الأمنية 48: حاكمة الخريف 1

--------------------------

كانت هذه المرة الأولى التي أجرب فيها السفر عبر بوابة انتقال في هذا العالم…

وليس اية بوابة، بل بوابة صنعت بمصفوفات فراغية عتيقة لم يعد لها اي أثر سوى هذه البوابات النادرة.

شعور الانتقال الفراغي كان غريبا نوعا ما حيث قد مرت مدة طويلة منذ ان شعرت به…

لكنني غفلت عن شيء بسيط…الفتاتان لم تجربا السفر الفراغي من قبل حيث يمكن ان يغمى عليهم فجأة اثناء الانتقال.

لمحت نظرة خاطفة عليهما لأراهما بالكاد يحاولان كبح رغبتهما في التقيؤ…

صراحة، لم اتوقع مطلقا انه ستتمكنان من الحفاظ على وعيهما اثناء انتقالات فراغية كهذه، بعد كل شيء فالفراغ من اعقد الأشاء في الوجود والشعور به مثل محاولة الشعور بمن يقف خلف العالم.

هناك اشخاص عباقرة استطاعوا تعلم مسار الفراغ والتقدم فيه لدرجة استعمال الشقوق الفراغية في الهجوم وصولا الى الانتقال لمسافات كبيرة جدا في خطوة واحدة.

هؤلاء وحدهم من لا يزعجهم الانتقال الفراغي، وذلك يرجع اساسا لأنهم خبراء في هذا المسار ثم ثانيا الى طاقة الفراغ العنيفة التي يستعملوها بشكل يومي كأنها لا شيء.

يبدو انني استخففت بهاتين كثيرا، صحيح انهما اصحبتا اقوى بالفعل لكنهما بعد كل شيء لازالوا شابتين لهذا وبشكل منطقي افترضت ان ارادتهم لن تكون يتلك القوة.

على اية حال، يبدو لي اننا اقتربنا من الوصول، اتمنى فقط ان نصل قبل يتم زخرفة ظهري بمختلف الاشياء من قبلهما…

……..

ما ان وصلنا فتحت عيني بعد اختفاء ضوء الانتقال الساطع، لنلمح شجرة بالغة الضخامة امامنا وكأنها العالم بنفسه.

النسيم الدافئ في الجو له رعشة خاصة به، ونقاء المانا من حولنا لا مثيل له.

السهول الصفراء تمتد من امامنا الى الأفق وكأنه لا نهاية لها، المزارعين ذوي الشعر الفضي منحنين بين المزارع الصفراء يحصدون من هذه الارض الواسعة بالسعادة والفرح المالئة وجوههم.

يغنون اغنية غريبة بشكل جماعي اثناء العمل حيث السماع لها لبعض الوقت يجعلك ممتلئ بالحيوية.

"مرحبا؟؟ لم اراكم من قبل في عشيرتنا هل أنتم غرباء جدد اتوا من قبل اصدقائنا القدامى؟"

نسيت نفسي في هذا الجو حتى سمعت صوت فتاة تبدو صغيرة العمر من المظهر لكن كلامها يوحي بالنضج والنبل…

شعرها فضي مثلها مثل الآخرين، بأذنين مذببتين طويلتين وملابس قتالية غريبة…

"اجل، اذا كنت تتكلمين عن التنانين فقد اتيت الى هنا عن طريقهم."

"اوه يا للعجب مرت مئات السنوات منذ ان اتانا زائر من بعيد وبل يكون ضيف لهم، اعذرني للحظات سأنادي شيخة العشيرة"

ما ان انهت كلامها اختفت وكأنها لم تكن موجودة امامي…

من طريقة تحركاتها الغريبة والسريعة لابد ان تكون في مستوى السيادة على الأقل…

محاربة في السيادة تقف كحارسة للحقول، فما بالك بشيختهم هذه.

ظننت في البداية ان عرق الدرياد سيكون عرق متوحد لا يحب الغرباء، لكن طوال مشينا ما بين الحقول لم يهتم لنا اي شخص بينما استمروا في الحصد والغناء بسعادة.

الجو بين بعضهم البعض يجلك تشعر بالانتماء بشكل غريب…

أهذا بسبب هالة الدرياد القادمة مني؟ ام انه بسبب طبيعتهم الغريبة هذه؟

ونحن نتمشى بين الحقول لمحتنا فتاة صغيرة، فأتت الي مسرعة مهدية الي كعكة ارز غريبة الشكل

"الجوع شيء حزين اخي الكبير، كل!"

ثم فرت عائدة الى الحقل.

لا أدرى ماهية هذا الشعور، وكأنها واحدة من عائلتي، كأن حمايتها هو اقصى اهدافي في هذه الحياة وكأن كعكة الارز هذه هي أعظم هدية تلقيتها في حياتي…

سحقا، أهذا هو تأثير جسد الدرياد؟؟

" نرحب بضيفنا القادم من بعيد، متمنين لك السعادة والراحة في ضيافتنا اليوم، اتساءل هل لضيفنا علاقة من احد من عشيرتنا؟"

نصف فضيلة؟؟

هذه الشيخة التي نادتها الحارسة في مستوى نصف فضيلة؟

لكن…اين الشيخوخة في الأمر، حتى انا أبدو أكبر منها!

يا له من عرق غريب، مع انها كلماتها تحمل هالة وثقل هائل الا ان هالتها هادئة كهدوء الماء، غير ان عمر عظامها اكبر مما يبدو عليها…

لو رآها أحد غيري لظن انها في العشرينات من عمرها، لكن لابد انها عاشت مئات السنين ان لم تكن بالآلاف…

"هذا الصغير اتى اليكم راغبا في الاتقاء بحاكمتكم، بعد ان سألت ملك التنانين عن بعض من مخاوفي اخبرني بكون الدرياد السامي الخاص بهذه الجيل على علاقة بي، حيث اتيت لأتأكد من شكوكي."

ابتسمت الشيخة بابتسامة غريبة حيث شعرت بتحرك طفيف من مانا مقدسة من حولها…

يبدو انها فعلت مهارة معينة.

" سيد تيلوديس صحيح؟ فهمت مع ان يداك ملطخة بدماء الملايين من الأرواح الا ان هذا لا ينفي كونك تحمل جسد عشيرتنا"

هذا الذي كنت خائفا منه.

يبدو انها تمتلك مهارة تحليل من نفس مستوى خاصتي لتستطيع رؤية كم عدد الأرواح التي سلبتها يداي…

ماذا الآن؟

" لا بأس، بما ان ملك التنانين الموقر ارسلك دون خوف عليك هذا يعني انه يثق بك، اتبعني في طريقنا الى الحاكمة."

"لما تثقون في ذلك العجوز لهذه الدرجة؟"

"حسنا…عشيرتينا تمتلك مصير مرتبط ببعضهم منذ عصر اسلافنا، لذلك ستلاحظ بعض الشبه بين بعصنا البعض"

"شبه؟"

" ستفهم بعد قليل، لكن الحيرة تملكتني، لماذا ناديته بالعجوز؟ "

" بما انه معلمي يمكنني ان اناديه بما اشاء"

" ماذا؟؟ فهمت، هاهاهاها اخيرا ملك التنانين اختار تلميذ له ورضى عنه، خصوصا بسبب رفضه لكل اولئك العباقرة الذي لطالما ظهروا حيث لم يرضى عن اي احد بينهم ابدا وحتى حاكمتنا علمها بضعة اشياء لكنه لم يقبلها تلميذة له ابدا"

" كل ما في الأمر ان ذلك المنحرف كان مشغول بجمع حريمه حيث اخذ عدم الرضا كعذر"

كلما امضيت وقتا اطول مع هذا العرق اكتشف انه يبدون طبيعيون مثلهم مثل غيرهم.

اسبب حذري منهم بسبب ما حدث لي معهم في حياتي الأولى…

**بلع

" هل انت بخير؟ "

"اه لا بأس كل ما في الأمر اني متوتر لالتقائها فحسب"

مع اننا نمشي عبر الحقول الصفراء ببطء الا انني اشعر بالزمن يمر بسرعة خيالية.

"في الحقيقة لقد كانت تنتظرك لعدة سنوات منذ انقطاع الاتصال بينكما…"

"ماذا؟ هل تعنين انني اعرفها؟ "

" هل يعقل انك نسيت؟ لقد اتيت لرؤية حاكمة العشيرة، والدتك اليس كذلك؟"

"والدتي..؟"

بدأت الذكريات التي نسيتها تتدفق ببطء، تمر امام ناظري كما لو انني نسيتها عن خاطري…

ذكريات سعيدة، مزعجة ومخيفة.

اشياء تمنيت لو انني انساها للأبد عادت الي.

بحق الجحيم لماذا اتيت الى هنا؟؟؟

إذا رأتني تلك الأم المجنونة لن أفلت منها ابدا!!

"اجل…والدتي…لكن كيف عرفتي؟"

"بالطبع سأعلم، فأنا التي علمتها كل شيء منذ نعومة اظافرها الى الآن وجعلتها امرأة مناسبة لتحيا كدرياد سامي فخور~"

"اذا انت!"

"اجل انا معلمتها، كذلك اكون درياد سامي، الحاكمة السابقة للعشيرة"

بالتفكير انه سيكون هناك اثنان درياد سامي في نفس الوقت وكلاهما احياء…

هذا ليس ما اخبرتني به والدتي.

" اعرف فيما تفكر، لكن شرط وجود درياد سامي واحد فقط ينطبق على الجنسين فقط، لهذا السبب شريك الدرياد السامي لا يعيش طويلا…"

مع انها قالتها بهدوء الا ان الحزن الذي اظهرته في وجهها يفسر الكثير من الأشياء.

شريك هاه…

"ها قد وصلنا، هناك حاكمتنا الدرياد السامي التي لقبناها بـ"حاكمة الخريف"، والدتك يا تيلوديس"

هاه...انها هي لكنها مختلفة في عدة صفات لكن...

هذه…قرون؟؟؟؟

--------------

اعذروني على التمطيط لكنني اشوفه ضروري~

تأليف: Souhayl TP

2024/04/27 · 45 مشاهدة · 1073 كلمة
Souhayl TP
نادي الروايات - 2025