تامي:
لا تُصدّق كل ما يُقال عني يا بُني...
والآن، سأروي لك كل شيء بالتفصيل الممل.
نعود إلى فلاش باك...
كان عمر تامي حينها 28 عامًا، ينتمي لعائلة فقيرة جدًا، يكاد الفقر يُغرقهم من كل جانب.
وكان برفقته صديقة عمره، فتاة ذات شعرٍ أحمر وعيون صفراء، تبلغ من العمر 27 عامًا.
كانت ترافقه دائمًا في كل المناسبات، لا تفوّت له حفلة ولا لقاء.
في أحد الأيام، كان والد نيلسون – سيد القرية آنذاك – يبلغ من العمر 75 عامًا،
أما ابنه نيلسون فكان في الـ27، وكان مُعجبًا بتلك الفتاة، لكنه لم يجرؤ على الاقتراب منها.
فما كان من والد نيلسون إلا أن ذهب إلى منزلها، وقدم لعائلتها مبلغًا طائلًا من المال.
عائلة الفتاة كانت تعاني من فقرٍ شديد، والمال بالنسبة لهم كان فرصة لا تُعوض.
الفتاة ترددت كثيرًا، لكن في النهاية وافقت... بعد أن وعدها والد نيلسون بحياة أفضل.
في ليلة زفاف تامي،
كان يرتدي أجمل ما لديه، يملؤه الفرح، أصدقاؤه والجمهور كله حاضِر.
تامي (بصوت تغمره السعادة):
"هذا أفضل يومٍ في حياتي!"
مرّت ساعتان، ولم تأتِ...
بدأ القلق يتسلل إلى قلبه، فانطلق راكضًا نحو منزلها، عينيه ممتلئتين بالخوف والشك.
وحين وصل إلى الزقاق القريب من منزلها...
تجمّد في مكانه، عيناه اتسعتا من هول ما رأى...
صدمةٌ نفسية عنيفة اجتاحته.
كانت فتاة أحلامه تركب عربة فاخرة، مزينة بالورود، يجرّها حصان أبيض،
وبجوارها والد نيلسون، يأخذها لتكون زوجة لابنه.
رأته... خفضت رأسها، حزينة، ولم تنبس بكلمة.
صعدت إلى العربة، ورحلت.
أما تامي...
فانحنت ركبتاه، وسقط جالسًا في مكانه،
يتصبب العرق من جبينه، والدموع تنهمر من
عينيه،
وصمتٌ ثقيل خيّم على كل شيء...
تامي بعد ذلك تعرّض لصدمة نفسية عميقة.
أغلق على نفسه باب غرفته لستة أشهر كاملة، لا يخرج ولا يتحدث إلى أحد.
وبينما كان غارقًا في وحدته، نشأت صداقة قوية جمعته مع ثلاثة من أقرب أصدقائه، أحدهم كان عم تين.
كان تامي دائم اللهو مع تين وأخيه، وكان يحلم دومًا بأن يصبح غنيًّا، لكنّه كان يرى أن الصداقة أثمن من المال.
عندما بلغ تامي الثلاثين من عمره، التقى بالعم ذات صباح في حديقة عامة هادئة، تحيط بها الأشجار وتداعبها نسائم عليلة.
العم (بصوت خافت):
– لقد اكتشفت أمرًا خطيرًا عن نيلسون.
تامي (بعينين تتوقان للحقيقة):
– ما هو؟ أخبرني، أنا متشوق لمعرفة كل شيء!
العم:
– والد نيلسون يهرّب المخدرات إلى قرية النار مقابل أثمان زهيدة... ولهذا أصبحوا من الأثرياء.
لقد أجريت بحوثًا عنهم؛ كانوا في السابق مجرّد عائلة فقيرة، لا يملكون طعامًا ولا مأوى.
ثم اكتشفوا تجارة المخدرات، وازدهرت حياتهم على حساب الآخرين.
(يتنهّد)
– سيّد القرية ما هو إلا شخص أناني، خطته تعتمد على ابنه نيلسون، وقد جعل أهل القرية يعيشون في فقر شديد ليحافظ على سلطته.
(ينظر إلى الزهور)
– لقد قررت الرحيل عن القرية، ولن أعود إليها أبدًا.
العم:
– ستدخل القرية قريبًا في حرب طاحنة مع عشيرة "تينما"... فكلا الطرفين لا يسعيان سوى للمال والسلطة.
تامي:
– وماذا عن تين؟
العم (بثقة):
– لقد ودّعته، وأخبرته بكل شيء.
أنا واثق أنه سيصبح أقوى... وسيري العالم حقيقة لم يتوقّعوها.
تامي:
– وأنت؟ إلى أين ستذهب؟ هل لديك مكان تقصده؟
العم (يتنفس بعمق):
– لا أعلم حقًا إلى أين، لكنني سأبذل قصارى جهدي لإيصال هذه الشفرة إليه.
تامي:
– أعطني إياها، وسأتولى أمر تسليمها.
العم (يضحك):
– ههه، لا يا تامي... لديك مهمة أخرى.
تامي (يرفع حاجبيه):
– ولماذا عليّ أن أعمل خادمًا لدى أعدائي؟
العم (ينظر إلى السماء):
لقد نجح، وورّط ابن أخي في لعبته القذرة.
تامي (هو الآخر يحدّق في السماء):
وهو أيضًا السبب في موت رفاقي...
العم (ينظر إلى تامي):
أما زلت تحبّها؟
تامي (شعر بالتوتر، وأطرق برأسه):
لستُ أحبّها فقط... بل أعدّها جوهرة لا تقدر بثمن.
العم (ضاحكًا بسخرية):
هاهاها... ستنفذ الخطة، لكن إن أردت ذلك بإرادتك. وإن لم ترد، فلا بأس.
تامي (في عينيه بريق يشبه اللّهب):
أعطني الخطة.
العم (يضحك بخفة):
حسنًا... عائلة نيلسون تربطها معاهدة مع قرية النار،
وهي تتضمّن تفاصيل بيع المخدرات.
مهمّتك أن تعثر على تلك الوثائق...
إنها محفوظة في مكتب السيّد داخل القصر.
خذها، وأرِها لصديقتك...
ربما تقتنع، وتهرب معك.
تامي (وجهه يملؤه التوتر):
هل أنت واثق من نجاح هذه الخطة؟
العم (مغمضًا عينيه، وبنبرة صادقة):
لست أدري... كلّ شيء يعتمد على تصرّفك.
أما أنا، فسأفكّر في كيفية إيقاف هذه الحرب... لكن ليس الآن. سأخطّط.
العم (ينهض ويحمل حقيبته، ثم يلمس قبعته بإيماءة):
إذاً... الأمر بين يديك.
تامي (يبتسم ابتسامة أمل):
اعتنِ بنفسك... يا صديقي.
العم يواصل السير بصمت.
تمرّ ساعة على مغادرته...
يلتقي تامي بأخيه الذي هرب من المنزل،
وعلى وجهه علامات الحزن... عيناه تذرفان الدموع، وخطواته متثاقلة.
كانت الأمطار تهطل بغزارة...
تامي (واقف في شارع خالٍ):
أنت عار على العائلة!
لم يردّ الأخ، واستمرّ في الابتعاد بصمت...
تامي (يصرخ):
أنت السبب في موت أصدقائي!
لولا تجارتك بالمخدرات، لكانوا الآن أحياء!
كان المطر ينهمر بعنف،
والأخ يبكي دون أن ينبس بكلمة.
تامي (بهمس، مخاطبًا نفسه):
لكنّه... لم يكن سوى أداة.
فلماذا أُلقي اللوم عليه؟...
في اليوم التالي، كان تامي واقفًا أمام القصر.
كان القصر في شارعٍ خالٍ من المنازل والمتاجر، وتعلو قبته البيضاء تمثال لأسدٍ ذهبي يلمع تحت ضوء الشمس.
ارتدى تامي ثيابًا فاخرة، وهي ذاتها التي ارتداها يوم زفافه.
احتوى القصر على حديقة أنيقة، تصطف على جانبيها خمسُ شجرات من اليمين وخمسٌ من اليسار.
كان تامي يمشي بخطى مترددة، يظهر عليه التوتر وفقدان الثقة.
تامي (يهمس لنفسه):
"آمل أن يقبل عرضي..."
عندما بلغ الباب، توقف للحظات أمام الدرج المؤدي إليه، تتوسطه أعمدة بيضاء تدعم واجهة القصر.
بدا عليه التردد في طرق الباب، وارتسم التوتر واضحًا على ملامحه.
طرق الباب أخيرًا.
فُتح، لتظهر خادمة ترتدي زيًّا أبيض خاصًا بالخدم.
الخادمة:
"تفضل يا سيدي."
دخل تامي مستقيم الجسد، رغم ما يعتريه من قلق.
كان بهو القصر يضم درجًا في المنتصف، وعلى يساره المطبخ، بينما يوجد الحمام جهة اليمين، وبجانبه صالة استقبال.
يقابل المطبخ طاولة مزينة بالأزهار والورود الملونة.
صعد تامي برفقة الخادمة السلالم.
وفي الطابق الأول، امتدّت سجادة طويلة تغطي الممر من بدايته حتى نهايته.
في مدخل الممر، كان مكتب السيّد.
طرقت الخادمة الباب.
والد نيلسون (بصوت مرتفع):
"أدخليه."
الأب نيلسون كان جالسًا خلف مكتبه، وقد بان عليه الشيب وتجاعيد الشيخوخة.
أشار لتامي بالجلوس.
تامي (بابتسامة خبيثة):
مرحبًا سيدي، جئت لأمر... ويسعدني كثيرًا أن توافق عليه.
وضع والد نيلسون ورقة على سطح المكتب، ثم قال بعجرفة:
والد نيلسون:
أكنت تحلم بالعمل في قصري... وخجلت من طلبه؟
تامي لم يفهم شيئًا، فرفع حاجبه الأيسر وخفض الأيمن بابتسامة متوترة.
تامي:
نعم، لقد كنت أحلم بالعمل فعلًا.
والد نيلسون:
لا داعي للخجل... لولا الرسالة التي أرسلها والدك، لما علمت بالأمر.
تامي (في نفسه):
ما الذي يحدث؟ عن أي رسالة يتحدث؟
والد نيلسون:
سأوكل إليك مهمة حراسة بوابة القصر.
تامي (بابتسامة مصطنعة):
شكرًا لك، سيدي. هذا العمل يناسبني تمامًا.
ثم صافحه تامي وغادر.
---
في وقت لاحق، كان تامي واقفًا أمام بوابة القصر.
وصل ساعي بريد على دراجة، وكان يحمل حقيبة حمراء. نظر إلى تامي وسأله:
ساعي البريد:
هل أنت السيد تامي؟
تامي:
نعم.
ساعي البريد (يناوله رسالة):
هذه لك.
فتح تامي الرسالة وهو يتساءل:
من يكون المُرسِل يا ترى؟
كانت الرسالة تقول:
> "تامي، أنا عمّك... لا تُفسد ما خططنا له. أعتمد عليك.
بالمناسبة، سهّلتُ لك الحصول على هذا العمل،
فقد كنت أنا من كتب الرسالة وادّعيت أنني والدك."
وينتهي الفصل