#فرنسا_ قصر تشادولي الرئيسي_ الساعة 10:00 صباحاً
2005\12\12


بعد أن بدلت ثيابها، نزلت بسرعة باتجاه باب المدخل حيث وجدته واقفاً هناك بانتظارها.

ما إن رأته، حتى وقفت مكانها تنظر إليه بدهشة. كانت هذه هي المرة الأولى تقريباً التي تراه فيها بملابس عادية غير الملابس الرسمية التي يرتديها دائماً.

ارتدى معطفاً بنياً قصيراً كان مفتوحاً، وتحته قميص من الصوف الأبيض. ولقد لف حول رقبته شالاً بنياً مزركش في نهايته بالأزرق الكحلي. أما بنطاله فقد كان من الجينز الأزرق، بينما ارتدى حذاءً بنياً طويلا تجاوز كعب قدمه بقليل.


لم تستطع إخفاء نظرات الخجل في عينيها. هي من البداية كانت عاجزة دائماً على إنكار وسامته وهيبته التي كانت تطغى على ملامحه في كل مرة تراه فيها.
لم يكن مغروراً أبداً، ولربما لم يحتج ليكون كذلك يوماً. فالناظر إليه لا يمكنه سوى أن ينجذب لا إراديا إلى رجولته، ووسامته، وشخصيته المرحة والجدية في ذات الوقت.

لكنها لا تريد أن تفكر بهذه الطريقة أبداً. لا يمكنها أن تعجب به، لا يمكنها أن تسمح لنفسها بالانجراف وراء مشاعر كهذه أبداً!


اقتربت منه، ثم عقدت يديها أمام صدرها لتقول بنبرة ساخرة، محاولة بذلك إخفاء ارتباكها الملحوظ: هممم ظننت أنك لا تمتلك في خزانتك سوى الملابس الرسمية! يبدو أنك تستطيع أن تصبح إنساناً طبيعياً بين الحين والآخر!

وضع كلتا يديه في جيبه، ثم انحنى قليلا لمستوى بصرها، ليهمس قرب أذنها بمكر: ماذا؟ هل أعجبتك؟


ارتبكت كثيراً لقربه منها هكذا، لكنها نظرت إلى عينيه مباشرة وقالت بغرور مدعية اللامبالاة: أنت تحلم بالتأكيد! أنا لن أعجب بك أبداً!

ضحك كارل لتصرفها ذاك.. كان يستطيع ملاحظة خجلها وتوترها، إلا أنها أبت إلا أن تبدو قوية أمامه. وهو أكثر ما كان يجذبه في شخصيتها على الإطلاق.

شد أنفها بين سبابته ووسطاه ليقول بنبرة مرحة: أتعلمين؟ إنك تبدين لطيفة جداً عندما تخجلين!


احمرت وجنتاها وقالت بغضب، بينما تدفعه عنها بارتباك: توقف عن السخرية مني أيها الأحمق! أنا..


عندها سار مبتعداً عنها بينما يضحك باستمتاع. فأسرعت باتجاهه في غضب حتى أصبحت تسير بمحاذاته. لتضربه على خصره بمرفقها بقوة، ثم تجاوزته بسرعة بعد أن تركته يتأوه من الألم.

وقبل أن تغادر الباب، التفتت ناحيته لتمد لسانها نحوه بمشاكسة، وتقول وعلى وجهها نظرة منتصرة: تستحق هذا!


لما اختفت عن ناظريه، قال هامساً بينما يشد خصره متألماً: ما الذي فعلته؟ كدت أنسى أنني أتعامل مع أعنف امرأة قابلتها في حياتي!





نزل الدرج الحجري باتجاه سيارته المركونة أسفله. عندها لاحظ أن السائق كان يتفقد صندوق السيارة الأمامي بملامح قلقة وخائفة. فسأله كارل باستغراب: ما الأمر؟ هل هناك عطل في السيارة؟

أغلق السائق الصندوق بسرعة وقال بتلعثم: آه كلا يا سيدي.. لقد كنت أملأ الماء في المبرد فحسب!

لم يبد كارل مقتنعاً بكلامه، لكنه سار باتجاه الباب الخلفي. فأسرع ذلك السائق ليفحته له ويقول بارتباك: تفضل سيدي!


نظر إليه بشك للحظات، ثم جلس على المقعد الخلفي حيث كانت لوسي جالسة هناك هي الأخرى بينما تضع رجلا على الأخرى، وتعقد يديها أمام صدرها في غرور.


لم يقل كلاهما أي شيء طوال الطريق، لكن لوسي قطعت ذلك الصمت الطويل بعد أن خاطبته قائلة بتردد: امممم كارل...هل يمكنني أن أطلب منك شيئاً؟

بدا كارل مستغرباً كثيراً من كلامها، لكنه قال مترقباً ما ستقوله: أجل...لا بأس.

فقالت بينما تشبك أصابعها في حجرها بتوتر: في الواقع...لقد أخبرتك من قبل أنني أتيت إلى فرنسا من أجل البحث الخاص بالجامعة، صحيح؟

أجاب كارل بحيرة:أجل..


عندها قالت بضيق: لا يمكنني العودة إلى انجلترا قبل أن أجد رفيقي. لقد أرسلت إيميلاً إلى الجامعة وأخبرتهم بوضعنا الحالي، وقد أوقفت قيدي الدراسي للفصلين القادمين. لكنني مع هذا لا يمكنني البقاء هكذا دون أن أفعل أي شيء. لذا أريدك أن تساعدني بالبحث الذي أقوم به!

أومأ كارل بتفهم وسألها بهدوء: ما الذي تريدين مني أن أفعله؟


فأجابت لوسي بنبرة هادئة هي الأخرى: الأمر بسيط جداً. إن بحثنا متعلق بأسس الإدارة والعمل في بعض شركات أوروبا الكبرى. لقد سافرنا إلى ثلاث دول أوروبية بالفعل، وفرنسا كانت محطتنا الأخيرة. كان من المفترض أن يقوم رفيقي بالتنسيق مع شركة مارسيليا فيرغو الاستثمارية برسالة من الجامعة، لكن يبدو أن ذلك لن يكون ممكنا بعد الآن.

ثم أردفت بإحباط: كما تعلم...إنني أمتلك مهارات فظيعة جداً في التنسيق، لذلك لا يمكنني فعل أي شيء بدونه.. لكن...

ونظرت إليه لتقول بتردد: أظن أن التنسيق مع مجموعة ( WST ) التي ترأسها، هو في الواقع أفضل بكثير من تلك الشركة...إنها أكبر مجموعة اقتصادية في أوروبا بالكامل لذا..

لكنها تراجعت عن كلامها فجأة وأخذت تقول بتلعثم: آآه في الواقع لا بأس إذا ما لم يكن ذلك يناسبك... أعني...لا أريد أن تفهم الأمر بكل خاطئ، فليس الأمر أنني استغل معرفتي بك من أجل مصلحتي! الأمر فقط أن التحدث معك سيكون أسهل من تلك الشركة لذا... أعني..


قاطعها كارل قائلا بهدوء:أنت لم تجيبي على السؤال الأهم. ما الذي تريدين مني أن أفعله بالضبط؟

فنظرت إليه بدهشة وهتفت بذهول: هل ستساعدني؟

تنهد بإحباط، وقال بينما ينظر إليها بانزعاج:غبية! بالتأكيد سأساعدك!

ثم أردف بضيق: لا حاجة لأن تترددي هكذا في طلب أي شيء مني لوسي. إنك مهمة جداً بالنسبة لي، لذلك سأكون سعيداً جداً إذا ما كان بمقدوري مساعدتك.



(مهمة بالنسبة لي). ظلت تلك الكلمة تتردد في ذهن لوسي لمرات كثيرة. ما الذي كان يقصده بذلك؟
من خلال ملامحه لما قالها، استطاعت أن تدرك أنه قال ذلك بشكل عفوي. لكن بالنسبة لها، كان ذلك يعني الكثير!

شعرت أن قلبها يعصرها بقوة...لا يمكنها سوى أن تكرهه وتحقد عليه. لكن لماذا؟ لماذا سماعها مثل هذه الكلمات، جعلها تشعر بكل هذا الألم؟!


خفضت رأسها وقالت بفتور، بعد أن ارتسمت على وجهها نظرة خاوية لم يلاحظها: حسناً...أريد أن ألتقي بالأشخاص الذين يعملون معك حتى أسألهم بعض الأسئلة المتعلقة بالعمل، بالإضافة إلى أنني أريد أن أجري عليهم استبياناً يحتوي على بعض الأسئلة المهمة للبحث. طبعاً إذا ما لم يكن ذلك سيسبب لك المشاكل مع موظفيك، أو مع الصحفيين المتربصين بك.

فكر كارل قليلا قبل أن يقول موافقاً على كلامها: في الواقع، من الأفضل ألا تأتي إلى الشركة، فربما يقوم البعض بنشر شائعات غير ضرورية. هل يناسبك أن تلتقي بدائرتي المقربة؟ نحن سنجري اجتماعات كثيرة في منزلي في الأيام القادمة، لذلك سيكون بوسعك لقاؤهم هناك.


ما إن قال هذا، حتى هتفت لوسي في نفسها بانتصار: رائع، لقد التقط الطعم!


رفعت بصرها إليه وقالت بابتسامة هادئة: أجل...لا بأس. شكراً لك حقاً!


وما إن انهت جملتها، حتى توقفت السيارة فجأة على جانب الطريق، في منتصف ذلك الشارع المزدحم.
نظر كارل إلى السائق وسأله باستغراب: لماذا توقفت؟ نحن لم نصل إلى المكتبة بعد!

أجاب السائق بينما ينظر إلى الدخان المتصاعد من صندوق السيارة الأمامي في خوف: سـ سيدي الشاب...يبدو أن هناك عطل ما في السيارة!

ثم خفض رأسه وقال في خوف: أنا آسف حقاً! إنه خطئي، لقد كنت أتفاخر بها أمامي أصدقائي مدعياً أنها لي، وقد استعملتها بطريقة خاطئة لذا...
وأردف متوسلاً: أرجوك أت تغفر لي...لا تطردني أرجوك! زوجتي ستنجب طفلنا الأول قريباً... لا يمكنني أن أخسر عملي الآن!

نظر إليه كارل بدهشة. كان يرتجف بخوف، وقد بدا أنه على وشك البكاء.

فسأله بهدوء: ما هو اسمك؟

أجاب السائق بتردد: اسمي لويس يا سيدي...لويس مولار.


ابتسم كارل وقال بهدوء: لويس، ليس عليك أن تفكر في هذا أبداً...عليك أن تركز فقط على ابنك القادم. ثم أردف بمرح: لا تنس أن ترني صورته فيما بعد...إنني أحب الأطفال كثيراً!

نظر إليه لويس بصدمة، لكنه خفض رأسه وقال بامتنان بينما عيناه تدمعان: أشكرك حقاً على رحمتك سيدي الشاب...أعدك أنني سأعوضك على ذلك!

وضع كارل يده على كتفه، وقال وهو يضغط عليه برفق: لقد أخبرتك أنه لا بأس بالفعل لويس. انس ما حدث.

أومأ لويس بقهر وقال معتذراً: أجل سيدي...شكراً لك حقاً!


كانت لوسي تنظر إليه بصدمة. لكنها أشاحت ببصرها بعيداً عنه نحو الشارع، بينما تضغط على أسنانها بغيظ شديد. أخذت تردد في نفسها: تباً! لماذا يجب أن يكون هكذا؟!

ثم هزت رأسها بالنفي وقالت في نفسها بحقد: لا...ذلك ليس صحيحاً. ذلك ليس صحيحاً أبداً!

خرج السائق حتى يتفقد العطل في السيارة، بينما ظل كارل ولوسي جالسين ينتظران في صمت مطبق.


كانت لوسي تتملل في مكانها بضجر شديد. لكنها هتفت بحماس فجأة بينما تنظر إلى ذلك المبنى في الشارع المقابل: كارل انظر! ثمة مركز ألعاب هناك!

نظر كارل إلى حيث أشارت، ثم قال بلامبالاة: أجل...ذلك صحيح.

نظرت إليه لبعض الوقت بطرف عينيها، ثم عقدت يديها أمام صدرها لتكرر كلامه بنبرة ساخرة: أجل، ذلك صحيح...

اقتربت منه وقالت بانزعاج: هل هذا كل ما لديك لتقوله؟!

استغرب كثيراً من انزعاجها ذاك، وسألها بحيرة متعجباً: ما الأمر؟ لماذا أنت منزعجة هكذا؟!


تنهدت بإحباط ثم قالت بتهكم، بعد أن زمّت شفتيها باستياء: هل أنت غبي أم ماذا؟ عندما تقول المرأة شيئاً كهذا، فهي لا تنتظر من الرجل أن يعلق بمثل هذا التعليق السخيف! عليك أن تكون ذكياً، وتفهم أنني أريد الذهاب إلى هناك!

نظر إليها بطرف عينيه، ثم رد بهدوء ساخر: على المرأة أيضاً ألا تتوقع من الرجل أن يفهم ما تريده بمثل هذه الملاحظة الغبية فقط. يمكنك أن تكوني واضحة أكثر، وتخبريني بما تريدينه مباشرة!

نفخت خديها باستياء دون أن تعلق على كلامه، بعد أن أدركت أن ما قاله صحيح في الواقع!

عندها ضحك على ملامحها تلك، وقال وهو ينظر إلى ذلك المبنى مجدداً: إذا...فأنت تريدين الذهاب إلى هناك؟


لم ترد لوسي على كلامه، بل اكتفت بنظرة منزعجة دون أن تنظر إليه حتى. فشد خدها بسبابته وإبهامه برفق ليقول ضاحكاً بمرح: لا داعي للتجهم هكذا. سآخذك لأي مكان تريدينه، لذا ابتسمي!

أجابت لوسي متصنعة البرود، وقد بدا واضحاً أنها لم تكن صادقة في كلامها: هه! ليس وكأنني أريد الذهاب إلى هناك بشدة. الأمر فقط أنني لا أحب الجلوس والانتظار هكذا دون أن أفعل أي شيء!


ابتسم بهدوء دون أن يعلق على كلامها... إنها المرة الأولى التي تظهر له جانبها الطفولي هذا، لذلك كان الأمر ممتعاً جداً بالنسبة له. يريد أن يعرفها أكثر، يريد أن يرى كل جوانبها التي لا يعرف عنها شيئاً!



كانت تحاول إخفاء سعادتها وهي تدخل إلى صالة الألعاب تلك. ظلت تنظر حولها بسعادة دون أن تعرف من أين تبداً! أما بالنسبة له، فقد كان مستمتعاً جداً بالنظر إلى تعابير وجهها وهي تركض باتجاه أحد ألعاب الفيديو بعد أن اشترت تذكرة للعب، وظلت تلعب بحماس.

كان يراقبها بصمت دون أن يكترث إلى نظرات الإعجاب، وتلك الهمسات الكثيرة من الفتيات حوله. فعيناه في تلك اللحظة، لم تكونا تنظران إلى أي شيء في هذا العالم سواها!


ضربت تلك اللعبة بقبضتها بعد أن خسرت، لتهتف بسخط شديد: تباً! لعبة غبية!

ثم سارت نحوه وقالت بنبرة غاضبة: الأوغاد! يبدو أنهم برمجوا تلك اللعبة لكي لا يفوز أحد!


لم يستطع أن يعلق على كلامها، لأنه يدرك يقيناً أنه إذا ما قال أي شيء خاطئ، فسوف تقتله ربما!


اكتفى بابتسامة مصطنعة، ليرد بهدوء: حسناً....دعينا نجرب لعبة أخرى!

أخذت تنظر حولها متفقدة، عندها قالت وهي تشير إلى لعبة ما بحماس: انظر! يمكننا أن نلعب كلانا هناك!

أجاب كارل على الفور: آه لا...لا بأس.. يمكنك اللعب وحد...

لكنها لم تسمح له بأن ينهي جملته حتى! أمسكت يده ثم جرته معها باتجاه تلك اللعبة بحماس شديد.

لما وقفا أمام تلك اللعبة، ظل كارل ينظر إلى الأزرار والذراع الخاصة بالحركة بتوتر. فسألته لوسي باستغراب: ما الأمر؟ لماذا تنظر إليها هكذا؟


فرك مؤخرة رأسه بتوتر وقال: حسناً في الواقع...إنها المرة الأولى التي آتي فيها إلى مكان كهذا، لذلك لا أعرف أي شيء عن هذه الألعاب!

عندها هتفت لوسي بدهشة: ماذا؟!! كيف يمكن أن يكون هذا معقولا حتى!

ثم سكتت قليلا لتردف باستياء: هل أنت بشري حقاً؟ إن هذه من المتع الأساسية في الحياة! كيف يعقل ألا تجرب ذلك ولو لمرة!

أجاب كارل بتهكم: حسناً...إنني مشغول طوال الوقت بعملي، لذلك لم أجد وقتاً لأجرب شيئاً كهذا.


عندها علقت لوسي باستنكار: ذلك ليس جيداً! ليس من الجيد أن تمضي حياتك كلها بالعمل فقط! ثم اردفت بتهكم: لا يبدو لي أنك عشت طفولتك بشكل صحيح!

رد كارل بهدوء: حسناً، بالنسبة لشخص تولى رئاسة عائلته في سن الثالثة عشرة... لا أظن أنني عشت طفولتي بشكل صحيح أبداً!

عندها علقت لوسي بضيق، بينما اعتلت وجهها نظرة حزينة خاوية: حسناً...ليس وكأنني قد عشت طفولة سعيدة أنا أيضاً!


كانت هذه هي المرة الأولى تقريباً التي تقول فيها لوسي شيئاً ما عن نفسها.
أراد أن يعرف عليها أكثر، لذلك تجرأ وسألها عن حياتها للمرة الأولى منذ أن التقاها: لماذا؟ أي نوع من الحياة عشتها في طفولتك؟

ردت لوسي بهدوء حزين: لا شيء مميز. لقد فقدت والداي عندما كنت طفلة صغيرة، لذلك لا أذكر عنهما الكثير.

سكت كارل قليلا قبل أن يسألها بحذر: كيف ماتا؟

عندها سألته لوسي على الفور مغيرةً الموضوع: ماذا عنك؟ كيف كان يبدو والديك؟


أدرك لحظتها أنها لم ترد الرد على سؤاله، لذلك تظاهر أنه تجاهل الأمر ورد على سؤالها قائلا بغرابة: من يدري!

استغربت كثيراً من رده وقالت بتهكم: لقد ماتا عندما كنت في العاشرة من عمرك بحسب ما أذكر، لذلك لابد أنك تملك بعض الذكريات عنهما!

ابتسم كارل بهدوء وقال بنبرة خاوية: حسناً...أظن أنهما كانا زوجين جيدين.


إجابته المختصرة تلك بدت غريبة جداً بالنسبة للوسي. لكن نعابيره الخاوية، ونظراته الخالية من الحياة، جعلتها تشعر بالضيق حقاً!

اقتربت منه وقالت بثقة بينما تطوق ذراعه بيديها: حسناً، سأكون لطيفة معك، وسأعلمك كيف تلعب. راقبني جيداً!


فابتسم بهدوء لكلامها...كان الأمر ممتعاً حقاً أكثر مما تصوره بكثير، لا يدري كم من الوقت ظلا يلعبان معاً دون أن يملا أبداً.



ما اكتشفه عنها، أنها تكره الخسارة حقا! بدت راضية جداً عندما كانت تستطيع هزيمته بسهولة، نظراًلكونه لا يجيد اللعب أبداً. لكن ما لم تعرفه عنه، أنه كان يتعلم بسرعة. لذلك في المرات الأخيرة التي لعبا فيها استطاع هزيمتها، وهو ما أغضبها حقاً. لذلك جعلته يكرر اللعبة مرات ومرات، حتى اضطر في النهاية للخسارة متعمداً من أجل إرضائها!



بعد أن استنزفا كل طاقتهما في اللعب، وقفا أمام آلة بيع العصير. كارل اشترى قهوة مثلجة، بينما ضغطت لوسي على الزر الخاص بعصير الليمون. ولما أرادت أن تأخذ عصيرها من الفتحة، دفعها أحدهم حتى كادت تسقط لولا أن أمسكها كارل في آخر لحظة.

أخذ ذلك الشخص العلبة ليفتحها ويشرب منها أمامها، بينما اعتلت وجهه ابتسامة ساخرة.

كان شاباً في نهاية العشرينات من العمر، وقد بدا كرجل عصابات من خلال شعره الطويل المصبوغ بالأشقر الفاقع، وتلك الأقراط والقلائد الكثيرة التي كان يرتديها. بالإضافة إلى ملابسه السوداء الممزقة.


نظر باستحقار إلى لوسي التي كانت ترمقه بغضب، ليقول ساخراً بنبرة مستفزة: لماذا تنظرين إليّ هكذا يا امرأة؟ ألم يعجبك هذا؟ ثم ضحك بسخرية وقال هاتفاً: يمكنك مقاضاتي إذا ما أردت!

كان كارل على وشك قول شيء ما، لكنه توقف لما رأى لوسي واقفةً أمام ذلك الرجل بينما اعتلت وجهها نظرة غاضبة.

خاطبته بهدوء مخيف: هيي أيها الكلب...

نظر إليها الرجل بدهشة وقال بعدم استيعاب: أقلتِ كلب؟!


نظرت لوسي إلى القلائد الكثيرة في عنقه، والتي بدت إحداها كطوق كلب حقاً. ثم قالت ببرود: الكلاب فقط هي التي ترتدي طوقاً كهذا.
ثم سكتت قليلا ونظرت إليه لتقول بحدة: ادفع مقابل تلك العلبة التي لوثتها بلعابك القذر، وسوف أتظاهر أن شيئاً لم يحدث.

احمر وجه ذلك الرجل حنقاً من كلامها ونبرها المتعالية تلك، وقال محاولا تمالك أعصابه: لا أريد أن أضرب امرأة، لذلك من الأفضل لك أن تخرسي!


عقدت لوسي يديها أمام صدرها وقالت باستهزاء: لا تريد أن تضرب امرأة، وفي المقابل لا بأس لديك بأن تسرق منها؟ يبدو أنك حثالة بأخلاق عالية حقاً!

لم يستطع ذلك الرجل أن يتمالك نفسه أكثر...ركض نحوها بغضب بعد أن رفع يده استعداداً للكمها، عندها أمسكت لوسي يده ولوتها خلف ظهره بقوة حتى صرخ متألماً.


دفعته بقوة حتى اصطدم رأسه بآلة بيع العصير. عندها قام من مكانه وركض نحوها بغضب أكبر. وقبل أن يتمكن من لمسها حتى، ابتعدت لوسي خطوة عن طريقه لتلكمه على بطنه بقوة حتى كاد يتقيأ ما بجوفه. ثم وضعت قدمها بين ساقيه، لتدفع إحداهما بقوة حتى كاد يسقط أرضاً على ظهره. لكنها أمسكت به من ملابسه في آخر لحظة لتقول بنبرة تهديد: عليك ألا تستعرض عضلاتك على النساء مرة أخرى. أهذا واضح؟

قالت هذا لترخي يدها، فسقط ذلك الرجل على رأسه. أما هي، فقد عدلت وقفتها لتنفض يديها ببرود شديد.


كان كارل ينظر إليها مذهولا بينما يحمل علبة القهوة في يده...ازدرد ريقه برهبة مما فعلته. قد تبدو فتاة رقيقة للوهلة الأولى، لكن إغضابها ليست بالفكرة السليمة أبداً، وهو ما أيقنه تماماً الآن!


في تلك اللحظة وقف بالقرب منهم ثلاثة رجال آخرين، مظهرهم بدا مشابهاً جداً لمظهر ذلك الرجل. وقد أدركا على الفور أنهم رفاقه. قال أحدهم وهو يضغط على قبضته بغضب شديد: كيف تجرئين على فعل ذلك أيتها الحقيرة!

قال هذا ليركض باتجاهها، عندما مد كارل قدمه في طريقه، فتعثر بها ليسقط على وجهه بقوة إلى جانب رفيقه. عندها قال كارل متظاهراً الدهشة: أوه أنا آسف...لقد انزلقت قدمي!


قام ذلك الرجل من مكانه وهو يضغط على أنفه المتورم، والذي كان مكسوراً على ما يبدو، ليصيح قائلا بغضب: كيف تجرؤ أيها الـ... وكان على وشك ضربه، عندها ضربته لوسي بقوة بين ساقيه من الخلف. فأخذ يسير مترنحاً من الألم، بينما يضع يديه مكان الضربة. ليتمتم قائلا بسخط: سوف تندمين أيتها الحقيرة!


ركض الرجلان الآخران باتجاههما، عندها لمحت لوسي رجال الأمن الذين كانوا قادمين باتجاههم، فأسرعت إلى كارل وصاحت قائلة بعد أن أمسكت يده بقوة: لنهرب!

عندها ركض كلاهما بسرعة مبتعدين عنهم، في حين ظل الرجلين يلحقان بهما باستماتة إلى أن ضاعا بين الحشود بعد أن اختبئا خلف أحد ألعاب الفيديو.

لما ابتعد عنهما الرجلين، قال كارل على الفور: لنعد إلى السيارة!


عندها ركضا بسرعة إلى الخارج، وركبت لوسي السيارة بسرعة. أما كارل، فقد خاطب السائق قائلاً باستعجال: هل أصلحت العطل؟

رد السائق قائلاً بتوتر: آه...أ..أجل!

فقال كارل على الفور: قد بسرعة بعيداً عن هنا!


عندها ركب السائق بسرعة بعد أن ركب كارل أيضاً، لينطلق مبتعداً عن المكان. في تلك اللحظة نظرت لوسي إلى بوابة مركز الألعاب، والتي خرج منها ذلكما الرجلين راكضين بسرعة باتجاههم. لكنهم ما أن ابتعدوا عنهم، حتى توقفوا مكانهم يتوعدونهم بسخط!



نظر كارل ولوسي إلى بعضهما لثوانٍ قبل أن ينفجرا ضاحكين مما حدث... قال كارل وهو يمسك بطنه من الضحك: لقد كان هذا ممتعاً حقاً!

علقت لوسي بينما تضحك هي الأخرى: هل رأيت ملامح وجهه؟ ثم قلدته بسخرية: سوف تندمين أيتها الحقيرة... ضحكت وقالت: لقد كاد يبكي من الألم!

عندها قال كارل وهو يضحك: يمكنك السخرية منه هكذا لأنك لا تفهمين شعوره... إنه مؤلم حقاً، أؤكد لك!

ردت لوسي بغرور: ذلك لا يهم. أكثر صنف أكرهه من الرجال، هم الذين يستعرضون عضلاتهم على من هم أضعف منهم...لقد نال ما يستحقه!

ضحك كارل من كلامها وقال وهو يمسح دموعه: لم أتصور في حياتي أنني سأفعل شيئاً كهذا! ستجن جدتي إن علمت بالأمر!


ثم أخذا يضحكان مرة أخرى وهما يتخيلان ملامح الجدة سمانثا إذا ما سمعت بما حدث...


بعد ان هدءا، كان كارل ينظر إلى النافذة بهدوء، في حين ظلت لوسي تنظر نحوه في شرود.


وضعت يدها على صدرها لتشد ملابسها بقوة. هي لم تضحك هكذا منذ وقت طويل جداً.
اليوم قد استمتعت حقاً برفقته، رغم أنها لم ترد الاعتراف بذلك أبداً. قلبها كان يخفق بقوة، وقد شعرت بضيق شديد في صدرها. إنه شعور مؤلم، مؤلم أكثر مما تصورته بكثير.


أخذت تخاطب نفسها وهي تضغط على أسنانها بقوة: لا تفعلي لوسي...إياك أن تفعلي هذا!



#بعد عدة أيام_ الساعة 6:30 مساءاً
2005\12\18


كانت تسير برفقة ايمي باتجاه البيت الزجاجي، وقد بدت شاردة الذهن تماماً. منذ ذلك اليوم، صارت تشعر بالكثير من الاضطراب في قلبها.

بالنسبة لها، تدرك جيداً أنها لن تشعر اتجاهه إلا بشيء واحد... وهو الكره فحسب.

لا يمكنها السماح لأي شعور آخر بأن يزعزعها أياً كان...ولهذا السبب، عقدت العزم على أن تتخلص من هذه الأفكار السخيفة التي ظلت تراودها منذ ذلك اليوم.
إنه شعور عابر فحسب، وكونها أنثى في النهاية، لا يمكنها أن تمنع نفسها من الشعور بالاضطراب بسبب شخص كهذا.

إذا فهو الاضطراب فحسب، ولا شيء أبعد من هذا...عليها أن تصفي ذهنها وتركز على عملها متجاهلةً أي شيء آخر...


هو بالذات، لا يمكنه سوى أن يكون عدوها اللدود الذي سترسله للموت حتماً. وهو ما عاهدت به نفسها منذ زمن!



كانت ايمي تنظر إليها بقلق..لقد أحست منذ وقت طويل أنه ثمة شيء ما يضايقها، لذلك سألتها بتردد: لوسي...هل حدث شيء ما؟

استفاقت لوسي من شرودها لتقول على الفور بابتسامة مصطنعة: لا...لا شيء أبداً.


لم تبد ايمي مقتنعة بذلك، لكنها لم ترد أن تضغط عليها أكثر. ظلت تسير برفقتها بصمت حتى توقفت لوسي فجأة وهي تنظر إلى الجدة سمانثا التي كانت تحمل في يدها أصيصي زهور، وقد كانت تنظر إلى الأرض في ضيق.

عندها أقبلت إليها لوسي وسألتها باهتمام: ما الأمر سيدة وايلنغهام؟

أجابت الجدة وهي تنظر إلى الزهور في حيرة: إنها المرة الثالثة التي أحضر فيها هذه الأزهار إلى هنا، لكنها لم تعش طويلاً في المرتين اللتين أحضرتهما فيها. إنها جميلة جداً، وأريد حقاً أن أضيفها إلى مجموعتي!

نظرت لوسي إلى تلك الأزهار قليلا ثم قالت هاتفة بدهشة: أوه...إنها زهرة الجلاديولس!

سألتها الجدة باستغراب: هل تعرفينها؟

أجابت لوسي على الفور: أجل بالتأكيد! إنها جميلة جداً

ثم سألتها بأدب: هلا أعطيتني الأصيصين؟ سأقوم بزراعتها من أجلك.

قالت الجدة بامتنان وهي تقدم لها الأصيصين: أوه شكراً لك حقاً آنسة أليسون!


أخذت لوسي الأصيصين ووضعتهما على الأرض ثم قالت موضحة بهدوء، بينما تحفر بيدها: حتى تنمو هذه الازهار بشكل جيد، من الضروري وضع وتد خشبي بقطر أعرض من قطر ساق الزهرة.
إن الأرض خفيفة، لذلك يجب أن تتم زراعتها بعمق يتراوح من 15 إلى 10 سنتيمترات.
هذا النوع من الأزهار يحتاج للري بشكل مستمر، كما يجب استخدام الأسمدة العضوية، وكذلك الأسمدة الفسفورية. هناك الكثير من الأشياء الأخرى التي يجب فعلها من أجل العناية بها، لكن ذلك كافٍ من أجل زراعتها في الوقت الحالي. سأخبرك بما عليك فعله لاحقاً!

كانت الجدة تنظر إليها بانبهار...لكنها ابتسمت وقالت بدهشة بعد أن جلست إلى جانبها: ذلك مذهل حقاً! يبدو أنك تعرفين الكثير عن النباتات!

ابتسمت لوسي وقالت بهدوء، بعد أن أنهت زراعتها: أجل نوعاً ما. لقد كان والدي مهندساً زراعياً، لذلك تعلمت منه الكثير.


قامت الجدة من مكانها، وقالت بينما تشير إلى الطاولة تحت تلك المظلة الحجرية: دعينا نجلس هناك. لقد طلبت من الخادمة أن تعد لنا الشاي.

أومأت لوسي مرحبةً بالفكرة، وسارت برفقة ايمي والجدة إلى تلك الطاولة حيث كان هاري جالساً على أحد الكراسي، بينما يقرأ كتاباً ما ببرود دون أن يكترث لهن أبداً.

بعد أن أحضرت الخادمة الشاي وانصرفت بهدوء، سألت الجدة سمانثا لوسي بفضول: لقد قلتِ أنك بريطانية صحيح؟ أين تعيشين؟ ثم ابتسمت وأردفت موضحةً بود: إنني بريطانية أيضاً، لذلك أشعر بالفضول نوعاً ما.

أجابت لوسي بهدوء بعد أن أخذت رشفة من كوب الشاي في يدها: إن أصل عائلتي من بيرمنغهام، لكنني أعيش في لندن. ماذا عنكِ؟

أجابت الجدة بنبرة هادئة: أنا من لندن، لكنني أعيش في الريف. إنني لا أحب صخب المدينة أبداً!


ضحكت لوسي وقالت بمرح: بالنظر إلى هذا المكان المنعزل الذي تعيشون فيه، يبدو أنكم جميعاً لا تحبون الأجواء الصاخبة أبداً!

أجابت الجدة مصرةً على رأيها بثقة: إن الطبيعة هي الأفضل بالتأكيد!

فقالت لوسي موافقة على كلامها: معك حق. إنه من الرائع أن تعيش في مكان تكون فيه محاطاً بالطبيعة في كل مكان من حولك!


عندها علق هاري بهدوء ساخر دون أن ينظر نحوهم، وعيناه مرتكزتان على الكتاب في يده: إذا عليك العيش في غابات الأمازون في هذه الحالة، إن ذلك المكان يناسبك كثيراً!


استشاطت لوسي غضباً من كلامه ذاك. لكن ما أغاظها أكثر، هو أنه لم يبد مبالياً أبداً بما قاله!

لكن الجدة قالت بتفكير، وقد بدا واضحاً أنها لم تلاحظ نبرة السخرية في كلامه: غابات الأمازون هاه؟ ثم ابتسمت وأردفت بحنين: إن ذلك يذكرني بالأيام الخوالي! لقد كانت أفريقيا هي مكاني المفضل!
غابات الأمازون، البراري، الحيوانات والطبيعة المختلفة. لقد أحببت ذلك كثيراً!

عندها قالت لوسي بدهشة: هل ذهبت إلى أفريقيا من قبل؟!

أجابت الجدة بهدوء: أجل...لقد سافرت مع زوجي الراحل إلى دول أفريقية كثيرة في شبابنا. صحيح أنها كانت مضطربة جداً في ذلك الوقت، لكنني استمتعت بالسفر هناك كثيراً! يجب عليك الذهاب إلى هناك يوماً!

ابتسمت لوسي وقالت: في الواقع، لقد ذهبت مرة إلى جنوب أفريقيا مع أمي وأبي عندما كنت طفلة صغيرة. لقد أحببت الطبيعة والحيوانات هناك كثيراً.

عندها علقت ايمي بخيبة: أنتما محظوظتان حقاً! إنني لا أعرف شيئاً عن هذه الأماكن التي تحدثتما عنها! كم أتمنى الذهاب إلى هناك يوماً ما أنا أيضاً!

فضحكت لوسي وقالت بإحباط: ليس عليكِ الشعور بالغيرة مني ايمي. في الواقع، صحيح أنني أحببت المكان هناك. لكنني لا أمتلك ذكريات جيدة مع تلك الرحلة على الإطلاق!

استغربت الجدة من كلامها وسألتها بتعجب: لماذا؟


أجابت لوسي بينما تتذكر ما حدث بإحباط: لقد كانت كلها فظيعة جداً من بدايتها! كنت الوحيدة في عائلتي التي واجهت مشاكلاً مع تأشيرة الدخول قبل السفر إلى هناك، لذلك توجب على والداي الانتظار لشهرين حتى حصلت على تأشيرتي أخيراً! وفي النهاية، لم نقض وقتاً طويلا هناك كما كان مخططاً لأن التأشيرة الخاصة بهما كانت ستنتهي مدتها قريباً.
ثم بعد ذلك مرضت هناك، وقامت القرود بسرقة لعبتي المفضلة. أعطاني المرشد السياحي طيراً برياً كان جميلا جداً، لكنه في النهاية تغوط على ثيابي مما سبب لي إحراجاً كبيراً! وعندما سرنا في إحدى الغابات، تقرحت قدمي بشدة لذلك لم أستطع السير لوقت طويل بعد ذلك! ثم أردفت بينما بدت على وشك البكاء من تلك الذكريات المريعة: خلاصة القول، أن تلك الرحلة كانت كارثة بحق!


كانت الجدة وايمي تنظران إليها بدهشة، وقد شعرتا حقاً بالشفقة اتجاهها بينما تتخيلان كيف كانت مشاعرها في ذلك الوقت!

لكن هاري كان ينظر إلى الكتاب في يده بصدمة. قال في نفسه بذهول: ما الذي قالته هذه الفتاة للتو؟! أيعقل أن...

ثم سكت قليلا لترتسم على وجهه ابتسامة غريبة لم يلاحظها أحد.


وضع الكتاب على الطاولة وعلق على كلامها محاولاً مواساتها: ذلك يبدو فظيعاً حقاً! كنت سأدخل في حالة نفسية لو أن رحلتي الأولى لدولة كتلك مرت بهذه الطريقة! يبدو أنك واجهتِ الكثير.

كانت تلك هي المرة الأولى التي يتحدث فيها معها بشكل طبيعي دون أن يسخر من كلامها، لذلك ظلت تنظر إليه بارتياب.

لكنها ردت على كلامه بحذر: آه حسناً.

أرادت الجدة أن تغير الموضوع، بعد أن ظنت أن لوسي كانت متضايقة بسبب تذكرها لما حدث في طفولتها. فسألتها بابتسامة: لقد تحدثنا عن الطبيعة، لكنني لم تذكري أي شيء عن الحيوانات. هل تحبينها؟

فردت لوسي بابتسامة: أجل كثيراً! ثم سكتت قليلا وأردفت بحيرة: لكنني استغرب حقاً أنكم لا تملكون أي حيوان أليف هنا!

أجابت الجدة على سؤالها بهدوء: إنني أحب الحيوانات أنا أيضاً. لكن كارل لديه حساسية من فروها، لذلك لم نحضر أي حيوان للمنزل.

أومأت لوسي بفهم وقالت بخفوت: هكذا إذا.

عندها سألتها الجدة باهتمام: ما هو حيوانك المفضل؟


ردت لوسي بتفكير: امممم إذا ما خيرتني بين الكلاب والقطط، فأنا أفضل الكلاب في الواقع. لكن أكثر حيوانات أحبها هي الخيول!

تفاجأت الجدة لسماع ذلك كثيراً وهتفت بدهشة: حقاً؟

ردت لوسي بإشراق: أجل. في الواقع، لقد كنت أحلم أن أصبح فارسة في طفولتي!


عندها علق هاري على كلامها بسعادة، بينما اعتلت وجهه ابتسامة متحمسة: حقاً؟ أنا أيضاً أحب الخيول كثيراً! لقد كنت اذهب لمشاهدة سباقات الخيول في الماضي كثيراً. كما أنني امتطيت الخيول في مرات عديدة. إن ذلك ممتع جداً!

بدت لوسي مندهشة تماماً وهي تنظر إلى ذلك الحماس في عينيه، بينما يتحدث عن هوايته المفضلة بسعادة غامرة.


ابتسامته العفوية، والسعادة التي رأتها في وجهه، جعلتها تبتسم لا شعوريا لتقول في نفسها بهدوء: ما هذا؟ إذا فهو محض طفل في النهاية...طفل يتحمس عند الحديث عن أكثر شيء يحبه.

ثم سكتت قليلا وأردفت في نفسها بجدية: ربما تلك هي فرصتي لأكسبه هو أيضاً في صفي. إنه الوحيد في هذا المنزل الذي يرفض وجودي، وإذا ما ضمنته إلى جانبي هو أيضاً، فسيكون بوسعي تنفيذ خطتي دون أي عوائق!


ابتسمت لكلامه وقالت بود: أجل...أنا أيضاً أحب سباقات الخيول كثيراً، وقد حضرت بعضها في انجلترا مرات عديدة. كما أنني اهتم كثيراً بقراءة الجرائد التي تتحدث عنها!

سألها هاري بفضول: من هو فارسك المفضل؟

أجابت لوسي بنبرة متحمسة: إنه الفارس الفرنسي جان بونيت. لقد كنت مهووسة بتتبع أخباره في الجرائد! ثم سألته باهتمام: ماذا عنك هاري؟

أجاب هاري بعد أن قوس شفتيه باستياء: إنني أفضل جايكوب غارسيا.


تفاجأت لوسي لسماع ذلك وقالت مازحة بمرح: حقاً؟ يبدو أن كل واحد منا معجب بمنافس الآخر!

عقد هاري يديه أمام صدره وقال بتفاخر: لكن غارسيا استطاع هزيمة بونيت شر هزيمة في مرات كثيرة. حتى أنه سحقه تماماً في آخر سباق جمعهما!


انزعجت لوسي من كلامه كثيراً بعد أن تحدث هكذا عن فارسها المفضل، فردت على كلامه بغرور: لو لم يقم غارسيا بدفع بونيت من حصانه، لتمكن من هزيمته بالتأكيد!

رد هاري ببرود: ذلك ليس صحيحاً. لقد كان بونيت هو من سقط من حصانه بنفسه، لكنه اتهم غارسيا بذلك حتى يغطي على هزيمته!

قامت لوسي من مكانها وقالت بانفعال: ذلك ليس صحيحاً! لقد قام غارسيا بدفعه بالفعل!

فقام هاري من مكانه هو أيضاً وقال باعتراض: كلا، إن بونيت يكذب!

ردت لوسي بعصبية: بل إنه فعل ذلك!


- لم يفعل

- بلى فعل!

- لم يفعل

- بلى فعل!


ظلا يتجادلان بعصبية، وقد بدت لوسي منفعلة جداً...فحاولت الجدة إيقافها دون فائدة، بينما ظلت ايمي تنظر نحوهما بقلق.


عقد هاري يديه أمام صدره وقال بانزعاج: لهذا السبب معجبي بونيت يثيرون أعصابي حقا! لما لا تعترفين أنه قد خسر السباق بالفعل؟!

فردت لوسي بحنق: لأنه لم يكن ليخسر لو لم يقم ذلك الحقير غارسيا بدفعه من على فرسه! بسبب ذلك تأذى بونيت كثيراً، حتى أنه توقف عن ركوب الخيل تماماً!

علق هاري ببرود: إنه اتهام باطل ولا أساس له من الصحة!


ضغطت لوسي على أسنانها محاولةً تمالك أعصابها بصعوبة بعد أن استفزها حقاً، لكنها ردت بغضب مكبوت: قلت لك أنه قد فعل ذلك حقا!

فقال هاري مستهزئاً بعد أن أغلق عينيه في غرور: وما دليلك على أن ذلك صحيح كما تدعين؟


عندها لم تستطع لوسي أن تتمالك نفسها أكثر. ضربت الطاولة براحتيها وصاحت بعصبية: لقد رأيت ذلك الوغد كيف يدفعه بنفسي!!


لكنها ما إن قالت هذا، حتى سكتت فجأة بينما بدت مصدومة تماماً...رفعت بصرها باتجاهه بخوف، لكن جسدها تخدر ما إن رأت تلك الابتسامة المنتصرة في عينيه.

كان ينظر إليها بسخرية وكأنما يقول لها بعينيه ( لقد وقعتِ في الفخ!)


قالت في نفسها بينما شفتاها ترتعشان بصدمة: اللعنة! ما الذي قلته للتو؟!!

ثم نظرت إليه مرة أخرى، لتخاطب نفسها بذهول: ذلك الثعلب، لقد كان يخطط لذلك منذ البداية! ما الذي فعلته؟! لقد علمت دائماً أنه وغد حقير، لذلك ما كان ينبغي أن أرخي دفاعاتي أمامه أبداً!


عند تلك اللحظة، هتفت الجدة بغضب بعد أن سئمت تماماً من جدالهما: هاري، لوسي! ذلك يكفي بالفعل!

ثم نظرت إلى هاري وقالت بعتاب: هاري! ليس من الجيد أن تجادل من هم أكبر منك سناً بهذه الطريقة!

ثم سكتت قليلا لتردف باستنكار: ثم منذ متى وأنت مهتم بسباق الخيول؟ إن هذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها شيئاً كهذا!!


كان صعباً جداً عليه أن يستمر بكتم ضحكته لوقت أطول، لذلك انفجر ضاحكاً بسخرية، ثم قال وهو ينظر إلى لوسي باستهزاء بينما يمسح دموعه: لقد كان ذلك ممتعاً حقاً! بدت الآنسة لوسي مستمتعة جداً وهي تتحدث عن الخيول، لذلك أردت أن ألهو معها قليلا، لكنني لم أتصور أنها ستنفعل هكذا!


ثم اقترب منها وقال هامساً بخبث: صحيح أنني كنت أذهب إلى سباق الخيول بالفعل، لكنني لم أكن مهتماً أبداً لا بغارسيا ولا ببونيت!

ثم أردف وهو يكتم ضحكته: بدلا من ذلك، كنت انظر إلى تلك السباقات على أنها مضيعة للوقت لا أكثر!


جلست لوسي على كرسيها بانهيار بعد أن شعرت بالهزيمة تماماً. قالت في نفسها بعدم تصديق: كيف سمحت له بأن يستفزني هكذا؟ ذلك غير معقول...لقد تمكّن مني تماماً! لقد بات الآن يعرف كل شيء!

عندها قامت الجدة من مكانها وقالت معاتبة هاري بغضب شديد: هاري هذه وقاحة! كيف يمكنك أن تفعل شيئاً فظيعاً كهذا للآنسة أليسون؟! فلتعتذر منها حالا!

نظر هاري إلى لوسي باستهزاء، ثم سار إليها ووقف خلفها ليهمس قرب أذنها ببطء، بينما اعتلت وجهه نظرة خبيثة: أنا آسف جداً...لوسي أليسون!


قال هذا ليسير مبتعداً عنها دون أن يقول أي شيء آخر. عندها قالت لها الجدة معتذرةً بشدة، وقد بدا واضحاً أنها لم تلاحظ أي شيء: أعتذر حقاً على وقاحته معك! صدقيني إنه ليس هكذا في الغالب، لكن لا أدري حقاً ما الذي حدث له! سوف أتأكد من جعله يعتذر لك بشكل صحيح!

أومأت لوسي بصمت دون أن ترد على كلامها، في حين كانت تنظر إلى الأرض بصدمة. لقد أوقع بها، وهذا ما لم تتصوره أبدا!


في ذلك الوقت، كانت ايمي تنظر إليها بألم دون أن تقول أي شيء...خفضت رأسها وقالت في نفسها بحزن: لماذا؟

ثم نظرت إليها مرة أخرى وقالت في نفسها بحزن أكبر: أنت لست سيئةً أبداً. أليس كذلك...لوسي؟





كان يسير في الحديقة متجهاً إلى مدخل القصر، في حين اعتلت وجهه نظرة حادة وغاضبة في ذات الوقت.

لكنه توقف مكانه فجأة ليضغط على أسنانه بغيظ شديد، وتلك الذكرى لم تشأ أن تبتعد عن ذهنه للحظة. قال هامساً بسخط: لم أتصور أنني سأستعمل ذكرياتي مع ذلك الوغد في شيء كهذا!



عادت به الذاكرة إلى هناك، حيث ذلك الحشد المكتظ، والجمهور الصاخب الذي طوق حلبة السباق بينما يهتفون في حماس شديد منتظرين بداية السباق الكبير المرتقب.

وبعيداً عن تلك الأجواء الصاخبة، في ذلك المبنى المرتفع والمطل على الحلبة والذي كان مخصصاً للشخصيات الهامة. كان واقفاً ينظر إلى أولئك الرجال أمامه بملابسهم الرسمية، ونظراتهم الخبيثة التي أخفوها خلف ابتسامات النفاق التي ظلوا يتبادلونها فيما بينهم.
يدركون جيداً أن لكل منهم نوايا خفية اتجاه الآخر، إلا أنهم رغم ذلك كانوا يتظاهرون بالانسجام معاً مما قززه حقاً وهو الذي لم يتجاوز الخامسة من عمره آنذاك.

اقترب منهم رجلان كانا يرتديان ملابس الفرسان، وقد سلم عليهم أولئك الرجال بحرارة.

فاقترب منه ذلك الرجل، ليضع كلتا يديه على كتفيه ويقول له بابتسامة مصطنعة: عزيزي هاري...فلتسلم عليهما. هذان هما جان بونيت، وجايكوب غارسيا. الفارسان اللذان سيتسابقان الليلة.

اقترب منه الفارسان ليسلما عليه بينما يحدثانه بطريقة لطيفة تلائم عمره الصغير في نظرهم. إلا أنه كان ينظر نحوهم ببرود دون أن يبدي أي تعبير، مما أربكهما حقاً لكنهما حاولا ألا يبديا ذلك.


بعد أن غادر الفارسين، وجلس أولئك الرجال كل في مكانه، اقترب منه ذلك الرجل ليجلس القرفصاء إلى جانبه ويداه ما تزالان على كتفيه. ثم قال هامساً بتلك النظرة الخبيثة التي كانت أكثر ما يكرهه على الإطلاق: هيي أخبرني هاري...من خلال مظهرهما. من تعتقد أنه سيفوز منهما؟ سوف أتراهن مع أولئك الخنازير الجالسين هناك، ولا أريد أن أخسر أبداً!


سكت هاري قليلا قبل أن يقول ببرود، وفي عينيه نظرة خاوية كما هو دائماً: لاحظت أن ذلك الرجل غارسيا يمتلك سكيناً في جيبه. وقد كان حذراً جداً وهو يحاول إخفاءه بينما ينظر إلى الرجل الآخر طوال الوقت.
لكنه تخلص منه عندما غادر، ووضعه في القمامة التي أخذها عامل النظافة للتو. على الأرجح استعمله في قطع سرج حصان الرجل الآخر. لذلك سوف يتعمد دفعه بطريقة غير ملحوظة خلال السباق.
في الحالة العادية عندما يدفعه بخفة، فلن يسقط من سرجه. لكن بما أن السرج مقطوع، فسوف يسقط على الفور. وبهذه الطريقة، فحتى انقطاع السرج سيبدو كحادث عرضي بسبب اندفاع الخيول.


فعلق ذلك الرجل بمكر متجاهلاً كل ما قاله: إذا...الفائز هو غارسيا هاه؟ إن بونيت أفضل منه بكثير، لذلك لا شك أن أولئك الحمقى سيراهنون جميعهم عليه! سوف أكسب الكثير من هذا!


ضغط على قبضته وقال هامساً في نفسه بغيظ: تباً! لماذا انتهى بي الأمر بتذكر ذلك الحقير مجددا؟!



# الساعة 7:20 مساءاً
نفس اليوم


كان قد أرخى رأسه على المقعد، بينما ذكريات ذلك اليوم تتراءى في ذهنه من جديد. ابتسم لا شعورياً وهو يتذكر كل لحظة قضياها معاً.
كيف لفتاة غريبة لا يعرف عنها شيئاً، أن تعبث بعقله هكذا؟ يكاد يراها في كل شيء يمر عليه.

لم يستطع أن يبعد عينيه عنها في كل مرة يلتقيان فيها، ولطالما كان يختلق المواضيع مهما كانت تافهة، فقط من أجل أن يقضي أكبر قدر من الوقت برفقتها..

هو لم يدرك ما الذي يعنيه هذا الشعور في البداية، لكنه أدركه تماماً وصار متيقناً منه الآن.


كلمات ذلك الرجل المبتسم في أعماق ذاكرته، ظلت تتردد في ذهنه آنذاك. كان قد سأله عن ما يعنيه الحب... فقد كان ذلك من أكثر المشاعر التي لم يستطع فهمها على الإطلاق.

لقد فهمه جيداً عندما علمه كيف يغضب، كيف يحزن، بل حتى كيف يفرح! لكنه لم يستطع أن يفهمه أبداً عندما حاول تعليمه كيف يحب.

ابتسم بحزن لتلك الذكرى التي أيقظت في نفسه مشاعر كثيرة حاول كبتها بصعوبة.


(سأله بحيرة، بعد أن أخذ يحاول بصعوبة أن يشرح لهما معنى الحب: هل ما أشعر به اتجاه هاري هو الحب؟

عندها قال هاري الواقف إلى جانبه ببرود وفي عينيه نظرة خاوية: ذلك ليس صحيحاً...لقد قرأت في كتاب ما، أنه شيء يكون بين رجل وامرأة!

فابتسم ذلك الرجل لكلامهما وقال بعد أن وضع يديه على رأسيهما بلطف: كارل، هاري، اسمعاني جيداً. إن للحب أشكال كثيرة، وأحدها هو ما تشعران به اتجاه بعضكما. الحب الذي بين الإخوة، الحب الذي بين العائلة، الحب الذي بين الأصدقاء، وكذلك الحب الذي يكون بين رجل وامرأة.
ستفهمان ذلك جيداً عندما تكبران، ويلتقي كل منكما بالفتاة التي سيقع في حبهما دون أن يدرك ذلك حتى.
عندما تحب فتاةً ما، فلن يكون بوسعك إبعاد عينيك عنها. سترغب بأن تحميها، وأن تعرف كل شيء عنها. سترفض أن يقترب منها رجل آخر غيرك، وستفكر بها طوال الوقت.

لن يهمك مظهرها أو مكانتها، بل إن كل ما ستنظر إليه هو روحها، وشخصيتها، وذاتها التي ستجذبك إليها وتوقعك في شباكها، دون أن تكون قادراً على إبعاد عينيك عنها للحظة. أنا واثق من أنكما ستجدان الفتاة التي ستجعلكما تشعران بهذه الطريقة يوماً ما!)


ابتسم بألم لوقع تلك الذكرى العزيزة جداً على قلبه...قال هامساً بغصة: لقد وجدتها.. هينري.

نظر إليه غرانتير الواقف إلى جواره وسأله باستغراب: ما الأمر سيدي؟ هل قلت شيئاً؟

حرك كارل رأسه نافياً وسأله بهدوء: غرانتير...هل أرسلت لهم المال للسنة القادمة؟

تعجب غرانتير من سؤاله المفاجئ، لكنه أجاب بهدوء: أجل سيدي...لقد أرسلت زوجته برقية تشكرك فيها.

سأله كارل بفتور: وكيف حال أطفالها؟

رد غرانتير قائلاً: الابن يدرس الاعدادية في مارسيليا، أما الابنة، فقد دخلت إلى المدرسة الثانوية العام الماضي. قالت أنهما لا يواجهان أي مشاكل في دراستهما على الإطلاق بفضل ما قدمته لهما سيدي.

ابتسم كارل برضا، ثم قال بهدوء: أخبرها أن تراسلك على الفور إذا ما احتاجت لأي شيء مهما كان.

فأجاب غرانتير بانصياع: أمرك سيدي.


عندها فتح هاري الباب فجأة دون أن يطرقه حتى، وسار باتجاه مكتب كارل حتى وقف أمامه ليقول ببرود: ما الأمر؟ لماذا طلبتني؟

نظر إليه كارل بانزعاج، ثم قال مستنكرا: من الآداب أن تطرق الباب قبل أن تدخل إلى أي مكان!

علق هاري بتذمر: لا تتصرف كجدتي فجأة!


لكنه سكت لما لاحظ وجود عدة أوراق متشابهة فوق المكتب. فأخذ إحداها وسأله بينما ينظر إليها بحيرة: ما هذه؟

تنهد كارل بضيق بعد أن يئس منه تماماً. لكنه رد على سؤاله بلامبالاة: إنها للوسي. لقد طلبت مني أن أساعدها في استبيان تقوم به من أجل بحثها الجامعي.

نظر هاري إلى الورقة مرة أخرى بتمعن. في البداية كانت هناك خانة للمعلومات الشخصية، تضم الاسم والعمر الوظيفة، ثم مجموعة من الأسئلة المتنوعة الخاصة بسوق العمل.


فقال في نفسه بتفكير: كما توقعت!


ثم نظر إلى كارل وقال بهدوء: كارل..هل يمكنني البقاء معك في اجتماعك القادم؟

استغرب كارل من طلبه وسأله بتعجب: لماذا؟


حرك هاري كتفيه بلامبالاة وقال بضجر: بلا سبب...أشعر بالفضول اتجاه الطريقة التي يسير بها العمل في شركاتك. سأعتبرها كما لو كانت رحلة ميدانية.

لم يبد كارل مقتنعاً بكلامه، لكنه رد بدون اهتمام: فلتفعل ما تشاء.


ابتسم هاري بانتصار وقال في نفسه بمكر: جيد! الآن يمكنني التأكد مما تخطط له تلك الأفعى!


يتبع...

******

_رأيكم في الفصل؟

_توقعاتكم للأحداث القادمة؟

_كارل قد أدرك مشاعره اتجاه لوسي، لكن هل يمكن لهذا الحب أن يتحقق؟

_ماذا عن لوسي؟ ما هي حقيقة مشاعرها اتجاهه؟

_ لدي تحدي لكم 😈 لقد وقعت لوسي في خطئين جعلا هاري يعرف عنها شيئين مهمين جدا...فما هما؟ وهل هاري فقط من لاحظ ذلك؟☺

_ من هو ذلك الرجل هينري في ذاكرة كارل، وما علاقته بكارل وهاري؟


كل هذا وأكثر..ستعرفونه في أحداث الفصول القادمة فانتظروني..


أحتاج لتفاعلكم حقاً من أجل مواصلة القصة ..أريد ان أقرأ تعليقاتكم ورأيكم بالقصة والأحداث فلا تخذلوني حتى استمر بالكتابة😢 بانتظار تعليقاتكم وأرجو أن الفصل قد نال إعجابكم❤

دمتم في أمان الله..

2018/09/04 · 823 مشاهدة · 6207 كلمة
NajwaSD
نادي الروايات - 2024