🕯️ الفصل الرابع: كارميلا
دخلت غرفتها، فوجدتها جالسة في سريرها، تسند ظهرها إلى الوسائد، وقد عادت إليها النضارة، وإن بدت عليها بعض آثار الضعف. كانت الغرفة دافئة، تضيئها شمعة ناعمة تترك ظلالًا مرتعشة على الجدران، وزينتها ستائر بيضاء شفافة تهتز بخفة مع نسيم الليل.
نظرت إليّ وابتسمت، نظرة دافئة بشكل مفاجئ، كأننا كُنّا صديقتين منذ زمن بعيد، لا غريبتين تلتقيان لأول مرة. تقدمتُ منها بخطوات خفيفة، وجلست على طرف السرير.
قالت بصوت خافت، لكنه ناعم وجذاب:
> "كنتُ أرجو أن تأتي… أريد أن أراكِ عن قرب."
ثم مدت يدها الرفيعة، الباردة بعض الشيء، وأمسكت بيدي برقة، وكأنها تعرفني منذ طفولتي.
نظرتُ إلى وجهها... كانت ملامحها متناسقة ببراعة، جمالها غير مألوف. عينان واسعتان بلون الليل، وشفتان شاحبتان لكن مميّزتان، ولون بشرتها شاحب، يكاد يلمع في الضوء الخافت.
قالت:
> "أشعر وكأنني حلمت بكِ من قبل… ربما رأيتك في حلم طويل، أو في حياة سابقة."
ابتسمتُ، وأجبتُ مداعبة:
> "من يدري، لعلنا كنّا شقيقتين في عالمٍ آخر."
ضحكت بخفّة، ثم نظرت إليّ نظرة غريبة، عميقة، كأنها تحاول قراءة أفكاري.
قالت وهي لا تزال تمسك بيدي:
> "أريد أن نكون صديقتين… لا، أكثر من صديقتين. أريد أن نكون شيئًا واحدًا. لا أتحمل فكرة أن تبتعدي عني…"
أحسست بقشعريرة خفيفة، لكنها لم تكن بسبب الخوف، بل مزيج من الحيرة والانجذاب الغريب.
ثم قالت فجأة:
> "لقد رأيتك في حلمي… كنتِ تجلسين بجانبي، مثلكِ تمامًا الآن. ثم قمتِ فجأة، وابتعدتِ، وتركتني وحدي في ظلامٍ دامس، وبكيت… بكيت حتى استيقظت."
همستُ مطمئنة:
> "لن أترككِ وحدكِ، أنتِ الآن بين أصدقاء."
أغمضت عينيها لوهلة، وكأنها تتذوق كلماتي، ثم فتحتها وقالت بنبرة فيها حزن دفين:
> "الوحدة قاتلة… لكنها لن تفرقنا، أليس كذلك؟"
همست:
> "بالطبع لا."
ثم اقتربت مني ببطء، كما لو كانت تنوي أن تعانقني، لكن بدلًا من ذلك، طبعت قبلة خفيفة على وجنتي، ثم همست:
> "أنتِ تشبهين من أحببتُ… بل أكثر."
شعرتُ بارتباك داخلي، لا أعلم لماذا.
كانت كلماتها رقيقة، لكنها تحمل في طياتها شيئًا مقلقًا، شيء لا أستطيع وصفه.
نهضتُ بهدوء، وقلت:
> "يجب أن ترتاحي الآن، سأراكِ غدًا صباحًا."
أجابت مبتسمة:
> "أحلم بكِ إذًا."
خرجتُ من ال
غرفة بخطوات بطيئة، وقبل أن أغلق الباب، سمعتها تهمس:
> "ليتكِ لا تغادرين… أبدًا…"