفضة جامدة)
"لست ريفان الذي عرفتماه. ولست إمبراطورًا خالدًا. بل شيءٌ بينهما."
---
مد يده ببطء،
فتح راحته،
وبحركة خاطفة ظهرت خاتم تخزين أسود تلمع فيه خيوط رمادية.
أغلقه، فاختفت الهالة.
---
فيكتور (عيناه تتسعان)
"أبي… ماذا سنفعل الآن؟"
---
ريفان
"نبدأ بجمع الحلفاء… وتذكير العالم أن الظل لا يموت."
---
---
في تلك اللحظة
اهتزت الأرض أسفل قدميه.
ارتفعت من العدم بوابة حجرية ضخمة منحوتة عليها رؤوس تنانين متحجرة.
وبداخلها، لمع ضوء أحمر عميق كدمٍ قديم.
---
صوت خشن ضخم دوّى عبر الفضاء
"يا من خرجت من صقل الروح… أنت تدوس حدود مملكة النيران العليا."
---
انبثق من قلب البوابة عملاق مغطى بحراشف حمراء.
طوله يربو على سبعة أمتار،
عيناه جمرتان متوهجتان.
---
العملاق
"إن أردت أن تخطو خطوة أبعد… أعطني اسمك وخضوعك."
---
ريفان
لم يرد.
كل ما فعله… أن فتح عينه الإلهية.
---
في لحظة،
تجمد العملاق.
راح جسده الضخم يرتعد وكأنه يواجه هاوية بلا قاع.
---
"ما هذا…؟ إنه… إنه…"
---
في ثانية أخرى،
انفجرت موجة ظل من جسد ريفان،
سحقت الأرض تحت قدمي العملاق،
وأجبرته أن يجثو على ركبتيه.
---
ريفان (نبرة منخفضة)
"ليس بيننا اتفاق. ولا أخضع لعرشٍ من رماد."
---
انحنى العملاق رغمًا عنه،
وهو يزفر سحبًا من الدخان،
ثم تلاشى جسده كأنه لم يكن سوى طيفٍ مختوم.
---
---
آزار (يهمس)
"يا إلهي… لقد أجبره على الركوع… فقط بنظرته."
---
فيكتور
شدّ معطف أبيه بقوة:
"هل صرنا أخيرًا… لا نخاف أحدًا؟"
---
ريفان
"لا تخف. لكن لا تنسَ… حتى الجبال تنهار إن لم نكن مستعدين."
---
---
في البعيد – قصر عائلة إلينورا
تجمع مجلس النخبة في قاعة العرش،
الوجوه شاحبة، والأخبار تصل كالطعنات.
---
أحد المستشارين
"لقد… لقد نجا… بل ارتقى إلى القارة العليا!"
---
إلينورا
لم تقل شيئًا.
كانت تنظر إلى الشعلة السوداء المشتعلة في المرآة السحرية.
---
"أنت حي…؟"
---
أغمضت عينيها ببطء.
دمعة ساخنة انزلقت،
لكنها مسحتها قبل أن يراها أحد.
---
"إذن لن ينتهي هذا إلا بركوع أحدنا للآخر."
---
---
ريفان
مد يده نحو فيكتور،
وضع راحة كفه على رأسه:
"هنا يبدأ صعودنا الحقيقي."
---
رفعت الريح شعره،
والسماء العليا استجابت للنداء:
أصوات صرخات بعيدة،
وموجات مانا تتقاطر عليه كالأمطار السوداء.
---
صوته خرج عميقًا
"يا هذا العالم… لقد متُّ مرتين.
ولن أرحل قبل أن أكتب اسمي على عظامك."
---