لم يتعرف عليه ليام وهو يراقب الرجل من بعيد وهو يقف خلف جدار بعيد.

استلمت حواء العملات وأخذت كيس اللحم إلى الداخل. انصرف الصياد بعدها.

تسلل ليام خلفه بهدوء، وهو يغطي رأسه ويحافظ على مسافة آمنة.

شوارع أوكلاد تكون أكثر ازدحامًا في النهار، وهذا سمح لليام بالاختباء بين الناس.

في البعد، شاهد مبنى النقابة، والبدا واضحًا أن الصياد يتجه نحوه.

مر نصف ساعة، وقل عدد الناس كلما ابتعدا، وهذا صعّب على ليام إخفاء نفسه.

"لعنة! لن أستطيع اللحاق به هكذا." تمتم ليام واضطر أن يبتعد أكثر.

لكن الطريق الذي سلكه الصياد كان غريبًا، فهو عبارة عن أزقة خلفية مظلمة تؤدي إلى منطقة النقابة.

"هل يرى أني أتبعه؟" تساءل ليام وهو يلقي نظرة سريعة من الزاوية.

ولكن الصياد اختفى.

"ماذا تريد؟"

خرج صوت أجش من خلفه، وشعر ليام بضغط قوي على رأسه.

"ماذا بحق الجحيم أقول؟"

استدار ليام ببطء، ونظرة تحدٍ على وجهه الباهت رغم شعوره بالدوار.

"من فضلك... علمني القتال."

بعد أن قال هذه الكلمات، خف الضغط تدريجياً، وهذا سمح لليام برؤية ملامح وجه الصياد.

كان وجهه جادًا مليئًا بالندوب، وتعابيره صعبة التفسير. بدا في منتصف العمر، لكن هالته تشير إلى قوة غريبة.

عينا الرجل البنيتان كانتا قويتين، وقامته الطويلة الممتلئة تمنحه مظهرًا مخيفًا.

"لماذا تريد أن تتعلم؟" سأل أخيرًا وحدقته ثابتة مع ليام.

بعد توقف قصير، أجاب ليام بصدق:

"أريد القوة."

اتسعت عينا الصياد قليلاً من الدهشة، لكنها عادت إلى طبيعتها بسرعة.

استعاد ذكريات ماضيه، وتذكر نفسه وهو يقول نفس الشيء.

"يا له من صبي جريء وطموح. إذا أراد أن يسلك هذا الطريق... فلن أقف في طريقه."

"عشر ثواني"، قال الرجل بنظرة توقع. "اصبر لعشر ثواني، وسأعلمك."

كاد ليام يضحك.

لقد عانى طوال حياته! ماذا يمكن أن تفعل عشر ثوانٍ فقط؟

"اتفقنا"، وافق ليام على الفور. "كيف أصبر؟"

"لا تقلق الآن"، رفض الرجل الإجابة. "بالمناسبة، أنا لويد كاهل، وأنت؟"

"ليام-"

لم يكمل ليام جملته عندما شعر بضغط هائل يصيب عقله، وكأن رأسه قد وضع تحت عجلة عربة.

واحد. اثنان. ثلاثة.

شعرت الثواني وكأنها ساعات، وكان قلب ليام ينبض بقوة. وجهه وجسده كانا يعرقان بغزارة، والضغط على رأسه لم يتوقف.

أربعة. خمسة. ستة.

في هذه اللحظة، بدأ وعي ليام يضعف. انثنت ركبتاه وسقط على الأرض. أغمض عينيه والظلام بدأ يحجب رؤيته، وكانت أطرافه ترتجف بشدة.

"لا!" تمكن ليام من التفكير بصعوبة، وفتح عينيه على مصراعين وهو يعض لسانه بقوة.

دفق الدم من جرحه وملأ فمه، مما جعله ي بصقه بقوة.

ومع ذلك، فإن الألم الحاد من لسانه المصاب أبقاه واعيًا بالكاد خلال الثواني الأربعة التالية.

لم يخفِ وجه لويد دهشته مما رآه. ('هذا الفتى قد يكون مميزًا حقًا.') أدرك لويد وهو يحاول تفحص حالة ليام.

رفع ليام يده رافضًا أي مساعدة وهو يحاول النهوض بصعوبة. "هل ستعلمني الآن أم لا؟" سأل بصعوبة بسبب لسانه المصاب.

ابتسم لويد وحرك معصمه وكأنما يسحب شيئًا من الهواء. وفجأة، ظهر حبة دواء خضراء بحجم الإبهام في راحة يده أمام عيني ليام المذهولتين.

"اخلعها. ستساعد على شفاء لسانك."

فعل ليام ما قيل له. كان طعم حبة الدواء مرًا للغاية، لكنها سرعان ما ملأت جسمه بطاقة دافئة. وبدأ الجرح على لسانه بالتحسن شيئًا فشيئًا، وبعد لحظة لم يبقَ أي أثر للإصابة.

"ما هذا؟" سأل ليام بدهشة. أدرك حينها أن العالم الذي أتى إليه أكثر تقدمًا بكثير من الأرض. "كيف ظهر هذا فجأة؟"

"هذا دواء علاج سريع. قلت لك أني سأعلمك القتال، وهذا ما سيكون. ستتعلم كل شيء في الوقت المناسب." تنهد لويد ثم أشار إلى ليام أن يتبعه.

أومأ ليام وتبعه.

سأل لويد وهو يمشي تجاه مبنى النقابة: "هل تعرف مسبقًا ما هي النقابات؟ ماذا عن القتال؟"

هز ليام رأسه. "فقط الأسماء. ليس لدي أي فكرة عن ماهية 'بحر الوعي'."

اقترب الاثنان من مبنى النقابة. وقف جنود مدرعون يتكئون على رماح حادة عند المدخل الكبير، وقطبوا وجوههم عندما رأوا ليام.

ألقى لويد عليهم نظرة سريعة تفهموها على الفور، وسمح الحراس لهم بالمرور.

('هل هو مهم أم شيء من هذا القبيل؟') لم يستطع ليام منع نفسه من التفكير بذلك وهو يدخل المبنى.

بدا الجزء الداخلي كبار فخم، مليء بالمشروبات المختلفة ومزود بطاولات خشبية.

على جانبي الغرفة، وجدت سلالم تنزل إلى الأسفل.

كان رجال يرتدون ملابس مشابهة للويد يجلسون حول الطاولات، وبأيديهم أكواب من البيرة. كانوا في حالة سكر شديد لدرجة أنهم لم ينتبهوا للطفل الصغير.

نزل لويد الدرج، وتبعه ليام عن كثب.

قادهم الطابق السفلي إلى ممر يؤدي إلى كشك صغير فارغ. يوجد حجرة صغيرة مجوفة على جانبه.

أخرج لويد زرًا صغيرًا من ياقة قميصه وأدخله في الفتحة.

بعد لحظة، دوى صوت دوار حولهم، وأغلقت أبواب الكشك من تلقاء نفسها.

('مصعد؟') فكر ليام بعيون واسعة. ('ظننت أن ليس لديهم كهرباء؟')

مرت لحظات قليلة قبل أن يتوقف 'المصعد' وتفتح أبوابه.

عكست عينا ليام الخضراوتان مدينة كبيرة تحت الأرض، مضاءة بثريات عملاقة براقة تتدلى من السقف.

'لا بد أنك تمزح معي.'

2024/05/20 · 185 مشاهدة · 752 كلمة
محمد
نادي الروايات - 2025