ملاحظة: قبل البدء في البارت، أحب أن أنوه أنني قد قمت بإجراء تعديل بسيط وهو أن ديفيد سيسافر إلى ألمانيا ليكمل دراسته هناك، وليس إلى باريس كما ذكرت من قبل. لكنني لم أستطع تعديل ذلك في الفصول السابقة، فعندما أضغط على تصحيح الفصل، تصبح خانة الكتابة بيضاء فارغة. هل هي مشكلة من الموقع أو من جهازي؟ إذا كا كانت لديكم فكرة عن ذلك فأرجو منكم مساعدتي وشكراً.



فرنسا_قصر تشادولي الرئيسي_ الساعة 10:30 صباحاً
2005\12\10



أخذ ذلك الخادم يجر حقيبة السفر الكبيرة باتجاه السيارة المركونة أسفل ذلك الدرج الحجري، ثم وضعها في صندوق السيارة.

عندها خاطبه ديفيد الواقف أعلى الدرج بامتنان: شكراً لك بيير.

أومأ بيير بابتسامة، ليرد بهدوء: لا شكر على واجب سيد هوريستون. أرجو أن تعود إلينا سالماً.


ابتسم ديفيد بمجاملة دون أن يرد عليه...عندها أقبلت إليه الجدة سامنثا لتسأله بقلق، للمرة العاشرة تقريباً: هل تأكدت من أنك أحضرت كل شيء؟ هل أعددت ملابسك جيداً؟ الطقس بارد جداً، لذلك يجب أن تجلب الكثير من الملابس الثقيلة! إنك تشعر بالبرد من قدميك في العادة..هل أحضرت معك ما يكفي من الجوارب؟!

تنهد ديفيد بإحباط وقال: جدتي! لقد أخبرتك أنني أعددت كل شيء بالفعل، ليس عليك القلق هكذا!

وضعت الجدة يدها على خدها وقالت بقلق شديد: لكن...إنني لم أزر ألمانيا من قبل، لذلك لا أعرف كيف يبدو الطقس هناك! ماذا لو أنها كانت أبرد من هنا؟ ماذا لو أنك واجهت مشاكل هناك؟ ماذا لو..

عندها قاطعها كارل بعد أن وضع يديه على كتفيها، وقال وهو يضغط عليهما برفق: جدتي! ديفيد ليس صغيرا، إنه يعرف جيداً ما عليه فعله!

تنهدت بضيق وقالت على مضض: حسناً سأتوقف عن هذا...


ثم سكتت للحظات، لكنها سألته فجأة بقلق أكبر: هل أحضرت معك جواز سفرك، وما يكفي من المال؟!!

عندها انفجر الجميع ضاحكين عليها...قال كارل ضاحكا بينما يطوق رقبتها بذراعه: جدتي، إنكِ حالة ميؤوس منها حقاً!

زمّت شفتيها باستياء وقالت بتهكم: ماذا عساي أفعل؟ لا يسعني سوى أن أكون قلقة!

عندها قال هاري ببرود: جدتي...إن الذي سيسافر هو ديفيد وليس روي، لذلك ليس عليك القلق هكذا!

تنهدت الجدة بضيق وقالت: أعلم هذا لكن...



في تلك اللحظة، ابتسم ديفيد بحزن لمنظرها. لم يشعر في حياته أبداً بأنهما لم يكونا مرتبطين بالدم...
بالنسبة له، لطالما كانت الجدة سمانثا هي جدته الوحيدة التي عرفها طوال حياته. كانت تحبهم جميعاً بصدق، دون أن تميّز أياً منهم. فهم أحفادها الأعزاء الذين كانت تخاف عليهم أكثر من نفسها...


تشعر بالألم حقاً لفراقه...لقد مرت بنفس الموقف عندما ودعت روي من قبل، والآن عليها أن تودع ديفيد أيضاً. وهو ما ظل يحرق روحها منذ اللحظة التي أخبرها فيها أنه سيسافر هو الآخر.
هم قطعة من قلبها. لكن مهما كان فراقهم مؤلماً، إلا أنها تدرك جيداً أنها لا يمكنها منعهم من تحقيق أحلامهم..لذلك ستودعه، وكلها أمل بأن يعود إليها يوماً ما..

سارت نحوه حتى وقفت أمامه، لتضع يدها على خده برفق بينما تتحسسه بأناملها الرقيقة...
تتذكر كم كان صغيراً جداً عندما التقته أول مرة... كانت تنحني إليه دائماً كلما أرادت أن تفعل هذا، لكنه الآن أطول منها بكثير، لذلك كان عليها الوقوف على أطراف أصابعها من أجل الوصول إليه.
تساءلت وقتها...متى كبر وصار هكذا؟


التفكير في ذلك كان مؤلماً، بقدر ما أسعدها كثيراً. لقد علمت منذ اللحظة التي أخذتهم فيها في طفولتهم، أنه سيأتي اليوم الذي سيرحلون فيه عنها كل في طريقه... هي أعدت نفسها حقاً لهذا، لكنه رغم ذلك ما يزال مؤلماً جداً...

ابتسمت بألم وقالت بعد أن سالت الدموع من عينيها: اعتني بنفسك جيداً..

فاقترب منها ديفيد أكثر ليضمها إليه برفق ويقول هامساً: أجل.. أراك قريباً...جدتي.

بعد أن بقيا هكذا لبعض الوقت، ابتعد عنها بعد أن قبّل جبينها بلطف...ليلتفت بعد ذلك إليها، إلى ايمي..


كانت قد انزوت على نفسها بعيداً عنهم، تنظر إلى الأرض في شرود...فسار نحوها، ثم جلس القرفصاء أمامها حتى صار في مستوى بصرها، ليقول بلطف بعد أن وضع يده على رأسها: ايمي...انظري إلي...

رفعت بصرها نحوه بتردد...فهي لا تريد أبداً أن تضعف أمامه.

ظنت أنها استعدت لهذا، لكن الأمر كان أصعب مما تصورته بكثير...
رؤيته وهو يرحل هكذا كان مؤلماً بحق...لقد اعتادت على وجوده إلى جانبها، لذلك لا يمكنها أن تتخيل أنها ستعيش بعيدة عنه من الآن فصاعداً!

لكن مهما كان ما تشعر به، فهي لن تبكي أمامه أبداً...تدرك جيداً أنه كان متردداً جداً من البداية، لذلك فهو قد يغير رأيه إذا ما رآها تبكي...وعلى كلٍ، هي لا يمكنها أن تظهر مشاعرها أمام لوسي بطبيعة الحال.

ابتسمت بألم وقالت بصوت واهن: اعتني بنفسك...أرجو لك التوفيق.


ضمها ديفيد إلى حضنه وأخذ يربت على ظهرها في حنان...ثم همس في أذنها قائلا:ايمي، أنتِ أروع أخت في هذا العالم! لقد اكتشفت أنك أقوى مني بكثير... إنك تمدينني بالقوة كلما نظرت إليك. رؤيتك وأنت تكافحين وتضحكين بسعادة رغم كل ما واجهته، يجعلني أحتقر نفسي حقاً...لم أتعرض ولو لجزء بسيط مما تعرضتِ له، لكنني مع هذا كنت أكره حياتي أكثر مما تصورين.

ثم ابتعد عنها ونظر إليها بعطف ليقول هامساً بثقة: أنا واثق من أنك ستتجاوزين كل ذلك حتى لو لم أكن موجوداً إلى جانبك...ربما لم تدركي ذلك بعد، لكنكِ أقوى بكثير مما تتخيلين. لذلك عديني أنك ستظلين قوية دائماً!


دمعت عيناها بألم لما سمعت كلماته تلك...أهي قوية حقاُ كما قال؟ لم تكن واثقة من هذا أبداً!


اقتربت منه وأحاطت رقبته بيديها الصغيرتين، لتقول وهي تضمه إليها: سأشتاق إليك كثيراً.
وضع يداً خلف ظهرها، في حين وضع الأخرى على مؤخرة رأسها مخللا أصابعه بين خصلات شعرها الأشقر، ليضمها هو الآخر ويقول بهمس: وأنا أيضاً...ايمي...

قال هذا ليقوم من مكانه ويوصيها قائلا بابتسامة هادئة: ادرسي جيداً، واستمعي إلى كلام كارل وجدتي... اتفقنا؟


أومأت ايمي بصمت، ثم اقتربت من هاري الواقف بالقرب منها وأمسكت بطرف ملابسه. لتخفض رأسها دون أن تقول أي شيء.

نظر ديفيد إلى هاري. وقبل أن يقول أي شيء، قال هاري على الفور بينما ينظر إليه بانزعاج: لا تبدأ أرجوك...أنت تعرف أنني لا أحب هذا!

ضحك ديفيد على كلامه وقال: ماذا؟ ألن تقوم بتوديعي؟!

رد هاري ببرود: ليس وكأنك ستختفي إلى الأبد...سوف تعود بالتأكيد. ثم سكت قليلا وأردف بهدوء، بعد أن شقت وجهه ابتسامة باهتة: عليك أن تغدو طبيباً رائعاً...سأقتلك إن فشلت!

وضع ديفيد يده على رأسه وقال وهو يبعثر شعره بمرح: لا تقلق أيها الوغد، أنا لن أفشل بالتأكيد!

وضع هاري يديه على رأسه، وقال بانزعاج بينما يعيد ترتيب شعره الذي صار فوضوياً تماما: تباً! لماذا أنتم الثلاثة تحبون فعل هذا لي؟!

ضحك ديفيد ورد بمرح بينما يحاول استفزازه: هذا لأنك لطيف جدا هاري!


عند تلك اللحظة، ابتسمت لوسي لا شعورياً وهي تراقبهم من بعيد دون أن تقول أي شيء...
لقد أدركت منذ وقت طويل مدى عمق علاقتهم ببعضهم. تعلم أن ديفيد هو صديق لهم فحسب، لكنه بدا لها دائماً كما لو كان جزءاً من عائلتهم. كانت ستصدق ربما لو قال لها أنه وكارل وهاري أشقاء في الواقع!

لكن ما كان يحيرها دائماً هي ايمي...علاقتهم بها أكبر من أن تكون مجرد قريبة بعيدة فحسب. هي بالنسبة لها مثل اللغز تماماً. هل الأمر حقاً كما يقولون؟ من خلال ما رأته، لا تستطيع أن تصدق ذلك أبداً!


عندها قطع تفكيرها صوت ديفيد لما وقف أمامها، وقال وهو يمد يده نحوها: آنسة أليسون. شكراً لك حقاً على ما فعلته من أجل ايمي حتى الآن. إنني أعتمد عليك في مساعدتها أكثر في المستقبل.

ابتسمت لوسي بمجاملة، وردت بعد أن صافحته هي الأخرى: لا داعي لشكري، إنه واجبي.

ثم سكتت قليلا وأردفت بهدوء: على الأرجح، لن أكون موجودة هنا عندما تعود مجدداً، لذلك أظن أنه الوداع الآن. تشرفت حقاً بمعرفتك...هوريستون.

رد ديفيد بنفس نبرتها الهادئة: أنا أيضاً تشرفت بمعرفتك آنسة أليسون. ربما كانت فترة قصيرة، لكنني استمتعت حقاً برفقتك. أرجو لك التوفيق.

ابتسمت لوسي بتصنع، وقالت بمجاملة: وأنت أيضاً...أرجو لك التوفيق في دراستك.


سار ديفيد باتجاه الدرج، عندها استوقفه كارل بسؤاله: هل تأكدت من برنامج الجامعة؟ لقد قلت أنهم أرسلوا لك بريداً إلكترونياً في الأمس. متى ستبدأ الدراسة؟

رد ديفيد باستغراب: ستبدأ الدراسة بعد عطلة الكريسماس. سآخذ سنة لتعلم اللغة في البداية، ثم سأبدأ الدراسة الفعلية بعد ذلك. لماذا تسأل؟

فأجاب كارل على الفور: لا..لا شيء.

تنهد ديفيد بضيق وقال بانزعاج بينما يسير نحوه: ماذا؟ هل أصبحت قلقاً أنت الآخر؟ لقد قالها هاري بالفعل...إنني لست روي!

ابتسم كارل لكلامه دون أن يرد عليه. لكنه وضع يده على كتفه وقال بجدية فجأة: اعتن بنفسك جيداً...

أجاب ديفيد بهدوء: أجل.. ثم سكت قليلا وأردف بتهكم: وأنت أيضاً، لا ترهق نفسك بالعمل. سوف تنجز كل شيء حتى دون أن تقتل نفسك...لا تنس هذا!

رد كارل بابتسامة مصطنعة: آه أجل..بالتأكيد.

عندها تنهد ديفيد بإحباط، فهو يدرك جيداً أنه لن يستطيع تغيير طباع رفيقه مهما حاول ذلك!

لكنه نظر إليه بجدية فجأة، ليقول بهمس: اهتم بايمي من أجلي...

رد كارل بهدوء، بينما اعتلت وجهه ابتسامة واثقة أراحت ديفيد كثيراً: أجل...كن مطمئناً.


عندها ابتعد عنه ديفيد بضع خطوات، ثم التفت إلى الجميع خلفه وقال مودعاً: سأذهب الآن...إلى اللقاء.

قال هذا لينزل ذلك الدرج الحجري، ويركب السيارة بعد أن فتح له السائق الباب وأغلقه وراءه...


راقبت ايمي تلك السيارة وهي تنطلق مبتعدة عنهم...تسلك الطريق الترابي باتجاه البوابة الخارجية، ثم تختفي تماماً عن ناظريها...
كانت تضغط على أسنانها في محاولة يائسة لكبت شعورها بالألم...لقد قال ديفيد أنها قوية. إذا فهي ستكون كذلك!

أخذت تخاطب نفسها بحزم: يجب أن تكوني قوية ايمي... عليكِ ألا تبكي!


لا تدري كم من الوقت بقيت واقفة في مكانها تراقب تلك البقعة الخالية، حيث كانت السيارة مركونة قبل قليل..

عندها أحست بيد هاري التي وضعها على رأسها، ليخاطبها قائلا ببرود: ايمي.. لا يجب أن تكبتي نفسك أكثر...

تفاجأت من وقوفه إلى جانبها كل هذا الوقت، لكنها ردت بهمس بينما جسدها يرجف بقوة: لا...لقد وعدته بأنني سأكون قوية لذا...

تنهد هاري بضيق ثم علق بهدوء: لقد استطعت توديعه دون أن تبكي...ذلك يعني أنك قوية بالفعل ايمي!

فقالت بهمس، بينما تكبت دموعها بصعوبة: لكن لوسي...

عندها رد ببرود: لقد عادت إلى المنزل برفقة كارل وجدتي قبل قليل...


لما قال هذا، لم تستطع ايمي أن تتمالك نفسها أكثر... جلست على ركبتيها وأخذت تبكي بحرقة مخرجةً بذلك كل الألم الذي ظل يمزق صدرها بقوة..

فجلس هاري إلى جانبها، ثم ضمها إليه وظل يربت على ظهرها برفق دون أن يقول شيئاً...

عندها سألته ايمي وسط دموعها: هل كنت جيدة هاري؟ هل ودعته بشكل صحيح؟

أجاب هاري بهدوء، بينما ينظر إليها بحزن: أجل ايمي...لقد كنت رائعة جداً.


ابتسمت بألم وقالت بهمس: جيد...لقد فعلتها. الآن سيكون بوسعه تحقيق حلمه دون القلق بشأني!






بعد أن عادت إلى القصر مجدداً، انتظرت حتى تأكدت من أن كارل قد عاد إلى مكتبه، لتسير باتجاه المطبخ حيث تجمع أغلب الخدم من أجل إعداد الغداء.

طوال فترة بقائها هنا، كانت قد كوّنت صداقة متينة جداً مع الخدم في القصر.
بالنسبة للأخوين تشادولي وكذلك الجدة، لم تكن تربطهم أي علاقة خاصة مع الخدم في المنزل. تكاد تجزم أنهم لم يكونوا يعرفون أسماءهم حتى!
وفي الواقع، كان ذلك لصالحها. فهي يمكنها التصرف معهم بأريحية دون القلق من ولائهم المطلق نحو كارل.


لما دخلت المطبخ، استقبلها الجميع بحفاوة كما في العادة. شخصيتها المرحة والاجتماعية إلى أبعد الحدود رغم جموحها، كانت قد ساعدتها على التقرب منهم بسرعة.

كانت تبتسم بود لعبارات الترحيب من كل من حولها. اليوم هي تشعر بالانتصار، فقد ابتعدت عقبتها الأولى عن طريقها!

كان ديفيد يقضي أغلب الوقت في المنزل، على خلاف كارل الذي كانت تراه بالكاد. أما الجدة فهي تقضي وقتها إما في العناية بنباتاتها، أو في زياراتها الكثيرة لصديقاتها كما تقول.

بقي ايمي وهاري فقط. لكنهما سيبدءان الدراسة قريباً. لذلك قالت في نفسها بنشوة: أخيراً سيكون بوسعي العمل بجدية الآن!


جلست على حافة الطاولة الرخامية في المنتصف، وقالت وهي تخاطب الخادمة نيللي التي كانت تعجن العجين في ذلك الصحن الكبير أمامها: ما الذي تفعله العائلة عادة في الكريسماس؟

فكرت نيللي لثوانِ قبل أن تقول: في العادة، يكون السيد الشاب مشغولاً جداً في هذا الوقت من السنة. إنهم لا يحتفلون بالكريسماس بشكل خاص، لكنهم يستقبلون الكثير من الضيوف خلال هذه الفترة.

تساءلت لوسي باستغراب: ضيوف؟

فردت نيللي بتفكير: أجل...إنهم أشخاص يعملون يعملون لدى السيد الشاب في شركاته. ثم سكتت قليلا واردفت باستدراك: اوه صحيح! غدا سيأتي البعض منهم...لقد طلبت منا الجدة أن نعد غداً عشاءا من أجلهم!

ردت لوسي بهمهمة خافتة، لتسألها بعد ذلك بفضول: لكن مع هذا... ألا يقيمون احتفالاً عائلياً في الكريسماس؟

عندها علق الطباخ جافيير ببرود: منذ أن سافر السيد روي، فقد هذا المنزل حيويته بالكامل. السيد الصغير لا يحب الاحتفالات أبداً، والسيد الشاب يظل مشغولاً جداً طوال الوقت. كل ما يفعلونه هو تناول عشاء فاخر فحسب.

فتمتمت لوسي بتهكم: هل يوجد هناك عشاء أفخم من الذي يتناولونه عادةً؟!


ضحكت مساعدة الطباخ جولي، وقالت وهي تضع ذلك القدر الكبير على الموقد: ألم تعتادي بعد على الترف الذي يعيشونه هنا؟

زمّت لوسي شفتيها باستياء وقالت بتذمر: لا مجال لأعتاد على كل هذا!

عندها اقتربت منها نيللي وسألتها بخبث: دعينا من هذا الآن... هل حدث شيء ما بينك وبين السيد الشاب؟

ارتبكت لوسي لسؤالها وقالت بانزعاج: ما الذي تقولينه؟ لماذا قد يحدث شيء ما بيني وبينه؟!

فردت نيللي وهي تحرك حاجبيها بمكر: لأنك الفتاة الوحيدة التي بقيت بقربه كل هذا الوقت! هيا قولي...هل حدث شيء ما؟


عندها تذكرت لوسي ذلك الوقت عندما أمسك يدها..كانت قد شعرت بالاضطراب حقاً في ذلك الوقت، وهو ما أشعرها بالخجل كثيراً من نفسها، ومن تفكيرها أيضاً.


لكنها سرعان ما طردت تلك الفكرة من رأسها، وقالت على الفور باعتراض: كلا...أعني، لا أفهم لماذا يجب أن يحدث شيء ما بيننا؟!

قوست نيللي شفتيها وقالت بتذمر: لا أصدق هذا حقاً...

ثم اقتربت منها وسألتها بجدية: اصدقيني القول...ألم تفكري مرة بأنه وسيم ورائع؟ لا يمكن أن تكوني فتاةً طبيعية ما لم تعجبي بشخص مثله!



وسيم ورائع؟ ستكذب إن قالت أنها لم تفكر في ذلك يوماً. فهي لا يمكنها أن تنكر أبداً مدى روعته.

كيف لشاب في العشرين من عمره فقط، أن يكون قادراً على إدارة كل هذه الثروة وحده دون مساعدة أحد؟
بل إنه وكما تعلم جيداً، كان قادراً على أن ينمّي استثمارات عائلته ويزيدها قوة ومكانة أكثر مما كانت عليه في الماضي.
تكره الاعتراف بذلك، لكن رؤيته عن قرب وهو يعمل بجد طوال الوقت، أبهرها حقاً.

هذا غير طيبته ولطفه وروحه المرحة، والذي كان أكثر ما ظلت تحاول إنكاره منذ اللحظة التي عرفته فيها!

لكن ذلك لن يزعزعها أبداً، وهي التي عقدت العزم على ألا تسمح لأي شيء بعرقلتها أياً كان!



نزلت من على الطاولة وقالت ببرود: لا...لم أفكر في ذلك من قبل!

ثم نظرت إليها وقالت معتذرةً: علي الذهاب الآن...أراكم لاحقاً.

عندها قالت جولي محاولةً تدارك الامر، بعد أن ظنت أن كلام نيللي قد أزعجها: لا تكترثي لأمرها لوسي...إن نيللي تحب دائما الحديث في هذه المواضيع التافهة. لا تدعي هذا الأمر يزعجك!

ابتسمت لوسي بتصنع وقالت بمرح: ما الذي تقولينه جولي! إن ذلك لم يزعجني على الإطلاق. كل ما في الأمر أن هناك شيء علي القيام به..

اكتفت جولي بإيماءة بسيطة، رغم أنها كانت غير مقتنعة بذلك .


أما لوسي، فقد سارت مبتعدة عنهم إلى خارج المطبخ...قالت في نفسها بحقد بينما تسير في الممر بهدوء: ذلك لن يحدث أبداً. لا يمكنني أن أعجب بذلك الشاب مهما حدث!



#اليوم التالي_ الساعة 4:30 مساءاً
2005\12\11



كان جالساً على تلك الأريكة الفردية التي توسطت الأرائك الجلدية الأخرى في مكتبه، وحوله كان يجلس أولئك الرجال الثلاثة، بملابسهم الرسمية، وملامحهم الجادة. في حين كانوا منهمكين في مناقشة مسألة ما برفقته.

تنهد بضيق وهو ينظر إلى تلك الورقة بتمعن. عندها قال الرجل الجالس على الأريكة التي على يمينه: أيها الرئيس تشادولي، أرجوك أن تفكر ملياً فيما يخص ميزانية الفرع الجديد في إيطاليا. يتوافد إلى هناك الملايين من السياح سنوياً، وبهذا سيكون بوسعنا إعادة رأس المال خلال سنوات قليلة جداً!

سكت كارل قليلا قبل أن يقول بهدوء: لا أريد أن أخصص مبلغاً طائلاً لأجل فندق في منطقة سياحية لديها الكثير من الفنادق بالفعل! أغلب السياح الذين يأتون إلى هناك، هم من الطبقة المتوسطة وما أعلى من ذلك بقليل. لذلك فإن افتتاح فرع ضخم، لفندق فخم جداً وبحجوزات مرتفعة مثل بونفيليو كوريوس، يعد مضيعة للميزانية المقترحة. أرى أنه من الأفضل أن نخصص ميزانية أقل، ولتخبروا المهندسين بأن يضعوا تصميماً آخر أقل حجماً.

عندها قال الرجل الآخر الجالس على يساره بقلق: لكن أيها الرئيس. لقد اشترينا الأرض بالفعل. إذا ما خصصنا مساحةً أقل للبناء، فسوف تكون لدينا مساحة ضائعة كبيرة جداً!


رد كارل بجمود: أعلم هذا جيداً سيد كارتر...سنخصص مساحة هكتار واحد لبناء فرع مصغر لسلسلة فنادقنا العالمية. أما الهكتارين الآخرين، فسنقوم ببناء مجمع تجاري للسلع المحلية، وبعض الماركات العالمية المشهورة بأسعار مناسبة للسياح. على أن يكون ملحقاً بصالة ألعاب وسينما وصالة بولينغ، فذلك سيحقق لنا أرباحاً طائلة، في وقت قصير جداً.

تفاجأ الجميع لسماع ذلك، وقال الرجل الجالس قابلته هاتفاً: لكن ماذا عن الميزانية؟! إذا ما فعلنا شيئاً كهذا، فسوف يكلفنا ذلك أكثر من المتوقع بكثير!

ابتسم كارل بهدوء وقال بثقة: الميزانية المخصصة لبناء الفندق، هي حوالي 15 مليون دولار. وبتقليل مساحة البناء، وعدد الطوابق والحد من المبالغة في الديكور الخارجي والتصميم العام، ستكون الميزانية العامة لبناء الفندق هي 4 ملايين فحسب. المجمع التجاري إذا ما صممناه على طابقين بمساحة هكتار ونصف، وبمجموع عام حوالي مائة وعشرين محل تجاري وأربعة حمامات عامة وقسم خاص بالخدمات والإدارة، سيكلفنا كأقصى حد ممكن حوالي 6 ملايين.
أما بالنسبة لصالة الألعاب وصالة البولينغ والسينما، فعلى افتراض أننا بالغنا في التصميم والديكور والمرافق العامة، ستكلفنا حوالي 3 ملايين تقريباً. إذا فسيكون لدينا فائض مليونين من الميزانية الأصلية المقترحة وربما أكثر من ذلك بكثير... يمكننا استعمال ذلك الفائض في أعمال الصيانة والموارد المستقبلية للمشروع. أو في أي إضافة أخرى مقترحة.

ثم سكت قليلا وأردف بهدوء: على كل حال. فلترسلوا المقترح إلى قسم التخطيط، وأخبروهم أن يرسلوا لي تقريراً مفصلاً على الميزانية المحتملة والموارد ومواد البناء، بالإضافة إلى عدد العمال المطلوبين لإنهاء المشروع.


خيم الصمت بينهم لدقيقة كاملة، في محاولة منهم لاستيعاب ما قاله. لقد عملوا معه لأكثر من خمس سنوات، لكنه ما يزال يفاجئهم في كل مرة بقدراته المذهلة في التخطيط وإدارة المشاريع بأفضل النتائج، وبأقل ميزانية ممكنة. وهو ما أبهرهم جميعاً، إلى حد جعلهم عاجزين عن قول أي شيء!

رد كارتر بتعلثم: أ...أجل أيها الرئيس. سنقوم بذلك بالتأكيد!

رفع كارل أوراقاً أخرى كانت موضوعة أمامه، وقال بينما يقلبها ببرود: بخصوص اجتماع الجمعية العمومية لمالكي الأسهم في نهاية السنة. هل جهزتم جدول العمل، والنقاط التي سنتناقش عليها خلال الاجتماع؟


أجاب الرجل الجالس قبالته قائلاً بينما يمد له ملفاً به العديد من الأوارق:أجل سيدي. لقد جهزته بالفعل!

أخذ كارل الملف، وأخذ يقلب تلك الأوراق بينما يلقي نظرة سريعة على كل منها. عندها وضعها أمامه وقال بهدوء: فلتوزع المخطط على جميع المساهمين. سوف نناقش ميزانية السنة القادمة وكذلك الإيرادات العامة لهذه السنة. أخبرهم أنني أريد الاستماع إلى اقتراحات الجميع بخصوص المشاريع القادمة.

فرد ذلك الرجل على الفور: أجل! أمرك سيدي الرئيس!

عندها سأله كارتر بتردد: أيها الرئيس..ماذا بخصوص مشروع البناء السكني في مارسيليا؟

فأجاب كارل بهدوء: فلتترك لي الملف الخاص بالمشروع. سأقوم بفحصه جيدا ثم سأوقع عليه بعد التأكد من جميع بنوده بدقة.


عندها قطع حديثهم صوت طرق الباب فجأة. فبدت ملامح الاستغراب على كارل، لكنه قال بخفوت مخاطباً غرانتير الواقف إلى جانبه: فلتفتح الباب.

فتح غرانتير الباب، وقد تفاجأ كثيراً لما رأى لوسي واقفة أمامه. عندها التفت إلى كارل وقال بهدوء: إنها الآنسة أليسون سيدي.

استغرب كارل أكثر لسماع ذلك. لكنه قال بهدوء: حسناً، دعها تدخل.

عندها دخلت لوسي إلى المكتب، لكنها ما إن رأت أولئك الرجال، حتى تراجعت خطوة إلى الخلف وقالت معتذرة: أوه يا إلهي! لم أكن أعلم أن لديك ضيوفاً!

ابتسم كارل بهدوء وقال مطمئناً: لا بأس، لقد انتهينا تقريباً. هل هناك شيء ما؟


سارت لوسي نحوه مطأطأة رأسها في خجل، وقالت بارتباك: آه إنه فقط...لقد كنت سأسألك إذا ما كنت ذاهباً إلى باريس في الغد، فهناك أشياء أريد شراءها من أجل دراسة ايمي.

عندها رد كارل باستدراك: أوه صحيح! لقد أخبرتني ايمي بذلك في الأمس. ثم سكت قليلا وأردف بهدوء: أجل...لا بأس، يمكنك مرافقتي في الغد.

ثم التفت إلى أولئك الرجال الذين كانوا ينظرون إلى لوسي بفضول شديد. فقال معرفاً: أقدم لكم الآنسة أليسون. إنها تعمل هنا كمدرّسة خصوصية.


ابتسم السيد كارتر لسماع ذلك، وقال وهو يقوم من مكانه ويمد يده مصافحاً: يسرني لقاؤك آنسة أليسون. أنا جوش كارتر. أعمل كاستشاري لمجموعة (WST) التجارية.

ابتسمت لوسي بترحيب، وقالت بينما تصافح يده هي الأخرى: تشرفنا.

قام الرجل الآخر الذي كان جالساً على الأريكة المقابلة لكارل، وقال هو الآخر مقدماً نفسه: وأنا دانييل ميغان. ثم أشار على الرجل الآخر وقال: وذلك هو ماثيو ليغاس. جميعنا مستشارون في المجموعة.

ابتسمت لوسي بمجاملة وقالت: يسرني جداً لقاؤكم.

ثم سكتت قليلا وقالت معتذرة: حسناً...لن أعطلكم أكثر من هذا، استأذنكم بالمغادرة الآن.


ثم نظرت إلى أكواب القهوة الفارغة التي كانت موضوعة على الطاولة. فقالت مخاطبة كارل بخفوت: سآخذ الأكواب معي. سيكون من السيئ أن تنسكب بقايا القهوة على الأوراق.

عندها رد كارل بامتنان: سأكون شاكراً لك حقاً إن فعلت هذا.


جمعت لوسي الأكواب في الصينية التي كانت موضوعة في منتصف الطاولة، ثم غادرت المكتب..

سارت بضع خطوات في الممر، لكنها توقفت فجأة بجانب حقيبة الظهر التي أسندتها على الجدار.
نظرت حولها متفقدة. ولما لم تجد أحداً، أخذت تلك الحقيبة ووضعت تلك الأكواب والصينية بها بعد أن كتبت شيئاً ما على كل كوب. ثم أغلقتها وسارت في الممر بهدوء بعد أن لبست تلك الحقيبة.


لما وصلت إلى الردهة، رأت الخادمة نيللي تنزل الدرج وتسير باتجاه الممر الجانبي حيث المكتب. فسارت نحوها وسألتها قائلة: هل أنت ذاهبة إلى المكتب؟

ردت الخادمة بتردد، بينما اعتلت وجهها نظرة مستغربة: أجل...سأذهب لجمع الأكواب حتى لا تضايق سيدي أثناء الاجتماع.

فقالت لوسي بابتسامة: لا داعي لذلك. لقد جمعت الأكواب وأخذتها إلى المطبخ بالفعل.


عندها قالت نيللي بامتنان: أوه شكراً لك حقاً لوسي! لقد كنت قلقة جداً من أن أقاطع سيدي أثناء اجتماعه. لكن السيدة لا تحب أن نبقي الأكواب في المكتب دون أن نجمعها بسرعة ما إن ينتهي الضيوف من شربها!

اكتفت لوسي بابتسامة هادئة، بينما تنظر إلى نيللي التي أخذت تسير مبتعدة عنها باتجاه الطابق العلوي من جديد.


لما غابت نيللي عن ناظريها، ارتسمت على وجهها نظرة خاوية فجأة، لتقول بهمس: هذه البداية فقط...بقي أمامي الكثير!




كان واقفاً بجانب باب غرفة الطعام من الداخل، بينما عقد يديه أمام صدره بهدوء.
اعتلت وجهه نظرة حادة لما فكر في نفسه قائلا: ما الذي تخطط له تلك الأفعى؟!

ولما تأكد أنها غادرت المكان، سار ببرود باتجاه المطبخ دون أن يبدو على وجهه أي تعبير.
تردد كثيراً قبل أن يدخل إلى هناك، حيث يجتمع أغلب الخدم في العادة بعد أن ينتهوا من أعمالهم.


كان يستطيع ملاحظة نظراتهم المرتبكة والمتفاجئة في آن، وهم يحدقون به في توتر. فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يدخل فيها إلى هنا!

وفي الواقع، كان هو الآخر متفاجئاً نوعاً ما. الآن فقط قد أدرك أن هذه هي المرة الأولى التي يدخل فيها إلى المطبخ في حياته كلها!


ألقى نظرة سريعة، متفحصاً أرجاء المكان. كان المطبخ واسعاً جداً، بأرضية رخامية بيضاء لامعة. تلفه دواليب كثيرة وأدراج كلاسيكية من الخشب البني الباهت، اعتلتها رخامات سوداء ممزوجة مع درجات اللون البني.

في المنتصف طاولة رخامية كبيرة جداً تحيطها من الأسفل أدراج ودواليب كالتي على حوائط المطبخ تماماً. في حين اعتلتها تلك الثرية الكبيرة البنية بإضاءتها القوية.
وفي الحائط المقابل، مدخل على شكل قوس، بدا أنه يؤدي إلى ملحق يشبه المطبخ في أثاثه بشكل كبير.



نظر إلى تلك الخادمة التي كانت تغسل الأطباق، والتي توقفت عن ذلك ما إن دخل عليهم، في حين نست إغلاق الصنبور من الارتباك.

فسألها مباشرة دون أي مقدمات: هل أحضرت تلك الفتاة لوسي أكواب القهوة الخاصة بالضيوف إلى المطبخ؟

ارتبكت الخادمة كثيراً لسؤاله...أو بالأحرى، ارتبكت لأنه تحدث معها من الأساس! فقد كانت هذه المرة الأولى التي يخاطب فيها السيد الصغير أحداً من الخدم!

نظرات عينيه الباردة أربكتها كثيراً....لقد سألها عن لوسي، لكن سؤاله بدا أنه يحمل غضباً مبطناً أحست به للحظة.


هل فعلت لوسي شيئاً ما يستحق غضبه؟
لقد أدركت منذ مدة أنه لا يطيق وجودها أبداً، لذلك شعرت أن فيما ستقوله تهديد لوجود لوسي العزيزة عليها في هذا المكان!
ولهذا السبب، ردت عليه بابتسامة مرتبكة: آه...أجل. لقد أحضرتها قبل قليل، وقد غسلتها بالفعل!

نظر إليها بجمود للحظات، وقال ببرود: آه...فهمت.


ثم سار إلى خارج المطبخ، واضعاً يديه في جيبه ليقول في نفسه بحدة: تلك الأفعى... لقد جعلت الخدم في صفها!

ابتسم بخبث وقال هامساً: إنها أفضل بكثير مما توقعت!





لما غادر هاري المطبخ، تنفست تلك الخادمة الصعداء. فاندفعت نحوها الخادمات الأخريات، لتقول إحداهن بانفعال: ماذا؟ ما الذي حدث؟ لماذا سأل السيد الصغير عن لوسي؟!

أجابت تلك الخادمة بضيق: لا أعلم...لكن نظراته لا تبشر بالخير أبداً!

ثم أغلقت الصنبور، وقالت وهي تمسح يديها بملابسها: سأذهب لأخبر لوسي بما حدث. لا أدري لماذا، لكنني أشعر بالقلق حقاً!

قالت هذا لتركض باحثة عن لوسي بعد أن تأكدت أن هاري قد غادر المكان تماماً.



بحثت عنها طويلا، قبل أن تجدها جالسة رفقة ايمي في البيت الزجاجي. فنادتها بتوتر ملحوظ.

شعرت لوسي بالقلق نوعاً ما من ملامحها، لكنها سارت برفقتها مبتعدتين قليلا عن البيت الزجاجي حيث تجلس ايمي.


عندها توقفت تلك الخادمة فجأة وقالت بانفعال: ما الذي فعلته؟! ما قصة أكواب الضيوف تلك!

بدت الحيرة على لوسي وسألتها بتعجب: عن أي أكواب تتحدثين؟!

نظرت الخادمة حولها بتوتر، ثم اقتربت منها وقالت هامسة بحذر: لقد دخل السيد الصغير إلى المطبخ قبل قليل، وسألنا عن ما إذا كنتِ قد أحضرت أكواب القهوة التي شرب منها ضيوف السيد الشاب أم لا!

تفاجأت لوسي لسماع ذلك وقالت في نفسها بدهشة: ذلك الوغد الصغير، كيف عرف هذا؟!

لكنها سألتها بقلق: وما الذي قلته له؟

فأجابت الخادمة بتردد: لقد أخبرته أنك أحضرتهم بالفعل.


تنفست لوسي الصعداء ثم قالت بارتباك، بينما شبكت أصابع يديها ببعضها في توتر: آه حسناً...لقد جمعت الأكواب بالفعل، لكنها سقطت مني وانكسرت جميعها. كان الأمر محرجاً جداً، لذلك لم أرد أن يعرف أحد بهذا. فجمعت الزجاج المكسور ودفنته في الحديقة.

ضحكت الخادمة على كلامها وقالت هاتفة: ما الأمر لوسي؟! هل أنت طفلة تخاف من العقاب أم ماذا؟!

احمرت وجنتاها خجلا وقالت بتهكم: الأمر ليس هكذا...أعني..


عندها قاطعتها تلك الخادمة لما تساءلت قائلةً بحيرة: لكن...لا أفهم لماذا سألنا السيد الصغير عن ذلك!

زمّت لوسي شفتيها وقالت باستياء: لابد أنه قد رأى ذلك، لذلك يريد إخبار أخاه عما حدث حتى يقوم بإحراجي أمامه! أنت تعرفين أنه لا يطيقني أبداً!


فعقدت الخادمة يديها أمام صدرها في غضب، وقالت بانزعاج: ما هذا؟ ذلك الولد يفتقر للآداب حقاً! كان يجب أن تريه عندما دخل إلى المطبخ، كان يتحدث معنا كما لو كنا حشرات أمامه!


ثم شبكت يديها أمام وجهها، وقالت بنبرة حالمة: إنه مختلف تماماً عن أخيه! لا يوجد شاب في هذا العالم يضاهي روعة وأخلاق السيد الشاب. ليته يأخذ ولو القليل من صفاته!


ثم نظرت إليها وقالت محاولة تشجيعها: لا تكترثِ لأمره لوسي. إن السيد الشاب يحترمك كثيراً، لذلك لن يسمح له بمضايقتك أبداً حتى لو كان شقيقه!

ابتسمت لوسي وقالت بامتنان: شكراً لك صوفيا...

فابتعدت عنها صوفيا وقالت وهيا تلوح بيدها في الهواء: لا شكر لا واجب لوسي. أراك لاحقاً.


لما ابتعدت صوفيا عن ناظريها، ضغطت لوسي على أسنانها وقالت هامسة بسخط: تباً! لقد كنت مهملة جداً...ما كان يجب أن أترك ذلك الوغد يلاحظ ذلك!


ثم سكتت قليلا وقالت في نفسها بخبث، بينما تعقد يديها أمام صدرها: تريدها حرباً إذا؟ لكن حسناً...كيف ستفوز في حرب تقاتل فيها وحدك؟ مهما قلت عني، فلن يصدقك أحد أبداً. كن واثقاً من هذا...صغيري هاري!


يتبع..

******

_رأيكم في البارت؟

_توقعاتكم للأحداث القادمة؟

_كيف ستكون حياة ايمي بعد رحيل ديفيد؟

_ لماذا برأيكم قامت لوسي بأخذ تلك الاكواب؟ وما الذي قصدته لما قالت أنها البداية فحسب؟

_ما الذي سيفعله هاري الآن؟

_ وأخيراً..ما الذي عنته لما قالت( مهما قلت عني، فلن يصدقك أحد أبداً) ؟


أحداث كثيرة ومشوقة في انتظاركم فتابعوني..

ارجو منكم التفاعل أكثر مع الفصول :(
كلماتكم وتشجيعكم هو ما يبث الحماس في داخلي.. وارجو ان تنال روايتي إعجابكم.

دمتم في أمان الله وحفظه..


2018/08/30 · 654 مشاهدة · 4318 كلمة
NajwaSD
نادي الروايات - 2024