️ الفصل السادس: المزاد والدم
مع انقضاء أول ليلة في أرين، لم يغمض ريفان عينيه. ظل جالسًا في الغرفة المظلمة، يراجع في ذهنه التفاصيل كلها. كل معلومة، كل خريطة، كل همسة بلغته عن المزاد.
عند الفجر، دخل “الظل الأول”، العبد العجوز الذي صار يلازمه كظله بالفعل. انحنى هامسًا: "سيدي… تجار القارات الكبرى وصلوا الليلة. ويُشاع أن الأمير كارلوس نفسه ينوي شراء الشظية."
أومأ ريفان ببطء، صوته لا يخلو من السخرية: "الأمراء… يظنون الذهب سلاحًا كافيًا."
اقترب العبد أكثر: "وثمة شيء آخر… ظهر رجل ملثم، لا يعرف أحد أصله. اشترى مكانًا في الصف الأمامي للمزاد بخمسين ألف قطعة ذهبية. يقال إنه قاتل ممالك."
سكت ريفان لحظة. ثم ابتسم ابتسامة صغيرة. "جيد… هذا يجعل الفوز أكثر متعة."
---
بعد ساعات، خرج متخفياً في زيّ تاجر قماش. عبر الأزقة الخلفية، حتى بلغ مبنى ضخمًا قديمًا يشبه حصنًا حجريًا. أمامه اصطف عشرات النبلاء والتجار، يحمل كل واحد منهم ختمًا ذهبيًا يخول له حضور المزاد.
من مكانه المظلل، راقب ريفان الأبواب الثقيلة تُفتح وتُغلق. عشرات الحراس المسلحين يدققون في كل شيء. تأمل الحشود، فلمح خياله ينعكس في عيني حارسٍ عجوز: شاب هزيل بوجهٍ نصف مغطى، يظنه الجميع لا شيء.
"هكذا أحب أن يروني."
---
عاد إلى النُزُل قبل الغروب. في الطابق السفلي، كانت طاولة خشبية تكتظ بالخرائط والمخططات. وقف عبيده حولها، يحدقون بتركيز.
مرّ إصبعه فوق خريطة ثلاثية الأبعاد رسمها من ذاكرته: قاعة المزاد. الدهاليز الخلفية. الطريق السري المؤدي للقبو.
"اسمعوا جيدًا." قالها ريفان بهدوء. "لدينا ثلاث مهام."
مد يده، وبدأ يعدد:
1️⃣ "الأول: شراء مقعد في الصف الأمامي دون أن يلاحظ أحد هويتنا. لهذا الغرض، ستتولى أنتَ، يا تيراس، إعداد أوراق مزيفة وهوية تاجر معتمد."
2️⃣ "الثاني: التسلل الليلي. نحتاج زرع أعيننا في الممرات الجانبية… لا لسرقة الشظية مباشرة، بل لمعرفة من يزايد عليها."
3️⃣ "الثالث: في اللحظة التي يعلنون البيع، سيكون الذهب هو أول سلاحنا. وإن عجز الذهب… ننتقل للخطة الأخرى."
صمت للحظة، وارتفعت أنظار الجميع نحوه. صوته صار أكثر برودة: "الدم."
---
رفع أحد العبيد يده بتردد: "سيدي… وماذا عن ليانا إيريس فالين؟ إن حضرت شخصيًا…"
نظر إليه ريفان طويلاً، كأنه يفكر في شيء أبعد مما يراه الآخرون. ثم أجاب ببطء: "لا تقربوها… لا تحدثوها… لا تحاولوا لمس ظلها حتى." "إن اقتضى الأمر… سأتكفل أنا بها حين يحين الوقت."
---
حين خيم الليل، خرج بعض عبيده متنكرين في زي خدم السوق. تسللوا بين الحراس، زرعوا عيونهم الصغيرة: مرآة فضية هنا… علامة مخفية هناك… وحين عادوا قبل الفجر، كانوا قد حفظوا ممرات الحراس ومواقع التخزين كلها.
---
جلس ريفان قرب الشمعة المشتعلة، يطالع خريطة أرين. في ذهنه كان كل شيء أوضح من الورق: تحركات الأمراء… خطوات القتلة… همسات التجار.
"ليحشدوا ما شاؤوا من الذهب والدم…" "سأخرج من هنا ومعي الشظية."
---
في مكان آخر، في القصر الكبير على التل، كانت ليانا ترتدي رداءً حريريًا أبيض، تتأمل المرآة الطويلة. رأت في عينيها شيئًا غريبًا لم تفهمه. شيئًا يشبه نذيرًا لا اسم له.
لكنها لم تعلم… أن النذير كان يتحرك نحوها بالفعل.
---