- "لا.. تفهمني غلط.. لست أنا من أسقطت العشرة سنتات!!"

ظللت واقفاً كالدمية بلا حراك، فلابد من أنه يعرفني بما أنه قام بردة الفعل تلك المبالغ فيها.. لقد كنت متحمساً جداً لكي أجد حلاً لمشكلتي. ولكنه قد ذهب.. أخرجت يداي من جيوب معطفي الدافئة وكنت أنظر إليهما لمدة..

فتذكرت شيئاً قاله ذلك الرجل قد أثار اهتمامي. نظرت إلى الأسفل فلاحظت شيئاً ساقطاً على الأرض.. فتقدمت قليلا نحو الأمام لأرى ما الشيء الموجود هناك.. لقد كان كيساً بلاستيكياً مليئاً بمسحوق أو غبار ناصع البياض.. أليس هذا بشيء مشبوه؟ فكرت في إخبار الموسيقار الغريب بالشيء الذي وجدته، وكان ذلك هو أول شيء أفعله..

- "لقد وجدت شيئاً غريباً..."

فرد علي الموسيقار الغريب بملامح هلع:

- "أ.. أنت! ذلك الشيء.. دعني أقول لك شيئاً.. ذلك الكيس البلاستيكي ارمه بعيداً الآن!!"

- "هذا يعني بأنه شيء جدّي إذن"

- "أجل.. الملح.. إختراع الشيطان.. هناك أشخاص يبيعون المخدرات هنا في الأنحاء.. وهذا أكثر ما يعرف به هذا الشارع."

- "هذه المنطقة خطيرة هممم.. تجار مخدرات...... مخدرات...... تجار مخدرات..؟ فور سماعي لتلك الكلمات أحسست بصداع في رأسي وبدأت أشعر بأنني أتذكر شيئاً ما من الماضي حول نفسي..

كان أول شيء أتذكره.. كان شخص مجهول يشبهني إلى حد ما في شكلي الخارجي يتحدث عن شيء له علاقة بالأعمال والمخدرات.. وكان قد أخرج بطاقة أعماله أيضاً.. على الأرجح بأنه قد كان تاجر مخدرات.. وها أنا الآن لا أعرف ماذا سأفعل، لا ملامحه ولا صوته كانا واضحين، ولكن ذلك الرجل الذي أخرج بطاقة أعماله.. هل كان أنا؟ إن كانت تلك هي القضية.. فأنا سوف...

قاطع الموسيقار الغريب تفكيري وبالرغم من أنني كنت بجانبه إلا أنني نسيت أمره..

-" هاي، ما المشكلة؟ "

استدرت لأواجهه ولأسمع ما يقوله لي.

-" هل أنت بخير؟ وجهك يبدو باهتاً. "

-" آه... لا.. أنا بخير "

استدرت مرة أخرى لكن هذه المرة أدرت ظهري للموسيقار الغريب وظللت أفكر مرة أخرى. هل أنا.. تاجر مخدرات..؟ كان الموسيقار الغريب مستغرباً مما أفعله.. فقام من مكانه متوقفا عن العزف وقد وضع آلة الجيتار الخاصة به جانباً على الأرض ومن ثم قال لي.

-" ألا تشعر بالبرد؟ يمكنني أن أشتري لك شيئاً ساخناً لتشربه. "

استدرت للمرة الثالثة لأجده واقفا وشكرته. ابتسم الموسيقار الغريب وذهب بعكس الطريق المؤدية إلى العمود الذي يحمل الساعة الرمادية الضخمة. حولت نظري إلى آلة الجيتار الخاصة به واقتربت منها وحاولت العزف بها قليلا.. جالسا على الأرض مثل ما يقوم الموسيقار الغريب كل يوم..

كانت لدي آلة جيتار قديمة جدا.. إعتدت على العزف بها كثيراً.. ولقد كان هناك جمهور أيضاً.. جمهور.. أي جمهور؟ فجأة أتتني ذكرى سريعة في رأسي بسرعة البرق ومن ثم إختفت، حيث كانت هناك فتاة واقفة في هذا الشارع بالضبط أمامي مباشرة بعدة أمتار.. وأنا مستغرب حاولت تذكر تلك الذكرى ولقد كانت سريعة مجدداً ولكن هذه المرة عرفت شيئاً مهما للغاية..

لقد كانت فتاة جميلة تقف وسط هذا الشارع الذي أنا جالس فيه.. هذا صحيح.. لقد كنت أنتظرها! ولكنها لم تظهر لسبب من الأسباب..

فسمعت صوتاً يناديني وأنا أعود إلى رشدي.. كان الموسيقار الغريب واقفاً على يساري وهو يصرخ علي قائلاً..

-" لا تلمس أشيائي دون مواققتي "

أدركت خطئي ووضعت آلة الجيتار الخاصة به جانباً وقمت من مكاني وأنا أحدثه..

-" هاي، إسمعني! أعتقد بأنني أتذكر قليلا! "

-" مهلا مهلا مهلا، قبل ذلك.. هل ستدفع لي؟ "

تسائلت عما قاله لي لأنني لم أفهم قصده..

----------------

جلسنا وقمت بازالة القبعة من رأسي وبدأنا نتحدث.. قال الموسيقار الغريب:

-" لماذا علي أن أشتري لك القهوى؟ "

فأجبته: " القهوى لن تساعدني في شيء، كما أنني لا أملك حافظة نقودي "

-" لقد كنتَ ستقابل فتاةً، أليس كذلك؟ فلماذا لا تحمل معك نقوداً؟ "

-" أضعت حافظة نقودي عندما فقدت ذاكرتي.. "

-"(تنهد) يا رجل.. "

عم الصمت لمدة ولكني بدأت بالتحدث مرة أخرى.

-" ولكن، لماذا...؟ لماذا لم تظهر عندما كنت أنتظرها؟ "

ضحك الموسيقار الغريب ومن ثم قال:

-" من المحتمل أنها تخلت عنك "

-" ربما.. هذا يذكرني، لقد كانت دائما توبخني.. كانت تقول لي بأنني كنت غامضاً ومتردداً كثيراً.. لهذا السبب فمن الممكن أنها تخلت عني؟"

-" هل أخدت مزحتي على محمل الجد؟ هاي أنا آسف "

-" لقد كنت أمزح أنا أيضاً "

-" اللعنة.. "

عم الصمت مرة أخرى لمدة قصيرة.. وتكلم الموسيقار الغريب أولا.

-" هاي.. أنت، ألا تملك هاتفاً محمولاً؟ "

-" أظن أنني كنت أملك واحداً.. أعتقد أنه ضاع مع حافظة النقود "

كان الموسيقار الغريب لا يزال يعزف لكنه وفي نفس الوقت يستمع إلي.

-" هاي "

-" ماذا مجدداً؟ "

-" ربما، ستأتي تلك الفتاة لتبحث عنك.. لماذا لا تنتظر لوقت أطول قليلاً؟"

قمت من مكاني وارتديت قبعتي الدافئة مرة أخرى وقلت له:

- "نعم يمكنني فعل ذلك"..

يتبع...

2021/08/21 · 65 مشاهدة · 740 كلمة
نادي الروايات - 2025