الفصل السادس والخمسون – محراب الظلال

بعد زوال صائد الأرواح بساعة

غادر ريفان وأتباعه حواف مدينة الكريستال الأسود، وما زال صدى الحادثة يهزّ قلب القارة العليا: رجل واحد سحق صائد الأرواح بعينه فقط.

---

امتدت أمامهم أرض قاحلة، تتخللها صخور سوداء ترتفع كالأنياب. هنا، لا طيور تغني، ولا نسائم تحرّك الهواء.

---

آزار

"هذا المكان… وكأن الحياة لفظته."

---

ريفان

"لأن هنا ماتت آلاف الأرواح… لتولد طقوس السحر الأسود."

---

---

فيكتور

شدّ معطف والده:

"أبي… هل سنعقد تحالفًا معهم؟"

---

ريفان

"سنُريهم من نحن… ثم نقرر إن كانوا يستحقون البقاء."

---

---

عند فم الوادي

ارتفعت بوابة حجرية عملاقة محفور عليها رمز جمجمة تحترق. تساقط رماد أسود حولها كثلوج مسمومة.

---

وقف عندها حارسان بلا وجوه، جلدهما يشبه اللحاء المتعفن.

---

---

أحد الحراس (صوت مجوّف)

"أيها العابر… عد أدراجك. هذا محراب الموتى."

---

---

ريفان

"افتحوا الباب. جئت أرى سيدكم."

---

---

الحارسان تبادلا نظرة صامتة، ثم ارتفعت يد أحدهما ببطء، ضغط على لوح حجري مخفي.

---

طَخ طَخ طَخ…

تشققت البوابة… وانفتح طريق معتم يفضي إلى سردابٍ كالقبر.

---

---

آزار (تمسك بذراعه)

"هل… أنت واثق؟"

---

ريفان

"الأحياء يخشون الموت. أما أنا… فقد صادقته مرتين."

---

---

داخل السرداب

انداحت روائح عفنة، وأصوات تمتمة بلهجات بائدة.

---

جدران الممر متخمة بجماجم قديمة، تتوهج عيونها الزجاجية كلما خطا ريفان خطوة.

---

---

فيكتور

"أبي… تلك الجماجم… تنظر إليّ…"

---

ريفان

"لا تنظر للخلف."

---

---

وسط القاعة الكبرى

امتد محراب أسود على هيئة نجمة خماسية، وفي قلبه عرش عظم ضخم. جلس عليه رجل عجوز تغطي وجهه طبقات من القماش الملطخ بالدم.

---

لم يتحرك. صوته خرج كأن ألف فم ينطق في آن:

"كنت أعلم أنك ستأتي يا وريث الليل."

---

---

ريفان

"إذًا… تعرف من أنا."

---

---

الرجل العجوز

"عرفتك قبل أن تولد. عرفت أنك ستصعد من الرماد… حاملاً عينًا لا يليق بها إلا حاكم....

---

---

آزار (يهمس)

"ماذا يعني…؟"

---

الرجل العجوز

"الإمبراطور خالد… كان أول من كشف لنا أنك ستكون وريثه."

---

---

صمت رهيب خيّم على القاعة.

---

ريفان

"ما الذي يريده مني ميتٌ منذ ألف عام؟"

---

---

الرجل العجوز

"لا يريد. بل ترك لك إرثًا."

---

---

رفع يده الهزيلة. انبثق فوق راحة كفه لوح حجري متشقق.

---

"هذا… مرآة الخطيئة. أحد مفاتيح سبعة تفتح بابًا… لو فُتح، فلن يبقى حاكم ولا بشر بلا رقبة."

---

---

ريفان

"وما المقابل؟"

---

---

"أقسم ولاءك لمحرابنا. دعنا نسير مع ظلك… في خطوتك التالية نحو العروش السبعة."

---

---

آزار

"لا… لا تفعل! إنهم سحرة أرواح… إنهم…"

---

لكن ريفان رفع يده، أسكتها بنظرة هادئة.

---

اقترب خطوة، حتى تلاقت عيناه الإلهية مع الوجه المطموس للعجوز.

---

---

ريفان

"ولائي لا يُشترى. لكن… سأمنحكم فرصة. إن وفيتم بوعدكم، ستبقون. إن خنتم، سأحرق محرابكم بنفسي."

---

---

ترددت ضحكة مجلجلة داخل العرش:

"إذن… اتفقنا."

---

---

مد العجوز اللوح الحجري. تناوله ريفان بيده اليسرى. شعر بحرارة غريبة تخترق جلده حتى عظمه.

---

"مرآة الخطيئة… المفتاح الأول."

---

---

فيكتور

"أبي… هل نحن حقًا في طريق لا عودة منه؟"

---

ريفان

"يا صغيري… الطريق بلا عودة هو الطريق الوحيد الذي يليق بنا."

---

---

الرجل العجوز

"قبل أن تغادر… تذكر هذا: صائد الأرواح الذي قتلتَه كان أضعفهم. من سيأتي لاحقًا… سيأتي بقلبٍ لا يعرف الشفقة."

---

---

ريفان

"أحب القلوب التي لا تعرف الشفقة. فهي تُكسر بأجمل شكل."

---

---

استدار، عباءته الرمادية ترفرف خلفه، وعيناه تقرأان كل جمجمة في الطريق.

---

---

آزار

"إلى أين؟"

---

ريفان

"إلى قصر الوحوش… والقارة المظلمة. حان وقت تذكير العالم… لماذا يخشون الليل."

---

2025/09/02 · 9 مشاهدة · 567 كلمة
نادي الروايات - 2025