الأمنية 37: ميناء
-------------------
بعد أن انتهيت من تعميد ماريا كتلميذتي بشكل صحيح.
لاحظت تغير في مزاج كاجسا، حيث كان وجهها متهجما وبدت غيورة نوعا ما.
"لماذا..."
في تلك اللحظة التي همست بكلمة لماذا، شعرت بانفجار طاقة غريب جعلني ارتجف...
ثم اختفى فجأة...
جعلني الأمر اشك في ان حواسي لم تعد تعمل...
"كاجسا؟" ناديتها تحسبا فقط و لكي أتأكد من ما شعرت به قبل لحظات...
لكن...
"همف ! لماذا لم تقم بهذا معي أيضا؟ ألست تلميذتك الاولى؟ هل ستتخلى عني الآن"
اجابت بشكل عادي!
ثم بدأت بالبكاء مجددا…
لا أستطيع أن اقول لها أنني قد عمدتها من قبل بالفعل و الا ستنفجر علي مجددا…
لدي ذلك الاحساس اذا لم اتماشى مع طلباتها فسيحدث ما لا يحمد عقباه.
فقمت باختلاق عذر انه لم يعد معي اي ذرة مانا لأعمدها هي أيضا و انني سأعمدها بمجرد ان اعالج جسدي.
و لحسن الحظ تقبلت ذلك العذر.
بعد ان انتهيت من تهدئتها بدأت أقص عليهم حكايتي منذ التقائي برسيل الى وصولي للإمبراطورية…
………
"اذا معلمي…عمرك 14؟؟ حقا!؟"
ما خطبها الآن؟
"أجل، سأدخل الـ15 بعد عدة أيام"
بذكر هذا، سأصبح راشدا بسن 15 سنة في هذا العالم…
"لحسن الحظ! جيد..جيد…"
ها هي بدأت تتصرف بغرابة مجددا…
حملت سيفي، و رسمت في الأرض اشكالا على الأرض…
لأحصل على خريطة مصغرة.
"لنرجع لما هو أهم، سنتبع هذا المسار لكي نصل الى القارة المظلمة، سنتوجه الى قارة الخالدين بعد ذلك سنأخذ سفينة نحو القارة المظلمة. "
فقاطعتني ماريا "لماذا هذا الطريق بالضبط؟ ألن نستطيع الوصول بشكل اسرع اذا ذهبنا الى قارة السرور؟ فكما تعلم البحر بين قارة الخالدين و القارة المظلمة مليء بالوحوش من تصنيف الكارثة"
هي محقة نوعا ما لكنها لازالت لا تدرى الفرق بين الملكيين الذين يملكون كل شيء و بين العامة الذي يفتقرون لعربة صغيرة فما بالك بسفينة…
" قارة السرور مجرد قارة صغيرة، لن تتوفر فيها سفينة مناسبة لسفرنا، كما ان الوحوش موجودة ايضا في المحيط الموجود بين قارة السرور و القارة المظلمة"
و عندها فهمت اخيرا ما ارمي اليه.
"فهمت."
"لا يجب أن نضيع الوقت، لنتوجه الى حدود القارتين، الى حدود قارة الخالدين! "
ثم انطلقنا أخيرا.
……..
مرت عدة ساعات على رحلتنا، فلاحظت شيء ما اثناء ذلك…
ولا واحدة من تلميذاتي تمتلك مهارة طيران جيدة..
لذلك علمتهم مهارة 〔التاج السماوي〕.
و بسبب مباركة الفضيلة التي اهديتهم اياها لم يواجهوا اي مشكلة في تعلم المهارة.
اخذت ماريا يوم كامل لتعلم المهارة بينما اخذت كاجسا فقط 3 ساعات لتعلمها و التعود عليها…
نعم…انهم وحوش!
باستعمالهم للتاج السماوي و استعمالي لقدرة الطفو الخاصة بالفضيلة زادت سرعتنا بأشواط.
لنصل الى حدود القارتين في تلك الليلة.
امبراطورية القديس موجودة في قارة القديس و هي قارة تتقاسم حدودها مع قارة الخالدين على الغرب و اتحاد الأعراق على شرقها.
و لحسن حظها انها لا تتشارك حدودها مع قارة ثالثة و الا قد اصبحت الحين من طيات التاريخ المنسية.
منشدنا الآن هو قارة الخالدين الذي تعتبر ثاني اصغر قارة في العالم بعد قارة السرور لكن رغم ذلك فهي تمتلك امبراطوريات عظيمة ذات تاريخ عريق و قوى عسكرية عظمى مختلفة كل الاختلاف عن قارة القديس.
الجيد في الأمر اننا لم نواجه اي صعوبات في تجاوز حدود القارتين بهويتي كفارس نبيل من قارة السرور وببطاقة المرور الخاصة التي حصلت عليها من البرج الموجود في قارة السرور ايضا.
ثم بعد عبورنا للحدود بأمان، أخذنا أقصر طريق مؤدي لأقصى شرق القارة بالضبط الى مدينة الميناء "العصفور البري"…
اسم غريب.
اخذ عبور القارة بأكملها 3 أشهر رغم سرعتنا الكبيرة في التنقل بين المدن.
اثناء ذلك علمت كاجسا الطريقة في التحكم بنية سيفها الغير المكتسبة…
لكن، لأول مرة كاجسا تفشل في شيء ما.
حسنا، ذلك ليس بالشيء الغريب، فهي لم تكتسب نية السيف تلك بعد لذلك علمتها مهارة قد فقدتها اثناء صعودي لنصف فضيلة في وادي السموم…
مهارة 〔تناغم الين يانغ الغربي〕.
كانت مهارة قوية جدا تعلمتها من احد الرفقاء في واحد من عوالمي السابقة.
حيث تمكنك المهارة من اخفاء حضورك، تنفسك و حتى هالتك…
بعبارة أخرى مهارة مخصصة للاغتيال.
و لحسن الحظ استطاعت كاجسا اخفاء نية سيفها بواسطة هذه المهارة.
لكن…كان هناك شيء لطالما ازعجني…
طوال رحلتني كنت أتساءل في داخلي…
'ما كان ذلك الحلم بحق الجحيم؟ ما الذي كان يعنيه ذلك الحضور الطاغي بعقدي معه؟ هل حقا…فقدت قدرتي في العودة بالزمن؟'
خصوصا جزئية انني لن اعود بالزمن بعد الآن…
لم أملك الشجاعة الكافية لأقتل نفسي و اجرب صحة كلامه…
فإذا كان حقا على حق…فتلك ستكون النهاية.
في الوقت ذاته، نفسي الخبيثة تخبرني ' اليس الأمر عظيما؟ اخيرا ستنفك من هذا الجحيم و ستموت بسلام…و الى الأبد'
لكن…
قاومت…لا ادري لماذا لكنني قاومت.
ربما أخيرا أصبح لدي شيء اتمسك به في هذا العالم…
شيء يجعلني أخيرا أهاب الموت و ارتعش بمجرد التفكير فيه.
هل هذا سيكون شيء جيد؟ ام شيء سيء؟
انا…حقا لا أعلم.
……..
وصلنا أخيرا الى مدينة العصفور البري.
كان هناك شيء اضافي لاحظته خلاف عن كونها مدينة ميناء كبيرة جدا…
و هو انه منذ اول قرية ممرنا به بعد دخولنا القارة الى آخر مدينة مررنا بها…
أضعف المواطنين محارب أو ساحر مبتدأ…
بينما في هذه المدينة اضعفهم في مستوى محارب خبير.
هذا جعلني ادرك فرق القوة الكبيرة بين قارة الخالدين و قارة القديس رغم اختلاف المساحة.
اخذنا لفة صغيرة حول المدينة ثم قمنا بتعبئة مؤنة الرحلة الطويلة التي تنتظرنا…
و بسبب احساسي باستيقاظ لعنة التنين داخلي، لم نقم بتضييع الوقت زيادة ثم توجهنا مباشرة الى الميناء.
فأنا لا اريد ان تزداد حالتي سوء و يحصل مثل ما حصل لي من قبل…
فلا يوجد يأس في هذا المكان لأغذي به لعنتي.
"معلمي، لقد سألت قائد بحرية المملكة التي نحن بها عن امكانية وجود سفينة مناسبة لرحلتنا، لكنه استمر في تفادي الجواب عن ذلك بتملقي فقط.."
"كما ظننت، لن تكون رحلتنا هذه سهلة، هل أخبرته اننا سنتوجه الى القارة المظلمة؟"
"اجل، بدى خائفا في كل مرة اذكر ذلك"
" لا يمكننا لومه، فنحن نتحدث عن القارة المظلمة هنا، القارة التي لم ينجح بشري في الوصول لها"
لدي بضعة معلومات عن القارة نفسها لكنني لا أعلم عن طريقة تؤذي بنا إليها غير السفر بحريا لها…
فقد سمعت أنه يوجد آلاف الشجعان الذين حاولوا الوصول لها و لم يعد احد او تمت رؤيته بعد ذلك.
كما أنني لا أملك اية معلومة عن قوة وحوش الكارثة الموجودة بين القارتين.
"هممم.."
توجهنا الى مطعم صغير امام الميناء ثم طلبت لنا الغداء و تركت كاجسا و كاريا هناك.
"انتظروني هنا، سأعود قريبا"
و اخذت طريقي الى الميناء مباشرة.
لاحظت قبل قليل مجموعة عجائز يصنعون شباك صيد في قارب صغير فتوجهت اليهم مباشرة.
السبب الذي جعلني اقصدهم مباشرة هو قوة واحد منهم.
"يتساءل هذا الشاب عن اسماء كباره، فقد جذبني عملكم المتقن و لم اتماسك نفسي الا و أنا امامكم الآن"
"هوهو…شباب هذه الأيام لازالوا مهتمون بمهنة الصيد المملة هذه، اسم هذا العجوز هو هوبو"
كانت كلماته ثقيلة على مسامع الآخرين لكنها تحمل من اللطف و الدفء في الوقت ذاته.
كان عجوز اشيب اللحية و اصلع الرأس، ملابس رثة لكن نظيفة.
وجهه المبتسم يخبرك انه قد عاش من الحياة حتى اكتفى.
" اسم هذا العجوز هوجو، انا أخوه الثاني"
" هومو، اخوهم الثالث، انت مثير للاهتمام ايها الشاب"
كان العجوزان بنفس ملامح العجوز هوبو، الأول صارم في كلامه و نظراته و الثاني لطيف الكلام و الوحيد الذي يملك شعر رأس أشيب.
"اعتذر عن تقديمي نفسي متأخر، اسم هذا الشاب تيلوديس "
بعد التعريف بأنفسنا بدأنا الدردشة قليلا حول الصيد و حول صناعتهم للشباك العالية الجودة.
فلن أكذب و أقول انني لم أكن مهتم بذلك.
و بعد تحسين علاقتنا نوعا ما بتلك المناظرة الصغيرة سألتهم سؤالي اخيرا.
" هذا الشاب يبحث عن سفينة تقلني الى القارة المظلمة، هل يملك احدكم اي فكرة قد تساعدني؟"
تغيرت نظرتهم فجأة، لم تكن نظرة خوف بل نظرة غضب ساخطة.
"هل تمازحنا أيها الشاب؟ ما نحن الا بصيادين صغار، كيف لنا بمعرفة كهذه"
صياد صغير مؤخرتي!
فقط الطفل الساذج سيصدق أن محارب أسطوري مجرد صياد صغير.
" اذا اعذروني، متأسف لتخريب مزاجكم لكن الأمر متعلق ببقائي حيا أم لا."
ثم استدرت مغادرا.
"انتظر…اظن انني تذكرت شيئا قد يساعدك.."
هذا ما كنت انتظره.
"هل ترى ذلك المطعم الصغير هناك؟ ستجد نادل في الأربعينيات من عمره، اسأله عن الصياد "برعم" اخبره اننا نحن من ارسلناك."
اخيرا…يبدو ان رحلتنا ستبدأ.
" حقا…شكرا جزيلا لكم."
ثم عدت الى تلميذاتي.
--------------
لأي استفسار عن الرواية ستجدني طوال الوقت موجود في سيرفر نطاق العدم.
تأليف: Souhayl TP