أرك الصحراء الشرقيّة (فلاشباك) الفصل الثاني من الأرك عدد الكلمات : 7610
بينما ريبيكا تواصلُ ترحالَها على شكلِ عملاقٍ عبرَ المساحات الشاسعةِ من الصحراء حاملةً الغرفةَ الخشبيّة معها تتوقّفُ عن الجري فجأةً ، ثمَّ تنظرُ إلى نقطةٍ ما بعيدة ويبدو أنّها صارت تشتمُّ رائحةَ شيءٍ ما !
ريبيكا : هذه الرائِحة ... إنّه إلدياني !
يتحرّكُ العملاق ويجري باتّجاهِ الرائحة تاركاً آثارَ أقدامٍ خلفَه على الرّمال ويبدو من خطواتِه السريعة أنَّ ريبيكا متحمّسةٌ لمقابلةِ الإلدياني !
يصعدُ العملاقُ على أحدِ الكثبانِ الضخمة ، ثمَّ ترى ريبيكا من عيني العملاقِ دخاناً بعيداً في الصحراء ، ويبدو أنّه يتحرّك .
ريبيكا : ما هذا ؟!
ثمَّ يبدأُ العملاقُ في الجريِ باتّجاهِ الدخان ، وبينما هو يجري ويقتربُ باتّجاهه يختفي الدخانُ فجأةً ! وريبيكا تستغرب من ذلك ، لكن يستمرُّ العملاقُ في الجريِ بأيِّ حال ...
ويصلُ بعدَ أقلِّ من دقيقةٍ إلى المكانِ حيثُ اختفى الدخان ولكن لا يبدو أنّه يوجدُ أيُّ شيءٍ هنا ، وكأنَّ الدخانَ قد ظهرَ منذُ قليلٍ من العدم !
ريبيكا : إنَّ رائحةَ الإلدياني قويّةٌ هُنا ، هل يُعقَلُ أنّه مختبئٌ في مكانٍ قريب ؟!
يواصلُ العملاقُ الشم ويتتبّعُ الرائحة ، ثمَّ يحدّدُ نقطةً معيّنة منَ الرّمال تبدو غريبة وكأنّه يوجدُ هناكَ شيءٌ مدفونٌ أسفلَها ويحدّقُ العملاقُ عليها بتركيزٍ كبير ...
ثمَّ فجأةً يظهر من نفسِ هذه النقطة من أسفلِ الرّمال رجلٌ ويبدو أنَّ هناكَ جسمٌ معدنيٌّ غريب كانَ مدفوناً بجانبِه ، يبدأُ الرجلُ بالجريِ بعيداً فزِعاً ويصرخُ بصوتٍ عالٍ .
ريبيكا : ...
ثم يمسكُه العملاق مع ازديادِ رعبِ الرّجُل ، يرفعُه العملاق ويقرّبه من وجهه والرجل لا زال يصرخ ، تنظر ريبيكا إليه ويبدو أنّه رجلٌ أسمر نتيجةَ التعرّضِ للشّمسِ بكثرةٍ ويرتدي معطفاً طويلاً ويلفُّ رأسَه بقماشةٍ من أجلِ الشمس لكنّه في نفسِ الوقتِ عاري الصدرِ حيثُ أنّه لا يرتدي قميصاً ولديهُ عضلاتُ بطنٍ جيّدة وبعضُ الوشومِ على جسدِه .
الرجل بذُعر : أرجوكَ أعفُ عنّي ، لا تلتهمني !
تفكّرُ ريبيكا مع نفسِها : ماذا ؟ يمكنُه التحدّثُ بلغتي !
ثمَّ تتحدّثُ ريبيكا بواسطةِ فمِ العملاق ذي الصوتِ المرعب : آس... فة ... سو...ف ... أل... تهمك ...
ينظرُ الرجلُ إليه بصدمة ثمَّ يصرخُ بخوف : لا أرجوك ! هناك الكثيرُ لأفعلَه في حياتي ! كما أنَّ لحمي سيّءُ الطعم جدّاً ! أنا أضمنُ لكَ ذلك !
العملاق : سأل... تهمك ... لأنّك ... إل... دياني ...
ينظرُ الرجلُ إلى العملاقِ بصدمةٍ مرّةً أُخرى ويفكّر : كيف قد عرفَ أنّني إلدياني ؟!
يفكّر الرجل بسرعة ثم يحدّثُ العملاقَ صارخاً : هيي أيُّها الكائن الضخم ، بصراحةٍ لا أظنُّ أنَّ التهامي سيكونُ فكرةً جيّدة .
ريبيكا : ...
الرجل بابتسامة خبيثة : لأنّه توجدُ هناكَ مدينةٌ مليئةٌ بالإلديان ! ... نعم الكثيرُ من الإلديان مثلي وألذُّ منّي بكثير ! يمكنُني أن أدلّكَ عليهم إذا تراجعت عن قرارِ إلتهامي !
تنظرُ إليه ريبيكا متفاجئة ، ثمَّ تفكّر : مدينة ... مليئةٌ بالإلديان ؟!
يحدّقُ العملاقُ في الرجلِ المتوتّر للحظاتٍ بصمت ، ثمَّ يتحدّث : أخبر... ني ... أين ... هي ...
الرجل بابتسامة عريضة : حسناً إذاً !
ثمَّ يشيرُ الرجلُ إلى الجسمِ المعدني المدفونِ أرضاً .
الرجل : هل يمكنكَ إنزالي أرضاً لكي أقودَ دراجَتي الناريّة وأقودكَ إلى هناك ؟
ريبيكا : درّاجة ؟
ثمَّ ينظرُ العملاقُ للدراجةِ ، ينظرُ إليها بصمتٍ للحظات ، ثمَّ يحملُها بيده اليسار ويضعُها فوقَ الغرفةِ الخشبيّة ويثبّتُها بينَ الحبالِ التي تحيطُ بالغُرفة ، ويستمرُّ بحملِ الرجُلِ بيده اليمين ويحملُ الغرفةَ بيده اليسار وينطلقُ في طريقه ...
الرجل : حسناً هذا أمرٌ سيّءٌ للغاية .
بعدها ينطلقُ العملاقُ في رحلةٍ مدّتها ساعة تقريباً ، ويبقى الصمتُ سائداً طولَ هذه الساعة ، ويحاولُ الرجلُ التحدّثَ مع العملاق في عدّةِ مناسبات لكن يبقى العملاقُ صامتاً دونَ أيِّ رد ، ثمَّ يلمحان من بعيد إحدى المدنِ الكبيرة المحاطةِ بجدرانٍ عالية .
يقفُ العملاق عندَ إحدى الصخورِ الضخمة المظللة البعيدةِ عن المدينة بما فيه الكفاية عنِ المدينة ، يضعُ الغرفةَ الخشبيّة التي عليها الدرّاجةُ أرضاً ويُنزلُ الرجلَ أيضاً .
وما إن ينزلَ الرجلُ أرضاً يُسرِعُ باتّجاهِ الغرفة ويصعدُ عليها ويتفحّصُ درّاجتَه .
الرجل : سُحقاً ، يبدو أنَّ هناكَ قطعة غيار مهمّة قد سقطت منها على الطريق .
ينظرُ العملاقُ إلى الرجل قليلاً ثمَّ يسقطُ أرضاً فجأةً بلا سبب !
الرجل بتفاجؤ : ما الذي حصل ؟ هل مات ؟!
وبعدَ لحظاتٍ تخرجُ ريبيكا من داخلِ العملاق ، وهناك علاماتٌ أسفلَ عينيها وبخارٌ يصدرُ منها .
الرجل بدهشة : ما الذي ؟! .... من أنت ؟!
ريبيكا : أنا هي العملاق !
الرجُل بصدمة : ماذا ؟!
ريبيكا : هلّا أخبرتَني ... كيفَ تجيدُ التحدّثَ بنفسِ لغتي ؟
يحاولُ الرجلُ استيعابَ وتجميعَ ما يحصلُ أمامَه ، ثم بعدَ حيرةٍ لمدّة يجيبها : بسبب ... لقد تعلمتُ هذه اللغةَ لكي أتمكّن من التواصلِ مع البورجيّين ومع أشخاصٍ من أوديميا والعالمِ العلوي .
ريبيكا بعدَ صمتٍ للحظات : هل تعرفُ أينَ هي حافةُ العالم ؟ أريدُ الذهابَ لهناك .
ينظرُ الرجل إليها بريبةٍ قليلاً ويجيبُها : نعم أعرف ، لكن من المستحيلِ الوصولُ لهناك ، إنّها بعيدةٌ جدّاً وتحتاجُ الكثيرَ من الوقتِ والمصاريفِ للذهابِ إليها ، ألم تأتِ أنتِ من هناك ؟
تبقى ريبيكا صامتةً دونَ إجابة ثَّم تنظرُ للمدينةِ قربَهم : لماذا جلبتَني إلى هذا المكان ؟ لا يوجدُ أيُّ إلديانٍ قريبين هنا !
يتفاجأُ الرجلُ من معرفتِها هذا ويشعرُ بالتوتّرِ ثمَّ يجيبُها بتلعثُم : نعم ... لكن ... لقد جلبتكِ إلى هنا ... من ... من أجلِ أن أصلحَ دراجتي ! وبعدَها سآخذكِ بنفسي إلى مدينةِ الإلديان ، سآخذكِ بواسطةِ دراجتي لهناك فهم سيخافون وسيهربون إذا رؤوكِ بشكلِ عملاق لكن سيرحّبون بكِ إذا رؤوكِ بشكلكِ هذا !
ريبيكا بعد القليلِ من التفكير : حسناً ...
الرجل بدهشة : هل ... اقتنعتِ ؟
ريبيكا : نعم اقتنعت ، سوفَ نذهبُ للمدينة ! لكن أولاً انتظرني هنا قليلاً .
الرجل : حسناً ...
تحدّقُ ريبيكا فيه قليلاً ثمَّ تدخلُ للغرفةِ الخشبيةِ وتبحثُ عن شيءٍ ما في الداخل ، ويسمعُها الرجلُ من خارجِ الغرفةِ وكأنّها تحدّثُ أحداً ما في الداخل ، لكنّه لا يمتلكُ الجرأةِ للاقترابِ وإلقاءِ نظرةٍ إلى الداخل ثمَّ تخرجُ الفتاة وقد وضعت وشاحاً على رقبتها .
ريبيكا : حسناً هيّا فلننطلق !
الرجل : حسناً .
ريبيكا : صحيح أخبرني ... ما هو اسمك ؟
الرجل : اسمي ؟
يبتسمُ الرجلُ بعدها ابتسامةً مليئةً بالثقة.
الرجل : اسمي هو هيذرو !
. . . . . . . . .
~~~~~~~~~~ ميلالا ~~~~~~~~~~
تنظرُ ريبيكا حولَها وهي منبهرةٌ من أعدادِ الناسِ المهوّلةِ داخلَ المدينةِ وتنوّعِ أشكالهم وملابسِهم - وأغلبهم سودُ البشرة - ومنَ المتاجرِ والضجيجِ في المكان ، وهيذرو واقفٌ بجانبِها ويحرّكُ الدرّاجةَ بيديه .
تسدُّ ريبيكا أذنيها وتخفضُ رأسَها وتغلقُ عينيها حيثُ أنّها لم تعتَد على ضوضاءَ مثلَ هذه من قبل ، يستغلُّ هيذرو إنشغالها فيهربُ منها ويدخلُ بينَ حشودِ الناسِ مبتعداً عنها .
ريبيكا وهي ممسكةٌ برأسِها : هذا ...كثير ... بل لا ُيطاق ! كيفَ يعيشُ الناسُ في مثلِ هذه الأماكن ؟!
ثمَّ تنظرُ ريبيكا حولها فلا تجدُ هيذرو بجانبِها .
ريبيكا : هيذرو ، أين انت ؟
ثمَّ تقرّرُ البحثَ عنه وتصطدمُ بالكثيرِ من الأشخاصِ كالخرقاءِ بينما هي تمشي ، وبعضهم يصرخون عليها غاضبين عند اصطدامها بهم وهي تعتذرُ لم .
ثم ينتهي بها سيرُها لتصبحَ مقابلةً لرجلٍ كهلٍ له لحية ويرتدي ملابسَ تغطّي جسمَه بالكامل للحمايةِ من أشعّةِ الشمس - مثل ملابسِ أغلبِ الناسِ في هذا المكان - يحدّقُ هذا الرجلُ في ريبيكا وهي تحدّقُ فيه منتظرةً ما سيقولُه حيثُ يبدو أنه يريد إخبارَها شيئاً ، ثمَّ يرفعُ هذا الرجلُ أحدَ حاجبيه ويفتحُ ذراعَيه على جانبَيه كأنّه يقول " لم يكن يجبُ عليكِ فعلُ ذلك" ، تنظرُ ريبيكا أسفلَها فتجدُ نفسَها دائسةً على بضاعتِه المعروضةِ أرضاً لبيعِها ، تبتعدُ ريبيكا عنها مباشرةً "آسفة ... آسفة ... لم أقصد ذلك " ثمَّ تجري بعيداً لإكمالِ بحثِها عن الرجلِ الأسمر .
لاحقاً يمشي هيذرو بين الحشودِ محدّثاً نفسَه : عملاقٌ يحبُّ التهامَ الإلديانِ يسعى لأكلي ثمَّ يتحوّلُ بعدَها إلى فتاةٍ جميلةٍ يافعة ، يبدو أنّني قد بدأتُ بالتخريفِ والهلوسةِ في عمرٍ مبكّر ! -ثمَّ يتنهّد وبعدها يواصلُ الكلام - بأيِّ حالٍ من الجيّدِ أنّني قد أضعتُها ...
ثم فجأةً يسمعُ هيذرو صوتاً يناديه "هيذرو ! " يستديرُ فيرى أنّها نفسُ الفتاةِ العملاقةِ تقفُ خلفَه مباشرةً وقد وجدَته ! وتتوسّعُ عينا هيذرو من صدمةِ رؤيتِها .
ريبيكا : لقد شتّتَني الضجيجُ وكثرةُ الناسِ وجعلَني ذلك أفقدُك ، أنا آسفة ، دعنا نكمل بحثَنا عنِ الميكانيكي الآن !
ينظرُ إليها هيذرو مصدوماً ويفكّرُ مع نفسِه : مستحيل ! كيفَ قد وجدتني بسرعةٍ هكذا ؟! لقد ظننتُ نفسي ابتعدتُ كثيراً وأضعتُها ! هل من الممكنِ أنّها بقيت تتبعني كلَّ تلك المسافة ؟!
ريبيكا : لماذا أنتَ صامتٌ ولا تُجيب ؟!
يبقى هيذرو صامتاً يفكّرُ قليلاً وبعدها تخطرُ له فكرة ، ثمَّ ينظرُ إلى ريبيكا ويسألُها بلغة مختلفةٍ عن لغتِها : هل يمكنكِ التحدُّثُ باللّغةِ الشرقيّة ؟
ريبيكا : ماذا ؟
يعاودُ هيذرو سؤالها نفسَ السؤالِ بنفسِ اللُّغة : هل يمكنكِ التحدُّثُ باللُّغةِ الشرقيّة ؟
ريبيكا : ماذا ؟ لا يمكنُني فهمُ ما تقولُه !
هيذرو محدّثاً نفسَه : هذا جيّد .
ثم يصرخُ فجأةً بصوتٍ عالٍ بهذه اللُّغة -اللغة الشرقيّة - : أيُّها النّاس ! إنَّ هذه الفتاةُ هيَ عملاقة ! وهي تريدُ أن تلتهمَني ! ساعدوني أرجوكُم !
ينظر الكثيرُ منَ الناسِ إليهُما وينظرون إلى الفتاة ، ثمَّ تعتريهم نظراتٌ لا مبالية وتعمُّ أصواتٌ من التهامسِ بينهم وأحدُهم يصرخُ قائلاً "أصمت أيُّها الأحمق !" ثمَّ يواصلُ الناسُ أعمالَهم بلا اهتمام .
تنظر ريبيكا إلى هيذرو وتسأله : ما كان هذا ؟ ماذا قلتَ لهم؟
يفكّرُ هيذرو بسرعة ثمَّ يجيبها : لقد سألتُهم فقط عن مكانِ ميكانيكيّ السيارات ، ويبدو أنّهم لا يعرفون أين هو مكانّه ، لذلك سيتوجّبُ علينا البحثُ عنه بأنفسِنا - ثمَّ يضحك - .
ريبيكا : حسناً ، دعنا نبحث عنه إذاً .
يتنفّسُ هيذرو الصعداء ثمَّ يحدّثُ نفسه : من حسنِ حظّي أنّها غبيّة .
. . . . . .
ثم يمشيانِ في أزقّةِ المدينةِ ويستمرّانِ في البحثِ عن ميكانيكيّ السيّارات .
ريبيكا : لماذا إيجادُه صعبٌ هكذا ؟
هيذرو : لأنَّ وظيفتَه تعتبرُ غيرُ رسميّة ، فالحكومة هي الوحيدةُ القادرةُ على تعيينِ ميكانيكي للمدينة ، وتعتبرُ أسعارهم عالية بشكلٍ خيالي ، لذلكَ يوجدُ هناكَ العديدُ من الميكانيكيين الغيرُ شرعيّين المختبئين من الحكومة ، وإيجادهم يُعتبرُ صعباً نوعاً ما .
لا تفهمُ ريبيكا كلامَ هيذرو لكنّها تجيبُ بأيِّ حال : حسناً .
هيذرو : بأيِّ حال أنا أتوقّعُ أنَّ الميكانيكي متواجدٌ في هذهِ المنطقة ، دعينا نفترق ؛ أنا سأبحثُ عنه في هذا الاتّجاه وأنتِ في ذاك الاتّجاه ، وسنلتقي هنا بعدَ رُبعِ ساعة !
ريبيكا : حسناً .
ثمَّ يفترقان وتبحثُ ريبيكا بدقّةٍ في المكانِ الذي أشارَ إليه هيذرو ولكن لا تجدُ أيَّ ميكانيكي ثمَّ تعودُ إلى المكانِ المتّفقِ عليه وتبدأُ بانتظارِ هيذرو ، وتنتظرُ لنصفِ ساعةٍ لكنَّ هيذرو لا يعود .
ريبيكا : لقد تأخّرَ حقّاً .
تفكّرُ ريبيكا قليلاً فتخطرُ لها فكرة ثم تعضُّ يدَها وتجرحُها فتزدادُ قوّةُ حاسّةِ الشمِّ لديها بسببِ تفعّلِ قوّةِ عملاقِها - العملاق الأوّل أو العملاق الملكي- ، تتبعُ ريبيكا رائحةً معيّنة لمدّة وتبقى تمشي في المدينة باحثةً عن مصدرِها ، وتشعرُ أنّها تلاحقُ أحداً ما وهو يستمرُّ في الهربِ منها .
تستمرُّ ريبيكا في تتبُّعِ الرائحةِ حتّى تصلَ إلى مكانٍ ما حيثُ توجدُ حاوية ، تقتربُ منها ثمَّ تفتحُها فتجدُ هيذرو مختبئاً فيها !
ينظرُ هيذرو إليها بصدمةٍ وبرعب : كيف ... كيف قد وجدتِني ؟!
ريبيكا بابتسامةٍ شرّيرة : هل ظننتَ أنّه يمكنكَ الهربُ منّي والاختباءُ بهذه السهولة ؟!
هيذرو بتوتُّر : لا ... أنا لا اختبئ ... أنا ... أنا فقط استريحُ هنا لأنني تعبتُ من المشيِ والبحثِ الكثير !
ريبيكا : تستريحُ إذاً !
. . . .
ثمَّ يواصلان المشيَ في الأزقّة باحثين عن الميكانيكيّ ، يستمرُّ هيذرو بالتفكيرِ بطريقةٍ للهربِ من ريبيكا وريبيكا تمشي بجانبِه ببرود ، ثمَّ تنظرُ ريبيكا إلى هيذرو وتحدّقُ في صدرِه العاري .
ريبيكا : بالمناسبة ، لماذا توجدُ هناكَ رسومٌ على جسدك ؟
ينظر هيذرو إلى الوشومِ على جسدِه ثمَّ يجيبها : هذه اسمها وشوم ، ألم تسمعي بها من قبل ؟
ريبيكا : لا -ثمَّ تنظرُ ريبيكا إلى جانبي سروالِه- وما هما هذانِ الشيئان المعلّقان على جانبيك ؟
ينظر هيذرو إليهما باستغراب ، ثمَّ يجيبُها : هذان ؟ ألا تعرفين أيضاً ما هما ؟
ريبيكا : لا لا أعرف ، ما هما ؟
هيذرو : حسناً ، سأخبركِ عنهما عندما يحينُ الوقتُ المناسب !
ريبيكا : ...
ثم يجدانِ الميكانيكيَّ أخيراً ! ويبدو أنَّ هيذرو كانَ يعرفُ أينَ مكانُه من قبل ولكنّه اختلقَ أمرَ البحثِ عنه ، يقومُ الميكانيكي بإصلاحِ الدرّاجةِ خلالَ أقلِّ من ساعة ، ثمَّ يدفعُ هيذرو للميكانيكي أجرَه وبعدها يقودُ هيذرو الدرّاجَة مع ريبيكا حتّى يصلانِ إلى أحدِ الأزقّة ، ويوقفُ هيذرو الدرّاجةَ عنده .
هيذرو : ريبيكا إنزلي هنا ، أريدُ أن أخبركِ شيئاً .
ريبيكا : ما هو ؟
هيذرو : فقط إنزلي !
ريبيكا : ...
تنزل ريبيكا بالفعلِ من الدراجةِ ، ثمَّ تقفُ منتظرةً ما سيقولُ هيذرو لها ، لكن يوجّه هذا الأخير بسلاحيهِ إلى بطنها !
هيذرو : لقد أخبرتِني أنّكِ تريدين معرفةَ اسمي هذين ؟
ريبيكا : ما الذي....؟!
لكن يقاطعها هيذرو باطلاقِ رصاصتين على جسدِها ! تمسكُ ريبيكا بطنَها بألمٍ وصدمة وتجدُ أنَّ يدَها مليئةٌ بالدّماء ، تنظرُ ريبيكا إليها للحظات ، ثمَّ تسقطُ أرضاً !
ينفخُ هيذرو على فوهتيِ المسدّسين ، ثمَّ يتحدّثُ بعجرفة : اسمهما مسدّسان ، وهذا هو جزائكِ لمحاولتك العبثَ مع هيذرو حاكمِ العالم السفلي ! -ثمَّ يضعُ هيذرو نظاراتٍ شمسيّة ثمَّ يواصل- مدينةُ إلديان ؟ هه ... هل صدّقتِ هذا الهراءَ فوراً ؟ إنَّ الشعبَ الإلدياني منقرضٌ أصلاً ولا وجودُ لمثلِ هذا المكان الخيالي ، أيتُها الساذجة !
ثم ينطلقُ هيذرو بالدراجةِ عبرَ الأزقّةِ مبتعداً وتبقى جثّةُ ريبيكا ملقيّةً وهامدًة أرضاً ، لكن بعدَها بدقائقَ تبدأ الجثّةُ بالتحرّكِ شيئاً فشيئاً ، ثمَّ تقفُ وتبدأُ تعرجُ عبرَ الزّقاقِ متّجهةً لمكانٍ ما ...
. . . . . .
بعد حوالي نصفِ ساعةٍ يقودُ هيذرو درّاجتَه عبرَ الصحراءِ إلى مكانٍ ما ، ويفكّرُ بشأنِ ريبيكا .
هيذرو : ما الذي من الممكنِ أن تكونَ تلكَ الفتاة بالضبط ؟ أهيَ إحدى تجاربُ دولةِ زوديا وقد تمَّ إرسالُها للبحثِ عن بقايا الآندريين وإبادتُهم حولَ العالَم؟ أو هل يُعقَلُ أن يكونَ كلامُ كهنةِ سندريا حقيقيّاً ؟ مستحيل ! لكن أكثرُ ما يثيرُ حيرتي هو معرفتُها بالمصطلحِ القديم "إلدياني" والذي لا يستخدمُه أحدٌ سوى شعبِ سندريا .
ثمَّ ينظرُ في مرآةِ الدرّاجةِ ويلمحُ شيئاً ما ورائَه ، يلتفتُ ويرى العملاقَ من بعيد يركضُ بسرعةٍ باتّجاهه !
يحسُّ هيذرو بالرعبِ ويزيدُ من سرعةِ درّاجته لأقصى سرعة !
هيذرو : مستحيل ... مستحيل ... ما هو هذا الكابوس اليوم ؟!
تنطلقُ الدرّاجةُ بسرعةٍ كبيرة والكثيرُ من الغبارِ ورائَها بسببِ الرّمالِ ،والعملاقُ يقتربُ بشكلٍ جنوني حيثُ أنّه بكلِّ خطوةٍ أو قفزةٍ من قفزاتِه يتقدّمُ حوالي خمسين متراً وعيناه تصدرُ شراراً أحمرَ مرعباً !
وكلّما يقتربُ العملاقُ أكثر يزدادُ هيذرو فزعاً حتّى يصيرَ العملاقُ فوقَ هيذرو تماماً فيركلُ العملاقُ جانبَ الدرّاجةِ برجلِه وتطيرُ الدرّاجةُ وتسقطُ أرضاً ويسقطُ هيذرو منها ويتدحرجُ في الرمال .
يفتحُ هيذرو عينيه بعد قليلٍ وهو ممسكٌ برأسِه بسببِ السّقطة ويرى العملاقَ واقفاً أمامَ الدرّاجةِ الساقطةِ أرضاً ومحرّكُها لا زالَ يعمل .
هيذرو : لا ! ليسَ الدرّاجة !
يركلُ العملاقُ الدرّاجة التي تطيرُ ثلاثينَ متراً بعيداً وتلتوي بشكلٍ حاد وتطيرُ بعضُ قطعِها محطّمة .
هيذرو - محطّماً ويواسي نفسَه- : لا بأس ... لا زالَ يمكنُني إصلاحُها ... صحيح ؟
ثم تنفجرُ الدرّاجةُ إنفجاراً كبيراً محطّماً كلَّ آمال هيذرو وهيذرو يسقطُ على ركبتيه محطّماً ، بعدَها يمسكه العملاقُ بغضب ويرفعُه ويقرّبه إلى وجهه .
العملاق : لقد ... انتهى ... أمرُك !
هيذرو صارخاً : لا ! أرجوكِ إعفِ عني ! لن أفعلَ ذلك مجدّداً ! أقسم بذلك ، أعطيني فرصة أخرى رجاءاً !
يصدر بخارٌ كثيف ويرتخي رأسُ العملاقِ ويظهرُ نصفُ جسدِ ريبيكا العلوي من داخلِ رقبةِ العملاق وهناكَ وصلات أو زوائد لحميّة تصلُ بينَ جسدِ العملاقِ وأسفلِ عيني ريبيكا ، ويبقى العملاقُ ممسكاً بهيذرو على الرغمِ من ارتخاءِ رأسِه .
ريبيكا بغضب : أعطِني سبباً واحداً لإبقائكَ على قيدِ الحياة !
هيذرو : يمكنُني أن أفيدكِ بالكثيرِ من الأشياء ! يمكنُني مثلاً ... يمكنُني ... يمكنُني أرشادُك في الوصولِ إلى زوديا ... حافّةُ العالم ! ألم تقولي أنّكِ ترغبين بالذّهابِ لهناك ؟ أنا قد سافرتُ إلى نصفِ دولِ العالم وسأفيدكِ حتماً في ذلك !
ريبيكا : ...
يفكّرُ هيذرو قليلاً ثمَّ يواصِل : كما أنّني طليقٌ بعدّةِ لغات ؛ ستحتاجين أحداً مثلي لكي يساعدكِ على التواصلِ مع الناسِ بمختلفِ اللّغات ، ألا تظنّين ذلك ؟!
تنظرُ ريبيكا إليه مفكّرةً في كلامِه ، تنظرُ بعينيها للأسفلِ ثم جانباً وهي مستغرقةٌ في التفكير ، ثمَّ تدخلُ إلى داخلِ العملاقِ من جديد ثمَّ تبدأُ المشي وتذهبُ إلى مكانٍ ما بعيداً حاملةً هيذرو معها .
هيذرو : افترضُ أنَّ هذا يعني نعم ؟
. . . . . .
يمشي العملاقُ حاملاً هيذرو معه حتّى يعودَ إلى مكانِ الصندوقِ أو الغرفةِ الخشبيّة ، ينزلُ العملاقُ هيذرو أرضاً ومن ثمَّ يسقطُ العملاق وبعدها تخرجُ ريبيكا من داخلِه ، ينهضُ هيذرو ويحدّقُ بها منتظراً ما الذي ستقولُه ...
ريبيكا : كم سنحتاجُ من الوقتِ للوصولِ إلى حافّةِ العالم ؟
يفكّرُ هيذرو قليلاً ثمَّ يُجيب : لستُ أدري ، ربّما سنةٌ كاملة !
ثمَّ تنظرُ ريبيكا إليه نظرةً مرعبة : سنةٌ كاملة ؟!
هيذرو بتوتُّر : نعم ، سنةٌ كاملة ، وإذا وصلنا إليها خلالَ سنةٍ فقط فسيكونُ ذلكَ سريعاً ! فالطريقُ لهناك صعبٌ جدّاً !
ريبيكا : كيفَ ذلك ؟
هيذرو : حسناً سأشرحُ لكِ ؛ إنَّ طريَقنا سيكونُ بشكلٍ أساسي على مرحلتين ، مرحلةُ العالمِ السفلي ومرحلةُ العالمِ العلوي ، المرحلةُ الأولى ستكونُ سهلة نوعاً ما لأنَّ العالمَ السفلي أغلبُه عبارٌة عن مساحاتٍ فارغة وسيكون التنقُّلُ فيه بشكلكِ العملاق بدونِ أن يتمَّ كشفُك أمراً غيرَ شاق ، ولكنَّ الصعوبةَ تكمنُ في مرحلةِ العالمِ العلوي ، لأنّه يحتوي على الكثيرِ من الدولِ وحدودُها مشدّدةُ الحراسةِ وهناك فحوصاتٌ للدمِ في كل مكان ممّا سيكشفُنا ذلكَ بسهولة ، لذلكَ مبدئيّاً سنفكّرٌ في الوصولِ إلى أوديميا الدولةِ التي تفصلُ العالَم العلوي عن السفلي وحينَها سنفكّرُ بما نفعلُه تالياً !
تفكّرُ ريبيكا قليلاً ثم تسأَلُه : هل يمكنُنا الوصولُ إلى أوديميا في شهرين ؟
يفكّرُ هيذرو مع نفسِه : شهرانِ أكثرُ من كافيَينِ للوصولِ إلى هناك ، لكن عليَّ أن أزيدَ المدّة بأكثرِ قدرٍ ممكن لكي أتمكّنَ من إيجادِ طريقةٍ للهربِ منها !
ثمَّ يجيبُها هيذرو : شهرانٍ هما مدّةٌ قليلةٌ جدّاً ! نحنُ نتحدّثُ هنا عن قطعِ نصفِ القارّةِ تقريباً عبرَ الصحراءِ الشرقيّةِ الوحشية ، لذلكَ إنَّ الرحلةَ لن تكونَ سهلةً البتّة ، دعيها تكونُ خمسةَ أشهرٍ على الأقل !
ريبيكا : لا بل شهران !
هيذرو : أو ربّما أربعةُ أشهر ؟
ريبيكا : شهران !
هيذرو : ثلاثةُ أشهر ؟ هيّا !
ريبيكا : شهران !
هيذرو : هيّا أنا لستُ شخصاً خارِقاً حتّى أوصلكِ لهناكَ في شهرين ، دعيها تكونُ ثلاثةَ أشهر ، رجاءاً ...
تفكّرُ ريبيكا قليلاً ثمَّ تجيبُه : حسناً ، أنا أقبلُ بذلك ؛ لكن خلالَ ثلاثةِ أشهر ستوصلُني لذلكَ المكان وستعلمُني اللُّغةَ التي كنتَ تتكلّمُها في السّوق ، وإذا لم تعلّمني وتوصلني إلى أوديميا خلالَ هذه الثلاثةِ أشهر ... فسيكونُ عقابُك شديداً حينَها !
هيذرو : ثلاثةُ أشهرٍ فقط لتعلُّمِ لُغة ! حسناً كما تشائين ... ما هو عقابي في حالِ فشلتُ في ذلك ؟
ريبيكا : سألتهمكَ طبعاً ! ولكن سأعفُ عنك وأتركك وشأنك في حالِ نجحتَ في ذلك قبلَ إنقضاءِ المدّة !
يبتلعُ هيذرو ريقَه ثمَّ يمدُّ يده لريبيكا : حسناً ، إذاً إنّه إتّفاق !
تنظرُ ريبيكا إلى يدِه قليلاً ثم تصافحُه أيضاً بعدَ تردُّد .
يفكّرُ هيذرو مع نفسه بينما هو يصافحُها : رائع ، خلالَ ثلاثةِ أشهُر سأجدُ طريقةً لأهربَ منها حتماً ، أنا متأكّدُ أنّها ستغدرُ بي وستلتهمُني عندَ انتهاءِ المهلة !
تفكّرُ ريبيكا مع نفسِها بينما هي تصافحُه : سألتهمُه بعد إنتهاءِ الثلاثةِ أشهر حتّى لو نجحَ في إتمامِ المهمّتين .
ثمَّ بعدَ أن يتصافحا تسألُه ريبيكا : إذاً ما الذي كنتَ تفعلُه ؟ أعني قبلَ أن أجدك .
هيذرو : قبل أن تجدينني ؟ هممم ، لا شيءَ معيّن ، فقط أتجوّلُ وأبحثُ عن أماكنَ تعجبُني أتسكّعُ فيها وأمضي فيها وقتي .
ريبيكا : أليسَ لديكَ هدفٌ معيّن في الحياة تريدُ الوصولُ إليه ؟
هيذرو : يا لهُ من سؤالٍ غريب -ثمَّ يفكّرُ قليلاً ويجيبُها - بالتفكيِر في الأمرِ نعم ، كان لديَّ هدف ؛ وهو العثورُ على شخصٍ آند... أقصدُ إلدياني .
ريبيكا : إلدياني ؟
هيذرو : نعم ولا زلتُ أبحثُ عنه ، وأشكُّ أنّه متواجدٌ في هذه الأراضي في مكانٍ ما قريب !
ريبيكا : ...
. . . . . . .
ثمَّ تفتحُ ريبيكا بابَ الغرفةِ الخشبيّة : من الآنَ فصاعداً سيكونُ هذا منزلكَ الجديد ! إدخل لكي أعدَّ لكَ مكاناً في الداخل .
يدخلانِ إلى داخل الغرفةِ الخشبيّة بالفعل ويتفاجأُ هيذرو بشيءٍ ما جالسٍ على مقعد خشبي .
هيذرو : لماذا يوجدُ هنا طفلٌ جالسٌ في الداخل !
ريبيكا : هذا هو ويل ، لقد عانى من الظلمِ بسببِ لونِ عينيه واعتبروهُ شيطاناً ، لذلكَ قرّرتُ أن أتبنّاهُ وأرعاه .
هيذرو : حسنا ، يا لأخلاقكِ النبيلة ، ما هو اسمُه ؟
ريبيكا : لقد أخبرتُك ، إنّه ويل !
هيذرو : حسناً .
ثمَّ يقتربُ هيذرو من ويل الجالسِ بأدبٍ على المقعد .
هيذرو متحدثاً بالّلغةِ الشرقيّة : مرحبا يا ولد ، هل أنتَ مرتاحٌ في هذا المكان ؟
الولد بنفسِ اللغة : نعم ، إنَّ الفتاة الكبيرة رائعة وتتركني أأكلُ كلَّ ما أريده !
ريبيكا بتفاجؤ : ماذا ؟ يمكنه التحدّثُ معك ؟!
ينظرُ إليها هيذرو بخبث وهو يبتسمُ ابتسامةً ماكرة .
ريبيكا : ماذا قلتَ له ؟
يتجاهلُ هيذرو سؤالَها ثمَّ يقتربُ من الولد وينظرُ إليه نظرةً بابتسامةٍ غيرِ مريحة ويسألُ الطفلَ مشاوراً إيّاه : ألا تظنُّ أنّها تسعى لإطعامكَ ثم إلتهامكَ بعد أن تصير سميناً بما فيه الكفاية ؟
ينظرُ ويل إليه نظرةً فيها بعضُ الخوف ويبقى صامتاً ولا يجيبُ على سؤاله .
ريبيكا : هذا يكفي ! توقّف عن التحدّثِ معه ، أريدكَ أن تبدأَ بتعليمي هذه اللّغةَ ... الآن !
هيذرو : الآن ؟
ريبيكا : نعم ، الآنَ وحالاً !
هيذرو : حسناً ، فلنبدأ إذاً !
. . . . . . .
يحاولُ هيذرو تعليمَ ريبيكا اللغةَ الشرقيّة لعدّةِ ساعات ، ويكونَ يومَ دراسةٍ أوّل فاشل وريبيكا تواجهُ صعوباتٍ في استيعابِ اللُّغة ، وينتهيانِ من الدراسةِ بعدَ تعلُّمِ ريبيكا كلماتٍ معدودة فقط ..
ثمَّ في وقت لاحقٍ من الليلِ بعد أن أنهيا الدراسة وويل غطَّ في النوم يجلسُ هيذرو مقابلاً لريبيكا ويشرحُ لها ما الذي يتوجّبُ عليهما فعلُه تالياً ...
هيذرو : توجدُ عدّةُ طرقٍ للذهابِ للعالمِ العلوي ، الأفضلُ هي النقلُ البحري ، لكنَّ مصاريفَها كبيرةٌ جدّاً لذلكَ هي حكرٌ على الأثرياءِ والحيتانِ الكبيرةِ فقط ، الطريقةُ الثانية والأكثرُ شعبيّة هي عبرَ القطارِ القارّي ، هذه الأخرى مكلفةٌ أيضاً حيثُ سنحتاجُ 100000 هيغل -العملة الأكثر تداولاً في عالمِ الرواية- لاستخدامِها بغضِّ النظرِ عن المكانِ الذي نصعدُ للقطارِ منه ، لكن بأيِّ حالٍ لن نحتاجَ لأيٍّ من هذه الوسائلِ للسّفر ، فأنتِ بحدِّ ذاتكِ وسيلةُ نقلٍ ممتازة ! أعني عملاقٌ يمشي بسرعةِ عشراتِ الأميالِ في السّاعة بدونِ الحاجةِ لنوعٍ معيّن من الوقود ، إنّها بالتأكيد لوسيلةٌ مثاليّةٌ للتنقُّل ! ذلكَ سيمكّنُنا ذلك من الذهابِ لأوديميا بدونِ دفعِ قطعةٍ نقديّة واحدة ! لكن مع ذلك سنحتاجُ أموالاً لنجمعَها قبلَ الذهابِ لأوديميا لكي تساعدَنا على العيشِ في العالم العلويِّ مبدئيّاً .
ريبيكا : كم سنحتاجُ من المالِ من أجلِ ذلك ؟
هيذرو : لا أدري ... حوالي 100 ألفٍ هيغل على الأقل ؟
ريبيكا : هل من الصعبِ جمعُها ؟
هيذرو : ليسَ على شخصٍ خبيرٍ بالتجارةِ مثلي ! يوجدُ لديكِ الكثيرُ من الفاكهةِ النادرةِ المخزّنةِ هنا ؛ سيكونُ ذلكَ بدايةً جيّدة كرأسِ مالٍ لتجارتِنا !
تحدّقُ فيه ريبيكا باستغراب وهي لم تفهم ما الذي قصدَه ...
. . . . . . .
في الصباحِ يقفُ هيذرو متلثّماً هو وريبيكا في مكانٍ ما في سوق ميلالا ويوجدُ جانبَهما عدّةُ رفوفٍ عليها غطاء ، وهناكَ الكثيرُ منَ الناسِ الذين يتجوّلونَ في السوق .
هيذرو : هل أنتِ جاهزة ؟
ريبيكا : نعم .
يومئُ هيذرو بالإيجاب ثمَّ يكشفُ الغطاء ليظهرَ أنَّ الرفوفَ مليئةٌ بالكثيرِ منَ الفاكهةِ من مختلفِ الأشكالِ والألوان !
هيذرو بصوتٍ عالٍ : فاكهةٌ طازجة ! جودةٌ عالية ! لن تجدوا مثلَها في البلدِ كلّه وبأسعارَ منخفضةٍ ومناسبةٍ للجميع ، سارعوا قبلَ انتهاءِ الكميّة ! خمسون قطعةً لأيِّ نوعِ فاكهة ! لن تجدوا مثلَ هذا العرضِ ولو لعقودٍ من الآن !
يقتربُ شخصان وقد أثارَ اهتمامهما هذا العرض ، يشتريان القليل ويكتشفان أنّها ليست خدعةً ويعجبان بجودةِ الفاكهة ، ثمَّ يبدأُ عددُ الزبائنِ بالإزديادِ بسرعة ، وبعد دقائقَ فقط يصيرُ الإثنانُ عشرة ، ثمَّ عشرات ، يبتاعون هذه الفاكهةَ الممتازةَ بحماسٍ شديد يكادُ يصلُ إلى الاقتتال ! حتى تنتهي جميع الفاكهة الكثيرة التي لديه في ساعتين فقط ولحسنِ الحظ لم يحصل أيِّ قتالٍ خلالَ ذلك .
يجلسُ بعَدها هيذرو مع ريبيكا وحدهما ويقومانِ بعدِّ الأموالِ التي حصلا عليها من هذه التجارة .
هيذرو : ثلاثةَ عشرَ ألفاً ، ليسَ سيّئاً ، لكن ما زال علينا جمعُ الكثيرِ من الأموال ، يمكنُني التكفُّلُ بهذا الأمرِ بواسطةِ هذا المال .
تنظرُ ريبيكا إليه قليلاً ثمَّ تفتحُ له يدَها : بالنصف .
هيذرو : ماذا ؟
ريبيكا : نصفُ المالِ لي والنصفُ الآخرُ لك ويمكنكَ فعلُ ما يحلو لكَ به !
هيذرو : هذا لؤمٌ منكِ .
تبقى ريبيكا فاتحةً يدها له بدونِ أيِّ رد .
هيذرو : حسناً .
ثمَّ يعطيها خمسةَ آلافٍ ويأخذ ثمانيةَ آلاف ٍله ، تنظرُ ريبيكا للأموالِ بدونِ أن تشكَّ باحتيالِه عليها ، حيثُ أنَّ الأموالَ المقسومة متساويةٌ مع بعضِها بالحجم على الرّغمِ من اختلافِ فئاتِ الأموال لكن ريبيكا لا تفهمُ بهذه الأمور .
هيذرو : ما زلنا نحتاجُ الكثيرَ من الأموالِ لجمعِها .
ريبيكا : كيف إذاً سنجمعُها ؟
هيذرو : توجدُ هناكَ طريقةٌ أقوم بها كثيراً وتنجحُ معي دائماً ...
. . . . . . .
يدخلُ هيذرو متلثّماً إلى أحدِ المتاجرِ الكبيرةِ في ميلالا ويوجّهُ بمسدّسِه على صاحبِ المتجر ، ينظرُ إليه صاحبُ المتجرِ فزعاً ويرفعُ يديه .
هيذرو بصوتٍ عدائي : أعطِني ما لديكَ من المال ، الآن !
صاحب المتجر بخوف : حا ... حاضر .
يُخرجُ صاحبُ المتجرِ عشرة آلافِ هيغل منَ الخزنة وعندما يوشكُ أن يضعَها على الطاولةِ أمامَه تدخلُ ريبيكا بسرعة وتجدُ هيذرو يهدّدُ الرجل ، ثمَّ تمسكُ بيدِ هيذرو .
ريبيكا : أنا آسفةٌ على ذلك ، إنّه لا يقصدُ فعلَ ذلك ، سامحوه رجاءاً ، سوفَ نغادرُ الآن ولن نعودَ مجدّداً !
هيذرو : ما الذي تفعلينَه هنا ؟! ألم تفكّري في أن تضعي قناعاً على الأقل ؟!
ريبيكا : أنتَ حقّاً أحمق ! لماذا تقومُ بتصرفاتٍ سيئةٍ مثلَ هذه ؟ ما هي مشكلتُك ؟!
يستغلُّ صاحبُ المتجرِ إنشغالهما فيحملُ بندقيّة ويوجهُها على هيذرو ويطلق ! يقفزُ هيذرو جانباً محاولاً تفادي الرصاصة لكن يصابُ بكتفِه ، ثمَّ يحملُ ريبيكا على كتفِه بسرعة معَ صراخِ هذه الأخيرة ويهربُ خارجَ المتجر وصاحبُ المتجرِ يطاردُهم في الطريق ويواصلُ رميهما بالرصاص .
. . . . . . .
يختبئُ هيذرو مع ريبيكا بعدَ فترةٍ في أحدِ الأزقّةِ ويلهثانِ بكثرة من التعب .
هيذرو : يبدو أنّنا أضعناه .
تنظرُ ريبيكا إلى كتفِ هيذرو الذي ينزفُ بغزارة ، تفكّرُ قليلاً ثمَّ تجرحُ يدَها وتضعُها عندَ جرحِه لتعالجَه بجذورِها .
هيذرو : توقفي ! ما هذا ؟!
ريبيكا : أصمت ودعني أعالجك .
هيذرو : تعالجينني ؟!
ريبيكا : ...
هيذرو بعد صمت للحظات : لقد كنّا سنكسبُ عشرةَ آلافٍ لو أنّكِ لم تتدخلي ، هل أنتِ سعيدةٌ الآن ؟
ريبيكا بينما هي تعالجُه : أصمت ! ليست هذه الطريقةُ التي سنستخدمُها لجمعِ المال ، سآخذُ مسدّسيكَ من الآنَ فصاعداً ، وسأجعلكَ تتوقّفُ القيامِ بكلِّ شيءٍ سيءٍ آخر !
هيذرو : عظيم ، وهل لديكِ أفكارٌ أخرى لكي لنكتسب بها المال؟
ريبيكا : سوفَ نجدُ طرقاً أخرى بالتأكيد .
هيذرو : أشكُّ في ذلك .
ريبيكا : ....
ثم تنتهي ريبيكا من علاجِه ، يتحسّسُ هيذرو كتفَه ليجدَه قد عادَ جديداً كأنّه لم يُجرح أساساً !
هيذرو بانبهار : هذا مدهش ! بجديّة ! هل يمكنكِ فعلُ مثلَ هذا باستمرار ؟
ريبيكا : ...
هيذرو : لديَّ فكرةٌ رائعة !
تنظر ريبيكا إليه بعدمِ إطمئنان وتتوقّعُ منه فكرةً فظيعةً أخرى مثل فكرةِ اقتحام المتجر ...
. . . . . .
يُنزلُ هيذرو عصابةً من عيني ريبيكا ويعرضُ عليها لوحاً خشبيّاً كمفاجأة ؛ وهذا اللوحُ الخشبي يتم تعليقُه على واجهاتِ المتاجرِ للإعلانِ عن شيءٍ ما ، ثمَّ تقرأُ ريبيكا المكتوبَ على اللّوح .
ريبيكا : الطبيبةُ سيرين ، قادرةٌ على علاجِ جميعِ أنواعِ الجروحِ والإصابات بكفاءةٍ بمبلغٍ رمزي قدرُه 1000 هيغل .
هيذرو : إذاً ... ما رأيك ؟
تفكّرُ ريبيكا قليلاً محاولةً استيعابَ المكتوب ، ثمَّ تجيبُه : لحظة ، هل تقصدُ بالطبيبةِ سيرين أي أنا ؟ لماذا إخترتَ لي هذا الاسم ؟
هيذرو : لستُ أدري ، لقد كانَ أولَ اسمٍ يخطرُ إلي ، بأيِّ حالٍ ما رأيكِ بالفكرة ؟
تنظرُ ريبيكا إليه ثمَّ تتذكّرُ كلامَ إيرين "ثمنُ استخدامِ هذه القوّةِ هو الإنقاصُ من عمركِ الذي ستعيشينَه !" .
ريبيكا : آسفة ، أنا لا استطيع .
هيذرو : لماذا ؟ أنتِ لا تخسرين شيئاً باستخدامِكِ هذه القوّة، أليس كذلك ؟
ريبيكا : بل أخسر .
هيذرو : ما الذي تخسرينَه ؟!
ثمَّ ينظرُ هيذرو خلفَ ريبيكا بعيداً ويرى الرجلَ صاحبَ المتجرِ ومعه بعضُ رجالِ الشرطةِ ويبدو أنّهم يبحثون عنهم !
هيذرو بذُعر : أوه لا ! أظنُّ أنّه وقتُ المغادرة !
يمسكُ هيذرو يدَ ريبيكا وينطلقانِ معاً هاربين بعيداً عن رجالِ الشرطة !
هيذرو : حسناً يبدو أنّنا قد صرنا مطلوبَين في هذه المنطقةِ الآن ، سوف نتركُ هذه المدينة ، دعينا بعدَ أن نهربَ منَ الشرطة أن نتسوّقَ ما سنحتاجُه لرحلتِنا ونغادرَ المدينةَ غداً صباحاً ، حاولي فقط ألّا تصرفي الكثيرَ من المالِ الذي بحوزتِك.
ريبيكا : حسناً !
. . . . . .
ثمَّ في المساءِ يعودان إلى الغرفةِ الخشبيّة وقد اشتريا ما يحتاجانِه من السوقِ بالفعل ، ريبيكا قد اشترت ملابسَ جديدة وبعض الحلوى لويل وطعاماً لثلاثتهم بشكلٍ عام ، أمّا هيذرو فكلُّ ما جلبه هو صندوقٌ مليءٌ بأعشابَ غريبة .
ريبيكا : ما هذا الذي اشتريتَه في الصندوق ؟
هيذرو : من الصعبِ أن أشرح لك ،، ولكنها باختصار شيءٌ سيغنيني وسيجعلُني فاحش الثراء إذا تمكنّت من إيصالِه لأوديميا !
ريبيكا : ....
. . . . . . . . .
ثم في صباح اليوم التالي يقف ويل وهيذرو ينظرون لريبيكا من بعيد حيث تجرح يدها ويظهر برق أصفر وتبدأ أعضاء جسمها بالتشكل لتتحول إلى عملاق ...
هيذرو : هذا رائع ...
ثم يصعدون للغرفة الخشبية وتحملهم ريبيكا وينطلقون في رحلتهم الطويلة للوصول لأوديميا ....
~~~~~~~~~ أحداث أثناءَ الرحلة ~~~~~~~~~
_ هيذرو جالسٌ بجانبِ ويل على المقعد في الغرفةِ الخشبيّة بينما هم مسافرون ، وبسببِ حركةِ العملاق تهتزُّ الغرفة كثيراً وهيذرو يرتطمُ رأسُه بالسقفِ المنخفض عدّةَ مرّات بسببِ طولِه ، ثمَّ يدقُّ هيذرو بيده على جدارِ الغرفة .
هيذرو صارخاً : خفّفي من الاهتزاز !!
. . . . .
_ يجلسون في إحدى الليالي حول نارٍ ويشوون بعض اللّحمِ الذي اشتروه من ميلالا ، ثمَّ لاحقاً بعدَ أن ينامَ ويل يقومُ هيذرو بتعليمِ ريبيكا اللغةَ الشرقيّة ، وهذه المرّة يبدو أنَّ ريبيكا قد بدأت تستوعبُ اللغة بشكلٍ أفضل بكثير عن أول مرّة .
. . . . . . .
_ في يومٍ آخرَ يصلون للمدينةِ التالية والتي هي شبيهةٌ بميلالا ، يتجوّلُ هيذرو معَ ريبيكا في أرجاءِ المدينة وريبيكا تتصبّبُ عرقاً بكثرة بسبب ِالحرارةِ العالية ، ينظرُ هيذرو إلى ريبيكا نظرةَ سؤمٍ ثمَّ يقتربُ منها ويقفُ أمامَها ، وهي تنظرُ إليه بدورِها .
ريبيكا : ماذا ؟
هيذرو : ...
ثمَّ يمسكُ هيذرو وشاحَ ريبيكا ويسحبُه منها بسرعة مع تفاجؤِ ريبيكا وتكادُ هذه الأخيرةُ تجنُّ بسببِ ذلك وتحاولُ استعادتَه منه لكن هيذرو يرفعه عالياً ويبعدُ ريبيكا بيدِه الأخرى لكي لا تتمكّنَ من أخذِه ، وريبيكا تحاولُ القفزَ لكي تأخذَه لكن لا تستطيع .
ريبيكا بحزن : أعده لي !
هيذرو : لا !
ريبيكا بحزن وببعضِ الغضب : هيا أعده !
ثمَّ تقرّبُ يدَها من فمِها لجرحها واستخدامِ قوّةِ العملاق .
هيذرو : على رسلِك !
يمسكُ هيذرو يدَها لمنعِها من التحوّل وهي تنظرُ إليه بغضب ثمَّ يقرّبُ الوشاحَ إلى ظهرِها ويضعُه داخلَ حقيبةِ ظهرِها .
هيذرو : أرأيتِ ؟ لا أريدُ أخذَه ، لكن لا حاجةَ لك بارتدائه !
تحدّقُ ريبيكا فيه قليلاً ، ثمَّ تتجاهلُ كلامَه وتخرجُ الوشاحَ لارتدائِه مجدّداً لكن يمسكُ هيذرو يدَها لمنعِها .
هيذرو : لا تفعلي ، أنا متأكّدٌ أنَّ والدتكِ كانت لتفعل الأمرَ ذاتَه لو كانت مكاني !
تنظر ريبيكا إليه نظرةً حزينة وتغرورقُ عيناها بالدموع ...
. . .
بعد قليلٍ تتمشّى ريبيكا معَ هيذرو في الأرجاءِ وهي لا تضعُ الوشاح .
هيذرو : أرأيتِ ؟ إنَّ الأمرَ سهلٌ جدّاً .
ريبيكا : ...
. . .
بعد قليلٍ ريبيكا تبكي وهيذرو يقفُ قريباً منها ، وتبدو عليه ملامح نفذان الصبر .
ريبيكا باكية : أنا فتاةٌ سيّئة ... لقد خيبت ظنها !
هيذرو : لا لم تفعلي ذلك ، يا إلهي .
تواصل ريبيكا البكاء بلا توقُّف ، وهيذرو يضعُ يدَه على وجهِه بفقدانِ صبر .
. . . . .
_يحاولُ هيذرو وريبيكا إيجادَ بعضَ الأعمالِ المتفرّقة في المدينة وشراءَ بعضَ الأشياءِ الرخيصة لبيعِها بثمنٍ أعلى في المدنِ الأخرى حيثُ هي غالية ، ويستغلُّ هيذرو جسدَ العملاقِ في الكثيرِ من الأمور حيث يستخدمُه مثلاً كوسيلةٍ لنقلِ بضائعِ النّاسِ من مدينةٍ لأخرى بربحٍ بدونِ معرفةِ أحدِ بشأنِ وجودِ العملاقِ بالطبع .
وأمّا ريبيكا فتعتادُ على التجوالِ بدونِ وضعِ وشاحِها حيثُ تُدرِكُ أنَّ علاقةَ حبّها لوالدتها لا يمكنُ لقطعةِ قماشٍ أن تغيّرَ فيها ، لكن لا بأسَ بكل تأكيد أن تحتفظَ بالوشاحِ في حقيبتها لكي تتذكّرَ رائحةَ والدتها من حينٍ لآخر .
. . . . .
_تدخلُ ريبيكا على أحدِ البيوت المهجورة وتجدُ هيذرو مستلقياً في الداخل ويضعُ صندوقاً فيه حشائش بجانبِه ويدخّنُ منها .
ريبيكا : تضيّعُ كلَّ مالكَ على شراءِ صناديقَ هذه الأعشاب ، وطعمُها مريعٌ أصلاً عندَما تحوّلها لدخانٍ وتشربُها ، لستُ أصدّقُ أنّه قد يشتريها منك أحدٌ أصلاً !
يستمرُّ هيذرو بالتدخينِ ولا يهتمُّ لكلامِها ويجيبها : إنها مسألةُ اعتيادٍ يا عزيزتي ، ما ان تعتادي على تدخيِنها ستندمين على الأيامِ التي أضعتِها من حياتك قبل أن تعرفي بشأنِها !
ريبيكا : ...
. . . . .
_ثم يقرّرانِ مغادرةَ هذه المدينة ، يقومُ هيذرو بتركيبِ عجلاتٍ للغرفةِ الخشبيّة كما يصنعُ مقعداً مخصّصاً لكتفِ العملاق مشابهٍ للذي صنعَه والدُ ريبيكا في الجزيرة ، وبعدَ أن يتحضرّا تماماً تتحوّلُ ريبيكا لعملاق وتضعُ المقعد على كتفِها ، ثمَّ يصعدُ هيذرو عليه وينطلقون لوجهتهِم التالية .
. . . . . .
_يستمرُّ هيذرو بتعليمِ ريبيكا اللغةَ الشرقيّة حيثُ بقيَ شهرٌ ونصف لانتهاءِ مهلتهُما ، ويبدو أنَّ ريبيكا قد قطعت شوطاً جيّداً جدّاً في تعلُّمِ اللُّغة حيثُ أنّها قد تعلّمت العديد من الجمل الشائعة في هذه اللغة وأصبحت قادرةً على التواصلِ مع ويل نوعاً ما ...
. . . . . .
_بينما ريبيكا تمشي على شكلِ عملاقٍ في الصحراء وهيذرو جالسٌ على كتفها ، تقفُ ريبيكا فجأةً وتنظرُ بعيداً حيثُ قد لفتَ انتباهها شيءٌ غريب ؛ وهو عبارةٌ عن هيكل أو جسم معدني هائل ويوجد عمودٌ أو برجٌ في منتصفِه ارتفاعُه يصلُ لمئات الأمتار ! تتسمرُّ ريبيكا بالتحديق فيه بانبهار وهيذرو يلاحظُ ذلك فيها .
هيذرو : إنَّ ذلك الشيءَ هو أحدُ آلاتِ العالمِ العلوي العملاقةِ المستخدمةِ في التنقيبِ عن الثرواتِ الباطنيّة ، من الأفضلِ أن نتجاهلَها ونواصلَ طريقَنا فليس لنا شأنٌ معها ، هيا بنا ، ريبيكا .
ريبيكا : ...
ثمَّ يواصلُ العملاقُ الجريَ في رحلتِه متجاهلاً أمرَ تلكَ الآلة .
. . . . . .
_ يبيتون قربَ إحدى المدن ، يجلسُ الثلاثةُ في الغرفةِ الخشبيّة ، ريبيكا جالسةٌ جانبَ ويل النائم وتنظرُ إليه بابتسامة وهيذرو يجلسُ قبالتهما يحدّقُ بهما ، يفكّرُ هيذرو قليلاً ثمَّ يسألُها .
هيذرو : بالمناسبة ، لماذا لا تأخذين ويل ليتجوّلَ معنا عندما نخرجُ بدل أن تتركيه وحيداً وحبيسَ هذه الغرفة ؟
ريبيكا : إنَّ ويل ليس مثلك ، أي لا يمكنُني إيجادُه بواسطةِ الرائحةِ مثلك ، لذلك أخافُ أن يضيعَ بين حشودِ النّاسِ الكثيرةِ إذا أخذناه .
هيذرو : حسناً ، وهل تنوين أخذَه إلى العالمِ العلوي معنا أيضاً ؟
ريبيكا : بالتأكيد ، سآخذُه معي لأيِّ مكانٍ أذهبُ إليه .
هيذرو : حسناً كما تريدين ، لكن يجبُ أن تعلمي أنَّ معاملةَ سكّان العالمِ العلوي لويل ستكونُ سيئةً جدّاً ، أو بمصطلحٍ آخر ستكونُ عنصريّة !
ريبيكا : عنصريّة ؟
هيذرو : أوشكنا على الوصولِ إلى دولةِ أوهارا حيث يتواجدُ البورجيّون العنصريّون فيها بكثرة ، لذلك أظنُّ أنّك ِستفهمين معنى هذه الكلمةِ قريباً ، بأيِّ حال إن نصيحتي لكِ هي أن تتركيه في هذه المدينة وأن تجدي شخصاً ما موثوقاً ليعتني به ، ذلك من أجلِ مصلحتِه .
ريبيكا : شكراً على النصيحة ، لكنّني غير موافقة ، ويل سيبقى معي دائماً !
هيذرو بابتسامة : حسناً كما تشائين .
. . . . . .
تستيقظُ ريبيكا في اليومِ التالي وتنظرُ حولَها ولا ترى هيذرو ، وحتى ويل قد اختفى أيضاً ! تشعرُ ريبيكا بالقلقِ وتنادي عليهما في الأرجاءِ لكن لا أحدَ يجيب .
ريبيكا : أينَ قد ذهبا ؟ ... لحظة ! هل يعقل أنّه ؟ ...
ثمَّ تذهبُ ريبيكا جرياً إلى المدينةِ وتدخلُ إليها وتبدأُ البحثَ عن هيذرو وتجرحُ يدها لكي تزدادَ قوّةُ شمّها ، تبقى تتبّعُ الرائحةَ لمدّة وتتجاوزُ حشودَ الناس ثمَّ تصلُ إلى هيذرو بالفعل وتجدُه واقفاً وحدَه يدخّن ، وتمسكُ ريبيكا قميصَه غاضبة .
ريبيكا : أينَ هو ويل ؟!
هيذرو مبتسماً بثقة : لقد أصبحَ حرّاً الآن !
تنظر إليه ريبيكا بغضب : ماذا ؟! هل أنتَ جاد ؟! هل تخلّصتَ منه ؟!
هيذرو : على رسلك ، أمزح فقط ، إنّه أمامَكِ هناك .
ثمَّ يشيرُ هيذرو إلى مكانٍ ما قربهما ، تنظرُ ريبيكا حيثُ أشار فترى ويل جالساً جانباً ويأكلُ أحدَ أنواعِ الحلوى بشراهة موسّخاً فمَه ، تنظر ريبيكا إليه قليلاً ثمَّ تحسُّ بالرّاحة .
هيذرو : ستكونُ الرحلةُ قاسيةً عليه من الآن فصاعداً ، لذلكَ من حقّه أن يستمتعَ هنا اليوم على الأقل قبلَ أن يذهبَ لتلكَ البلاد .
ريبيكا : ...
ثم تمضي ريبيكا وهيذرو وويل اليومَ يستمتعون ويتجوّلون في أرجاءِ المدينةِ ثمَّ يعودون في المساءِ وقد أمضوا وقتاً رائعاً .
. . . . . . .
_ يجتازُ عملاقُ ريبيكا أحدَ الجدرانِ الحدوديّة ، والذي لا يتعدّى ارتفاعُه ارتفاعَ رجلِ العملاق .
هيذرو على كتفِ العملاق : هذا الحاجزُ يعني أنّنا قد دخلنا حدودَ أوهارا الشرقيّة ، سنقابلُ الكثيرَ من البورجيّينَ الأوغادَ منَ الآن فصاعداً !
ريبيكا : ....
. . . .
ثم يقتربُ العملاقُ من الوصولِ لمدينةٍ تبدو مختلفةً عن سابقاتِها ...
~~~~~~~~~~ كانا ~~~~~~~~~~
تدخُل ريبيكا وهيذرو لمدينةِ كانا ، وهذه المدينةُ ضخمةٌ حقّاً ومحاطةٌ بأسوار مثل جميعِ المدنِ التي مرّوا عليها مسبقاً ، ويوجدُ هناكَ نهرٌ يمرُّ من وسطِ المدينةِ ويتشعّبُ لعدّةِ تشعّبات قاسماً المدينةَ لعدّةِ أقسام أو أحياء ، والأحياءُ المركزيّة تبدو متطوّرة وفاخرة بالمقارنةِ مع الأحياءِ الفقيرة على الأطراف ، وتوجدُ هناكَ عدّةُ أبراج غريبة متوزّعة في أرجاءِ المدينة وتصدرُ منهم أمواجٌ أو هالات تسبّبُ بعضَ التشوّشِ في الجوِّ حولَها ، وتنظرُ ريبيكا إلى أحدهم باستغراب ، يلاحظُ هيذرو استغرابَها ثمَّ يوضّحُ لها .
هيذرو : هذه الأبراجُ موجودةٌ من أجلِ تحسينِ درجةِ الحرارة واستقبالِ الإشاراتِ الهاتفيّة ولها عدّةُ استخداماتٍ أخرى ، حاولي ألّا تقتربي منها ، ذلكَ لن يكونَ آمناً .
ريبيكا : حسناً ...
. . . . . .
ثمَّ لاحقاً بينما ريبيكا تتجول في أحدِ الطرقات تسمع فجأةًُ صوتاً لم تسمعه منذُ مدّة ...
إيرين : ريبيكا .
تتفاجأُ ريبيكا وتمسكُ رأسَها : إيرين ؟!
إيرين :ريبيكا أريدك أن تفعلي أمراً ... أريدكِ أن تقتُلي أحدا ماً !
ريبيكا : أقتلُ أحداً ؟!
إيرين : نعم، ستقابلينه بعد عدّةِ دقائق وسيطلبُ منكِ بعض المال ، عليكِ بقتله مهما كلف الثمن !
ريبيكا : لا يمكنني قتل أحدٍ بلا سبب ، هل هو شخص سيء ؟
إيرين : نعم إنه شخصٌ سيّءٌ جدّاً ، لا يغرُّكِ شكلُه المتواضع فهو أحدُ الضبّاطِ البورجيين وقد قتلَ أعداداً لا تحصى من الأناس الأبرياء ، وسيسعى حتماً للمزيدِ من المصائب ، أكرّرُ مجدّداً شكله سيبدو وكأنّه شخصٌ عاجِز ولكنه شخص مجرم ويستحقُّ الموت !
تفكّرُ ريبيكا قليلاً ثمَّ تجيبُه : حسناً ... سأتولّى أمره .
تتجولُ ريبيكا قليلاً وهي تنظرُ لجموعِ الناسِ الذاهبةِ والعائدة منتظرةً رؤيةَ الرجل الذي قصدَه إيرين .
ثم فجأة تسمع صوتاً " جودي عليَّ بما تستطيعين يا آنستي " ... تتفاجأُ ريبيكا وتنظرُ أسفلَها ويتحدّثُ مجدّداً " عشرونَ قطعةً فقط وسأظلُّ ممتنّاً لكِ حتّى آخرِ حياتي !" ...
تنظرُ ريبيكا إليه وتجدُ أنّه ما هو إلا عجوزٌ معاقٌ هزيل جدّاً تكادُ نسمةُ هواءٍ تنسفُه بعيداً من شدّةِ هزالِه ! وهناك ورمٌ بشعٌ على رأسِه النظرُ إليه يثيرُ اشمئزازَ أيِّ شخص .
يرفعُ هذا العجوزُ صحناً فيه بعضُ العُملِ النقديّة إلى ريبيكا منتظراً أيّاها أن تضعَ فيها بعضَ المال ويدُه ترتجفُ بينما هو يحملُه ، تنظرُ ريبيكا إليه وتشعرُ بالظّلامِ وأنَّ المكانَ يتحرّكُ حولَها .
ريبيكا بحيرةٍ : هل أنتَ هو الشخصُ المقصود ؟ هذا لا يُعقل !
يتكلَّم العجوزُ بصوتٍ عاجز : لا بأسَ إذا لم تملكي 20 قطعة ، سأقبلُ بأيِّ مبلغٍ تعطيني إيّاه وسأكونُ متشكّراً لكِ .
ريبيكا : هل ... أنتَ ... ضابطٌ حقّاً ؟
العجوز : ماذا ؟
ريبيكا : هل أنت ضابطٌ بورجي ؟!
يفكّرُ العجوزُ قليلاً ثمَّ يجيبُها : كيفَ عرفتِ ذلك ؟! نعم ... هذا صحيح ، لقد كان ذلكَ في الماضي ، ولكن منذ إصابتي بهذا المرض لم أعد قادراً على كوني كذلك ...
ريبيكا : وهل قتلتَ أشخاصاً أبرياءَ في حياتِك ؟
العجوز : بالتفكيرِ بالأمر ... نعم ، لقد قتلتُ الكثيرَ حقّاً حتّى أنّني نسيتُ أغلبَهم ولن أتمكّنَ من التذكّرِ إذا جاءَ أحدُ الأشخاصِ الذين قتلتُ عائلتَهم لكي يقتلَني انتقاماً لعائلتِه ، هل أنتِ واحدةٌ منهم ؟
ريبيكا : ...
ثمَّ تُخرجُ ريبيكا سكينها .
ريبيكا : لا ... لستُ منهم ، لكني سوفَ أقتلكَ مع ذلك !
العجوز: ...
تقرّبُ ريبيكا السكين من رقبتِه لقطعِها ...
العجوز :أسمعُ صرخاتهم كل يوم - توقف ريبيكا عن تقريب السكين إلى رقبته للاستماع لما سيقوله- ، وأرى كوابيس ... كوابيس كل يوم عنهم وهم يعانون ويتمنون موتي باستمرار ...
ريبيكا : وهل أنتَ نادمٌ على فعل ذلك بهم ؟
العجوز : نادم ؟ بالتأكيد ! ... كل يوم أتمنّى بأن تتسنّى لي فرصة أخرى لكي أصحّحَ أخطائي وأبدأَ حياةً جديدة لأعوّضَ عن الأشخاصِ الذين أجرمتُ بحّقهم في حياتي ، لكن لا بد أن هذه حماقةٌ لأنه هكذا تسري الحياة ونحن لسنا في قصّةٍ جميلة تنتهي بنهاياتٍ سعيدة ، والآن لا بد أنك جئتِ لتحاسبيني على كل ما فعلتُه بحياتي ، يمكنكِ مواصلةُ ما كنتِ ستفعلينه ، أظنُّ أنَّ هذه هي النهاية !
تفكر ريبيكا ملياً في كلامه ثم تقرب السكين من رقبته .
ريبيكا محدثةً نفسها : هيا ريبيكا ، إنه شخصٌ سيّء جدا ، إنّه مجرم ! هيا اقتليه ، سيكون العالم أفضل بدونه ... هياا ... هيااا ...
تستمرُّ ريبيكا بوضعِ السكين لمدة دقيقة وهي تحاولُ قطعَ عنقِه وتنزلُ دموعٌ من عينيها ولكن لا تستطيع فعلها في النهاية، ثم تبعدُ سكينَها عنه وتقف ، تحدّق فيه قليلاً ... ثم تذهبُ بعيداً ...
. .
ثم بينما ريبيكا تمشي في الشارع مفكرةً فيما فعلته هل هو أمرٌ صائب أم لا ترى فجأةً طفلاً أمامها ، طفلٌ صغير لكن المُفجع أنَّ يده مبتورة مع أنه في عمرٍ صغير مما يثير شفقةَ ريبيكا ويجعلها حزينة بشكلٍ كبير ! ثم تتذكر ريبيكا منظر وكلام ذلك العجوز مجدداً ...
ريبيكا : ...
. . . . .
ثم تذهب ريبيكا لعند هيذرو في وقتٍ لاحق .
ريبيكا: أخبرني فكرتك تلك عن الطبيبةِ سيرين تلك مجدداً ، سوف نقوم بتطبيقها !
هيذرو يبتسم سعيداً : أخيراً !
. . . .
يوجد صحنٌ من الفاكهة على طاولة في غرفة ، وبجانب الطاولة يوجد سرير ، يضع هيذرو العجوز ذاكَ نفسه على السرير ويقوم بتنويمه بإبرة مخدِّرة ، ثم تقترب ريبيكا وتدخل جذورها في جسده الهزيل لمعالجته ...
. . . .
يستيقظُ العجوز لاحقاً وينظرُ حوله ويشعرُ بشيءٍ ما غريب ... يشعرُ بالحياة ! جسمه قد صار في صحة جيّدة ومليئاً بالحيويّة وأقل هزالاً من السابق !
تقفُ ريبيكا أمامه وبعدها ترفعُ له مرآة لينظرَ إلى نفسه على المرآة ويتفاجأ أنَّ الورم قد اختفى بالكامل !
العجوز بصدمة : إن هذه لمعجزة !!
. . . .
ثمَّ يهمُّ العجوز بعد قليل للمغادرة وتقف ريبيكا عند باب الغرفة لتوديعه ...
ريبيكا : إحرص على أن تغير أسلوبَ حياتك من الآن فصاعدا وعلى أن تصبحَ إنساناً أفضل !
العجوز: بالتأكيد سأحرصُ على ذلك أيها الآنسة الشابة ...
ريبيكا تنظرُ إليه مغادراً بابتسامة وصمت وهيذرو واقفٌ بجانبِها .
هيذرو : لقد كانت عمليّة أولى ناجحة ، والآن رسميّاً أعلن عن افتتاح عيادةِ سيرين !
ريبيكا : ...
. . . . . . .
ثمَّ بعد عدّةِ أيّام بينما أحدُ الرجال يمشي يرى طابوراً طويلاً ما ...
الرجل : ما شأنُ هذا الطابور ؟
ثم ينظرُ الرجل إلى لافتةٍ مثبّتة عند مدخل البيت الذي يصطفّون عنده ، ويقرأُ المكتوب عليها .
الرجل : الطبيبةُ المحترفة سيرين ... إدفع 1000 هيغل فقط وستقومُ بعلاجِ جميع أنواع الجروح والكسور والحروق والبتور - يتوتّر الرجل بينما هو يقرأ - والعمى والصمم والعقم وجميع الأمراض المُعدية وعددٍ لا يحصى من الأمراض الأخرى ... فقط إدخل وبالتأكيدِ سيكون لك حاجةٌ في الداخل وبألفِ قطعةٍ فقط !
يفكّرُ الرجل بشأنِ الذي قرأه باستغراب ثمَّ يتّجه إلى أحد الشبّان الذي يقفون عند الطابور .
الرجل : هيي هل تصدّقون هذا الهراء المكتوب ؟ لا بدَّ أنّها محتالةٌ ما وترغبُ بسرقةِ أموالكم بأي شكلٍ كان !
الشاب : لا ، أنا أيضاً لم أصدّق هذا الكلام في البداية ، لكن صدّقني هذا حقيقي ! -ثمِّ يشيرُ إلى رجلٍ ما بالقرب- أنظر إلى ذلك الرجل ؟ هل تعرّفت عليه ؟ إنه بونز ذو اليدِ الواحدة ، لقد عادت ذراعه المفقودة بعدَ دخولِه إليها وكأنّه لم يخسرها أساساً وبألفِ قطعة فقط !
الرجل : هذا لا يصدَّق !
الشاب : أعرف وليس هو فقط ، الكثير جدّاً من الأشخاصِ لقد تعافوا بالكامل بعد علاجهم منها وبدون أي آثارٍ جانبيّة لذلك ! لا بدَّ أنّها من أكبرِ الأطبّاء خريجي العالمِ العلوي وغالباً قد جاءت إلى هنا كتطوعٍ منها لمساعدةِ الناس بمبالغَ زهيدة .
الرجل : التقدُّم الذي توصلت إليه تلك الدول قد أصبح مرعباً !
الشاب : نعم ، لكن لم يرى أيُّ أحدٍ وجهها على الإطلاق فهي متلثّمةٌ دائماً ويوجدُ لديها حارسٌ شخصي يبدو شديداً ، لديَّ الفضولُ لأرى وجهها أكثر من الفضولِ لعلاجِ مرضي !
الرجل : أظنُّ أنّني سأحجزُ لنفسي مكاناً في الطابور أنا أيضاً !
. . . . .
تعالجُ ريبيكا أحدَ المرضى حيثُ هو مستلقٍ على سرير وهيذرو يقف بجانبها ، وتوجدُ تفّاحة تالفةٌ قد تبقّت في الصحن ، ثمَّ بعدَ أن تعالجَ ريبيكا المريض تضعُ أصابعَها على التفّاحةِ ثمَّ تخرجُ جذورٌ تتوزّعُ داخلَ التفّاحة وبعد نصف دقيقة تعودُ التفّاحة طازجة ! ثم تنزلُ ريبيكا اللثام عن وجهِها وترفعُ التفاحة وتأكلُها .
هيذرو بابتسامة :هذا يفسّرُ كيفَ أنَّ فواكه الجزيرة بقيت طازجة بدون أن تتلف !
ثمَّ يحملُ هيذرو المريض النائم ويضعُه بعدها في غرفةٍ فيها عدُّ أسرّة .
هيذرو : فليدخل التالي !
. . . . . .
تخطّطُ ريبيكا أنها ستستمرُّ بالعملِ في العيادة وعلاج الناس حتّى تبدأَ الخطوط الحمراء تلك بالظّهور ، لكن يستمرّانِ بفتح العيادة لأسابيع وتشتهر في الأرجاء وتعالجُ ريبيكا مئات المرضى ولا توجدُ هناكِ أيُّ خطوطٍ قد ظهرت بعد ، ممّا يسبب الراحةَ والقلق لدى ريبيكا في نفس الوقت ثمَّ في أحد الأيّام تقرّرُ ريبيكا إغلاقَها بلا سبب ...
ثمَّ تجلسُ ريبيكا مع هيذرو في مكانٍ ما يعدّان الأموال التي قاما بجمعها .
هيذرو : مئتان وثلاثة واربعون ألفاً ، لقد أصبحنا أغنياء الآن ! لكن لو كنتِ تقبلين أخذَ الأموالِ من الفقراء كنا لنكون في مستوى آخر الآن !
ريبيكا : لا ... إنَّ هدفَنا هو مساعدةُ الفقراء والمحتاجين قبل جمعِ المالِ أساساً ، ولا تنسى أنّنا كنّا نأخذُ مبلغاً مضاعفاً من الأغنياء .
هيذرو : حسناً بأيِّ حالٍ هذا المقدار من المال سيكون ممتازاً جدّاً ، لقد أحسنتِ صنعاً !
ثمَّ يقسمُ هيذرو المال ويعطيها 121.5 ألفاً .
ريبيكا : شكرا ، أحسنت صنعاً أنتَ أيضاً .
هيذرو مبتسماً : حسناً ، دعينا نتسوّق الآن لكي نغادرَ المدينةَ غداً أو بعد غدٍ .
ريبيكا : حسناً .
ثمَّ يغادرُ هيذرو المكان سعيداً بالأموال وتبقى ريبيكا وحدها ، ثمَّ تقومُ بفحصِ جسدِها .
ريبيكا : لا توجد أي علامةٍ حتّى الآن ... هذا جيد على ما أظن ؟
ثم تنظرُ ريبيكا إلى المالِ الكثير الذي حصلت عليه ، ثمَّ تنهمكُ في التفكير ...
. . . . . . . . .
في اليوم التالي يأتي أربعةُ رجال إلى مكانِ عيادةِ سيرين ويجدون عدّةَ أشخاص متجمّعين هناك .
أحدُ الرجالِ الأربعة : هل عيادةُ المدعوّةِ سيرين موجودةٌ هنا ؟
يجيبه رجلٌ ما : إنَّ حظّكم سيّء ، لقد قامت بإغلاقِ للعيادةِ نهائيّاً البارحة .
ينظرُ الأربعةُ إلى بابِ المتجر ويرون أنّه قد كُتبَ عند المدخل "مغلق ، لن يُفتحَ مجددّا أبداً !".
يفكّرُ الرجالُ الأربعةُ قليلاً ثمَّ يقرّرون أن يغادروا المكان بدون مقدّمات بما أنّه لم يعُد لهم عملٌ هنا .
أحدُ الرجال : هذا مؤسف ، كان هناكُ أملٌ لجعلِ قائدنا يُشفى والآن قد ضاعَ هذا الأمل وتبدّدَ كليّاً ! ما هو رأيك يا أوهاب ؟
أوهاب : لا يهم ، سنجدُ وسيلةً أخرى حتماً ، مشروع الحديقة المزدهرة لن يكتملَ إلّا إذا كانَ العقربُ قائدُه !
. . . . .
في نفس هذا الوقت تمسكُ ريبيكا يدَ هيذرو وتسحبه قائدةً إيّاه إلى مكانٍ ما .
هيذرو : إلى أين نحن ذاهبان ؟
ريبيكا : أصمت واتبعني .
يفكر هيذرو قليلاً لعلّه يخمّنُ إلى أينَ ستأخذُه ، ثم يتذكّرُ شيئاً ما ... ويُصدَم !
هيذرو مفكّراً : سحقاً ! تاريخُ اليوم ، لقد نسيت ! اليوم قد انقضت الثلاثةُ أشهر ولم نصل أوديميا بعد ... لا بدَّ أنها تقودُني الآن إلى الساحةِ الغربيّة لالتهامي الآن متغاضيةً عن وجودِ الكثيرِ من الناس الذين قد يرونَها وهي عملاقة ، يجبُ أن أجدَ طريقةً للهرب ! -ثمَّ ينظرُ هيذرو حولَه ويفكّرُ بطريقةٍ ما - مستحيل ، من المحالِ الهربُ منها ، كان يجبُ أن أفكّرَ بطريقةٍ ما لإيصالِها إلى أوديميا طوال هذه الثلاثة أشهر لكن استغلالَ ريبيكا كوسيلةٍ للنقلِ وكسب المالِ قد أعمى عينيَّ ، لقد انتهى أمري ! ...
ثم يدخلان إلى الساحةِ الغربيّة بالفعل وهيذرو ينتظرُ بذعرٍ ريبيكا أن تعضَّ يدَها وتتحوّل ، لكنّها لا تفعل وبدلا من ذلك تقتربُ من شيءٍ ما مغطّىً بغطاء .
هيذرو : ما هذا ؟
ريبيكا : هذا لك ...
ترفعُ ريبيكا الغطاء فتظهرُ درّاجةٌ ناريّة لامعة مشابهةٌ لدرّاجتِه القديمة التي تحطّمت ، ينظرُ هيذرو إلى الدرّاجةِ منبهراً ويشعرُ ببعضِ التأثُّر .
هيذرو : اشتريتِ هذه لي !!
ريبيكا : نعم ، أنتَ تستحقُّها بسببِ عملكَ الدؤوب ، كما أننا بالتأكيدِ سنحتاجُها في العالم العلوي ، لماذا كنتَ متوتّراً ؟ هل ظننتَ أنّني سالتهمك ؟ - تضحكُ ريبيكا بعد قولِها هذا-
يبتسمُ هيذرو ابتسامة بسيطة شاعراً بحماقته : واخترتِ هذا اليومَ بالذّات لكي تهديني إيّاها ، إذاً أنتِ تجيدين المقالبَ بعدَ كلِّ شيء .
ريبيكا : ...
هيذرو ناظراً إلى الدرّاجة : تحتاجُ بعضَ التعديلات ، لكنّها رائعةٌ واعجبتني ، شكراً لكِ !
تبتسمُ ريبيكا ردّاً على ذلك .
هيذرو : إذاً ، هل تخليتِ عن فكرةِ التهامي ؟
ريبيكا : لن استطيعَ أن التهمك ...
ثمَّ تنظرُ ريبيكا للأسفلِ خجلةً و تخفضُ صوتَها بشكلٍ شبهِ غيرِ مسموع .
ريبيكا مواصلة : لأنّكَ الآنَ مثلَ عائلتي !
هيذرو : ...
. . . . . . . . .
في هذا الوقت تنطلقُ سيّارتانِ في الصحراء يتمُّ قيادتُهما من قبلِ الرجالِ الأربعةِ الذين ظهروا مسبقاً ، تمرّان من منطقةٍ شبه صخريّة ثمَّ يلمحُ الرجالُ فيها شيئا ، تقفُ السيّارتان ثم يخرجون منها وينظرون لتلكَ النقطة ليروا صندوقاً خشبيّا كبيراً له عجلات !
أحد الرجال بلهجةٍ مصدومة : ما هو هذا ؟! ...
. . . . .
. . . . .
في وقت آخرَ من اليومُ تجلسُ ريبيكا على حافّةِ النهرِ أو الساقية التي تمرُّ من المدينة وتحملُ كتابَ الفردوس وتنظرُ إليه ، ثمَّ يأتي هيذرو وينظرُ إليها قليلاً ، ثمَّ يجلس بجانبها ...
هيذرو : ما هذا الكتابُ الذي أراكِ تقرأينه باستمرار ؟
ريبيكا : لقد اعتدتُ في السابق على قراءةِ هذا الكتاب مع والدتي ، إنّه يتكلّمُ عن آلهةٍ وحياةٍ أخرى بعد الموتِ وأشياءُ أسطوريّةٌ أخرى ، قراءتُه تذكّرني بأمّي دائماً وتجلبُ لي الحزن وشعورٌ دافئ في نفسِ الوقت ...
هيذرو : ...
ريبيكا : لكن أنا الآن أنظرُ إلى هذا القسمِ الممزّق الذي يتكلّمُ عن الإلديان ، نحن ! وأتسائلُ ما هي علاقتُنا بتلكَ القصصِ أساساً ، ولماذا عندما سألتُ أمّي عنهم فقدَت عقلَها وقالت لي ألّا أذكرَ هذا الاسم مجدّداً ! وهناك أمرٌ ما آخر يثيرُ حيرتي ، أخبرني هيذرو ، أخبرني من بين الآلافِ من الأناس الذي قابلناهم ، لماذا أنا وأنت الوحيدان الإلديان ولم يصدف لي أن شعرت برائحةِ إلديانَ آخرين مثلنا ؟! هل يمكنكَ الإجابةُ على هذه الأسئلة ؟ هيذرو .
هيذرو : حسناً ... يمكننُي الإجابة ، لكن هلّا أخبرتِني لماذا تريدين التهام الإلديان من الأساس ؟
ريبيكا : لا أريدُ التهامَ سوى ستّةِ إلديان وبعدها لن ألتهمَ أيَّ أحدٍ آخر على الإطلاق !
هيذرو : ستّة ؟ لماذا هذا الرقمُ بالتحديد ؟ هل تلتهمين ستّةَ أشخاصٍ كل سنة ثم تذهبين في سبات أو شيءٍ من هذا القبيل ؟
ريبيكا : لا ، لقد قمتُ بعقدٍ مع إيرين من أجل الحصول على الدماءِ الملكيّة لكي أحصلَ على قوّةٍ لا محدودة قادرةٍ على فعلِ العجائب !
هيذرو :من هو إيرين ؟ وما هي الدماء الملكيّة ؟
ريبيكا : لا عليك لا تهتمَّ بشأنهم ، بأيِّ حال هل يمكنكَ الإجابةُ على اسئلتي ؟
هيذرو : سأجيبك عندما تخبريني من هو إيرين هذا ...
ريبيكا : أنا ... أنا ... لا يمكنني ... إخبارُك عنه ...
هيذرو : ...
. . . . . . . . . . . . . . .
لا تخبرُ ريبيكا هيذرو أيَّ شيءٍ عن إيرين ، ثمَّ لاحقاً يقرّرانِ أن يغادرا المدينة ويخرجانِ منها بالفعل بواسطة الدراجة ، يدفع هيذرو غرامة الخروج للبورجيين ، ثم ينطلقان بالدراجة إلى مكان الغرفة الخشبية ، ويتفاجآنِ برؤيةِ سيّارةٍ من بعيد ! وريبيكا توشك على الانهيار من القلقِ بسببِ ذلك وهيذرو ينظر تجاه السيّارة بعبوس .
هيذرو : ريبيكا ، إنَّ مسدّساي في حقيبتك صحيح ؟ هلّا أعدتهما لي ؟
ريبيكا : حسناً ، ولكن لا تقتل أيَّ أحد ، أرجوك ، فقط أخفهم بهما !
هيذرو : حسناً سأحاول ذلك .
تعيدُ ريبيكا المسدّسين لهيذرو وهيذرو يقترب بالدرّاجةِ أكثر ليجدا أنَّ الغرفةَ الخشبيّة قد اختفت من مكانِها وهناك رجلان مسلحان يقفان بانتظارهما ...
ريبيكا : ويل ! أين قد أخذوه !
هيذرو : ...
أحد الرجلين : لا تخافا ! لقد جئنا في سلام ! نحنُ لا نريدُ القتال ، هل يمكنك رجاءاً إبعاد مسدّسيك جانباً ؟!
هيذرو : أرفضُ ذلك ، أنزلا أسلحتكما أرضاً أولاً .
ينظر الرجلان لبعضهُما ، يفكّرانِ قليلاً ثمَّ يومئ أحدهما للآخر ويضعانِ الأسلحة أرضاً بالفعل .
أحد الرجلين : لقد أنزلناهم ، والآن دورك .
يفكّرُ هيذرو قليلاً ثمَّ بثقةٍ يرمي مسدّسيه بعيداً مع تفاجؤ ريبيكا ، وهي تُعتبرُ حركةً غبيّةً منه لأنه أعطى الأفضلية للرجلين بفعلِه هذا .
هيذرو :والآن أخبراني من أنتما وما الذي تفعلانه هنا وأين هي الغرفةُ المتنقّلةُ الخاصّة بنا ؟!
أحدُ الرجلين : أنا أدعى لوكاس وهو سيمون ، إن سيدنا مريضٌ بمرضٍ عضال عجزَ الأطبّاءُ عن علاجه ، وما أن سمعنا بوجودِ امرأةٍ اسمها سيرين قادرةٌ على العلاج باحترافيّة كبيرة انطلقنا فوراً للبحثِ عنها من أجلِ علاجِه ، ومع أنّنا قد وجدناها غادرت المدينة لكنّنا نشكُّ من الأغراضِ في الغرفةِ أنّها تكون لها ، ولا بدَّ أنّها الفتاةُ التي معك وأنتَ هو مساعدُها ، نريدُ منكما علاجَ سيّدنا وبعدها سنعيدُ لكما الغرفة والطفل وكأنَّ شيئاً لم يحصل ، بل وسنعطيكما مكافئةً ماليّة كبيرة على ذلك !
ريبيكا مع نفسِها : كيف عرفا أنني سيرين ؟!
ثم تنظرُ ريبيكا للوكاس وتدركُ أنّه أحدُ المرضى الذين جاؤوها منذُ يومين .
هيذرو : تسرقون منزلَنا وتخطفون الطفل الخاص بنا وتتوقّعون ببساطة أن نساعدكم ؟
سيمون : لقد اضطرننا لفعلِ هذا لكي تأخذونا على محملِ الجد ، لكن كما أخبرناك ، عالجا سيدنا وسوف نعيد ما أخذناهُ منكم دونَ أيِّ دبّوسٍ قد تمِّ انتشالُه !
يفكّرُ هيذرو قليلاً ثمَّ يسألُه : من هو سيدكم ؟
سيمون : لا يمكننا قول ذلك ، إنَّ هويته سرية .
هيذرو : لن ننفّذ طلبكم حتى تخبرونا من هو سيدكُم .
لوكاس : لقد قال لك أن هويته سريّة ألم تفهم ذلك ؟!
هيذرو بلهجة تهديديّة : سأسألكم مرّةً واحدة أخيرة ، من هو سيدكم ؟!
ينظر لوكاس وسيمون إلى بعضهما ، ثمَّ يومئانِ لبعضهما بالإيجاب وبعدها يهمّانِ لحمل أسلحتهما ...
لكن لا يكادُ سيمون يمسك سلاحه ويرفعَه حتّى يتلقى مباشرةً لكمةً كالقنبلةِ من هيذرو تلقيه أرضاً ! لقد تحرّك هيذرو حوالي 15 متراً في ثلاثِ ثوانٍ لفعل هذا !
ينظر لوكاس إلى هيذرو متفاجئاً ويهمُّ بتوجيه السلاحِ عليه لكن يحولُ هيذرو دون ذلك ويوجّه بيده السلاحِ لاتّجاهٍ آخر ويطلق لوكاس الرصاصَ في الهواء ويتعرّض للكمةٍ سريعة وقويّة من يد هيذرو اليسرى في رأسه تسقطُه أرضاً .
تنظر ريبيكا منبهرة مما حصلَ منذُ لحظات ، لا بدَّ أنَّ هيذرو مقاتلٌ من درجةٍ رفيعة لتمكّنه من القيام بذلك .
بعدها يقوم هيذرو باستجوابِ الرجلين لكن لا يتمكّنُ من استخراجِ أي شيءٍ مفيد من أفواههما ، ثمَّ يشبعُ وجهيهما ضرباً وبعدها يلقي بهما في فتحةٍ متّصلةٍ بكهف في الأسفل لكنه ليس عميقاً بما فيه الكفاية ليقتلهم لكنهم حتما أصيبوا ببعض الكسور .
ريبيكا بقلقٍ كبير : والآن ماذا سنفعل ؟ هل ضاع ويل ؟
هيذرو ناظراً إلى الأرض : توجدُ هناك آثار سيّارةٍ أخرى ، الآثار القادمة غير واضحة لكن العائدة واضحة وعميقة ، يبدو أنّه قد تمَّ حملُ الغرفةِ بواسطةِ تلكَ السيّارة !
ريبيكا : إلى أينَ من الممكن أن يكونوا قد أخذوها ؟
هيذرو : من اتّجاهِ آثار العجلات لقد ذهبوا غالباً إلى مدينةِ جوبر ، ومن الواضحِ أن الأشخاص الذين اختطفوها هم رجالُ شخصٍ يدعى العقرب !
to be continued ...