الفصل الخامس والخمسون – صائد الأرواح

مخرج سوق العبيد – بعد ساعة

خرج ريفان من الممر الحجري مع آزار وفيكتور. الليل كان قد هبط على مدينة الكريستال الأسود، وأضواء الساحات تلوّن الدخان بالأصفر والقرمزي.

---

لكن رغم كل الصخب، شعر ريفان بهدوءٍ عميق ينهش صدره.

"لقد بدأت الحرب…"

---

آزار

"إلى أين…؟"

---

ريفان

"إلى معقل السحرة السود."

---

رفع يده، فانبثق من خاتم تخزينه خريطة قديمة من جلدٍ أسود. كانت عليها رموز غريبة تنبض بمانا مشؤومة.

---

"هنا… وادي الظلال الأبدية. حيث يبيع السحرة أرواحهم مقابل القوة."

---

---

فيكتور (صوته متردد)

"أبي… هل علينا حقًا… أن نثق بهم؟"

---

ريفان

"لا. لكننا سنستخدمهم… قبل أن يحاولوا استخدامنا."

---

---

خطواتهم تباطأت فجأة

وقف ريفان. ثم رفع يده ببطء، وكأنه يشير إلى شيء لا يراه أحد.

---

آزار

"ماذا…؟"

---

ريفان

"هو هنا."

---

---

على سطح مبنى قريب

جلس صائد الأرواح. ثوبه الأبيض يرفرف ببطء، وجهه الخالي من الحواجب يراقب بلا رمشة.

---

لم تكن عيناه بشريتين: مجرد حفرتين سوداوين تبتلعان الضوء.

---

---

صائد الأرواح

"يا وريث الليل… لقد تأخرت."

---

---

ريفان

رفع عينه الإلهية، والفراغ بينهما اهتز كستارة حرير.

---

"من أنت؟"

---

---

صائد الأرواح

"اسمي لا يهم. كل ما يهم… أن سيدة العروش أرسلتني. لتبدأ نهاية رحلتك هنا."

---

---

مد يده الطويلة. ظهرت في كفه بلورة سوداء تتلوى بظلال صاخبة.

---

"روحك… ستكون أولى هداياي لها."

---

---

فيكتور

"آبـ…"

---

لكن ريفان وضع راحة كفه على صدر فيكتور. رفعه بخفة وأعاده خطوة إلى الوراء.

---

---

ريفان

"ابق هنا. إن لم أعد… اهرب."

---

---

آزار (همست)

"لا تذهب وحدك…"

---

لكن ريفان لم يلتفت. تقدم خطوة واحدة إلى وسط الشارع.

---

---

صائد الأرواح

"إذن… اخترت الشرف على الهرب؟"

---

---

ريفان

"اخترت أن أتذوق دمك قبل أن أنسى وجهك."

---

---

صائد الأرواح

فتح البلورة السوداء. انطلقت منها موجة مانا كثيفة، حولت الحجارة تحت قدميه إلى رماد.

---

"أنت لا تعرف من تواجه."

---

---

ريفان

فتح عينه اليسرى – العين الإلهية. عندها فقط، اختفى نصف ابتسامة صائد الأرواح.

---

"ما هذا…؟!"

---

---

صائد الأرواح

"أي سحرٍ هذا…؟!"

---

---

صوت ريفان خرج عميقًا

"إنها عين ترى قلبك… وتُريه نهايته."

---

---

في لحظة، اهتز جسد صائد الأرواح. رأى شيئًا لم يره بشر: رأى ظله يموت، ثم يتعفن، ثم ينصهر.

---

"لا… هذا وهم… وهم…!"

---

---

ريفان

"لوهلة واحدة… فقط لوهلة… تذوّق طعم موتك."

---

---

رفع يده اليمنى ببطء. ثم أطبق أصابعه كأنه يسحق شيئًا في الهواء.

---

انفجرت البلورة السوداء في يد صائد الأرواح، واندلع منها صراخ الأرواح المحبوسة.

---

"كراااااه!"

---

---

في تلك اللحظة، ارتعشت المدينة كلها. غُمرت الشوارع بدفق موجات الروح، والناس هرعوا يختبئون في السراديب.

---

---

آزار (همست)

"يا للسماء… إنه ليس إنسانًا بعد الآن."

---

---

صائد الأرواح

هوى على ركبتيه، عظامه تئن من وطأة الرؤية.

---

"أقسم… أنني… سأقتلك…"

---

---

ريفان

"ربما في حلمٍ آخر."

---

---

مد يده ببطء، ومع كل نبضة من عينه الإلهية، تساقطت أجزاء من جسد صائد الأرواح كرماد محترق.

---

"صررررخ…"

---

---

ثم حل الصمت. لم يبقَ إلا بقايا ثوبٍ أبيض تتهاوى في الريح.

---

---

فيكتور

خرج من مخبئه ببطء. تقدم نحو أبيه، عيناه تلمعان بالخوف والانبهار.

---

"أبي… لقد محوته… بلا سيف."

---

---

ريفان

"بلا سيف… لكن بثمن."

---

وضع يده على صدغه. شعر بصداعٍ حارق يشق جمجمته. إنها لعنة العين الإلهية… كلما استخدمها في قتل الروح، اقترب من الجنون خطوة.

---

"لكنني لن أتراجع."

---

---

آزار

"ما الخطوة التالية…؟"

---

---

ريفان

"نحو معقل السحرة السود… حيث يبدأ فجر تحالفي مع الظلال."

---

---

فيكتور

"أبي…"

---

توقف ريفان لحظة. نظر إلى ابنه. ثم إلى السماء التي لم تعرف وجهه بعد.

---

"هذا العالم لم يرَ شيئًا بعد."

---

2025/09/02 · 11 مشاهدة · 603 كلمة
نادي الروايات - 2025