مرحبا ..لقد عدت أخيراً.. العملية كانت ناجحة، وأشكركم حقا على دعواتكم❤❤

استغرق مني بعض الوقت لأكون قادرة على الكتابة، لكنني متحمسة جدا للعودة والنشر من جديد😍
أرجو أن تتفاعلو مع الرواية أكثر حتى لا يضيع هذا الحماس😂💔 واعدكم أنني سأحاول النشر بانتظام. شكرا لكم لمتابعتكم..

*******



#فرنسا_قصر تشادولي الرئيسي_الساعة 8:35 صباحاً
2005\12\24


خرجت من الباب الرئيسي بخطى سريعة، لتقف أسفل تلك المظلة المرتفعة أمام المدخل..
نظرت عبر تلك الأقواس الحجرية العالية إلى الدرجات أسفلها، وإلى الحديقة المغطاة بالثلوج أمامها..

ثم أخذت نفساً عميقاً، ساحبةً إلى رئتيها أكبر كمية ممكنة من الهواء البارد..


هي تحب الشتاء حقاً. ورغم أن الثلج مرتبط في أعماقها بذكرى وفاة آرثر، إلا أنه يذكرها أيضاً باليوم الذي لعبا فيه معاً. حيث شاركته يومها أسعد لحظات حياته، وآخرها أيضاً..

نظرت إلى السماء الملبدة بالغيوم، لتهمس في نفسها بهدوء: آرثر..انظر.. إن كل شيء مغطى بالثلوج تماماً مثل ذلك اليوم.

ضمت يديها إلى صدرها، وقالت وهي تغلق عينيها بألم: إذا ما كنت حياً الآن، ربما كنا سنخرج معاً لنلعب بالثلج مرة أخرى. ألا تظن هذا؟



عندها قطع تفكيرها صوت الخادمة نيللي وهي تنهرها بارتباك شديد، في حين كانت تمثّل ما تقوله بحركات يديها محاولةً جعلها تفهم كلامها: آنستي هذا ليس جيداً! الجو بارد جداً في الخارج، كما أنك ترتدين ملابس خفيفة..أرجوك أن تدخلي بسرعة!

ابتسمت ايمي وأجابتها قائلةً بالفرنسية: لا تقلقي نيللي، إنني بخير..
ثم أردفت بنبرة مرحة: عيد ميلاد مجيد!

اتسعت عيناها لتهتف قائلةً بصدمة: لا أصدق! أنت تتحدثين الفرنسية بشكل جيد الآن!!

ابتسمت ايمي باتساع، وقالت بينما تستدير نحوها بمرح: بلى.. كل هذا بفضل لوسي..إنها معلمة عظيمة حقاً!

ضمت نيللي يديها إلى صدرها وقالت بسعادة: ذلك رائع حقاً آنستي الصغيرة..إنني سعيدة جداً لأجلك!



في تلك اللحظة، خرج كارل من الباب مرتدياً ملابس رسمية كالعادة، فوقها معطف طويل أسود، وقد كان يحمل حقيبة عمل جلدية سوداء..

عقد حاجباه وهو ينظر إلى ايمي، ليقول باستنكار: ايمي! ما الذي تفعلينه في هذا الطقس البارد بملابسك الخفيفة هذه؟ ستمرضين هكذا!

زمّت ايمي شفتيها باستياء طفولي، لتقول بعناد: لكن الجو رائع جداً! أنا لا أشعر بالبرد..

تنهد كارل بيأس. ثم وضع حقيبته الجلدية أرضاً، ليسير نحوها ويرفعها إلى حضنه فجأة..
تشبثت ايمي برقبته وقالت بفزع: انزلني سوف أقع!

ابتسم كارل مستمتعاً بملامحها المرتعبة ليقول بمكر: لن أنزلك حتى توافقي على الذهاب إلى الداخل دون اعتراض!

نفخت ايمي خديها بطفولية، وقالت بتهكم: حسناً لقد فهمت! سوف أدخل..

أخذ كارل يضحك على تصرفاتها، وقال بينما يفرك جبينه على جبينها: أنت حقاً كتلة من الظرافة..ايمي!

تمتمت ايمي بتهكم وهي تشيح ببصرها عنه في خجل: توقف عن معاملتي هكذا..أنا لست طفلة!



كانت نيللي تنظر نحوهما بإعجاب شديد...وضعت كفيها على خديها المشتعلين خجلاً، لتقول في نفسها بنبرة حالمة: آه... أنتِ محظوظة حقاً آنسة ايمي..إن السيد الشاب رائع كالعادة!

لكنها هزت رأسها نافضةً تلك الأفكار عنها، لتقول بإحباط بينما تسير عائدةً إلى الداخل: عليّ التوقف عن النظر إليه حتى لا أحطم قلبي أكثر من هذا!



بعد مدة قصيرة، نظرت ايمي إلى كارل بجدية فجأة لتسأله بقلق: هل حاولت التحدث مع هاري؟

تغيّرت ملامح كارل فجأة، ليتنهد بيأس ويقول بقلق: كلا...إنه يتجنب النظر إلى وجهي من الأساس، فما بالك بالتحدث معي؟

عقدت ايمي حاجبيها، وقالت معاتبةً بغضب طفيف: لقد كنت قاسياً جداً معه في ذلك اليوم، لذلك من الطبيعي أن يكون غاضباً هكذا!

رد كارل مبرراً: لكن ايمي! لقد كان هاري لئيماً جداً مع لوسي، حتى أنه جعلها تبكي! إنها فتاة قوية جدا، ولم تبكِ من قبل أبداً...لكنها رغم ذلك ظلت تبكي بشدة في ذلك اليوم!

حركت ايمي رأسها نافية وقالت بهدوء: أنا لا أريد التحدث عن ذلك كارل. ليس الأمر أنني في صف هاري أو في صف لوسي، لكنني فقط أكره رؤيتكما متخاصمين هكذا..

ثم قوسّت شفتيها إلى الأسفل وأردفت بعتاب: كما أن الكريسماس اليوم! أنتما لا تريدان قضاء الكريسماس بالشجار صحيح؟
ابتسم كارل بحزن، وقال بهدوء بعد أن وضعها أرضاً: شكراً لك ايمي..


أمسكت ايمي أصابعه بيدها الصغيرة، لتقول محاولة تشجيعه: لا تقلق كارل، سوف تتحسن الأمور بينكما قريبا...عليك التحدث معه بشكل صحيح فقط!

وضع كارل يده على رأسها وقال بهدوء: أجل...سوف أتحدث معه بالتأكيد.

بعد ذلك، كان قد نزل الدرج حاملاً حقيبته...فاستدار نحوها ليقول محذراً: عليك الدخول الآن ولا تخرجي مرة أخرى، مفهوم؟

أومأت ايمي موافقة وقالت بطاعة، بينما تلوح له بيدها: أجل سأفعل...رافقتك السلامة.

بعد أن غادر كارل، عادت ايمي إلى الداخل مغلقةً الباب وراءها..



#المملكة المتحدة_لندن_ الساعة 3:30 مساءاً
2005\12\24



ظل يسير جيئةً وذهاباً في تلك الغرفة المظلمة، المضاءة فقط بالضوء الخافت الذي تسلل خلال الستائر السميكة للنافذة..

كان قد كور يديه أمام ذقنه، واضعاً إبهامه وسبابته عليه بتفكير..

صر على أسنانه ليتوقف فجاة بجانب طاولة مكتبه، ويسأل ذلك الشاب الواقف إلى جوار باب الغرفة وسط الظلام.

"هل أنت متأكد من كلامك؟!!"


رد ذلك الشاب بتوتر: أجل. لقد سمعت ذلك من مارتن بنفسي.. يبدو أن شيرين ستحصل عليها قريباً.

ضرب الطاولة بقوة، ليصيح بغضب عارم: كيف تجرؤ تلك اللعينة على إخفاء الأمر عني؟! إنها تعلم أن كل ما يتعلق بايمي يخصني أنا وحدي!

ثم سكت قليلاً قبل أن يقول بحدة: سوف اذهب إلى هناك بنفسي. لن اسمح لأحد غيري بأن يضع يده عليها!

عندها قال ذلك الشاب بارتباك: ل لا يمكنك ذلك ماكس! ربما تكون أخبرت أحداً ما بالفعل عما كنت تفعله معها، لذلك إن اختطفتها، فستكون أول من سيشتبهون به بالتأكيد!

عندها صاح به ماكس قائلاً بنفاذ صبر: إذا ماذا؟! أترك أولئك الأنذال يقتربون منها؟! إنها ابنة عمي، وأنا الوحيد الذي يحق لي استعمالها أتفهم؟!


فقال ذلك الشاب محاولاً تهدئته: لا تنفعل هكذا ماكس! هم أيضاً يدركون أنهم لن يكونوا قادرين على الاستفادة من ايمي مالم تكن موجوداً، فهي لن تستجيب لأحد غيرك.
سوف يحضرونها إليك عاجلاً أم آجلاً، لكن دعنا نعتمد عليهم في الاحتفاظ بها بالوقت الحالي، حتى تزال الشبهات عنك.
ثم لا تنس أنها محمية من قبل كارلوس تشادولي. إنه ليس سهلاً أبداً! سيكون الحصول عليها مستحيلاً إذا ما شك ولو للحظة أننا نسعى وراءها..

نظر إليه ماكس ببرود وقال مستهزئاً: ما الذي تقوله؟ لا تقل لي أنك تخاف من ذلك الطفل تشادولي؟!

خفض الشاب رأسه وقال بقلق: هناك الكثير من الشائعات المنتشرة حوله، يجب ألا تستهين به!


سار ماكس نحوه ليقف أمامه ويمسك ياقة قميصه قائلاً بعجرفة: أنت تهينني هكذا توماس! ذلك الفتى لا يمكنه الوقوف في وجهي!

ثم أفلت ملابسه دافعاً به نحو الأمام، حتى اصطدم بالجدار خلفه. عندها قال ماكس بابتسامة ماكرة: على كل حال...أعتقد أنك محق في كلامك. سوف أدع الأمر لتلك الحقيرة شيرين!

سكت قليلاً ليردف هامساً ببطء، بينما يشدّد على كل حرف يقوله: أياً كانت الطريقة، فمصير ايمي هو أن تعود إليّ!

قال هذا، ليخرج من الغرفة مغلقاً الباب وراءه بقوة.

نظر توماس إلى الفراغ للحظات. ثم استقام واقفاً، وعدّل ياقة قميصه ليغادر الغرفة، ويغلق بابها بهدوء..



#فرنسا_قصر تشادولي الرئيسي_ الساعة 7:30 مساءا
2005\12\24



زفرت بضجر للمرة العاشرة تقريباً، بينما تراقب النار المشتعلة في المدخنة أمامها بملل شديد.

كانت جالسةً على الأريكة في غرفة الجلوس، وقد ضمت ساقيها إلى صدرها في حين أسندت مرفقيها على ركبتيها، باسطةً كفيها على خديها بإهمال.

ذبول عينيها، وعبوسها الطفولي، كانا يدلان على حجم الكآبة التي تشعر بها آنذاك..


قليلة هي الغرف التي تحتوي على مدخنة في هذا القصر المبني حديثاً، وقد كان كارل يوصيها دائماً بأن تبقى في هذه الغرفة، لكونها تظل دافئةً على الدوام.

كان قد أخبرها بالجلوس هنا، وانتظاره إلى حين انتهائه من عمله، والذي تدرك قطعاً أنه لن ينتهي بطبيعة الحال. ولم تشعر بلوسي التي تسلّلت إلى الغرفة، لتقف وراءها وتغطي عينيها بيديها، قائلةً بمرح: احزري من؟

أجابت ايمي بملل: أعلم هذا..أنتِ لوسي..


لفّت لوسي حول الأريكة حتى وقفت قبالتها، لتسألها وهي تحاول كتم ضحكتها: ما الأمر ايمي؟ لما تحيط بك هذه الهالة الكئيبة؟!

قوّست ايمي شفتيها إلى الأسفل بعبوس ظريف، لتقول بانزعاج: اشعر بالملل حقاً يا لوسي! كارل يمنعني من الخروج، هاري يدرس أو يقرأ الكتب طوال الوقت.
لقد رسمت أكثر من عشر لوحات اليوم، لكن ليس لدي ما أرسمه أصلا! كل ما اراه هو الأثاث والجدران فحسب، وقد مللت حقاً من رسمها.. التلفاز مزعج، ولا أستطيع القراءة بعد حتى انشغل بالكتب مثل هاري. أنا حرفياً أموت من الملل الآن!


ضحكت لوسي على ملامحها المغتاظة، ثم قالت بينما تجلس إلى جانبها: ما رأيك أن نلهو معاً ايمي؟

نظرت إليها ايمي باهتمام وقالت هاتفة: أحقا ستلعبين معي؟!

وضعت لوسي سبابتها على ذقنها بتفكير وقالت: هممم ليس لدينا الكثير لنفعله في الوقت الحالي، لكن أظن أنه بإمكاننا أن نتسلى لبعض الوقت..

ثم رفعت سبابتها أمام وجه ايمي وقالت بحماس: ما رأيك أن أعلّمك كيفية طي الأوريغامي؟

تساءلت ايمي باستغراب: الأوريغامي؟

قامت لوسي من مكانها وأخذت بعضاً من الأوراق التي بعثرتها ايمي على المنضدة المنخفضة في وسط الغرفة، ثم جلست أمام على الارض وأشارت لايمي بالجلوس إلى جانبها..



جلست ايمي إلى جانبها بتردد، عندها بدأت لوسي تشرح لها بينما تقوم لطي إحدى الأوراق أمامها: لقد كانت حصة الأوريغامي هي المفضلة لدى الأطفال في الروضة التي كنت أعمل فيها! عند طي الأوراق بطرق معينة، يمكنك الحصول على أشكال كثيرة ولطيفة جداً..

استمرّت بطي الورقة، وقد ظلّت ايمي تراقبها باهتمام. ولما انتهت، وضعت ذلك الطائر الذي صنعته أمام ايمي التي فتحت فمها باندهاش..
نظرت إلى لوسي وقالت بحماس: ذلك رائع جداً! هل يمكنك صنع أشياء أخرى؟!

ابتسمت لوسي وقالت بمرح: بالطبع يمكنني! هل تريدين أن أعلمك؟

تشبثت ايمي بذراعها وقالت بحماس طفولي: علميني! علميني!


ظلت لوسي تقوم بتعليمها كيفية صناعة المجسمات الورقية الواحدة بعد الأخرى..
كانت ايمي مستمتعةً جداً بينما تستمع إلى تعليمات لوسي بتركيز، وتطبق كل ما تقوله بحرص شديد..

دخل الغرفة وهو ينظر نحوهما باستغراب. كانتا جالستين أمام الطاولة، في حين بدتا منهمكتين جداً في طي تلك الأوراق الكثيرة أمامهما..
كانتا تضحكان وتتحدثان معاً في استمتاع شديد..


فابتسم لا شعورياً وهو يراقب حماسهما، وطريقة حديثهما الطفولية. وقد بدتا كالأختين تماماً..

هو يعلم جيداً كيف أن لوسي تظهر دائماً جانبها الطفولي عندما تكون برفقة ايمي، والتي يدرك جيداً كم تحبها بصدق.. ضحكاتها معها كانت نابعةً من قلبها حقاً، فهل يعقل أنها تكذب كما قال هاري؟

تجهمت ملامحه لما تذكر كلامه، لكنه حمحم بهدوء حتى تنتبها لوجوده، في حين أخذ يحاول طرد تلك الأفكار عن رأسه..


التفتت كلتاهما إليه، لتحمر لوسي بخجل بعد أن أدركت أنه ظل واقفاً هناك لفترة من خلال ابتسامته المستمتعة تلك.

ايمي قامت من مكانها لتهتف بحماس، بينما تحمل في يدها مجسم الطائر الورقي: كارل انظر! لقد كانت لوسي تقوم بتعليمي كيفية صناعة الأوريغامي!

انحنى كارل أمامها بينما ينظر باهتمام إلى ما صنعته. لم يكن متقناً تماماً، لكنه كان جيداً رغم هذا. فعلق قائلاً بإعحاب: ذلك رائع ايمي.. يبدو أنك ستتقنين صناعتها قريبا!


قامت لوسي من مكانها، وقالت متصنعةً البرود، رغم أنها كانت مرتبكةً حقاً من وجوده: إن ايمي تمتلك ذاكرة قوية، لذلك هي تتعلم كل شيء بسرعة..

نظر إليها باستمتاع. يعحبه الأمر حقاً عندما تحاول إخفاء ارتباكها بقناع البرود دائماً، رغم أنه يلاحظ ذلك بسهولة في كل مرة. وهو ما كان يزعجها دائماً! لذلك أشاحت ببصرها عنه بعد أن ادركت نظرته تلك..

ابتسمت ايمي بغموض وهي تراقبهما، بينما سارت لوسي مغادرةً إلى غرفة الطعام بخطى سريعة، متهربةً من البقاء معه في نفس المكان. في حين لحقها كارل وايمي اللذان ظلا يسيران على مهل..

نظرت ايمي إلى كارل قليلاً ثم نظرت إلى لوسي التي كانت تسير بعيدةً عنهما. لتقول بهدوء، بعد أن شبكت أصابعها خلف ظهرها: عليك أن تقوم بإخبارها..

نظر إليها كارل بشك، ثم سألها بتردد: ماذا تقصدين؟

رفعت ايمي حاجبها وقالت بابتسامة ماكرة: أتحدث عن مشاعرك. أنت تحب لوسي صحيح؟

تفاجأ كارل لما سمع كلامها، ليبتعد عنها خطوتين، ويقول بينما ينظر إليها بحذر: ياه...الأطفال هذه الأيام مخيفون حقاً!!

وقفت ايمي أمامه وقالت بتهكم، بعد أن نفخت خديها في استياء: ذلك لأن الأمر واضح جداً!

سألها كارل بشك: هل يعلم هاري بذلك أيضاً؟

تنهدت ايمي بضيق وقالت بعد أن عقدت يديها أمام صدرها بانزعاج: لقد أخبرته، لكنه لم يصدق كلامي.

ثم نظرت إليه وقالت بجدية: أنت تحبها صحيح؟ عليك إخبارها بهذا!


ابتسم كارل بهدوء وقال: لا يمكنني إخبارها بهذا الآن ايمي.. إنها تحتاجني في الوقت الحالي، ولا يمكنها مغادرة منزلي بعد. سيكون البقاء صعباً جداً عليها إذا ما كانت لا تبادلني نفس الشعور. لذلك سوف انتظر حتى الوقت الذي لا تكون فيه بحاجتي حتى أخبرها. وسواء وافقت أم لا، فالأمر عائد إليها حينها.

لم تستطع ايمي تمالك نفسها أكثر..ضمته بخفة، وقالت بينما تنظر إليه بعينين دامعتين: أنت رائع حقا كارل! لم أقابل شخصاً بمثل شهامتك..

ثم مسحت دموعها بقوة وقالت بحزم: سوف أدعمك من كل قلبي! أرجو أن تصل مشاعرك إلى لوسي في أقرب وقت..

ضحك كارل على ملامحها تلك، ليقول بمرح بينما يبعثر شعرها باستلطاف: لا أظن أنني سأخشى شيئا بما أن ايمي في صفي!

بدت ايمي مستاءة من معاملته لها كطفلة صغيرة، لكنها رغم ذلك نظرت إليه بجدية فجأة، لتسأله بتردد: كارل..ماذا لو.. أقول ماذا لو...

ثم سكتت قليلاً وأردفت بحزن: ماذا لو أن الكلام الذي قاله هاري عن لوسي صحيح؟ ما الذي سوف تفعله حينها؟


تغيرت تعابير كارل فجأة ونظر إليها بدهشة قليلا، لكنه خفض رأسه ليقول بضياع: لا أعلم ايمي..

ثم نظر إليها واستطرد بجدية: أنت وهاري وديفيد وجدتي مهمون جداً بالنسبة لي، وحمايتكم جميعاً هي مسؤوليتي.
لا أعلم ماذا سأفعل لو كانت لوسي تستهدفني أنا لكن...إذا ما كان هدفها هو واحد منكم، فأنا لن أسمح لها بالاقتراب منكم أبداً حتى لو كنت أحبها!


احتضنته ايمي مرة أخرى، وقالت بهمس حزين: ونحن أيضاً سنحميك بكل ما لدينا..كارل..

استغرب كارل من كلامها، لكنه ابتسم بخفوت، وأخذ يربت على رأسها بحنان..

وبعد دقائق، وضع يديه على كتفيها وقال بنبرة مرحة: ايمي لنذهب الآن..سأريك شيئاً..
استغربت ايمي من كلامه، لكنها سارت برفقته على أي حال.


وقفا أمام حجرة الطعام. عندها قال كارل بابتسامة هادئة، بينما يمد يده إليها: اغلقي عينيك ايمي..

أغلقت ايمي عينيها بتردد بعد أن أمسكت يده، ليسير بها إلى الداخل..
وما إن وطئت قدمها أرضية الغرفة، حتى أطلقت كل من لوسي والخادمة نيللي تلك المفرقعات الورقية عليها، وهتفتا بصوت واحد:

"Merry Christmas!!"

فتحت ايمي عينيها على الفور، لتنظر بذهول إلى تلك الأوراق الصغيرة الملونة التي أخذت تتطاير حولها..
جالت ببصرها في باقي ارجاء الغرفة، لتتسع عيناها وهي تنظر إلى تلك الزينة والاشرطة الملونة، والبالونات المنتشرة في كل مكان من حولها..
في زاوية الغرفة، كانت هناك شجرة كريسماس كبيرة مزينة بالكامل بالأشرطة باللونين الأحمر والذهبي، والإضاءات الصفراء الخافتة، بالإضافة إلى الدمى والمجسمات الخاصة بالكريسماس. وفي قمة الشجرة، وضعت نجمة ذهبية كبيرة، كانت مضاءة بإضاءة خافتة زادتها جمالاً..



الطاولة كانت عليها العديد من الأطباق الفاخرة، والحلويات المنوعة التي توسطتها كعكة كبيرة بدت شهية جداً.

أخذت تنظر إلى كل مكان في الغرفة، غير مصدقة لما تراه أمامها. عندها انحنى كارل خلفها قائلاً بقلق: ما رأيك؟ هل أعجبك؟ لم أكن واثقاً مما علي فعله، لذلك طلبت مساعدة لوسي في إعداد كل هذا..

نظرت ايمي إليه على الفور، وقد كانت عاجزة تماماً على الكلام. لكنها ركضت باتجاهه لتضمه بقوة، وتقول بسعادة غامرة: شكراً لك كارل!

انخفض كارل لمستواها أكثر، جالساً على الأرض أمامها حتى يضمها إليه هو الآخر ويقول بهدوء: لا داعي لشكري، المهم أنكِ سعيدة بذلك!


ابتسمت لوسي بحنو بينما تنظر إليهما. لكنها شعرت بانقباضة في صدرها ما إن شعرت بعيون هاري الجالس على كرسيه على الطاولة، بينما يراقبها بحدة. لكنها لما نظرت إليه، أشاح ببصره عنها على الفور لينظر إلى الأطباق الكثيرة أمامه ببرود.

تنهدت لوسي بضيق، لكنها حاولت أن تبدو طببعية قدر الإمكان أمامهم. فالتفتت إلى كارل وايمي مرة أخرى، في حين رسمت على وجهها ابتسامةً مصطنعة.


احتفل الجميع بمرح رفقة الخدم أيضاً، والذين تفاجؤوا كثيراً من معاملة كارل الطبيعية لهم لأول مرة، حتى أنه سمح لهم بتناول الطعام معهم! وقد أدركوا كم هو متواضع وتلقائي مع كل من حوله رغم غموضه.

هاري بدا غير مهتم بما يفعلونه أبداً..لكن ما أسعد ايمي، أنه كان يتعامل مع كارل بصورة طبيعية ولو نسبياً. ولم يعد يتجاهله كما كان يفعل في الأيام الماضية.


وبعد انتهاء الحفلة، تبادل الجميع الهدايا فيما بينهم. لوسي أهدت لايمي صندوق ألعاب به ملابس كانت بنفس قياس دميتها ميني. كارل أهداها ألواح رسم كثيرة، مع قاعدة خشبية لتثبيتها. بينما قدّمت لها الخادمات هدايا مختلفة وبسيطة.

قدّم كارل للوسي هدية لم تعرف ايمي محتواها، فقد بدت لوسي محرجة جداً من أن تفتحها أمامهم. وهي قد أهدته ربطة عنق كانت جميلة جدا وراقية.
تفاجأت ايمي كثيراً أن لوسي أهدت هاري ساعة جلدية. ولكن الغريب في الامر، أنه قد قبلها منها في الواقع!
ايمي قد أهدت لكل واحد منهم إحدى رسماتها، في حين هاري لم يعط شيئاً لأي أحد.



#الساعة 1:20 صباحاً
2005\12\25



كانت ايمي تسير وحدها في الممر المظلم باتجاه غرفتها وقد كانت تشعر بالإرهاق حقاً، بعد انتهاء الحفلة في وقت متأخر من الليل.

لكنها توقفت مكانها لما سمعت صوت هاري وهو ينادي باسمها بخفوت. فالتفتت نحوه، لتراه واقفاً خلفها أمام النافذة.

كان ضوء القمر قد اخترق زجاج النافذة الشفاف، لينعكس شعاعه الفضي على عيني هاري العسليتان كلون الكهرمان.

شعره الحريري الأسود مبعثر بعشوائية على رقبته وأطراف أذنيه، وغرته كانت تغطي جزءاً بسيطاً من عسليتاه اللامعتين في الظلام، كعيون قط بري...

بدا مرتبكاً نوعاً ما. في حين كانت ايمي تنظر إليه بانبهار، لتهمس بصدمة وهي تقف أمامه: عيناك..

عقد هاري حاجبيه، وسألها باستغراب: ما بهما؟

ضمت ايمي يديها أمام صدرها وقالت بإعجاب: إنهما ساحرتان!!


وقف هاري مكانه مشدوهاً للحظات، قبل أن يصطبغ كامل وجهه بالحمرة.

ضربها على رأسها بخفة، ورفع صوته قائلاً بارتباك: غبية! لا تقولي أشياء غريبة كهذه فجأة بكل بساطة!!

وضعت ايمي يديها على رأسها بألم، بينما تفرك مكان ضربته. ثم قالت وهي تزم شفتيها بتهكم: لم انفعلت هكذا؟ لقد قلت لك ما كنت أفكر به فحسب!

ضغط هاري على أسنانه وقال بنفاذ صبر: وهذه هي المشكلة! لا تقولي كل ما تفكرين به في المرة القادمة..حسنا؟

نفخت ايمي خديها باستياء وقالت بتذمر: لا أفهم لماذا أصبحت غاضباً فجأة!


فضغط هاري على قبضته محاولاً تمالك أعصابه، لكنه أخذ نفساً عميقاً، ثم قال بهدوء فجأة: لدي شيء أريد إعطاءه لك..

أمالت ايمي رأسها إلى الجانب بينما تنظر إليه باستغراب، لكنه قال لها بينما ينظر بعيداً في توتر: استديري..

استدارت ايمي كما أخبرها رغم أنها كانت مستغربةً جداً من تصرفاته. وما إن أعطته ظهرها، حتى وقف خلفها ليلبسها شيئاً ما بهدوء. عندها قال وهو يحك أرنبة أنفه بظاهر سبابته في ارتباك: يمكنك النظر إليها الآن..


استدارت ايمي نحوه وهي تنظر إليه بحيرة. لكنها أحست بشيء ما في رقبتها، فنظرت إليه لترى سلسالاً فضياً رقيقاً، علقت به كريستالة ثلج شعاعية فضية اللون. وقد توسطتها ألماسات زرقاء رقيقة على شكل زهرة خماسية كانت تلمع تحت ضوء القمر المنعكس عليها، مما جعلها تراها بوضوح..

( اقصد هاذي❄ بس ما ادري ايش يسمونها).


فتحت فمها بصدمة وهي تنظر إليها بإعجاب شديد.. لكنها نظرت إليه وقال هاتفةً بسعادة: إنها رائعة، شكرا لك هاري!

ثم ضمت الكريستالة الثلجية بين يديها وقالت بعزم: لن أنزعها عن رقبتي أبداً!

نظر إليها هاري وقال متصنعاً الانزعاج: لا تفعلي ذلك يا غبية! سيكون الامر محرجاً جداً..لهذا السبب لم أرد أن أعطيها لك أمام كارل!

عبست ايمي وقالت بإصرار، بينما تضم القلادة إليها كما لو كانت تحميها منه: محال! لن أنزعها أبداً فقد أحببتها!

أشاح هاري ببصره عنها وتمتم بتهكم: تباً، افعلي ما يحلو لك!


نظرت إليه قليلا قبل أن تسأله باستغراب: لكن لماذا قطعة الثلج تحديداً؟ ألا تكون في العادة وردة أو شيء من هذا القبيل؟

وضع هاري يديه في جيبه وقال متصنعاً البرود: أنتِ تحببن الشتاء كثيراً، لذلك فكرت أنك ستحبينها أكثر من الورود....


تفاجأت ايمي من كونه لاحظ هذا رغم أنها لم تذكر من قبل لأحد أنها تحب الشتاء.. لكنها ابتسمت بسعادة، ثم سارت إليه ببطء. لتقف على رؤوس أصابعها ممسكةً بقميصه، ودافعةً إياه نحوها برفق، لتطبع قبلة خفيفة على وجنته وتقول بامتنان: شكراً لك هاري..

وضع هاري يده مكان القبلة في شرود، لكنه بعد لحظات ابتسم هو الآخر وقال بهدوء: لا داعي لشكري..يكفي أن اراكِ سعيدة، فقد كنت تبدين متضايقة جداً في الآونة الأخيرة.

أومأت ايمي بهدوء، لتقول بمرح: أجل..أشعر أن الضيق الذي كنت أشعر به قد زال الآن..شكراً لكم على الحفلة!

خفض هاري رأسه وتمتم بإحراج: على ماذا تشكرينني؟ لقد كان كل شيء من تخطيط ذلك الأحمق!


ضحكت ايمي من ملامحه، لكنها انحنت إلى الأمام قليلا لتقول بهدوء وهي تنظر إليه، بينما عقدت يديها خلف ظهرها: عليكما أن تتصالحا قريباً..أنت تعلم هذا..

رد هاري متصنعاً الانزعاج، بينما يسير مبتعداً عنها باتجاه غرفته: آآه..حسنا لقد فهمت!!

ابتسمت ايمي لتصرفاته. فهي تعلم جيداً أنه يريد مصالحته، لكنه يتصنع اللامبالاة دائما حتى يخفي مشاعره الحقيقة..


فرفعت صوتها قائلةً بمرح: تصبح على خير..هاري..

رفع يده إلى جانب رأسه ملوحاً بها في الهواء دون أن يلتفت نحوها، ليقول ببرود: وأنتِ بخير..
.
.
.
.
جلست ايمي على سريرها بعد أن ارتدت ملابس نومها متحسسةً تلك القلادة في رقبتها بيدها، بينما تنظر إليها بسعادة..

الآن فقط استطاعت أن تراها جيداً، بعد ان أضاءت غرفتها بالنور الخافت للسهارة الموضوعة بجانب سريرها...

في يدها الاخرى، كانت تمسك ذلك الهاتف الذي أعطاه كارل لها قبل قليل، بينما تنظر إليه بترقب..تعلم أنه سيتصل بها في أي لحظة، لذلك كانت متحسمةً جداً..


وبعد دقائق قليلة، أضاء الهاتف بمكالمة واردة، فردت ايمي على الفور، لتقول هاتفةً بسعادة: ديفيد!!

سمعت صوت ضحكاته عبر السماعة، ليقول وهو يضحك: يبدو أنكِ لم تفسحي المجال للهاتف بأن يرن حتى!

قوسّت ايمي شفتيها للأسفل وقالت بتذمر: ما العمل؟ لقد كنت انتظر اتصالك بفارغ الصبر!


انخفضت نبرته وهو يقول لها بإحباط: اعذريني ايمي على جعلك تنتظرين كل هذا الوقت، فقد كنت مضطراً حقاً لحضور الحفلة الخاصة بالمهجع. المديرة تصبح مخيفةً جداً إذا ما تخلّف أحد ما عن الفعاليات التي تقيمها!

ضحكت ايمي وهي تتذكر حديثه عنها من قبل، ثم قالت بابتسامة مرحة: لقد أخبرتني عن مديرتكم المخيفة من قبل، لكن يبدو أنها أكثر إرعاباً مما تتصورت!

فرد ديفيد بتهكم: هذا ما يحدث عندما يظل الشخص عازباً حتى سن الثلاثين. إنها تصبّ إحباطها على الشبان الأصغر سناً! يتحول الامر إلى كارثة إذا ما أمسكت بفتى وفتاة من المهجع يتواعدان أو يتغازلان حتى. سوف تذيقهما الجحيم بالتأكيد!

شعرت ايمي برعشة سرت على طول عمودها الفقري وهي تتخيل ما قد يحدث! لذلك قالت محذرةً برهبة: إياك أن تواعد أي فتاة أمامها في هذه الحالة!

فرد ديفيد بهدوء حزين: لا تقلقي ايمي...لا توجد فتاة في هذا العالم أرغب في مواعدتها..


عندها تذكرت ايمي لورنا، فارتسمت على وجهها نظرة حزينة محبطة.
هي تعلم أنه اضطر للانفصال عنها بسببها، وتعلم جيداً كم يحبها ديفيد كثيراً. لكنها لم تستطع قول أي شيء لتشجيعه، فماذا عساها تقول في وضع كهذا؟!


لكن ديفيد قطع ذلك الجو الكئيب فجأة لما سألها باهتمام: كيف كان الكريسماس عندكم؟ نحن لم نعد نحتفل بالكريسماس منذ رحيل روي، وذلك حتى لا تشعر جدتي بالحزن لغيابه. لكن ماذا عن هذه السنة؟ هل احتفلتم؟

ابتسمت ايمي وقالت بهدوء: جدتي سافرت إلى لندن قبل أيام، ولقد احتفلنا جميعاً قبل قليل.

تفاجأ ديفيد من ذلك كثيراً، وقال هاتفاً بدهشة: حقاً؟! ذلك رائع جداً! كيف كانت الحفلة؟


أخذت ايمي تقص عليه كل ما حدث في الحفلة بحماس. بدت سعيدةً جداً، وهو ما أراح ديفيد كثيراً..
كان يتفاعل مع كل ما تقوله باهتمام شديد. ولكنها ما إن انتهت من سرد ما حدث، حتى تجهّمت ملامحها فجأة لتقول بحزن: تمنيت لو أنك كنت معنا!

فرد ديفيد بهدوء: لا بأس ايمي..أعدك أنني سأكون معكم في الكريسماس القادم..

عندها قالت ايمي هاتفةً بصدمة: أتقصد أنك لن تكون قادراً على زيارتنا حتى الكريسماس القادم؟!

فقال ديفيد متداركاً الأمر على الفور: بالطبع لا ايمي! سوف أزوركم في جميع العطلات، وليس في الكريسماس فحسب!

تنهدت براحة وقالت بوجل: الحمد لله! ظننت أنني لن أكون قادرة على رؤيتك لسنة كاملة!
ثم سكتت قليلا قبل أن تسأله باهتمام: ما أخبار دراستك الآن؟ هل أتقنت اللغة؟!

رد ديفيد وهو يضحك بتوتر: ما الأمر ايمي؟ كيف سأتقن اللغة وأنا لم أنهِ شهراً حتى في ألمانيا؟!

عندها احمرّت وجنتاها باحراج وتمتمت قائلة: معك حق!


تنهد ديفيد بإحباط وقال متذمراً، بينما يرخي جسده على ظهر المقعد الذي يجلس عليه: لكن الأمر أصعب بكثير مما تصورت! اظن أنه سيكون أمامي وقت طويل حتى أكون قادراً على تعلمها..

ثم أردف بتهكم: ليتني أمتلك ولو القليل من قدرات هاري الدماغية!

استغربت ايمي من كلامه وتساءلت قائلة: قدرات هاري؟!

فرد ديفيد بفتور: ماذا ألا تعلمين؟ ذلك الولد يتقن التحدث بأكثر من عشر لغات عالمية! تعلم لغة ما بالنسبة له، ليست أكثر من مجرد تسلية لقضاء الوقت فقط!

تفاجأت ايمي من كلامه وقالت بدهشة: هاري يستطيع التحدث بلغات كثيرة؟! ذلك رائع جداً!

عندها قال ديفيد متذكراً: بالحديث عن ذلك الوغد...كيف هي أخباره؟ لم يتصل بي أبداً منذ أن سافرت!


أرادت ايمي أن تخبره عمّا حدث بينه وبين كارل ولوسي، لكنها عدلت عن ذلك سريعاً. فهي لا تريد أن تشعره بالقلق.
لكنها قالت بضجر: لا شيء مميز...إنه يستمر بالدراسة وقراءة الكتب طوال الوقت كالعادة..لا أعرف متى يمل من هذا!

ضحك ديفيد وقال موافقاً على كلامها: معك حق. لطالما كان روي يلقبه بدودة الكتب!

ثم سكت قليلا وسأل باهتمام: ماذا عن كارل وجدتي و... آه!
ماذا عن الآنسة اليسون؟ ألم تعثر على رفيقها بعد؟



حركت ايمي رأسها نافية وقالت بهدوء غريب: كلا، لم تعثر عليه حتى الآن.
ثم غيّرت الموضوع حتى لا يسألها عليها أكثر: بالحديث عن لوسي!

ثم أردفت بخبث: أتعلم أن كارل واقع في حبها؟!

ساد الصمت بينهما للحظات، حيث ظل ديفيد يحاول استيعاب كلامها. لكنه هتف قائلاً بصدمة: مستحيل!! مدمن العمل، ومتحجّر القلب ذاك يلتفت إلى جنس حواء أخيراً، والأدهى من ذلك أنه واقع في الحب؟!! لا أصدق هذا!!

تفاجأت ايمي من كلامه وقالت بتعجب: هل كون كارل واقع في الحب مفاجئ لهذه الدرجة؟!

فرد ديفيد هاتفاً: بالطبع هو كذلك! أراهن أن روي سيترك أميريكا ويعود إلى فرنسا، حتى يقيس حرارته ليتأكد أنه لا يهذي!

ضحكت ايمي من كلامه وهي تتخيل الأمر..لكنها قالت فجأة بتمني: آه..من كثرة حديثكم عنه، صرت أتمنى حقا أن ألتقي بروي هذا!

ابتسم ديفيد لكلامها وقال بتهكم: ستلتقينه يوماً ما..لكنه أنذل مخلوق قد تقابلينه في حياتك! لطالما كان يستمتع باستعباد هاري وكارل لكونه خالهما!

عندها هتفت ايمي بصدمة: روي هو خالهما؟!! كنت أظنه شاباً في مثل عمر كارل!

لكن ديفيد هتف قائلاً فجأة: أوه يا إلهي! الساعة عندكم هي الثالثة صباحاً الآن! لم أشعر بمرور الوقت أبدا..عليكِ ان تخلدي للنوم الآن، فلابد أنك متعبة..

أرادت ايمي أن تسأله عن روي أكثر، لكنها كانت متعبةً بحق. لذلك قالت باستسلام: تصبح على خير..


بعد أن أنهت حديثها معه، استلقت على سريرها وتدثرت بغطائها بينما تفكر فيما قاله..
تساءلت بتشويش: روي هو خال كارل وهاري؟ أهو ابن جدتي؟! كم يبلغ عمره حقا؟! لكن...في تلك الصورة بغرفة ديفيد...

عندها هزّت رأسها نافضةً تلك الأفكار عنها، وقالت وهي تغطي وجهها بانزعاج: آه لا أعلم! سوف أنام الآن!!



#فرنسا_باريس_ الساعة 4:45 مساءاً
2006\1\8



طرقت بهدوء ذلك الباب الخشبي المزركش، عندها أتاها صوته الأجش قائلاً من داخل الغرفة بجمود: ادخل..

سارت بخطى واثقة إلى الداخل..كتفاها ورأسها مرفوعان على استقامة واحدة. تضم يديها أسفل جذعها من الأمام، بينما ترتدي فستانها الصوفي القصير. والذي كان متماشياً مع قوامها الممشوق، بلونة الرمادي الداكن..


وقفت أمام الأريكة التي يجلسان عليها..أحدهما رجل أربعيني بملامح قاسية، والأخرى امرأة في نهاية الثلاثينات وقد كانت تشبهها كثيراً، باستثاء تلك النظرة المتعالية والمتعجرفة في عينيها..

حنت رأسها بهدوء، لتقول باحترام شديد: مرحبا بعودتك أبي.. لقد أخبرتني الخادمة أنك طلبتني؟

أشار لها بالجلوس على الأريكة الفردية أمامهما..فجلست بهدوء بينما تنظر نحوهما بترقب..


لاحظت للتو وقوف امرأة غريبة إلى جانب الأريكة التي يجلس عليها والديها. وقد بدت جميلة جداً بطولها البارز، وجسدها المتناسق الذي يصرخ جمالاً وأنوثة..
عينان خضراوان ذابلتان، وشعر حريري أسود أطويل يصل إلى نهاية ظهرها..

تربّت أنه من الوقاحة السؤال عن الأشخاص حولها في حضرة والديها، لذلك كبحت فضولها منتظرةً منهما أن يوضحا لها كل شيء..


فاستهل الأب حديثه قائلاً بجدية: جانيت..سوف تبدأ المدرسة غداً كما تعلمين..لقد كان وريث تشادولي الثاني غائباً طوال الأشهر الثلاث الماضية، لذلك لم نستطع فعل أي شيء. لكنه سيعود غداً، مما يعني أنه عليك أن تباشري عملك في الحصول عليه على الفور!
زواجك من وريث تشادولي ضروري جداً من أجل استثمارات أسرة ميليغان مع مجموعة (WST) التي ترأسها تلك الأسرة. إذا ما حصلنا على دعمهم، فسوف نكسب ثروة عظيمة!

ثم نظر إليها بتفاخر، ليقول بنبرة ماكرة: أنا أثق بقدراتك يا عزيزتي. فحتى فتى مثله، لن يكون قادراً على مقاومة جمالكِ الساحر أبداً!


عندها علقت والدتها بعجرفة: لا أظن أنها فكرة جيدة يا بيرنارد..عزيزتنا جانيت جميلة جداً، ولا يمكن لأي رجل أن يبعد عيناه عنها..
فتاة مثلها يجب أن تحصل على الرئيس تشادولي نفسه، وليس أخوه الأصغر فحسب!

زفر بيرنارد بضيق، ليقول بنفاذ صبر: كريستين! لقد أخبرتك ألف مرة أنها خطة فاشلة، واحتمال نجاحها ضعيف جداً!
الرئيس تشادولي معروف جداً بعدم اهتمامه بالنساء أياً كان مقدار جمالهن.. ثم إن هناك الكثيرات يسعين وراءه، ولا أريد لجانيت أن تخوض حرباً لا داعي لها معهن.
في الجهة الأخرى، هاري تشادولي هو هدف أسهل بكثير. ومن خلاله يمكننا التقرب من الرئيس تشادولي بكل بساطة!


عقدت كريستين يديها أمام صدرها وقال بسخط: ما الخطب مع ذلك الشاب المتعجرف؟ أهو شاذ أم ماذا حتى يتصرف هكذا؟!

تضايقت جانيت من كلام أمها لكنها لم تقل شيئاً، في حين نهرها والدها بعصبية: لا تقولي كلاماً كهذا مرة أخرى! ماذا لو سمعك أحد الخدم؟! إن ثرثرتهم لا حدود لها، وسنكون في ورطة إذا ما وصل هذا الكلام للرئيس تشادولي!!

تأففت كريستين بحنق، وزمجرت لاعنةً بينما تقوم من مكانها: تباً لكل هذا!

ثم نظرت إلى جانيت وقالت بحدة، بينما تلوح بسبابتها أمامها محذرةً: جانيت! عليك الحصول على ذلك الولد بأي طريقة مفهوم؟ حتى لو اضطررت لإغوائه، يجب أن أحصل على أحد الأخوين تشادولي بأي ثمن!!


ثم أخذت تتمتم بانزعاج، بينما تقضم ظفر إبهامها: لقد أخبرت صديقاتي أنني سأصبح والدة الرئيس تشادولي في القانون.. سيكون الأمر محرجاً إذا لم أحصل على أخيه على الأقل!!

قالت هذا لتخرج من الغرفة، مغلقة الباب وراءها بقوة..

عندها قالت جانيت في نفسها بسخرية: إذا فهذا كل ما يهمك؟ ألا تشعري بالإحراج أمام صديقاتك؟!!


تنهد الأب بضيق، ثم قال مشيراً إلى المرأة الواقفة إلى جانبه: جانيت، هذه هي الآنسة جينيفر ماكينيل.. إنها معلمة الفنون الجديدة في مدرستكم، وأيضاً ستصبح مدرّستك الخصوصية. يجب أن تدرسي بجد حتى تتفوقي وتحصلي على أعلى الدرجات..
الرجال يحبون الفتاة المتفوقة والمثقفة، لذا عليكِ ألا تسمحي لأي فتاة أخرى بأن تتفوق عليك!

عندها قالت جانيت بتردد: لكن أبي..إن مستوى هاري الدراسي متوسط جداً. أليس الرجال لا يحبون أن تكون الفتاة التي يواعدونها أفضل منهم؟!

رد والدها ببرود: على العكس..المراهقون لا يفكرون بهذه الطريقة، فهم يسعون دائماً وراء الفتاة المثالية. لذلك يجب أن تكوني مثالية في كل شيء.
ستقوم الآنسة ماكينيل بمساعدتك في المدرسة، وإزالة كل العراقيل التي يمكن أن تعترض طريقك من أجل الحصول عليه.
إنها ذكية جداً، ويمكنك الاعتماد عليها..لا تخيبي ظني، فأنا أعلق آمالي عليك..مفهوم؟

ردت جانيت بأدب وبنبرة واثقة: حاضر..


غادرت الغرفة وهي تفكر في كلامهم..فتوقفت مكانها، بينما تقبض على يديها في غضب..

قالت في نفسها بنبرة ساخطة: كيف تجرؤ على إخباري أن أسعى وراء شقيقه؟ هاري هو كل ما أحتاجه! لن أسمح لأي مخلوق في هذا العالم أن يبعدني عنه أياً كان!!


ثم ضمت يديها إلى صدرها، بينما تفكر بشوق في لقائهما القريب غداً...
همست بهيام، بعد أن أغلقت عينيها بهدوء: أخيراً سأراك من جديد! سوف أتأكد من جعلك تقع في حبي أنت أيضاً...هاري...


يتبع..

*******

_رأيكم في الفصل؟

_توقعاتكم للأحداث القادمة؟

_هل سيتصالح هاري وكارل قريباً؟

_هل سيظل هذا السلام والهدوء في حياة ايمي، أم أن الأمور ستتغير؟

_ما الذي يخطط له ماكس؟ ومن تكون شيرين تلك؟

_روي هو خال كارل وهاري...فما الذي يعنيه هذا؟😅

_تلك الفتاة جانيت تخطط للحصول على هاري..فهل ستقدر على جعله يقع في حبها؟ وكيف سيكون لقاؤها بايمي؟

أحداث كثيرة ومشوقة بانتظاركم في الفصول القادمة..فلا تنسوا متابعتي..

أرجو منكم التصويت والتعليق على الأحداث..لا تكن من القراء الصامتين فتفاعلك يمثل لي سعادة لا توصف..

أرجو أن الفصل قد نال إعجابكم...دمتم في أمان الله وحفظه


2018/10/11 · 654 مشاهدة · 4950 كلمة
NajwaSD
نادي الروايات - 2024