طوكيو، 1989

كان المطر يهطل بغزارة في تلك الليلة، والأضواء الخافتة للشوارع تتلألأ بين برك الماء المتناثرة على الأرصفة. في أحد الأحياء القديمة في طوكيو، كان المقهى الصغير "يوكيمورا" يجذب زبائنه المعتادين. كان المكان دافئًا ومريحًا، يملأه ضجيج المحادثات الهادئة ورائحة القهوة الطازجة.

جلس في الزاوية شاب وحيد، شارد الذهن، يراقب بخبث المارة عبر النافذة. كان "إيزومي كاي" ذو الثلاثين عامًا رجلاً طويل القامة، نحيل البنية، بملامح حادة ونظرة باردة. لم يكن يتحدث كثيرًا، ولكن عندما يفعل، كانت كلماته تقطع كالسكين.

إيزومي (محدثًا نفسه بصوت منخفض): "هذه المدينة مليئة بالأقنعة، لا أحد يظهر وجهه الحقيقي."

كان يعمل كمحقق خاص، وهي وظيفة تناسب طبيعته اللامبالية والعدوانية. في هذه الليلة، كان ينتظر زبونًا جديدًا، لم يكن يعلم أن هذه القضية ستغير حياته بالكامل.

لقاء غامض

دخلت إلى المقهى امرأة في أواخر الثلاثينيات، تحمل مظلة مبللة. كانت "يامادا ناتسو" ترتدي معطفًا رماديًا وقد تدلت خصلات شعرها الأسود على كتفيها. تقدمت نحو إيزومي وجلست أمامه دون دعوة.

يامادا: "السيد إيزومي كاي، أليس كذلك؟"

إيزومي (ببرود): "نعم، ماذا لديكِ؟"

قدمت له مظروفًا بنيًا. فتحه بيديه اللتين لم ترتجفا ولو للحظة. كان يحتوي على صور لامرأة شابة وبعض المستندات.

يامادا: "هذه ابنتي، هارونا. اختفت منذ أسبوعين. أريدك أن تجدها."

لم يظهر على إيزومي أي تعبير. قلب الصور واحدة تلو الأخرى. كانت هارونا تبدو فتاة سعيدة، ولكن هناك شيئًا ما في عينيها.

إيزومي: "هل أبلغتم الشرطة؟"

يامادا (بغضب مكبوت): "نعم، ولكنهم لم يفعلوا شيئًا. أحتاج لمن يذهب إلى ما هو أبعد من التحقيقات الرسمية."

أومأ إيزومي برأسه، وأخذ المظروف ووضعه في حقيبته. نهض واقفًا، وقبل أن يغادر، نظر إلى يامادا وقال:

إيزومي: "سأجدها، ولكن لا تتوقعي أن تعودي بنفس الشخص."

البداية

في الليلة التالية، بدأ إيزومي تحقيقاته. توجه إلى الشقة الصغيرة التي كانت تقيم فيها هارونا. المكان كان مرتبًا بعناية، ولكن هناك شيئًا غير مريح في الجو. بحث في الغرف، فتح الأدراج والخزائن، ووجد مذكرات هارونا. كانت مليئة بالرسوم والخربشات، وكلمات غير مترابطة.

إيزومي (يفكر): "كانت تعاني من شيء ما، لكن ماذا؟"

بينما كان يتصفح المذكرات، وجد صورة جماعية قديمة. تعرف على وجه واحد فيها، كان لصديقه القديم "أوياما كين"، الرجل الذي لم يكن يود أن يتذكره.

إيزومي (بصوت منخفض): "كين..."

كانت الذكريات تعود بقوة. كان كين شريكه في الجرائم الصغيرة في الماضي، قبل أن يتفرق بهما السبيل. كان لديه تأثير سيء على كل من حوله، وإيزومي يعرف ذلك جيدًا.

قرر إيزومي زيارة كين في شقته القديمة، ربما يكون لديه إجابات. لكنه كان يعلم أن هذه الزيارة ستفتح أبوابًا مغلقة من ماضيه المظلم.

لقاء مع الماضي

وقف إيزومي أمام باب شقة كين، تردد لوهلة قبل أن يطرق الباب. فتح كين الباب، وكان يبدو عليه الاستغراب.

كين: "إيزومي؟ ماذا تفعل هنا؟"

إيزومي (ببرود): "نحتاج للحديث."

دخل إيزومي إلى الشقة، وأغلق الباب خلفه. كانت الشقة مملوءة بالعديد من الأشياء العشوائية، تمامًا كما يتذكرها.

كين: "ما الأمر؟ لم أرك منذ سنوات."

إيزومي: "هارونا. تعرفها، أليس كذلك؟"

تغير تعبير كين، وظهرت علامات التوتر على وجهه.

كين (بتوتر): "لماذا تسأل عنها؟"

إيزومي (بنبرة تهديد): "اختفت. وأعتقد أنك تعرف شيئًا عن ذلك."

بدا كين مضطربًا، وكأن هناك صراع داخلي.

كين: "إيزومي، لم أكن أريد أن أتورط في هذا... إنها مسألة خطيرة."

إيزومي (بإصرار): "ما الذي تعرفه؟"

اقترب إيزومي بخطوات ثابتة نحو كين، مما أجبره على الاعتراف.

كين (بصوت منخفض): "كانت تبحث عن والدها البيولوجي. اكتشفت أمورًا لم يكن ينبغي لها معرفتها."

نظر إيزومي بحدة إلى كين، وكانت هناك أسئلة عديدة تدور في ذهنه.

إيزومي: "وأين هي الآن؟"

كين: "لا أعلم، لكنها كانت تتحدث عن مقابلة شخص ما في ناغويا. ربما هناك تجد إجابات."

أومأ إيزومي برأسه وخرج من الشقة، تاركًا كين خلفه. كانت لديه الآن خيط واحد يقوده إلى ناغويا، وهناك، كانت الحقيقة تنتظره.

بدأت رحلة إيزومي إلى ناغويا، وهو يعلم أن هذه الرحلة ستكشف أسرارًا أكثر مما توقع.

2024/08/01 · 10 مشاهدة · 596 كلمة
نادي الروايات - 2024