كانت قدماه تتسلقان بثبات، ثابتتين مثل الماعز الجبلية، تتتبعان التعرجات فوق المنحدرات الشديدة وتعبران التلال المتهالكة. والآن لم يفصله عن الهوة المتسعة بالأسفل سوى أثر رقيق، حيث ضاع القاع وسط الضباب الدوامي. ضربت عاصفة ظهره، وحثته على المضي قدمًا كما لو كان نذيرًا بكل ما ينتظره. بعد أن تشدد على نفسه، سار عمدًا على طول الطريق الغادر، وركز بشكل كامل على مواضع الأقدام الصلبة. مرت الساعات في هذه الوقفة الاحتجاجية المنعزلة، مصحوبة فقط بأنفاسه المتقطعة والطحن المستمر للأقدام. ببطء، وبشكل غير محسوس، أصبح المسار أكثر سلاسة تحت مداسه، وتحولت التضاريس من الصخور الصخرية إلى مادة إسفنجية ناعمة. كانت ساقاه الرصاصيتان تنجرفان خلال كل خطوة في حالة ذهول، وتطيعان أوامر سيدهما بشكل أعمى. فقط عندما تحول الضباب في الأسفل إلى سحب خافتة، أدرك الأمر - كانت قدماه تحملانه ليس على الحجر، بل تخطو من تلقاء نفسها على نفس السحب المنجرفة بالأسفل! أصابته هزة من الذعر، وأدرك بشكل مذهل العدم الممتد إلى ما لا نهاية في كل الاتجاهات. كيف كان هذا ممكنا دون الوقوع في هلاكه؟ ومع ذلك لم يسقط. واجهت كل قدم مقاومة غير مرئية، مما أتاح لها المرور المؤكد كما لو كانت لا تزال على أرض صلبة. بدا كل العقل معلقًا هنا في المساحة الحدية بين الأرض والسماء، حيث فقدت القوانين الفيزيائية معناها. ومع ذلك، كان يسير بخفة غريبة، مدفوعًا بجانب ضفاف ركامية رقيقة طبيعية مثل أي مرج. وهو يحدق حوله في عجب، ولمح في المسافة المنحدرات الرمادية الخارجة من البخار الكثيف، مما يشير إلى سفوح الجبال الصلبة مرة أخرى. وبأمل متجدد ومؤقت، غير مساره تدريجياً نحو الأسفل، وبدا أن السحب تنحني بإرادته. من المؤكد أنه سرعان ما تجسدت قاعدة صخرية تحته مع انحسار الضباب، واستعاد الأرض الصلبة أخيرًا. وهكذا قادت تجواله إلى أماكن لا يمكن تصورها، متحدية كل منطق واحتمال. ومع ذلك، فقد حل القبول محل عدم التصديق منذ فترة طويلة - ولم يكن بوسعه إلا أن يستسلم لاتباع أينما يوجهه الدافع، مهما كان المسار سرياليًا. على الرغم من أن الإرهاق استهلك روحه، إلا أنه استمر في السير مطيعًا، مجبرًا على قوى لا يمكن فهمها. وبينما كان يشق طريقه إلى أسفل المنحدرات الصخرية المتغيرة، لفتت انتباهه حركات غامضة أمامه. تشدد أعصابه المتدهورة، واقترب أكثر من الحجارة المسننة حتى ظهر المصدر من خلال الضباب الدوامي - قطيع صغير من الماعز الجبلي، يلتقط بين النتوءات الصخرية.تجمدت المخلوقات عند اقترابه، ونظرت بحذر ولكن دون خوف. توقف باحترام، وكان راضيًا ببساطة بملاحظة رشاقتهم الغريبة على هذه الأرض التي حطمت حتى بنيته الحديدية. لقد سيطر عليه بعض الهدوء الداخلي في تلك الشركة الهادئة، والتفاهم بين أقارب متجولين مقيدين بأهواء الظروف الخارجة عن السيطرة. هبت عاصفة مفاجئة وأزاحت أي ضباب متبقي، وكشفت عن الوادي المكشوف بكل جماله البري بالأسفل. كانت القرى تلتصق مثل عث الغبار بالمنحدرات السفلية الخضراء، وكانت الطرق منسوجة بدقة فيما بينها. استمرت الحياة لأولئك المباركين بالجذور، بينما بقي هو منفصلاً إلى الأبد، عابرًا عوالم تتجاوز حدود المعرفة البشرية. ومع ذلك، فقد وجد عزاءه، وهو يراقب تلك النفوس المجهولة وهي تكدح بسلام - أنه مهما كان طريقه غريبًا ووحيدًا، فإن جميع الرحلات في النهاية ساعدت في إلقاء الضوء على إنسانيتنا المشتركة. مع إيماءة استسلام للماعز، استأنف رحلته إلى الأسفل، تاركًا عالم الجبال وراءه كما هو الحال دائمًا، متجولًا...

ولكن....وبدون إرادته تحركت يده للمرة الاولى وإنتزعة قلبه بسرعت خاطفه لم يستطع حتى التفكير في الأمر...

ومن هنا دخلة روح غامضه للجثه بعد رجوع القلب للجسم وإلتآمه، و إلتصاق قناع أبيض بوجه الشخصيه وإرتداءه بذلتا رسميه سوداء

2024/01/26 · 23 مشاهدة · 542 كلمة
آدم
نادي الروايات - 2025