معظم الناس يعتقدون أن عتمة الليل وسكينته، للراحة و الاطمئنان .فيضعون رؤوسهم على وسائدهم الناعمة ، ويغطون في نوم عميق . لكن وراء حلكة الليالي تقطن الأكماد و الأحزان. أسرار لم تكشف .... وخطايا لن تحذف ...

يمكن للحياة أن تتغير و تنقلب بين ليلة وضحاها ، من نعيم لجحيم.

لازالت تلك الذكرى تقيم في جزء من ذاكرتي وتزورني في كل أمسية؛مثل جاثوم لعين تمسكني و تغرقني في أعمق أفكاري و أتعس لحظاتي....

_"كايااا!!، كم مرة طلبت منك إغلاق النافذة ، لقد حل الليل و من الخطير ابقاء النافذة مفتوحة.".

_آه..، آسفة امي لقد نسيت ذلك ، سأغلقها في ما بعد ..(تمتمة) لا أعلم لماذا تحرص دائما على إغلاق النافذة عند هذا الوقت بالتحديد؟! .

....

ليتني انصت لأمي وأغلقت تلك النافذة الملعونة ، ليتني بقيت مستيفظتا ولم انك لأكشف القناع على ذلك الوجه، قاتل عائلتي ولكن تسير الرياح بما لاتشتهي السفن..

....

تفتح "كايا"عينيها شبيهتا السماء . ينسدل على كتفيها شعرها الحريري الأسود ، لتضفي خيوط ضوء القمر المارة من النافذة لمعانا عليه، مع قطرات من العرق البارد الذي يغطي كامل وجهها.

_"إنه منتصف الليل،يبدو أن أفكاري طغت مرة اخرى . جسمي نائم لكن روحي لازالت تزور تلك الغرفة باستمرار".

_"(تنهيدة) آااه.. متى سينتهي كل هذا ؟، إنه لأمر متعب". مع ملامح الحزن و الألم التي تعلو محيا"كايا"، واصلت التحديق في نافذة الغرفة لتأخذها إلى ماقبل عشر سنوات ، الخامس من شهر تموز.

(يرن جرس الميتم معلنا عن بداية اليوم والاستعداد لاستيقاظ الأطفال)

*تفتح العاملة باب الغرفة بقسوة ، وتصرخ بصوت عالي

*

_"هياا، استيقظي أيتها الشقية ، هل ستبقين مستلقية طوال اليوم؟ هيا ولا تجعلي صبري ينفذ ".

*تستدير كايا لتقابل الحائط ، وتقول بصوت خافت يملؤه اليأس

*

_"انا مستيفظة ... لاداعي لإحداث كل هذه الجلبة".

*تغادر العاملة الغرفة بنظرة استحقار

*

_"هااا.. تبا لهذا الميتم، ولهذه الحياة."

....

(قبل عشر سنوات 'يوم الجنازة ')

_أهيء أهييء (بكاء).أمي لماذا تركتني..، استيقظي أرجوكيي هيا فلنذهب للبيت، المكان موحش جدا هنا ، أيقظي أبي ولنعود .. أهيء أهييء.

_,السيدة يوشيدا:"بالها من فتاة ساذجة، كان يجب على 'شيزوكا 'أن تحسن تربيتها ، انظر لهذه التصرفات الطفولية. آخ تجلب العار، مثلها مثل أمها.... مزعجة

_السيد يوشيدا:"ما كل هذا الحقد ياامرأة ...كح كح ...التي تنام في القبر هي ابنتك وليست عدوتك، والتي تبكي بحرقة هي حفيدتك ، ماذا تريدين ان تفعل.؟ فتاة في السابعة من عمرها لا تعرف عن الحياة شيئا ، ألا تستحق بعض التعاطف؟."

*تدير رأسها و تعلو وجهها نظرة استخفاف

*

_إنها ليست جزءا من العائلة، وانت تعلم السبب...

'عائلة يوشيدا'

هي عائلة عريقة وصاحبة نفوذ،موجودة عبر آلاف السنين . تحتل مكانة مرموقة في جميع أنحاء اليابان. كونها تمتلك شركات عقارية وكهربائية معروفة، ولها دور هام في السياسة . رغم كل هذا التقدم و التطور إلا أنها عائلة محافظة جدا ومتمسكة بالتقاليد و العادات فلقد فضلت البقاء في منازل*

المينكا

القديمة على المنازل الحديثة وتحضر المدينة.ولقد أعطت هذه العائلة الأفضلية دائما للأولاد ظنا منهم ان الرجال كائنات مقدسة تستحق التبجيل على عكس الفتيات، التي اغلقت عليهن أبواب الحياة و حظرت تعليمهن فقط في المنازل من دون الالتحاق بالجامعات والأكادميات المرموقة.

تتكون "عائلة يوشيدا"من السيد 'هيروشي يوشيدا ' المالك الرسمي لجميع" شركات يوشيدا "، ولا عجب أن تكون مارا في احدى شوارع اليابان، لتقع عينينك على صورة من صوره المنتشرة في شتى الأماكن باعتباره شخصية معروفة . لكن رغم كل هذه الثروة إلا ان اصابته بمرض العضال في سن مبكرة جعله لايقوى على تحمل تلك المسؤولية وأخذ منه كل سلطته ، فاتتقلت مسؤولياته إلى زوجته "هوشيكو يوشيدا",امرأة قاسية ذات ملامح صارمة فمجرد التحديق في عينيها تجعل قلبك ينبض بقوة، بسبب الهالة التي تحيط بتلك المرأة.. أنصحك بعدم التكلم معها ، إلا اذا كنت تريد ان تفقد حياتك.

إضافة إلى "كين"و "كاتانا" عمود العائلة فكل أمالهم معلقة على هذان الفردان وأخيرا في آخر الهرم الفئة المهمشة 'الأخوات الأربعة '

"آنزو يوشيدا" الأخت الكبرى، حكيمة العائلة والنسخة المطابقة للأم. "شيزوكا يوشيدا"زهرة العائلة الهادئة ، فهي اسم على مسمى ، جمالها الخلاب ومظهرها الهادئ يضيفان جوا ربيعيا و رونقا ساحرا ، واخيرا التوامتان "سايا"و "ران يوشيدا"، فبسبب كل تلك القوانين والتمسك الشديد قررتا التمرد على العائلة والانفصال عنها ، وذلك لتشقا طريقهما الخاص. وكان ذلك القرار نقطة تحول حياة "شيزوكا",فمن كان يعتقد ان تلك الفتاة قادرة على اتخاذ قرار مثل هذا. اعتبرت العائلة هذا الرحيل عصيانا و تمردا على أوامرها وقررت اقصائهن....

لم يكن الامر هينا في البداية ، لكن "شيزوكا فضلت النضال والمقاومة على العودة لذلك القفص . وبعد محاولات عديدة تمكنت من ايجاد عمل في احدى المقاهي يدر لها مالا معتبرا، وهناك قابلت "يوتو ايماغاوا"، شاب وسيم ذو مظهر أجنبي ، فأمه يابانية و والده أمريكي ، كما أنه شخص ذو شخصية مرحة . وبعد سرد قصتها عليه تعاطف معها ، وحاول مساعدتها وذلك بتقديم شقة ذو ايجار مناسب .وبذلك كان أول صديق تحصل عليه "شيزوكا"لتتحول تلك الصداقة فيما بعد إلى قصة حب جميلة . انتهت بالزواج وانجاب "كايا".

.....

_"على كل لا يمكننا الاعتناء بتلك الفتاة ، فهي ليست منا، أكثر ما يمكننا تقديمه هو تسجيلها في ميتم مناسب، لنتحاشى أقوال الناس ونمائمهم . كما أظن أن هذه الجنازة فرصة جيدة لتحسين صورتنا و مكانتنا.."

(في الوقت الحاضر).

تسير "كايا" في رواق الميتم بخطى متثاقلتا وعزيمة تكاد تنعدم ، لتكمل بقية مهامها، بينما تخترق همسات الفتيات آذانها

"هل رأيت ؟ إنها الفتاة الشبح"

"يالها من فتاة مخيفة".

" يشاع أنها مجنونة "

"آه، بالها من مثيرة للشفقة."

"لقد تخلى العالم عنها.ههه"

رغم سهام الانتقاد الموجهة دائما على "كايا"إلا أنها كانت فتاة خالية من المشاعر، واعتادت على هذا النوع من الكلام كونها تصدق كل كلمة منه... لكن لايمكن التنبؤ بما تحمله لك الأيام ، في مساء ذلك اليوم دق الحظ باب "كايا".

_العاملة:هايي أنتيي ، المديرة تطلب منك التجهز لديك زائر..

_كايا: هاا؟!!,زائر .. لي. اه ح-حسنا

(في نفسها)لم يزرني احد من قبل . ترى من يكون ؟.

*

وبعد بضع دقائق في مكتب المديرة

*

(صوت طرق الباب )

_المديرة: تفضلي بالدخول" كايا"لقد كنا في انتظارك .

*صوت غير مألوف ذو نبرة مرحة

*

_إذن ... انتي كايا .. (ابتسامة) تشبهين شيزوكا

كثيرا..

......

..يتبع..

2023/05/02 · 122 مشاهدة · 965 كلمة
نادي الروايات - 2025