الفصل السابع – قناع الذهب

في ليلةٍ يلتهمها الصقيع، جلس ريفان وحده قرب الطاولة الخشبية المتهالكة، يراقب خريطة قاعة المزاد المرسومة بخيوط مانا شفافة. كان الضوء الشاحب ينعكس على وجهه الهامد، حتى خُيّل لمن يراه أنه تمثال نُحت من رماد.

دخل “الظل الأول” بخطوات حذرة، يحمل حقيبة جلدية صغيرة. فتحها أمامه، لتظهر أقنعة عدة، كلها ملساء بلا تعبير، مطلية بطبقة فضية خفيفة.

"سيدي…" همس العبد، وكأن صوته يخشى أن يزعج صمت ذلك العقل الجبار. "أعددنا كل شيء. هوية تاجر قماش نبيل من مملكة زيراس، أوراق مزيفة، ختم حضور الصف الأمامي… وحتى اسم مستعار."

رفع ريفان رأسه ببطء، عينيه تبرقان بوميضٍ لا يشبه المرض. "وماذا عن مراقبة الممرات الخلفية؟"

"تم زرع العيون. كل مخرج، كل زاوية، كل غرفة حراسة. لن يتحرك أحد دون أن نراه."

ظل ريفان صامتًا لحظة، ثم مد يده وأخذ أحد الأقنعة. تأمله طويلًا. لم يكن يرى فيه مجرد أداة تنكّر، بل كان يرى شيئًا آخر: حريته. قدرته على سحق كل من ظنه يومًا عاجزًا.

---

وقف ببطء، هدوءه يزداد ثقلًا مع كل خطوة. "عند دخول القاعة غدًا… لا أريد أحدًا يعرف أن هذا الرجل أنا."

"كما تأمر، سيدي."

"أي كلمة، أي نظرة، أي همسة… ستكون نهايتها موتًا بطيئًا."

أخفض العبد رأسه، وقلبه يخفق رغم ولائه. لم يشهد في حياته رجلًا يملك هذا البرود المميت.

---

في منتصف الليل، دخل ريفان غرفة صغيرة بلا نوافذ. جلس القرفصاء، أغلق عينيه، واستدعى في عقله تلك الذاكرة القديمة: صفحات الكتاب السماوي الذي انصهر في روحه.

مرت صورٌ خاطفة أمام ذهنه: سيوف تتقاطع فوق قلاعٍ محترقة… عرش عالٍ يرفرف فوقه لواء أسود… فتاة ذات عيون زرقاء، تقف في ثوب أبيض، تحدق فيه بنظرةٍ لم ينساها أبدًا.

"ليانا… سأجعلكِ ترين ما كنتِ تزدريه." "لكن ليس الليلة."

فتح عينيه، ولفت ابتسامة خفيفة شفتيه. في الغد، ستظن كل العيون أنه مجرد تاجر مغرور. وفي الغد، سيبدأ أول فصول استرداد كل شيء انتُزع منه.

---

مع اقتراب الفجر، بدأت القوافل تتوافد على أرين. أمراء، نبلاء، تجار، قتلة… كلهم جاؤوا يطمعون في تلك القطعة الصغيرة من المعدن الرمادي.

لم يعلم أحد منهم… أن الرجل الأكثر خطرًا لم يكن يملك جيشًا ولا مملكة. بل كان يملك شيئًا لا يُشترى: ذاكرة إمبراطور، وصبر حجر.

---

2025/07/30 · 38 مشاهدة · 346 كلمة
نادي الروايات - 2025