نعود إلى الحاضر...
كان "تين" جالسًا على الرف، يتأمل القلادة بعيون متعبة.
حلّ الصباح الباكر، وانبثق شروق الشمس فوق قرية نائمة، شوارعها خالية، والمتاجر مغلقة.
في مقدّمة المشهد، نرى "كازوما"، "رين"، "توجي"، "تين" و"هاري" يستعدّون للانطلاق في عربة تجرّها الخيول، يقودها سائق صامت الملامح.
"هارن" يقف في الخلف، يحيط به جنديان يرتديان زيّ الحراس الرسمي، وهو في المنتصف، يبتسم بسخرية.
هارن: (ساخرًا)
"احذروا أن تضلّوا طريقكم."
كازوما: (يرد عليه ببرود)
"وأنت احذر أن تضلّ في قريتك."
أما "تين"، فكان جالسًا وذراعه مضمومة على صدره، رأسه منخفض، ونظراته غارقة في حزنٍ ثقيل.
انطلقت العربة عبر الصحراء الواسعة، التي لا يبدو لها نهاية.
رين: (بنبرة مرتفعة، تنظر إلى تين)
"لا تبدو بخير يا معلمي."
لكن "تين" بقي صامتًا، لم يردّ بكلمة.
رين: (تنادي مجددًا، بقلق)
"معلمي؟ ما بك؟ أين شرد ذهنك؟"
"هاري" كان يراقب بصمت، و"كازوما" وضع يده على كتف "رين"، التي نظرت إليه، فهزّ رأسه نافيًا بلطف.
نظرات "رين" حملت القلق والشفقة.
توجي: (بحماس، وهو يضرب العربة بيده)
"لم أنسَ هزيمة الأمس!"
هاري: (متفاجئ)
"أي هزيمة؟ هل تقاتلت؟"
توجي: (بعينين تلمعان بالحماس)
"كانت آخر انتصار لها، ولن تذوق طعمه مرة أخرى."
كازوما: (يجلس متربعًا، ضيّق عينيه بسخرية)
"أحمق، لقد سمحت لها بهزيمتك... لو كنت مكانك، لما استطاعت لمسي."
توجي:
"لكن... لن أنكر، كانت قوية. أربكتني بكلمة واحدة فقط."
كازوما: (يبدو عليه الفضول)
"نعم... علمت أنها قالت لك شيئًا."
توجي: (واضعًا يديه خلف رأسه، باسترخاء)
"سألتني إن كان يعجبني هذا العالم..."
رين: (رفعت رأسها، متسائلة)
"وما الذي تعنيه بذلك؟"
استمرت العربة بالجري السريع، كأنها تلاحق الريح.
نظر "كازوما" إلى "تين"، فوجده مشدود القبضة، يحدّق بالقلادة.
كازوما: (رافعًا حاجبيه)
"ما الذي تمسكه هناك؟"
تين: (بهدوء)
"إنها... مفتاح هذا العالم."
كازوما: (مستهزئًا وهو يستلقي)
"مجرد قلادة... أي مفتاح تتحدث عنه؟"
تين: (بجدية)
"قد تبدو كقلادة، لكنها بالنسبة لي... روح هذا العالم."
"سأكشف السر الذي أخفاه عني عمي."
نعود إلى فلاش باك قصير...
حين كان "تين" على وشك مغادرة منزل أخيه...
الأخ: (بصوت مرتفع)
"لا تسلّم الصندوق لـ(نيلسون)... إنه آخر ما تبقّى من عائلتنا."
نعود للحاضر...
تين: (بصوت حاسم)
"أفكر في ألا أُسلّم الصندوق لنيلسون."
هاري: (مذهول)
"ما الذي تقوله؟ هل جننت؟!"
رين: (بلطف)
"لكن هذا القرار سيجلب لنا المتاعب..."
كازوما:
"أنت تعلم أن الرئيس وضع ثقته بنا."
تين: (بحزم)
"الصندوق ملكٌ لعمي، وسأحميه كما أحمي حياتي."
دخلت العربة صحراءً شاسعة، حيث الهضاب والمغارات تنتشر من بعيد.
فجأة، ارتطم "كازوما" بـ"توجي"، وسقطت "رين" من ضربة مفاجئة، بينما "هاري" كاد يقع لكنه تماسك.
كازوما: (يرفع صوته، غاضبًا)
"حين تنوي التوقف، أخبرنا على الأقل!"
لكن فجأة، اتّسعت عيناه، وقطرة عرق انسابت على خده…
أمامهم مباشرة، وقفت مجموعة من الرجال بثياب سوداء موحدة، أقنعة تخفي وجوههم، وعلى صدورهم شعار "عقرب".
كانوا خمسة:
أحدهم يحمل عصا خشبية طويلة، يضرب بها كفه الآخر ببطء وتهديد
الثاني يحمل سكينًا
الثالث مسدسًا
الرابع مطرقة
والخامس فأسا ضخمًا، ممسكًا به خلف ظهره، ويده على رقبته
صاحب المطرقة: (بصوته الأجش)
"سلّمونا المخدرات... وسنترككم تعودون إلى دياركم."
توجي: (يقفز من العربة، يثير الغبار، ويرد بثقة)
"أي مخدرات؟ عن ماذا تتحدث؟"
صاحب السكين: (بخشونة)
"سمعتم ما قاله... لا تتظاهروا بالغباء!"
كازوما: (مغمض العينين)
"علينا إيجاد خطة للهروب."
توجي: (بحماس)
"الخطط للضعفاء... الأقوى هو من يضرب أولاً!"
وانطلق راكضًا.
هاري: (يصرخ)
"لا تتسرع!!"
رفع صاحب المسدس سلاحه، وأطلق طلقة سريعة،
"توجي" كان يبتسم بثقة، غير مدرك لسرعة الرصاصة...
بووم!
أُصيب معصمه الأيمن! ضغط على أسنانه، وأغلق عينه اليمنى من الألم، ثم أمسك معصمه المتألم.
هاري: (يتصبب عرقًا)
"أحمق متسرع!"
"توجي" بالكاد يقف، لكنه ثبت قدمه اليمنى وأرجع اليسرى خلفه.
صاحب المسدس: (بهدوء)
"كلمة أخيرة؟"
أطلق رصاصة ثانية... كانت أسرع.
لكن فجأة، حاجز جليدي تشكّل بين الرصاصة و"توجي"، فتجمّدت في مكانها!
فتح "توجي" عينه اليسرى بذهول…
كانت "رين" تقف داخل العربة، كفّها ممدود للأمام، تتنفس بسرعة.
حين همّ المسلّح بإطلاق طلقة أخرى، مدّت "رين" يدها الأخرى، وأطلقت نقطة جليدية سدّت فوهة المسدس، وشكّلت طبقة متجمّدة عليه.
كازوما: (بصوت عالٍ)
"لا تهاجموا الآن! لديّ خطة!"
"توجي" يسير ببطء، مكسورًا، يحاول السيطرة على ألمه.
هاري: (بغضب)
"كم مرة قلت لك لا تتسرع؟!"
توجي: (منزل الرأس)
"آسف..."
هاري:
"الاعتذار لا يصلح الغباء."
اجتمع الفريق، حتى السائق انضمّ إليهم.
كازوما: (مشيرًا للسائق)
"أنت محور الخطة... هل فهمت؟"
السائق لم يردّ.
كازوما: (بثقة)
"سنفتح لك الطريق... عليك المرور."
ثم نظر إلى "رين":
كازوما:
"هل ما زالت لديك القوة؟ لأنكِ من ستغطّيننا."
"رين" جلست في العربة، جمعت كفّيها، وخفضت رأسها.
رين: (بصوت خافت)
"وماذا إن فشلت؟"
كازوما: (يضع يده على كتفها، ويبتسم)
"ليست كل خطة تنجح... وليس كل شخص ينجح.
لكننا سنحاول."
ثم أشار على الأرض، ووزع المهام:
كازوما:
"سأتكفّل بصاحب الفأس.
أنت يا "هاري"، خذ صاحب المطرقة.
المعلم "تين"... لك خصم العصا."
تين: (بفضول)
"وماذا عني؟"
كازوما: (يشير إلى "توجي")
"أنت ستقاتل صاحب المسدس.
إصابتك لن تمنعك، صحيح؟"
وقف الأبطال في مواقعهم:
"تين" في المنتصف
"كازوما" على اليسار
"هاري" على اليمين
"توجي" أمام "هاري"
"رين" داخل العربة، مستعدّة
السائق يتأهّب للانطلاق
المعركة تبدأ...
انطلق الفريقان.
كانت العربة تندفع كالسهم.
هالة "رين" الجليدية تحيط بها.
الفريقان على وشك الاصطدام!
كازوما يقفز، يركل الهواء برجله اليسرى، موجهًا ركلته نحو خصمه…
صاحب الفأس يتراجع، يحني جسده، ويرفع ذراعه لتصدّي الركلة.
الاصطدام قوي.
لكن فجأة، يلوّح خصم "كازوما" بفأسه...
ضربة مفاجئة تصيب كاحل "كازوما" الأيمن...
يتألم، يغمض عينيه بشدّة.
على الجانب الآخر...
"تين" يوجه لكمة يسارية إلى خد خصمه،
لكن في ذات اللحظة، يتلقّى لكمة على خده الآخر!
ضربة مزدوجة.
أما "رين"، فقد أطلقت ألسنة جليدية كالسكاكين، تخترق الهواء بسرعة.
تغطي الرؤية وتشتّت الأعداء.
"هاري" يقف بثبات، يجمع كفّيه، وتظهر خلفه كرات صخرية...
تنطلق بسرعة هائلة نحو الخصوم.
يفاجأ الأعداء، ويقفزون للأعلى لتجنّب الضربتين المتزامنتين...
كان "كازوما" جالسًا على الأرض، ممسكًا بكاحله المصاب بإحكام، يضغط على أسنانه من شدة الألم.
اقترب الرجل حامل الفأس، ووضع حافة نصل فأسه الباردة على رقبة كازوما، مهددًا إياه ألا يتحرك.
في تلك اللحظة، كان الحصان قد مرّ بالفعل ونجح في الهرب.
قفزت "رين" من العربة برشاقة، بينما خفّض "تين" و"هاري" رأسيهما في استسلام.
حامل الفأس (بصوت مهدد):
"إن حاول أحدكم القتال... فودّعوه."
كان "توجي" ملقى على الأرض، فاقدًا للوعي ومقيدًا بإحكام.
هاري (بهمس متوتر لتين):
"علينا أن نستسلم... الصندوق في أمان."
تين (بثقة):
"حسنًا، سندخل. لكن إن حاولوا شيئًا... سنرد."
رفع "تين" و"هاري" أيديهما مستسلمين.
حامل السكين (بضحكة ساخرة):
"هاهاها! إذًا قد قبلتم الخضوع!"
...
في الوقت نفسه، وعلى جبل بعيد، ظهر نفس الشخص الغامض الذي رأيناه في الفصل الأول من المهمة.
كان يرتدي نفس الملابس الداكنة، وشعره يتمايل مع الريح.
نسمع صوتًا خلفه، من أحد أتباعه:
الصوت:
"سيدي... لقد أتممتها."
...
نعود إلى "تين" ورفاقه، الذين كانوا يسيرون عبر ممر ضيّق داخل كهف مظلم.
على جدرانه، كانت مشاعل مشتعلة تضيء الطريق، وتلقي بظلال راقصة.
كان "تين" في المقدمة، يحمل "كازوما" على ظهره.
خلفه "رين"، ثم "توجي"، وأخيرًا "هاري" في المؤخرة.
خلفهم مباشرة، كان أفراد العصابة
يسيرون بصمت، يراقبونهم بعيون كالصقور.
صاحب المطرقة (ساخرًا):
الزعيم بانتظاركم هناك... لينهي أمركم.
كان الزعيم واقفًا إلى يسار الغرفة، خلفه كرسي حجري نُحت بإتقانٍ واضح.
جلس الزعيم عليه بهدوء، واضعًا مرفقيه وكفّيه على ذراعي الكرسي، مظهره يثير الرهبة:
يرتدي قناعًا أسود مطبوعًا عليه ابتسامة عريضة، وعباءةً سوداء من الخارج، حمراء من الداخل، وحذاءً طويلًا أسود، مع قفازات بلاستيكية سوداء تغطي يديه.
صاحب المسدس ركض باتجاهه وانحنى أمامه احترامًا.
الزعيم (بنبرة خشنة وجافة):
هاه... مجرد صغار.
هاري (بنبرة هزلية):
أنا في الأربعين من عمري!
صاحب الفأس (مهددًا):
أظهر الاحترام للزعيم!
الزعيم (بصوت خشن لكن متماسك):
لا بأس... لا بأس... كل ما نريده هو أن نعرف: لماذا تورّطتم في تجارة المخدرات؟
تين (رافعًا رأسه بتحدٍّ):
عن أيّ مخدرات تتحدث؟ لقد جئنا فقط لأجل مهمة تتعلق بصندوق.
الزعيم (بهدوء مظلم):
قبلكم
كثيرون قالوا الشيء ذاته...
الزعيم:
تلك العائلة التي تدّعي الطهارة... ما هم إلا شياطين في هيئة بشر.
(ينهض بثقة)
أنتم ارتكبتم جريمة لا تُغتفر... أنتم من ساعده على تحويل القرية إلى مكان يعجّ بالخوف وانعدام الأمان!
توجي: (يحاول النهوض ويصرخ)
كل ما فعلناه هو إيصال كتاب سري إلى السيد نيلسون!
كازوما: (مكملًا كلام توجي)
هو على حق، لم نرتكب أي خطأ!
الزعيم:
كُفّوا عن التبرير... أريد دليلاً دامغًا يدعم كلامكم.
فجأة، يُسمع صوت من عمق الحجرة:
دعهم، أيها العم... فأنا دليلهم.
التفت الرفاق جميعًا نحوه، والزعيم ثبت نظره على القادم.
كان الأخ واقفًا، مرتديًا معطفًا بنيًا، بهدوء وثبات.
تين: (بوجهٍ متجهم وصوت غاضب)
لا تقل لي... أنك تعمل معهم، يا أخي!
الأخ: (بهدوء وثقة)
لا تتسرّع في الحكم، يا تين... دعنا نُوضّح لك الحقيقة.
الزعيم: (موجّهًا نظراته نحو تين)
هل
هذا... أخوك؟
تين هل هذا انت
وينتهي الفصل