الفصل الثاني ــ التحول الى وجبه الثعبان
في غرفة مظلمة في مستودع مهجور،
كنت أتنفس.
وكان كل نفس يبدو كصدى ضائع في قاعة فارغة — يخرج ولا يعود.
وبينما كنت مربوطًا على مقعد حديدي،
كيف عرفت؟ أنا لا أستطيع الرؤية.
كان مجرد التخمين.
تخمينٌ يشبه محاولة قراءة كتاب في غرفة بلا نور — تعرف أنه هناك، لكنك لا ترى سوى الظلام.
"ألا يوجد شخص؟ رجاء!"
أطلب المساعدة.
صوتي يهتز كما يهتز وتر غيتار مكسور — نبرة يائسة في مكان لا يسمع فيه أحد.
منذ استيقظت،
لقد كنت مازلت بوضعية الجلوس الغريبة.
أن ظهري لم يؤلمني حتى بعد هذه الفترة من البقاء في نفس الوضعية.
كان الأمر مريبًا — كأن ظهري قرر أن يكون بطلًا في تحمل الألم دون شكوى.
لم يستمر الأمر كذلك،
حتى سمعت صوتًا يشبه صرير الباب حينما يفتح.
لقد كان صوتًا ثقيلًا،
يجعلني أتخيل أن الباب يجب أن يكون مصنوعًا من المعدن.
معدنٍ ثقيلٍ كقلب لم يعد ينبض إلا بصعوبة.
ثم في الثانية التالية،
سمعت صوت امرأة تتحدث معي.
".. أوه، يبدو أنك استيقظت أيها الصغير.."
صوتها كان كنسيم شتوي — باردٌ لكنه يحمل رائحة شيءٍ قديم.
"لقد أخذت الكثير من الوقت.."
كأن نومي كان رحلة غير مدعوة، وأنا الآن أعاقب على التأخير.
كان الصوت أنثويًا وباردًا،
لكن في نفس الوقت لم يجعلني سوى أتذكر أحداث ما قبل فقدان الوعي.
كانت هي من جلبني إلى هذا المكان.
قلت وأنا أحاول أن أبدو شجاعًا:
"على الأقل بسبب ما، لم أكن خائفًا بنفس القدر الذي قلته في الميناء حينما استيقظت."
نعم، أحاول أن أكون شجاعًا — كقطٍ يحاول أن يبدو كأسدٍ وهو يرتجف.
".. من أنت؟ ولماذا جلبتني إلى هذا المكان؟"
كلماتي تخرج كفقاعات في بحر من الخوف.
"أرجوك، أنا حقًا أعدك، لن أقول شيئًا."
"سوف أنسى كل شيء، أرجوك فقط اجعليني أرحل."
أعدك — وكأن وعودي لها قيمة في هذا المكان المهجور.
سمعت ضحكتها المريبة،
قبل أن تصمت على ما يبدو لمدة دقيقة واحدة.
شعرت أنني أصبحت أقطر عرقًا،
وأنا أشعر أن هناك ضغطًا يلتف حولي كالثعبان.
كأن ثعبانًا خفيًا يلفّ حول روحي — لا تراه، لكنك تشعر بأنفاسه.
لم يدرك إيلون أن هناك ثعبانًا بطول 10 أمتار يلتف حوله،
وينظر إليه بعيونه الحمراء.
عينان حمراوان كجمرتين في ليلة مظلمة — تنظران وكأنهما تريان كل شيء.
بينما كانت المرأة من بعيد تجلس على مقعد آخر،
أمام شاشة الكمبيوتر.
كان صوت الصرير الذي سمعه،
وصوت حركة الثعبان وهو يلتف حوله ببطء.
لو كان يستطيع رؤية المشهد،
لكان قد خاف لدرجة الموت.
لكنه كان معصوب العينين،
مربوطًا بإحكام.
بالإضافة إلى أن هناك سلاسل تمنع حركته.
سلاسلٌ باردةٌ كقلب لم يعد ينبض إلا خوفًا.
بينما كانت المرأة ذات الشعر الأسود تنظر إلى شاشة الكمبيوتر،
وكأنها تفكر بشيء،
قبل أن تقول:
".. حسنًا، أظن أنني بحاجة إلى بعض الرفقة في النهاية."
"أكره الوحدة، أليس كذلك يا صغيري؟"
كلماتها كانت تحمل نبرةً سامة — كعسلٍ ممزوجٍ بالسم.
كان يظن أنها تتحدث معه،
لكن الغريب أنه سمع صوتًا قريبًا منه.
همسة قريبة — كأن ثعبانًا يتنفس في أذنه.
بسبب غريب،
تذكر شكل ثعبان أسود التف حول رقبته قبل أن يفقد الوعي في المرة الأخيرة.
خطرت له فكرة فظيعة،
لكنه قام بإيقاف التفكير.
للأسف، عقله قالها بدون وعي:
"مستحيل! هذا الثعبان ليس ملتفًا حولي، صحيح؟"
سؤالٌ يائس — كمن يسأل النار إن كانت تحترق.
لكن قبل أن يزداد تفكيره سوءًا،
وتأتي إليه بعض الخيالات الغريبة حول موته أثناء تناوله من قبل ثعبان سام،
بدأ صوت الصرير يبتعد عنه.
الثعبان الذي لم يستطع إيلون أن يراه،
بدأ يبتعد شيئًا فشيئًا،
حتى فجأة تحول إلى غبار من الظلال.
غبارٌ كأنه سرابٌ يتبخر في الهواء.
المرأة التي كانت تنظر إلى شاشة الكمبيوتر،
أصبحت قريبة من إيلون.
وضعت يدها على غطاء العيون،
وقامت بإزالته.
لم يكن هناك الكثير من الضوء في المستودع الذي كانوا فيه،
لذلك لم تضرب أشعة الشمس عيون إيلون.
لكن مع ذلك،
احتاج أن يغلق عينيه عدة مرات حتى يستطيع الرؤية من جديد.
فتاة ترتدي قناعًا يخفي نصف وجهها.
شعرها أسود طويل،
وعيونها حمراء كالدم.
بشرتها شاحبة،
مع ذلك كان هناك هالة مشؤومة تلتف حولها.
هالةٌ كضبابٍ أسود — تحيط بها كظلٍّ لا يغادر.
ضحكت تلك الفتاة أمام إيلون،
قبل أن تقول:
".. إذاً، هل أنت مستعد لكي تنفذ الصفقة بيننا؟"
صوتها كان كسكينٍ حاد — يقطع الهواء والخيارات معًا.
لم يعرف لماذا،
لكنه عرف أنه عليه أن يجيب بالإيجاب،
وإلا سوف يتحول الى وجبه ثعبان في اللحظة التالية.
لم يكن هناك من يخبره بذلك،
لكن غريزته، رغبته بالبقاء، كانت تصرخ عليه بلا توقف في صدره.
"نعم! نعم! بالتأكيد! سوف أفعل أي شيء! أرجوك!"
قال ذلك وهو يهز رأسه بجنون.
كأن رأسه أصبح آلة هزازة — تتحرك من تلقاء نفسها.
توقفت المرأة وابتعدت،
جلست في مقعد أبعد عنه قليلاً،
ونظرت إليه،
ثم قالت:
"حسنًا أيها الغر."
"سوف أعرفك من أنا الآن."
أشارت إلى نفسها بإصبعها بطريقة غير رسمية.
"اسمي فايبر.."
"أنا أحد الخارقين.. الموجودين حول العالم.."
"أعمل لصيد الأشخاص الذين يبيعون السائل الأزرق."
كلماتها كانت تخرج كرصاصات — كل كلمة تُطلق بحذر.
ثم توقفت وهي تشير إليه:
"وأنت يا فتى، يبدو أنك حصلت على هذا السائل، وبطريقة ما قمت بالاستفادة منه."
"لذلك سوف أسألك بهدوء: من الأفضل ألا تخدع نفسك وتظن أنك يمكنك الكذب علي."
"من أين حصلت على السائل الأزرق؟"
سؤالٌ كان ينتظره — كضيف ثقيل لا مفر منه.
الخارقون؟ يبيعون السائل الأزرق؟ فايبر؟
كلمات تخرج من فم المرأة أمامه،
لكنه غير قادر على معالجتها.
لطالما اعتقد أنه لم يكن ذكيًا في المدرسة بذلك الذكاء الخارق،
ولكنه كان دائمًا جيدًا،
لذلك كان يعتبر نفسه ذكيًا.
لكنه في هذه اللحظة،
شعر أنه أغبى من الأغبياء.
كأن ذكاءه قرر أن يأخذ إجازة فجأة.
لكنه بالتأكيد كان بحاجة لكي يقول شيئًا،
لأنه عرف سؤالها.
"اليد السوداء.."
"لقد اكتشفنا أنا وأصدقائي نوعًا من صفقات بيع المخدرات بالخطأ."
"حينها تم اكتشافنا."
"بعد ذلك، تم إخبارنا أنا وأصدقائي أن نقوم بإرسال هذا الشيء الذي يدعى بالسائل الأزرق لشخص ما."
"انتظرناه بالميناء، ولكن—"
توقف قليلاً وهو يتذكر ذاك المشهد الذي ظهر فيهم انفجار من المدينة،
واتسعت عيناه.
"المدينة! لقد انفجرت!"
"بعد ذلك فقدت الوعي."
"ما الذي حدث؟ أصدقائي؟ جدتي؟"
"أرجوك أخبريني، ما الذي يحدث بحق الجحيم؟"
كان الذعر قد غلب مشاعره الأخرى،
لدرجة أنه لم يلاحظ أن الهالة الزرقاء أصبحت تلتف حول جسده.
فجأة، اقتربت فايبر منه،
ووضعت يدها على رأسه،
وقالت بصوت هادئ ولكن مخيف:
"من الأفضل أن تهدأ."
قبل أن يدرك ما الذي يحدث،
شعر بموجة من الضغط تلتف حوله.
كانت قوية لدرجة أنها جعلته غير قادر على التنفس لحظات.
كأن الهواء حوله أصبح حجرًا — يضغط على صدره.
لكن هذا أيضًا جعله يتوقف عن التفكير قليلاً،
واستمع إلى فايبر.
"السائل الأزرق الذي.. أعطوك إياه، هو منشط خطير."
"يستخدم لتطوير الخارقين، أو لإعطائهم قوة خارقة."
"في نفس الوقت، يستخدم لتنشيط قوة خارقة نائمة في الجسد البشري."
كلماتها كانت تشرح،
وكأنها تقرأ من دليل استخدام — لكن الدليل مكتوب بلغة الموت.
"أنا محققة، وظيفتي إمساك هؤلاء الأشخاص الذين يبيعونه.."
"وللأسف، لوس أنجلوس قد دمرت.."
"لقد حدث قتال بين مكتب التحقيقات الفيدرالي.. ومنظمة الصعود التنانين.."
"وذلك تسبب بحرب شديدة قد دمرت لوس أنجلوس."
كلماتها كانت كالمطر — كل كلمة قطرة تمحو مدينة.
كانت فايبر تشرح لي بكل هدوء كل ما حدث،
لكن عقلي لم يستطع التصديق.
المدينة التي كنت أعيش فيها قد تدمرت؟
مكتب التحقيقات الفيدرالية؟ ومنظمة صعود التنانين؟
كنت أرغب بمقاطعتها،
ولكنني استمعت.
عيوني كانت تركز عليها وهي تتحدث،
وأنا مليء بالصدمة.
كأن العالم كله انقلب — وأنا ما زلت أحاول الوقوف.
".. لا أعرف لماذا حدثت هذه الحرب بين المنظمات، لكنني أعرف شيئًا واحدًا:"
"أنهم قد قاموا بشيء ما باستخدام السائل الأزرق.."
"وقد يكون ذلك السبب حدوث الحرب في ذلك المكان."
"نحن الآن في مكان مخفي في الجبال."
"نوع من القاعدة السرية الخاصة بي.."
"يمكنك أن تفكر فيها بهذه الطريقة."
"باقي الأمور سوف أشرحها لك في الوقت المناسب."
"هل فهمت؟"
سؤالٌ كان يحمل تهديدًا خفيًا — كسيفٍ مُعلق فوق رقبته.
لم يكن هناك طريقة أقول فيها أنني لم أفهم شيئًا.
كانت المعلومات قليلة،
ولكنها بنفس الوقت صادمة بالنسبة لي.
عيوني قد فقدت الضوء الخاص بها.
كأن النور في داخلي انطفأ — ولم يعد هناك ما يضيء.
فايبر حدقت بالشاب وتأملت قليلاً،
قبل أن تدير رأسها،
لأنها اعتقدت أنه ليس مهمًا.
لقد كان هذا الشاب قد حصل على قوة خارقة من السائل الأزرق.
لا تعرف هي ما هي هذه القوة التي استيقظت لديه،
لكن بما أنه مستيقظ، قد تحتاج إلى تدريبه بشكل جيد إذا أرادت استخدامه.
بالإضافة إلى ذلك،
نظرت إلى شاشة الكمبيوتر،
والتي كان عليها شعار يشبه التنين الذي ينظر إلى السماء.
ـ منظمة صعود التنانين سوف تكون قريبة.
أظن أن العالم بكامله سوف يعرف ما حدث في تلك المدينة.
قد تكون هذه بداية حرب شديدة بين المنظمات،
وقد يكون ذلك مرئيًا للعالم.
كأن الستار قد ارتفع — والمسرحية لم تعد سرًا.
---
📖 **كلمة من الكاتب إلى القراء الأعزاء:**
أتمنى أن تكونوا قد استمتعتم بهذا الفصل كما استمتعتُ أنا بكتابته!
إذا كان لديكم أي رأي أو ملاحظة — سواء كانت نقدًا أو إعجابًا أو حتى نكتة — فلا تترددوا في مشاركتها.
آراؤكم تساعدني في تحسين العمل وجعله أكثر متعة وتشويقًا.
شكرًا لكم على وقتكم، وكل الشكر لمن يقرأ حتى النهاية!
😊📚