️ الفصل التاسع – وحش الخراب

مع انقضاء المزاد وخروج الحاضرين واحدًا تلو الآخر، عمّت القاعة همهمات مرتعشة. الصفقة التي هزّت قلوب الممالك لم يكن أحد يتوقعها: ذلك الرجل المقنّع الذي اجترأ على الأمراء وانتزع الشظية وحده.

ليانا بقيت جالسة حتى بعد إغلاق الستار، ويدها مشدودة على ذراع مقعدها. في صدرها دوّى سؤال غريب: "لماذا يبدو… مألوفًا؟"

---

في ذلك الوقت، خرج ريفان ببطء إلى ممرٍ جانبي يقوده لمخرج خاص. لم يشعر بفرح الانتصار. بل بشيءٍ أثقل: الإرهاق.

خلف القناع، تنفس بعمق. جسده الضعيف لم يعد يحتمل استنزاف المانا أكثر.

لكن اللحظة التالية قطعت أفكاره. صرخة هزّت الجدران، ارتج معها الرخام. ثم دوّى هدير… هدير لم يسمعه بشر منذ عقود.

أضاءت الأنوار البلورية على سقف القاعة، كاشفةً المشهد: بوابة سحرية رمادية تتشقق، ثم تتحطم. ومنها خرج وحش عظيم، كتلة عضلية رمادية مغطاة بعيونٍ صغيرة متوهجة. كل عينٍ تلمع بنهمٍ لا يوصف.

شهق النبلاء، وصاح الحراس: "وحش مانا! تحصّنوا!"

تراجع الناس كالأمواج. لم يكن أحد مستعدًا. هذا الهجين القذر أطلقه أمير من شمال القارة أراد سرقة الشظية بعد نهاية المزاد.

---

في أعلى المدرج، وقفت ليانا. شعرت بالدم يترك وجهها. كانت تعرف هذا المخلوق من كتب الأساطير: وحش الخراب. لا يهدأ حتى يلتهم كل مانا حوله.

ومرّت عيناها سريعًا على الممرات… فرأته: الرجل المقنّع، يقف ثابتًا بلا ارتعاش.

---

حين تقدّم الوحش، عرفت أنه لا وقت للتردد. قفزت عن منصتها، هبطت برشاقة، ورفعت راحة يدها لتستدعي رمح مانا فضيًا. لكن ريفان لم يتحرك. حتى حين وصلت زئير الوحش إليه، ظل صامتًا.

في صدره، دوّى صوت واهن: "لو استخدمت كل المانا الآن… سأنهار."

لكنه لم يكن وحيدًا. رفع يده اليسرى ببطء، ضغط على خاتم رمادي عتيق في إصبعه. فأضاء نقشٌ باهت.

خاتم التخزين. آخر إرث أخفاه من زمن إمبراطوريته القديمة.

---

في لحظة، تدفق خيط مانا بارد إلى راحته. انبثق أمامه درع طاقة أسود، كأنه قطعة من الليل نفسه. سلاحٌ دفاعي قديم، يكفي ليصمد للحظات.

لكن الوحش لم ينتظر. انقضّ عليه، يهدر.

رفع ريفان الدرع أمام صدره، واهتزت الأرض تحت وطأة الصدمة. انفجرت موجة ضغط كسرت الأعمدة قربهم. تراجع مترين، صدره يئن من الألم، شعر بطعم الدم في حلقه. كان ضعيفًا… أضعف مما ينبغي.

---

قبل أن يثب الوحش ثانية، انطلقت ليانا نحوه. قفزت بينه وبين المخلوق، ورفعت رمحها، وهتفت بصوتٍ صلد: "أنت… تراجع!"

تسارعت أنفاسه خلف القناع. كاد يخبرها أنه ليس عاجزًا، لكنه لم يقل شيئًا. تركها تتقدّم، بينما رفع إصبعه للضغط على الخاتم ثانية. ظهر سهم مانا فضي، يلمع بوهجٍ مميت.

حين انقضّ الوحش، أطلق السهم مع صرخة صامتة. اخترق رأس المخلوق، انفجر بوميضٍ عاصف، وتبعثر لحمه الرمادي.

صمتٌ. ثم دوّى ارتطام الجسد المهشّم بالأرض.

---

بقيت ليانا واقفة، تلتقط أنفاسها. أدارت رأسها ببطء تنظر إليه. كان يئن بصوت خافت، ويده ترتعش على الخاتم. رغم ذلك، رفع رأسه لينظر مباشرة في عينيها. في تلك النظرة، شعرت بشيء غريب: هذا الرجل… لم يكن ينتمي لهذا العالم الصغير.

أرادت أن تسأل اسمه. لكنه انحنى قليلًا – لا انكسارًا بل تحية باردة – ثم التفت وغاب في ظلال الممر.

---

وحين اختفى، وضعت ليانا يدها على صدرها. لم تدري لماذا لم تستطع أن تكرهه، رغم أنها تعلم أنه من سرق الشظية أمام عينيها.

أما ريفان… فقد سار مترنحًا في الممر الحجري. أغمض عينيه، يهمس لنفسه: "ما زلت هشًا… لو لم يكن الخاتم… لكنت هلكت."

ومع ذلك… ابتسم. لأن هذه كانت أول خطوة حقيقية على طريق استرداد قوته. وطريق انتقامه.

2025/07/30 · 33 مشاهدة · 536 كلمة
نادي الروايات - 2025