12 - بين الحاضر والماضي

في العاصمة يونغ قبل عدة عقود من الآن كان آخر عهد مملكة شاو بآخر إمبراطور فيها

كانت أوضاع البلاد مستقرة والتجارة مزدهرة والجرائم تنخفض والأمن مستتب كانت البلاد في ذلك الوقت في أفضل حالاتها ولم تكن هناك حروب قائمة فقد قمع الملوك اللذين حكموا مملكة شاو كل الفتن أو الحروب واخمدوا نيرانها إلى أن توقفت تماما

كان الإمبراطور يقوم بالإشراف على الأعمال وتفقد أحوال البلاد من قصره وكان له صديق طفولة وهو وزيره الذي كان يقوم شخصيا بالتجول في البلاد لجمع التقارير وتفقد الأحوال

كانا دائما معا أيضا بجوار الإمبراطور كانت زوجته وابنه الأمير الصغير ولي العهد كانت الحياة بالنسبة لهم مترفة وجميلة وكذلك بالنسبة للشعب

ولكن دائما ما يكون هناك شخص يملأ الحقد والظلام قلبه ليفسد هذه الأوضاع

الإمبراطور : هل أحضرت آخر التقارير ؟

الوزير : اجل ولكن هناك بعض المشاكل

الإمبراطور : ما الأمر ؟

الوزير : هناك بعض الاختلافات في التقارير المتعلقة بالنفقات على الحرس الإمبراطوري يبدوا أن هناك من يقوم بالتزوير في الوثائق أو أن شخصا يقوم باختلاس الأموال

الإمبراطور : من تعتقد انه وراء هذا الأمر ؟

الوزير : أنا في الواقع اشك في أمر قائد الحرس الإمبراطوري

الإمبراطور : هذا مستحيل لقد قام بخدمتنا كثيرا وهو من أكثر الناس وفاء أضف إلى ذلك انه ليس المسئول عن التقارير حتى يعبث بها لاشك أن الخطأ من مكتب الحسابات المسئول عن الحرس

الوزير : لكن يا سيدي اعتقد أن له يدا في الأمر أدرك انك تثق به لكن علينا أن نحتاط منه ونقوم بالمراقبة

الإمبراطور : يكفي لقد انتهى هذا الأمر أنا واثق من براءته

كانت هذه أول مرة يتشاجران فيها منذ زمن فآخر شجار بينهما كان عندها الإمبراطور لا يزال وليا للعهد وقد تصالحا بعدها بفترة ولكن هذه المرة الأوضاع بينهما زادت سوء خصوصا بعد أن أوصل احد الحراس تقريرا بمشاهدته للوزير يتسلل إلى مكتب المحاسبات الخاص بالحرس

الإمبراطور : هذا مستحيل , أن يكون هو الشخص الذي يقوم بالتزوير

قائد الحرس : اتفق معك انه رجل نبيل لا أظن انه من قام بذلك ربما لديه ظرف لذهابه إلى هناك

الإمبراطور : حسنا سوف أتحقق من الأمر (( وكنت تشك في قائد الحرس انظر انه الشخص الوحيد الذي يدافع عنك من بين جميع من سألتهم ))

................

الزوجة : ما الأمر أنت تبدوا منزعجا ؟

الإمبراطور : اجل هناك الكثير من المشاكل تحدث فجأة هناك من يحاول اختلاس الأموال المخصصة للحرس والوزير قد اتهم قائد الحرس ولكن يبدوا أن الوزير كان يتسلل إلى مكتب المحاسبة وعندما سألت الأشخاص الآخرين قالوا ربما انه فعل ذلك ليبعد التهمة عن نفسه رغم ذلك كان قائد الحرس هو الشخص الذي دافع عن الوزير بالرغم من انه اتهمه

الزوجة : لا شك أن هذه مشكلة معقدة ولكن عليك أن تهدا وتفكر وأن تتخذ قرارك بحكمة فأنت لا تعلم أين تكون الأفعى السامة

كانت كلمات الزوجة تنبض بالحكمة وأثناء تلك الأحداث كان هناك شخص ما يبتسم بخبث

يبدوا أن الأمور فجأة بدأت تسير للأسوأ والقضية لم تحل وفي خضم ذلك بدأ تحرك الخونة

تعرض القصر للهجوم وتمكن المهاجمون من الوصول عميقا في القصر في ذلك الوقت كان المهاجمون يقتربون من مكان الزوجة للقضاء عليها وعلى ولي العهد ولكن قبل وصولهم

الزوجة : اسمعي خذي ولي العهد واهربي من هنا لا احد يعلم بأمر هذا الممر السري أرجوك أنقذي ابني واحميه أريده أن يعيش سعيدا

الخادمة : ولكن سيدتي ماذا عنك كيف سيكون سعيدا من دون والدته ؟

الزوجة : اذهبي الآن لا تضيعي الوقت

كانت كل من الزوجة والخادمة تذرفان الدموع وقد قطعت الخادمة على نفسها عهدا بحماية ولي العهد ردا لجميل الزوجة التي اعتنت بها منذ صغرها وأنقذتها هي وعائلتها من الفقر

عندها كان الإمبراطور وحرسه قد حوصروا بالفعل من المهاجمين ومن تحت أستار الظلام يظهر العقل المدبر لكل هذا

الإمبراطور : لماذا تفعل هذا لقد ظللت أعارض نفسي وابعد أي أفكار بالسوء عنك لقد وثقت بك زمنا طويلا ؟

_ هذه مشكلتك كونك تثق بسرعة أيها الإمبراطور

الإمبراطور : سأجعلك تندم على خيانتك

_ وكأنك تقدر بمفردك على التصدي لكل أتباعي هاهاهاهاها

...............

_ أين هو ابنك ؟

الزوجة : وما شأنك به ؟

_ أجيبي عن السؤال أيتها الفاسدة

الزوجة : بل انتم الفاسدون أيها الخونة تماما كما اعتقدت انه هو القائد العسكري هو زعيمكم

_ لم يعد القائد العسكري بل الإمبراطور ولكن للأسف لن تعيشي طويلا حتى تري تتويجه

وبذلك تم قتل الزوجة وانطلقوا للبحث عن ولي العهد

................

الإمبراطور : ما الذي تعنيه بأنني وحدي ؟

القائد : انظر حولك بتمعن

الحرس الذين كانوا يحيطون بالإمبراطور لحمايته قد اختفوا لا هم لم يختفوا فعلا لقد وقفوا في جهتهم الصحيحة ضد الإمبراطور وكل من حاول حماية الإمبراطور كان قد قتل بالفعل

ثم اشتعلت ألسنة المعركة وفي لحظة كان هناك السيف الذي طعن ظهر الإمبراطور لكن ذلك السيف لم يصل اجل لقد أتى في اللحظة الأخيرة الوزير لقد تلقى الضربة عوضا عن الإمبراطور

الإمبراطور : هل أنت بخير تحدث إلي ؟

الوزير : سيدي أرجوك عليك أن تحمي هذا البلد لقد حاولت أن أجد أدلة دامغة ضده ولكنهم قد تخلصوا منها كلها

الإمبراطور : أنا أسف سامحني أرجوك على شكي بك أنا أحمق لأني لم أثق بك

الوزير : أنت دوما لا تستمع إلي وأنا أكون على صواب ولكني ... سعيد لكوني كنت عونا لك حتى آخر لحظاتي

لفظ الوزير والصديق الوفي أنفاسه الأخيرة بين ذراعي الإمبراطور وقد سالت انهار من الدموع من عيني الإمبراطور ونزلت قطرات على وجه الوزير كما لو أنها تقوم بغسل ومسح ألامه

القائد : ههههه هل انتهى أمره أخيرا ؟ هيا لا داعي لكل ذلك الحزن سوف تلحق به قريبا انه خطأك على كل حال انك لم تستمع له ذلك الخبيث اكتشف خططي وقد قمت بتبرئة نفسي بنجاح بان تظاهرت باني احترمه بينما حثثت الجميع على النيل منه

الإمبراطور : أيها الوغد

وانطلق بسيفه تجاهه محاولا قتله لقد أصاب كل منهما الأخر ولكن للأسف كانت الإصابة التي تلقاها الإمبراطور قاتلة أما التي تلقاها القائد فقد كانت طفيفة

القائد : هاهاها قلت باني سأجعلك تلحق به أيها الـ...

لم يكمل كلمته فقد طعن طعنة قاتلة من احد أتباعه لقد خانه احد أتباعه

_ كان من الجيد استخدامك وكان الجميع يتبع أوامري منذ البداية لقد كنت دمية أو أضحية بالنسبة لنا أيها القائد

قصر يونغ قد سالت فيه الكثير من الدماء وقد قوبلت الخيانة بخيانة أخرى وبذلك بدا عهد جديد ومختلف عندها كان الرخاء منتشرا في القصر والخيانات توالت فيه أيضا ولكن في المدينة كثرت الأحياء الفقيرة بينما ازداد النبلاء ثراء كثرت الضرائب ولذلك بدأ التفكك قامت القبائل بالانفصال والاستقلال بذاتها وامتنعوا عن تأدية الضرائب وقاموا بالهجوم على تلك المدن أما في الجنوب كثر الضغط على عمال مناجم الذهب وبذلك قامت تلك المدينة بإغلاق المناجم وهدمها وقاموا بمحاربة كل الجيوش التي تأتيهم من العاصمة مدينة يان في أقصى الشمال قام قائدها بالاستقلال بمدينته وأعلن الانفصال بينما تم إهمال مدينة كاي البحرية وبذلك انفصلت تلقائيا

كان ذلك الانقسام أعظم خسارة للبلد فقدت تجارتها البحرية ومناجم الذهب وأيضا القبائل التي كانت تمثل الدروع الحامية فبانفصالهم واختفاء بعض تلك القبائل أصبحت مدينة شاو هدفا سهلا للدول المجاورة

_ ذلك ما أخبرتي به جدتي منذ زمن فقط كيف يمكن إعادة كل ذلك رغم أني علمت من جدتي أن ولي العهد ذلك هو جدها الأكبر ولكن ما الذي يمكنني فعله وأنا مجرد عامل في مطعم صغير؟ دائما كنت أفكر هكذا فبعملي هنا في مدينة السوق التي تم إنشاؤها كتحالف بين المناطق المنفصلة فان هذه المدينة هي المأوى الأمثل للمجرمين ولا يمكن لأحد أن يتصدى لهم هنا ,هنا لا تهم المكانة أو المنصب ولن يساعدك احد إن وقعت في مشكلة

لذلك أنا اعمل بهدوء وهناك هذا الزبون الدائم في مطعمنا انه تاجر رقيق وله نفوذ ضخم في المدينة الجميع يخافونه ولا احد يقترب منه أو يتجرا على إزعاجه ولكن في يوم ما كان اليوم الذي غير حياتي فمنذ ذلك اليوم بدأت في العمل كتاجر واستعملت أرباحي في تحرير العبيد

اجل في ذلك اليوم تحررت من قفصي الذي بنيته حول نفسي مدعيا بأني ضعيف ولا يمكنني.

كان تاجر الرقيق ضخم البنية ذلك في مطعمنا يجلس بجوار النافذة ويتناول طعامه ثم فجأة دخلت سيدة نبيلة بثياب فخمة وحلي براقة كانت جميلة جدا فقد لفتت أنظار كل من في المطعم كانت تحمل مروحة في يدها وتتبعها خادمة جميلة ولكن كانت ترتدي ملابس عادية نوعا ما وتحمل في يدها حقيبة قماشية طويلة صعدت السيدتان للطابق الأعلى وبدأت السيدة في النظر في الأرجاء كأنها تبحث عن مكان تجلس فيه عندها ذلك التاجر طلب منها الانضمام إليه على مائدته في الواقع لم يكن الوحيد فبمجرد أن دخلت طلب منها الناس في الطابق الأول الجلوس معهم ولكنها تجاهلتهم

توقعت أن تتجاهله أيضا ولكن على العكس قامت بالابتسام ثم شكرته وجلست أمامه على المائدة ووقفت الخادمة خلفها أردت تحذيرهم من هذا الرجل ولكن كنت حقا متعجبا لماذا جلست معه ؟ هل لأن ملابسه ثمينة فظنت انه رجل من النبلاء أو ما شابه ؟

كانوا يتحدثون معا وكانت الآنسة تعطي ابتسامة جميلة على وجهها ولكن في لحظة ما في وسط الحديث تغير الجو المحيط بهم تماما تغيرت نظرات الآنسة أصبحت نظرة حادة وباردة وكان على وجهها ابتسامة ثقة عندها تغير وجه الرجل واجتاحه الغضب فجأة اخرج سكينا وقلب الطاولة وهاجم الآنسة لكنه لك يفلح لقد اصطدم سكينه مع سيف الخامة يبدوا أنها كانت تخبئه في حقيبتها الطويلة

عندها قامت الآنسة بركل الرجل على ذراعه فسقط سكينه عندها امسك المقعد ليقذفه عليهم ولكن بحركة واحدة من مروحتها أصابت إبر صغيرة يد الرجل ولم يتمكن من حمل الكرسي فسقط من يده عندها قرر أن يقفز من النافذة ولكن قامت الفتاتان بمناداة شخص ما من الأسفل ويبدوا أنهم قد امسكوا الرجل

كان الجميع في المطعم مذهولين غير قادرين على التحرك من الدهشة عندها غادرت الآنسة ولكن اقتربت جهتي وأعطتني كيسا من النقود وقالت

_ هذا تعويض ما تحطم

ثم غادرت ولكن لا إراديا أمسكت يدها لا اعلم حقا ما الذي أردت أن أقوله ؟ ولكن عندما نظرت إلى لم اعرف ماذا أقول ؟ عندها ابتسمت وقالت

_ نعتذر على إقلاقكم ولكن لا تقلق أتباع هذا الرجل لن يقوموا بإزعاجكم فنحن سنهتم بأمرهم

ثم رحلت بعدها عندها فكرت إن كانت فتاتان قد تمكنتا من التصدي لتاجر كان يخشاه كل الرجال هنا فمن ماذا أنا خائف؟ لن أكون رجلا إن لم افعل شيئا إن لم أقم بمساعدة الناس الذين يعانون هنا لن أكون لائقا بجمل دماء آخر إمبراطور في شاو ولكن أظن أنني حتى وإن لم أكن احمل دمائه فعلي فعل هذا تجاه بلدي

أتمنى يوما ما أن أقابل تلك الآنسة مجددا أريد أن اشكرها وأقول لها بسببك تحولت من مجرد عامل في مطعم إلي التاجر يون الذي يستخدم أرباحه في مساعدة الناس

رغم أن أرباحي مازالت صغيرة لأنني مساعد تاجر ولست تاجرا بحد ذاتي ولكن سيدي شخص جيد ويساعدني في ما أهدف إليه

*****************************

2018/11/03 · 467 مشاهدة · 1691 كلمة
DoKaEnory
نادي الروايات - 2024