الأمنية 52: أسرار الأم وأمها
----------------------
أمي التي لا اعرف اسمها الحقيقي حتى الآن، امي التي كانت سبب كبير فيما اصبحت عليه الآن…
امي التي امتلكت رغبات خفية في تربيتها لي…
طوال هذا الوقت…
لقد كانت تشك بي منذ اشهري الاولى من ولادتي في هذا العالم، رضيع لا يتصرف كرضيع وطفل غريب عن كل الأطفال…
لقد كانت تشك بالفعل عن عدم كوني ابنها بل كوني روح شخص آخر اخذ جسد ابنها…
لكنها لم تصدق ذلك حتى بل فرضت على نفسها اكاذيب واعذار لكن تنسى ما تعرفه عني.
وفي اول مرة مت في هذا العالم أدركت ذلك، حقيقة انها قتلتني مباشرة بعد ان تأكدت انني لست من عرق الدرياد…
وانتحارها مباشرة بعد ان أدركت كونها قتلت أغلي ما تملك بيديها…
"انا…كنت ادري…كنت اعلم منذ البداية لكن…"
هذا يعني فقط انها لم تتقبل وجود روح شخص آخر بدل روح طفلها البريء…
"لكن رغم ذلك آمنت، انه مهما كنت ستبقى ابني الذي جلبتك لهذا العالم"
رغم انها آمنت بقدرها بعد ان شعرت بالذنب القاتل وهي ترى جثة طفلها الفارغة بدون روح…
لتفهم في الأخير، ان مصيرها معي كان قد قرر منذ البداية.
"كنت أتناساه ذلك الأمر وافكر فقط انك مميز عن بقية اطفال العشيرة، لكن مع الوقت تقبلت وجودك خصوصا بعد ان اثبتت موهبتك كعضو في العشيرة وكدرياد سامي، الشيء الذي جعلني سعيدة للغاية…
رؤيتك وانت تكبر امام عيناي انساني كل شيء عن طفولتك الغريبة وعندها وجدت ان هدفي ربما يصبح حقيقي خصوصا وكونك لست الطفل الذي ظننت انه باستطاعتي إنجابه… "
اجل، وجدت حالة كحالة مثالية لتنفيذ رغباتها تلك…
ان تجعلني شريكها…
" لطالما تساءلت، ما هدفك من جعلي شريكك طول هذا الوقت؟؟ "
التعبير المبتسم على وجهها اختفى لتظهر تعابير الحزن بدل ذلك.
تلك المرأة التي لا تختفي الابتسامة على وجهها اظهرت تعابير الحزن مرتين فقط من قبل...
اولها عندما قامت بقتلي بعدما تأكدت من كوني لست بأحد منهم هؤلاء الدرياد...
والثاني عندما سمعت الحقيقة المؤلمة من معلمتها قبل بعض من الوقت...
تساءلت...
ما الذي جعلها تصبح على هذا الحال؟ ما الذي أخل بمنطقتيها لتضع كل طاقتها فيما تفعله الآن؟
لكن ما سأسمعه الآن هي قصة...
قصة ام وابنتها، قصة مقرفة ومأساوية لم تخطر على البال حدث في واقعنا هذا.
........
" فهمت، لم اشرح لك اي شيء من البداية…يا لي من أم مذنبة مثلها تماما"
مثلها؟
إذا كنت اتذكر بشكل صحيح، في تلك الذكريات قالت انها تريد تحقيق حلم امها؟
" في طفولتي، عشت مع امي وابي في العشيرة بكل سعادة، كعائلة نشطة بينما ننشئ ذكرياتنا الجميلة…
أمي كانت حاكمة يحبها الجميع والتي ساهمت في جعل عشيرتنا اقوى بكثير مما كنا عليه سابقا بسبب انتكاسة وجهناها من قبل.
بينما ابي كان شديد الوسامة بسبب كونه الدرياد السامي الذكر الوحيد في العشيرة بأكملها، كما كان ألطف من اي شخص عرفته من قبل.
اهتم بي وبأمي، علمني العديد من الأمور وفعل كل ما باستطاعته لتعيش عائلتنا سعيدة بدون اية هموم، حامينا من العالم الخارجي الذي يخافنا كمجاهيل في هذا العالم.
لكن، وفي عمر الثامنة مات ابي من الشيخوخة، بسبب كونه درياد سامي وبسبب كونه شريك لدرياد سامي مثل أمي لم يعش أكثر من مئة سنة حتى لدرجة انني اتذكر كيف كانت ملامحه العجوزة رغم كوني طفلة صغيرة للغاية، وبسبب ان امي وابي لم يرزقا بابن ابدا طول فترة زواجهم لدرجة انهم يئسوا من الأمر ولدت انا في اخر حياة ابي اخيرا.
بعد موت ابي، دخلت امي في نوبة حزن ويأس خطيرة لدرجة اعتزالها كل امور حكم العشيرة بينما تولت معلمتي الحكم مكانها في انتظار ان ارث الحكم بعد ان أصبح راشدة كفاية"
إذا لهذا السبب يوجد اثنان من الدرياد السامي في نفس الزمن ها…
" خلال تلك الفترة لطالما زرت امي لأواسيها واشعر بدفئها، لكن كل ما تلقيته بدل ذلك هو الكره الشديد من قبلها"
اكملت امي بعد صمت طويل الحديث بكلام غير مفهوم قليلا مرفقا بدموع مؤلمة حيث قالت انها لم تسمع منها سوى كلمات مثل 'تمنيت لو متت بدل اباك' او 'لو ولدت ولد بدل منك لجعلني اسعد على الاقل بعد فراقه'.
في تلك اللحظة، فهمت امي انها لم تكن بذلك الحزن عليه لأنها تحبه كزوجها…
بل كانت تقضي حياته المملة بترفيه نفسها بزوجها لدرجة انها لم ترد ان تلد منه لكونها خائفة ان تلد فتاة…
وفي ذلك الوقت الفتاة لن تكون مناسبة لإشباع رغباتها.
ما هذا بحق الجحيم؟؟
اهذه عائلة حتى؟!!
مخلوق سيادي على ذاته وعلى عرقه مثل الدرياد السامي كان لديها رغبات مقرفة كتلك بدل ان تعيش حياة طبيعية مع زوجها وابنتها؟؟؟
"عندما ادركت رغبات امي المظلمة لم التقيها مرة اخرى بعد ذلك، حتى يوم سمعت انها اصبحت طريحة الفراش…"
عندما ذهبت امي نحوها في هرع بعد سماع اخبار مرضها، رغم ما فعلته لي...
وفي انفاسها الأخيرة كانت كلماتها الأخيرة.
"لو كنت ولدت ذكرا بدلا من ولادتك، اكان بإمكانه ان يصبح شريكي؟ "
هاه؟
" ماذا؟ اهذه كانت حقا كلماتها الأخيرة؟ "
"اجل، حتى النهاية بغضت وجودي واهتمت فقط بشهوتها لا غير"
يا لها من جدة كنت املكها…
اعلي القول انه من الجيد كونها لم تعد حية؟
ام علي ان أحزن ان والدتي مرت بنفس مررت به من قبل...
شعور فقدان والديك دون القدرة على إدراك ما حصل حتى فوات الاوان، او بغضهم لك فقط لأنك ولدت مختلفا عن الآخرين...
عندما ارى، الاحظ ان الحياة التي عشتها في كل عالم كانت مؤلمة وحزينة واحدة تلو الأخرى.
هل ذلك بسبب كوننا ولدنا مميزين عن غيرنا؟ ام ان العالم نفسه يرفض وجود امثالنا؟
" بعد ذلك، خرجت في رحلة لاكتشاف العالم، رحلة يقوم بها كل من سيصبح درياد سامي، لأكتشف في الأخير ان امي كانت مشهورة للغاية بين البشر حيث قيلت اشاعات كثيرة عنها كونها شيطانة للشهوة تغوي الذكور ويتم قتلهم في النهاية بسبب عدم قدرتهم على تحمل طاقة الدرياد السامي الهائجة"
مذهل…
لكن هذا جعلني اتساءل مرة اخرى…
جدتي، هل كانت شخصيتها هكذا منذ البداية ام انها تحولت الى ما هي عليه بعد خروجها فيما يسمى الرحلة قبل الحكم؟
" اذا وقتها التقيت بأبي صحيح؟ "
" هاه؟ كيف عرفت؟؟ "
كما توقعت، هي لن تجلب شخصا عشوائيا ليربي طفلا معها من لا مكان.
بل ستجلب شخصا تعرفه جيدا، والذي ستلتقيه بكل وضوح في رحلة ما قبل الحكم بما انه ممنوع على الدرياد الخروج من العشيرة.
"حسنا، انت محق آري كان احد اعضاء الحزب الذي كونته في رحلتي، كنا اربعة اشخاص عندها، انا، آري، زوجته آنيا و سيافنا الموهوب وقتها"
"ماذا؟؟ ابي كان متزوج؟؟؟"
"لا، عندها لم يكن متزوجا بعد بل كانا احباء، لطالما كان آري وآنيا اصدقاء منذ الطفولة لكنهم تزوجوا بعد ان عدت للعشيرة"
إذا كان متزوج، إذا اين هي هذه السيدة آنيا؟؟
هل يعقل…انها قتلتها لتجبر ابي على اتباعها؟؟
"اغه..نظرتك تخبرني في ما تفكر فيه، بعد ان عدت للعشيرة وبعد مرور عدة سنوات بقيت كلمات امي الأخيرة عالقة في ذهني، لذلك اردت اثبات ان اهدافها لم تكن لتتحقق ابدا مهما حاولت، ان تصبح ام آثمة مثلها شريكة لابنها هو شيء مستحيل"
انتظر…
"تجهزت لأصبح أم آثمة مثلها وقبلت بمصيري الذي سينتج عنه قراري حينها..."
هذا يعني…
" فاستعملت البركة السامية وقتها لأجعلك تولد كشريك وليس ابن ثم اربيك كابن، لأنه اذا انجبتك بعد حصولي على شريك لن استطيع اثبات اخطاء امي بما انه يحق لنا الحصول على شريك واحد فقط طول فترة حياتنا، ولكي لا اجعلك تعاني من تلك اللعنة التي تجعلك تشيخ رغم كونك درياد سيامي ضحيت بوظيفتي لتصبح وظيفتك ماغي وليس درياد سامي عندها ستستطيع العيش لمدة اطول"
كما حدث في تلك الذكريات تماما.
لكن عقلي تشوش الآن…
الشريك لا تربطه صلة دم بشريكته ولهذا السبب يستطيعون الزواج وإنجاب ابن بدون قلق من تخالط النسل…
لكن، حسب ما فهمته، لا يمكن للدرياد السامي ان ينجب ابن ابدا، بل ستكون دوما ابنة لهذا وجدت تلك البركة.
اذا ألم يكن الامر واضحا منذ البداية، انه لم يكن بإمكان جدتي انجاب ابن ابدا؟؟
ام ان شهواتها حقا تغلبت على منطقية تفكيرها…
تنهد…
"لكن كانت هناك مشكلة، لتكبر بالشكل الذي كبرت به انا كان لابد من وجود أب وانا لا استطيع الحصول على شريك لذلك لم يكن هناك امامي خيار سوى اعضاء حزبي الذين عرفتهم جيدا، السياف الموهوب اختفى عندما بحثت عنه حيث قال انه يريد السير في طريق السيف ويتعمق به، بينما آري كان قد تزوج بالفعل"
" اذا…هل فعلتيها حقا؟ "
" لا! بالطبع لن افعلها بعد كل شيء تبقى آنيا صديقتي العزيزة لن اقتلها او اضرها بسبب شيء كهذا ابدا، خصوصا بعد ان اكتشفت انها حامل! "
هااااااه؟؟؟
كانت حامل؟؟
أهذا يعني ان ابي حظي بطفل بعد ولادتي؟!
---------------
طبعا، الأمور الغريبة في حياة البطل تستمر في الظهور والغموض عن الاحداث المجهولة يتلاشى ببطء، لكن اكان حقا لابد من امتلاك والدة تيلوديس لماضي كهذا؟
انا بنفسي أتساءل...
وكل ما يمكنني قوله ان ما خفي أعظم.
تأليف: Souhayl TP