الأمنية 57: قديس السيف 2

---------------

لسرد حقيقة افكاري، جلست أفكر ايضا في السؤال…

النية هي تجسيد الفكر، نية السيف هي تجسيد لفكرك عن مسار السيف

النظر لكل شيء على انه مادي هو العقبة بحد ذاتها، اذا كنا نظن ان نية السيف هي مجرد طاقة هائلة اكثر نتحكم بها مثل هالة السيف فلن نستطيع اجتياز هذه العقبة.

نية السيف سميت بالنية لانها نية وليست شيء مادي.

"اذا اخبرني…ما هي نية السيف بالنسبة لك؟"

نظرت إليه مباشرة، وعيناي تبحثان عن شيء خلف نظرته الهادئة.

"ما هي نية السيف… بالنسبة لي؟"

سكت للحظة، كأن السؤال أعاده سنوات إلى الوراء.

"لا أريد إجابة مقاتل… بل إجابة رجل حمل سيفًا وقتا طويلاً بما يكفي ليُجبره على التساؤل."

اهتز برأسه قليلاً، وراح يمرر أصابعه على حافة نصله كما لو كان يتحسس ذكرى قديمة…

ثم همس دون أن يرفع عينيه…

"نية السيف…"

"هي الرغبة في الفهم… قبل أن تكون الرغبة في القتال."

سكت لحظة، ثم أضاف.

"في بدايتي كنت أظنها وسيلة للهيمنة، ثم صارت درعًا لأجل ما ارغب… لكن الآن؟"

رفع بصره نحوي، وعيناه لا تشبهان عيني المحارب الذي قاتلت قبل قليل…

"الآن أظن أن نية السيف… هي الطريقة التي يُحادث بها المرء العالم بواسطة سيفه حين يعجز عن الكلام."

ما ان اجاب على السؤال بدأ سيفه يهتز من ذات نفسه…

**اهتزاز

ابتسمت فرحا من أجله ثم بدأت احكي له قصة قديمة بينما هو لا يدري ما يحدث لسيفه…

"يقال…منذ وقت طويل عندما اخترق احد السيافين جدار ضخم كان يعيق مستواه سمع صوت بكاء طفل…

بكاء حزين وسعيد في الوقت ذاته…

ذلك البكاء اتى من سيفه الذي لازمه لسنين طويلة في مساره"

شعر قديس السيف برنين سيفه عندما حمله بيديه، رنين كاف لتفجير الفولاذ و الصلابة و رنين كاف لتليين المشاعر الباردة.

"لماذا؟ لماذا أسمع بكاء سيفي العزيز؟ لماذا اشعر بهذا الحزن الكبير اتجاهه فجأة؟؟"

اثناء ذلك نظرت الى السيف فنزلت دمعة من عيني بدون ان اشعر..

نفس الشيء بالنسبة لقديس السيف بدأت دموعه بالانهمار بلا توقف.

"أترى هذا؟ سيفك عظيم، عظيم جدا و فخور بنفسه لانه رافقك كل هذه السنين بلا توقف، لكن في مواجهة قلبه لن يكون امامه سوى الشعور بالتحسر و الحزن لانه لم يساعدك في التطور كل هذه السنين لمستوى اعلى…

الى مستوى" قلب السيف""

خفض قديس السيف رأسه، ولم يعد يقوى على النظر إلى نصل سيفه… كأنه يخشى أن يراه يبكي.

أحكم قبضته عليه… لكنه لم يكن يقبض على سلاح، بل على صديقٍ قد فاته أن يستمع له طويلاً.

"قلب… السيف؟"

همس بصوت متحشرج، كأن الكلمة أثقل من أن تُنطق.

أجبته بنبرة هادئة…

"نعم… قلب السيف لا يولد من القوة، بل من الصدق والثقة في سيفك. حين يرى السيف أنك لم تعد تحمله فقط… بل تفهمه، حينها فقط… يبكي."

وما زال سيفه يرتجف، لا خوفاً، بل امتناناً.

……….

استغرق الأمر وقتًا طويلاً…

ساعات مرت كأنها عمر كامل…

كان سيفه لا يزال يهتز بين يديه، لا كآلة فقدت توازنها، بل كقلبٍ انفجر بالبكاء بعد صمت طويل.

وقديس السيف… لم يقل شيئًا.

فقط جلس هناك، وعيناه تتابعان اهتزاز سيفه كأنه يرى فيه ماضيه، أو نفسه.

ربما، للمرة الأولى، بدأ يفهم شيئًا لم يكن في متناول قلبه من قبل.

〔قلب السيف〕

"السياف والسيف… لطالما كانت العلاقة بينهما غير متوازنة.

السياف يقرر، والسيف يُنفذ.

لكن ذروة مسار السيف… لا تكمن في السيطرة، بل في التلاشي."

نظرت إليه وتابعت بنبرة فيها أثر من الهدوء والإيمان

"حين يصبح السيف ذو ذات… والسياف عديم الذات،

حينها فقط، يُمنح السيف الحق في أن يختار متى يُلوَّح، متى يقطع، ومتى يسلب… ومتى يعفو."

سكتُّ لحظة، ثم أضفت…

"ذلك هو قلب السيف… وفي أزمان أخرى، سُمّي بمسار سيف العدم."

مرت نسمة خفيفة، وكأن الريح نفسها توقفت احترامًا لهذا الفهم الجديد.

وقديس السيف، ولأول مرة… لم يبدُ كقديس، بل كطفل صغير يكتشف أن السيف لم يكن يومًا سلاحًا فحسب، بل روحًا كانت تنتظره ليفهمها.

قديس السيف مسح دموعه بكُمّ ردائه، ثم ابتسم في خجل، كأن دموعه خجلت من أن تُرى.

قال بنبرة خفيفة، تكسر السكون…

"لم أتوقع يومًا… أن يعاتبني سيفي."

ثم نظر إلي، نظرة لم تحمل تحديًا هذه المرة، بل احترامًا صادقًا.

"كنت أظنك مجرد موهوب متغطرس… لكن يبدو أنك تحمل شيئًا أعمق بكثير من المهارة."

ابتسمت بخفة، ولم أجب، بل بدأت أمشي بهدوء حتى وقفت في منتصف ساحة القتال وسط السهول، حيث لا ظل ولا مأوى.

مددت يدي نحو السماء، فظهر سيف جديد… لم يكن قديمًا ولا لامعًا، بل بسيط، لكنه ينبض بشيء لا يُرى.

قلت بصوت واضح، والريح تدور حوله…

"حان دوري الآن، لأُريك… أنني لم أكن فقط أحمله، بل كنت أسمعه."

قديس السيف جلس جانبًا، هذه المرة لا ليراقب كخصم… بل كمن ينتظر ولادة لحظة مقدّسة، بعينين هادئتين وقلبٍ مفتوح، كأخ أكبر فخور بأخيه الأصغر.

سيف يبدو من بعيد كسيف حديدي عادي لكن باطنه مختلف عن ظاهره…

ذلك السيف بدى كطفل ولد للتو، طفل فرح بوصوله للعالم الخارجي…

متحمس بدى وكأنه يرقص لكنه كان يرفض ان أمسكه بيداي…

قديس السيف الذي يراقب من بعيد لم يستطع رفع عينيه عن السيف حيث ادرك من اللحظة الأولى أنه ليس سيفا…

بل شيء أعظم من ذلك!

بصوت متردد سأل

"اما تراه عيناي حقيقي…"

عبقري كقديس السيف ادرك بالفعل ان ما اعرضه أمامه شيء يفوق فهمه الذي وصل منذ لحظات فقط الى قلب السيف…

" مسار السيف لانهائي، اذْ هناك ذروة مطلقة لم يصلها اي احد…

مسار السيف لا نهائي، اذْ انه متناقض مع نفسه…

مسار السيف لا نهائي، اذن، لماذا هناك ذروة له؟"

ثلاث جمل حملت معنى مسار السيف لم أدري حتى كيف نطقها لساني…

لكنها احتوت حقيقتان من أهم حقائق السيف…

وعبقري السيف الجالس أمامي فهمها ونطقها دون ان يشعر

" مسار السيف لا حدود له، لكن حدوده يمكن ادراكها…"

"اجل، واحد اهم تلك الحدود التي يمكن ادراكها ضمن مسار السيف الذي لا ينتهي…"

سيف العقل

سيف الروح

سيف العالم

سيف الجبال والأنهار

سيف السماء والأرض

سيف الإمبراطور

اتحاد السيف والجسد

سيف السبب والنتيجة...

ذروة السيف، يمكنك ان تسميها ما شئت طالما تدركها…

لكن…

عندما تدركها لن يوجد شيء لا يمكنك قطعه…

حتى هذا الكون نفسه~

-------------

تأليف: Souhayl TP

2025/07/08 · 12 مشاهدة · 950 كلمة
Souhayl TP
نادي الروايات - 2025