الأمنية 51: خطيئة الأم!

---------------

حسب ما فهمته مما جرى في عشيرة التنانين وخصوصا بعد ان القى معلمي نظرة علي بعينه، اتضح لي ان تلك اللعنة التي جعلتني اصل الى هذه الحالة كانت متكونة من جزئين لا ثالث لهم…

الجزء الأول هو لعنة فضيعة وضعت علي كأحد من عرق الايسير…

اذا كان ظني صحيحا، على الاغلب ان كل ايسير يملك هذه اللعنة التي تنبض بهالة التنانين…

لا أعلم من اين اتت لكن يبقى كونها لعنة مميتة شيء لا كلام عليه.

ام الجزء الثاني هو مسار اليأس خاصتي، حيث استغل وجود اللعنة وتغلغل داخلي اثناء اوقات ضعفي…

الجزء الأول من اللعنة قد أبطل عن طريق استبدال المانا الذي اجريته في عش التنين ويبدو ان ذلك كان شرطا مهما لكي تمحى اللعنة مني.

بسبب هذا أصبح لدي تحكم لا بأس به في مساري الآن، والشكر لذلك استطعت التحكم في مساري ومنعه من التهامي.

على اية حال، لقد حققت ما كنت اريده من عشيرة التنانين ثم حققت رغبتي في تأكيد شكوكي بمجيئي الى عشيرة الدرياد…

لذلك لم يعد هناك اي سبب في بقائنا هنا.

لكن…

لازال لدي سؤال اخير ارغب في ايجاد اجابة له قبل ان اغادر.

لكن…كيف سأسألها الآ-…

"إبني!!!"

ها قد أتت بنفسها الي.

"أمي…"

"هل ما تفوهت به معلمتي من كلام حقيقي؟ لا تكذب علي! لقد احسست بمجال ادراكك في اللحظة التي أطلقته فقد غطى العشيرة بأكملها!!"

كما هو متوقع، انصاف الفصائل كائنات فائقة بعد كل شيء، مع أنى لم احاول اخفاءه الى انها استطاعت الاحساس بمجال ادراك شخص اخر اكبر من مجال ادراكها…

يمكنني ان انفي الامر وادع سوء التفاهم هذا يستمر بينما اغادر حالا…

لكن…لازالت لدي اسئلة ارغب في اجاباتها، كما انني اعرف شخصية والدتي، ستجعل من حياتي جحيما من الازعاج الذي لا نهاية له.

تنهد…

"صحيح…"

"مستحيل…حتى انت تكذب علي!"

"كل ما قالته صحيح، من اول حرف الى آخره، ولم تخطئ في كلمة واحدة، لقد حاولت اصابتك بهجوم مميت آنذاك، كما انني اعاني من نسيان الذات، لذلك حرفيا كنت قد نسيت كل شيء حولك قبل ان آتي الى هنا…"

"اغلق فمك!! لماذا كلماتك التي تخرجها كلها لاسعة الى هذا الحد! أكنت تكرهني لدرجة ان ترغب في موتي بسبب بضع كلمات؟! "

استعملت سلطة اليأس خاصتي ومزجت كلماتي المشبعة باليأس بجملي المستفزة الى ابعد حدود…

" اجل، لقد كرهتك منذ البداية، حقيقة تصرفك كعاهرة امامي بعد موت والدي وكأن لا شيء حدث اقرفني، التصاقك المستمر بي بحجة الشريك دون عن سماع رأيي جعلني ارغب في اختفائك من امامي، تمنيت لو كنت اقوى منك ولو بشبر حتى ارسلك الى الجحيم واعيش حياتي كما اريد، هل انت سعيدة الآن؟ لقد اصبحت اقوى منك وبحركة من يدي أستطيع قتلك دون ترك ولو شعرة من جثتك، لكن رغم ذلك كبحت تلك الأفكار الصبيانية وتناسيت الأمر مع الوقت بينما اعيش الجحيم في الزقاق، لآتي في الأخير متمسكا برغبة استرجاع ذكرياتي المفقودة لأرى نفس المنظر الذي كرهته من كل قلبي! هل انت سعيدة بذلك ها!؟"

" لا..لم اقصد ذلك انا كنت اقوم بـ-.."

" كفى! منذ الوقت الذي توفي فيه والدي انتهت علاقتنا نحن الاثنين، أتعرفين كم كنت غاضبا حينها؟ هل تعلمين كم كنت امتعض ضعفي الشديد في ذلك الوقت وانا اراك تضحكين على موت والدي الذي احبني اكثر من اي شخص آخر!! "

هل انا اشعر بالحزن؟ إذا لماذا لا أستطيع البكاء؟

لماذا لا تنزل تلك الدموع اللعينة وتفرغ عني الخنق الشديد الذي اشعر به في قلبي؟؟

هل استحق حتى ان أحزن من اجله وانا لم افعل اي شيء من اجله ابدا؟

ابي الذي دعمني أكثر من اي شخص آخر، الذي حقا اعتبرني ابنه ولم يراقبني كأنني وحش في قفص مثلما فعلت أمي…

لماذا…

لماذا في كل مرة اتذكر وجهها المبتسم على موته البطولي لا شعر بشيء غير القهر المميت…

لطالما تساءلت منذ ذلك الوقت، هل كانت تعلم عن موجة الوحوش لذلك اختارت ذلك الوقت بالضبط لمغادرة القرية…

مع انها اهدتني سيف قوي للغاية لماذا لم تفعل نفس الشيء لأبي، لو فعلت على الأقل حتى لو لم يستطع قتل الوحوش كان سيكون بإمكانه الصمود حتى نعود وننقذه…

لماذا؟!!

عندما عدت للواقع وجدتها تبتسم نفس الابتسامة من ذلك الوقت…!

تلك..الابتسامة اللعينة!!!

"انت…ما الذي تعنينه بهذه الابتسامة السامة؟"

"اباك، آري كان رجلا لطيفا مع الجميع وليس معك فقط، فقد احبه جميع من بالقرية، كان رجل ستتمناه اي امرأة، لكن انا لم اكن سأفعل فقد كنت اخترت بالفعل اختياري حينها ووهبتك كل شيء، مهاراتي، وظيفتي ورعايتي وحتى حبي، لكن ان تخرج هذه الكلمات القذرة من فمك وتكون موجهة نحوي انا، ليس لدي ما اقوله غير انني حزينة لدرجة ان قلبي يعتصر من الألم…"

"رعاية؟ مهارات؟ وظيفة؟؟ هاهاهاهاها، كم هذا ممتع ان اسمع كلمة رعاية منك انت، هل تعلمين حتى كم كنت اعاني من مراقبتك لي بتلك الاعين المخيفة، منذ ان كنت رضيعا الى ان حصلت على بطاقة هويتي، لم تتوفقين عن مراقبتي ولو لثانية واحدة! حتى أنك كنت تشكين في كوني لست بابنك وكنت جاهزة لقتلي فور ان تتأكدي انني لم اعد من عرق الدرياد!! "

" انتظر…كيف عرفت؟ لا مهلا انا لم أكن اراقبك لذلك السبب بل كنت اتأكد من احتمالية كونك-…"

لا الكلمات المشبعة باليأس ولا كلماتي المستفزة نجحت…

اذا لم يعد خيار امامي غير هذا.

"اخرسي! الازال لديك الوجه لإلقاء الأعذار، ألم تفهمي بعد؟ أنا لست ابنك ولم اكن ابنك ابدا!! "

" مـ-ماذا؟ "

ابتل وجهها بالغضب والحزن، فقد فهمت ما كنت اخفيه طوال هذا الوقت…

أكبر اسراري، وسري الذي لم تعلم عنه ابدا…

لقد كانت تشك في منذ اشهري الاولى من ولادتي في هذا العالم، رضيع لا يتصرف كرضيع وطفل غريب عن كل الأطفال…

لقد كانت تشك بالفعل عن عدم كوني ابنها بل كوني روح شخص آخر اخذ جسد ابنها…

لكن هذه الأم المتحجرة الرأس لم تستطع تقبل الحقيقة رغم وضوحي امامها ورغم كوني اظهر كل هذا امامها.

إذا كل ما علي فعله هو اخبارها، انني انا لست ذلك الابن الذي كنت تنتظريه بل شخص ربما يكون اكبر منك بعشرات المرات، عاش اكثر مما عاشت وجرب اكثر مما جربت…

انني انا لست ابنها اللطيف تيلوديس…

بل شبه فضيلة اليأس تيلوديس!

---------------

تأليف: Souhayl TP

2024/07/01 · 74 مشاهدة · 953 كلمة
Souhayl TP
نادي الروايات - 2025