🕯️ الفصل الثاني: الضيفة
سأروي لك الآن أمرًا غريبًا جدًا، حتى أنك ستحتاج إلى كامل إيمانك بصدقي لتصدق ما سأقول. ومع غرابته، فهو حقيقة... وأنا شاهدة عليها.
كانت أمسية صيفية عذبة، وطلب مني والدي أن نتمشّى معًا قليلاً عبر ممر الغابة الجميل الذي يمتد أمام القلعة، كما اعتدنا من حين لآخر.
قال لي بينما كنا نسير:
> "الجنرال شبييلسدورف لن يتمكن من زيارتنا في الوقت الذي كنت آمله."
كنا ننتظر قدومه في اليوم التالي، مصطحبًا معه ابنة شقيقته، الآنسة "بيرثا راينفيلدت"، والتي لم أكن قد رأيتها من قبل، لكنني سمعت عنها الكثير، وكانت تبدو في الوصف فتاة فاتنة. وقد تخيلت أنني سأقضي معها أيامًا سعيدة. ولهذا، شعرت بخيبة أمل كبيرة.
سألته:
> "ومتى سيأتي إذن؟"
أجاب:
> "في الخريف. بعد شهرين على الأرجح."
ثم أضاف، بنبرة هادئة:
> "وأنا سعيد أنكِ لم تتعرفي على الآنسة راينفيلدت من قبل."
سألته بفضول وحزن:
> "ولمَ ذلك؟"
قال ببطء وهو ينظر أمامه:
> "لأنها توفيت يا ابنتي."
تجمدت في مكاني من الصدمة. قبل أسابيع فقط، كان الجنرال قد كتب لوالدي رسالة يقول فيها إنها مريضة قليلًا، لكن لم يكن هناك أي مؤشر على وجود خطر حقيقي.
ناولني الرسالة وقال:
> "أظن أن الرسالة كُتبت في حالة حزن شديدة، وربما قريبة من فقدان العقل."
جلسنا معًا تحت شجرة زان ضخمة، والشمس توشك على المغيب، تلون الغابة والسماء بألوان حزينة. قرأت الرسالة مرتين، والثانية بصوت عالٍ. كانت مليئة بالغضب والارتباك.
كتب الجنرال:
> "لقد فقدت طفلتي، أحببتها كأنها ابنتي. لم أكن أعلم أنها كانت في خطر. لقد رحلت في سلام وبراءة، ولكن لولا ذلك الوحش الذي استقبلناه في منزلنا بثقة عمياء... ظننته ملاكًا، فكان شيطانًا. أقسم أنني سأقضي بقية حياتي في ملاحقته... و... ربما أصل إلى فيينا... سأراك في الخريف، إذا كنت لا تزال ترحب بي. وداعًا. صلِّ لأجلي يا صديقي العزيز."
---
حين انتهيت من القراءة، كنت على وشك البكاء. لم أكن قد التقيت بيرثا، ولكن وقع الخبر كان كئيبًا.
كنا نتمشى عائدين نحو القلعة تحت ضوء القمر، حين سمعنا فجأة وقع حوافر وخيول تقترب بسرعة. ما لبثت أن ظهرت عربة فخمة يجرها أربعة خيول، تتقدمها وترافقها مجموعة من الفرسان. بدا أنها لعائلة نبيلة.
وفجأة، أصيب أحد الخيول بالرعب، واندفعت العربة بجنون نحو طريقنا! ومن داخلها، انطلقت صرخة امرأة مذعورة، صدى صراخها مزّق سكون الليل.
اقتربنا مسرعين، العربة انقلبت على جانبها بعد أن اصطدمت بجذع شجرة ضخمة. اندفع رجال الحراسة يحاولون تهدئة الخيول وفك العربة.
خرجت من العربة سيدة طويلة ترتدي ثوبًا أسود فخمًا، ذات ملامح نبيلة ولكن مضطربة. ثم أخرجوا منها فتاة شابة، فاقدة الوعي.
اقترب منها والدي، وعاين نبضها. ثم التفت إلى السيدة التي ادعت أنها أم الفتاة، وقال:
> "نبضها ضعيف، لكن الفتاة لا تزال على قيد الحياة."
أجهشت المرأة بالبكاء، ثم رفعت يديها إلى السماء، ولكن فجأة تغيرت نبرتها. وقفت تتحدث مع والدي بهمس وبجدية، كأنها تلقي عليه وصية سريعة وغامضة.
بعد لحظات، قالت السيدة:
> "أنا مضطرة لتركها... رحلتي مسألة حياة أو موت... لا أستطيع الانتظار."
توسلتُ إلى والدي، وقلت:
> "بابا، دعها تمكث معنا، أرجوك! ستكون رفيقة رائعة."
ابتسم والدي بلطف وقال للسيدة:
> "إنه لشرف لنا أن نعتني بها إلى حين عودتك."
وافقت المرأة على مضض، وقبل أن تذهب، همست في أذن الفتاة قبلة غامضة، ثم صعدت إلى العربة التي اندفعت مسرعة مرة أخرى إلى عمق الغابة... وتركت معنا الضيفة الغامضة.