كتب في التذكرة بعض المعلومات مثل الإسم والعمر وعدد الحقائب بالإضافة لرقم المقعد ، وفي اسفل الورقة كتبت الوجهة

" لشبونة - البرتغال"

وضعت إيميليا التذكرة جانباً وأكملت البحث في مستندات الملف لعلها تجد شيئاً أخر . وصلت للورقة الأخيرة في الملف ، كُتب بخطٍ عريض في أولها "إيصال خدمة الأمانات - بنك لشبونة المركزي "

ذُكر في الإيصال انه تم حفظ الغرض الخاص بالسيدة هارث في تاريخ 13\5\2001 وكانت الرحلة قبل هذا الوقت بخمس أشهر ، أي ان والدتها بقيت في لشبونة لخمس أشهر!

أخرجت إيميليا هاتفها لتسجل جميع المعلومات المُهمة التي حصلت عليها ، رقم مقعد الطائرة ورقم الرحلة بالإضافة لساعة الوصول ثم قامت بإلتقاط بعض الصور للتذكرة والإيصال من باب الإحطياط .

طرق باب غرفة إيميليا مُعلناً عن دخول كايا « ماذا تفعلين! أقصد ما كل هذه الأوراق المبعثرة!»

بدأت إيميليا بجمع الأوراق سريعاً حتى لا يتسنى لكايا قراءتها او الاطلاع عليها فهي تحاول إبقائها سريه قدر المستطاع .

«أجمع بعض المعلومات عن رحلةٍ جديدة ، أخطط للذهاب إلى...إلى.. مصر القديمة! قد أكتشف شيئاً جديداً لم يره أحد من قبل»

«مصر القديمة! ألم تُطردي من عملك؟ كيف ستذهبين!»

قفزت إيميليا على فراشها لتردف قائلة «لم أستسلم بعد، واثقة بأن ثورة نجاحاتي المتتالية لم تبدأ حتى الآن »

«وكيف سيسمحون لك بالدخول دون ترخيص من المؤسسة؟»

صحيح! أعتقد بأن هذا قد فاتني.... لكن لا بأس سأجد طريقةً ما.» بقيت إيميليا تحدق في السقف بشرود

كانت خطة إيميليا التي قد رسمتها في البارحة قيد التنفيذ الان ، في الواقع تبقت فقط بضع خطوات لتكتمل!

_____

في اليوم التالي حزمت إيميليا جميع المستندات المطلوبة في حقيبة للأوراق، ثم توجهت نحو الخارج بهدوء حتى لا يراها أحد.

ذهبت لوجهتها المعتادة، مكتب الآثار، وحين دخولها سألت عن السيد رويس لكن لم تجده، لأن أيام التقييم في مؤسستهم قد أنتهت بالفعل، لذا قررت زيارته في المقر الرئيسي للجنة فبالتأكيد سيكون هناك.

وفي أثناء قيادتها لسيارتها، ظلت تفكر بما ستفعله ان لم يقتنع رويس ، فهو من النوع ذو الرأس الصلب فغالباً سيرفض فكرتها ليس لأنها سيئة ؛ بل بسبب العناد لذا اقناعه سيكون صعباً بعض الشيء.

رتبت إيميليا الافكار في رأسها ،ثم بدأت تقارن بين افضل العروض التي ستقدمها له

أولاً: الرحلة مدفوعه التكاليف ليس عليه سوى تحريك جسده والذهاب معها.

ثانياً : يمكنه المغادرة متى ما اراد وتذاكر الرجوع من مالها ايضاً .

ثالثاً: يستطيع طلب مايريد من الطعام والثياب .

إلى ان تصل للحل الاخير وهو ببساطه العمل لديه لمده سنه وهذا هو اسوأ ماقد تفعله في حياتها .

وبعد القيادة لمدة الساعة والنصف وصلت اخيراً لمقر اللجنة ، ركنت سيارتها في المواقف المخصصة للزوار وهمت بالدخول.

طرقت السكرتيره باب مكتب رويس بخفة قبل أن تعلمهُ برغبة إيميليا في مقابلته، حينها تنهد السيد رويس قبل أن يسمح لها.

«يبدوا ان لعنه هارث لن تزول » نطق رويس وهو يراجع مابين يديه من اوراق واضعاً قدميه على سطح مكتبه دون اكتراث لوجود إيميليا

«لا للآسف، فقد قرر الآله معاقبتك بواسطتي هل تعترض على حكمه؟ »

رفع رويس بصره نحو إيميليا متعجباً من جرائتها في الحديث معه، وكأنها لم تخرج باكية بالأمس!

«بما أني لازلت اعاملك بلطف اغربي عني ولاتزعجيني، انا رجل مشغول بعكسك»

تنهد رويس ثم مد يده للهاتف المثبت على مكتبه حينها علمت إيميليا بنيته في الاتصال بالأمن.

«انتظر لحظة من فضلك! لم أتي الى هنا بنيه ازعاجك ياسيدي الموقر، فقد جئت لهنا بغرض تقديم عرض عمل»

اعتدل رويس في جلسته وأبعد مابين يده وقد بدت على ملامحه علامات الاهتمام

«أقترح عليك ان نقوم برحلة عمل لأثبت لك بأني استحق العمل في مؤسسة الآثار، ولأزيد المهمة صعوبة، ستكون في منطقة لم يذهب لها الكثيرون بل من ذهب لها عاد لأنه قد اوشك على فقدان الطريق»

« وماذا سأستفيد أنا من رحلتك هذه؟ أرى انها اضاعة للمال والجهد والوقت»

«هل تعتقد بأني طلبت منك الذهاب معي دون ضمانات؟ »

«اظن أننا نستطيع التحاور الان! » رفع رويس سماعة الهاتف ليطلب فنجاناً من القهوة لنفسه دون إيميليا، فعبوات القهوة اللتي يحبها اصبحت محدودة!

دخلت السكرتيرة وبرفقتها كوب القهوة وعند خروجها طلب منها رويس عدم ادخال أي احد نظراً لانه مشغول.

«إذاً يا آنسة، ماهي ضماناتك؟ »

فكرت ملياً قبل ان تقرر ان لاتعرض عليه الطلب الاخير، فهو شخص متسلط وسيذهب معها على هذا الشرط.

«أعرض عليك ان تكون الرحلة من أموالي الخاصة وقد اقترض من اموال والدي، فمن الأساس لايمكنك طلب الاموال من اللجنة لشخص موقوف، بالإضافه لذالك يمكنك العودة متى اردت ولن امنعك»

«كما تعلمين المال ليس كل شيء، ماذا عن الترتيبات والرخص وما إلى ذلك؟ »

«سأتكفل بهم بطريقتي الخاصة»

نهض رويس من مكانه وتحرك نحوها مما تسبب في فزعها

«كما تعلمين، سمعت بخبر ترقية والدك! » وقبل ان يكمل مد سبابته ونقر بها جبين إيميليا «أحضري لي خِطاب يفيد بأني سأعمل في الادارة معه اذا عدنا من الرحلة، العمل هنا مضيعة للوقت لشخص مثلي » ابعدت إيميليا يده من جبينها واردفت «سيكون عندك بحلول مساء الغد. »

«جيد بدأت تفهمينني الآن ياهارث » توجه رويس نحو مقعده من جديد «نظراً لأنني مشغول اليوم وقد قدمتي لهنا دون موعد، تعالي غداً برفقه الخطاب الخاص بالوظيفة وعندها سنتناقش في التفاصيل....وقبل ان انسى اين سنذهب من الأساس؟ »

«كما قلت غداً سنتقابل ونحدد كل شيء »

نظر لها رويس ملياً قبل ان يردف«لا بأس بما انك ستحضرين الخطاب، سنتقابل هنا وخذي موعد من السكرتيرة في البداية »

«قبل ان اذهب، اعطني معلوماتك حتى ارفقها في خطاب التوظيف، تعلم احتاج لها »

تناولت إيميليا هاتفها وبدأت تسجل الاسم الكامل، رقم الهوية، العمر

«كم عمرك سيدي؟ »

«لحظة.. » اخرج رويس بطاقة الهوية المدنية ليخبر إيميليا بعمره، حينها تفاجأت إيميليا لكن لزمت الصمت فربما نسي بأي يوم او شهر قد ولد.

اكملت بقية المعلومات التي تحتاجها، بعدها غادرت وهي مشوشة البال.

_____

حل المساء، ومازالت إيميليا تنظر لسقف غرفتها بشرود، كيف سأقنع والدي بكتابه خطاب التوظيف الخاص بالسيد اللعين؟ هذه هي الجملة اللتي تدور ببالها منذ ان خرجت من عنده.

حينها خطرت ببالها فكرة، وهي سرقه توقيع والدها ثم إدراج الخطاب ضمن بقيه الخطابات التي قد كتبها سابقاً ثم ستسلم نسخه منه لرويس.

خطة محكمه في ذهن إيميليا ولكن تبقى التنفيذ الذي هو اصعب مرحلة.

تسللت بخفه خارج غرفتها مستغلةً نزهة والدها للحديقة الخلفية رفقة مساعده الخاص، وبهدوء حاولت فتح باب المكتب لكنه موصد لتوصد معه امالها.

لكل باب في منزلهم له مفتاح أساسي ومفتاح احطياطي، فكيف ستأخذ الاحطياطي من روز؟ أجل إنها الاستعارة وليست السرقة!

غيرت وجهتها نحو المخزن الخاص بالمطبخ، فقد سبق ورأت روز تخرج لها المفتاح الاحطياطي لان مفتاحها الخاص قد ضاع، ولماذا يحتفظون بالمفاتيح الاحطياطية هناك؟ لأن السارق لن يفكر بأنها موضوعة خلف اكياس الطحين والسكر.

كان الطُهاه مشغولون بإعداد الطعام لذا لم يلحظ احد دخولها للمخزن، دفعت البوابة مُحاولةً عدم إصدار أي صوت وقد نجحت.

وصلت للقسم المطلوب، لكن لسوء الحظ كان المخزن قد مُلء حديثاً بالطحين مما يعني ان عليها إزاحة كيس القماش الضخم المحتوي على الطحين وحدها.

حاولت ان تسحبه بشتى الطرق ولم تفلح، بإتجاه اليمين او اليسار، حتى بأنها قد استعملت الفيزياء فقامت بإحضار عصا كانت مرمية في الجوار ووضعتها اسفله علها تنجح في دفعه للأمام

«ماذا تفعلين هنا! »

اجل انه ادمز، لوهلة تصلبت إيميليا وتجمد الدم في عروقها من الفزع.

«ارعبتني! اه قلبي توقف عن النبض»

«لم انتِ هنا؟ هل تقومين بسرقة الطحين! أجننت؟ »

انفجرت إيميليا في الضحك ورمت العصا من بين يديها «بما انك هنا سعادني في ازاحة هذا الشيء»

«لن احركه من مكانه حتى تخبريني بالسبب»

فكرت إيميليا هل تخبره بأنها تحاول اقتحام مكتب والدها؟ ام تكذب عليه ببساطة؟

«سأخبرك، لكن ليس كل شيء. اريد المفتاح الاحطياطي لغرفه نومي؛ لاني قد اضعته ولا اريد من روز بأن تعرف، فغالباً ستوبخني»

«وما دخل مفتاحك بالطحين! »

«سيد ادمز هل تود مساعدتي؟ »

«لا»

«لم تصعب الأمور علي! » نظرت إيميليا لادمز بنظرات يملؤها الحزن والاستياء، علها تنجح في اقناعه.

«يا إلهي العزيز! حسناً سأحاول لكن بشرط، لم تريني أبداً هنا، كنت اعد العشاء »

«من انت؟ انت شبح يحاول مساعدتي »

«بالضبط! »

تقدم ادمز نحو الكيس، ثم امسك به بكلتا يديه وقد تفاجأ من حجمه، لكن اهم ما عنده الكرامه.

انتهى ادمز من ازاحه الكيس وتوجهت إيميليا نحو الحائط اللي كان يقع خلفه، فقامت بسحب القطعه الخشبيه التي تعد ساتراً لما خلفها من مفاتيح.

كل مفتاح كتب عليه بخط صغير رقم الغرفه، وقد رتبت بحسب ترتيب الغرف في المنزل، يبدأ اولاً بغرفه الأستقبال "1" وينتهي بالغرفه الصغيرة اعلى المنزل "56".

ظلت تبحث عن ضالتها تحت انظار ادمز المنتظرة «اسرعي لدي عمل لست متفرغاً مثلك! »

وأخيراً وجدته بعد عناء، لتنتهي اول مهمة وتنتهي معها معاناة ادمز في هذه اللحظة.

حينها قصدت المكتب في خطى سريعة وحذرة، تنظر يميناً وشمالاً علها ترصد أحدا في الممرات المؤدية إليه.

برَويه وهدوء بدأت في ادخال المفتاح في ثقبه الصغير لتديره بعدها فيصدر صوتاً يدل على فتح الباب واخيراً!

2022/01/19 · 88 مشاهدة · 1392 كلمة
نادي الروايات - 2025