#فرنسا_قصر تشادولي الرئيسي_ الساعة 7:30 صباحاً
2005\12\19


كانت جالسة على تلك الأريكة المخملية أسفل نافذة غرفتها المفتوحة على مصراعيها. تتأمل جمال الحديقة المكسوة تماماً بالثلج الأبيض الناصع، في حين ظلت نسمات ذلك الصباح البارد تداعب خصلات شعرها القصير.
كانت ترتدي ملابس النوم وقد وضعت سترتها الصوفية على كتفيها بإهمال.

عقدت يديها على حافة النافذة، لتسند عليهما خدها في سكون.

عندها أطلقت تنهيدة خافتة متعبة، في محاولة للتنفيس عن كل الضيق والقلق الذي كانت تشعر به آنذاك. هي لم تستطع النوم في الواقع!


لقد مضت ثلاثة أشهر حتى الآن دون أن تكون قادرة على إنجاز أي شيء.

كانت قد وعدت راولي أنها ستنهي كل شيء بحلول الكريسماس، لكن يبدو أنها ستستغرق وقتاً أطول بكثير.


تمتمت بانزعاج: ما الذي كنت أفعله حتى الآن؟

عندها تذكرت هاري، فتنهدت من جديد بعمق أكبر لتقول بعد ذلك بضيق: ذلك الوغد أصبح يعرف الكثير بالفعل! علي فعل شيء ما قبل أن يقوم بكشفي!

ثم سكتت قليلا لتتساءل في نفسها بحزن: ترى، هل قام بإخباره؟


عندها سكتت فجأة، لتعض شفتها السفلى بغيظ. حشرت وجهها بين ذراعيها لتقول بألم: تباً! ذلك ليس جيداً أبداً لوسي...يجب ألا تنجرفي أكثر مع هذه المشاعر السخيفة!


في تلك اللحظة، قاطعها صوت رنين هاتفها منذراً بوصول رسالة ما. فأخرجت هاتفها لتفتح تلك الرسالة وتنظر إليها قليلا. وما هي إلا ثوانٍ حتى ارتسمت على وجهها ابتسامة خبيثة لتقول في نفسها: جيد، يمكنني استغلال هذا!!




في ذلك الوقت، كانت ايمي جالسة على حافة سريرها بينما تنظر إلى الأرض بحزن. عندها سمعت صوت طرق الباب، فقالت بخفوت: ادخل.

فتح هاري الباب ثم أغلقه وراءه، ليسير نحوها حتى وقف أمامها.

سألها بهدوء: ايمي، هل فعلتِ ما طلبته منك؟

تنهدت ايمي بضيق قبل أن ترد بحزن: أجل...

ثم قامت من مكانها لتحضر ورقة ما من درج مكتبها.


سارت نحوه بتثاقل ومدتها إليه، لكنها تراجعت عن ذلك في اللحظة الأخيرة وسحبت الورقة إلى حضنها قبل أن يأخذها منها. لتقول بينما تنظر إليه برجاء: هاري! أرجوك أن تتوقف عن هذا! إنني أحب لوسي كثيراً! إنها لطيفة جداً، لا أصدق أبداً أنها قد تقوم بإيذائنا أبداً.


تنهد هاري بضيق ووضع يده الممدودة في الهواء بجيبه ليقول بهدوء: ايمي...أعرف جيداً أنك متعلقة جداً بتلك الفتاة. لكن صدقيني، إن فعل ذلك ضروري جداً. أنت أيضاً قد لاحظت ذلك صحيح؟ تلك الفتاة كانت تكذب علينا طوال الوقت! لا يمكنني السكوت عن ذلك أبداً. يجب أن أفعل هذا لحمايتكِ أنت وكارل!

عندها هتفت ايمي بانفعال: إن لوسي ليست فتاةً سيئة أبداً! أرجوك أن تصدقني هاري!

ثم خفضت رأسها وقالت بينما تضغط على قبضتيها بألم: أعلم أنها كذبت علينا في أشياء كثيرة. لكنني واثقة من أنها فعلت ذلك لسبب ما! لابد أن هناك سوء فهم بيننا!


وضع هاري يده على كتفها وقال بابتسامة هادئة: ايمي...أنا لن أقوم بإيذائها أبداً. يجب علي أن أكتشف ما تنوي فعله، عندها سيكون بإمكاننا أن نعرف ما إذا كان هناك سوء فهم ما حقاً. إذا ما اتضح أنها فتاة جيدة كما تعتقدين، فسوف أتركها وشأنها...أعدك بهذا!

أومأت ايمي رأسها بضيق ثم مدت له تلك الورقة مرة أخرى وقالت باستياء: عليك أن لا تؤذيها أبداً...مفهوم؟


ابتسم هاري وقال وهو يأخذ منها تلك الورقة: أجل، أعدك!



غادر هاري الغرفة وأخذ يسير في الممر باتجاه غرفة الطعام. عندها ابتسم بخبث فجأة ليقول في نفسه بمكر بينما ينظر إلى تلك الورقة: كما توقعت تماماً!


في تلك اللحظة، رأى جدته التي كانت تسير هي الأخرى في الممر متجهةً إلى غرفة الطعام. عندها أسرع إليها حتى أصبح يسير بمحاذاتها ليقول بهدوء: صباح الخير جدتي.

لكن الجدة سمانثا لم ترد عليه، في حين اعتلت وجهها ملامح مغتاظة. فأدرك هاري على الفور أنها ما تزال غاضبة منه بسبب ما فعله للوسي في الأمس!

نظر إليها قليلا وسألها بتردد: ها أنت غاضبة مني بسبب ما حدث في الأمس؟


عندها ردت الجدة بغضب: بالطبع أنا غاضبة من ذلك! لقد كنت وقحاً جداً مع الآنسة أليسون رغم أنها كانت تحاول الانسجام معك وقتها!


خفض هاري رأسه بضيق دون أن يرد على كلامها. هو بالتأكيد تصرف خاطئ في نظر جدته بما أنها لا تعرف ما يعرفه هو عنها! لكنه لا يستطيع إخبارها بالحقيقة الآن. ليس قبل أن يوقعها في فخه تماماً!!

إلا أنه رغم هذا لا يريد أن تظل غاضبة منه هكذا. هي بالذات لا يحتمل أن يراها مستاءةً منه لأي سبب كان!


فنظر إليها، ليقول في نفسه بحزن: أنا آسف على ذلك جدتي، لكن يبدو أنه يجب علي أن أستعمل نقطة ضعفك!

قوس شفتيه بحزن وقال بنبرة خاوية: أنا آسف جدتي... إنني لا أعرف كيف يفترض للانسان أن يتعامل مع الآخرين..


ما إن سمعت كلامه، وأحست تلك النبرة الأليمة في صوته، حتى أسرعت نحوه لتضمه إليها بقوة. قالت بألم بينما أخذت دموعها تنساب على خدها بغزارة: أوه يا إلهي! ليس عليك ان تعتذر يا صغيري...إنه ليس خطؤك! ليس خطؤك أنك اصبحت هكذا أبداً! كل ذلك بسببي.! لو أنني قمت بإيقافهم...لو أنني أخذتكم منذ ذلك الوقت...لو أنني عاتبت تلك الغبية بإصرار أكبر... لو أنني...

عندها قاطعها هاري قائلا بهدوء: لا بأس جدتي..لا تذكري ذلك مجددا أرجوك، لقد انتهى كل شيء الآن.

مسحت الجدة دموعها وقالت بحزن: أجل..لقد انتهى كل شيء!


ثم سكتت قليلاً وأردفت بهدوء: لا تجعل ما حدث يشغل بالك. سأتحدث مع الآنسة أليسون، وأعتذر إليها بالنيابة عنك.


أومأ هاري بصمت، في حين سارت الجدة مبتعدة عنه...

نظر إلى ظهرها الحاني وهي تسير بعيداً بهدوء. فقال في نفسه بضيق: أنا آسف حقاً على ذلك جدتي....ما حدث ليس خطؤك أبداً!



#الساعة 4:30 مساءاً
نفس اليوم



كان كارل جالساً على تلك الأريكة الجلدية يرتب بعض الأوراق على الطاولة أمامه، بينما جلس هاري على الكرسي الجلدي إلى جانبه، في حين كان يقرأ كتاباً ما ببرود كعادته.

نظر إليه كارل بطرف عينيه وقال بانزعاج: ظننت أنك كنت تهذي عندما طلبت مني ذلك بالأمس، هل حقاً تريد حضور الاجتماع إلى هذه الدرجة؟

نظر إليه هاري وقال بتهكم: ولما لا يمكنني ذلك؟ لن أقوم بإزعاجكم أبداً.


تنهد هاري بضيق وقال: هاري، إننا نعمل بجدية هنا. سوف يظنون أنني أسخر منهم إذا ما أحضرت قاصراً معي!

رد عليه هاري ببرود بينما ينظر إلى كتابه مجدداً: أخبرهم أنك تريد تعليمي كيفية العمل في وقت مبكر حتى أقوم بمساعدتك في إدارة شركاتك في المستقبل.

وسكت قليلا ليردف بنبرة ساخرة: لا تنس أنني الوريث الثاني لأسرة تشادولي، يفترض أن أكون منافسك الطبيعي كما تعلم!

عندها كارل بضيق: لا تقل ذلك حتى من باب المزاح! لا أريد أن أتذكر ذلك البغيض أبداً!


نظر إليه هاري بصمت دون أن يقول أي شيء، بينما ساد المكتب جو كئيب خانق أشعرهما بالضيق حقاً.

في تلك اللحظة، طُرق الباب فجأة لتتبدل ملامح كارل إلى ابتسامة خاوية لما قال متصنعاً الهدوء: تفضل.


دخل أولئك الرجال الأربعة برفقة غرانتير، ليقف كارل ويسلم عليهم جميعهم، في حين ظل هاري جالساً ينظر نحوهم ببرود.

نظر إليه أحد أولئك الرجال ليقول مبتسماً بنفاق: أوه من لدينا هنا؟ هل يعقل أنك الأخ الأصغر للرئيس؟!

ابتسم هاري ليقول بتصنع: مرحباً سيد هافوك، يسرني جداً لقاؤك.

نظر إليه هافوك بدهشة وقال بتعجب: كيف عرفتني؟ إنها المرة الأولى التي نلتقي فيها!


قال هاري بهدوء: لقد ذكر أخي اسمك من قبل، وأنك رئيس قسم المالية في المجموعة.
ثم أشار إلى كم قميصه وقال: هناك آثار للحبر الخاص بالختم على كم قميصك، والشخص الوحيد الذي يتعامل مع الأختام، هو رئيس القسم. لذلك خمنت أنك أنت هو السيد هافوك.

نظر إليه هافوك بدهشة لبعض الوقت، ثم قال بانبهار: كما هو متوقع من الأخ الأصغر للرئيس! أنت ذكي جداً!


ابتسم هاري وقال متصنعاً البراءة: ذلك ليس صحيحاً سيد هافوك، ما يزال أمامي الكثير حتى أصبح مثل أخي. إنني أتعلم منه الآن.

ثم سكت قليلا وقال برجاء طفولي: هل تسمح لي بحضور اجتماعكم؟ أريد أن أتعلم المزيد عن عمل أخي!


ما إن قال هذا، حتى رد هافوك هاتفاً بينما ينظر إليه بإعجاب: بالطبع يمكنك ذلك! سوف يكون ذلك عظيماً حقاً أن يتواجد معنا الأخ الأصغر للرئيس!

ابتسم هاري وقال متظاهراً السعادة: شكراً لك!


عندها نظر إليه كارل بطرف عينيه وقال في نفسه بتهكم: ذلك الثعلب الوغد! لقد جعلهم يصدقونه على الفور بعد أن أظهر لهم هذا الوجه البريء!

لكنه نظر إلى أولئك الرجال وقال وهو يشير إلى تلك الأرائك الجلدية: تفضلوا بالجلوس. دعونا نبدأ اجتماعنا الآن.



استغرق اجتماعهم ذاك حوالي ثلاث ساعات. وبعد أن انتهوا، كان أولئك الرجال يقومون بجمع أوراقهم، عندما قال لهم كارل بلباقة: المعذرة، قبل أن تغادروا، هناك صديقة لي تقوم بعمل استبيان ما. كما أنها تريد أن تطرح عليكم بعض الأسئلة. هل لا بأس لديكم في ذلك؟

أجاب هافوك على الفور: أوه بالطبع سيدي الرئيس، لا مشكلة لدينا في ذلك أبداً!

عندها نظر كارل إلى غرانتير وقال له بهدوء: غرانتير. أرجو أن تستدعي الآنسة أليسون.

عندها ابتسم هاري بخبث، وقال في نفسه بينما يعقد يديه أمام صدره: لنرى ما لديكِ الآن!


بعد دقائق قليلة، أقبلت لوسي برفقة السيد غرانتير وقد كانت تحمل في يدها بعض الأوراق وأقلام الحبر.
نظرت إلى أولئك الرجال وقالت بابتسامة ودودة: مرحباً، أنا لوسي أليسون. أعمل هنا كمدرسة خصوصية بدوام كامل.

سلم عليها أولئك الرجال بترحيب، عندها لمحت هاري جالساً على تلك الأريكة بينما ينظر إليها ببرود.

ضغطت على أسنانها وقالت في نفسها بانزعاج: تباً، ما الذي يفعله هذا الوغد هنا؟!


لكنها تمالكت نفسها وفكرت بهدوء: اهدئي لوسي، عليكِ أن تؤدي عملك بغض النظر عن أي شيء آخر! ثم إنه من الصعب جداً حتى على شخص مثله أن يعرف ما أنوي فعله!


قدمت لهم أقلام حبر، وأعطت لكل منهم ورقة خاصة به لتقول بابتسامة هادئة: أرجو منكم أن تجيبوا على الأسئلة في الورقة.

نظر هافوك إلى تلك الورقة قليلا، ولما كان على وشك استعمال قلم الحبر، لاحظ أن القلم كان مغلفاً ومن الواضح أنه جديد. لذلك نزع قفازه الجلدي الذي كان قد ارتداه قبل قليل لما كان على وشك المغادرة. ليزيل غلاف النايلون على قلم الحبر، ويبدأ في الإجابة على تلك الأسئلة.


في تلك اللحظة كان هاري ينظر إليهم باستمتاع، بينما اعتلت وجهه ابتسامة غريبة، ليقول في نفسه بمكر: كما اعتقدت تماماً!

لكنه نظر إليها بحدة وقال في نفسه بتفكير: لكن الأمر الوحيد الذي لم أستطع فهمه هو لماذا؟ لماذا تسعى تلك المرأة للحصول على شيء كهذا؟!



بعد أن غادر الرجال المكتب وقد رافقهم كارل إلى الباب، نظرت لوسي بحذر إلى هاري الذي ظل جالساً في مكانه.

اقتربت منه وقالت مدعية الابتسام في توتر ملحوظ: لم أكن أتصور أنك مهتم بمثل هذه الاجتماعات...

نظر إليها هاري قليلاً ثم رد ببرود: أظن أنه لا بأس من حضور أشياء كهذه أحياناً.

ثم ابتسم بخبث وقال بمكر مبطن، في حين بدا واضحاً أنه يقصدها بكلامه: أسهل طريقة للإمساك بالحشرات المحيطة بأخي، هي مراقبتهم بشكل مباشر. ألا تتفقين معي في هذا؟


ضغطت لوسي على أسنانها بغيظ، لكنها عقدت يديها أمام صدرها وقالت متصنعةً الجمود: أوه حقا؟ وهل الإمساك بتلك الحشرات هي وظيفتك؟

فرد هاري بنبرة ساخرة: لا...لكنني أفعل هذا أحيانا من باب التسلية.


قبضت لوسي يديها بغضب، وقالت في نفسها بغيظ شديد: أتقصد أن عرقلة خطتي التي انتظرت تنفيذها لسنوات طويلة، هي محض تسلية بالنسبة لك؟!


لكنها زفرت بضيق، ثم قالت ببرود بعد أن أدارت ظهرها مبتعدةً عنه إلى خارج المكتب: أنت طفل وقح حقاً. من الأفضل أن تراجع تصرفاتك مرة أخرى، فمراقبة الناس وإزعاجهم، ليس شيئاً تقوم به من أجل التسلية!

فعلق هاري بنبرة حادة: إذا...هل عض اليد التي مُدت لك، هي شيء لا بأس به؟


توقفت لوسي مكانها واستدارت نحوه لتلتقي عيناهما في لحظة صمت طويلة كانت تحكي الكثير بينهما. اعتلت هاري نظرة غاضبة، بينما أبدت لوسي ملامح جامدة غامضة لم يستطع هاري فهمها.
لكنها سرعان ما استدارت مرة أخرى لتغادر الغرفة دون أن تقول أي شيء.


ضغط هاري على أسنانه وقال بحنق: لن أسمح لك بفعل ما يحلو لك أبداً!



#فرنسا_ باريس_ الساعة 8:30 مساءاً
2005\12\19



كانت جالسة أمام ذلك البار، بينما تحرك كأسها الممتلئ في قعره بشرود. عندها جلس شخص ما إلى جانبها فجأة، ليخاطب الساقي قائلا بصوت مرتفع قليلا كان كفيلا بأن يوقظها من شرودها: كأس بوربون من فضلك.

نظرت إليه بطرف عينيها لتقول ببرود ساخر: بوربون؟ ألم تقل من قبل أنك لا تحبه؟

نظر إلى كأسها وقال بنبرة ساخرة هو الآخر: كيف يمكنني أن أشرب شيئاً مختلفاً عنك؟ لا يمكنني فعل ذلك أبداً شيـ


لكنها منعته من أن يذكر اسمها بأن وضعت سبابتها على شفتيه، وقالت هامسةً بمكر: هل جهزت ما اتفقنا عليه؟

نظر إليها قليلا ثم ابتسم بمكر وقال ساخراً: أنت حقيرة كعادتك، أتعلمين؟

لم ترد على تعليقه الساخر ذاك. بينما قام هو بإخراج ملف مغلق من حقيبته الجلدية السوداء، ليضعه أمامها ويقول ببرود: لقد تفقدت البيانات جيداً. سوف تبدأ بعد نهاية عطلة الشتاء.


نظرت إلى الملف قليلا، لتفتحه وتخرج تلك الورقة التي بدت كمستندات هوية تحمل صورتها الشخصية. ضحكت وهي تنظر إلى محتويات الورقة لتقول بنبرة ساخرة: ما هذا؟ ألم تجد وظيفة أفضل؟!

نظر إليها الرجل بامتعاض وقال: إنها الطريقة الوحيدة للوصول إلى هدفنا بسهولة!


تغيرت ملامحها الساخرة إلى ملامح جادة، لتقول بينما أخذت رشفة من كأسها: ماذا عن عملاء ال (CIM)؟ هل عرفتم من يكونون؟

نظر إليها بحدة وقال: إنها مهمتك أن تتعرفي عليهم!

زفرت المرأة بضيق، وقالت بعد أن أخرجت سيجارة من حقيبتها، وقامت بإشعالها لتقول بعد أن نفثت دخانها ببرود: سيكون الأمر مزعجاً إذا ما اعترضوا طريقي!


ابتسم الرجل بخبث وقال: لا تقلقي. إنهم لا يعرفون العلاقة التي تربطهما بعد! لقد جعلناهم ينشغلون بأمر آخر مختلف كلياً، حتى يتسنى لنا الحصول عليها بسهولة!


نظرت المرأة إلى تلك الورقة قليلا ثم تمتمت قائلة بشرود: في منزل أسرة تشادولي هاه؟ ثم ابتسمت بسخرية، وقالت وفي عينيها نظرة خاوية: يال سخرية القدر!

نظر إليها الرجل باستغراب وسألها قائلاً: هل قلتِ شيئاً؟

حركت المرأة رأسها نافية وقالت بهدوء: لا...لا شيء مهم.



#منزل أسرة تشادولي-الساعة 11:30 مساءاً
2005\12\19



مدد يديه بتكاسل بعد أن شعر بالإرهاق تماماً، وقد ظل يتثاءب في تعب شديد.

عندها قال له غرانتير الواقف إلى جانبه: هذا يكفي سيدي الشاب، يجب أن ترتاح الآن.

نظر كارل إلى كومة الأوراق التي ما يزال عليه إنهاؤها، وقال باعتراض: لا...لا يمكنني النوم الآن. ما يزال لدي الكثير من العمل.

فقال غرانتير بقلق: لكن سيدي. لقد ظللت تضغط على نفسك كثيراً طوال هذه الفترة! لن يتحمل جسدك على هذه الحالة!

أجاب كارل بهدوء: لا يمكنني أن أرتاح الآن غرانتير. يجب أن أنتهي من رصد ميزانية هذه السنة، وكذلك ميزانية السنة القادمة. بالإضافة إلى التحقق من البيانات الخاصة بالمشاريع والأرباح وغيرها الكثير والكثير من الأعمال التي يجب أن تتم قبل بداية السنة الجديدة!


تنهد غرانتير بضيق، وهو يدرك تماماً أنه لن يستطيع إقناعه مهما حاول ذلك. عندها فُتح الباب فجأة، ليسير هاري باتجاه مكتب كارل حتى وقف أمامه وفي عينيه نظرة جادة.

نظر إليه كارل قليلا ثم علق باستياء: كم مرةً علي إخبارك أن تطرق الباب أولا قبل أن تدخل؟!


لم يكترث هاري بكلامه وقال بانزعاج: ذلك ليس مهماً الآن!

ثم نظر إلى غرانتير وقال بحدة: غرانتير.. أرجو أن تتركنا وحدنا لبعض الوقت!

شعر غرانتير بالقلق نوعاً ما، لكنه انحنى قائلاً باحترام: كما تريد سيدي الصغير.


بعد أن غادر غرانتير الغرفة مغلقاً الباب وراءه، قال كارل ببرود بينما يقلب الأوراق التي أمامه: أرجو أن يكون الأمر مهما حقاً إلى الحد الذي جعلك تدخل المكتب دون أن تطرق الباب، وتطرد مساعدي بهذه الطريقة الوقحة!


استهل هاري حديثه قائلاً بدون أي مقدمات: لقد واصلت مراقبتها طوال الأشهر الثلاث الماضية. صحيح أنها ظلت تتصرف بحذر شديد، لكنني استطعت اكتشاف الكثير عنها!

ظننت في البداية أنها تخطط للسرقة فحسب، وقد أجريت لها العديد من الاختبارات التي أكدت لي أنه ليس هذا ما تهدف إليه...ثم سكت قليلا وأردف ببرود: وبالمناسبة، لقد اكتشفت وجود ثلاث خادمات كن يسرقن منا طوال الوقت دون أن نلاحظ!

لكنه تابع حديثه قائلا بجدية: إن لدي خطة ستوقعها بالتأكيد، لكنني أحتاج إلى مساعدتك أولا حتى نتمكن من الإمساك بتلك الأفعى!


عندها قال كارل محاولاً استيعاب ما قاله: انتظر لحظة! عمن تتكلم بالضبط؟ لم أفهم شيئاً مما قلته!

رد هاري بانزعاج: أليس ذلك واضحاً؟ إنني أتحدث عن لوسي أليسون أيها الغبي!


تنهد كارل بضيق وقال بنفاذ صبر: هاري! ليس لدي الوقت لأستمع إلى كلامك الفارغ هذا. أعلم أنك لا تطيق لوسي، لكن ذلك لا يعني أنه يمكنك الافتراء عليها هكذا!

نظر إليه هاري بضيق ثم كرر كلامه بحدة: الافتراء عليها؟ هيي كارل، استمع إلي أولا قبل أن تقول أنني أفتري على تلك المرأة!


كتف كارل يديه وأسند ظهره على ظهر كرسيه، ليقول ببرود: إذا...ما الشيء العظيم الذي اكتشفته حتى تقول كلاماَ كهذا؟!

ضغط هاري على أسنانه بانزعاج، لكنه رد بعد أن أسند كلتا يديه على مكتب كارل لينظر إليها بجدية قائلاً: أولاً بشأن جنسيتها...تلك الفتاة ليست بريطانية كما تدعي!

رفع كارل حاجبه باستنكار وقال: وما الذي جعلك تعتقد هذا؟!


رد هاري بهدوء: لقد كانت تتحدث مع جدتي حول رحلتها الفظيعة إلى جنوب أفريقيا، والتي بدت فيها أنها تمتلك أسوء حظ في العالم. بدايةً كان ذلك بمشاكل حدثت مع تأشيرة الدخول الخاصة بها، والكثير من الأمور السخيفة الأخرى...

فعلق كارل على كلامه ببرود: إذا؟

ابتسم هاري بمكر وقال: كارل...لقد سافرت مع ديفيد وروي إلى جنوب أفريقيا للسياحة من قبل صحيح؟ ديفيد وروي بريطانيان. لكنهما لم يحتاجا إلى تأشيرة دخول من أجل السفر...أتعلم لماذا؟ لأن الجواز البريطاني يسمح لحامله بالدخول إلى جنوب أفريقيا بدون تأشيرة !

تفاجأ كارل لما سمع كلامه، لكنه قال ببرود: ربما تكون فهمت الأمر بشكل خاطئ. لا أظن أنها كانت تتحدث عن التأشيرة بالطريقة التي سمعتها!


ضغط هاري على أسنانه بغيظ وقال بسخرية: آه حسناً! لنقل أنني كنت ثملا أو مجنوناً لذلك لم أفهم ما قالته بشكل جيد. إذا هناك أمر آخر، لا أظن أبداً أنك ستعارضني عليه هو أيضاً.

استغرب كارل من كلامه وسأله بحيرة: أمر آخر؟

سأله هاري بهدوء: هل تذكر حادثة وقوع الفارس جان بونيت من حصانه، عندما كان ذلك الرجل يأخذني معه إلى سباقات الخيول؟


فقال كارل ببرود: بالطبع أذكر تلك الحادثة! لقد كنتَ أفضل مني في التنبؤ بالأشياء، لذلك كان يأخذك معه دائماً عندما يقوم بالمراهنة على تلك السباقات التافهة. لقد تنبأت بتلك الحادثة التي خلفت وراءها ضجة كبيرة، بعد أن أصيب ذلك الفارس بإعاقة منعته من ركوب الخيل من جديد!

فتابع هاري حديثه قائلا بجمود: في ذلك الوقت، علمت أن الفارس الآخر غارسيا قد قام بقطع سرج حصان بونيت، وقد أخبرته عن ذلك. لكنني تعمدت أن أخطئ في شيء واحد، وهو كون الشرطة ستعتقد أن انقطاع السرج نتيجة لحادثة عرضية، بينما الحقيقة أنهم إذا ما حققوا جيداً، فسيعلمون أن القطع كان نتيجة لاستعمال أداة حادة!
وبطبيعة الحال، ستوجه أصابع الاتهام إلى غارسيا كونه المستفيد الأول من ذلك الحادث. وربما يجدون دليلا ضده بطريقة أو بأخرى كأن يعثروا على السكين أو ما شابه.

ثم ضغط على أسنانه وقال بغيظ: لم أرد لذلك الوغد أن يحصل على ما يريده، لكنه أدرك أنني كنت أكذب عليه في هذا. وقد قام برشوة الشرطة حتى يتغاضوا عن حقيقة أن غارسيا من فعل ذلك، وأن ما حدث هو حادث عرضي. وكل ذلك من أجل أن يكسب الرهان فحسب!


تنهد كارل بضيق وعلق بغيظ: ذلك ليس مستغرباً من رجل حقير مثله! ثم سكت قليلا وأردف ببرود: ثم ماذا؟ ما علاقة تلك الحادثة بلوسي؟!

أجاب هاري بهدوء: لقد ظلت الجرائد تتحدث عن تلك الحادثة لأكثر من أسبوع. بعضهم اتهم غارسيا بدفعه، وبعضهم أثار الشكوك حول حقيقة انقطاع السرج. لكن أحداً لم يكن متأكداً مما حدث بالضبط.
تلك المرأة من المعجبين المتعصبين لبونيت على ما يبدو. وعندما تحدثنا عن تلك الحادثة، أصرت على أن غارسيا هو من قام بدفع بونيت رغم أنه لم يستطع أي شخص تأكيد ما حدث. وخصوصاً في المقالات التي نشرت في الجرائد الأجنبية. وعندما قمت باستفزازها قليلا، وإنكار ادعائها. أتدري ما الذي قالته؟

سأله كارل بحذر: ماذا؟

ابتسم هاري بخبث وكرر كلامها قائلا ببطء: لقد رأيته بنفسي عندما قام بدفعه!


اتسعت عينا كارل ما إن قال هذا وهتف بذهول: مستحيل! ذلك غير ممكن أبداً!


فقال هاري ببرود: بل ممكن جداً! لقد وقعت تلك الحادثة قبل أحد عشر عاماً أي في عام 1994. لم يتم تصوير السباق في ذلك الوقت بحسب ما أذكر. وحتى وإن تم تصويره، الكاميرات وقتها لم تكن بالدقة التي ستسمح للمشاهد برؤية شيء لم تستطع حتى الشرطة تأكيده. إذاً فهناك احتمال واحد فحسب.. تلك المرأة كانت موجودة في فرنسا في ذلك الوقت، وهذه ليست مرتها الأولى في فرنسا كما كانت تدعي!

ضغط كارل على أسنانه بغيظ، وقال مكذباً كلامه بيأس: ذلك لا يمكن أن يكون صحيحاً أبداً!

ثم أردف بانزعاج: وعلى كل حال. لنقل أنها كانت تكذب! إننا غرباء عنها، ومن الطبيعي أن تكون حذرة جداً معنا. لذلك ليس من الضروري أن تعطي لنا معلوماتها الشخصية بدقة!


رد هاري بنفاذ صبر: إن لديها جواز سفر بريطاني، كما أنها تعمدت أن تؤكد لنا حقيقة أنها بريطانية، وأنها تعيش في بريطانيا في مرات كثيرة من دون داعِ!

فعلق كارل بغيظ: إذا، فذلك يعني أنها بريطانية حقاً كما قالت!!

عندها ضرب هاري المكتب براحتيه وصاح قائلا بغضب: بل هذا يعني أن عليك الحذر منها أكثر أيها الأحمق! إنها ليست بريطانية بالتأكيد، لكنها كانت قادرة على استخراج جواز سفر بريطاني مزور على الأرجح، مما يدل أنها تتبع منظمة خطيرة جداً!!


تنهد كارل بضيق وقال محاولاً تمالك نفسه: هاري...لا يمكنني اتهامها هكذا لمجرد افتراضات لا تعني بالضرورة أن لها نوايا سيئة اتجاهنا!

عندها وضع هاري ورقة ما أمامه وقال ببرود: ربما سيكون تفكيرك مختلفاً إذا ما رأيت هذا!


نظر كارل إلى تلك الورقة باستغراب وقال بحيرة، بينما يشير إلى تلك الأرقام الكثيرة المكتوبة فيها والتي لم يستطع فهمها في الوهلة الأولى: ما هذه؟

أجاب هاري بهدوء: إنه سجل المكالمات الخاص بتلك المرأة. لقد طلبت من ايمي التحقق منه وكتابته لي بالتفصيل...

نظر إليه كارل بدهشة وقال: طلبت من ايمي ذلك؟! كيف هذا؟!


رد هاري ببرود: إن لوسي تثق بايمي كثيراً، لذلك أخبرتها أن تتفقد سجل مكالماتها ورصيد هاتفها بشكل دوري. الأمر سهل جداً أن تطلب منها هاتفها.

نظر كارل إلى ذلك السجل مرة أخرى، وقد كانت بيانات كل مكالمة مسجلة بالتفصيل. فقال باستنكار: حتى لو قلت أن ايمي من فعلت ذلك...إذا ما كانت لوسي تخطط لأمر ما كما تقول، فهي لن تكون غبية حتى تعطي هاتفها لايمي مدة طويلة تسمح لها بتسجيل كل هذا!

ابتسم هاري بخبث وقال: ذلك لأنها لا تعرف شيئاً مهماً عن ايمي...بالنسبة لتلك الطفلة، نظرة واحدة فقط كافية حتى تقوم بحفظ كل تلك الأرقام!

صدم كارل كثيراً لسماع ذلك، وهتف مكذباً: مستحيل!

فقال هاري بهدوء: أعلم أن ذلك قد يبدو جنونياً جداً...حتى أنا لم أصدق ذلك في البداية، لكن تلك الطفلة تمتلك ذاكرة تصويرية أفضل مني بكثير!


ما إن قال هذا، حتى تذكر كارل لقاؤه الأول مع ايمي عندما كانت ترسم على الشاطئ... لقد علم فيما بعد، أن تلك اللوحة التي رسمتها ايمي كانت تخص فناناً مشهوراً. لكن ايمي رغم ذلك كانت تقوم برسمها بإتقان، دون النظر إلى أي مرجع على الإطلاق!

فنظر إلى السجل مرة أخرى، بينما يضغط على شفاهه السفلى بغيظ. لكنه قال متصنعاً الهدوء: حسناً...وما الأمر الغريب في سجل مكالماتها؟


رد هاري بهدوء: لقد أبدت لنا تلك الفتاة أنها ما إن فقدت حقيبتها، قد انقطعت بها السبل تماماً. لكنها كانت ما تزال تملك هاتفها! حتى لو غيرت الشريحة، فستظل أرقام هواتف أقاربها محفوظة في سجل الهاتف إذا ما اعتبرنا أنها كانت تخزن الأرقام في الشريحة. لذلك من الغريب أنها لم تتصل بوالديها طوال هذا الوقت!

فعلق كارل بضيق: لقد سألتها عن ذلك من قبل بالفعل! لقد كانت في بلجيكا قبل أن تأتي إلى فرنسا، وقد فقدت هاتفها هناك. لذلك اشترت هاتفاً جديداً. وفي كل الأحوال، لقد مات والداها عندما كانت طفلة صغيرة. هي حتى لا تتذكر عنهما أي شيء!

ما إن قال هذا، حتى ابتسم هاري بسخرية وقال: إذا أضف إلى قائمة كذباتها كذبة جديدة!
هل تذكر زهرة الجلاديولس التي كانت جدتي تحاول زراعتها منذ مدة؟

رد كارل بتردد: أجل..


فأجاب هاري ببرود: لقد استطاعت تلك الفتاة التعرف على الزهرة ما إن رأتها، وقد أبدت معرفة واسعة بكيفية زراعتها. وذكرت أن والدها كان يعمل كمهندس زراعي، وهو من قام بتعليمها. ألا تجد الامر غير منطقي أبداً؟ كيف يمكن لشخص لا يملك أي ذكريات عن والده، أن يتذكر شيئاً بهذا التعقيد قد قام بتعليمه له قبل ان يموت؟!


ثم سكت قليلا وتابع حديثه بجدية: على كل حال. لنعد إلى موضوعنا الاصلي! لقد سألتني ما الغريب في سجل مكالماتها صحيح؟ بالنظر إلى أرقام الهواتف التي اتصلت بها، فهي جميعها أرقام فرنسية. مما يعني أنها لم تستعمل الهاتف إلا بعد وصولها إلى فرنسا. ولنقل أنها اشترت هاتفاً جديداً كما قالت مما يفسر عدم وجود ارقام أخرى في سجل الهاتف.
لقد كان مجموع مدة المكالمات الصادرة طوال الأشهر الثلاث الماضية، حوالي 207 دقيقة بالضبط. 112 دقيقة، كانت من أرقام هواتف من نفس نوع الشريحة التي تستخدمها. و95 دقيقة هي مكالمات مع أرقام من شرائح أخرى.
تبلغ سعر المكالمة مع الارقام من نفس نوع تلك الشريحة حوالي 0.07 يورو من الرصيد في الدقيقة الواحدة، في حين تبلغ سعر المكالمة حوالي 0.1 يورو للمكالمات مع الشرائح المختلفة. إذا فسعر التكلفة هي بعملية حسابية بسيطة..
112 دقيقة مضروبة في 0.07 تساوي 7.84 يورو من الرصيد. و95 دقيقة مضروبة في 0.1 يورو تساوي 9.5 يورو.
أي أن الرصيد الذي استهلكته طوال الاشهر الثلاث الماضية، يجب أن يساوي بالضبط 17.34 يورو من الرصيد. وكله من المكالمات فحسب، فهي لم ترسل أي رسالة.

لكن الغريب في الأمر، أنها استهلكت في الشهر الاول حوالي 3.98 يورو، وفي الشهر الثاني 7.06 يورو، وفي الشهر الثالث حوالي 9.9 يورو. أي بمجموع عام 20.94 يورو. وهو زائد عن السعر المفترض مقارنة بعدد الدقائق الموجودة في سجل المكالمات، بحوالي 3.6 يورو توزعت على الأشهر الثلاث، بما يقرب عن 1.2 يورو في كل شهر..أي بمتوسط 15 دقيقة مختفية من سجل المكالمات كل شهر!



تنهد كارل بضيق وسكت قليلاً محاولاً تحليل كلامه في عقله، لكنه سأله بنفاذ صبر بعدما لم يستطع فهم مقصده تماماً: لم أفهم بعد ما الذي تحاول الوصول إليه من كل هذا؟!

ضغط هاري على أسنانه وقال بنفاذ صبر: أي أن تلك الفتاة كانت تتواصل مع رقم ما مرة كل شهر، وقد كانت تتحدث معه بمعدل 15 دقيقة تقريباً. لكنها كانت تقوم بمسح سجل المكالمة!!


تفاجأ كارل لسماع ذلك كثيراً وهتف بدهشة: هل تقصد بكلامك أنها استطاعت التواصل مع رفيقها بالفعل؟!!

أجاب هاري بهدوء: لست متأكداً من ذلك بعد، لكن ذلك مرجح جداً.
إذا ما كانت ستتواصل معه، فهي التي ستتصل به على بالتأكيد. لأنها لن تخاطر بجعله هو من يتصل بها خصوصاً أنها تكون معنا أغلب الوقت. كونها هنا في مهمة ما، يجعل من الضروري أن ترسل لرفيقها تقريراً عن حالتها مرة في الشهر على الأقل. لذلك لابد أنها تتواصل معه!!


تنهد كارل بضيق بعد أن أخرسه كلامه تماماً.

أحقا كانت لوسي تكذب عليه طوال الوقت؟ أحقا تلك الفتاة التي احتلت تفكيره وكل جوارحه، هي في الحقيقة تكيد لأمر قد يضره؟!

لكن لا...لا يريد أن يصدق ذلك! لا يريد أن يصدق أن الفتاة التي لطالما انتظر طويلاً مجيئها لحياته، هي عدوة له في الواقع!!


تابع هاري حديثه قائلاً بحدة: وأيضا هناك أمر آخر..بخصوص تلك أكواب، والاستبيان الذي تقوم به...


عندها قاطعه كارل وقال بحدة: هاري هذا يكفي!! لقد سمعت ما فيه الكفاية. الأمر كما قلت لك. لا يمكنني اتهامها دون دليل قوي!

فهتف هاري بغضب: ألا تجد ما قلته دليلاً قوياً بالنسبة لك؟!

اغلق كارل عينيه وقال بهدوء: إنها محض فرضيات فحسب. ذلك لا يكفي لاعتبرها عدوة كما تقول!

ضغط هاري على أسنانه وقال بغيظ: إذا يمكننا صنعه! ذلك الدليل القوي الذي تريده... يمكننا صنعه إذا ما تعاونا معاً!!!


رد كارل بحزم منهياً حديثهما: هاري...سوف أتدبر أمري بنفسي. إنني رئيس عائلة تشادولي، ومسؤولية حمايتك وحماية الأسرة تقع على عاتقي. لا تزعج نفسك بهذه الأمور.

فخفض هاري رأسه وأخذ يردد بغيظ: حماية عائلة تشادولي... الاهتمام بأملاك عائلة تشادولي...حماية مكانة عائلة تشادولي.. رئاسة عائلة تشادولي...تشادولي، تشادولي، تشادولي!

ثم ضرب المكتب بقوة عند آخر كلمة قالها ليصيح في غضب: أنت تعلم جيداً أنني لا أهتم لما خلّفه أولئك الأوغاد أبداً! حتى لو تدمرت عائلة تشادولي بالكامل، كل ما يهمني هو أنت فقط! لن أسمح لأي مخلوق بأن يقوم بإيذائك حتى لو عنى هذا أن أقف ضدك أنت أيضاً، أتفهم؟


عندها قال كارل بانزعاج: هاري...لا تقل هذا الكلام! أنا وأنت فقط من تبقى من تلك العائلة، لذلك علينا الحفاظ عليها بأي ثمن!

قال هاري بسخرية، بينما اعتلت وجهه نظرة خاوية خالية من الحياة: الحفاظ عليها؟ لا تجعلني أضحك! هيي كارل، هل مرور كل هذه السنوات، جعلك تنسى حقيقة ما حدث؟ تلك العائلة...


عندها قاطعه كارل قائلا بانفعال: هاري اخرس! لا تقل ذلك!

لم يكترث هاري لكلامه وتابع بنفس تلك النظرة الخاوية: بل يجب علي تذكيرك حتى تتوقف عن العيش في هذا الوهم السخيف. في ذلك اليوم، نحن لم نفعل ذلك من أجل أن نعيش حياةً كهذه!

صاح كارل بانفعال مرة أخرى: هاري لا تقلها! ماذا لو سمعك أحد ما؟!


لكن هاري قال ببرود متجاهلا كلامه، وتلك النظرة لم تغب عن عينيه أبداً: الذي قام بقتل عائلة تشادولي قبل عشر سنوات لم تكن تلك الخادمة...ثم نظر إليه وقال بهدوء مرعب: من قتلهم ذلك اليوم، كان أنا وانت!!!

وضع كارل كلتا يديه على رأسه وقال بانهيار: تباً لك! لماذا قلتها؟ لماذا قلت ذلك؟!!

رد هاري ببرود: لأنك يجب أن تتذكر ذلك جيداً...لقد فعلتَ ذلك من أجلي في ذلك الوقت..لذلك سأفعل أي شيء من أجلك أنا أيضاً!

أخذ كارل يردد بألم: ليس هذا ما أردناه! لقد كان يجب أن يموت هو فقط!


عندها قال هاري بضياع: حتى لو كان ذلك ما أردناه. ذلك لا يغير حقيقة أننا قتلناهم جميعاً. ذلك الشخص، أعمامي، زوجاتهم، أطفالهم، أقاربنا جميعهم، أصدقاء العائلة، وأيضاً....

ثم سكت قليلا وأردف ببرود: المرأة والرجل اللذان قاما بإنجابنا!


قال هذا ليسير مبتعداً عنه باتجاه الباب. التفت إليه ليقول ببرود قبل أن يغادر المكتب تماماً: لقد بقيت تلك المرأة هنا لثلاثة اشهر، مختلقةً طوال فترة بقائها أكاذيب كثيرة... مهما كانت ذكية وحذرة، فطول المدة سيجعلها تخطئ بالتأكيد.

ضع هذا في رأسك جيداً، لن يكون بوسعها الاستمرار بالتمثيل لوقت طويل دون أن ترتكب أي خطأ!


بعد أن غادر هاري المكتب، أسند كارل مرفيقه على سطح مكتبه، ليقول بغصة بينما يضغط على رأسه بكلتا يديه: لماذا؟ لماذا ذكرتني بذلك الآن؟! لماذا فعلت هذا بعد أن ظننت أنني استطعت نسيان كل شيء أخيراً؟!!


يتبع...

*******

_رأيكم في الفصل؟

_توقعاتكم للأحداث القادمة؟

_صفوا لي شعوركم بعد تلك الحقيقة الصادمة في نهاية الفصل؟😂

_من هما الرجل والمرأة اللذان ظهرا خلال الفصل؟ وعلى ماذا يخططان؟

_ ومن يكون عملاء الCIM الذين تحدثت عنهم تلك المرأة؟

_ لقد شرحت لكم حقيقة ما اكتشفه هاري عن جنسيتها وأنها كانت موجودة في فرنسا من قبل...لكن هل يمكن لكم ان تحزروا السر وراء أكواب القهوة والاستبيان الذي تقوم به؟😌

_ما السبب الذي جعل كارل يتجاهل ما قاله هاري؟ هل لانه غبي😂 أم أن هناك سبب آخر؟

_ ما الذي سيفعله هاري الآن بما أن كارل لا يصدق كلامه؟🙁

_ وأخيرا...ما السر وراء مقتل أسرة تشادولي قبل 10 سنوات؟

أحداث كثيرة وأسرار شيقة بانتظاركم في الفصول القادمة فتابعوني❤



اتمنى أن الفصل قد نال إعجابكم ولا تنسوا التصويت عليه. شكراً لقراءتكم😊

ملاحظة: سعر المكالمات هو سعر افتراضي ولا اعرف حقيقة ما سعر المكالمات في فرنسا لكن السعر الذي وضعته هو نفس سعر المكالمات في بلدي، لذلك لا تقولو من وين جبتيه😂 بس لو كان أحد عنده فكره على اسعار المكالمات المحلية في فرنسا ياريت يقولي أفضل أن تكون معلوماتي دقيقة.


وبالنسبة لقصة تأشيرة جنوب افريقيا فتلك معلومة صحيحة ويمكنكم التأكد منها في المواقع الأجنبية الخاصة بجوازات السفر🙂

2018/09/11 · 620 مشاهدة · 4878 كلمة
NajwaSD
نادي الروايات - 2024