كانت الأمطار تهطل بغزارة، والرعد يزمجر كأنه انفجار.
كان كازوما مستلقيًا على سريره، شعره مبعثر، وعيناه خاويتان—على حافة الجنون.
أضاء البرق الغرفة—فانتفض كازوما مرعوبًا، ممسكًا برأسه، مطبقًا على أسنانه، مغلقًا عينيه بقوة.
طنّت ذبابة باتجاهه.
تفعّلت ردات فعله—قفز، ثم استدار في الهواء، ثم ارتطم ثانية بالسرير.
كازوما (محاولًا تهدئة نفسه، يتنفس بعمق):
"يجب أن أهدأ. لا شيء خطر... فقط اهدأ."
لكن أنفاسه تسارعت. تسلّلت إليه نوبة قلق. حدّق بشدة، ثم فرك عينيه—لكن لم يرَ إلا ضبابًا. رؤيته كانت مشوشة.
فتح فمه ليصرخ، لكنه أغلقه، لا يريد إيقاظ تين ورين.
نهض، يحدّق في كل زاوية من الغرفة، لكن الضباب كان يغشي عينيه.
كازوما:
"ما الذي يحدث لي؟ أنا أُجن..."
سقط أرضًا. كل شيء حوله بدأ يتلاشى. ...أغلق عينيه ببطء...
وتحلّ الشاشة إلى السواد.
صوت يتردّد من بعيد:
الصوت:
"كازوما، استيقظ. انتهى الوقت، هيا!"
فتح عينيه—فرأى رين تهزه لتوقظه. كان مستلقيًا على الأرض، بعيدًا عن سريره.
نهض مرتبكًا، يحكّ رأسه.
رين (بغضب):
"لقد تأخرنا، أيها الأحمق!"
ارتدى كازوما سروالًا أزرق وقميصًا أبيض، وأخذ حقيبته.
تين (مستغربًا):
"لماذا لا ترتدي زيك المعتاد؟"
كان وجه كازوما شاحبًا، وهالات سوداء تحت عينيه بسبب قلة النوم.
كازوما:
"لا أعلم... شعرت فقط برغبة في ارتداء هذا اليوم."
تين (ضاحكًا):
"هاها، افعل ما يحلو لك. هيا إلى المدرسة."
في الصف، بدا كأن كازوما نائم بينما كان المعلم الأصلع يشرح.
المعلم (صارخًا):
"أنت! نائم في صفي؟!"
لكن كازوما لم يكن نائمًا—بل شارداً ينظر من النافذة بحزن عميق.
المعلم (غاضبًا):
"أحمق! لماذا تتجاهلني؟!"
ضحك الطلاب.
رفع كازوما رأسه، صوته متعب:
كازوما:
"آسف. تابع شرحك."
نظر إلى رين، التي عقدت ذراعيها وتنهدت، ثم عادت إلى النظر إلى السبورة.
وضع كازوما راحة يده اليسرى على الجانب الأيمن من رأسه، يحدق من النافذة.
كازوما (يفكر):
"هناك شيء خاطئ بي... أشعر بالخوف... لكن لماذا؟"
بعد المدرسة، خرج الطلاب. كيرا أيضًا غادر.
كازوما (مناديًا):
"سينسي! انتظر!"
توقف كيرا. ركض كازوما نحوه.
رأته رين، رفعت حاجبًا ووضعت إصبعها على ذقنها.
كازوما (بعينين شاحبتين):
"سينسي، أريد أن أسألك شيئًا..."
كيرا:
"تفضل."
كازوما:
"لا أشعر أنني بخير... هل تعرف السبب؟"
كيرا (ضاحكًا):
"هاها! لست طبيبًا، كيف لي أن أعرف؟"
ثم غادر.
ضيّق كازوما عينيه، وخفّض رأسه.
في المنزل، كان تين ورين جالسَين على الكراسي، وكازوما في الحمّام.
تين:
"كيف تسير الدراسة؟"
بدت رين شاردة، تسند خدّها إلى كفّها.
تين:
"هاه؟ بماذا تفكرين؟"
رين (بصوت خافت):
"أنا قلقة على كازوما... تغيّر كثيرًا."
تين (بحاجبين معقودَين):
"هاه؟ فسّري أكثر."
رين:
"تصرفاته صارت غريبة."
خرج كازوما من الحمّام يمشي، وعيناه مغشاتان—لم يكن يرى. تعثر وسقط.
سمع تين ورين صوت الارتطام وركضا إليه.
كان كازوما يزحف كطفل، مشوشًا وأعمى.
تين (يهزّه):
"كازوما! أجبني! ما بك؟!"
كازوما:
"عيناي... ضباب... لا أرى شيئًا..."
رين (تضع يدها على فمها):
"ما العمل؟!"
تين:
"سوف نأخذه للطبيب!"
وحمله بين ذراعيه.
---
في غرفة بيضاء، الطبيب ذو المعطف الأبيض يفحص بصر كازوما—لكنه لم يرَ شيئًا.
تين ورين كانا ينتظران بالخارج على كراسي زرقاء.
خرج الطبيب أخيرًا. نهضا بسرعة.
رين:
"هل عرفت ما به؟"
تين:
"أي أخبار؟"
الطبيب:
"تعالوا إلى مكتبي."
في مكتبه الخشبي، جلس الطبيب ذو الكاريزما العالية.
الطبيب:
"كازوما يعاني من ضغط نفسي شديد للغاية."
تين:
"لكن لم يحدث له شيء صادم..."
الطبيب:
"ربما لا تعرفون كل شيء. سمعت أنه تم نفيه من قريته."
رفعت رين حاجبها نحو تين.
تين:
"سأشرح كل شيء."
الطبيب:
"ارتفاع ضغط دمه من التوتر العقلي سبّب عمى مؤقت. سيحتاج إلى نظارات ليرى بوضوح."
تين:
"يعني... لن يرى مجددًا؟"
الطبيب (بحزم):
"إن لم تكونوا بجانبه الآن، فلن تعودوا قادرين على مساعدته أبدًا. هو بحاجة إلى دعمكم."
دخل تين غرفة كازوما.
تين:
"لنذهب إلى البيت."
نظر إليه كازوما—لكنه لم يرَ شيئًا.
---
في البيت. كان كازوما يرتدي نظارات.
كازوما (مقبوض اليد):
"لقد اتخذت قراري."
تين:
"ما هو؟"
كازوما:
"منذ أن فقدت الشين... أشعر أنني شخص عادي."
تين (مصدوم):
"فقدت الشين؟! لماذا لم تخبرني؟!"
كازوما:
"لم يكن لدي وقت."
رين:
"هل هذا أمر خطير؟"
تين:
"البعض لا يستعيده أبدًا. الشين يتفاعل مع مشاعرك. يختبر أهليتك."
كازوما:
"لم أعد أهتم. قررت أن أعيش حياة عادية... أنسى جين. فليفعل ما يشاء."
تين (بسعادة):
"هذا هو القرار الصحيح."
كازوما (بصوت منخفض):
"لم أُخلق للقتال... أريد السلام."
كازوما:
"اذهبوا أنتم وفوزوا بالبطولة. سأستمتع بشبابي وأنسى القوة."
ثم توجه إلى غرفته، رمى حقيبته، وتمدّد على السرير.
كازوما (متنهّدًا):
"ماذا سأفعل الآن بعد أن تخلّيت عن كل شيء..."
كان مستلقيًا، يحدّق في السقف.
كازوما (محاولًا طمأنة نفسه):
"سأعيش بسلام، أدرس جيدًا، أصبح ثريًا، أتزوج، أنجب أطفالً
ا وأحفادًا... ثم أموت موتة طبيعية. لا جين. لا تارولي وسخافاته."
ثم توقف، تركيزه على السقف.
كازوما (متنهّدًا، منهزمًا):
"لكنني كنت أرغب في حياة بطولية... مليئة بالمعارك... والانتقام... والدعس على وجه أخي."
كازوما (ينهض من مكانه):
"عليّ أن أخرج قليلًا... لعلّ المشي ينعش روحي."
اقترب من الباب، وضع يده على المقبض، وفتحه بهدوء.
...
اللقطات تتوالى، وكازوما يسير في أحد الطرق الفرعية، خطواته متثاقلة، والريح تعبث بشعره الفضي.
وهو يمرّ عبر زقاق ضيق، لمح في أحد الجوانب المحصورة رجلين ينهالان بالضرب على رجل ضعيف، دون رحمة.
عيناه تومضان برغبة في التدخل... لكن، بعد لحظة صمت، أغلق عينيه، وعبر الزقاق دون أن يتوقف.
...
لاحقًا، في مشهد آخر—
كازوما يسير بخطى بطيئة، يصفر لحنًا خافتًا، رافعًا رأسه نحو السماء، كأن العالم لا يخصه.
وفجأة، صرخ صوت عجوز:
العجوز (بتوسّل):
"أرجوكم... ساعدوني! لقد سرقوا حقيبتي وكل مالي!"
كان أحد اللصوص يفرّ، مرتديًا السواد من رأسه حتى قدميه.
لكن كازوما... أغمض عينيه مجددًا، وتابع سيره، كأن شيئًا لم يحدث
في المدرسة، طرح المعلم الأصلع معادلة رياضية على التلاميذ.
حَلّ كازوما المعادلة بسرعة ودقة.
المعلم (بفخر وضحكة):
"أنت تلميذي المفضل."
صفق له التلاميذ بحرارة.
ابتسم كازوما ابتسامة عريضة، وهو ينظر إلى زملائه، وشعر بسعادة لم يشعر بها من قبل.
الطبيب (مبتسمًا بلطف):
"لقد تحسّنت حالة كازوما كثيرًا."
رين:
"هذا خبر رائع!"
تين:
"هاه! أخيرًا!"
خرج كازوما من الغرفة وهو يبتسم—ابتسامة صادقة للمرة الأولى منذ زمن بعيد.
مرّ يومان.
كان كازوما يسير في ممر المدرسة برفقة كيورا.
كيورا (بمزاح لطيف):
"تغيّرت كثيرًا، أليس كذلك؟"
كازوما:
"أشعر... وكأنني سعيد حقًا للمرة الأولى."
اقتربت منه، وتأملت عينيه الفضيتين.
كيورا:
"لم أكن أعلم أن عينيك بهذا الجمال..."
احمرّ وجه كازوما، وفرك مؤخرة رأسه بخجل.
كازوما:
"شكرًا... كلامك لطيف."
كيورا:
"كنت لطيفًا من قبل، لكن النظارات سلبتك بعض الهيبة."
كيورا:
"هل ترغب في نزهة؟"
كازوما (بابتسامة هادئة):
"لم لا؟ لنمضِ."
سارا معًا في ساحة المدرسة، الأشجار تحيط بهما بهدوء.
جلسا على مقعد خشبي تحت ظلالها.
كيورا (بتردد):
"هل يمكنني طرح سؤال جريء؟"
كازوما:
"اسألي ما شئت."
كيورا (وقد احمرّت وجنتاها):
"هل أحببت فتاة من قبل؟"
كازوما (محدّقًا في الأفق):
"لم أفكر في ذلك قط... كنت مشغولًا بالانتقام."
كيورا:
"ولمَ ذلك؟"
كازوما (رافعًا رأسه نحو السماء):
"كان أخي دائمًا يقول إن النساء نقطة ضعف...
أعداء للقوة. آسف، كنت أراهن تشتيتًا عن هدفي."
كازوما:
"لكن ذلك الشخص مات. ربما حان الوقت لأجرّب شيئًا جديدًا...
وأمنح فكرتك فرصة."
كيورا:
"هل تحب أخاك؟"
كازوما (بهدوء):
"لا أعلم... ربما سأنسى الماضي، وأدع الغضب يتلاشى.
أنا أحاول أن أبني نسخة جديدة من نفسي."
وقف كازوما، مدّ يده نحوها.
تفاجأت كيورا، وعيناها قالتا كل شيء.
كازوما:
"شكرًا على حديثك."
ابتسمت وصافحته.
---
خارج المدرسة، كانت رين لا تزال في الداخل.
رأى كازوما مجموعة من الناس يركضون، يحملون دلاء ماء.
كازوما:
"ما الذي يحدث؟"
أدار رأسه فرأى منزلًا تلتهمه النيران.
استدار ليبتعد، خطواته مترددة.
كازوما (يفكر):
"لقد أقسمت أن أعيش حياة طبيعية...
ما شأني بالغرباء؟"
وفجأة، سمع صوتًا مألوفًا.
فتح عينيه—فرأى نفسه القديم واقفًا أمامه.
كازوما القديم:
"لقد دنّست إرثي."
ظل كازوما صامتًا، ينظر إليه بلا رد.
كازوما القديم (باحتقار):
"أنت عار... انظر إلى نفسك—ملابسك، نظاراتك،
مجرد صبي ضعيف.
تقول: ’ما شأني؟‘
لقد صرت لا شيء بدون القوة!"
كازوما (بصوت خافت):
"كنت فقط... أريد التغيير."
كازوما القديم (صارخًا):
"أنت تُهين نفسك!
القوة ليست كل شيء... لكنها تعني شيئًا!"
اندفع كازوما راكضًا، كالسهم، نحو المنزل المشتعل.
غطى وجهه من اللهيب، وهو يشق طريقه بين النيران.
راح يبحث وسط الدخان، يسعل بشدة.
ثم سمع بكاء طفلة... تحت السرير.
ركض نحوها، لكن عارضة خشبية ضخمة سقطت عليه.
سقط لوح خشبي ثقيل على ظهره.
حاول التحرّك، لكن جسده لم يستجب.
نظر إلى الطفلة الصغيرة تبكي من الخوف.
في الخارج، كان الأبوان يبكيان، بينما وقفت رين مذهولة، عاجزة.
في الداخل، كان كازوما ينتظر مصيره.
كازوما (في داخله):
"كنت غبيًا... قلت إن القوة لا تهم...
لكن الحقيقة... أنني كنت ضعيفًا."
استعاد صورة نفسه القديمة.
كازوما:
"القوة مجرد شرارة..."
كازوما (بعينين تشتعلان بالعزم):
"المقاتل الحقيقي لا يحتاج إلى قوة خارقة...
...بل يحتاج إلى إرادة."
انبثقت هالة شفافة من جسده.
صرخ من أعماق قلبه:
كازوما:
"أنا الأقوى... حتى دون قوة!!"
حطم العارضة الخشبية بيديه العاريتين.
سقطت نظاراته.
ركض نحو الطفلة، احتضنها بقوة.
قفز نحو النافذة المحطّمة، يحميها بجسده من شظايا الزجاج والنيران.
شهق الجميع من الصدمة.
وقفت رين مكانها، مشدوهة.
في الهواء، دار كازوما بجسده، مدّ كفه اليسرى.
انفجرت ريح لطيفة خفّفت السقوط.
هبط على الأرض.
ثم اختفى الهواء... وارتطم بالأرض.
غطى الغبار المكان.
ركض الناس نحوه، ورين معهم.
كان لا يزال يحتضن الطفلة، رافعًا إبهامه.
الأم أسرعت لأخذ ابنتها.
الأب (منحنيًا باحترام):
"شكرًا لك، أيها البطل."
لم يقل كازوما شيئًا، فقط ابتسم...
وجهه مغطى بالرماد، وعيناه لامعتان بالفخر.
---
خارج المدرسة، كان كيرا وكيورا يراقبان من بعيد.
كيورا (بهدوء):
"لقد استعاد ثقته بنفسه."
كيرا:
"عنيد كما عهدته... لا يعرف الاستسلام."
كيورا (مبتسمة بثقة):
"أؤمن به...
سيُغير كل شيء."
---
والآن، وتحت ضوء الغروب الذهبي...
غابة ضبابية تتوارى خلف التلال.
كان كازوما واقفًا على الحافة، الرياح تعبث بشَعره الفضي،
وعيناه تبرقان بالأمل.
تين (مناديًا):
"هاه؟ كيف تشعر الآن؟"
استدار كازوما نحوه، فمدّ تين يده وعبث بشعره كعادته.
تين:
"أقلقتنا يا أحمق!"
ضحك كازوما، من قلبه هذه المرة.
اقتربت رين.
رين:
"هل عاد الشين إليك؟"
كازوما:
"في الحريق... عاد.
لكن حتى لو لم يعد...
لا بأس. أنا قوي بدونه."
جلس الجميع يشاهدون ا
لغروب سويًا، بصمتٍ مهيب.
كازوما (صارخًا من أعماقه):
"أشعر أنني وُلدت من جديد!
لم أُخلق لحياة عادية...
لقد خُلقت لأُنقذ الناس!"
شد قبضته، انحنى قليلًا—ثم قفز عاليًا نحو السماء.
كازوما (يصرخ):
"المغامرة تنتظر!!"
[نهاية الفصل]