#فرنسا_قصر تشادولي الرئيسي_ الساعة 6:20 صباحاً
2006\1\9


صباح يوم جديد يشرق على ايمي أخيراً.

هو قد يبدو للآخرين مثل أي يوم روتيني آخر، لكن بالنسبة لها فاليوم ليس كأي يومٍ أبداً...كيف لا وهو أول يوم تذهب فيه إلى المدرسة في حياتها كلها!

تعلم أنها ستواجه صعوبات كبيرة جداً في التأقلم مع هذه البيئة الجديدة. وتعلم أيضاً أنها ينقصها الكثير حتى تلتحق بمستوى أقرانها...لكنها رغم هذا كانت مستعدة لكل شيء، وأي شيء..
سوف تتجاوز الأمر...سوف تنجح بالتأكيد!


هذا ما كانت تردده في داخلها بينما تقف أمام مرآة غرفتها الطويلة، وهي تعدل زيها المدرسي الذي اشتراه لها كارل قبل أيام قليلة..

الزي كان عبارة عن تنورة قصيرة من القماش البربري المخطط بالأبيض والأحمر والأزرق، وسترة رسمية زرقاء غليظة عليها شعار المدرسة. أسفل منها قميص داخلي أبيض، وربطة عنق على شكل فيونكة بنفس ألوان التنورة..

أخذت تحاول تعديل ربطة العنق بصعوبة. وفي النهاية بعد أن انتهت منها، كان شكلها يبدو فوضوياً تماماً..
فتنهدت بإحباط وقالت متذمرة: لماذا لا يعود شكلها مثلما كانت عندما اشتراها كارل؟!

عندها طُرق باب غرفتها، فردّت ايمي بهدوء: ادخل...


فتحت لوسي الباب لتسير نحوها وتقف أمامها. ولما رأتها تتصارع مع ربطة العنق تلك، ضحكت على مظهرها ثم انحنت إلى مستواها وقالت بابتسامة: تعالي...سأقوم بتعديلها من أجلك...

قامت لوسي بتعديلها لها، ثم ساعدتها في تصفيف شعرها حيث أخذت خصلتين من الجوانب، لتشدهما من الخلف وقد تركته منسدلاً على طوله ليبدو جميلاً جداً...

كانت ايمي جالسة على كرسي طاولة التزيين بينما تنظر إلى لوسي الواقفة خلفها عبر المرآة..
عندها خاطبتها لوسي بحنان بينما تمسح على شعرها بلطف: أنتِ جميلة جداً ايمي...

ثم احتضنتها من الخلف وقالت محاولة تشجيعها، وهي تدرك جيداً كم تشعر بالتوتر رغم تظاهرها بالثبات أمامهم: سيكون كل شيء بخير...أنا واثقة من أنكِ ستنجحين بالتأكيد!


ابتسمت ايمي بسعادة وقد أرخت جسدها على حضنها، لتقول بعد أن وضعت يدها على يد لوسي التي طوقت بها رقبتها: أجل، شكراً لك لوسي..

كانت تنظر إلى صغيرتها بحب لم تستطع إخفاءه أبداً. لا تدري متى تعلقت بهذه الطفلة إلى هذا الحد. ورغم كل الغموض الذي يغلّف هويتها، إلا أنها وجدت نفسها تحرص عليها أشد الحرص في كل صغيرة وكبيرة...
كانت مؤمنة دائماً أنها إذا ما تمنّت أن تكون لها أخت صغرى في يوم ما، فستتمنى أن تكون ايمي بالتأكيد!


وبعد أن انتهتا، نزلت كلتاهما إلى باحة القصر، حيث كان كل من كارل وهاري بانتظارهما أمام السيارة..

اقترب كارل من ايمي، وقال بلطف بعد أن وضع يده على رأسها: تبدين جميلةً جداً ايمي!

فابتسمت ايمي بإشراق وقالت بنبرة مرحة: لقد ساعدتني لوسي في تجهيز نفسي!

همهم كارل كإجابة، بينما خاطبتها لوسي وهي توصيها بحرص: اسمعي ايمي...عليكِ أن تأخذي الأمور ببساطة..
قد تكون الفترة الأولى هي الأكثر صعوبة بما أنها بيئة جديدة تماماً عليكِ، لكن لا تجعلي أي شيء يوترك أو يثبّط من عزيمتك، فسوف تعتادين على كل شيء بمرور الأيام.
لا تفكري كثيراً بشأن كسب الأصدقاء...كوني على طبيعتك فحسب، وسيسير كل شيء بسلاسة أكثر مما تتصورين.

وأيضاً...إذا ما ضايقك أي أحد في المدرسة، عليكِ إخبارنا على الفور اتقفنا؟


عندها أمسك هاري بمعصمها وقال ببرود، بينما يسحبها معه باتجاه السيارة: لا داعي للقلق بشأن هذا...سأكون معها، لذلك لن يجرؤ أحد على مضايقتها..

ثم أردف مخاطباً ايمي: هيا، سنتأخر..

نظرت ايمي نحو كارل ولوسي وقالت وهي تلوح لهما، بينما كانت تسير خلف هاري: كارل...لوسي...أراكما قريباً...

ابتسم كلاهما وقد لوحا لها هما أيضاً، في حين قالت لوسي بخفوت: رافقتكما السلامة...



ظلت لوسي واقفةً في مكانها وهي تراقب السيارة حتى اختفت عن ناظريها...كانت ترتدي معطفاً صوفياً فوق فستانها الرمادي الذي يصل إلى أسفل ركبتيها بقليل...

فعلّق كارل الواقف إلى جانبها بابتسامة هادئة: كان يجب أن تري نفسك...كنتِ تبدين كالأم الذي تودع ابنتها في يوم زواجها!

احمرت وجنتاها خجلاً، وتمتمت بتهكم: ذلك ليس صحيحاً! أعني..أنا..

عندها هبّت نسمة باردة، جعلتها تضم جسدها من البرد. فوقف كارل خلفها لينزع معطفه ويضعه على كتفيها قائلاً بعتاب: هل أنت غبية؟ لماذا ترتدين هذه الملابس الخفيفة في طقس كهذا؟!

ارتبكت لوسي كثيراً من قربه هكذا. كان ما يزال يضع يديه على كتفيها، في حين ظلت أنفاسه الدافئة تلفح رقبتها من الخلف...فاحمرت وجنتها وقالت متصنعة الانزعاج، في حين كادت أن تموت من الاحراج حقاً: ما الذي تفعله؟! سوف تمرض إذا ما نزعت معطفك هكذا فجأة!

فرد كارل هامساً قرب أذنها بمكر: ماذا؟ هل أنت قلقة علي؟!

ارتبكت لوسي أكثر، وعقدت يديها أمام صدرها، لترد بينما تحاول النظر بعيداً حتى تخفي إحراجها قدر الإمكان: مـ ما الذي تقوله؟! لماذا عليّ أن أقلق عليك؟!

ضحك كارل على ملامحها تلك. ثم رد بهدوء بعد أن أسند معطفه عليها أكثر ليغطي أكبر قدر ممكن من جسدها: شكراً لكِ لوسي...لقد كنت قلقاً حقاً على ايمي..لكن بالنظر إليها الآن، أعتقد أنها ستكون بخير...

كلماته، تصرفاته، قربه، وصوته الهادئ. كل ذلك جعلها تفقد سيطرتها على نفسها تماماً!


ابتعدت عنه على الفور لتسير بخطوات سريعة باتجاه القصر قائلةً بارتباك: يـ يجب أن تدخل بسرعة! سوف تمرض إذا ما بقيت هكذا...سيكون الأمر مزعجاً إذا ما التقطت البرد بسببي!


نظر إليها باستمتاع، بينما تسير مبتعدة عنه...ثم قال في نفسه بمكر: همممم؟...هل يمكن أنكِ...



#الساعة 7:30 صباحاً
نفس اليوم..



كان هاري متكئاً على زجاج النافذة، في حين كانت ايمي جالسة إلى جانبه وقد كانت تبدو متوترة جداً...

نظرت إليه قليلاً وقالت باستياء: كيف يمكنك أن تنام في وقت كهذا؟ ألا تشعر بالتوتر؟ سوف نصل إلى المدرسة قريباً صحيح؟!

فتح هاري إحدى عينيه، وقال بينما ينظر إليها بانزعاج: ولماذا علي أن أكون متوتراً؟

اقتربت منه ايمي وقالت بحماس: إنها المدرسة...المدرسة هاري! كيف يمكنك ألا تكون متحمساً ولو قليلا؟!


تنهد هاري بانزعاج، ثم نظر إليها وقال ببرود: لا أريد أن أحبطك ايمي، لكن المدرسة ليست بتلك الروعة التي تتخيلينها حقاً...إنها مكان مزعج مليء بالمتملقين فحسب..

استغربت ايمي من كلامه وسألته بحيرة: أليس لديك أي أصدقاء؟

فرد هاري بلامبالاة: بالطبع لا... ثم أردف بانزعاج: بالأحرى، لم عليّ الالتفات إلى أولئك المزعجين أصلا؟!

عندها رفعت أحد حاجبيها وقالت بينما تنظر إليه بمكر: إذا... هل لديك فتاة تحبها هناك؟ أغلب الدراما التي أتابعها على التلفاز، يكون من الشائع فيها أن يقع الطلاب بحب بعضهم... لابد أن هناك فتاة مميزة بالنسبة لك في صفك صحيح؟


نظر إليها هاري بانزعاج لبعض الوقت...لكنه رد محاولاً تمالك أعصابه: ايمي...أنتِ طفلة في الثامنة فقط، لذلك توقفي عن متابعة هذه الأشياء البذيئة مفهوم؟

ضمّت ايمي يديها أمام صدرها وقالت بتهكم: إنها ليست بذيئة! حتى أن تصنيفها للمشاهدة العائلية!

فرد هاري باستفزاز: بل بذيئة...بما أنهم يعلمون الأطفال هذه الأشياء....

نفخت ايمي خديها باستياء طفولي وقالت بتهكم: لست طفلة!

فرد هاري مدعياً البرود: بل طفلة..

_لست طفلة!

_بل طفلة...


عندها أشاحت ايمي بصرها عنه في انزعاج، وقالت باستياء: أنت لئيم حقاً هاري!

فضحك هاري من منظرها، وقال بعد أن شد خدها بخفة: تبدين لطيفة حقاً عندما تغضبين!

وقبل أن ترد ايمي على كلامه، خاطبهما السائق قائلا بهدوء: سيدي الصغير... آنستي، لقد وصلنا...

فابتسمت ايمي باتساع، وهتفت بسعادة غامرة: أخيراً!!

عندها قال لها هاري بهدوء: ايمي...هناك شيء علي إخبارك به قبل أن ننزل...

نظرت إليه باهتمام، وقد بدت مستغربة نوعاً ما...

فاستطرد قائلاً بنبرة خاوية: أياً كان ما ستسمعينه عني، لا تهتمي له أبداً حتى لو كان خاطئاً... عليك التظاهر بأنكِ لا تعرفين عني أي شيء...مفهوم؟

أومأت ايمي بصمت. رغم أنها أرادت أن تسأله عن السبب، لكن نبرته تلك جعلتها تتراجع عن ذلك سريعاً...




مدرسة هارفيان الكبرى، هي أكبر وأعرق مدرسة خاصة في فرنسا. ولا يحلم بدخولها إلا أولئك المنتمون للطبقة المخملية فحسب، وذلك بسبب تكاليفها التي لا يمكن استيعابها حتى!

هنا لن تجد حولك سوى أبناء العائلات الغنية والمعروفة جداً من كل أرجاء فرنسا، وليس باريس فحسب. وذلك نظراً لاحتوائها على قسم داخلي أيضاً...
يتلقى الطلاب هنا التعليم بواسطة نخبة مختارة بعناية، من أفضل المدرسين على الإطلاق، وبأحدث وأفضل الوسائل التعليمية الممكنة..


تتألف المدرسة من ثلاثة مبانِ كبيرة جداً إحداها للمرحلة الابتدائية وواحد للإعدادية، والآخر للمرحلة الثانوية. وكل منها مجهز بجميع الوسائل الترفيهية والتعليمية والمرافق والساحات والملاعب والمسابح وغيرها الكثير والكثير..

يجتمع الطلاب جميعاً في ساحة مشتركة كبيرة جداً، حيث توجد الواجهة التي تؤدي إلى المبنى الإداري الرئيسي.... ولأن المدرسة خاصة بالطلاب الأغنياء فحسب، فلم يكن عدد الطلاب كبيراً جداً في الواقع...


كانت هناك العديد من السيارات الفاخرة التي تتوقف في منتصف تلك الساحة، ليخرج منها الطلاب الذين بدا واضحاً من مظاهرهم مدى الثراء الفاحش الذي يعيشونه...

أحاديثهم، كانت تتعلق أغلبها تقريباً بأعمال عائلاتهم، وتفاخرهم بمشترياتهم وسفرياتهم أمام بعضهم البعض...

التصنع...الغرور...التكبر..والنفاق، كانت تلك هي الصفات السائدة لدى أغلب الطلاب هنا..



ومن بين كل تلك السيارات التي دخلت دون أن يعتبرها أي أحد، ما إن دخلت سيارة المرسيدس السوداء الفاخرة تلك، حتى التفت إليها جميع الطلاب تلقائياً...

الهمسات كانت تعلو هنا وهناك...والفتيات يتدافعن للاصطفاف على مقربة من تلك السيارة لرؤية من هو قادم...

لقد عاد أخيراً بعد هذا الغياب الطويل، وهذا أعطى حافزاً للكثير منهم لتحقيق مطامعهم ورغباتهم اتجاهه...فهو بالنسبة لهم وبكل بساطة، الملك الأعظم لهذه المدرسة!


خرج السائق ليفتح له الباب، عندها خرج ببروده المعتاد، دون أن يلتفت إلى واحد منهم على الإطلاق...
كان في العادة يسير على الفور متجها إلى فصله دون أن يتحدث مع أحد، ودون ان يبالي بأي أحد أبداً.... لكنه هذه المرة التفت إلى باب السيارة المفتوح، ليمد يده نحوها... فأمسكت تلك اليد الصغيرة بيده، لتخرج معه ويسيرا بضع خطوات مبتعدين عن السيارة...

فنظر الجميع بذهول نحوها...نحو تلك الشقراء الصغيرة، بملامحها الطفولية، وجمالها الذي لم يخف عن أي منهم...في حين ظلت عيونها الزمردية تتفحص كل إنش تقريباً من كل مكان حولها بانبهار شديد...





لم تستطع ايمي إخفاء نظرة الإعجاب في عينيها وهي تنظر حولها إلى تفاصيل هذ المكان...
هناك الكثير من الأطفال في مثل عمرها، وهو ما جعل قلبها ينبض بقوة. فهذه هي المرة الأولى تقريباً التي تخوض فيها تجربة كهذه...

لكن انبهارها ذاك سرعان ما تبدل إلى نظرة قلقة، وهي تشعر بكل تلك العيون التي تكاد تخترقها...حيث أن الجميع ظلوا يتهامسون بينما يشيرون إليها، دون أن تعرف عن ماذا يتحدثون!

عندها ودون أن تشعر، اقتربت من هاري لتضم ذراعه وتقول بتوتر: هـ هاري...هل الطلاب ينظرون إلينا أم أنني أتخيل ذلك؟!

فعلّق هاري ببرود: تجاهليهم فحسب...



هي لم تتصور أبداً أن حركتها تلك، كانت ستشعل غيرة وغضب ودهشة كل من حولها!
الفتى البارد الذي لم يسمح لأي مخلوق بالاقتراب منه أبداً، يسمح لهذه الطفلة الغريبة بالالتصاق به هكذا...والأدهى من ذلك كله، أنها قد أتت معه في نفس السيارة! سيارة أسرة تشادولي المصممة خصيصاً لهم، والتي لم يحلم أحد بركوبها يوماً!


في تلك اللحظة، خرجت تلك الفتاة من بين جموع الطلاب. ظلت تسير بهدوء، وبخطوات رصينة حتى وقفت أمامهما..

نظرت إليها ايمي بدهشة...فهي لم ترى فتاةً بمثل جمالها من قبل أبداً!
عيون فضية واسعة، شعري حريري أشقر طويل جداً...قوام ممشوق، وطول مميز...هذا غير تلك الهالة المهيبة التي تصدر منها...إنها فتاة مثالية بحق!

تكلمت تلك الفتاة بصوتها العذب، مخاطبةً هاري بهدوء: مرحباً بعودتك سيد تشادولي... سعيدة جداً أنك بخير...كيف حال يدك الآن؟

نظر إليها هاري ببرود، ثم رد باقتضاب دون أن يبالي لأمرها أبداً: بخير...


قال هذا ليسير مبتعداً عن المكان، في حين ظلت ايمي متسمّرة في مكانها، بينما تنظر إليها بإعجاب شديد...

لكنها لما أدركت أن هاري قد ابتعد عنها، نادته بينما تركض نحوه بتوتر: هاري انتظر!

فتوقف مكانه بينما ينظر نحوها بهدوء. وما إن وقفت إلى جانبه، حتى تابع طريقه في حين ظل يسير ببطء مجارياً خطواتها البطيئة وهي تنظر إلى كل شيء حولها...


شعرت برجفة سرت في جميع أنحاء جسدها بعد أن أحسّت بنظرات قاتلة تنبعث من خلفها، لكنها لما التفتت لم تجد أي شيء غريب...فقط الطلاب الذين يتهامسون بينما ينظرون نحوها، وتلك الحسناء الفاتنة التي ظلت واقفةً في مكانها بينما تراقبهما بصمت...


فعادت للسير رفقة هاري، دون أن تلتفت خلفها مرة أخرى، ولم تشعر بتلك التي تحترق غضباً وكرهاً، وهي تراقبها بصمت، وتراقب قربها الغريب من هاري...والذي أشعل نار الغيرة في قلبها، حتى رغم أن التي أمامها طفلة صغيرة فحسب!





في ذلك الفصل الفسيح الذي بدا أشبه بالمدرجات الجامعية بأثاثه الخشبي الفاخر، وقف المعلم أمام مكتبه. خلفه تلك السبورة السوداء العريضة، وإلى جانبه ايمي التي كانت تنظر للطلاب أمامها في توتر...

كان الطلاب يتهامسون فيما بينهم، وهم ينظرون نحو ايمي. عندها قاطعهم المعلم قائلا بحزم: هدوء!

صمت الجميع على الفور، عندها تكلم ذلك المعلم بنبرة هادئة: أقدم لكم الطالبة المنقولة ايمي دوفيار...
إنها بريطانية، وقد تعلمت الفرنسية مؤخراً. لذلك أرجو منكم أن تتعاونوا معها إذا ما وجدت صعوبة في فهم شيء ما...

ثم أشار إلى ايمي وقال لها بجمود: آنسة دوفيار...فلتقدمي نفسك...

ضمت ايمي يديها أسفل معدتها وقالت بأدب: اسمي ايمي دوفيار...سأكون سعيدة جداً بالتعرف عليكم...

أشار المعلم إلى أحد الأماكن الشاغرة في الخلف وقال بهدوء: يمكنك الجلوس هناك... أرجو أن تسأليني إذا لم تفهمي أي شيء...



ما أن انتهت الدروس، التي لم تفهم ايمي أغلبها تقريباً. بدأت استراحة الغداء أخيراً... عندها اندفع أغلب الطلاب مجتمعين حولها بفضول قاتل...

كانوا يسألونها الكثير من الأسئلة التي لم تعرف على أي منها تجيب تحديداً


_ ما علاقتك بالسيد تشادولي؟

-كيف تعرفين السيد هاري تشادولي؟

_ لماذا أتيتِ مع السيد تشادولي في نفس السيارة؟


والكثير من الأسئلة التي أخذوا يطرحونها عليها في ذات الوقت، مما أربكها كثيراً..

عندها صاحت إحداهن على جميع الطلاب قائلةً بانفعال: هذا يكفي! لن تجيب على أسئلتنا هكذا! دعونا نسألها بالدور!

فسألتها إحدى الفتيات بفضول شديد: أخبرينا ما علاقتك بوريث تشادولي الثاني؟

ردت ايمي بارتباك: امممم أنا....أنا قريبة بعيدة للسيدة وايلنغهام جدة هاري وكارل... وبسبب ظروف ما، أنا أعيش معهم حالياَ...

عندها هتفت إحدى الطالبات قائلة باستنكار: كيف يمكنك أن تقومي بمناداتهم بأسمائهم المجردة هكذا؟! خصوصاً الرئيس تشادولي...لا يمكنك فعل ذلك!

شعرت ايمي بالاستياء من كلامها، لكنها لم ترد أن تجادلها على الإطلاق...

عندها سألها أحد الطلاب قائلاً بوقاحة: لماذا تعيشين معهم؟ إنهم لا يسمحون لأحد بدخول قصر تشادولي غير صديق العائلة السيد هوريستون...من غير المنطقي أن فتاةً مثلك ستكون قادرة على دخول ذلك القصر بكل بساطة!

ردت ايمي على سؤال ذلك الفتى الوقح قائلةً باقتضاب: آسفة...إنها أمور عائلية...

سألتها إحدى الفتيات بحماس: هيي هيي...أخبريني. كيف يبدو الأخوان تشادولي عادةً في المنزل؟ أهما متوافقان؟ من الأذكى بينهما؟ هل تظنين أن الوريث الثاني سيهزم أخاه في المستقبل، وينتزع منه رئاسة العائلة؟! أختي ترغب في مواعدة أحدهما، لكنني لا أعرف بعد من هو الأقوى!

عندها قالت فتاة أخرى بعجرفة: الأمر واضح، إنه الرئيس تشادولي بالتأكيد! لكن أختك لن يكون بإمكانها الحصول عليه...سوف يواعد أختي أنا...لا تنس أن عائلتي أقوى من عائلتكِ بكثير!


ظلوا يتجادلون فيما بينهم على هذا المنوال...فخفضت ايمي رأسها وقد كانت تشعر بالاختناق حقاً...

همست في نفسها بغضب: ما الذي تتحدثن عنه؟! كارل لن يواعد أخت أي واحدة منكن، فهو يحب لوسي فقط!

ثم تنهدت بضيق، وهي تفكر في كلمات هاري قبل قليل...

ربما يكون الأمر كما قال تماماً...ربما المدرسة ليست بتلك الروعة في النهاية!



عرضت عليها بعض الفتيات في الصف أن ترافقنهم إلى الكافيتيريا، لكن ايمي أجابت بتوتر: آه...لا بأس...هناك شيء علي القيام به أولا.

فغادر الطلاب الصف بينما يتحدثون عنها فيما بينهم، دون أن تسمع ما الذي كانوا يقولونه، ودون أن تهتم أصلا. فقد كانت تشعر بالضيق منهم حقاً.


عندها سمعت صوت تلك الطفلة التي علّقت ببرود: إنهن متملقات كريهات...ألا تعتقدين ذلك؟

نظرت ايمي خلفها بدهشة، نحو تلك الطفلة الجالسة على المدرج خلفها. وقد أسندت مرفقها على الطاولة أمامها، بينما بسطت كفها على خدها بضجر...
بدت لطيفة جداً بعينيها العسليتين، وشعرها البني القصير الذي شدّته إلى الجانبين بطريقة طفولية.

لما أطالت ايمي النظر إليها دون أن تنطق بأي شيء، اقتربت منها تلك الفتاة وأخذت تلوح بيدها أمامها لتقول بصبيانية: هوي، هوي...أنا هنا...


نظرت إليها ايمي باندهاش، لكنها أخذت تضحك على تصرفاتها الذي ذكرتها بلوسي على الفور، وقالت بنبرة مرحة: أنت تبدين لطيفة جداً!

احمرّت وجنتاها وقال متصنعة البرود، بعد أن عقدت يديها أمام صدرها: هه...لا تقولي كلاماً سخيفاً!

فضحكت ايمي على تصرفاتها أكثر وقالت: أنت تذكرينني بشخص ما....تصرفاتك مثلها تماماً!

زمّت الفتاة شفتيها باستياء دون أن ترد على كلامها. عندها مدّت ايمي يدها نحوها وقالت بابتسامة لطيفة: اسمي ايمي دوفيار...وأنتِ؟

صافحتها تلك الفتاة لتقول بهدوء: وأنا أوليفيا غريغوري... نادني فِيا فقط...

فكرت ايمي قائلة: فِيا؟ ثم ابتسمت بإشراق وقالت: اسمك جميل جداً...فِيا...

احمرّت وجنتا فِيا في خجل، لكنها قالت مغيّرةً الموضوع: لابد أنكِ كنت منزعجة جداً منهن...أليس كذلك ايمي؟

سكتت ايمي قليلا قبل أن تقول بضيق: حسناً...نوعاً ما....


عندها زمّت فِيا شفتيها وقالت بتهكم: إنهن سخيفات حقاً! كيف لهن أن يركضن وراء ذلك المغرور تشادولي كالخراف هكذا؟ أعني ما الشيء الرائع بشأنه؟! ليس لديه إلا وجهه وأمواله فحسب، غير ذلك فهو سيء في كل شيء!

استغربت ايمي من كلامها وقالت بتعجب: هاري سيء في كل شيء؟

فردّت فِيا بانزعاج: ماذا ألا تعرفين؟ إنه ليس جيداً في الرياضة، كما أن مستواه الدراسي أقل من متوسط! إنه بالكاد ينجح كل سنة...يمكنك القول عنه أنه غبي بالكامل!

اتسعت عينا ايمي بصدمة وهتفت قائلة: هاري غبي؟!! مستحيل!

عقدت فِيا يديها أمام صدرها وقالت بلامبالاة: وكيف يمكن ألا يكون غير هذا؟ درجاته دائماً تتجاوز الخمسين نقطة بفارق بسيط...ولم يكن ضمن العشرة الأوائل ولو لمرة...
هذا بالطبع دون الإشارة إلى سلوكه الفظ والبارد مع كل من حوله. إنه مغرور جداً! هل كونه وريث عائلة غنية، عظيم إلى هذا الحد؟! إنه لا يملك أي شيء يميزه على الإطلاق، فعلام يتفاخر هكذا؟!!


عقدت ايمي حاجبيها وهي تستمع إلى كلامها في صمت...في الواقع لا يمكنها أن تلومها على تهكمها بشأن سلوكه، فالذي لا يعرفه جيداً سيفكر به هكذا بالتأكيد...لكن أن يكون غبياً، فهذا مستحيل قطعاً!

في تلك اللحظة تذكرت ما قاله لها قبل أن يخرجا من السيارة... إذا فهذا ما كان يتحدث عنه!


عندها قامت فِيا من مكانها وقالت بحماس: ايمي! دعينا نذهب لنتناول شيئاً ما في الكافيتيريا!

سارت ايمي برفقة فِيا التي أخذت تعرفها على أرجاء المدرسة، بينما تشرح لها نظامها وتقسيم أبنيتها وفصولها..


ذهبتا معاً إلى الكافيتيريا. وهناك أخذتا حصتهما من الطعام، لتجلسا معاً على إحدى تلك الطاولات الطويلة. وقد كانتا تتحدثان عن مواضيع مختلفة، بينما تضحكان معاً في استمتاع...


نظرت ايمي إلى الطلاب حولها لتسألها بضيق: لا أدري لماذا لكن...أشعر أن الأجواء بين الطلاب خانقة جداً.. لا أعرف كيف أصف الأمر...إنه مثل...

عندها قاطعتها فِيا قائلةً ببرود: تقصدين أن الجميع لا يتعاملون مع بعضهم على أنهم سواسية صحيح؟

تنهدت ايمي بضيق وقالت: لقد شعرت بهذا منذ أن دخلت إلى المدرسة...رغم أن الطلاب جميعاً يبدون أغنياء جداً، إلا أن هناك فروقات كبيرة في الطريقة التي يعاملون بها بعضهم البعض...


أخذت فِيا نفساً عميقاً قبل أن تقول بهدوء: حسناً...بما أنكِ ستدخلين إلى هذه المدرسة، فمن الضروري جداً أن تعرفي طبيعة النظام فيها..
الأمر كما قلتِ سابقاً...هناك فروقات كبيرة جداً بين الطلاب، وتلك الفروقات يحددها مستوى عائلات كل منهم... وبصفة عامة، فهم ينقسمون إلى ثلاثة فئات...
الطلاب الحديثي الثراء والذين تمتلك عائلاتهم شركات حديثة نامية مثلي أنا، الطلاب الأغنياء منذ ولادتهم والذين تمتلك عائلاتهم أسهماً في الشركات الكبيرة. وأخيراً من يعرفون بالورثة... وتحديداً ورثة الشركات الضخمة ذات الدرجة الأولى...

إنهم قلة جداً حوالي خمسة طلاب في المدرسة كلها، وهم تحديداً خمس عائلات مشهورة...هورشام، ديفون، تشادويل، هوبر، وميليغان. عليكِ أن تكوني حذرة إذا ما صادفتِ أي طالب ينتمي لإحدى هذه العائلات، فسوف تقعين في مشاكل كبيرة إذا ما إذا ما أخطأتِ معهم.


أومأت ايمي بفهم دون أن تعلّق على كلامها، وقد اعتقدت أنها قد أنهت حديثها بالفعل. لكن فِيا تابعت كلامها قائلةً بضيق: أخيراً...هناك عائلة خارجة كل هذه التصنيفات السابقة، فلا يمكن جمعهم مع أي عائلة أخرى على الإطلاق.
أفرادها يتمتعون بالقوة المطلقة منذ عقود...ثروتهم لا يمكن تقديرها أبداً، ونفوذهم يمتد إلى جميع القطاعات في فرنسا. يمكنك القول أنهم كانوا في الماضي يحكمون البلاد في الخفاء!
لقد عُرف أفرادها بقسوتهم وطغيانهم، واستبدادهم لكل من هم أقل منهم. وفي النهاية، انتهى بهم الأمر بالموت جميعاً بشناعة، لينجو منهم فردين فقط...لذلك عُرفت بالعائلة الملعونة..
أجل...إنها أسرة تشادولي! الأسرة التي تمتلك السلطة العظمى، والثروة التي لا يمكن تقديرها بالأرقام أبداً....أملاكهم تطال كل بقاع العالم تقريباً، ويمكنهم التحكم حتى في القرارت السيادية بفرنسا...

لقد ظن الجميع أن تلك العائلة ستسقط بموت أفرادها، لكن الفتى العبقري الذي نجا من ذلك الحريق المأساوي، أعاد المجد لعائلته أضعاف ما كانت عليه...أقصد بذلك رئيس العائلة الحالي كارلوس تشادولي..
لا أحد يعرف كيف صارت طبيعة تلك العائلة الآن، وما إذا كانوا ما يزالون بنفس طغيانهم في السابق. فالرئيس تشادولي معروف بغموضه، ولا أحد يعرف ما هي شخصيته الحقيقية. أما الوريث الثاني هاري تشادولي. فهو انطوائي ولا يكترث لأي أحد على الإطلاق.



خفضت ايمي رأسها دون أن تقول أي شيء...إنها المرة الأولى التي تسمع فيها عن عائلة كارل وهاري في الواقع..

تدرك أن كلاهما لم يحبا الحديث عن عائلتهما أبداً.
لا تذكر أن هاري قد أخبرها يوماً كيف يبدو والداه...ولم يبد لها مهتماً بهما أصلاً...
كيف كان والداهما يبدوان في الماضي؟ كيف كانت عائلتهما؟ لماذا الجميع يخشونهم هكذا؟ لماذا كانوا معروفين بقسوتهم واستبدادهم؟ والأهم من ذلك كله....ما هي مشاعر كارل وهاري نحوهم؟

كل تلك الأسئلة ظلت تدور في عقلها دون أن تجد لها أي إجابة...أرادت حقاً أن تعرف، لكنها تدرك أنه موضوع حساس جداً بالنسبة لهما حتى إن لم يبديا ذلك. لذلك لم تتجرأ يوماً على سؤالهما عن أي شيء...


لكنها بعد أن سكتت للحظات، سألتها قائلة بهدوء: إذا..ما هي مكانة هاري في هذه المدرسة؟

فأجابت فِيا بضيق: هنا في المدرسة، يعد هاري تشادولي الملك الجالس في أعلى الهرم التسلسلي...هناك قانون وضعه الجميع هنا، ينص على أنه لا يمكن لأي مخلوق أن يزعجه...ولا أن يعترض طريقه...
كل ما يقوله صحيح، وكل ما يفعله صحيح...وكل أوامره يجب أن تنفذ دون أي اعتراض..
لا يمكنكِ النظر إلى عينيه عند التحدث معه، وأيضاً...أكبر جريمة قد تقترفينها، هي أن تناديه باسمه المجرّد دون أي عبارات تشريف...

ثم أردفت بقلق: ايمي..عليك التوقف عن مناداته باسمه المجرّد هكذا حتى لا تتعرضي للمشاكل من قبل الطلاب الآخرين...لا يمكن لأحد في فرنسا أن يناديه بهذه الطريقة سوى أشخاص قليلون جداً...

علقت ايمي بلامبالاة: إنني بريطانية، لذلك لا علاقة لي بهذه القيود الغبية.

فردت فِيا باستنكار: حتى لو كنتِ بريطانية، فالأمر نفسه طالما أنك في فرنسا! ثم إنه حتى في بريطانيا يوجد هذا النظام الطبقي نفسه...فإلى جانب العائلة المالكة، العائلة الوحيدة التي يمكن لأفرادها التعامل مع أفراد أسرة تشادولي من دون تلك القيود، هي عائلة هوريستون فحسب! أنتِ لست من أفرادها، لذلك لا يمكنكِ فعل ذلك هنا ايمي!


ابتسمت ايمي بغرابة ما إن قالت هذا، وردّدت بنبرة ساخرة: لا يمكنني مناداة هاري باسمه إلا إذا ما كنت من أسرة هوريستون هاه؟!

استغربت فِيا من كلامها، لكن ايمي قالت مغيرةً الموضوع: على كلٍ، دعينا من هذا الآن...لنعد إلى الفصل...

نظرت فِيا إلى الساعة الجدارية وقالت: ما تزال هناك ربع ساعة على نهاية استراحة الغداء...هناك مكان علي الذهاب إليه أولاً، يمكنك أن تسبقيني...
أومأت ايمي بصمت، في حين قامت فِيا من مكانها مسرعةً...



غادرت ايمي الكافيتيريا، وأخذت تسير في الممر متجاهلةً كل تلك الهمسات من حولها، في حين ظلت تنظر إلى الأرض في شرود...

وبينما هي تسير، سمعت صوته يقول ببرود: عليكِ النظر إلى الأمام عندما تسيرين، وإلا ستصطدمين بأحد ما...

نظرت ايمي إليه بدهشة...كان يسير إلى جانبها، واضعاً كلتا يديه في جيوبه ببرود..

فابتسمت لرؤيته، لكنها سألته بحيرة: ما الذي تفعله في مبنى الإبتدائية؟

نظر إليها هاري قليلاً ثم ضغط على رأسها بمرفقه بخفة، ليقول بانزعاج: جئت لرؤيتكِ بالطبع!

وضعت ايمي يدها على رأسها متألمةً، وقالت بتهكم: هل من الضروري أن تفعل هذا؟


لكن هاري سألها ببرود دون أن يرد على تهكمها ذاك: إذا..كيف كان الأمر؟ هل انسجمتِ مع الطلاب؟

خفضت ايمي رأسها وقالت بتردد: لست متأكدةً من ذلك حقا...

ثم سكتت قليلا وقالت بينما تنظر إليه بسعادة: لكنني تعرفت على فتاة لطيفة جداً اسمها فِيا...أظن أننا سنصبح صديقتين بالتأكيد!


همهم هاري ببرود، رغم إنه بدا مرتاحاً جداً لما عرف هذا.. عندها سألته ايمي فجأة باستغراب: لكن هاري...لماذا تتظاهر بأنك غبي في المدرسة؟

رد هاري ببرود ساخر، بينما يكتم ضحكته: ماذا؟ ألا تعرفين أنني غبي بالفعل؟

رفعت ايمي حاجبها باستنكار وقالت بنبرة منزعجة: أنت تعرف أنني يمكنني تصديق أي شيء عدا هذا... في الواقع، أعرف أنك لا تحتاج للذهاب إلى المدرسة من الأساس بسبب قدراتك الذهنية...بالنسبة لك، كل ما تتعلمه هنا هو محض ثرثرة فحسب!
لكنني لا أفهم لماذا عليك الإدّعاء أنك غبي رغم هذا!


سكت هاري قليلاً قبل أن يقول بهدوء غريب: ايمي...في هذا العالم، كونك عبقرياً ليس بالأمر الذي تحتاج لأن تكون فخوراً بشأنه.. ثم إنني أتلقى ما يكفي من التملّق، ولا أريد أن أضيف سبباً آخر لجعلهم يتملّقونني أكثر!

شعرت ايمي بالضيق من كلامه...تعرف جيداً أن هناك سر ما وراء كلماته تلك، لكنها لم ترد أن تزعجه بسؤالها...

فخفضت رأسها وأخذت تنظر إلى الأمام في شرود. لذلك سألها هاري بقلق: ما الأمر؟

عندها سألته ايمي بضيق: هل كان الأمر هكذا دائماً؟ أعني معاملة الآخرين لكما أنت وكارل...

تغيّرت تعابير هاري فجأة، لتعتليه نظرة خاوية خالية من الحياة...

قال ببرود بعد أن سكت للحظات: بالنسبة للآخرين، أنا وكارل محض وسائل يمكنهم من خلالها الحصول على القوة والثروة. لا يهم ما نريده وما نبدو عليه، فهم لن ينظروا إلينا إلا بهذه الطريقة...

سألته ايمي بضيق: ألهذا السبب لا تريد أن تحصل على أصدقاء؟

فأجابها هاري بنبرة خاوية: ايمي...لا وجود لشيء اسمه الصداقة في عالمنا...باستثنائكِ أنت وديفيد وروي، لا أحد في هذا العالم سيرغب في التقرب منا لذاتنا، دون النظر إلى ما نملكه...

ترددت ايمي قبل أن تسأله بخفوت: وماذا عن باقي أفراد أسرتكم؟ هل كانوا يشعرون بالأمر نفسه؟


توقف هاري عن السير فجأة، فتوقفت ايمي ونظرت إليه باستغراب. عندها قال ببطء وقد اختفى بريق عينيه لما نظر إليها تلك النظرة الميتة، والخالية تماماً من أي تعبير: جميع أفراد عائلة تشادولي هم مجموعة من الأنذال الذين استحقوا الموت...هذا فقط ما يجب أن تعرفيه عنهم ايمي...


شعرت ايمي بانقباضة في صدرها ما إن سمعت كلماته تلك... لماذا تشعر بكل هذا الألم؟ لماذا تعابيره تلك مزّقتها هكذا؟

نظرت إليه بحزن شديد...لكنها اقتربت منه لتضمّه بهدوء وتقول هامسةً بينما تربت على ظهره: لا بأس هاري...ليس عليك أن تتذكر هذه الأشياء التي تشعرك بالألم. لن أسألك على هذا الأمر مرة أخرى أبداً لذا...

ثم ابتعدت عنه قليلا وقالت بينما تنظر إليه برجاء: لذا لا تظهر مثل هذه التعابير مرة أخرى...اتفقنا؟


ابتسم هاري بهدوء دون أن يعلق على كلامها...لكنه وضع يده على رأسها ليبعثر شعرها بخفة، ويقول بينما يسير مبتعداً عنها: عودي إلى صفك، سوف تتأخرين عن الحصة.

رتبت ايمي شعرها المبعثر، وهتفت قائلةً باستياء: لماذا فعلت هذا؟!

ثم تمتمت بتهكم: لقد أصبح فوضوياً رغم أن لوسي قامت بتصفيفه من أجلي!


لكن هاري تابع سيره دون أن يلتفت إليها مرة أخرى. ارتسمت على وجهه ابتسامة حزينة لما همس قائلاً دون أن تسمعه: شكراً لك ايمي...




لم يلاحظ كلاهما تلك العيون الفضية التي كانت تراقب كل شيء في صمت، في حين ظلّت تشتعل في داخلها غيظاً وكرهاً...

همست وهي تعض ظفر إبهامها بحنق: تباً...من تظن تلك الصغيرة نفسها حتى تقترب منه هكذا؟ إن هاري لي أنا...لي أنا وحدي! لن أسمح لأي أنثى غيري بأن تضع يدها عليه أياً كانت!

وقفت تلكما الطالبتان خلفها لتقول إحداهما بخفوت: لقد سألنا الطلاب عن هويتها كما أمرتنا آنسة ميليغان. لقد قالوا أنها قريبة بعيدة لجدتهما البريطانية.

سألتهما جانيت ببرود: وما الذي تفعله هنا؟

ردّت الفتاة الأخرى بخوف: لا نعرف ذلك آنستي...لقد رفضت إخبار الطلاب عن سبب بقائها في منزل أسرة تشادولي...


عندها التفتت نحوها جانيت، لتصفعها على خدها بقوة، وتصيح قائلة بغضب: كيف تجرئين على قول أنكِ لا تعرفين؟! لقد أمرتك أن تعرفي سبب تواجد تلك الطفلة اللعينة قرب زوجي المستقبلي هكذا! حتى أنها كانت تحتضنه قبل قليل!

ثم أخذت تقضم ظفر إبهامها مرة أخرى، لتردد في غيظ شديد: من تظن نفسها؟ من تظن نفسها؟ من تظن نفسها؟!!

أرادت إحدى الفتاتان أن تقول شيئاً، عندها قاطعتها جانيت لما صاحت قائلة بعصبية: لا تضيفا أي كلمة أخرى! يجب أن تجلبا لي كل المعلومات المتعلقة بها بأي ثمن!! والآن انصرفا من أمام وجهي حالاً!!

غادرت الفتاتان المكان بسرعة...في حين ظلت جانيت تحترق غضباً وكرهاً، والغيرة تكاد تقتلها...


عندها سمعت صوتها لما قالت بنبرة بدت أشبه بالسخرية: أتغارين من طفلة؟

نظرت إليها جانيت بكره وقالت: هاري لي وحدي، ولن أسمح لأي فتاة غيري بأن تقترب منه أبداً!

ثم نظرت إليها قليلا وقالت آمرة بحدة: آنسة ماكينيل...عليك أن تحققي بشأن تلك الطفلة...يجب أن أعرف من تكون بأي ثمن..مفهوم؟!

ابتسمت الآنسة ماكينيل وقالت بهدوء: أمرك آنستي...لقد كلّفني والدك لأزيل أي عقبة من أمامك، لذلك أعدك أنني سآخذ تلك الطفلة بالتأكيد..

علّقت جانيت بغرور، بينما تسير مبتعدةً عنها: قلت لكِ أن تبعديها عن طريقي، ولم أقل لك أن تأخذيها. فلا حاجة لي بطفلة مثلها!


اكتفت الآنسة ماكينيل بابتسامة هادئة بينما تراقب جانيت التي سارت مبتعدة عنها دون أن تقول أي شيء..



#فرنسا_قصر تشادولي الرئيسي_الساعة 11:30 صباحاً
2006\1\9



كانت جالسة على سريرها بينما تنظر إلى ذلك المعطف المطوي الذي وضعته على فخذيها بشرود...

حملته وقربته من أنفها، لتستنشق ذلك العطر القوي الذي أشعرها بالخدر في تلك اللحظة...فأغلقت عينيها ببطء، لتضمه إلى صدرها بهدوء..
كان عقلها مشوشاً تماماً...في حين ظل قلبها ينبض بجنون.

منذ متى أصبحت هكذا؟ منذ متى احتلت هذه المشاعر الغريبة تفكيرها تماماً؟!


عضّت على شفاهها بقوة، لتهمس بقهر بعد أن رمت المعطف بعيداً عنها على السرير، في حين ظلت عيناها تدمعان: ذلك يكفي...ذلك يكفي أرجوكِ! لماذا يجب أن تصبح الأمور هكذا؟ لماذا يجب أن يكون هو؟ لماذا؟ لماذا؟

عندها سمعت صوت طرقات خفيفة على باب غرفتها.

فمسحت دموعها بسرعة، لتأخذ ذلك المعطف مرة أخرى وتعيد طيّه بعناية، ثم تفتح باب غرفتها ببطء...


رأته واقفاً أمام الباب، وقد ارتدى ملابس غير رسمية ليبدو وسيما كالعادة...

ابتسم فور رؤيتها ليقول بهدوء: هل أنت جاهزة؟


رفعت المعطف لتضعه على صدره، وتقول بانزعاج، في حين ظلت تحاول تجنب النظر إليه قدر الإمكان: خذ...هذا معطفك! عليك ألا تفعل ذلك مرة أخرى، فسوف تصاب بالبرد حقاً...

أخذ المعطف منها بتردد، عندها أبعدت لوسي يديها عنه وسارت بخطوات سريعة متجهةً إلى الخارج...


بدت تصرفاتها غريبة جداً، لذلك ظل كارل ينظر إليها باستغراب لوهلة. لكنه رغم ذلك لحقها بسرعة حتى ذهبا إلى الحديقة الأمامية...

كانت تلك السيارة البيضاء الشبابية الفاخرة، مركونة أسفل الدرج الحجري. وقد كان السائق واقفاً إلى جوارها بهدوء..

وما إن رأى كارل، حتى انحنى أمامه وقال باحترام، بينما يمد له المفتاح: لقد جهزت السيارة كما أمرت سيدي...

أخذ كارل المفتاح وقال بهدوء: شكراً لك...

استغربت لوسي كثيراً من ذلك وسألته بحيرة: هل أنت من سيقود السيارة؟


فتح لها كارل باب المقعد المجاور لمقعد السائق، وقال مبتسماً بمكر: أليس هذا واضحاً؟ سوف نخرج في موعد وحدنا، لذلك لا حاجة لنا إلى سائق!

ارتبكت لوسي من كلامه وقال بانزعاج، في حين بدت متوترةً جداً: موعد؟! لا تقل أشياء غريبة هكذا! نحن سنذهب للمكتبة من أجل شراء كتب لايمي فحسب...لـ لماذا يجب أن يكون ذلك موعداً؟!

ابتسم كارل ابتسامة لعوبة، وقال بنبالة بينما يشير إليها بالدخول: فلتتفضلي بالدخول...آنسة لوسي...

ركبت لوسي المقعد بسرعة، بينما بدت محرجة جداً من تصرفاته تلك...فأغلق الباب وراءها ثم ركب مقعد السائق، بينما بدا مستمتعاً جداً بتوترها ذاك...



ظلا صامتين طوال الطريق، مما أشعر لوسي بالارتباك حقاً، فهذه هي المرة الأولى تقريباً التي تظل فيها معه وحدها كل هذا الوقت...

أرادت أن تقطع ذلك الجو المربك بأي طريقة، لذلك سألته وهي تنظر إلى نافذتها بتوتر: آه.. أ...أتساءل ما الذي تفعله ايمي الآن...


تنهد كارل بضيق، وقال بينما عيناه لا تحيدان عن الطريق أمامه: أشعر بالقلق حقاً عليها...أعلم أنها جيدة جداً في اللغة، كما أن مهاراتها في التواصل مع الآخرين ممتازة. لكنني لست متأكداً ما إذا كانت ستتأقلم مع تلك البيئة...

نظرت إليه لوسي قليلاً، ثم قالت بهدوء غريب: أتقصد بيئة الأغنياء؟

سكت كارل قليلاً قبل أن يقول بضيق: الطريقة التي يتعامل بها الأطفال هناك مع بعضهم، مختلفة جداً عن الناس العاديين. ايمي أيضاً تربّت في نفس بيئتهم، لكنها لم تكن تختلط بالأطفال الآخرين عادةً. لذلك هي لا تفهم على الأرجح الطريقة التي يتصرف بها أولئك المدللون، فهي مختلفة تماماً عنهم...

سكتت لوسي قليلاً قبل أن تقول بابتسامة باهتة: ستكون بخير...ايمي فتاة قوية جداً، لذلك لن تجعل ذلك يؤثر عليها... إنني أثق بأنها ستكون قادرةً على تجاوز أي محنة كانت!


عندها فكر كارل في نفسه قائلاً بضيق: حسناً...أظن أنه لن يكون الأمر أسوء مما مرت به في السابق في جميع الأحوال!






دخل كلاهما إلى تلك المكتبة الضخمة، التي كانت مكتظة جداً بالعديد من الناس..

فنظرت لوسي حولها متفقدةً أرجاء المكان، لتقول في نفسها بحنين: ياه...لا شيء تغير هنا...إنها كما كانت عليه منذ عشر سنوات!


ابتسم كارل لما رآها تنظر حولها هكذا، فعلّق قائلاً بهدوء: إنه مكان رائع صحيح؟

ردت لوسي بارتباك: آه أ..أجل...إنها المرة الأولى التي آتي فيها إلى هنا...إنها رائعة حقاً!

ثم أشارت إلى أحد الأقسام وقالت محاولة التهرب منه: سـ...سأذهب الآن إلى قسم الأطفال! سأتصل بك ما إن انتهي!


وانطلقت راكضة إلى هناك دون أن تفسح له المجال بأن يرد عليها حتى! أراد إيقافها لما هتف قائلاً: لوسي انتظري...يجب أن... لكنها كانت قد اختفت من أمام ناظريه تماماً...

فسكت لبرهة، ثم أكمل كلامه هامساً ببطء: المكان كبير جداً لذا....يجب أن تسألي الموظفين أولاً حتى تعرفي مكان قسم الأطفال!


عندها مرت من أمامه إحدى الموظفات، فسألها قائلاً بقلق: المعذرة...أين أجد القسم الخاص بكتب الأطفال؟!

أشارت الموظفة إلى ذلك القسم الذي ذهبت إليه لوسي قبل قليل، وقالت بهدوء: إنه هناك سيدي...

قالت هذا لتغادر بسرعة، في حين ظلت تحدق به بشك، بعد أن كانت متأكدة أنها قد رأته في مكان ما من قبل!

ظل كارل واقفاً في مكانه بصدمة...ثم همس قائلا بتشويش: كيف عرفتِ مكان ذلك القسم، وأنتِ تأتين إلى هنا لأول مرة؟!


في تلك اللحظة، ظلت كلمات هاري تتردد في ذهنه تباعاً..

(تلك المرأة كانت موجودة في فرنسا في ذلك الوقت، وهذه ليست مرتها الأولى كما تدعي!)

(مهما كانت ذكية وحذرة، فطول المدة سيجعلها تخطئ بالتأكيد...ضع هذا في رأسك جيداً، لن يكون بوسعها الاستمرار بالتمثيل لوقت طويل!)


ضغط على أسنانه وقال هامساً بقهر: أهذا صحيح...لوسي؟!





توقفت أمام أحد رفوف الكتب الكبيرة، بينما ظلت تلتقط أنفاسها بصعوبة...عضت ظفر إبهامها وهمست وهي تنظر إلى الأرض في توتر بعد أن أدركت فظاعة ما أرتكبته قبل قليل: ما الذي فعلته؟ هل فقدت عقلي؟! تباً، سيشك في ذلك بالتأكيد!

عندها سمعت صوت أحدهم يقول لها بعتاب: لقد أخبرتك أن تكوني حذرة! كيف لك أن تتصرفي بتهور هكذا؟!


أرادت أن تلتفت إليه، عندها هتف قائلا بصوت مكتوم: لا تنظري إليّ! استمعي إلى كلامي فقط، وتظاهري بالانشغال بالكتب أنت أيضاً!

كان ذلك الشخص الغريب الذي ارتدى قميصاً رياضياً أسوداً بقلنسوة غطت ملامح وجهه، يقف أمام الرفوف المقابلة للرفوف التي وقفت لوسي قبالتها معطياً إياها ظهره. فأعطته ظهرها هي الأخرى، لتتظاهر بانشغالها بالكتب. في حين سألته قائلةً بضيق: كيف أتيت إلى هنا؟

أجاب ذلك الشخص ببرود: لقد كنت أتعقبك ما إن دخلت إلى باريس، وصدف أنني قريب من هنا.


ثم سكت قليلاً وسألها بحذر: ما الذي ستفعلينه إذا ما شك في أمرك هو أيضاً؟ ربما يمكنكِ التعامل مع شقيقه، لكن التعامل معه أمر مختلف تماماً. إنه خطير جداً، عليكِ التراجع الآن!

أخذت لوسي نفساً عميقاً قبل أن ترد ببرود، وهي تقلب كتاباً كانت قد سحبته للتو: ذلك ليس مهماً حتى لو اكتشف أنني أخدعه، لأنه سيبقيني إلى جانبه حتى يعرف هدفي الحقيقي أولاً..


فسألها ذلك الشخص بحدة متجاهلاً ما قالته: هل عرفتِ الطريقة التي اكتشف بها هاري تشادولي أنك كنت تتواصلين معي طوال الوقت؟

تنهدت لوسي بضيق وقالت: مهما فكرت في الأمر، فهناك طريقة واحدة ممكنة...لكنني لا أريد أن أصدق أن ذلك ما حدث!

فسألها باستغراب: لماذ؟

أجابت لوسي بابتسامة حزينة: لأن ذلك يعني أن الطفلة التي أحببتها كثيراً تشك بي هي الأخرى، وذلك مؤلم جداً أكثر مما كنت أتصور...

عندها قال ذلك الشخص بهدوء: أتقصدين الطفلة المشبوهة التي تعيش معهم؟ سوف أحقق بشأن هويتها حتى أعرف من تكون!


عندها ضغطت لوسي على الكتاب في يدها وقالت بتحذير: راولي! لا تقحم تلك الطفلة في الأمر لأي سبب كان...لا يهمني من تكون، فايمي مهمة جداً بالنسبة لي.. سأحميها من أي شخص يحاول إيذاءها، حتى لو كان ذلك الشخص هو أنت!

ثم ابتسمت بحزن وأردفت قائلة: رغم أنني أعرف أنها ستكرهني كثيراً ما إن أقوم بتحقيق هدفي!

تنهد راولي بضيق وقال: حسناً...ذلك ليس مهماً على كل حال...لكن إياكِ والسماح لهذه المشاعر بأن تؤثر على عملك!


ثم سكت قليلاً وسألها بهدوء: هل قررتِ بشأن ما قلته لك في ذلك الوقت؟

ردت لوسي ببرود: سوف أصبح تابعةً له...

عندها قال روالي بغضب: كيف يمكنك أن تقولي هذا؟! إنه شخص دخل المنظمة قبل خمس سنوات فقط، لا أصدق أننا سنجعله مسؤولا عن مهمة حساسة كهذه!!

فقالت لوسي بهدوء: إن القائد يثق به، لذلك سأثق به أنا أيضاً، فذلك أقل ما يمكنني فعله لأرد جميله عليّ...
لقد كان القائد هو من حوّل طفلةً يتيمةً وعاجزةً مثلي إلى ما أنا عليه الآن، وهو من سيساعدني في تحقيق انتقامي. لذلك سأثق بكل قرارته أياً كانت!

ضغط راولي على أسنانه بغيظ وقال: حسناً...فلتفعلي ما يحلو لك!


ثم سكت قليلا وأردف قائلا بضيق: لكن لماذا تأخر انتقامك هذا كثيراً؟! إنني قلق عليكِ حقاً لوسي...بقاؤك في عرين ذلك الذئب الخطير كل هذا الوقت، هو أمر لا يمكنني قبوله أبداً!

عندها ردت لوسي بضياع: كارل ليس ذئباً...وهو ليس كما تقول أبداً...

فنظر إليها بغضب. لكنه ما إن رأى ملامحها الخاوية، والحزينة تلك، حتى هتف قائلاً بصدمة: لوسي...لا تقولي لي أنكِ...


فابتسمت لوسي بقهر وقالت: ذلك مثير للسخرية صحيح؟ لكن ما العمل؟ لا أدري حقاً متى تحوّل الأمر ليصبح هكذا...

فضغط راولي على أسنانه وقال بضيق: لوسي...يجب أن تغادري ذلك المكان حالاً... لن تستطيعي فعلها إذا ما كنت تحملين مشاعراً كهذه!


أعادت لوسي الكتاب إلى مكانه، لتقول ببرود، وفي عينيها نظرة سوداوية أخافته كثيراً: سوف أفعلها. أنت تعلم أنني لن أتراجع لأي سبب كان...سوف أرسله للموت حتى لو كنت أحبه!

ثم نظرت إليه وقالت هامسةً بنبرة مخيفة: ذلك لأن الحقد الذي أحمله في قلبي، أقوى من مشاعر الحب بكثير...

قالت هذا لتسير مبتعدةً عنه، بينما اعتلت وجهها نظرة جامدة، مظلمة...كالظلام الذي أحاط قلبها الآن...


تنهد راولي بضيق وقال وهو ينظر إليها بقلق شديد: إنها المرة الأولى التي تقعين فيها في الحب لوسي...هل يمكن حقاً أن يكون حقدك، أقوى من حبك كما تقولين؟!



يتبع. .

*******

_رأيكم في الفصل؟

_توقعاتكم للأحداث القادمة؟

_كيف ستكون حياة ايمي في المدرسة من الآن فصاعداً؟ وهل ستنسجم مع بقية الطلاب؟

_هل سيتركها بقية الطلاب وشأنها؟ وما الذي تخطط جانيت لفعله؟

_( جميع أفراد عائلة تشادولي هم مجموعة من الأنذال الذين استحقوا الموت). ما الذي تعنيه كلمات هاري تلك؟ ما هي حقيقتهم؟ وما السر وراء موتهم؟

_هل تظنون أن كارل بدأ يشك بلوسي الآن؟ وإذا كان ذلك صحيحاً، فما الذي سيفعله؟!

_ما السر وراء ذلك الحقد الذي تكنه لوسي لكارل؟ ومما تريد أن تنتقم منه؟

_لوسي تحبه! لكن أحقاً حقدها أكبر من حبها كما قالت؟!

أحداث كثيرة وشيقة بانتظاركم في الفصول القادمة فلا تنسوا متابعتي..

لا تنسوا التصويت والتعليق على أحداث الفصل..يسعدني جداً معرفة آرائكم وتعليقاتكم..


أراكم في فصل جديد..وأحداث جديدة..دمتم في أمان الله وحفظه


ملاحظة: المدرسة والعائلات المذكورة في القصة، كلها من خيالي ولا وجود لها في الواقع..

2018/10/20 · 631 مشاهدة · 6024 كلمة
NajwaSD
نادي الروايات - 2024