2 - مستوطنة الأوركس

بين نباتات الفطر وقريبا من المكان الذي سقط فيه ( بيلي ) ، ظهر أربعة أفراد من مخلوقات غريبة ذات هيئة بشرية ، تتميز هذه المخلوقات عن البشر بلون بشرتها الأحمر وملامحها البشعة بالإضافة إلى ضخامة بنيتها الجسدية ، أما ملابسهم فكانت تشبه كثيرا ملابس الفايكينغ ويحمل كل واحد منهم فأسا

بعد وصولهم الى الفجوة تكلم أحدهم وقال :

هذا غريب ... ! ، منذ متى وهذه الفجوة موجودة هنا ?

تكلم أحد آخر وقال :

حضرة النائب ( برادلي ) ... هذه الفجوة حديثة وتفوح منها رائحة غامضة ، ربما لذلك الضوء الأصفر الذي رأيناه في السماء علاقة بالأمر

( برادلي ) : عندما رأيته في السماء ظننت أنه قد يكون مجرد جُرم سماوي ، لكن بما ان الفجوة فارغة فلابد ان ما سقط كان شيئا حيا قد تحرك من مكانه

التفت ( برادلي ) الى البقية وقال :

عليكم العودة إلى المستوطنة وابلاغ الجنرال ( سارتر ) عن هذا الأمر حالا ، اما انا فلدي عمل أقوم به

بعد افتراق النائب ( برادلي ) عن جنوده ومغادرتهم المكان كان ( لوثر ) يراقبهم من بعيد خلف إحدى نباتات الفطر العملاقة

( لوثر ) : يبدوا ان الأوركس قد وصلوا الى المكان قبلي ، لكن أيّا كان هذا الشيئ الذي سقط هنا فلابد لي من العثور عليه قبل أن يسبقني اليه ( برادلي )

في بُحيرة صغيرة شرق فولتيرا يظهر هناك كل من ( بيلي ) و ( زيلر ) ، كان ( بيلي ) يشرب من ماء البُحيرة ويغسل وجهه ، اما ( زيلر ) فكان يجلس في الخلف مستندا بنبتة فطرية وهو ينظر الى ( بيلي )

فجأة سمع ( بيلي ) صوتا خافتا صادرا من بين النباتات الفطرية فالتفت بسرعة إلى ( زيلر ) وقال :

هل سمعت هذا الصوت ? ( زيلر ) : لا ... لم أسمع شيئا

( بيلي ) : انتبه يا ( زيلر ) ، هناك شيئ يقف ورائك

استدار ( زيلر ) فرأى أمامه ظل شخص ما فصرخ عاليا من شدة الخوف ووضع يديه على وجهه وقال :

لاااااا ... ابتعد عني ايها الوحش ... لا اريد ان أموت الآن ...

ابتسم ( بيلي ) لأول مرة وقال : فالتهدئ يا صديقي الصغير ، الأمر لا يحتاج لكل هذا الصراخ والخوف

نظر ( زيلر ) الى الشخص الذي كان يقف ورائه فاكتشف بأنها كانت مجرد فتاة بشرية صغيرة تنظر اليه بملامح بريئة ، لكن الغريب في هذه الفتاة هو انها كانت ترتدي فستانا نصفه الأيمن أسود والنصف الآخر ابيض ، نفس الشيئ ينطبق على جسدها ، نصف جسدها الأيمن أسود والنصف الأيسر أبيض ، أما بؤبؤ عينها اليمنى فكان هو الآخر أسودا وبؤبؤ عينها اليسرى كان أبيض انصدم ( زيلر ) من رؤيته لهذه الفتاة الغريبة فتراجع الى الخلف بسرعة واختبأ خلف ( بيلي )

( بيلي ) : هل هذه الفتاة لا تنتمي إلى هذا المكان ?

( زيلر ) : انها ليست من البشر الموجودين في فولتيرا ، لكن ذلك اللون الأبيض والأسود يُذكرني بشيئ ما

بينما يتحدث ( زيلر ) مع ( بيلي ) بدأت الفتاة بالبكاء بصوت عال جدا

اقترب ( بيلي ) منها وابتسم ثم قال : ما اسمكي أيتها الفتاة ?

توقفت الفتاة عن البكاء وقالت : انا ( صوفيا )

( بيلي ) : حسنا ( صوفيا ) ، لا تخافي ابدا ، نحن لا نريد إيذائك ، فالنكن أصدقاء معا ، ما رأيكي ?

سكتت ( صوفيا ) ولم تفعل أي شيئ سوى التحديق في ( بيلي )

التفت ( بيلي ) الى ( زيلر ) وقال : ما رأيك أن نصطحبها معنا الى الحاكم ?

( زيلر ) : هذا مستحيل ... نحن لا ندري من أين أتت هذه الفتاة الغريبة ومن هي ، حتى أنها غامضة جدا ولا أشعر بأي شيئ منها على عكسك انت

( بيلي ) : لكن ان لم نفعل شيئا فستكون حياتها بين أيدي تلك الوحوش القذرة

( زيلر ) : حسنا ... معك حق في هذا ، ربما سيعرف الحاكم عنها شيئا عندما يراها ... هيا اتبعاني

تقدم ( زيلر ) وتبعه ( بيلي ) فتحركت ( صوفيا ) وبدأت بالمشي ورائهما

في وسط فولتيرا تقع مستوطنة الأوركس التي يُحيط بها جدار دائري مكون من جذوع الأشجار الضخمة المرتبطة ببعضها البعض على شكل عمودي ، هناك ايضا ثمانية ابراج مراقبة ، ويتواجد في كل برج خمسة من الأوركس الحُمْر الذين يبدون يقظين جدا ويراقبون المناطق التي تقع خارج الجدار

يصل الأوركس الثلاثة الذين ظهروا مع ( برادلي ) سابقا الى المستوطنة

تكلم احد الأوركس الموجودين في البرج الموجود مباشرة أعلى البوابة الوحيدة للمستوطنة ويقول :

ماذا هناك ? اين النائب ( برادلي ) ?

رد عليه احد الأوركس الموجودين خارج البوابة وقال :

لقد ارسلنا النائب ( برادلي ) بنفسه من أجل ابلاغ الجنرال ( سارتر ) عن أمر مهم

رفع الأوركسي الموجود داخل البرج قبضته وقال : افتحوا البوابة

تم فتح البوابة على وجه الأوركس الثلاثة فدخلوا الى المستوطنة التي كانت عبارة عن مجموعة كبيرة مبعثرة من المنازل المصنوعة من الخشب والعظام ، كان يخرج من هذه المنازل بعض من الأوركس الخُضْر الذين كانوا في حالة يُرثى لها ، تطهوا اناث هؤلاء الأوركس على قدور سوداء كبيرة ويطعمون اولادهم الصغار من ذلك الماء الساخن ، كانوا يموتون جوعا وكانت أجسامهم ضعيفة جدا الى درجة ان عظام جماجمهم وعمودهم الفقري كانت تظهر ، وعلى عكس الأوركس الحُمْر فكانوا يضحكون ويمرحون ويأكلون ما لذ وطاب من اللحوم والشراب مجتمعين حول منزل كبير جدا يقع وسط المستوطنة ، هذا المنزل مصنوع بشكل فخم ومُتقن الصنع بواسطة أحجار ضخمة مستطيلة الشكل وعظام كثيرة مختلفة توجد من بينها جماجم بشرية

اتجه هؤلاء الأوركس الثلاثة مباشرة إلى هذا المنزل ولم يكترثوا لأي من ألإك الأوركس الخُضْر الذين تتقطع امعائهم من الجوع ، بل كانوا يدفعونهم فقط لإِبعادهم عن الطريق وصل الأوركس الى باب المنزل فصافحوا مع اصدقائهم وضحكوا معهم قليلا ثم دخلوا الى المنزل

كان ذلك المنزل في الداخل شبيها بقصر حجري ، يمرون عبر ممر طويل على جانبيه غرف كثيرة خاصة بالجنود ، وبعد مرورهم من الممر يدخلون على الجنرال ( سارتر )

كان ( سارتر ) عبارة عن أوركسي أحمر قوي البنية أضخم بقليل من الأوركس العاديين أصلعا يمتلك لحية سوداء كبيرة جدا معقودة في الوسط وعلى الجانبين ، يرتدي ايضا ملابس الفايكينغ كان هذا الأخير جالسا فوق كرسي حجري أمام مائدة حجرية مليئة بأنواع كثيرة ومختلفة من المأكولات والمشروبات ، كان بعض الأوركس الحُمر ايضا يجلسون معه ويضحكون معه

نظر ( سارتر ) الى الأوركس الثلاثة وقال مستغربا : ماذا تفعلون هنا ? انا لا ارى ( برادلي ) معكم ?

قال أحد الأوركس الثلاثة خائفا : نحن آسفون على مقاطعتك ايها الجنرال ، لكن النائب ( برادلي ) قد أرسلنا اليك بسبب ظهور ضوء أصفر ساطع في السماء ووجود فجوة غريبة

وقف ( سارتر ) بسرعة وقال : ماذا ?! ... متى حدث هذا ? واين وقع ?

رد عليه أحد ألائك الأوركس وقال : لقد حدث ذلك الليلة الماضية في الشمال

( سارتر ) : هل يمكن أن يكون هذا من صنيع ذلك البشري الهارب مرة أخرى ?

يرفع ( سارتر ) قبضتيه معا ويقول :

ان كان كذلك فسأحرص هذه المرة على انهاء حياته وسحقه بقبضتي هاتين

يصل القائد ( برادلي ) الى المكان الذي قام فيه ( زيلر ) بتقييد ( بيلي ) بالسلاسل

أمسك ( برادلي ) بتلك السلاسل فقام بشمها ثم التفت الى الوراء بسرعة وبدأ بالنظر إلى كل الإتجاهات فلم يرى أي شيئ سوى نباتات الفطر

بعد ذلك استمر ( برادلي ) بالمضي قدما ولم يُسقط تلك السلسلة من يده

بعد رحيله من المكان ظهر ( لوثر ) مرة أخرى وقال :

هذا الأوركسي لا يُستهان به ، رغم اني قد أخفيت حضوري تماما إلا انه لاحظ شيئا ما وكاد أن يكتشفني ، علي أن أتوخ الحذر منه وأحافظ على المسافة الكافية بيني وبينه

تنتقل الأحداث إلى ( زيلر ) و ( بيلي ) و ( صوفيا ) ، بينما هم يتجهون نحو الحاكم تكلم ( بيلي ) وقال : أخبرني المزيد عن هذه الكائنات يا ( زيلر ) ، أريد معرفة كل شيئ عنهم

( زيلر ) : هل تقصد الأوركس ? حسنا ... لقد أخبرني الحاكم بأن هؤلاء الوحوش المعروفون بالأوركس قد أسسوا إمبراطورية ضخمة جدا تمتد من الجبال الكريستالية إلى المكان الذي نحن فيه الآن ، وقال أيضا بأنهم يمتلكون رُبُع أراضي هذا العالم تقريبا ، ومع ذلك لازالوا مستمرين في غزو المناطق وزيادة حجم امبراطوريتهم

( بيلي ) : هل هذا يعني اذا أنه لا أمل من القتال ووضع حد لهذا الغزو ?

( زيلر ) : ربما نعم وربما لا

( بيلي ) : ماذا تقصد ?

( زيلر ) : بعد الهزيمة التي تلقاها الحاكم على يد أحد الأوركس الأقوياء تم أسره واستعباده في المستوطنة مدة شهر كامل تحت التعذيب المستمر ، لكنه في الأخير استطاع الفرار منهم ومعرفة معلومات كثيرة عنهم

( بيلي ) : كيف استطاع الإفلات من قبضتهم ? ، لابد أن هذا الحاكم شخص مميز جدا ، انا متشوق جدا لمقابلته

( زيلر ) : هذا هو الغريب في الأمر ، فهو لم يقل لي أي شيئ عن كيفية فراره رغم أني المُساعد الأول الخاص به وصديقه

( بيلي ) : اذا ربما أخبرك بتلك المعلومات التي عرفها عن الأوركس

( زيلر ) : اجل ... لقد قال بأن الأوركس الرماديون هم الذين يحكمون الإمبراطورية ويتخذون القرارات المهمة والحاسمة في الأمور السياسية ، اما الأوركس الحُمر فهم الجيش ويهتمون بالجانب العسكري للإمبراطورية ، وفي الأخيرا يبقى اولإك الأوركس الخُضر الذين هم مُواطنون عاديون ومُسالمون

( بيلي ) : اذا هؤلاء الكائنات منتظمة جدا وسيصعب علينا التغلب عليهم

( زيلر ) : لقد قال الحاكم بأن لديه خطة محكمة كان يعمل عليها مدة طويلة جدا ، واذا نجحت هذه الخطة فسيتم الإطاحة بالجنرال الموجود هنا واعوانه لتصير بذلك أرض فولتيرا ارضا حرة ومستقلة عن الإمبراطورية الأوركسية .

2025/02/12 · 15 مشاهدة · 1566 كلمة
Ahmed Ikhrazne
نادي الروايات - 2025