أرك الصحراء الشرقيّة (فلاشباك) الفصل الثالث من الأرك عدد الكلمات : 6400 كلمة
~~~~~~~~~~ جوبر ~~~~~~~~~~
يجلسُ رجلٌ كهل ممتلئُ الجسدِ قليلاً على مكتبٍ له ، يدخّن سيجاراً من نوعٍ فاخر ، ويقرأُ بعض الأوراقِ لديه التي في حاجةٍ للتوقيع ، ومكتوبٌ على البطاقةِ التعريفية على المكتب اسم "ريغن راكفيلد" ، ثمَّ يتمُّ قرع باب المكتب .
ريغن بصوته الثخين : إدخل .
ثم يُفتح الباب ويدخلُ رجلٌ ضخمُ الجثّةِ وملتحي .
ريغن : إدغر ، صديقي المخلص ، أبهرني بالأخبارِ السارّة !
إدغر : أنا آسفٌ سيّدي ، إنَّ سيرين حقيقيّةٌ بالفعل حسب كلامِ الرجال لكن عندما وصلوا إلى عيادتها كانت قد غادرت المدينة بالفعل .
يشعرُ ريغن بالغضبِ بعد سماعه هذا ويضغطُ على كأس القهوة الذي يحملُه بقوّة حتّى يشعر أنّه يوشكُ على كسره .
إدغر : ولكنَّ الرجال قد قاموا بمهمّةِ تحقيق وبحثٍ صغيرة ، انتهت بهم بأن وجدوا في أحد الأوديةِ الصخريّة صندوقاً كبيراً غريباً يشبه غرفةً متنقّلة ، فيه أفرشةٌ وملابسٌ وطعام ، بالإضافةِ إلى طفلٍ صغير وخمسة صناديق من العشبة المقدسة ! ونحن نشكُّ أنّه يخصُّ سيرين لأنّنا وجدنا فيه ملابس تشبه ملابسَها وملابس مساعدِها ، لقد جلبَ أوهاب وليو الصندوق وبقي لوكاس وسيمون ينتظران لعلَّ أحداً ما يأتي لمكانِ الصندوق ، وحاولنا استجواب الطفل لكنّه يبدو خائفاً ولم ينطق بشيءٍ مفيد لكنّنا سنستمرُّ في المحاولةِ معه .
ينظر ريغن إلى إدغر بغضب : إدغر .... إدغر .... أنا أريد كلاماً مفيداً وليس مجرد شكوكٍ ونظريّات ! بما أنكم زعمتُم أن سيرين تلكَ موجودة حقّاً فأريدها إذاً هنا اليوم قبل الغد واتّبعوا أي طريقةٍ لإيجادِها ، فقط إجلبوها لهنا بأي ثمن كان !
إدغر : حسناً يمكنكَ الاعتمادُ علينا في هذا !
ريغن : يمكنكَ المغادرة .
إدغر : حاضر سيّدي .
ثمَّ يغادر إدغر ويبقى ريغن في الغرفة واقفاً بغضب وكبرياء .
ريغن : هناك الكثير من الطموحات التي أسعى لتحقيقها في حياتي ، من المحال أن أموت قبل أن أتمكّنَ من تحقيقها !
. . . . . . .
في هذا الوقتِ ينطلقُ هيذرو وريبيكا إلى بلدة جوبر بواسطة الدرّاجة النارية .
ريبيكا : من هو العقرب هذا ؟ هيذرو : أنتِ بالتأكيد تعرفين النبتة التي كنتُ اشتري منها بكثرة لكي أبيعها في أوديميا وهي تدعى بالعشبةِ المقدّسة ! إنَّ العقرب أحدُ أكبرِ تجّارِ هذه العشبة ولديه حقولٌ منها في أماكنِ سريّة لا أحدَ إلّا عصابتُه يعرفون مكانها ، العقرب قد كان أحد الأشخاصِ الذين شككتُ بأمرهم أنهم قد يكونون الإلدياني الذي أبحثُ عنه واستمررتُ بمطاردة العقرب للتأكّدِ من ذلك لكنّني اكتشفتُ في النهايةِ أنّه ليسَ هو وأن شكّي قد كانَ غيرَ صائب .
ريبيكا : ...
لا تجيبُ ريبيكا عليه وتبقى تفكّرُ بقلقٍ بشأنِ ويل وكيف سوفَ ينقذانِه .
. . . . .
في هذا الوقتِ يقودُ أوهاب وليو سيارتهم باتّجاه المنطقة الصخريّة حيث كانت الغرفة الخشبيّة ، ثم يريان سيّارة لوكاس وسيمون ويتفاجآن بما حصلَ لها ، ينزلان ويقفان عندها متفحّصانها حيث تبدو وكأنَّ يداً عملاقة قد أمسكت بها وقامت بتحطيمِها بمختلفِ السبل الممكنة -وهو ما حصلَ بالفعل-.
أوهاب : ما الذي حصل هنا بحقِّ ال....
ليو بقلق : أين هما لوكاس وسيمون؟
ينظر أوهاب حولَه ولا يجدُ أحداً ويشعرُ بالقلق بدورِه ثمَّ يبدأ بالمناداة بصوتٍ عالٍ : لوكاس !! سيمون !!
ينادي الإثنان عليهما ويستمرّانِ بالمناداة حتّى يسمعانِ صوتاً بعيداً مكتوماً وكأنّه يحاولُ الردَّ عليهما ، يتبعان مصدره فيصلان في النهايةِ إلى حفرةٍ متّصلةٍ بمغارةٍ في الأسفل ، ينظران داخلَها فيجدان لوكاس وسيمون ملقيّين في الأسفل وشبه عاجزين .
سيمون بصوتٍ مثيرٍ للشفقة : أنقذانا !
أوهاب : تركناكما وحدكما قليلاً فصرتما تلعبان في الأسفل ؟
. . . . . . . .
ثم يصل هيذرو وريبيكا لجوبر ، مساحتُها صغيرة نسبيّاً ولا يوجدُ لها أسوار وهي أقربُ إلى قريةٍ منها إلى بلدة ، ثمَّ تبدأُ ريبيكا بالإحساسِ بشيءٍ ما .
ريبيكا : يوجد إلدياني في هذه البلدة !
هيذرو : حقّاً ؟ محال ! هل يعقل أنَّ العقرب هو ذاتُه الإلدياني الذي كنتُ أبحثُ عنه بالفعل ؟
ريبيكا : إنّه في ذلك المبنى ! -وتشيرُ إلى مبنىً ما من طابقين يطلُّ من بعيد-
هيذرو : حسناً ، سوف نذهبُ إليه !
يصلان إلى المبنى بالدراجّة ثم يجدان مكاناً يختبئان فيه ثمَّ يراقبان مدخل المبنى لمدّة ، حتّى يخرجَ منه إدغر وهناك رجلان معه !
هيذرو : هذا هو ... إدغر بانيك ، العقرب ! ألم يقبض عليه البورجيّون حتّى الآن ؟! لا أصدّقُ أنّه بالفعل نفسُ الشخصِ الذي كنتُ أبحث عنه ...
ريبيكا : لكنه ليس العقرب ! أعني ... إنّه ليس الإلدياني !
هيذرو : ماذا تقصدين ؟
ريبيكا : إن الرّائحةَ لا زالت داخلَ المبنى ، إنَّ الإلدياني لا زال في الداخل وهو ليس الرجل الذي خرج !
هيذرو بتفاجؤ : هذا محال ... - يفكّرُ قليلاً ثمَّ يواصل - هل هذا يعني أنَّ إدغر ليس قائد العصابةِ الحقيقي وهو يأخذ أوامرَه من الشخصِ الذي في الداخل ؟ إذاً العقرب الحقيقي ينتحلُ شخصيةَ مدنيٍّ ما ويعطي أوامرَه لقائدِ العصابة إدغر الذي يدّعي أنّه العقرب ، أظنُّ الآن أنَّ هذا منطقي ويفسّرُ الكثير !
يصعد إدغر والرجلان الذان معه إلى سيّارةٍ ثمَّ ينطلقانِ بها إلى مكانٍ ما من جوبر .
ريبيكا : إذاً ما الذي سنفعله الآن ؟
هيذرو : دعينا نتبعهم ، لا أظنُّ أنَّ ويل سيكون عندَ العقرب الحقيقي الذي يدّعي أنّه مدني .
ريبيكا : حسناً .
. . . . . . .
يذهبُ إدغر مع رجاله بالسيارة إلى مكانٍ ما من جوبر ويتبعُه هيذرو وريبيكا بواسطةِ الدرّاجة حتى يصلان إلى مكانٍ ما محاطٍ بسياج ، يدخل إدغر بسيارته إليه ، ثمَّ يخبّئُ هيذرو وريبيكا الدراجةَ في مكانٍ ما لكي يعودا لها لاحقاً وبعدها يتسلّلان من فوقِ السياج العالي ويدخلان للداخل بسهولةٍ نسبيّاً ، وبعد أن يمشيا قليلاً في الداخل يكتشفان أنّهما في مكانٍ مثل معسكرٍ صغير -ذلك لم يكن واضحً من الخارج - ، ويريانِ أشخاص مسلّحين في الداخل ويوجدُ مبنى شبيهٌ ببرج ويوجدُ عليه حارسٌ في الأعلى ، ثمَّ يلمحُ هيذرو الغرفة الخشبية من بعيد .
هيذرو : ها هي الغرفة ! إذاً نحنُ كنّا على حق ! أظنُّ أنَّ التسلّل لن يكون صعباً ، لكن برأيي من الأفضلِ أن تبقي هنا وسأجلبُ أنا ويل بنفسي .
ريبيكا : لا سأذهبُ معك ، يمكنُني علاج نفسي وعلاجُك في حال أُصبت ، كم مرّةً سنتحدّثُ في هذا ؟
هيذرو : حسناً حسناً .
ثم يقومانِ بالتسلُّل ويعبران أغلبَ المعسكر ويصلُ هيذرو للغرفةِ الخشبية ثم ينتظر ريبيكا حتى تصل إليه ، ينظرُ هيذرو إلى رجال العصابة في المكان فيرى شخصين واقفين عند سيّارة يتحدّثان وعدّةُ أشخاصٍ آخرين منشغلين بلعب الورق ، وينظر بعدها إلى البرج فيرى المراقِب مستلقٍ ويدخّن وكأنّه في إجازة .
هيذرو : لو كنت رئيساً على هؤلاء الحمقى كنت لأطردهم فوراً ... هذا من حسنِ حظّنا .
ثم ينظرُ إلى ريبيكا ويراها على وشكِ الوصول إليه ، فيشير لها ليرشدها بأن تتحرّك أو تتوقّف لكي لا يلمحها أفرادُ العصابة ، لكن بينما هي تتحرّك تتعثّر وتسقطُ مصدرةً صوتاً !
هيذرو : تبّاً !
أحدُ الرجلين الواقفين عند السيّارة : ما هذا الصوت ؟
الرجل الآخر : لا بدَّ أنّه حيوانٌ بريٌّ ما ، إنسى أمرَه ودعنا نكملُ موضوعنا .
الرجل الأول : دعني أتولّى أمره .
ثمَّ يدخلُ الرجل الأوّلُ إلى السيّارة وبعدها يخرجُ منها حاملاً قاذف rpg ويوجّهه حيثُ ريبيكا وهيذرو يُصدم بذلك .
هيذرو : ما الذي ؟!
الرجل الثاني بذعر : نيل توقّف !! هل فقدتَ عقلك ؟! -ويمسكُ القاذف محاولاً توجيهه إلى السماء -
نيل ضاحكاً : لا بأس لا بأس ، أمزحُ فقط - وبعدها يعيدُ القاذف إلى السيّارة - لكنّني قد نلتُ منكَ مجدّداً !
الرجل الثاني : أعرفُ أنّكَ تمزحُ ومزاحُكَ غيرُ مضحكٍ بالمناسبة ، لكنّني أخافُ أن تضغطَ على الزنادِ بالخطأِ مثلَ تلكَ المرّة !
نيل : هيّا يا رجل ... تلك المرّةُ قد كانت حالةً مختلفةً تماماً وحصلت منذُ زمنٍ بعيدٍ جدّاً لكن يبدو أنّكم لن تنسوها حتّى مماتكم !
ثمَّ يمسحُ هيذرو على جبينِه مرتاحاً : ظننت أن ذلك حقيقيٌّ للحظة .
ثم ينتظران حتى يغادرَ الرجلان بعيداً وبعدها تواصلُ ريبيكا التسلُّل وتصلُ إلى هيذرو ، ثم يقتربانِ من الغرفةِ الخشبيّة ويفتحان بابها ويجدانها فارغة .
هيذرو : هذا ما كنتُ أخشاه ، والآن سنضطرُّ للبحثِ في الداخل .
ثمَّ ينظرانِ إلى مدخلِ المبنى جانبهما ...
. . . . . . . . . .
في الداخلِ يتمشّى أحدُ الرجالِ المسلّحين بين الممرّاتِ للحراسة ، يتثائبُ وينظرُ حولَه ثمَّ يواصل السير وبعدها يقفُ مجدّداً ... وفجأةً بينما هو ساهٍ يتمُّ ضربُه بقضيبٍ معدني من الخلف يسقطُه أرضاً مغميّاً عليه ، ثمَّ ينظرُ الشخص الذي ضربه والذي هو هيذرو في الممرّات ولا يرى أحداً آخر ، ثم يقوم هيذرو بسحبه إلى مكانٍ ما في الظلمة ...
يستمر بعدها هيذرو وريبيكا في المشي في الممرّات حتى يصلان إلى غرفةٍ مليئةٍ بالصناديق ويسمعانِ بعدها صوتَ بكاءِ ويل !
ريبيكا : ويل !
ثم يتسللان من بينِ الصناديق ويجدان ثلاثةَ رجالٍ ٍواقفين يفتّشون بين الصناديق عن شيءٍ ما وعلى الجانب الآخر رجل واقف يحمل معه سلاحاً وبجانبه ويل حيثُ أنَّ يدَه مربوطةٌ بحبلٍ مثبّتٍ في الجدار ، وويل يبكي بكثرة وبلا انقطاع .
ريبيكا بصوتٍ منخفض : ويل !
هيذرو : رويدكِ ريبيكا لا تتسرعي ! دعينا ننتظر حتّى يغادرَ الرجالُ الآخرون وبعدها سنفكّرُ ما الذي سنفعلُه حينها .
ريبيكا : ...
وبالفعل يبقيان مختبئين بين الصناديق حتى يغادر أحدُ الرجال الثلاثة ويذهب الآخر لعند الرجل الذي يحرس ويل .
الرجل الذي جاء : كيف هي الأحوال عندك ؟ مورغان ؟
ومورغان هذا رجلٌ يضعُ الكثير من الوشومِ على جسده وله تسريحة شعرٍ تشبه عرفَ الديك .
مورغان : أظن أن طبلتي أذنيَّ قد تأذّيتا من كثرِ صراخِه ، هذا القذرُ الصغير لا يكفُّ عن البكاء ، تعال وإبقى معي كين لا أريدُ أن أعاني بمفردي .
ثمَّ ينظرُ كين إلى ويل بينما هو يبكي .
كين : أنظر إليه ما أقبحَه .
مورغان : أعلم ذلك -يضحكُ ضحكة بسيطة ساخرة - ، النظر إليه يجعلُني أرغب بالتقيّؤ .
وتنظر ريبيكا إليهما نظراتٍ مليئةٍ بالغضب بينما يقولون ذلك .
مورغان : ما الذي تفعلُه في بلدٍ مثل هذا أيُّها الشقي؟ لا أطيقُ صبراً حتى نعطيك للقائن ثمَّ يذهبُ لكي يبيعكَ ولا يجدُ أحداً ليشتريكَ فيبيعُكَ بأبخس ثمنٍ ممكن !
هيذرو : القائن ؟ ما معنى هذه الكلمة ؟
ثمَّ ينظرُ هيذرو لريبيكا ويراها تنظرُ إلى الرجلين موسّعةً عينيها وتحدّقُ بهما بشكلٍ مخيف .
كين : حسناً يكفي مورغان ، كفاكَ تنمّراً على الطفلِ الصغير .
مورغان : تمهّل لحظة ، دعه يحدّثكَ عن ريبيكا .
كين : ريبيكا ؟
مورغان : نعم - ثمَّ يتحدّثُ مع ويل - يا ولد ، أخبرنا ما الذي ستفعلُه صديقتُك ريبيكا بنا ؟
ويل بلهجةٍ باكية : ريبيكا قويّةٌ جدّاً وستأتي لإنقاذي ، سوف تتحوّلُ لعملاقٍ وتلتهمكُم جميعاً !
كين : عملاق ؟ -يضحك-
مورغان بابتسامة : لا أدري -يضحك أيضاً-
ويل : سوف تأتي وتلتهمُكم جميعاً أيُّها الأشرار ! -ويواصل البكاء-
ثم ينظرُ مورغان إلى ويل نظراتِ سؤمٍ ثمَّ يركلُه ويسقطه أرضاً : حسناً أصمت .
تنظرُ ريبيكا إلى هذا ولا تطيقُ صبراً فتقفُ وتتّجِه مسرعةً نحو مورغان ، تجرحُ يدَها وبعدها توجّهُها نحوَه وتظهرُ جذورٌ ضخمةٌ غريبةٌ بشكلٍ سريع وخطير وتنقض على الرجلِ ذو العُرفِ صادمةً إيّاه بالجدارِ ويصدرُ ذلكَ صوتَ ارتطامٍ قوي وبعدها يسقطُ الرجلُ أرضاً ، يتفاجأُ كين والرّجل الآخر بذلك ويوجّه كين سلاحَه إلى ريبيكا لكن هيذرو يمسك كين من الخلف محوّطاً ذراعه حولَ رقبتِه مثبّتاً إيّاه ويوجّه بيده الأخرى مسدّساً لرأسِه ويخاطب الرجلَ الآخر الذي ينظرُ إليه بتفاجؤ .
هيذرو : إذا فكّرتَ في الاطلاق سوف أفرغُ الرصاصةَ في رأسِه ، أنتَ لا تريدُ لزميلكَ أن يموت صحيح ؟
وينظرُ الرجلُ إليه بحيرة وتوتُّر يفكّر فيما سيفعله.
وأمّا ريبيكا فتقطعُ الحبلَ وتعانق بعدها ويل بحُب.
ريبيكا معانقةً إيّاه : هل أنتَ بخيرٍ يا عزيزي ؟!
ويل باكياً : ليبيكاااا ...
ينظرُ هيذرو للرجلٍ محدّثاُ نفسَه : والآن إمّا أن يطلقَ النار على كلينا وعلى زميلِه وأنا استبعدُ حصولَ ذلك ، وإمّا سينادي على رفاقِه الآخرين لكي يأتوا ليساندوه وهذا ما سيفعلُه حتماً ، عليَّ أن أتصرّفَ قبلَ أن يفعلَ ذلك !
يفكر الرجل الحائر قليلاً ثمّ يقرّرُ أخيراً ما الي سيفعلُه ويفتح فمَه لينادي الآخرين : رفاا -ثمَّ يطلقُ هيذرو فجأةً رصاصة بمسدّسه الكاتمِ الصوت (لحسنِ الحظ) على يده مسقطةً سلاحًه ويصرخُ بعدها الرجلُ ألما - أععععع ...
ثمَّ يضربُ هيذرو رأسَ كين بطرفِ مسدّسِه مفقداً وعيَه ويفعلُ الأمرَ نفسَه مع الرجلِ الآخر ، ويبقى مورغان ملقيّاً على الأرض ويبدو أنه تكسّرت بعضُ عظامِه وأصبحَ شبه عاجز .
تقتربُ ريبيكا من مورغان غاضبة وتحملُ معها سكّيناً ، وينظرُ إليها مورغان فزِعاً : لااا ، لا تفعلي ذلك ! أرجوكِ !
تهمُّ ريبيكا لقتلِه لكن يمسكُ هيذرو ذراعَها في آخر لحظةٍ قبلَ أن تطعنَه ، وبعدها تنظرُ ريبيكا إلى هيذرو بعبوس .
هيذرو : اهدئي ريبيكا ، أنا أعلمُ أنّه حثالة ، لكنّه مجرّدُ كلبٍ لسيّدِه يتبع الأوامر فقط ، لذلكَ لا حاجةَ لقتلِه ، لكن يمكنكِ ضربُه بدلاً من ذلك !
ريبيكا : ...
تنظرُ ريبيكا إلى هيذرو قليلاً وتفكّرُ قليلاً بكلامه ، ثمَّ تفلتُ السكّين الذي في يدها الذي يسقطُ أرضاً ، ثمّ تمسكُ بقميصِ مورغان رافعةً جسمه للأعلى وتبدأُ بضربِه لكماتٍ بقدرِ ما تستطيعُ من قوّة .
هيذرو مع نفسِه : هذا لمصلحتكِ يا ريبيكا ، أنا أعلمُ أنَّ قلبكِ طيّب وستشعرين بالذّنبِ لاحقاً إذا قتلتِه الآن .
تستمرُّ ريبيكا بضربِ مورغان وأمّا هيذرو فيبحثُ عن صناديقِ العشبةِ المقدّسةِ خاصّاتِه لكنّه لا يتمكّنُ من إيجادِها ، وبعدها يستسلمُ من أمرِ إيجادهم ثمَّ يحملُ ويل على كتفِه ويهمُّ للمغادرة .
هيذرو : هيّا بنا ريبيكا ، قد يأتي الآخرون في أيِّ لحظة .
ريبيكا : ...
ثمَّ تتركُ ريبيكا مورغان الذي وجهه أصبحَ مليئاً بالدّماءِ من كثرِ الضربِ الذي تعرّضَ له .
. . . . . . . . .
ثم يخرجونَ من المعسكرِ من نفسِ الطريق الذي دخلوا منه ويحرصونَ على عدمِ لفتِ انتباه أفرادِ العصابةِ إليهم على الإطلاق .
ثمَّ ينطلقُ هيذرو مع ريبيكا وويل بالدرّاجة عبرَ طرقاتِ جوبر وقد تجاوزوا منطقةَ الخطر ، وتعبرُ الدرّاجةُ من جانبِ المبنى حيثُ الإلديانيُّ موجود ويواصلُ هيذرو القيادة دون الاهتمامِ بشأنِ الإلدياني .
ريبيكا : إلى أين انت ذاهب ؟ ألم يكن هدفك هو اللقاءُ بذلك الإلدياني ؟
هيذرو : ليس الآن ، الآن علينا الابتعاد قبل أن يجدونا وسأعودُ في وقتٍ لاحق بدون ويل من أجل سلامتِه .
تفكّرُ ريبيكا لبعضِ الوقتِ بشأنِ كلامِ هيذرو ، ثمِّ تنظرّ إليه حاسمةً قرارَها .
ريبيكا : أنزلني هنا !
هيذرو : ماذا ؟!
ريبيكا: أنزلني هنا ، سأذهب للتحدّثِ معه .
هيذرو : عن ماذا ستتحدثين معه ؟ هل جننتِ ؟!
ريبيكا: فقط أنزلني وإلا سأنزل بنفسي !
هيذرو : حسناً حسناً .
ثمَّ تقفُ الدرّاجةُ وتنزلُ ريبيكا منها .
هيذرو : ريبيكا ، ما الذي تنوينَ فعلَه ؟ هل تدركينَ خطورة هذا الأمر ؟
ريبيكا :إنّه يؤدّي دور المدني لذلك يمكنُ لفتاةٍ صغيرة أن تحادثه ، ألا تظنُّ ذلك ؟ كما أنّني لن أحادثَه بسببِ كونِه العقرب ، بل سأسألُه أسئلةً كونَه إلدياني ، سوف أكون بخير فقط ثق بي حسناً ؟
هيذرو : دعيني أذهب معكِ على الأقل .
ريبيكا : لا ، سأذهبُ وحدي ، أنتَ إبقى مع ويل واعتنِ به ، حسناً ؟
هيذرو بعد تفكير : حسناً ، لكن أريدُ منكِ أمراً واحداً فقط ، أنتِ تريدين التهامه صحيح ؟ أريدكِ أن تحاولي أن تجلبيه لعندي في الخارج بشكلٍ ما لكي أتحدّثَ معه ، وبعدَ أن نتحدّث يمكنكِ التهامه ، هل يمكنكِ فعلُ ذلك ؟
ريبيكا : حسناً ، سأفعلُ ذلك !
ثم تشيرُ ريبيكا إلى صخورٍ كبيرة خارجَ البلدة ، انتظرني هناك ،وغادر بعد ساعةٍ إذا لم أعد .
هيذرو : حسناً ، كوني حذرة .
ريبيكا : بالتأكيد .
ثم يغادر هيذرو بالدراجة بعيداً وويل يرفعُ يده باتجاه ريبيكا وكأنّه لا يريدُ أن يفقدَها ، وأمّا ريبيكا فتمشي متوجّهةً إلى بابِ المبنى .
. . . . . . . . . . .
بينما ريغن راكفيلد جالسٌ عندَ مكتبِه يحملُ سكيناً عليه نقشُ تنّين ويتأمّلُ ريغن في هذا النقش ، ثمَّ يسمعُ صوتَ عدّةَ ضرباتٍ في الخارج وكأنّه صوتُ شجار أو قتال ، يرهفُ ريغن سمعه لكي يسمعَ بشكلٍ أفضل لكنّه لا يسمعُ أيَّ صوتٍ مشبوهٍ آخر ، وبعدها يعودُ للتأمُّلِ والنظر إلى نقشِ السكين .
وبعدَ أقلِّ من دقيقةٍ يُفتَحُ بابُ مكتبه وتدخل ريبيكا لعنده بدونِ طرقِ الباب ، يرفعُ ريغن رأسَه ثمَّ يتفاجأُ أنَّ الداخل هو فتاة .
ريغن : ما الذي تفعلينَه في مكانٍ مثل هذا يا فتاة ؟
ريبيكا بدون أيِّ مقدّمات : هل أنتَ هو العقرب ؟
يُصابُ ريغن بالصدمةِ وتتردّدُ كلماتُ ريبيكا في رأسه ، اللقب الذي حرصَ على تخبئته لسنين طوال والذي يمثل أكبرَ تاجرٍ للأعشابِ المخدّرةِ في أوهارا الشرقية بأكملها ومن ثم تأتي هذه الفتاة من حيثُ لا يدري وتذكرُ لقبه أمامه ببساطة هكذا كأنه مجرد لقبٍ يقالُ له على سبيلِ المرح ...
يضرب ريغن بالخنجر على الطاولة أمامه غاضباً وينغرز الخنجر فيها .
ريغن : من أنت وما الذي جلب فتاة شقية مثلك لهنا ؟
ريبيكا : اسمي هو ريبيكا ، وقد جئتُ لأقتلكَ لأنّكَ شخصٌ سيّءٌ تستعبد الأطفال ، هل أنتَ مستعدٌّ لذلك ؟
ينظر ريغن إليها باستغراب وبعدها يضحكُ ضحكةً خفيفة ساخرة : استعبادُ الأطفال ؟ من أين لكِ هذا ؟ إذاً أنتِ جئتِ لكي تقتليني وأنتِ الآن تطلبين إذني في ذلك ؟
ريبيكا : نعم .
يبقى ريغن ينظرُ إليها بريبة ، لكنّه لا يتردّدُ كثيراً ويقرّرُ ما الذي سيفعلُه .
ريغن : حسناً أنا موافقٌ على ذلك ، لكن هل يمكنكِ انتظاري في مقعدِ الانتظارِ ذاك ؟ فأنا أريدُ أن أقوم ببعض صلواتي قبل أن تقتليني .
ريبيكا : حسناً .
ريغن : ...
تستدير ريبيكا وتتجه للمقعدِ بالفعل وأمّا ريغن فبسرعةٍ وببرودة أعصاب في نفسِ الوقت يُخرِجُ مسدّساً من أحد الدروج ، يرفعه ويوجّهه إلى ريبيكا ، ويطلق رصاصةً تخترقُ ظهرها من الخلف وبعد لحظاتٍ من صدمةِ ريبيكا تفقدُ توازنَها وتسقطُ أرضاً جثّةً هامدة .
يخرج دخّانٌ من فوهة المسدّس ، ثمَّ يشعلُ ريغن سيجارَه ويدخّنُ القليلَ منه ، ثمَّ ينادي على الحارسين .
ريغن : تعاليا وأخرجا الجثة !
ثمَّ يقفُ ريغن عن كرسيّه ويقتربُ من جثّةِ ريبيكا التي ملأت دماؤها الأرض ويحدّقُ فيها .
ريغن :لقد أصبحنا نلعبُ لعبَ أطفالٍ وأصبحَ اسمُ العقربٍ شيئاً يذكرُه كلُّ من هبَّ ودب ، أنا حقّاً لافتقد واتحسّرُ على الأيّامِ الخوالي .
وبعدها ينظر إلى جدارِ الغرفةِ بعبوس .
ريغن : لماذا لم يدخل عديما الفائدةِ هذان حتى الآن ؟
ثم يخرجُ ريغن من الغرفةِ ليتفاجأَ ويجدَ الحارسين ساقطين أرضاً ومغميٌّ عليهما ، يقتربُ منهما ويتأكّد من نبضهما ليجدهما على قيدِ الحياة .
ريغن بدهشة : هل يُعقل ... أنّها هي من أطاحت بهما ؟!
ثم يسمع ريغن صوتاً من داخلِ الغرفة ، يشعرُ بالريبةِ ثمَّ يعودُ إليها لكي يرى ما هو فيجُد ريبيكا أمامه واقفةً على رجليها وهناكَ دماءٌ تنزفُ من صدرِها ، يسقطُ السيجارُ من فمِه ويصرخُ صرخةً عالية سريعة من قوّةِ الصدمة وينظر إليها برعبٍ وهي تنظرُ إليه فاتحةً أعينها وتنظرُ نظرةً مخيفة .
ريغن : لكن ... كيف ؟!
تقتربُ ريبيكا منه وتمسكُ بقميصه وتلصق ريغن بالجدار وهي تنظرُ إليه نظرةً غاضبة .
ريبيكا : لا .... تختبر ... صبري !
وتخرجُ جذورٌ من جسدِها وتتوزّعُ بشكلٍ عشوائي في الأرضية وتتخشّبُ فوراً وتخرجُ جذورٌ من يديها وتلتفُّ حول رقبةِ ريغن كأنها تحاولُ خنقَه ويبدأُ ريغن بالاختناقِ بالفعل ، لكن ريبيكا تتركُه وتلقي به على المكتب .
يستلقي ريغن على الطاولةِ ممسكاً عنقه يتنفّسُ بصعوبةٍ وبعدَها تجلسُ ريبيكا على الكرسيِّ قبالتَه وتسندُ رأسَها بيدِها ناظرةً إليه ، يعود تنفّس ريغن طبيعيّاً ثم ينظرُ إلى ريبيكا ، ويستمر التحديق بينهم بصمتٍ لمدّةٍ حتّى تبدأ ريبيكا بالكلام .
ريبيكا : الآن سأقوم بقتلك ، أنتَ شخصٌ سيّءٌ وتستعبدُ الأطفال ، عليكَ تقبّلُ نهايتكَ هذه .
ريغن : عن أيِّ استعبادِ أطفالٍ تتحدّثين ؟
ريبيكا : لا تكلّمني وكأنّكَ لا تعرف !
ريغن : أنا بالفعلِ لا أعرف ، أخبريني عن أيِّ استعباد أطفالٍ تتكلمين ؟!
تصمت ريبيكا وتفكّرُ قليلاً ثم تتحدّثُ غاضبة : كتابُ الفردوس ، البابُ الخامس ، الفصل الثالث ، لقد كان عبارةً عن قصّةّ تتحدّثُ عن القائن وهو الشخصُ الذي يتاجرُ بالناسِ ويستعبدُهم ، وأنت كنت ستجلبُ القائن وتجعلُ ويل ...
ريغن يقاطعها : عن أيِّ كتابٍ وعن ماذا تتحدّثين بالضبط ؟!
ثم فجأةً يخرجُ جذرٌ ضخم من ذراعِ ريبيكا وتضرب به الكرسيَّ جانبَها محطّمةً إيّاهُ بالجّدار وتتألّقُ عيناها ضوئاً أحمر وتصرخ : لا تقاطعني !!
تتوسّعُ عينا ريغن وهو ينظر إليها وهي تنظرُ إليه بدورِها بغضبٍ وخصلاتُ شعرِها أصبحت فوضويّة وتلهثُ ريبيكا وتهدأ شيئاً فشيئاً .
ريغن : ما هو أنتِ بالضبط ؟
تهدأُ ريبيكا وتفكّرُ مليّاً في سؤالِه وفي النّهايةِ تجيب : لا أدري .
ريغن : هل تقومين بقتلِ كلِّ شخصٍ يقومُ بأشياءَ سيئة ؟ لكن الأشخاصَ السيئين في كلِّ مكانٍ أساساً ويملؤون العالم !
ريبيكا : لا ، أنا فقط أقتلُ الأشخاص السيّئين جدّاً مثلك ! بالإضافةِ إلى أنّكَ إلدياني وأنا بحاجةٍ لقتلك !
ريغن بتفاجؤ : إلدياني ؟! لكن ... كيف عرفتِ ذلك ؟
ريبيكا : يمكنني معرفتهم من الرائحةِ !
ريغن تتوسّع عينيه : يمكنكِ فعلُ ذلك ؟!
ريبيكا : ...
ريغن : إذاً كيف ستقتلينني ؟
ريبيكا : سوف ألتهمُك .
ريغن : ماذا ؟!
ريبيكا : يمكنُني التحوُّل لعملاق ، وحينها سألتهمك !
ريغن مفكّراً : إلديان ... عملاق ...
ريبيكا : هل تريدُني أن أثبتَ لك ذلك ؟
يعدلُ ريغن من جلستِه ويُخرجُ منديلاً ينظّفُ به وجهه .
ريغن : لا عليكِ ، أظنُّ أنّني عرفتُ من أنتِ الآن ! أنا موافقٌ على التهامكِ لي ، لكن هل يمكنُني طلبُ أمرٍ واحدٍ أخيرٍ منكِ ؟ وهذه المرّةَ أعدكِ أنّه لا يوجد هناك خداع .
تفكّرُ ريبيكا قليلاً ثمَّ تجيبُه : حسناً .
يفتحُ ريغن دُرجَ مكتبِه ويخرج منه صورةَ طفلٍ رضيع ويعطيها لريبيكا .
ريغن : هذا الطفلُ هو ابني رون ، أنا لم ألتقِ به منذ زمنٍ بعيدٍ جدّاً والآن نسيتُ كيفَ يبدو شكلُه ، وهو إلديانيٌّ مثلي بالطبع ، لذلكَ سيكونُ بمقدوركِ إيجادُه عن طريقِ رائحته ، وهو يعيشُ الآن في بلدةٍ قريبة تدعى روديني ، وما أريد منكِ فعله هو إيجاده وإيصال بعض المال ورسالةُ توديع منّي له .
تنظرُ ريبيكا إلى الصّورةِ وتوجدُ ملامحُ إشفاقٍ على وجهها ، ثمَّ تعود ملامحها طبيعيّة وتنظر إليه : حسناً سأفعلُ ذلك ...
ريغن : ممتاز !
. . . . .
ثم يجلسُ ريغن عند المكتب يكتبُ الرّسالة وريبيكا جالسةٌ على الكرسي أمامَه تراقبُه ، لكنّه في نفسِ الوقتِ يكتبُ رسالةً أخرى بيده الأخرى أسفلَ الطاولة أي يكتبُ رسالتين مختلفتين في نفس الوقت بدون أن تلاحظَه ريبيكا !
ومحتوى الرّسالةِ في الأسفل :" رون ، بني ، توجدُ هناكَ فتاةٌ بشعرٍ أسودَ قصير وتبدو بعمركَ تقريباً ويمكنُها التحوّلُ لعملاقٍ مثلَ الإلديان القدماء وهي تسعى لالتهامك ! قد يبدو كلاماً من الجنون لكنّه حقيقي لذلكَ إذا قابلتَها إهرب منها بأيِّ ثمن ! آسفٌ كونَ كلماتي الأخيرةَ لك هكذا ولكن ما باليدِ حيلة ، وأنا اعتذر ، على كل شيء ! لكن أنا فقط أريدَك أن تعلم أمراُ واحداً ؛ وهو أنَّ والدكَ يهتمُّ بأمركَ ويحبُّكَ أكثرَ من أيِّ شيءٍ في هذا العالم ! " .
ينتهي من كتابةِ الرّسالتين ويغلّفهما في نفسِ الوقت بدونِ أيِّ أخطاء ودونَ أن تلاحظَ ريبيكا ، وبعد أن ينتهي ينظرُ إليها .
ريغن : والآن سنذهبُ لغرفةِ المال .
ريبيكا : حسناً .
يخرجانِ للخارجِ لشرفةٍ غير عالية كثيراً ويأملُ ريغن بأن يرى أحد رجالِه في الأسفل لكن عبثاً ولا يرى أحداً ، ثمَّ ينظرُ للأسفلِ ويرى صندوقَ البريد ، وبعدها يخرجُ من ملابسه الرسالة التي كتبَها سرّاً ويرمي بها بدقّةٍ عند أقربٍ نقطةٍ قُربَ الصندوق دون أن تلاحظ ريبيكا ذلك .
ريغن : آملُ ألّا يأتي شخصٌ عشوائي ويلتقطَها .
ثمَّ يصلان لبابِ غرفة ، يفتحُها ريغن بأحدِ مفاتيحِه ويدخلان إليها فتجدُ ريبيكا أنَّ الغرفةَ مليئةٌ بحقائبَ سوداء وكل حقيبةٍ عليها اسمٌ معيّن ، ويبحثُ ريغن عن حقيبةٍ معيّنة في إحدى الخزانات .
ريبيكا : إذا كنت تبحثُ عن حقيبةِ رون ، فتلك هي ! -وتشيرُ إلى حقيبةٍ مكتوبٌ عليها اسمُ رون -
ريغن : لا ، إنَّ ذلك هو رون آخر ، إنَّ ابني حقيبتُه هنا .
يخرج ريغن حقيبةً سوداءَ من الخزانة تبدو مختلفةً قليلاً عن الحقائب الأخرى ويضغطُ ريغن على أزرارَ معيّنة فيها قائلاً في عقلِه "لن تقتلي ابني أيّتُها اللعينة !" ، يثبّتُ الرسالة بها ويعطي الحقيبة لريبيكا .
ريبيكا : إنّها ثقيلة .
ريغن : صحيح ، لقد تركتُ الكثيرَ من المالِ لابني العزيز .
ريبيكا : ...
ريغن : احرصي على أن تغادري فوراً بعد أن تلتهميني ، فأنا أريدُ أن يعلم ابني بموتي بأقربِ وقتٍ ممكن .
ريبيكا : حسناً ، والآن فلنذهب إلى أكبرِ غرفةٍ لديك .
ريغن : حسناً .
. . . . .
ثم يدخلان إلى أحدِ المستودعات الكبيرة التي يمتلكُها ريغن .
ريغن : هل لي أن أسألكِ سؤالاً أخيراً ؟
ريبيكا : اسأل .
ريغن : هل سمعتِ بمكانٍ يدعى سندريا ؟
ريبيكا : لا ، ما هذا المكان ؟
ريغن : لم تسمعي به ، حسناً لا عليكِ إنسي ذلك ، سؤالٌ آخر ؛ لماذا تريدين التهام الإلديان ؟
ثمَّ تتذكّرُ ريبيكا إحدى جمل إيرين "سوفَ نجعلُ العالم مكاناً أفضل !" .
ريبيكا : من أجلِ إنقاذ العالم !
ريغن : إنقاذ العالم - يبتسمُ ابتسامةً فيها شيءٌ من السخرية - إنَّ هذا لمُرضٍ بعدَ كلِّ شيء !
ريبيكا : ...
. . . . . . . .
بعدها بمدّةٍ يدخلُ أوهاب وليو ولوكاس وسيمون المصابان وقد ضمّدا إصاباتهم إلى المبنى حيثُ مكتبُ ريغن ويجدان الحارسين مغمىً عليهما ! ثمَّ يهرعون بقلقٍ إلى المكتب ويدخلون إليه ، لكنّهم لا يجدون أحداً باستثناءِ دماءٍ وجذورِ أشجارٍ تملأُ الأرض وينظرُ لها الأربعةُ باستغراب .
لوكاس : هل يُعقل أنّها ... سيرين ؟!
أوهاب : إبحثوا عن السيّد راكفيلد في كلِّ مكان ، بسرعة !
ثم يفتّشُ الرجالُ ويبحثون في كلِّ مكان ، حتّى يفتحَ ليو باب المستودع ، وبعدها يصرخُ بصوتٍ عال يثيرُ هلعَ البقيّة .
يأتون إلى المستودَع ليروا ماذا جرى لليو ، يدخلون فيجدون نصفَ هيكلٍ عظمي عملاق (أي بدون عظام الأرجل والحوض) مرميٍّ في المستودَع وتصدرُ منه أبخرة والأرضيّةُ مليئةٌ بالدّماء .
أوهاب بعيونٍ متوسّعةٍ من الصدمة : ما هذا بحق الجحيم ؟!
يقتربون من الهيكل العظمي شيئاً فشيئاً ببطؤ منبهرين ومرتعبين منه ثم فجأةً يلمحُ سيمون شيئاً ما على الأرض .
سيمون -وجهه يصيرُ شاحباً- : محال ، محال ، هذا ... مستحيل !
ينظرُ الجميع للأرضِ فيرون يدَ السيّد راكفيلد مقطوعةً ومرميّةً أرضاً .
. . . . . .
بعدها يذهبون إلى المعسكر ، يُعلمون باقي أفرادِ العصابة بموت العقرب فيصيرُ المعسكر في حالةِ فوضى ويبحثون عن سيرين في كلِّ مكان ويفتّشون في المعسكر نفسه عنها ويكتشفون اختفاء ويل من المكان !
يفتحُ أوهاب بابَ أحدِ المخازن ويجدُ مورغان وكين والرجل الثالث الذي يدعى مارلو ملقيين أرضاً وقد تمَّ تكبيلُهم وربط أفواههم ويصرخون بأصواتَ مكتومة لفكِّ قيدِهم .
أوهاب : ...
. . . . . . . . . . .
تمشي ريبيكا في الصّحراءِ خارجَ البلدةِ متّجهةَ للمكانِ الذي اتّفقت عليه مع هيذرو ، ويلمحها هذا الأخير من بعيد فيشغّل الدرّاجة وينطلق إلى ريبيكا ليقلّها وويل جالسٌ خلفَه متمسّكٌ به .
ريبيكا محدّثةً نفسها : الآن قد التهمتُ إلديانيّا ، وبقيَ عليَّ إلتهامُ خمسة !
يقترب هيذرو من الوصولُ لها ويلاحظُ أنّها تحملُ الحقيبةَ بصعوبة وقد انهكها التّعب ، وكلّما يقتربُ منها أكثر تتّضحُ له تفاصيلُ الحقيبة أكثر ، وبعدها يدركُ أمراً ما ويتغير لون وجهه للشحوب .
هيذرو صارخاً : ريبيكا ! ... لا ! ... الحقيبة ... إنّها قنبلة !!!
تتفاجأُ ريبيكا وتنظرُ للحقيبةِ غير مصدّقةٍ ذلك في البداية .
هيذرو : إتركيها أرضاً بسرعة !
تصاب ريبيكا بالذعر وتهمُّ لرميِ الحقيبةِ لأبعدِ ما تستطيع لكن هيذرو يصرخ " لا ! ... لا ترميها ! ... فقط ضعيها أرضاً !! "
لكن يخبرُها هيذرو ذلك بعد فواتِ الأوان حيث ترميها ريبيكا بعيداُ بالفعل وينظرُ هو نظرةً كأنّها تقول أنّه قد انتهى أمرهم ، وريبيكا تدركُ خطأها خلال لحظة وفوراً تعضُّ يدها جارحةُ إيّاها وتصدرُ منها شحناتٌ صفراء ، ثمَّ تلمسُ الحقيبةُ الأرض ويحصلُ الانفجار !
. . . . . . . . . . . . .
يصل صوت الانفجار للمعسكر والحارس الواقفُ على البرج يلتفتُ باستغراب إلى مكانٍ الانفجار ، وبعدها يحمل منظارَه وينظرُ حيثُ الانفجار ليرى ما الذي جرى .
تقف ريبيكا لاهثةً من التعب وأمامُها يدا عملاقٍ عملاقٍ متقاطعات ومتمزّقات من أثرِ الانفجار حيث أن ريبيكا أظهرتهم مباشرةً لحمايتها بعدَ أن ألقت الحقيبة ومع أنها تأخّرت قليلاً لكن الذراعان ظهرتا بلحظةٍ حاسمة حيثُ نجحتا في حمايتها ، هيذرو وويل أصيبا ببعضِ الجروح الطفيفة لكنَّ ريبيكا تعرّضت للإصابةِ الأكبر من الانفجار حيث أصيبت بجروحٍ عميقة نسبيّاُ وتمزّقت ملابسُها قليلاً وشعرُها احترقت أطرافُه .
ثم تخرجُ ريبيكا يديها من يدي العملاق التي كانت تتحكّمُ بهما وبعدها تشعرُ بشيءٍ ما ... إنَّ حقيبتها تحترق ! وبسرعةٍ تلقي ريبيكا بها أرضاً وتدوسُ عليها حتّى تنطفئ النّارُ عليها ، ثم يقتربُ هيذرو منها .
هيذرو : ريبيكا ... هل انت بخير ؟
ريبيكا تلهث قليلاً متعبة : أظنُّ ذلك .
هيذرو : لماذا كنتِ تحملين تلكَ القنبلة ؟ وماذا حصلَ للإلدياني ؟
ريبيكا بغضب : لقد خدعَني ذلك الوغد ، لكن هذا لا يهم كثيراً لأنّني التهمتُه !
يمسك هيذرو على رأسِه مصدوماً : ماذا ؟ ... التهمته ؟! ... ألم تتمكّني من إيجادِ طريقةٍ لاستدراجِه ؟!
ريبيكا : ...
ثم ينظر هيذرو بعيداً باتّجاه جوبر .
هيذرو : سحقاً .
ريبيكا : ماذا ؟
هيذرو : سحقاً سحقاً سحقاً ، ألن ينتهي هذا اليوم ؟!
ريبيكا : ماذا ؟!
هيذرو : أصعدي للدرّاجةِ بسرعة ! لا وقت للتفسير !
تصعدُ ريبيكا إلى الدرّاجة وتنطلق الدرّاجة مسرعة حيث قد خرجت تسعُ سيّارات مسلّحة من المعسكر وبدأت تطاردُهم !
ينطلقُ هيذرو بالدرّاجةِ والرصاص يتماطر عليهم بكثرة لكن لا يصيبُهم .
ويل : أنا خائِف .
ريبيكا تعانقُه : لا بأس يا عزيزي ، أنا معكَ فلا داعي للقلق !
تستمرُّ المطاردةُ لعدّةِ دقائق ، ويستمرُّ رجالُ العصابةِ بإمطارِ الرّصاصِ عليهم من بعيد بدون إصابتِهم وكلّما مضى الوقتُ أكثر كلّما ابتعدت الدرّاجةُ أكثر عنهم وفرصةُ الإصابةِ بالرّصاص تقلُّ أكثر لأنَّ الدرّاجة أسرعُ منهم بقليل .
هيذرو : يبدو أننا سننجو !
ريبيكا لويل : هل سمعتَ يا عزيزي؟ لقد أخبرتُكَ أنّكَ ستكون بأمانٍ معي !
ويل : ...
ريبيكا لهيذرو : كيف عرفتَ أنَّ الحقيبةَ هي قنبلة ؟
هيذرو : لقد تعرّضتُ لمثلِ هذا الفخ من قَبل ، من قِبل نفسِ الشخص !
ريبيكا : ماذا ؟
. . . . . . .
في هذا الوقت إحدى السيّاراتِ في الخلف يقودُها كين ومورغان المضمّدُ عينَه ووجهَه ويحملُ قنّاصة ويضعُ عينه الأخرى على عدستِها ويحاولُ إصابتَهم .
كين : لا فائِدة ، لا يمكنكَ إصابةُ هدفٍ متحرّكٍ بهذه السرعة بالإضافةِ إلى أنّهم صاروا بعيدين جدّاً .
مورغان : لا يهمُّني ، أريدُ أن أصيبَ تلكَ الفحمةَ اللعينة سببَ كلِّ هذه المصائب !
ثمَّ يملأُ قنّاصته بالرّصاص ويواصلُ إطلاقَ الرصاصِ عليهم .
. . . . .
ثمَّ بينما هيذرو يواصلُ القيادة تصابُ ريبيكا برصاصةٍ في خصرِها .
ريبيكا متألّمةً : أووه .
هيذرو : هل أنت بخير ؟
ريبيكا :نعم لا تقلق ، جرحٌ طفيف .
ثمَّ وفجأةً يرتخي جسدُ ويل ويكادُ يسقطُ من الدرّاجة لكن تلتقطُه ريبيكا وتصرخ : ويل !!
هيذرو : ماذا حصل ؟!
تنظر ريبيكا لصدرِ ويل حيثُ أنَّ ثقباً بقطرِ 5cm موجودٌ في صدرِ ويل والدماءُ تنبعُ منه بغزارة ، تشعرُ ريبيكا بخوفٍ وتوتُّرِ شديد وبسرعةٍ تغلقُ الجرح وتبدأ بمعالجتِه بجذورِها .
ريبيكا : لا .. لا .. لا .. مستحيل ... لا تمت ... أرجوك ... مستحيل ... مستحيل !
لكنها كانت متأخّرة وبدون أيِّ مقدّمات يتوقّفُ نبضُ ويل معلناً عن موتِه !
ريبيكا بدموعٍ في عينيها : مستحيل ... مستحيل ... مستحيل ... هيا استيقظ ويل ... أنت لم تمت بعد ... مستحيل ... ليس بهذه البساطة ... هذا لا يمكن أن يكون صحيحاً !
لكن عبثاً ولا يستجيبُ ويل لها ، تضمُّه ريبيكا وتبدأُ بالبكاءِ بصوتٍ عالٍ ، يدركُ هيذرو من ذلك ما حصل فينظرُ للأسفلِ بحزن .
هيذرو : سحقاً !
تستمرُّ ريبيكا بالبكاءِ لفترة وبعد مدّة يتوقّفُ هيذرو عن سماعِ صوتِ بكاءِ ريبيكا ، يلتفت فيراها تضمُّ ويل دونَ أن تقول شيئاً أو تصدرَ أيَّ صوت .
هيذرو : ريبيكا ، ما الذي حصل ؟ أجيبيني ، لماذا أنتِ صامتة ؟!
عندَ هذه اللّحظة يتغيّرُ منظورُ العالم بالنّسبةِ لريبيكا ويصيرُ كلُّ شيءٍ حولَها شكلُه ظلامي أو باللّونِ الأسود ، تضعُ ريبيكا جثّة ويل الميتة على الدرّاجة خلف هيذرو ثمَّ تقفَ متوازنة على الدرّاجة وتلتفتُ ناظرةً إلى السيّاراتِ في الخلف .
هيذرو : ريبيكا ... مهلاً ! ما الذي تنوين فعلَه ؟!
تنظرُ ريبيكا إلى تلكَ السيّاراتِ نظرةً مرعبة من عالمٍ آخر ، وفجأةً تسمعُ صوتاً في رأسِها .
صوتُ إيرين : ريبيكا لا تفعلي ذلك !
ريبيكا : ...
إيرين : لا تجعلي الكلامَ الذي قلتُه لكِ ذاك اليوم يتحقّق ، لا زالَ بمقدوركِ تجنّبُه !
ريبيكا : ...
إيرين : إنّهم يطاردونَكِ لأنّكِ قتلتِ زعيمَهم ... لذلكَ مثلُ هذه النتيجةِ متوقَّعة ، لا تجعلي دائرةَ الحقدِ تتوسَّع !
ريبيكا : ...
إيرين : ريبيكا هذا هو آخر تحذيرٌ لكِ ، إذا تحولتِ لعملاق ستتمُّ معاقبتُك عقاباً قاسياً !
ريبيكا : ...
ثم تعضُّ ريبيكا يدها جارحةً إيّاها ، وتقفزُ من الدرّاجةِ وتتحوّلُ إلى عملاق !
. . . . . . . .
تقفُ السيّارات جميعُها في مكانِها وجميعُ أفرادُ العصابةِ يتسمرون بداخلِ السيّاراتِ محدّقين بذلك المخلوق الماثل أمامهم بطولِ خمسة عشر متراً ونظراتهم في عالمٍ آخر من الرعب والهول والجهلِ بما هو هذا الشيءُ بحقِّ الجحيم ؟!
يستمرُّ العملاقُ بالتحديقِ فيهم للحظات ، ثم يبدأُ بالجري تجاهَهم ، ومع كلِّ خطوةٍ يخطوها هذا الشيء يشعرون بأن أرواحهم تهتزُّ رعباً وكأنّها تريدُ الهربَ من أجسادهم ، يقتربُ العملاقُ منهم أكثر ، ثمَّ غريزيّاً وتجنّباً لفضولهم لمعرفةِ ما هو هذا المخلوق يشغّلون سياراتهم وينطلقون بالاتّجاهِ المعاكس لجهة العملاق ويحاولون الفرار بعيداً بأقصى سرعة ممكنة .
لكن يجري العملاق باتّجاههم بسرعةٍ كبيرة ومع كلِّ خطوةٍ أو قفزةٍ يقفزُها يتقلّص الفارق بينهم بشكلّ كبير ويصلُ إليهم فوراً في نصفِ دقيقة ، يركلُ بقوّةٍ أوّلَ سيارةٍ يصلُ إليها والتي تلتوي وتتقلّبُ في الهواءِ عدّةَ مرّاتٍ حتّى تتوقّف عن التقلّب وتسكنُ أرضاً وقد أصبحَ الأشخاصُ الذين كانوا فيها أشلاءً !
تواصل باقي السيّارات الابتعادَ عن العملاق هاربين ، ويركضُ العملاقُ إليهم مجدّداً ويصلُ إلى سيّارةِ كين ويركلُها فتسقطُ على ظهرِها ، يفتحُ مورغان عينيه بعد الاصطدام وقد تكسّرت الكثير من عظامِه ، ينظرُ جانبَه فيرى كين قد انغرزت أجزاءُ السيّارةِ به وقد أنهت حياته !
مورغان صارخاً : كييين !
بعدها يزحفُ مورغان من أسفلِ السيّارةِ محاولاً النجاة فيجدُ العملاق واقفاً فوقَه مباشرةً يحدّقُ فيه وهناكَ شرارٌ أحمر مخيف يصدرُ من عينيه ! ينظرُ مورغان إليه برعبٍ وعجز ، يدهسُه العملاق هو والسيارة برجلِه والدماءُ تتطايرُ في الأجواءِ في كلِّ مكان !
بقيت 7 سيارات ...
ينظر الآخرون إلى الذي يحصل مرعوبين بشدّة وليسَ لديهم أيُّ فكرةٍ عن ما يحصل ويشعرون أنَّ مصيرهم محتوم وستتمُّ إطاحتُهم واحداً بعد واحد ، لكن فجأةً يسمعون صوتاً عالياً يقول " ماذا بكم ؟! "
ينظرُ الرجال إلى مصدر الصوت فيرون إدغر قائدهم الملتحي يقفُ فوقَ إحدى السيّاراتِ بشجاعة.
إدغر : ما الذي جرى لكم ؟ هل ستبقون مشاهدين هكذا تنتظرون ذلك الشيء يقتلكم واحداً بعد واحد ؟ ألم نتعاهد في اليوم الذي شكّلنا فيه هذه المجموعة بأنّه لن يقفَ في وجهِنا أي شيء في طريقِ أهدافِنا حتّى الجبالُ العاتية ؟ إنَّ ذلك المخلوق يبدو لي أقلَّ من تلكَ الجبالِ بكثير فما بالكم تنظرون إليه خائفين ؟! إذا كنتم تظنّون أن الهربَ هو الخيارُ الأمثل فحظّاً موفّقاً لكم في ذلك ، لكنّني أرى أنِّ الخيار الأمثل -بل الوحيد- هو القتال ! لذلكَ سأذهبُ لأواجه ذلكَ الشّيء وسأكونُ أوّلَ رجلٍ يقاتلُ عملاقاً في التاريخ ! ومرحّبُ بأيِّ شخصٍ ينضمُّ إلي وأما الأشخاص الذين سيهربون وربّما سينجون فمباركٌ لكم البقاء على قيد الحياة ولكن فقط لتعلموا أنّه بهربكم هذا فلن تبلغوا الغايةَ التي سعينا لها ما حييتم واستمرّوا في عيشِ هذا العار حتّى مماتكم !
يبقى العملاقُ واقفاً يستمعُ لخطبته هذه حتّى النهاية ، ثم تتجه السيارة التي عليها إدغر باتجاه العملاق وأمّا إدغر فيبدأُ بقيادةِ رشّاشٍ كبير مثبّتٍ على ظهرِ السيّارةَ ويمطرُ بالرصاصِ على وجه العملاق والتي تكون مثل وخزِ الإبر بالنسبةِ له .
ويبدو أنَّ الخطابَ التحفيزي قد نجحَ مفعولُه حيثُ أنَّ الآخرين جميعُهم انضمّوا إليه للقتال بدونِ استثناء ، وأمّا العملاقُ فيتّجه لدهسِ سيّارةِ إدغر لكن قبل ذلك يحصلُ انفجار ينسفُ رجلَه ويسقطُه أرضاً ، ينظرُ جانباً فإذ هو نيل قد نسفَ رجلَها بواسطة القاذف الذي لديه .
نيل : جيّد ، لقد بقي صاروخان ، سوف أصيب بالتالي رأسَه !
ينظرُ العملاق إليه بغضب ثمَّ يمشي باتّجاهه وأمّا نيل فيطلقُ الصاروخ الثاني عليه لكنَّ العملاق يتفاداه ثمَّ يضربُ بيده السيّارة التي بها نيل مدمّراً إيّاها .
تبقّت 6 سيارات ...
مارلو : إنَّ أطرافَه تنمو من جديد ! من المستحيلِ قتلُه !
إدغر : ركّزوا على رأسِه ! وعلى عينيه بالتحديد !
ريبيكا داخل العملاق : سحقاً ، لا أعرفُ أيَّ جزءٍ سأجدّدُ من جسدي بالتحديد .
يستمرّون بإلقاء القنابل على رجلي العملاق ليمنعوه من الحركة وبالفعل ينجحون في نسفهم ، يحاول العملاق الزحف إليهم لكنّه لا يستطيع الوصول إليهم بسبب حركتهم ودورانهم المستمر حولَه ، ثمَّ يمسكُ إحدى السيّارات المحطمة يرفعُها ويلقيها على سيّارةِ إدغر فيحطّمها لكن يلقي الأخير نفسَه منها وينجو من الانفجار وامّا الشخصان اللذان في داخل السيارة يموتان بسبب ذلك.
ريبيكا : أخيراً ! لقد تخلصتُ من إزعاج .
لكن بعدها بلحظةٍ ينفجرُ رأسُ عملاقِ ريبيكا ويصيرُ مثلَ حبّةِ طماطم قد تمَّ قضمُ نصفِها ! ويظهرُ أنَّ سبب الانفجار هو نيل الذي زال على قيدِ الحياة لكنه مصابٌ بشدّة ، وقد حملَ القاذفَ المرميَّ أرضاً وأطلق عليها .
ريبيكا : ماذا حصل ؟ لقد أصبحَ كلُّ شيءٍ مظلم ، لا يمكنُني رؤية أو سماع أيِّ شيء !
إدغر : ...
يفكّرُ إدغر قليلاً ، ثمَّ يحسمُ قرارَه وبعدها يجري بإتجاه العملاق حاملاُ معه قنبلة .
إدغر محدّثاً نفسَه : هذه هي فرصَتي ، العملاقُ لم يعد له رأس ، وثقبُ بلعومِه هو السبيلُ الوحيد لداخلِ جسدِه ، هذه آخرُ قنبلةٍ لدي لذلكَ سألقي بنفسي لداخلِ العملاق لكي أضمنَ أنّها ستقتلُه ! -ثمَّ ينظرُ إلى رجالِ العصابةِ المتبقّين والذين ينظرون إليه متأثّرين وفاهمين ما يسعى إليه- لقد كانَ شرفاً لي أن أكون قائدكم يا رفاق ، أظنُّ أنَّ هذه ستكون نهايةً مثاليّةً لي !
يقترب إدغر من العملاقِ صارخاً لكنَّ العملاق وبشكلٍ لا إرادي أو بقوّةِ الحدس يضربُ إدغر بقوّةٍ بقفا يده فيطيرُ إدغر في الهواء ثلاثين متراً بعيداً وتنفجرُ القنبلةّ في يدِه منهيةً حياتَه .
يتفاجأُ الرجالُ مما حصل ثم يواصلون إمطارَ العملاقِ بالرصاص وهم غاضبون بشدّة ، والعملاقُ قد خسرَ رجليه ويدَه ورأسَه وهو شبه عاجزٍ حاليّاً والسيّارات متجمّعةٌ حولَه والرجالُ يواصلون الإطلاق عليه .
ريبيكا : هذا سيّء ... سيّءٌ جدّاً ! ... أريدُ شيئاً ما أن يحصل وينقذَني ... هيّا أيُّ شيء ! ... -ثمَّ تفكّر قليلاً وتأتي إلى رأسِها فكرة - ماذا لو ؟ ... هل يمكنّ لذلكَ أن ينجح ؟!
ثم تظهرُ الكثيرُ من الجذورِ أسفلَ العملاق وتنغرسُ بالأرض ، والرجالُ لا يلاحظون ذلك ويواصلون إطلاقَ الرصاص ِعلى العملاق بغزارة .
ريبيكا : عليَّ بذلُ الكثير من طاقتي في هذا .
وتبدأ ريبيكا بالصراخِ ثمَّ يبدأ لون التربة أسفلَ عملاقِها بالتغيُّر .
سيمون : ما بال لون التربة ؟
لوكاس : إنسى أمرَها ووواصلوا إطلاَق النّار !
ريبيكا صارخةّ بكل ما لديها من قوة : غااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا -انفجار-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بعدَ مدّةٍ تخرجُ ريبيكا من داخلِ العملاق الذي صارَ جسدُه عبارةً عن رصاصٍ أكثرَ من كونِه لحم ، والمعركةُ قد صمتت وانتهت بالكامل منذُ عدّةِ دقائق .
تنظرُ ريبيكا حولَ العملاق فإذ هناكَ خمسةُ أشجارٍ يابسةٍ غريبة لا تشبه أيَّ شجرةٍ في عالمِنا قد ظهرت من تحتِ الأرض بشكلٍ لحظي وإمّا قد دفعت السيّارات بسرعةٍ محطّمةً وقالبةً إيّاها ، أو انغرزت غصونُها في أجسادِ الرجالِ المتبقّين منهيةً حياتَهُم ! وهذه الأشجارُ تشبه الأيادي البشريّة نوعاً ما ، أيادٍ تمتلكُ حوالي ثلاثين أو أربعين إصبعاً ... لقد انتهى الأمرُ بصنعِ مجزرةٍ برجال العقرب !
يزحف نيل الذي يبدو أنّه قد نجا من المعركةِ بشكلٍ ما ويستمرُّ بالزحفِ لعلّه يتمكّنُ من النجاة ، لكن لسوءِ حظّه تأتي ريبيكا وتقفُ أمامَه مباشرةً وفوق رأسِه ... تُخرِجُ من يدِها اليمين جذوراً تلتفُّ حولَ يدِها وتتخشّبُ ليصبحَ طرفُها مدبّباً مثل النصل ! ثمَّ تغرزهم ريبيكا في نيل منهيةً حياتَه وتتطايرُ الدماءُ على ملابسِها جرّاء ذلك .
ثمَّ تذهبُ ريبيكا باحثةً عن الذين تبقّوا على قيدِ الحياة وتنهي حياتَهم بنفسِ الطريقة واحداً بعد واحد وبدمٍ بارد !
. . . . . .
يلهثُ أوهاب مرهقاً ومصابةً بشدّة داخل السيّارة التي كان يقودُها والدماءُ تنزفُ منه بغزارة ، حتماً سوفَ يموت بعد عدّةِ دقائق ! صديقُه ليو بجانبِه ويبدو أنّه بصحّةٍ جيّدةٍ نسبيّاً ويبدو أنّه يحدّث أوهاب محاولاَ قولَ شيءٍ ما له ، لكن أوهاب لا يمكنُه سماعه لسببٍ ما ، ويستمرُّ أوهاب بالتحديق في صورةٍ إمرأةٍ وطفل موجودةٍ جانبَ عجلةِ القيادة ، ثمَّ فجأةً ينغرسُ شيءٌ ما في ظهرِ ليو مخترقاً بطنَه وتتطايرُ الدماءُ في كلِّ مكان وتتلطّخُ الصورة بالدّماء ويسقطُ ليو ميّتاً مباشرةً ، وتظهرُ ريبيكا من خلفِ ليو ملطَّخةً بالكثير من الدماء وتنظرُ إلى أوهاب .
ريبيكا : ...
أوهاب : ...
ثم تنظرُ أمامَه وترى شيئاً ما ؛ ترى تلكَ الصورة وعليها الدماء التي خرجت من ليو ، وما إن ترى ريبيكا الصورة تُصدَمُ وفوراً تبتعدُ عن السيّارةِ وتمسكُ رأسَها وترى أفكاراً سوداويّة وأكوامٌ من الجُثث .
ريبيكا ممسكةً رأسَها وهي في حيرةٍ من أمرِها: لا ... محال ... هذا مستحيل ! لكنّهم أشخاصٌ سيّئون ! ... صحيح ؟ ...
تلتفتُ ريبيكا إلى السيّارةِ من جديد وهي محتارة ، تفكّرُ ما الذي عليها فعلُه ، وتستمرُّ في التفكيرِ لمدّة ، ثمَّ تحسمُ قرارَها وتعودُ للسيّارة من جديد .
. . . . . .
ثمَّ بعدَ قليلٍ تغادرُ ريبيكا مكانَ المعركةِ وهي في حيرةٍ مما فعلته ومن تناقضِها .
صوتُ إيرين : ريبيكا ، سيتمُّ حرمانكِ من استخدامِ قوة العمالقة للعشرين يوماً التاليات ، إحرصي على استغلالِها بالتفكيرِ فيما فعلتِه اليوم وفي مدى شناعتِه لكي لا تكرّريه مجدّداً .
ريبيكا : ...
تواصلُ ريبيكا سيرَها لمدّةَ ثم يصلُ إليها هيذرو بالدرّاجةِ وجثّةُ ويل في حضنِه .
هيذرو : ...
ريبيكا : ...
ثمَّ يحملُ هيذرو جثّةَ ويل ويعطيها لريبيكا .
هيذرو : ريبيكا ، إنَّ ويل على قيدِ الحياة !
ريبيكا بتفاجؤ : ماذا ؟!
هيذرو: كما قلتُ لكِ .
تنظر ريبيكا إلى جثّةُ ويل ، تتفقّدُ نبضه وتجدُ أنّه ينبضُ بالفعل ! تنصدمُ ريبيكا بذلك وتشعرُ بسعادةٍ بالغة في نفسِ الوقت وتحضنُه .
ريبيكا وهي حاضنةٌ إيّاه : لكن ... كيف ؟!
هيذرو : لا أعرف ، لقد عادَ للحياةِ بنفسِه بعدَ مغادرتِك مباشرةً ! أظنُّ أنَّ مادّتكِ العلاجية تحتاجُ بعض الوقتِ لكي يبدأَ مفعولُها بالعمل !
ريبيكا : ...
تستمرُّ ريبيكا بحضنِه سعيدةً بعودتِه ، ثمَّ ترى ريبيكا فجأةً في رأِسها جثثَ الأشخاصِ الذين قتلتهم ، وبعدها تتذكّرُ كلامَ إيرين "احتفاظكِ به هو قمّةُ الخطأ ! " .
ريبيكا : ...
تفكّر ريبيكا لبعضِ الوقت وتقرّرُ أمراً ، حيثُ تدخلُ إلى ذكرياتِ ويل في الفراغ ، تقومُ بتفحصِها للمرّةِ الأخيرة وتشاهدُ ذكرياتهما معاً ومع هيذرو ، وبعدها وبقهرٍ تقومُ بمسحِ كلِّ شيءٍ يتعلّقُ بها وتنزلُ دمعةٌ من عينِها ...
ثم تعطي ريبيكا ويل لهيذرو .
ريبيكا : هيذرو ، أنا عليَّ المغادرة ، يوجدُ لديَّ عملٌ أقومُ به ، أرجوك خذ ويل معك إلى أوديميا وجد له مكاناً آمناً يعيشُ ويستقرُّ فيه !
هيذرو : ماذا ؟
ريبيكا : أنا أثقُ أنّه يمكنكَ فعلُها !
. . . .
ثمَّ يستعدُّ هيذرو بعدَ قليلٍ للانطلاقِ بالدرّاجةِ في رحلتِه ، ويعطي لريبيكا ورقة .
هيذرو : سنلتقي في الموعدِ والمكان اللذان كتبتُهما لكِ على هذه الورقة ، لا تضيّعيها !
ريبيكا : حسناً .
يشغّلُ هيذرو الدرّاجة ويكونُ على وشكِ المغادرة لكن يخطر ببالِه شيءٌ ما ، فينظرُ لريبيكا ويقرّرُ البوح به .
هيذرو : ريبيكا ... إنّها حقيقية !
ريبيكا : ماذا ؟
هيذرو : مدينةُ الإلديان ! في ذلكَ اليوم عندما أخبرتكِ بوجودِ مدينةِ الإلديان لم أكن أكذب بل هي حقيقيّةٌ بالفعل ! إنّها الوحيدةُ في العالم وهي موجودةٌ في مكانٍ ما من الصحراءِ الغربيّة وأنا قد جئتُ منها وترعرعتُ فيها !
ريبيكا بتفاجؤ : حقّاً ؟ .
هيذرو : نعم ، هل تريدين الذهابَ إليها ؟
ريبيكا في حيرةٍ من أمرِها : أنا ... لا أدري .
هيذرو : حسناً إذاً ، لديكِ 26 يوم حتّى موعدِ لقائِنا ، فكّري بالأمرِ خلالَ هذه المدّة وأخبريني بقرارِكِ حينما نلتقي !
ريبيكا : حسناً !
. . . .
ريبيكا تروي :ثم ينطلقُ هيذرو في رحلتِه وأنا أذهبُ في طريقي إلى روديني من أجلِ التهامِ رون ، بعد ذلك حصلت أحداثُ روديني ورحلتي مع رون وميل ومارك في الصحراء وتمَّ عقابي لعشرينَ يوماً بالفعل ، لقد كانت عشرين يوماً طويلة وقاسية ، ولم أتمكّن من إلتهامِ رون كما خطّطتُ - تتذكّرُ عندما رون أعادَ لها حقيبتَها ثمَّ عانقته ، ومشهدٌ آخر حيثُ سقطت ريبيكا أرضاً منهكة وساعدَها رون بحملِها على ظهرِه - لستُ أدري ... أنا فقط لم أتمكّن من ذلك -تتذكّرُ ذلكَ الموقف حيثُ رون وريبيكا وقفا لوحدهما في مكانٍ في الصحراء محدّقين ببعضهما - وبعدها من قوّةِ العمالقة التي حصلتُ عليها من التهامِ ريغن اخترتُ قوّةَ العملاقِ المدرّع ومن ثمَّ منحتُها لميل ، أتسائلُ ما الذي حصلَ لهم الآن ...
. . . . . . . . . . . . . .
____________________
تجلسُ ريبيكا على المقعدِ في حديقةِ الألفيّة في أوديميا بعد 26 يوماً من فراقها عن هيذرو وقد انتهت من تذكُّرِ ما الذي حصلَ معها مسبقاً ، وتحملُ بيدِها الحقيبةَ السوداء الأسطوانيّة ويبدو أنّه عليها شرخٌ أو علامةٌ رفيعة بسببِ محاولةِ نشرِها مسبقاً .
ريبيكا : والآن لديَّ خياران لكي أقومَ بهما -ترفعُ الأسطوانةُ السوداء في يدِها - إمّا سأذهبُ للقاءِ أبي في العالمِ العلوي خائضةً بتجاربَ غير مألوفةٍ ومواجهةً عدوّاً لا أعرفُ عنه شيئاً بعد ، -ثمَّ تخفضُ الحقيبةَ إلى الأسفل وتواصل- أو سأثقُ بإيرين وهيذرو وسأختارُ العودةَ إلى العالم السفلي والذهابَ إلى مدينةِ الإلديان وسالتهمُ خمسةَ أشخاصٍ منها لكي أحصلَ على الدّماءِ الملكيّة .
ثمَّ تتذكر ريبيكا كيف أنَّ عصابةَ العقرب كادوا أن يقضوا عليها وهم عشرون شخصاً بالكاد بينما هي تفكّرُ بمواجهةِ جيوشٍ بعتادٍ وأسلحةٍ أقوى بكثير لا يمكنُ تخيُّلها ، تستنتجُ ريبيكا ما هو القرارُ الأصح ثمَّ تعيدُ الحقيبة السوداء لحقيبةِ ظهرِها .
ريبيكا : آسفةٌ أبي ، سيتوجّبُ عليكَ الانتظارُ قليلاً بعد ، فأنا ... ما زلتُ ضعيفةً جدّاً .
تنظر ريبيكا إلى الأجواءِ حيث يبدو أنَّ وقتَ الغروبِ قد اقترب ، تشعرُ ريبيكا ببعضِ الخذلان ، ثمَّ تُخرجُ سكيناً من حقيبتِها ، تتنهّدُ وتهمُّ لجرحِ يدِها ولكن في آخر لحظة قبل أن تجرحَها يمسكُ أحدٌ ما يدَها ، تنظرُ إليه فإذ هو هيذرو !
هيذرو : أما زلتِ لا تثقين بي ؟
تبتسمُ ريبيكا بسعادةٍ كبيرة وتقفزُ إليه معانقةً إيّاه : هيذرو !
هيذرو بابتسامة : من الجيّدِ رؤيتكِ مرّةً أخرى ، ريبيكا .
ريبيكا لا تزال معانقةً إيّاه : كيف حالُ ويل ؟
هيذرو : لن تصدّقي أينَ هو الآن ، لكنّه في أفضلِ حالِ فلا تقلقي .
تكف ريبيكا عن المعانقة : يسرُّني سماعُ هذا !
هيذرو : إذاً ... هل قرّرتِ إلى أينَ سوف تذهبين ؟
ريبيكا : بالتأكيد ! وجهتُنا التالية ... ستكونُ مدينةَ الإلديان !
. . . . . .
ريبيكا تروي : العرضُ الذي عرضَه عليَّ إيرين في ذلكَ اليوم كانَ شيئاً من الجنون ، لقد أخبرني أنّه بواسطةِ الدّماءِ الملكيّة سيمكنُني إعادةُ أخي ووالدتي للحياة ! قد يكونُ مجرّدَ خداعٍ منه لكي يجعلني أفعلُ ما يريد لكنّني الآن أنا أعيشُ على أملِ أن يكون هذا الأملُ حقيقيّاً ! - ثمَّ تتخيّلُ نفسَها مع أمّها وأبيها وأخيها مجتمعين على المائدةِ سعيدين مثلَ السّابق- حتّى لو كانَ مجرّدَ خداع ، لكنّني سأبذلُ كلَّ ما بوسعي لإيجادِ سبيلٍ لحصولِ ذلك ، ومستعدّةٌ لأصلَ لآخرِ نقطةٍ منَ العالم ولأن يتمَّ تقطيعي لمئةِ قطعةِ ولأن أحاربَ آلاف الجنود وسأجعلُ المستحيل يصيرُ حقيقة لكي أضمنَ أن هذا الحلم أو هذه الغاية سوفَ تتحقّقُ في النهاية !
to be continued ....