26 - أنتَ بالذات لا يمكنني الوقوع في حبك

سامحوني عالتأخر حاسوبي كان عاطل وما قدرت اكتب أي شيء💔

اشتقتلكم كثيير😢😢

تابعوا الفصل الجديد، وان شاء الله يعجبكم..

#فرنسا_قصر تشادولي الرئيسي_ الساعة 10:35 صباحاً


2006\2\26

كان جالساً بهدوء على كرسيه الجلدي. مسنداً مرفقيه على مكتبه، بينما أرخى ذقنه على يديه اللتان أشبكهما أمامه في توتر ملحوظ...

عيناه العشبيتان، كانتا قد احتدتا بنظرة قلقة وغاضبة في الآن ذاته...في حين ظل يستمع إلى كلام أتباعه عبر جهاز الإرسال الذي ثبته في أذنه..

تكلم أخيراً بجمود بعد أن صمت للحظات: هل اهتممتم بكل شيء؟

رد أحد أتباعه قائلاً: أجل سيدي...

فسأله بجموده نفسه: ما آخر التطورات الآن؟

فأجاب التابع الجالس على أحد كراسي الاستراحة في مدينة الألعاب الكبيرة تلك. وهو ينظر أمامه إلى لوسي، وإلى ذلك الرجل الذي يسير خلفها: سوف يأخذها إلى مكان منعزل خلف الحمامات العامة. ما هي أوامرك الآن أيها الرئيس؟

أجاب كارل ببرود: تابعوا تنفيذ الخطة كما أمرتكم من قبل...

فأجاب الجميع عبر جهاز الإرسال: أمرك سيدي!
.
.
.
قالها ذلك الحارس ليقوم من ذلك الكرسي بهدوء، ثم يلقي نظرة أخيرة على ذلك الرجل الجالس على الكرسي الملاصق له...

قبعته التي تشبه قبعة الرسامين، كانت تغطي عينيه نوعاً ما. وتلك الجريدة التي كان يحملها، كانت مسندةً على رأسه، والذي كان الشيء الوحيد الذي جعلها مثبتة أمامه هكذا.
فيداه كانتا قد ارتختا إلى جانب جسده، في حين سال لعابه من فمه.
عيناه نصف مفتوحتان، رغم أنهما بدتا لا تنظران إلى أي شيء...

فارتدى قفازين جلديين، ثم أخرج هاتفاً جديداً من جيبه.

رفع الهاتف في يده، ليتكم عبره مغيراً صوته ليبدو أكثر خشونةً وعمقاً: سيدي الشرطي.. الشخص الذي بلّغت عنه جالس الآن على أحد مقاعد الاستراحة في مدينة ألعاب ديزني لاند...
إنه فاقد للوعي في الوقت الحالي، فقد تناول نوعاً من المخدرات على ما يبدو...سأرسل لك الموقع عبر رسالة.

قال هذا ليغلق الخط دون أن ينتظر رد الشرطي...كتب رسالة ما في الهاتف، وأرسلها على الفور...

ثم سار بضع خطوات ليقف إلى جانب سلة المهملات القريبة منه...

فتح غطاء الهاتف الخلفي، ليخرج بطاريته ثم يرميه في سلة المهملات، ويختفي بعد ذلك بين الحشود..

في نفس الوقت، وفي نفس المكان..

اقتادها ذلك الرجل إلى مكان منعزل خلف الحمامات العامة، حيث لم يكن هناك أي أحد حولهم..

تفاجأت كثيراً لما رأت ثلاثة رجال آخرين كانوا واقفين هناك بانتظارهما...فتلك النظرات الخبيثة على وجوههم، قد أكدت لها ذلك!

الأول يحمل سكيناً، والثاني يحمل مضرب بيسبول. بينما وقف بينهما ذلك الضخم الذي أخذ يضرب قبضته بكف يده الأخرى، في إشارة لاستعداده لضربها على ما يبدو..

اقترب منها بمظهره الذي أشعرها بالقرف حقاً..

صلعته اللامعة، فمه الكبير الذي تفوح منه رائحة الكحول والسجائر، وعيونه الضيقة التي ارتكزت على جسدها في نظره ملؤها الشهوة والدناءة..

أمسك بذقنها ليرفع رأسها باتجاهه، حيث تقابلت عيناهما. ثم قال بدناءة بينما أنفاسه الكريهة تلفح وجهها: هممم إنها ليست سيئة أبداً... لقد أُمرنا أن نلهو معها قليلا قبل أن ننفذ المهمة، فهذا سيجعل قتلها يبدو واقعياً أكثر!

أغلقت لوسي عينيها بعد أن شعرت أنها تكاد تستفرغ بسبب قربه ورائحته التي لا تطاق... لكنها فكرت في نفسها قائلةً بينما تضغط على أسنانها بغيظ شديد: توقعت هذا!

ثم أردفت بألم: هل....هل كان هو من أمرهم بفعل ذلك لي؟

بدت هادئة جداً وهي تنظر إلى الأرض بصمت مغلقة العينين، في حين اقترب منها ذلك الضخم أكثر، ليشد ازرار قميصها من الخلف، ويهمس في أذنها بخبث: أحسنتِ... فلتبقي هادئة هكذا يا عزيزتي. لا تقلقي، سينتهي الأمر بسرعة!

رفعت لوسي بصرها نحوه فجأة، لتحتد عيناها بنظرة قاتلة أشعرته بالرعب تماماً..

كان ما يزال يضع يده على قميصها بعد أن قام بقطع أول ثلاثة أزرار منه بالفعل. فقالت ببطء وهي تشدد على كل حرف تقوله: أبعد يدك اللعينة عني..

اقشعر جسده لوهلة وهو ينظر إلى نظراتها المرعبة تلك. لكنه قال بارتباك بعد أن استعاد شيئاً من رباطة جأشه: من تعتقدين نفسك يا امرأة؟!

نظرت إليه لوسي بقرف، وقالت هامسة: حثالة!

عندها ضغط الرجل الواقف خلفها مسدسه على ظهرها وقال بغضب: راقبي ألفاظك يا حقيرة!

ألقت لوسي نظرة سريعة على الرجال الثلاثة أمامها، ثم فكرت في نفسها قائلةً ببرود، بعد أن تجاهلت وجودهم تماماً: إلى أي مدى يعرف عني؟ هل اكتشف هويتي الحقيقية؟

بدت شاردة الذهن للحظة، عندها شد ذلك الرجل ياقة قميصها ليقربها منه ويقول بصراخ: كيف تجرئين على إهانتي؟ سوف تدفعين الثمن أيتها العاهرة!

عندها أمسكت لوسي معصمه لتقول بغضب، بينما تضغط عليه بقوة: قلت لك أن تبعد يدك القذرة عني!

قالت هذا بينما تدفع يده عنها بقوة، في حين وقف هو ينظر إليها بدهشة لما أدرك أنه غير قادر على مقاومة قبضتها أبداً!

خاطب نفسه قائلاً بعدم استيعاب: أي قوة تملكها هذه المرأة؟!

استمرت بدفع يده التي أطبقت عليها بيدها، إلى أن رفعتها في الهواء دون أن تبذل أي جهد يذكر!

وفجأة ودون أن يدرك ذلك حتى، ركلت معدته بركبتها بقوة حتى كاد يتقيأ ما بجوفه. ليجثو أرضاً على ركبتيه، بينما يشد بطنه متألماً.
وفي ذات الوقت، ضربت الرجل الواقف خلفها بمرفقها على صدره. فتراجع خطوة للخلف بعد أن اختل توازنه للحظة.

لكنه لما أدرك الأمر، رفع مسدسه باتجاهها وأراد أن يطلق النار عليها..

عندها استدرات نحوه بسرعة، لتشد المسدس بقوة وترفع يده عالياً حتى فكته منه ثم رمته بعيداً.
وبيدها الأخرى، لكمت عينه بكل قوتها حتى كاد يفقد وعيه تماماًَ بعد أن أصبح كل شيء أمامه مظلماً في تلك اللحظة...

لم تفسح له المجال ليتنفس حتى. فقد استمرت في لكم وجهه عدة لكمات دون توقف...
ثم أرادت ركله على وجهه لكن تنورتها الضيقة منعتها من ذلك.

لذلك همست لاعنة تحت أنفاسها: سحقاً! لهذا السبب لا أحب ارتداء هذه الملابس!

ثم تراجعت خطوة للخلف، لتجد بالقرب من قدمها قطعة زجاج مكسور.. فالتقطتته بسرعة، ومزقت به بعضاً من جانب تنورتها الضيقة تلك، ثم أكملت تمزيق الباقي بيدها..

الآن هي قادرة على التحرك بحرية!

اقتربت منه بسرعة، قم قامت بركله على خصره بكل قوة حتى اصدم جسده بالحائط، ولم يعد قادراً على الحراك أبداً..

كانت قدمها ما تزال مرفوعة في الهواء، بينما وقفت للحظة تحدق بجسده الملقي أمامها. وقد بدا مظهره كارثياً بكل ما تعنيه الكلمة...

اختل توازنها بسبب كعبها العالي الذي كان يعيق حركتها منذ البداية، فعدلت وقفتها بعد أن نزعته وأمسكته في يدها..

عندها لاحظت أن ذلك الضخم كان يحاول الوقوف مجدداً بعد أن خف ذلك الألم الفظيع في معدته.. فشدت حذاءها، ورمته باتجاهه بكل قوتها حتى استقر كعبه الرفيع بين عينيه..

فصاح لاعناً بألم..

أما هي، فقد سارت بخطوات سريعة باتجاهه لتركله على خده بكل قوتها..
فسقط أرضاً هذه المرة، بعد أن فقد وعيه تماماً..

وقفت أمام جسده الضخم حافية القدمين، في حين ظلت تفكر في نفسها وهي تنظر إليه بحدة: إرساله لهؤلاء القتلة ورائي، من المفترض أن يعني أنه قد اكتشف هويتي الحقيقية. لكن مع هذا...

كان الرجلين الآخرين ينظران إلى كل ما جرى أمامهم للتو بصدمة، دون أن يستطيعا استيعاب أي شيء..

نظرا إلى بعضهما للحظات يحاولان تحليل ما حدث، لكنهما فجأة ركضا نحوها بسرعة..

رفع أحدهما المضرب استعداداً لضربها، بينما وجه الآخر السكين في اتجاهها وهو يركض نحوها..

تفادت السكين على الفور بعد أن مدت قدمها في طريقه ليتعثر بها ويسقط أرضاً، ففقد وعيه بعد أن اصطدم رأسه بحجر كبير كان مرمياً على الأرض..

في حين أمسكت يد الرجل الآخر الذي أراد ضربها بالمضرب وشدتها بقوة..

ثم تقدمت باتجاهه وأرادت لكمه بيدها الأخرى، لكنه أمسكها في اللحظة الأخيرة لتصبح كلتا يديها محاصرتين تماماً...

نظر إليها الرجل وعروق وجهه تكاد تنفجر من الغضب، فقرب رأسه منها لينطح جبهتها بقوة...

اختل توزانها للحظات بعد أن أظلم كل شيء أمامها. لكنها تمالكت نفسها بسرعة لتشد يده مرة أخرى وتركله بقوة بين ساقيه...

تراجع بضع خطوات بعيداً عنها، بعد أن انخفض قليلا وهو يشد مكان ضربتها بكلتا يديه، وقد كاد يبكي من الألم...

وهنا اقتربت منه أكثر. لترفع تنورتها الممزقة قليلاً، ثم تقوم بركله على وجهه بقوة حتى هشمت بعض أسنانه تقريباً...

كانت تبدو منفعلةً جداً وغاضبة...ولسبب ما، مجروحةً أيضاً!

فكرة أنه قد أمر هؤلاء الرجال باغتصابها وقتلها، قد آلمتها حقاً وهي التي كان من المفترض أنها قد توقعت شيئاً كهذا...

لم تكن خائفةً منهم بالتأكيد، لكنها شعرت أنها على وشك البكاء آنذاك..
لكمته على بطنه، وجهه، وكل مكان من جسده حتى أصبح كالجثة الهامدة أمامها بعد أن سقط أرضاً...

تنفسها كان ثقيلاً، وقد ظل قلبها ينبض بقوة. في حين تقاوم تلك المشاعر المختلفة التي ظلت تعصف بداخلها في تلك اللحظة، لتزيدها ألماً فوق الألم...

ضغطت على أسنانها، لتهمس قائلةً وهي تحاول تهدئة نفسها: اهدئي لوسي! عليك أن تضبطي أعصابك وتفكري بمنطقية! الأمر ليس كذلك بالتأكيد!

ثم تنحت جانباً على الفور لتتفادى ذلك السكين الذي وجهه الرجل الآخر نحوها مرة أخرى، بعد أن استعاد وعيه مجدداً..

عندها داست على زجاجة عصير مكسورة، وقد كانت أطرافها المدببة قد استقرت بأكملها في باطن قدمها.. ورغم أنها لم تتعمق في جلدها كثيراً، إلا أنها تأوهت بألم شديد..

انحنت لتنزع تلك الزجاجة عن قدمها، وقد شعرت بألم أكبر ما إن سحبت الزجاج الحاد عن جلدها...

في تلك اللحظة، ركض ذلك الرجل باتجاهها ليلكمها على وجهها بقوة حتى سقطت أرضاً...

فجلس على ركبتيه فوقها محاصراً جسدها بين ساقيه. وقد ثبت كتفها بإحدى يديه، بينما رفع السكين بالأخرى ليهوي به باتجاه صدرها، فأمسكت يده على الفور في آخر لحظة...

ظل هو يدفع يده باتجاهها محاولاً غرس السكين في صدرها، بينما هي استمرت في مقاومته باستماتة...

كانت ما تزال تشعر بالدوار بسبب لكمته تلك. لكنها وبعد أن استعادت شيئاً من وعيها، ثنت ركبتيها لتدفعه عنها بساقيها بقوة حتى ابتعد عنها قليلا...

عندها استقرت عيناه على المسدس المرمي بالقرب منها، فرمى سكينه وسار باتجاهه بسرعة..

كانت لوسي جالسةً على الأرض وهي تدلك مكان لكمته بعد أن شعرت بألم فظيع في وجهها..هذا غير قدمها التي تؤلمها بالفعل!

لكنها لاحظت أنه كان يسير باتجاه المسدس الذي كان أقرب إليها منه.. فلما انحنى ليلتقطه، ركلت المسدس بقوة حتى ابتعد عدة أمتار عنه إلى أن اصطدم بالحائط الخلفي للحمامات العامة، واستقر هناك.

نظر إليها بغضب وصاح قائلاً: تباً لك أيتها اللعينة!

قال هذا ليوجه قبضته باتجاهها استعداداً للكمها من جديد.. فتفادت لكمته بسرعة، لتمسك يده بكل قوتها..

وبحركة خاطفة، جذبته باتجاهها حتى جلس على ركبتيه إلى جانبها. ثم وقفت خلفه بسرعة وأطبقت على رقبته بكلتا يديها واضعةً مرفقها على كتفه، بينما تضغط على رقبته بيدها الأخرى بكل قوتها. فأخذ يصرخ من الألم بعد أن شعر أنه يكاد يموت في تلك اللحظة...

أخذ يتوسلها قائلاً بذعر: لا تقتليني أرجوك! لم أقصد ذلك...لقد كنت أنفذ الأوامر فحسب!

تجاهلت لوسي ما قاله آنذاك، فقد ظلت تفكر في الأمر باضطراب..

خاطبت نفسها قائلةً بحيرة: إذا ما كان قد اكتشف هويتي الحقيقية فعلاً، فهو سيرسل قتلة محترفين للنيل مني، ولن يرسل هؤلاء الهواة بالتأكيد! هناك شيء خاطئ في الأمر..

عندها خاطبته قائلةً بتهديد: عليك أن تجيب على جميع أسئلتي إذا ما أردت أن أتركك حياً!

ثم أردفت بحدة: من الذي أمركم بقتلي؟ أهو كارلوس تشادولي؟!

رد ذلك الرجل بحيرة، وقد بدا مرتبكاً جداً من كلامها: ما الذي تقولينه يا هذه؟! ألستِ أنت حبيبة ذلك الشاب؟! لقد أُمرنا بقتلك لهذا السبب!

رددت لوسي بعدم استيعاب: حبيبة ماذا؟

وما إن أدركت الامر حتى عضت شفاهها السفلى وقالت هاتفةً في نفسها بغيظ: آآآه تباً! لابد أنهم اعتقدوا أنني على علاقة معه بسبب ما حدث قبل قليل!

ثم سكتت قليلا وهمهت بفتور: حبيبته هاه؟

عندها حركت رأسها بسرعة محاولةً طرد تلك الأفكار السخيفة من عقلها، لتعنف نفسها قائلة: ما الذي تفكرين به لوسي؟! ذلك لا يمكن أن يحدث أبداً!

ثم سكتت قليلا وفكرت قائلةً بضيق: إنني أواجه ما يكفيني من المشاكل في الوقت الحالي، ولا يمكنني أن أضيف لنفسي مشكلة أخرى...سيكون الأمر مزعجاً إذا ما استمرت معجبات ذلك الوغد باستهدافي هكذا! علي إبعاد نظرهم عني بأي طريقة...

أخذت نفساً عميقاً قبل أن تخاطب ذلك الرجل مستنكرة بسخرية: عن أي حبيبة تتكلم؟! إنني الحارسة الشخصية لقريبة الرئيس تشادولي، ولا توجد أي علاقة بيننا على الإطلاق!

فرد ذلك الرجل مؤكداً على كلامها بصوت مختنق: لقد فهمت، لقد فهمت! بالتأكيد لن تكون فتاة مثلكِ حبيبة ذلك الشخص أبداً...أعني...أشك أنكِ فتاة من الأساس!

ضغطت لوسي على رقبته بقوة أكبر حتى كادت أن تقتله لوهلة، لتقول ببطء، وبنبرة جمدت الدم في شرايينه: أعد ما قلته للتو؟

أخذ الرجل يضرب ذراعها الملفوفة حول عنقه بقبضته بخفة، بينما يهتف باختناق: أنا آسف...لم أكن أقصد قول هذا...اغفري لي أرجوك!

أرخت لوسي قبضتها ودفعته بقوة حتى سقط أرضاً، لتقول وهي تنفض يديها بعصبية: أياً كان ذلك اللعين الذي قام بإرسالكم، أخبره ألا يتجرأ على الاقتراب مني مجدداً.... إنني مجرد موظفة لدى أسرة تشادولي، ولا تربطني أي علاقة بالرئيس تشادولي على الإطلاق...لا تقحموني في شجاركم السخيف حول من التي ستتزوجه!

قالت هذا لتلتقط فردتي حذائها وحقيبتها التي كان ذلك الرجل صاحب المسدس، قد اخذها منها في طريقهم إلى هنا..

سارت مترنحة بعيداً عن المكان. تاركةً وراءها آثار الأقدام الدامية تلك بسبب قدمها التي أخذت تنزف، والتي أشعرتها بألم فظيع حقاً...

كانت تبدو في حالة يرثى لها تماماً...ملابسها متسخة، تنورتها ممزقة، شعرها فوضوي تماماً، وخدها منتفخ بسبب تلك اللكمة مع جرح صغير إلى جانب فمها سببه الخاتم الذي كان يرتديه..

وأخيراً، كانت هناك كدمة زرقاء على جبهتها بعد أن نطحها ذلك الرجل...

هل ما يزال هناك شيء أسوء من ذلك؟

تنهدت بإحباط وقالت في نفسها: ما الجحيم الذي حدث للتو؟ لماذا تم إقحامي في شجار سخيف كهذا؟!

ثم سكتت قليلا وتمتمت قائلة: لا يمكنني العودة لايمي وهاري بمنظر كهذا! على العودة إلى المنزل الآن، فلابد أن كارل في شركته في الوقت الحالي..

كانت قد تجاهلت نظرات الناس المرتابة نحوها..

لكن إحدى السيدات قد أوقفتها لتسألها بقلق، بعد أن لاحظت قدمها التي كانت تنزف: هل أنتِ بخير يا آنسة؟

أشارت لها لوسي بيدها بألا تتدخل، لتقول بشرود: أنا بخير!

تمتمت تلك المراة بغيظ وهي تسير مبتعدة عنها: وقحة! أنا المخطئة بأن حاولت مساعدتك!

لم تهتم لوسي لكلامها أبداً، فقد بدت شاردة الذهن تماماً وهي تفكر بعمق، بعد أن أدركت شيئاً ما للتو...

نظرت حولها بسرعة، متفقدةً أرجاء المكان لتقول في نفسها بحدة: الأمر كما توقعت تماماً!

ثم أردفت قائلةً وهي تضغط على أسنانها: لابد أنك رأيت كل شيء! يفترض أنك تدرك جيداً مدى خطورتي الآن. أليس كذلك؟

ثم سكتت قليلا وهمهمت بتفكير: لكن مع هذا...أتساءل حقاً من الذي أمر بفعل شيء كهذا؟!

#باريس_مدرسة هارفيان الكبرى_


قبل ساعة ونصف من الآن

..

سارت تلك المرأة ذات الفستان الأحمر الضيق، والشعر الأسود القصير في ذلك الممر الطويل، الخالي تماماً من أي أحد ..

عيونها السوداء الواسعة، كانت تظهر مدى القسوة والبرود اللذان غلفا قلبها المتحجر..

ظل ذلك الحارس الشخصي يسير خلفها بخطوات سريعة، محاولاً مجاراة سرعتها قي السير حتى رغم ارتدائها لذلك الكعب العالي..

سألها بتردد واضح: ما هي أوامرك سيدتي؟

أجابت تلك المرأة ببرود: أليس الأمر واضحاً بما فيه الكفاية؟ تلك المرأة هي حبيبة الرئيس تشادولي السرية بلا أدنى شك!

سكت قليلاً قبل أن يسألها مرة أخرى، وقد بدا خائفاً جداً من ردة فعلها: لكن..ما الذي يجعلكِ واثقة هكذا؟ حتى تحقيقاتنا لم تؤكد ذلك بعد!

توقفت تلك المرأة فجأة، ليتوقف هو الآخر بينما ينظر إليها بذعر، وهو ينتظر صراخها على وجهه..

لكنه تفاجأ كثيراً لما التفتت إليه لتقول بجمود على خلاف المتوقع: تلك العاهرة قد أعلنت عن ذلك بنفسها! من المستحيل أن يمنح الرئيس تشادولي كامل صلاحياته لأي مخلوق كان. وذلك يظهر أن لتلك المرأة مكانة خاصة في قلبه بالتأكيد!
من خلال ما فعلته قبل قليل، إنها لا تبدو سهلةً أبداً.. أخبرهم أن يكونوا حذرين أثناء مراقبتها..

فسألها للمرة الاخيرة قائلاً بتردد: هل نستمر في مراقبتها فقط؟

فالتفتت إليه تلك المرأة ببطء. لتقول ببرود، وفي عينيها نظرات ميتة أرعبته كثيراً: أليس الأمر واضحاً؟ فلتستمروا في مراقبتها حالياً..وما إن تحصلوا على الفرصة المناسبة، عليكم قتلها على الفور!!

#باريس_ خارج مدينة العاب ديزني لاند_ الساعة 11:10

صباحاً..


نفس اليوم

جلست على المقعد الخلفي لسيارة الأجرة، ثم خاطبت السائق وهي ترخي جسدها على المقعد في إرهاق شديد: خذني إلى قصر أسرة تشادولي...

نظر سائق الأجرة إلى مظهرها بعد أن رفع حاجبه باستنكار..

كانت ترتدي بنطالاً قطنياً واسعاً عليه رسومات لشخصيات ديزني، مع قميص شتوي ضيق عليه صورة لميكي ماوس...

لقد كان ذلك أرخص ما وجدته على الإطلاق في الأسواق الموجودة في مدينة الألعاب..ورغم أن مظهرها بدا مضحكاً جداً حيث ظل الجميع يحدقون بها، إلا أن ذلك أفضل بكثير من أن تعود إلى المنزل بتنورة ممزقة تظهر جانب فخذها، وقميصاً بأزرار خلفية مقطوعة لم تستطع إخفاءها بسبب شعرها القصير!

تنهدت بضيق وهي تدرك أنه يظن أنها تمزح معه...

فقالت وهي تحاول جعل نبرتها تبدو طببعية قدر الإمكان: إنني أعمل كخادمة هناك. سوف يتم طردي إذا لم أصل للعمل في وقت مبكر...

حدق الرجل في ملابسها، ثم إلى وجهها المتورم مرة أخرى.

لكنه شغل السيارة وانطلق إلى هناك...

ربما تكون هذه المرأة تهذي بالفعل. لكن الطريق من هنا إلى قصر تشادولي، يستغرق ساعةً ونصف تقريباً. وهو وقت كافي ليحصل منها على مال وفير..

إذا لا بأس بأن يقل هذه المجنونة إلى هناك!

أخرجت لوسي هاتفها من الحقيبة، لتجد حوالي 50 مكالمة من كيفين، و10 رسائل صوتية منه أيضاً.

فاتصلت به تلقائياً. عندها رد عليها من الرنة الثانية ليقول هاتفاً بقلق: أين كنتِ طوال الوقت لوسي؟! لقد كنت أبحث عنكِ في كل مكان! هل حدث شيء ما؟!!

فكرت لوسي في نفسها بحيرة: غريب...ألم يقم بإخباره بما حدث؟

لكنها أجابت بصوت مرهق وهي تنظر إلى الطريق: لا تقلق عليّ كيفين لم يحدث أي شيء...
إنني لا أشعر بأنني بخير، لذلك سوف أعود إلى المنزل أولاً... اهتم بايمي وهاري جيداً. أخبرهما ألا يقلقا بشأني، وأن يستمتعا بوقتهما..

سألها كيفين بقلق: هل أنتِ بخير؟ ما الذي حدث؟

أجابت لوسي بابتسامة باهتة: لا شيء مهم...لقد شعرت بالمرض فجأة، لكنني سأكون بخير ما إن أرتاح في المنزل قليلا...

فقال كيفين بهدوء، رغم أنه بدا غير مرتاح أبداً: حسناً. اهتمي بنفسك جيداً...

قال هذا ليغلق الخط...

عندها أقبلت إليه ايمي على الفور، لتتشبث بملابسه وتسأله بقلق: ما الذي قالته لك؟ هل هي بخير؟

أجاب كيفين متصنعاً الابتسامة: لا تقلقي آنسة ايمي...لقد قالت أنها في طريقها إلى المنزل. يبدو أنها مريضة قليلاً...

عندها هتفت ايمي قائلةً بخوف: مريضة؟ هل الأمر خطير حتى تعود هكذا؟

أجاب كيفين مستنكراً على الفور: لا...بالتأكيد لا! ستكون بخير ما إن تأخذ قسطاً من الراحة. لا تقلقي عليها يا آنستي. لقد قالت أن عليكما الاستمتاع بوقتكما، وألا تقلقا بشأن أي شيء..

حركت ايمي رأسها بالنفي وقالت باعتراض: لا...يجب أن نعود نحن أيضاً. إنني قلقة جداً على لوسي!

عندها وضع هاري يده على كتفها وقال بهدوء: ايمي...لا داعي للقلق. ستشعر لوسي بالاستياء إذا ما عدتِ للمنزل بسببها. يجب أن تستمعي بوقتك قدر الإمكان، فقد لا يسمح لكِ كارل بالقدوم إلى هنا مجدداً..

أجابت ايمي بقلق: لكن هاري...

فابتسم هاري وقال بثقة: ما الأمر ايمي؟ أنتِ تعرفين تلك الفتاة جيداً. هي لن تموت حتى لو حاول أحد ما قتلها، فما بالك لو كان ذلك مجرد توعك بسيط لا أكثر!
هيا ايمي...فلتذهبي للعب الآن. ستكون لوسي بخير بالتأكيد..

لم تبد ايمي مقتنعة بذلك تماماً. لكنها سارت معه رغم ذلك، حتى تتابع اللعب في بقية الألعاب كما أخبرها...

فكر هاري في نفسه قائلاً بينما يسير خلفها بهدوء: لا أصدق أن تلك الأفعى ستعود إلى المنزل وتترك ايمي هكذا، فقط بسبب أنها تشعر بالمرض...لابد أن شيئاً ما قد حدث!

#فرنسا_قصر تشادولي الرئيسي_ الساعة 12:35

مساءاً


2006\2\26

طُرق باب مكتبه بهدوء. عندها رد كارل بفتور: ادخل...

فدخل ذلك الرجل الضخم الذي بدا مظهره مخيفاً جداً...

عيناه الحادتان، وملامحه الصارمة، بالإضافة إلى ذلك الندب الكبير في جانب وجهه، جعله يبدو أكثر رعباً وهيبة...

أغلق الباب وراءه. ثم سار بخطوات مدروسة، حتى وقف أمام مكتب كارل.

ليقول بعد ذلك بنبرة منصاعة، لا تتناسب أبداً مع مظهره المخيف: سيدي الرئيس...لقد أتممنا المهمة!

سأله كارل ببرود: هل اكتشفتم من وراء هذا؟

فأجاب الرجل قائلاً بهدوء: أجل سيدي، الأمر كما توقعت تماماً...إنه من تخطيط شارلوت إيفانز. السكرتيرة الخاصة بالسيد هورشام...

ابتسم كارل بخبث وقال: ذلك جيد...يبدو أن ذلك الغبي قد التقط الطعم في النهاية!

بدا القلق على ملامح الرجل الواقف أمامه وسأله بتردد: لكن سيدي الرئيس...هل كنت تعرف أن الآنسة أليسون ستكون قادرةً على مواجهتم؟!

تنهد كارل بضيق ثم قال: في الواقع، لم أكن متأكداً من ذلك. لهذا السبب أخبرتكم أن تكونوا قريبين منها لأي طارئ قد يحدث...

ثم أردف في نفسه بضيق: كما أن هناك شيء أردت التأكد منه!

عندها أخرج ذلك الرجل جهاز (فلاش ميميوري) من جيبه وقال وهو يمده له: هذا تسجيل لما حدث قبل قليل كما طلبت...

أخذ كارل الفلاش، وأدخله في حاسوبه. ليشغل مقطع الفيديو الوحيد فيه، وينهمك في مشاهدته بتركيز تام...

تغيرت ملامح وجهه إلى غضب عارم، وهو يشاهد ما حدث...

عض شفته السفلى وقال بغيظ شديد: اتصل بالمفتش ريغال وأخبره أن يهتم بهم من أجلي...سأكافئه على ذلك فيما بعد. يجب ألا يفلت هؤلاء الأوغاد بفعلتهم أبداً!

ثم سكت قليلا وأردف ببرود: وذلك الحثالة هورشام...سوف يندم كثيراً لأنه اختار العبث معي...قريباً جداً ستسقط عائلة هورشام بالكامل!

لم يعلّق الرجل على ذلك أبداً. فهو يعرف جيداً أن كل ما حدث اليوم، هو من تخطيط سيده لإبعاد تلك العائلة عن طريقه...

وما يدركه أكثر من أي شيء آخر، هو أن هذه هي البداية فقط!

سكت كارل قليلا قبل أن يسأله باهتمام: أين هي لوسي الآن؟

أجاب الرجل بهدوء: لقد عادت إلى القصر قبل دقائق...إنها حالياً في غرفتها سيدي...

ثم سكت قليلاً وأردف بتردد: لقد شاهدت المقطع عدة مرات لذا...هناك شيء أشعرني بالقلق حقاً..
طريقة قتال الآنسة أليسون، تدل على أنها قد تلقت تدريباً خاصاً جداً. لا أصدق أن امرأة عادية يمكنها أن تكون بهذه القوة أبداً...سيدي..أظن أنها....

قاطعه كارل قائلاً ببرود: جيفريك! إنك من أكثر الأشخاص الذين أثق بهم بين رجالي. أعلم جيداً أنك قلق علي، لكن لا أريد من أحد أن يتدخل في أي شيء يخص تلك الفتاة...

ثم ابتسم بهدوء وقال مطمئاً: لا تقلق جيفريك...إنني أعرف جيداً ما أفعله....

تنهد جيفريك بضيق، ثم قال بعد أن خفض رأسه بانصياع: أمرك سيدي...لكن أرجوك أن تكون حذراً.
اعذرني حقاً ولكن...إذا ما كان هناك شيء قد يهدد حياتك، فلن أتردد أبداً في عصيان أوامرك حينها!

أغلق كارل عينيه وقال بهدوء، بعد أن ارتسمت على شفتيه ابتسامة غريبة: لا تقلق جيف. لوسي لن تشكل تهديداً على حياتي أبداً...أؤكد لك...

عندها طُرق باب المكتب مرة أخرى. فقال كارل بجمود: تفضل...

دخل أحد الحراس الشخصيين. لكنه تراجع ما إن رأى جيفريك، ليقول بارتباك شديد: آه...لم أكن أعلم أنك مشغول الآن سيدي!

ابتسم كارل وقال بهدوء: لا بأس فيكتور...يمكنك الدخول.

عندها انحنى جيفريك ليقول بهدوء: استأذنك بالانصراف الآن...سيدي الرئيس...

قال هذا ليخرج من المكتب، في حين ظل فيكتور يتابعه بنظراته في حذر شديد..

جيفريك بيلر، هو رئيس الحرس الشخصي الخاص بكارل، وقد كان معروفاً جداً بصرامته وقوته.
بالنسبة لكارل الذي قلما يثق بأحد ما، فقد كان جيفريك من أولئك الذيم يعدهم من المقربين بالنسبة له. والذي يمكنه أن يأتمنه على حياته بطريقة أو بأخرى..

أما بالنسبة للحراس الذين تحت إمرته، فقد كانوا يخشونه ويحترمونه في الوقت ذاته...لهذا السبب، بدا فيكتور الذي كان من الحراس الجدد، والأقل مرتبة في قربهم من كارل. مضطرباً جداً في وجوده...

ما إن غادر جيفريك المكتب، حتى اقترب فيكتور من كارل وقال بتردد: هل طلبتني سيدي؟

سأله كارل مدعياً البرود، رغم أنه بدا مهتماً جداً بمعرفة الإجابة: سمعت أنك من الحراس الذي رافقوا لوسي إلى المدرسة...أخبرني ما الذي حدث هناك بالتفصيل... هل استطاعت أن توقع بتلك الفتاة كما أرادت؟

تردد فيكتور كثيراً قبل أن يقول في توتر: في الحقيقة سيدي....

عندها أخبره بكل الذي فعلته لوسي بالتفصيل..

وما إن أنهى كلامه، حتى غطى كارل وجهه بيده، لينفجر ضاحكاً إلى أن دمعت عيناه...

كان فيكتور ينظر إليه بدهشة، فهذه هي المرة الأولى التي يراه فيها يضحك بهذا الشكل.. أما كارل فقد أخذ يقول وهو يضحك: ما هذا؟! تلك الفتاة تستمر في مفاجأتي دائماً!

ثم هدأ فجأة، وقال في نفسه بابتسامة مستمتعة: كما هو متوقع من فتاتي!!

نظر إلى فيكتور وقال بهدوء رغم أن ابتسامته لم تغب عن شفتيه: حسناً...شكراً لك...

ثم سكت قليلاً وسأله باهتمام: هل عاد الصغيرين إلى المنزل؟

أجاب فيكتور بهدوء: كلا سيدي...لم يعودا بعد. إنهما برفقة كيفين ومارك في مدينة الألعاب...

نظر كارل إلى ساعته وقال بضيق: إنها الثانية عشرة بالفعل... أخبرهم أن يعيدوهما حالاً قبل أن يزدحم المكان..

فأجاب فيكتور بانصياع قبل أن يغادر المكتب: أمرك سيدي!

.
.
.
.

كانت جالسة على حافة سريرها بعد أن أخذت حماماً منعشاً، وبدلت ثيابها السخيفة تلك أخيراً..

لقد استغرقها الأمر أكثر من ربع ساعة لتقنع نيللي والخدم الآخرين أنها بخير، وأن كل ما في الأمر هو أنها سقطت من الدرج، لذلك تعرضت لهذه الكدمات...
من الجيد أنها كانت ترتدي حذاءها، ولقد حاولت بصعوبة ألا تسمح لهم بملاحظة جروح قدمها. وإلا لكان أمر إقناعهم أصعب بكثير...

ما يزال هناك جولة إقناع أخرى مع ايمي...والتي لا تعرف أبداً كيف ستنتهي. فايمي عندما تشك في شيء ما، لن يكون إقناعها بكذبة كهذه أمراً سهلاً أبداً...
إذاً فسوف تضطر على الأرجح لإخبارها أنها قد دخلت في شجار ما...إنها ليست كذبة بالكامل صحيح؟

تنهدت بضيق وهي تمسح تلك الجروح في قدمها بمنشفة مبللة. وبيدها الأخرى، كانت تضع كيس الثلج على خدها. علّ التورم يخف ولو قليلاً...

عندها سمعت صوت طرق خفيف على باب غرفتها...

اعتقدت أنها نيللي. لذلك أجابت دون اهتمام، وهي ما تزال منهمكةً بمسح آثار الدماء: ادخل..

سمعت صوت الباب وهو يفتح، ثم يغلق بهدوء...

عندها قالت بتهكم وهي تنظر إلى قدمها التي وضعتها على فخذ ساقها الأخرى: نيللي! أخبرتك أنني بخير بالفعل، لذلك توقفي عن القلق هكذا...

في تلك اللحظة، شعرت أن الدم قد تجمد في شرايينها ما إن سمعت صوته وهو يخاطبها قائلاً بهدوء: همممم...لكن لا يبدو لي أنكِ بخير كما تقولين..

التفتت نحوه على الفور، في حين بدت مصدومة تماماً، وقد شعرت أن قلبها يكاد يقفز من مكانه في تلك اللحظة...

لا...ليس الآن! إنها ليست مستعدةً للقائه بعد!

وضعت يدها على خدها حيث آثار تلك الكدمة. ثم التفتت بعيداً عنه على الفور، وهي تدرك أن منظرها يبدو الآن يبدو كارثياً بمعنى الكلمة!

كان هو متكئاً على الباب، بينما يحمل في يده صندوقاً بدا واضحاً أنه صندوق للإسعافات الأولية...

فأطلق تنهيدة طويلة...ليسير نحوها. ثم يجلس على الأرض أمامها بعد أن وضع الصندوق إلى جانبه..

خاطبها قائلاً بهدوء، وهو يمد يده نحوها: أرني قدمك..

خفضت لوسي رأسها وقالت بارتباك: لا داعي لذلك...إنني بخير حقاً.

تجاهل كارل كلامها وقال بإصرار: لوسي...أرني قدمك الآن!

نظرت لوسي إلى عينيه بتردد.

كان ينظر إليها بإصرار شديد...لذلك أدركت أنه لم يكن ينتظر رأيها في الواقع، فهو سيفعل ما يريده حتى لو اضطر إلى إجبارها على ذلك!

فأنزلت قدمها إلى الأرض بتردد...عندها أمسك قدمها بكلتا يديه برفق. لينظر إلى جروحها بتمعن..

تنهد بارتياح وقال: جيد...لا يبدو أنها بحاجة إلى الخياطة...

فقالت لوسي بتهكم وهي تحاول تجنب النظر إلى عينيه قدر الإمكان: لقد أخبرتك! الأمر لا يحتاج إلى أن تبالغ بشأنه أبداً!

لم يرد كارل على تعليقها ذاك...بل إنه فتح الصندوق ليخرج بعض القطن الطبي ومطهر الجروح..

فقال بخفوت وهي يبلل القطن بالمطهر: قد تلسعك قليلا... تحملي بعض الوقت حتى أنتهي من تعقيمها...

أومأت لوسي بصمت، بينما ظلت تراقبه وهو يقوم بتعقيم تلك الجروح بالقطن الطبي..

عندها علقت وهي تحاول جعل نبرتها تبدو ساخرة، إلا أنها فشلت في ذلك...فخرج صوتها مرتبكاً ومحرجاً في الآن نفسه: من يصدق أن الرئيس كارلوس تشادولي العظيم والمشهور، قد يجلس على ركبتيه هكذا، حتى يقوم بتعقيم جروح فتاة ما!

ابتسم لكلامها وقال بمكر: عليكِ أن تكوني سعيدة، فأنت أول فتاة تجعلني أجلس على ركبتيّ هكذا من أجلها!

وأردف بهمس سمعته بالكاد: والوحيدة أيضاً..

احمرت وجنتاها خجلاً وقالت باضطراب: أحمق! لا داعي لأن تقولها بهذه الطريقة!

سكت كارل قليلا قبل أن يسألها بهدوء متظاهراً الجهل: ما الذي حدث حتى أصبتِ هكذا؟

فأجابت لوسي بفتور: لقد تشاجرت مع بعض الأولاد السيئين الذين حاولوا مضايقة فتاة ما...

علق على كلامها وهو يدعي التفاجؤ: همممم حقاً؟ يبدو أنها عادة لديك بأن تقحمي نفسك في شجارات من أجل الآخرين...

فابتسمت لوسي لكلامه وهي تتذكر شجارها مع ذلك الرجل من أجل ايمي في المطار...

كان الجو بينهما غريباً جداً.

كلاهما يعلمان جيداً أنهما يكذبان على بعضهما الآن...كلاهما يعلمان حقيقة ما حدث...لكن أياً منهما لم يرد التحدث عن ذلك أبداً!

سكت كارل قليلا قبل أن يسألها بغرابة، وقد شعرت بالقلق والضيق في نبرة صوته، رغم أنه حاول إخفاء ذلك: هل شعرتِ بالخوف؟ كان يمكن أن تتأذي في ذلك الوقت!

أغلقت عينيها وابتسمت بهدوء...

تعلم جيداً المعنى الحقيقي وراء سؤاله. فهي إذا ما أرادت أن تترجم قصده بهذا...فإن سؤاله في الواقع هو( هل شعرتِ بالخوف؟ كان يمكن أن تموتي في ذلك الوقت!)

فأجابت وهي تنظر إليه بوهن: كلا...إنني معتادة على هذا...

بعدها عم بينهما صمت غريب مربك، أشعر لوسي بالاختناق حقاً...

خلال ذلك الوقت، كان كارل يلف الشاش حول قدمها بعد أن أنهى تنظيف جروحها تماماً...

عندها سألته فجأة، كما لو كانت ترجوه في نبرتها تلك: لم يكن أنت صحيح؟

في ذلك الوقت، توقف عن لفّ الشاش حول قدمها وقد بدا مصدوماً لوهلة...لكنه ابتسم بتصنع وقال بهدوء كاذب: ما الذي تتحدثين عنه؟

فابتسمت لوسي لكلامه، وقالت في نفسها بسخرية: بالفعل، ما الذي أتحدث عنه؟! إنني أعرف بالتأكيد أنه ليس هو من فعل ذلك...
في ذلك الوقت، كان هناك أربعة رجال آخرين بالإضافة إلى ذلك الرجل الذي يحمل المسدس، والرجال الثلاثة الذي كانوا بانتظاري خلف الحمامات العامة...لم تكن لدي فرصة للفوز أمامهم أبداً إذا ما واجهتهم هم الثمانية، حتى رغم أنهم أضعف مني بكثير..
بدلاً من أنه قد حاول قتلي، لقد أنقذ حياتي عندما أبعدهم عني، ولابد أنه أمر رجاله بالتدخل إذا لم أستطع مواجهتهم وحدي!!!

تابع كارل لف الشاش حول قدمها، وقال بهدوء: لا أظن أن هناك زجاج قد دخل إلى قدمك، لكن من الأفضل أن نذهب إلى المستشفى غداً حتى يفحصه الطبيب...

ابتسمت لوسي بسخرية، وسألته بخفوت: كيف عرفتَ أنني جرحت بسبب الزجاج؟

فابتسم كارل بتصنع مرة أخرى وقال بهدوء: امممم مجرد تخمين ربما؟

عضت لوسي شفتها السفلية بقهر وقالت في نفسها بألم: توقف عن فعل ذلك...توقف عن كونك لطيفاً معي! إنني أنوي قتلك، وأنت تعرف هذا صحيح؟!
عليكَ أن تبعدني...عليكَ أن تطردني...عليكَ أن تكون قاسياً معي! إنني لا أستحق هذا...لا أستحق لطفكَ كارل...

ثم خفضت رأسها وأردفت في نفسها، بينما تقاوم دموعها بصعوبة: توقف عن جعل كرهكَ صعباً علي!

جلس كارل إلى جانبها بعد أن حمل معه الصندوق ووضعه إلى جانبه على السرير. ثم وضع يده على خدها وأدار وجهها باتجاهه...

استطاع أن يرى تلك الدموع التي كانت تلمع في عينيها. وقد انسابت إحداها على خدها بالفعل..

فمسح تلك الدمعة بإبهامه وقال في نفسه بضياع: لا بأس بذلك لوسي...لا بأس بذلك طالما أنكِ ستبقين إلى جانبي!

لكنه قال بنبرة متألمة: لوسي...أنا آسف على جعلكِ تمرين بكل هذا....

ابتسمت لوسي بتصنع، وقالت بينما تتهرب من نظراته تلك: ما الذي تعتذر بشأنه؟ لقد أخبرتك أنني أصبت بهذا بسبب شجار ما، أتذكر؟

ابتسم كارل بحزن وقال بفتور: آه صحيح...بسبب الشجار..

كان يمسّد بيده على تلك الكدمة في خدها، بينما ينظر إلى عينيها مباشرة. وقد ظل ينظر إليها هكذا لدقائق طويلة أشعرتها بالتوتر ...

تحرك اخيراً ليضع إبهامه على الجرح الذي بجانب شفتيها. ثم مرره ببطء على شفاهها السفلى، في حين ظل ينظر نحو شفتيها بتخدر...

في اللحظة التي لامس فيها إبهامه شفاهها، شعرت لوسي بالحرارة تسري في كامل جسدها...
ذلك الشعور الذي أحسته كتيار كهربائي مر على طول عمودها الفقري، حفّز كل خلية من خلايا جسدها بالكامل...

قلبها ظل يدق كالطبول تماماً، في حين اصطبغ وجهها وكلتا أذنيها بحمرة حارقة...

لكن تلك الطبول المدوية في صدرها، صارت تدق بإيقاع أعلى وأعلى، حتى ظنت لوهلة أن قلبها يكاد يقفز من قفصها الصدري، وذلك لما رأت وجهه يقترب من وجهها ببطء...

شفتاه كانتا على بعد سنتمترات قليلة جداً من شفتيها...ولقد استطاعت الشعور بأنفاسه الساخنة تلفح وجهها، مما جعلها تفقد إحساسها بما حولها لوهلة..

لكنها وفي اللحظة التي أدركت فيها ما على وشك أن يحدث، أمالت جذعها للخلف حتى ابتعدت عنه قليلا، وقد كادت أن تسقط على ظهرها..لذلك أسندت جسدها بكلتا يديها في اللحظة الاخيرة..
ثم سحبت بعض الهواء إلى رئتيها، بعد أن اعتقدت أنها قد نسيت أن تتنفس آنذاك...

استطاعت سماعه يهمس وهو يضغط على أسنانه: اللعنة!

ثم قام من مكانه بسرعة وقال بارتباك، بينما يحاول تجنب النظر إلى عينيها: آآآ...سـ سأذهب إلى مكتبي الآن....إذا ما احتجتِ إلى أي شيء، فيمكنك الاتصال بي...
سأخبر الخادمة أن تطل عليكِ بين الفينة والأخرى. عليكِ أن ترتاحي الآن ولا ترهقي نفسك أبداً...و...وأيضاً...

عض شفاهه وقال وهو يسير إلى خارج الغرفة: لا شيء، لا تهتمي. سأذهب الآن...أراكِ لاحقاً!

قال هذا ليخرج من الغرفة، ويغلق الباب وراءه على الفور...

سار في الممر بسرعة، ليعنف نفسه قائلاً: تباً! ما الذي كنت على وشك فعله للتو؟ لقد كدت أفسد كل شيء!!!
.
.
.
.
ما إن غادر كارل الغرفة، حتى وضعت لوسي يديها على خديها اللذان شعرت أنهما يحترقان في تلك اللحظة. لتهتف قائلةً بعدم تصديق: يا إلهي! هل...هل...هل كان على وشك تقبيلي للتو؟؟؟!!!!

لكنها حركت رأسها نافية، وقالت محاولةً تكذيب ما حدث: لا مستحيل! ربما أكون قد فهمت الأمر بشكل خاطئ... أعني... لماذا سيفعل شيئاً كهذا من الأساس؟!

وبعد لحظات من الصمت الطويل، مررت أصابعها على شفاهها السفلى بينما تتذكر لمساته قبل قليل.

قالت في نفسها بضياع: أعلم أن هذا خاطئ لكن...في مكان ما في قلبي، لقد تمنيت أن يحدث ذلك حقاً!

ثم نظرت إلى السقف وأردفت بينما عيناها تدمعان: لكن لا يمكنني ذلك...لا يمكنني ذلك كارل. أنت بالذات...أنت بالذات لا يمكنني الوقوع في حبك!!

يتبع..

*******

(أنت بالذات لا يمكنني الوقوع في حبك!) في هذه اللحظة شعرت بالحزن من أجل لوسي😢
من الصعب أن يعيش المرء صراعاً بين قلبه وعقله خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالحب💔💔

المهم 😌

_رأيكم في الفصل؟

_توقعاتكم للأحداث القادمة؟

_رأيكم في قتال لوسي ومشاهد الاكشن في الفصل؟( ترا والله روحي طلعت وأنا أحاول أوصف اللي صار)😂

_ هل سيسعون لاستهدافها مجددا؟

_برأيكم..ما السر وراء قدرات لوسي القتالية، وما هي هويتها الحقيقية التي جعلتها بهذه القوة؟

_هل حقاً لن تشكل لوسي تهديداً على حياة كارل كما قال؟

_رأيكم في المشهد الأخير؟🙈

_هل سنشهد تطوراً في علاقة كارل ولوسي، أم انها ستستمر في رفض مشاعرها اتجاهه؟

_ بين الحب والكره والرغبة في الانتقام...أي تلك المشاعر ستنتصر في النهاية؟ وما حقيقة ما حدث قبل عشر سنوات؟

كل ذلك وأكثر، ستعرفونه في أحداث الفصول القادمة فانتظروني.

أرجو أنكم استمتعتم بالفصل..ولا تنسو التعليق والتصويت عليه..سأكون بانتظاركم..

أعلم أن تواجد ايمي وهاري كان قليلاً جدا في هذا الفصل، لكن اعدكم ان الفصل القادم سيتحدث عنهما بشكل أساسي😉

أراكم في الفصل القادم..دمتم في أمان الله وحفضه...

2018/11/23 · 725 مشاهدة · 5339 كلمة
NajwaSD
نادي الروايات - 2024