الفصل السابع والخمسون – قصر الوحوش
بعد مغادرة محراب الظلال بساعات
امتد أمام ريفان وجيشه الصغير وادٍ ضبابي لا نهاية له. الهواء يلسع الجلد، وكأن آلاف الألسنة تحاول لعق العظم.
---
آزار
"هذا هو… وادي العدم؟ الطريق إلى القارة المظلمة؟"
---
ريفان
"نعم. هناك يبدأ فصل جديد… فصل لا يليق إلا بمن وُلدوا للوحشة."
---
---
فيكتور
"هل حقًا… سنذهب إلى قصر الوحوش؟"
---
ريفان
"لا نملك رفاهية التراجع. في القارة المظلمة توجد الدماء التي أحتاجها لإعادة بناء جسدي."
---
---
آزار
"سمعت أن قصر الوحوش لا يدخله بشرٌ إلا خرجوا مقطعين…"
---
ريفان
"لهذا سندخل… لنخرج مختلفين."
---
---
عند حافة الوادي
ظهرت بوابة ضخمة مبنية من عظام مخلوقات عملاقة. تعلوها لافتة نحاسية كتب عليها بلهجة قديمة:
"هنا يُذبح الأقوياء، وتولد الوحوش."
---
رفع ريفان يده اليسرى. فتح عينَه الإلهية. فارتعدت الأختام الحجرية حول البوابة، وانتفضت جماجم حُفرت في العتبات.
---
طَخ… طَخ…
البوابة انفتحت ببطء، تنفث هواءً رماديًا كأنفاس وحشٍ يحتضر.
---
---
فيكتور
"أبي… لا أشعر بقلبي…"
---
ريفان
"تمسك بي جيدًا… مهما رأيت، لا تترك يدي."
---
---
في عمق الوادي
اختفت ألوان الأرض. لم يعد شيء سوى السواد والرماد. لكن في الأفق، تلوح قباب حجرية هائلة، وأبراج معلقة بين الصخور.
---
آزار (همس مرتجف)
"إنه… قصر الوحوش."
---
---
عند القصر
كان باب القصر نصف متهدم، يحيط به تماثيل كائنات بلا عيون، تسند صولجانات مغطاة بجلود قديمة.
---
بين شقوق الأرض، يتسرب ضوء أرجواني غريب، كأنه دم مخلوقات لا تنتمي للعالم.
---
---
ريفان
خطا خطوة… شعر بحرارة مرعبة تضرب صدره.
"هذا المكان… خُلق كي يبتلع القلوب الضعيفة."
---
---
صوت أجش يخرج من الظلال
"يا هذا… لماذا تطأ أرضنا؟"
---
---
التفتوا نحو اليمين، فإذا بكائن طويل نحيل، له أجنحة عظمية ضخمة، وعينان لا قزحية فيهما.
---
ريفان
"أتيت أطلب شيئًا لا يقدر عليه إلا سادة هذا المكان."
---
---
"وما هو؟"
---
---
"إكسير إعادة بناء الجسد. لكي أصهر عظمي ولحمي وروحي… وأخرج بشيء لا ينكسر."
---
---
صمت الوحش قليلًا. ثم لوّح بجناحه نحو أقبية القصر:
"تظن نفسك مؤهلًا؟ هنا يموت تسعة من كل عشرة… حتى الوحوش الأقحاح يفقدون عقولهم."
---
---
ريفان
"إن فقدت عقلي… فذلك يعني أنه كان عبئًا عليّ."
---
---
ارتعش جناح المخلوق، كأنه يبتسم بسخرية:
"إذن… تفضل. إن عبرت ممر الأشواك، وأكلت حجر العظم الخالد… قد يكون لك ما تريد."
---
---
آزار
"لا…! لا يمكنك! هذا حجر… يذيب الأحشاء!"
---
---
ريفان
"إن لم يذبني… لن أستحق ما أنتظره."
---
---
فيكتور
"أبي… إن… إن مت…"
---
مد ريفان يده، ربت رأس الصغير:
"إن مت… ستكمل أنت الطريق. لكنني… لن أموت."
---
---
داخل القصر
امتد ممر طويل، جدرانه مزروعة بأشواك زجاجية تنقط دماً أسود. الهواء نفسه يلسع الرئة.
---
خطا ريفان خطوة. الأشواك شقت جلده من أول لمسة. لكن لم يتوقف. ثانية… ثالثة… حتى صار دمه يقطر على الأرضية.
---
"أريد جسدًا لا ينكسر… أريد عظامًا لا تهتز…"
---
كل خطوة كانت وعدًا… وكل ألم كان نذرًا.
---
فيكتور (يبكي)
"أبي… عد…!"
---
لكن ريفان لم يلتفت. ظل يمشي حتى ابتلع الظلام جسده.
---
---
في ممر آخر من القصر
على عرش عظم قديم، جلست ملكة الليل – أول عرق من الألف.
---
ابتسمت ابتسامة شاحبة:
"إذن… وريث الإمبراطور خالد جاء. ليبدأ زمن الدم."
---