الأمنية 55: رحلة...

---------------

لو أتتك يومًا أمنيةٌ غريبةٌ تجبرك على تنفيذها…

ورغم فشلك في تحقيقها، فإن الزمن يعيدك دائمًا إلى اللحظة المثالية لتنفيذها. تفقد عقلك، لكنك تستعيده بطريقة ما…

ولا مهرب أمامك سوى الكفاح من أجلها.

ربما سترى نفسك مميزًا؟ أو حتى الشخص المختار من بين الجميع ليعيش حياةً مثيرة كتلك؟

بالنسبة لي، كان الأمر مقرفًا وقاسيًا…

مجرد فكرة تجربة الموت، ورغم يقينك بأنك ستموت مرة أخرى لا محالة، كانت كفيلة بجلب يأس لا يوصف.

وبعد أن ظننت أنني سأتحرر أخيرًا من حياة العبودية، أُجبرت على عيش حياةٍ أخرى…

أو بالأحرى… أمنية أخرى.

لحسن الحظ – أو هذا ما اعتقدته – أن هذه ستكون الأخيرة.

لكنني كنت مخطئًا.

ما عشته في هذا العالم من غرائب وألم ويأس… لا يُقارن بما مررت به سابقًا.

قد أبدو كالأحمق وأنا أقول إن هذه الحياة كانت أقسى مما قبلها، لكنها الحقيقة.

ألم فقدان من أحببت – مرتين.

ألم لا يُطاق، لا يمكن لأي كائن أن يحتمله.

وأخيرًا… ذلك اليأس المدمر للقلب والروح الذي لم أظن أنني سأتجاوزه يومًا.

وهكذا، بطريقة ما…

ها أنا في طريقي الآن نحو أقوى المسارات التي وُجدت.

طريقي لأصبح فضيلة اليأس.

ورغم ما أصبحت عليه… ما زلت خائفًا.

خائفًا من الغموض الذي يحيط بي دون إجابة.

…....

ملك التنانين.

الملك الأوحد لجميع التنانين.

الآمر والناهي في عشيرة التنانين العظيمة.

لطالما تساءلت… لماذا لا يملك وريثًا حتى الآن، رغم عمره الطويل؟

بينما الأعراق السامية الأخرى تملك مئات الورثة.

وحصلت على جوابي… أخيرًا.

"كم أنا مسرورة بلقائك، تلميذ ملك التنانين العظيم.

اسمح لي بتقديم نفسي… أنا جونيا آل دراغون."

"أعرّفك بها، جونيا… ابنتي الحبيبة!"

أخيرًا… هذا العجوز أنجب وريثًا!

في حين انصدمت أمي، وتلك العجوز من عرق الدرياد، من هذا الخبر،

كنتُ أحاول كتم ضحكتي بصعوبة.

"أيها الشقي… هل تبتسم الآن؟"

أمسكني في النهاية.

"لا، بل كنتُ فقط أتساءل… من والدتها؟ تلك الزوجة المحظوظة التي أنجبت وريثة لعشيرة التنانين~"

"لا تتدخل فيما لا يعنيك، أيها الشقي!"

"على أية حال، إنه لشرفٌ لي أن ألتقي بوريثة عشيرة التنانين الشابة."

لكن… ما السبب الذي استدعاها إلى هنا الآن؟

"أريدك أن تأخذ ابنتي معك خارج العشيرة.

رغم أنها لم تتجاوز العشرين بعد، فهي موهوبة للغاية، وستحتاج إلى بعض الخبرة لتنمو بشكل أفضل."

بحق الـ…

"وهل تظن أنني ذاهب في نزهة؟!"

تقدّم معلمي وأمسك بجونيا من كتفها.

"لدي فكرة عمّا تخطط له.

كل ما عليك فعله هو جعلها تعتني بالفتيات في غيابك.

وبما أن ماريا وكاجسا وكذلك ابنتي مواهب خالصة – مع أن ابنتي أكثر موهبة – فسيتعلمن من بعضهن البعض على أية حال."

تنهدت…

ليس اقتراحًا سيئًا، وسأعتبره ردًّا لدَينٍ فتحه عش التنين من أجلي.

لكن المشكلة… تكمن في قوتها.

لا حاجة لي بحملٍ زائد الآن.

"أعلم فيما تفكر."

هل يقرأ أفكاري؟!

"يمكنني أن أضمن لك أنها أقوى من فتياتك اللطيفات. وإن شككت في كلامي، فاختبرها بنفسك."

"هل أنت متأكد؟"

نظر إليّ معلمي، ثم فكر بصمت.

أدرك أن ما اقترحه قد يكون سيئًا للغاية.

"انسَ الأمر. لا أريد أن يتدمر قصري العزيز بسببك.

لكن… ماذا لو كانت قد ورثت عين التنين مني؟"

إذا كان الأمر كذلك…

فلا مجال للتردد. بأخذها معي، لن أحتاج إلى العودة للتحقق من حالتي، كما أنها ستكون عونًا كبيرًا في البحث عن السيدة آنيا.

"جيد، أتطلع للترحال معكِ، يا جونيا. لا بأس بمناداتي هكذا، صحيح؟"

"أجل، يا سيدي الشاب! وأنا أيضًا أتطلع للمغامرات!"

"ناديني تيلوديس فحسب.

حتى لو كنت أسبقك بالأقدمية، فأنتِ وريثة هذه العشيرة."

والآن…

فكرتُ في أمرٍ غريب…

لم تنطق والدتي بكلمة واحدة منذ دخولي هذا المكان.

"أمي…"

نظرت إلي بنظرة حنونة، تلك النظرات الغريبة التي اعتادت أن تُخفيها… اختفت هذه المرة.

اقتربت مني وقالت بصوت خافت...

"هل ستبحث عن آنيا حقًا؟"

"أجل. لكن… سأهتم أولًا بأمرٍ أجلته طويلًا."

"مع أنني لا أعلم متى سأراك مجددًا…

لكنني سأشتاق إليك كثيرًا.

ويا للأسف… هذه المرة لا أملك سيفًا أثريا أقدمه لك كما فعلتُ سابقًا."

بذكرها للسيف…

سيفي السابق الذي أهدتني إياه قارب على الوصول لنهايته.

"أليس مجرد سيف أثري؟ يمكنك اختيار واحد من خزينة الكنوز الخاصة بالعشيرة"

نطق معلمي فجأة.

"هل رأيت نية سيفي من قبل؟"

"إن لم يكن السيف قادرًا على تحمل نية السيف…

فستحتاج على الأقل إلى سيف مقدس."

سيف مقدس…

أظنني لم أرَ شيئًا مثله في حياتي قط.

"اذهب إلى مملكة المحاربين.

ستحتاج إلى معلومات قبل أن تقدم على أي خطوة.

وإنني متأكد من أنني سمعت شائعات قديمة جدًّا عنه عندما كنت هناك."

قديمة؟ آلاف السنين على الأرجح قد مرت على شائعات كهذه.

لكن معلومات...

أرسلت موجةً صوتية إليه، موجة فريدة، ليسمعها هو فقط دون غيره ممن في القاعة…

فتغيرت ملامحه فجأة.

نظر إلي، وأشار إلى الشمال…

أو بالأحرى… أقصى الشمال.

إذًا…

كنتَ تختبئ هناك...

يا سيّد جميع الأبراج!

….....

بعد ساعات، غادرنا العشيرة.

لم أرغب في وداعٍ درامي، وخصوصًا من والدتي.

لذا شددنا الرحال بسرعة.

– بعد خمس ساعات –

خرجنا أخيرًا من محيط العشيرة.

والشكر لجونيا، لم نضلّ الطريق في تلك المتاهات الهائلة.

"إذا هذا هو… العالم الخارجي!"

كانت جونيا متحمسة بشكل مفرط وهي تحدّق في غروب الشمس بين السهول.

"هل هذه أول مرة لك خارج العشيرة؟"

"أجل! أجل! أنا متحمسة للمغامرات التي سنخوضها!"

ذلك الحماس…

يُذكرني بنفسي، عندما خرجتُ لأول مرة من قريتي في العالم الأول.

عند الغروب، أبطأنا المسير، وبدأنا بالتجهيز للتخييم…

فخطر القارة المظلمة يكمن في ليلها لا نهارها.

انسجمت ماريا وكاجسا بسرعة مع جونيا، ربما لتقارب أعمارهن…

وهذا شيء جيد.

وبينما كنا نعدّ الطعام، شعرتُ بحضورٍ غريب…

كان يتبعنا منذ مغادرتنا العشيرة.

لكني لم أشعر بأي عدائية، لذا تركته…لهذه الليلة فقط.

….....

حلّ الصباح سريعًا.

ظلت الفتيات يتحدثن طيلة الليل – أعلم أنهن متحمسات، لكن الحديث طوال الليل؟!

جمعنا أدوات التخييم، وأكملنا المسير.

وكما توقعت…

ذلك الحضور لا يزال يتبعنا.

هل هو غبي؟

هل يظن أننا لم ننتبه له، وهو يراقبنا بصمت طوال الليل؟

إذا كان بهذا الغباء…

خطرت لي فكرة ممتعة.

همست للفتيات بخطة صغيرة، ثم…

تفرّقنا!

وكما توقعت…

إنه يتبعني أنا بالذات.

حسنًا، لنرَ من يكون عديم الاحترام هذا.

〔مسار الدم – ألف جذع لشجرة الدماء〕

مهارة مخصصة لكبح الخصوم واستنزاف طاقتهم…

لتمسك بهم بدون اي مقاومة…

والعجيب في الأمر انه استطاع قطع المهارة بمهارة سيف غريبة.

"ما بك يا هذا، هل هوايتك مهاجمة الناس بدون سابق انذار؟!"

من هذا؟

---

فصل آخر الغد.

تأليف: Souhayl TP

2025/07/05 · 10 مشاهدة · 979 كلمة
Souhayl TP
نادي الروايات - 2025