الصباح التالي اجتمع الكل على مائدة الإفطار عدا السيد هارث ، توجهت إيميليا نحو غرفته لتتفقده « أجل أجل ، بالطبع ، لا لم تذهب ، يبدو بأن حُجة الرحلات نجحت ، لست مطراً للدفع لهم بعد الآن ،وداعاً إذاً» تسمّرت إيميليا في مكانها ، ظلت تحاول اقناع نفسها بعكس ما فهمته لكن باتت الأمور واضحة !

انضم لهم السيد هارث بعد الإنتهاء من مكالمته ، حينها لاحظ على إيميليا الشرود « إيمي لِمَ لا تأكلين ؟ »

« أعتذر ، لا رغبة لي بتناول الطعام . » نهضت إيميليا من طاولة الإفطار متوجهةً نحو غرفتها، حاولت عمتها منعها عن الذهاب فأوقفتها كايا.

دخلت إيميليا غرفتها وأغلقت الباب، بقيت تفكر، كل مرةٍ يرفض طلبها للرحلات الميدانية، كُل بحثٍ يرفض كان بسبب والدها! لِمَ لم يخبرها من البداية ان تستقيل وحسب! صحيح انها قد لا تستجيب لطلبه، لكن على الأقل ستعرف بأنه غير راضٍ عن عملها!

حينها تنبهت لردةِ فعل والدها حين يتجادل أي شخص مع إيميليا بسبب عملها في مكتب الآثار، كان يكتفي بالصمت وحسب، لا يقول أي شيء فقط يكمل ما بيده في هدوء.

_____

حل المساء، ظلت كايا تحاول إقناع إيميليا بفتح الباب لها، فقد تستجيب لطلبها بعد أن تعبت روز من الإنتظار حاملةً الطعام، لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل.

وفجأة، قررت إيميليا فتح الباب أخيراً مما تسبب في سقوط كايا على الأرض «أين أبي؟» فغرت كايا فاهها مندهشة، فقد خرجت إيميليا مرتديةً ملابس العمل وقد صففت شعرها ايضاً ! «في غرفته ، إيميليا ...انتظري إلى أين !» ذهبت كايا برفقه إيميليا إلى غرفة السيد هارث لمعرفه ماستفعله رفيقتها.

طرقت إيميليا باب غرفة والدها بشدة، وعند دخولها قررت كايا الإنسحاب فقد بدى انها تريد الحديث مع والدها بإنفراد.

«إيميليا أخيراً قررت الخروج من غرفتك!» كان السيد هارث جالساً يُطالع صحيفته بإهتمام، مما أجبر إيميليا على الإقتراب منه أكثر حتى ينتبه لوجودها أكثر. «أحتاجُ للحديث معك في موضوعٍ مُهم» وضع السيد هارث الصحيفةَ جانباً وخلع نظارته.

«أبي، لماذا برأيك طُردت من مكتب الآثار؟ »

«لا عِلم لديّ، لكن على الأغلب أنهم قد خسروا موظفةً مجتهدة» ظل السيد هارث متمسكاً بإبتسامته قدر المُستطاع قبل أن تباغته إيميليا بسؤالها

«وماذا عن مكالمةِ البارحة؟ »

«أي مُكالمة؟» حاول السيد هارث الحفاظ على هدوءه، فقد أحسَ بالخطر

«سمعتك تتحدث مع شخصٍ ما عن.... رحلات؟ دفع؟لم تذهب للعمل؟ »

اطلق السيد هارث قهقه صغيرة«عن ماذا تتحدثين إيمي! يا إلهي يبدو بأنك جائعة! » أمسك السيد هارث بالهاتف الموصول بالمطبخ يريد طلب الغداء لإيميليا«أبي، لست جائعة، أتيت لأتحدث معك وسأرحل بعدها» أغلق السيد هارث الخط فاستأنفت إيميليا كلامها «أبي، أنا أعلم بأنك وراء كل مايحدث معي في العمل»

«ماذا تقصدين! »

«كل بحثٍ قدمته ورفض، كل طلب لرحلةٍ ميدانية قد رفض، وحتى التقييم، قدمت رشوات لكل هؤلاء! » لم تستطع إيميليا أكمال حديثها، أمتلئت عينها بالدموع وطغت بحة البكاء على صوتها.

«إيمي، أنتي تعلمين أن كل هذا لمصلحتك، فقدتُ والدتك بسبب هذه المهنة ولا أريد خسارتكِ أنتِ أيضاً، لا أريد أن تذهبي لمكان بعيد وتلقين حدفك هناك،وحدك»

«لكن أبي كان بإمكانك أن تمنعني من البداية، جعلتني أعيش على أمل أني سأصير باحثةً مرموقة، كل هذه المدة ظننتُ أن العيب فيّ أنا، كنتُ أقول في نفسي أني فاشلة ولا أستحق هذه المهن..» حينها قاطعها والدها كي يناولها كوباً من الماء «لو منعتُكِ منذ البداية، أكنت ستتركين العمل؟ لا»

«أنتَ لم تسألني حتى!»

«إيمي، يكفي. أن كنت تشعرين بالملل يمكنك القدوم والعمل معي في الإدارة. حُسم الموضوع» سالت دموع إيميليا من شدة الغضب، لا تستطيع أن تتجادل معه أكثر خشية أن يتحول الجدال إلى شجار لذا قررت الإكتفاء بالصمتِ والخروج .

توجهت إيميليا نحو الخارج لتتبعها كايا« إيميليا مالذي يحدث معك! إلى اين تذهبين الأن؟» صعدت كايا لسيارة إيميليا ، ولم تمانع إيميليا ذلك بتاتاً ،حينها أدركت كايا بأن إيميليا تريد منها مرافقتها .

«إن كنتِ تريدين رؤية جون فستجديه غالباً في الكافتيريا ، لدي عمل أنجزه مع أحدهم» لم تُرد كايا ترك إيميليا وهي بهذه الحالة فقررت الذهاب معها « لقد أتيت لأجلك انت وليس جون ، ثم من أتى بذكر جون الان!» تبسمت إيميليا في وجهه كايا مما أثار تعجبها «لنذهب إذاً» .

« أنتظري هُنا لن أتأخر» دخلت إيميليا لمكتب السيد رويس وتركت كايا عند الرواق.

«آنسة هارث، يبدو بأنك مُصرة على إزعاجي» كان رويس جالساً مسترخياً على مكتبه على غير العادة، فيبدو بأنه قد أنهى أعمال اليوم.

«للأسف، حلت عليك لعنه إيميليا هارث»

«بما أن رائحة عطرك ليست بمزعجه، لديك عشر دقائق تكلمي»

«سوف أتجاهل تعليقك المستمر على رائحت..»

«ستفعلين بالطبع» نظرت إيميليا لرويس بحيرة، أنه لا يضيع أي فرصة لمقاطعه حديثها او إستفزازها!

«سيد رويس لا أقصد إهانتك، لكن هل أعطاك والدي أي مال؟ »

«لا، فشلتِ بجدارة، مع أنه قدم لي هذا العرض لكنني رفضت. بالمناسبة انها أول مرة أرى شخصاً يريد فشل أبناءه! »

«وماذا عن من هم أعلى منك في اللجنة؟ »

«لا أعلم، في الواقع علاقتي بهم ليست وطيدة لذا لا اتحدث معهم كثيراً »

أستغلت إيميليا هدوء رويس لسحب أكبر قدر من المعلومات منه «هل قام أحدهم بالإطلاع على نتيجة التقييم ؟»

«احدهم؟ تقصدين جميعهم»

«أعتقد بأني قد فهمت الان!»

« هارث ، أعتقد بأنك تلمحين بحدوث تزوير أو غش أو مهما يكن في نتيجة إختبارك صحيح؟»

«ربما!»

«اطمئني، أنا كنت سبب طردك. حتى ولو كُنت قد ذهبت في رحلات من قبل، كنت سأطردك. أنتهى وقتك وداعاً » نهض رويس من مكانه وتوجه نحو إيميليا كي يدفعها نحو الخارج.

ظلت إيميليا تبحث عن كايا بعيون مدمعه في انحاء المبنى، حينها وجدتها واقفة تتربص من بعيد بشخص ما.......صحيح أنه جون!

«وضعكِ خطر !» همست إيميليا لكايا متسببة في فزعها «هش! سيسمعنا، لا تصدري أيّ صوت!» دفعت إيميليا كايا للتحرك نحو الأمام عمداً حتى يلاحظهما جون ،حينها وقف جون دون حِراك ينظر لهما قبل ان يدرك وضعه«كايا منذ متى وأنتِ هنا!» صرخ جون

«لهذه الدرجة أنا غير مرئية؟ كايا سأنتظرك في السيارة » غادرت إيميليا وتركت كايا وحدها مع جون لعلها تحسم الموضوع دون تدخلها .

لم تلبث إيميليا طويلا حتى عادت للسيارة « عدت بسرعة!»

«أعلم . لم أستطع التحدث معه»

«إذاً لماذا تركتني اغادر أن لم تستطيعي التحدث !»

«إيميليا ، أيمكننا الذهاب للمنزل وحسب؟»

فور وصولهما للمنزل توجهت إيميليا سريعاً نحو غرفتها ، تارك كايا بعد ان طلبت منها البقاء في الحديقة لتستنشق بعض الهواء ظلت إيميليا تبحث في جميع الخزائن عن ذاك الملف الذي يحتوى بعض المعلومات عن رحلة والدتها المفقودة .

وجدت الملف ، ثم بدأت تقلب الصفحات تبحث عن معلومةٍ معينة ، وجهة والدتها الأولى ، ومن حسن حظها سُجلت أغلب المعلومات الأساسية في هذا الملف لذا ستكون المهمة سهله بعض الشيء.

ظلت تبحث عن أي معلومة متعلقة بالرحلة ، المطار الذي غادرت منه وهبطت فيه ، تاريخ الرحلة ، أو حتى شركة الطيران ، لكن لم تجد سوى نسخه من تذكرة السفر وقد تكون كافيه بالنسبة لها !

2022/01/18 · 85 مشاهدة · 1076 كلمة
نادي الروايات - 2025