أرك عشرون يوماً الفصل الثالث من الارك عدد الكلمات: 2640 كلمة
تفتحُ ريبيكا عينيها وتنظرُ إلى السماء لترى فيها سرباً من الغربان ، تنهضُ قليلاً وتحرّكُ ذراعيها وجسمها وتفتحُ يدَها وتغلقُها لتجدَ جسمها في صحّةٍ كاملة !
ريبيكا : يبدو أن قوةَ العمالقة قد عادت إلي من جديد ، رفاق هل أنتم بخير ؟
ثم تنظرُ إلى الأرضِ بجانبِها وتتفاجأُ بأكثرِ منظرٍ مرعبٍ ومثيرٍ للإشمئزاز رأَته في حياتها ، حيث ترى رون ومارك قد ماتا وصارا جثّتين هامدتين والغربانُ قد التهمت أجزاءَ من أجسادِهم وقد خرجت أحشاؤهم وهناكَ غربان تأكلُ من رؤوسِهم ومن مقلِ عيونهم .
تديرُ ريبيكا وجهَها عنهم مباشرةَ وتسقطُ أرضاً على ركبتيها وتضعُ يدَها في فمِها ، عيونها مدمعتان وتشعرُ أنّها على وشكِ التقيّؤ ، يبقى لسانُها عاجزاً عن قولِ أي شيء من شدّةِ الصدمة ، ثمَّ يخطرُ على بالِها أمرُ ميل ! تنظرُ وتراها مرميةً على الأرضِ بعيداً ثمَّ تقفُ وتبدأُ بالجريِ نحوَها وهي تردّدُ "ميل ميل ميل ميل" ، تصلُ لعندِها وترى وجهَها مقلوباً باتجاه الأرض ، تُقرّبُ يدَها من رأسِها .
ريبيكا تردّدُ في رأسِها : كوني على قيدِ الحياة ، أرجوكِ ... أرجوكِ ... أرجوكِ .
تمسكُ ريبيكا رأسَ ميل .
ريبيكا : أرجوكِ ... كوني حيّة ... أرجوكِ ... أرجوكِ .
ثم تديرُ رأسَ ميل ويظهرُ أنّه عبارةٌ عن جمجمةٍ فارغة ولا يوجدُ أيُّ لحمٍ في رأسها وكلُّها عبارةٌ عن عظام ، تنظرُ إليها ريبيكا للحظات عاجزةً عن الكلام ،ثم تمسكُ رأسَها وتبدأُ بالصراخِ بأعلى صوتِها حتى تصلَ صرخاتها إلى أعالي السماء .
. . . . . . .
تفتحُ ريبيكا عينيها وتنظرُ إلى السماءِ فتراها فارغة ، تشعرُ بجفافٍ وجوعٍ شديد وتشققاتٍ في فمِها وانسلاخ جلدِها من الشمس ، ثمَّ تدركُ أنّها كانت تحلمُ منذ قليل .
تنظرُ حولَها فترى أن رون ومارك لا زالا على قيدِ الحياة لكن مغمى عليهما ، لا تعرفُ ريبيكا هل تفرحُ لأن أصدقائَها على قيدِ الحياة أم تحزنُ لأنّها لم تستعد قوةَ العمالقة ولكن يغلبُ عليها بعض شعور الفرحة ، لا زالَ هناك يومان على استعادةِ قوةِ العمالقة ، ثمَّ تبدأُ ريبيكا بالتفكير .
ريبيكا : بسرعة فكّري بشيءٍ ما ريبيكا، فكّري ، الآن كلُّ شيءٍ يعتمدُ عليكِ !
تفتّشُ ريبيكا بين أغراضِ الحقيبةِ لعلّها تجدُ شيئاً ما يفيدها فتجدُ تلكَ الساعةَ التي أعطاها أياها ذلك الرجل في روديني ، تنظرُ ريبيكا إلى الساعةِ وتتذكرُ كلماتِ ذلك الرجل .
الرجل : عندما تشعرين أنّكِ سئمتِ من إيرين ، كلُّ ما عليكِ فعلُه هو استخدامُ هذه !
تتفحص ريبيكا الساعة لعلها تجد فيها شيئاً يساعدُها في محنتها فتجدُ فيها زرّاً ، تقوم بضغطِه ، لكن لا يحصلُ شيء ، تقوم بضغطِه مجدّداً وعدّةَ مرّاتٍ ولكن عبثاً .
ريبيكا : هيّا هيّا هيٍا فليحصل أمرٌ ما !
تجدُ ريبيكا أن الأمرَ عبثي فتتوقفُ عن ذلك وتفكّرُ في حلولٍ أخرى ، ثمَّ بعدَ عشرين دقيقة تخطرُ على بالها فكرةٌ وبعدها تُخرجُ السكينَ خاصّتَها .
ريبيكا : إنّها فكرةُ جنونيّة لكن لم يعد لدي أيُّ خيار ، إنَّ إيرين يريدُ فقط معاقبَتي ولكن لا يريد قتلي ...
تضعُ ريبيكا السكّين على رقبتِها .
ريبيكا : إذا حاولتُ قتلَ نفسي فسيعيدُ لي قوّةَ العلاجِ لكي لا أموت ، إنّه يحتاجُني وسيضيعُ مجهودُه لسنين في حالِ أنني متت ، إذاً لقد حسمتُ قراري !
تغرزُ ريبيكا السكّين في جانبِ رقبتها بشكلٍ سطحي فتخرجُ دماءٌ وتشعرُ بألمٍ شديد .
ريبيكا : هذا مؤلمٌ جدّاً ، قوّة العمالقةِ كانت تخفّفُ من الألمِ عليَّ كثيراً ، لكن يجبُ ألّا أتراجع وعليَّ أن استمرَّ في الأمر !
تواصلُ غرزَ السكّين بشكلٍ أعمق ويدُها ترتجفُ بشدّة والألمُ يزداد ، لكن بعدَها هي تتوقّفُ عن غرزِ السكّين فجأةً .
ريبيكا : مهلاً لحظة ، ماذا لو لم يكن إيرين يعلمُ أين أنا الآن وماذا لو لم يكن يعرفُ أساساً الظروف التي أعيشُها حاليّاً ؟ ذلك سيجعلُ قتلي لنفسي أمراً عبثياً تماماً ، أنا لا أريدُ أن أموتَ الآن ، هناكَ أمورٌ يتوجّبُ عليَّ فعلُها قبلَ موتي ، إضافةً إلى أنّني أخافُ الموت ، أخافُ أن أبقى وحيدةً في الظلمةٍ للأبد !
تبقى ريبيكا متردّدةَ بشأن قتلِ نفسِها للحظاتِ ثمَّ تفتحُ عينيها لتجدَ نفسَها غارقةً في بركةٍ من دمائِها وتشعرُ بألمٍ لا يوصف وتشعرُ بدوارٍ شديد ، ثمَّ تشدُّ بيدِها على السكّين .
ريبيكا: ومع ذلكَ يجبُ أن أنهي الأمر ، الآن ! ... الآن ! ... الآن ! ... هيّا الآن !
تبقى ريبيكا عاجزةً عن إنهاءِ الأمرِ كليّاً لبعض الوقت ، وعندما تقررُ أخيراً قطعَ رقبتها نهائياً قبلَ ذلك بلحظةٍ تلمحُ نسراً في السّماء وتلحظُ بخاراً يخرجُ من رقبتِها ، تنظرُ ريبيكا إلى النسرِ للحظات ثم تشعرُ أخيراً بالرّاحة .
ريبيكا : أخيراً ، لقد ... انتهى الأمر !
. . . . .
تقفُ ريبيكا وقد عادَت قدرتُها على علاجِ نفسِها ، تقتربُ بصعوبةٍ من رون والدّماءُ لا زالت تنزف من رقبتِها ، وتقربُّ أصابعَها من جسدِه .
ريبيكا: أرجو أن يعملَ ذلك ، هيّا فلتعمل فلتعمل رجاءً ! يخرجُ برقٌ أصفر ثمَّ جذورٌ من أصابع ريبيكا وتنغرز في جسدِ رون وتعالجُه وتسمعُ صوتاً معيّناً بينَما هي تعالجه .
الصوت: التهميه ، التهميه ...
. . .
بعد قليلٍ يستيقظُ رون ، ينظرُ جانباً فيرى ريبيكا تغرزُ جذورَها في مارك .
رون : ما ... هذا ؟
ثمَّ يلاحظُ رون أنّه بصحةٍ جيدةٍ بعضَ الشيء .
يفكّرُ رون قليلاً ثمَّ يقول : هل ... هل تعالجينه ؟
تسمرُّ ريبيكا بمعالجةِ مارك دونَ الردِّ على رون ، ثمَّ رون إلى ميل ، يقتربُ منها وبعدَها يحسُّ بالذُّعر .
رون : إنَّ ميل في حالةٍ سيئةٍ جدّاً !
تشعرُ ريبيكا بالذعرِ أيضاً وتقتربُ منها بسرعةٍ لعلاجِها وتلاحظُ أنّها لا تتنفّس ، تحاولُ ريبيكا علاجَها ورون يتفحّصُ نبضَها ، ثمَّ بعدَها يحصلُ أمرٌ ما .
رون بملامحَ مصدومة : لقد توقّفَ نبضُها ، لقد ... لقد ماتَت !
تتفاجأُ ريبيكا وتشعرُ بحزنٍ شديد .
ريبيكا : ماذا تقول ؟ مستحيل ! لا يمكنُ لها أن تموت ، ميل لا يمكنُ لكِ أن تموتي ! لا زالَ هناك الكثيرُ من الأمورِ لتفعليها بحياتِك !
ثمَّ تتذكّرُ ريبيكا حوارَها مع ميل في الليلةِ السابقةِ وتدركُ لماذا قالت ذلك الكلام ثم تمتلئُ عيناها بالدموع .
ريبيكا : لا ، لا تكوني غبيّة ، لم يحن موعدُ الموت بعد ! فأنتِ مناضِلة ، أنتِ ميل الثائرةُ ابنةُ أتان العظيم ، فكيف استسلمتِ بهذه السهولة ؟!
تحاولُ ريبيكا ضخَّ المزيدِ من العلاجِ بجسدِها لكن عبثاً ولا يتغيّرُ شيء .
تنهمرُ الدموعُ من عيني ريبيكا بكثرة ثم يسكنان هي ورون لدقائقَ وهما حزينان عليها ، وريبيكا لا تزالُ تضخُّ مادتها العلاجيّة في جسدها لعلَّ شيئاً ما يحصلُ ...
وفجأةً بالفعلِ يتفاجآن ويشعران بنبضة ، ثم عدّةُ نبضات !
رون : هذا مستحيل ، لقد عادت للحياة !
تبتسمُ بعدها ريبيكا فرحة والدموعُ في عينيها ...
. . . . .
بعدها تقفُ ريبيكا بعيداً عنهم قليلاً ويقفُ رون بعيداً عنها ينظرُ إليها ، ويشعرُ رون أن شخصيةَ ريبيكا قد تغيرت وقد أصبحت أكثر بروداً .
ريبيكا : وجودُ أشجارٍ جافةٍ هنا يعني أنّه قد كانَ يوجدُ هنا ينبوعٌ منذُ فترةٍ ليست ببعيدة .
تنظرُ ريبيكا إلى رون قليلاً ثمَّ تجرحُ يدها بواسطةٍ سكينِها وبعدها يظهرُ ضوءٌ أصفرُ وتتشكّلُ أعضاءٌ لحمية تدريجيّاً حتّى تتحولَ بالكامل إلى عملاق !
رون : إذاً لقد كنتِ عملاقاً بالفعل !
العملاق : ...
تنظر ريبيكا إليه قليلاً وهي لا زالت تسمعُ تلكَ الأصوات "التهميه ، التهميه " ، ثم يتجهُ العملاقِ إلى الأشجارِ ويقتربُ منها ، ثمَّ يبدأُ بالحفر ...
. . . . . . . . . . .
" ميلاني ، ميلاني ، استيقظي "
يوقظُ مارك ميل التي تفتحُ عينيها ،ثمَّ تنهضُ و تعدُلُ من جلستِها لترى مارك أمامها ورون وريبيكا يقفون جانباً .
مارك : أما زلتِ لا تؤمنين بالمعجزات ؟
تنظرُ ميل إلى يديها وإلى جسمِها حيثُ قد عادا بصحةٍ تامّةٍ كلّيّاً ، تنظرُ ميل أمامها بعيداً قليلاً لترى بركةً من المياه النقيّة وحولَها أشجارٌ مورقة وأرضٌ خصبة وضوءُ القمرِ ينعكسُ على المياه في منظرٍ بديعِ الجمال ، تحكُّ ميل على عينيها غيرَ مصدّقةٍ في البداية وبعدها تحدّقُ من جديد مع دموعٍ في عينيها ، وبعدها تبدأُ بالضحكٍ بشكلٍ هستيريّ ثمَّ تفتحُ يديها وتصرخُ .
ميل : ما أجملَ أن تكونَ على قيدِ الحياة !
~~~~~ مواقف أثناءَ الرحلة ~~~~~
_يُمضي الأربعةُ وقتَهم عندَ الينبوع حتى الصباح ويبدون في غايةِ السعادةِ لا سيّما ميل ومارك ، ثمَّ في الصباح يستكملون رحلتَهم بعد أن أخذوا مؤونتَهم من الماء ويواصلون الرحلة .
. . .
_بعد تلكَ الحادثةِ يستكملون الرحلة بنشاطٍ وهمّةٍ كبيرة ، ويشعرون باستغرابٍ من أنفسهم حيثُ أنّهم لم يأكلوا شيئاً لأسبوعين لكن أجسادهم تبقى بنشاطٍ كبير طوال الرحلةٍ بشكلٍ غريب .
. . .
_تظهرُ ريبيكا وهي تعالجُهم كلَّ ليلةٍ بدون أن توقظَهم والمادّةُ العلاجيّة التي تعالجُهم بها تعطيهم العناصر الغذائيّة التي تحتاجُها أجسادُهم لتبقى قويّة ، ولا تتمكّنُ ريبيكا من إخبار ميل ومارك أنّها عملاق .
. . .
_رون لا يتحدّثُ مع ريبيكا بشأنِ الأمر منذ تلكَ الحادثة ويبقى في حيرةٍ من أمره طوال الرحلة ، ثمَّ في إحدى الليالي يأتي إليها في مكانٍ وحدهما بعيداً عن ميل ومارك .
رون : هناك أمرٌ يجبُ أن نتحدّثَ بشأنه ، الآن !
ريبيكا : ...
وبعدها يتحدّثان بمحادثةٍ ما بينهما ، فيها عدّةُ اعترافاتٍ وأمورٍ غريبة .
. . .
_ثم يصلون أخيراً للحدودِ أوديميا ، يبدؤون بالجري حتى يصلون للجدران الحدوديّة الخاصّة بها ، يتعاونون على تسلُّقها ويتجاوزونها إلى الجانبِ الآخر ويواصلون الجريَ حتّى لا يلمحَهم أحدٌ من حراسِ الحدود حتى يبتعدون كليّاً .
. . .
_بعدها يفترقُ عنهم رون في أولِ بلدةٍ يصلون إليها ، يلوّحون له من بعيد مودّعين له ، ثمَّ بعدَ أن يبتعدوا يُخرجُ سكّينه ويتحسّسهُ بيده حيث يوجدُ عليه نقشُ تنّين ! ثمَّ يسقطُ أرضاً على ركبتيه محبطاً .
رون : أنا آسف ، أبي ، أنا فقط لم أتمكن من فعلِها ، أنا لم أتمكّن من الانتقام لك !
~~~~~~~~~~
ثم وبينما ريبيكا ومارك وميل يحدّقون في الأفق من مكان عالٍ من على إحدى التلال ، يحطُّ نسرٌ على كتفِ ريبيكا ، تنظرُ ريبيكا إليه وتبقى غير مبالية كأنها تعرف ما الذي سيحصل تاليا ، ثم يظهر ضوءٌ قوي !
تنظر ريبيكا أمامها فترى أنها في شرفة على جبلٍ وأمامها منظر طبيعي لبحيرة وإيرين واقفٌ بجانبها ...
ريبيكا بعد صمتٍ للحظات : ما هذا المكان ؟
إيرين : لا أدري ... أظنُّ أنّه أحدُ المناظر التي رأيتُها في حياتي السابقة ولا زال راسخاً بذهني لذلك بنيتُه هنا بشكلٍ عفوي ...
ريبيكا : لماذا فعلت هذا بي ؟
إيرين : فعلتُ ذلكَ لعدّةِ أسباب ، أولاً تحولكٍ لعملاقٍ في جميعِ المواقفِ خلالَ هذه الثمانيةَ عشرَ يوماً لم يكن لصالحكِ أبداً ، لقد أعدتُ لك القوّة في اللحظةِ المناسبةِ تماماً ، ثانياً يجبُ عليكِ أن تتعلّمي التكيّف مع الحياةِ بدونِ عملاق فلا تعرفين ما الذي قد يحصل ، ربّما تخسرينها فجأةً يوماً ما لذلك يجبُ أن تستعدّي لأسوءِ الظروف ، ثالثاً لقد كان هذا عقاباً لكِ كما أسلفتُ من قبل وأنتِ تعرفين السببَ جيداً ، أعني لقد قتلتِ سبعةَ عشرَ شخصاً والثامن عشر قد تركتِه لأنّك اكتشفتِ أنّه لديه عائلة وقد عالجتِه بنفسك والآن من المحتملِ أنّه على قيدِ الحياة وهو يعرفُ كيف يبدو شكلك ، هل تدركين خطورة الأمر ؟
ثم ترى ريبيكا الكثيرَ من الأفكارِ السوداء وترى جثثَ أشخاصٍ أموات وتمسكُ رأسَها وكأنّها ستفقدُ عقلَها ، وبعدها تعودُ لصوابِها بعد لحظات ويبدو عليها الإرهاق .
ريبيكا : لا ، لا يهمّني ، أنا فقط أفعلُ ما أجدُه صائباً !
إيرين : رابعاً والأهم ، لقد جعلتكِ تتحولين في تلكَ اللحظةِ بالضبط لأنّها كانت الفرصةَ المثاليّة لالتهامِ ذلك الإلدياني المدعو رون ، ومع ذلكَ لم تلتهميه مع أنك لم تتردّدي ولو للحظةٍ في التهام والده !
ريبيكا : أنا أقتلُ الأشخاصَ السيئين فقط ، والدُ رون شخصٌ سيّء لكنَّ رون طيّبُ القلب .
يصمتُ إيرين للحظاتٍ ثم يتابع : بأيِّ حال ... كلُّ شيءٍ يسري حسب الخطّةِ حتّى الآن ، اتبعيني إلى الداخل .
ريبيكا : ...
يدخلُ إيرين إلى بيتٍ صغير موجودٍ جانبهم وتتبعه ريبيكا إلى الداخل فتجد أنها عبارةٌ عن مكتبةٍ جميلة وفاخرةُ التصميم وفيها الكثير من الأشياء !
إيرين : لقد صنعتُ هذا المكان خصيصاً لكِ ! لكي تأتي إلى هُنا عندما أنا لا أكونُ متواجداً ، فهذا المكانُ صُنعَ لكي يلبي مطالبكِ في وقتِ الحاجة ! يوجدُ هنا الكثير من الأشياء المثيرةِ للاهتمام ...
ثمَّ يشيرُ إيرين إلى طاولة أو منصة مستديرة.
إيرين : هُنا قد جمعتُ لكِ كلَّ منصّاتِ العمالقة لكي يتسنى لك الاختيار بينهم ، يمكنكِ اختيارُ عملاقكِ الجديد الآن !
تسكنُ ريبيكا للحظاتٍ ثم تقتربُ من المنصةِ وتحدّقُ فيها ... وتجد عليها 11 اسم عملاقٍ منقوشين على أطرافها وواحدٌ في المنتصف وهو "الملكي" ، تبحثُ ريبيكا بين الاسماءِ عن اسمٍ ما لكنها لا تجدُ ما تبحثُ عنه ...
ريبيكا : أين هو العملاق المهاجم ؟
ينظرُ إليها إيرين ببعضِ الريبة ، ثمَّ يجيبها .
إيرين : لا يوجدُ هناك عملاقٌ بهذا الاسم !
ريبيكا : ....
تتجاهلُ ريبيكا الأمر وتعودُ للمنصّة ، تنقرُ على نقشِ "الوحش" فتظهرُ كلماتٌ ورسوماتٌ تخطيطيّة في الهواءِ تشرحُ ميّزات هذا العملاق ! تقرأُ ريبيكا المكتوب لكن يبدو أنَّ الشروحاتِ لم تُثر اهتمامها لذلكَ تنتقلُ إلى العملاقِ الذي بعده وتنقر على نقش "الفك" ، تقرأ المكتوب مجدداً ويبدو أنّهُ لم يثر اهتمامها ايضاً لذلك تنتقل إلى العملاق الذي بعده وهو "المدرع" ، ويبدو أنَّ هذا العملاق قد لفتَ انتباهها !
ريبيكا : أنا ... أختارُ هذا العملاق !
إيرين : لقد أوصيتكِ من قبل باختيار العملاقِ المسلّح ، لكن بأيِّ حال حسناً هذا هو خيارك .
ثم يبدأُ جسدُ ريبيكا بالإضاءةِ ويعودُ طبيعياً بعد لحظات .
تنظرُ ريبيكا إلى الجدارِ فترى أسلحة وآثارَ وجواهرَ معروضةً عند أحدِ الجدران .
ريبيكا : ما هذه ؟
ثمَّ يقتربُ إيرين من الجدارُ وتقتربُ ريبيكا معه .
إيرين : هذه كنوزٌ قد قمتُ بحفظِها على مرِّ الحِقبِ والعصور ، كلُّ تحفةٍ من هذه لا تقدّرُ بثمنٍ وتعدُّ إيقونةً لعصرها وأنا متأكد أنك ستحتاجين إحدى هذه الأشياء يوماً ما !
ريبيكا : ...
ثمَّ يحملُ إيرين إحدى اللوحات الغريبة الموجودةِ على الجدار.
إيرين : لن أُبالغَ في الأمرِ في حالِ قلتُ أنَّ هذه هي أثمن قطعةٍ في التاريخ ! لقد بلغ ثمنها أكثر من سبعمئة ألفِ عملةِ " آثيون " ، ويُعدُّ أمرُ اختفائها من أكثر الألغاز التي أثارت تساؤل العالم في التاريخ !
ريبيكا : ...
ثمَّ يحمل إيرين تاجاً مرصّعاً بالجواهرِ ومذهلَ التصميم !
إيرين : وهذا تاجُ إحدى آلهة الإلديان والتي تُدعى ب "إمبر" ، مع أنها شخص غير موجود أساساً وهي محضُ خُرافة لكن يوجدُ لها تاجٌ بكل حال ، ويُحكى أنَّ روحَها محبوسةُ داخلَ هذا التاجِ وتنتظرُ أحداً ما لإخراجها !
ريبيكا : ...
ثم يحمل إيرين خنجراً عليه زخرفة .
إيرين : وهذا الخنجر هو أحد كنوزِ الدولة الآزوسية ويسمّى بقاتل الآلهة ...
ريبيكا : قاتل الآلهة ؟
إيرين : نعم فمع أنّه يحملُ شكلاً عادياً نسبياً لكن قد تمَّ استخدامه لقتلِ 12 حاكماً من أعداءِ الدولة الآزوسية ! لذلك يعدُّ كنزاً ثميناً بالنسبةِ لهم !
ريبيكا : ....
يعيدُ إيرين الخنجرَ لمكانه ثم يتّجه إلى رفوف الكتب.
إيرين : والآن قسمُ الكتب ، يوجدُ هنا أكثرُ من مئةِ كتابٍ من مختلف المجالات ، سياسة ، تاريخ ، فلسفة ، علوم ، فلك ! مكتوبةٌ بشكلٍ مختصرٍ وواضح بأفضلِ طريقة ممكنة والتي ستجعلكِ شخصاً آخر مختلفاً كلياً عندَ إنهائها ، شخصاً يمتلكُ معرفةَ العالمِ باختصار !
تلمحُ ريبيكا لوحاً بين الرفوف : ما هذا ؟
ينظرُ إيرين إلى اللوحِ ثم يُخرجه ليظهر أنَّه عليه مربعاتٌ حمرٌ وبيض ، وتوجدُ علبةٌ معه .
إيرين : هذا شطرنج ، ألم تسمعي بالشطرنجِ من قبل ؟
ريبيكا : لا ...
إيرين : إجلسي لكي أشرحَ لكِ عنه .
ثم يجلسان عندَ طاولةٍ بالفعل ويصفّون الأحجار وإيرين يشرحُ اللعبةَ لها .
إيرين : هذه النسخةُ من الشطرنجِ تدعى بشطرنج "لايبريث" وقد تمَّ صنعُ الأحجارِ لكي تأخذَ شكل عمالقة المسارات ! وحتى طريقةُ سيرِ الأحجارِ وطريقةُ اللعبِ مختلفةٌ عن الشطرنجِ التقليدي ، مع أنّها معقدة جداً ولكنها مصممةٌ بدقّةٍ وباحترافية كبيرة ، حتى أنَّ تصميمها قد لا يقلُّ إتقاناً عن الشطرنج التقليدي !
ثم يلعبان عدّةَ إدوارٍ وإيرين يستمرُّ بشرح مبدأِ اللعبة وقواعدها لريبيكا .
لكن يلاحظُ إيرين أن ريبيكا هادئة جداً ويبدو أنّها تركزُ على أمرٍ آخر غير الشطرنج ، ثم ينظرُ لجانبِها ويلمحُ شيئاً ما ، وبعدها ينظر للجدارِ ليرى أن الخنجر الذي كانَ معروضاً عليه قد اختفى !
ثم فجأةً تمسكُ ريبيكا الخنجرَ الذي بجانبِها ثمَّ ترفعُ نفسها للأعلى وبسرعةٍ وتطعنُ إيرين في رقبته !!
. . . . . .
ولكن لا تخرجُ أي دماء ، بل تتطايرُ جزيئاتُ رقبةِ إيرين في الهواء ثمَّ تعود للتقاربِ من جديد لكي تشكّلَ رقبته مجدّداً وكأنّه شبحٌ أو كيانٌ مختلفٌ عن البشر !
تتغيرُ ملامحُ وجه إيرين إلى الجمود وهناك تعابيرُ خيبةِ أملٍ في وجهه ، تنظرُ ريبيكا إليه مصدومة ثمَّ تجلسُ مجدّداً وتخفضُ رأسَها للأرضِ وتصكُّ على أسنانِها خائبة الأمل وهي تمسكُ بالسكّين .
إيرين : ألم تدركي بعد أنّه لا يمكنكِ قتلي ؟ ألم تتجاوزي الأمرَ بعد ؟
ريبيكا بغضبٍ وحزن في نفسِ الوقت : أنت ، أنت من قتلَهم ، أنا أعرفُ ذلك ، أنتَ من قتلتَ أمّي وأخي !
إيرين : لا يمكنكِ قولُ شيءٍ بدونِ دليلَ تستندين عليه لإثباتِ ذلك !
ريبيكا : لقد كانوا يموتون بعد أن تخبرني بأنّهم سيموتون ، كان يبدو واضحاً أنّكَ أنتَ من كنتَ تخطّطُ لقتلِهم ! والآن أنا أخافُ من أن ألتقي أبي خوفاً من أن تجعلَني ألتهمه عندما ألقاه !
إيرين : إلتهامُ والدكِ سيكونُ عديم الفائدة ، نخاعُ الإلديان فقط هو ما يعطيكِ قوّةَ العمالقة ، ووالدكِ ليس إلديانيّاً ، والدليلُ على ذلكَ هو الرائحة ، فلو تذكرين فإنَّ والدكِ لم يكن يحملُ رائحةَ الدماء الإلديانيّة التي يحملُها أخوكِ وأمّكِ عندما كنتم معاً على الجزيرة .
تنظرُ ريبيكا إلى الأسفل ولا تزالُ تشعرُ بالإحباط .
إيرين : لكن سأخبركٍ أمراً ، لقد عرفتُ أنَّ عائلتك ِستموت ، لكنّني لم أكن القاتل ! ولكِ حرّيةُ تصديقِ ذلك أو تكذيبُه ، ولا زالَ العرضُ الذي قدمتُه لكِ جارياً ، كلُّ ما عليكِ فعلُه هو التهامُ المزيدِ من الإلديان .
ريبيكا : ...
بعدها يبدأُ جسدُ إيرين بالاختفاء .
إيرين : شيئان أخيران ، أولاً حافظي على قوّةِ العملاقِ المدرّع ، وثانياً ...
يتذكرُ بعدها إيرين لحظةَ إمساكِه ليدِ ريبيكا عندَ منصّةِ المهاجم . يواصلُ إيرين الكلام: أنتِ هي ريبيكا ، فتقبّلي نفسكِ وكوني ريبيكا ولا تسعي لتكوني أيَّ أحدٍ آخر ! ثم يبتسمُ إيرين وريبيكا تستمرُّ في التحديقِ فيه بلا تعابير حتى يختفي إيرين كلّيّاً .
. . . . .
ثمَّ تعودُ ريبيكا إلى الحياةِ الواقعيّة ويحينُ وقتُ وداعِها لمارك وميل .
ميل : واصلي السيرَ في الشمالِ الغربي في ذلكَ الاتّجاه وستصلين لوالز ، لقد بقيَ ثلاثةُ أيّام على موعدكِ فاحرصي على ألّا تفوتيه .
ريبيكا : بالتأكيد لن أفوّته !
ثم تعانقان بعضَهما وتفترق ريبيكا عنها وتبتعدُ قليلاً ثمَّ تفكّرُ قليلاً وبعدَها تعودُ إلى ميل .
ميل : هل هناكَ مشكلةٌ ما ؟
ريبيكا : أريدُ أن أقول لك شيئاً .
ميل : ما هو ؟
تضعُ ريبيكا أصبعَها على رأسِ ميل فيظهرُ برقٌ أصفرُ ثمَّ تمسكُ ميل رأسَها .
ميل : ما كان هذا ؟
ريبيكا : لا شيء ، اعتنِ بنفسك !
تبتسمُ ميل : علّميني كيفَ تفعلين هذه الحركة عندما نلتقي في المرّةِ القادمة !
تبتسم ريبيكا أيضاً : بالتاكيد !
ثم تبتعدُ ريبيكا عنهم ويلوّحون مودّعين لها من بعيد .
تروي ريبيكا : لستُ أدري هل قمتُ بهذا الأمر تحدّياً لإيرين أم لأنَّ ميل مناضلةٌ وتحتاجُه ، بأيِّ حالٍ الأيامُ ستظهرُ لي لاحقاً نتيجةَ هذا الفعلِ الذي قمتُ به ، ومن هذهِ اللحظة بدأت قصّةُ ميل حاملةُ العملاقِ المدرّع !
To be continued ...