🕯️ الفصل الخامس: حُلم ورعب

في الليلة التالية، وفيما كنتُ مستلقية على سريري، شعرتُ بأرقٍ غريب لا أعرف له سببًا. كنت قد قرأت لفترة طويلة، ثم أطفأت المصباح، وأغمضتُ عيني. لكن بدلًا من أن أنام، تتابعت في ذهني صور غير مترابطة، مشوشة، كأنها أطياف من حلم يتشكل ببطء… ثم يغوص فجأة في الظلمة.

لا أعلم كم مر من الوقت، لكنني شعرت فجأة بشيء ثقيل على صدري… كأن أحدًا ما جثم عليّ. فتحتُ عيني بسرعة، وفي الظلام الخافت لمحت شكلًا غامضًا فوقي، وجهٌ باهت يقترب… عينان تلمعان، وشعر أسود يتدلّى.

ثم شعرت بوخزٍ خفيف في عنقي… كإبرتين دقيقتين تغرسان في الجلد، ألمٌ رقيق لكنه حارق في الوقت نفسه، وكأن النار تسري تحت جلدي.

أردت أن أصرخ، لكن صوتي اختنق في حنجرتي.

حاولت الحركة، ولم أستطع. كنتُ محاصرة كليًا، كأن جسدي تجمد، وعقلي ظل مستيقظًا. شعرت برعب لا يشبه شيئًا عرفته من قبل… هذا لم يكن حلمًا.

ثم فجأة… اختفى كل شيء.

لم أعد أشعر بالثقل، ولا بالوخز. قفزتُ من السرير مذعورة، أشعلتُ الشمعة. نظرتُ في المرآة، عنقي كان سليمًا، لا أثر للدم، فقط نقطتان حمراوان دقيقتان، بالكاد تُلاحظان.

ارتديت عباءتي، وغادرت غرفتي ببطء، قلبي يخفق بقوة. وجدت مدام بيرودون في الممر، تحمل مصباحًا صغيرًا.

قالت بدهشة:

> "أراكِ مستيقظة يا عزيزتي! هل أنتِ بخير؟ وجهكِ شاحب!"

أجبتها بصوت مرتعش:

> "حلمٌ مزعج… حلم شديد الواقعية."

سارت معي حتى أوصلتني إلى غرفتي، جلست بجانبي، وأمسكت بيدي حتى هدأت، ثم غادرت حين تأكدت أنني بخير.

لكنني لم أنم تلك الليلة.

---

في الصباح، جاءت كارميلا إلى غرفتي. كانت مشرقة الجمال، ترتدي فستانًا أبيض فضفاضًا، تتمايل بخفة، كأنها تسبح في الضوء. جلست بجانبي، ونظرت إليّ نظرة طويلة.

قالت برقة:

> "وجهك متعب… لم تنامي جيدًا؟"

أجبت:

> "أعتقد أنني حلمت بكابوس غريب."

بدت عليها لحظة صمت… ثم قالت:

> "وأنا أيضًا… حلمت بك."

نظرتُ إليها بدهشة:

> "حقًا؟ بماذا حلمتِ؟"

ابتسمت وقالت:

> "نسيت الآن، لكنه كان حلمًا جميلًا… كنتِ قريبة مني جدًا."

لاحظتُ أنها تنظر إلى عنقي، ثم مدت يدها ولمست المكان بلطف.

سألت:

> "ما هذا؟ علامتان صغيرتان؟ هل آذاكِ شيء؟"

أجبت مرتبكة:

> "ربما حشرة."

قالت وهي تضحك بهدوء:

> "أحيانًا، تبقى آثار الأحلام على الجسد… كما تبقى الذكريات على القلب."

---

كانت كارميلا، يومًا بعد يوم، تزداد قربًا مني. كانت تحب أن تمشي معي في الممرات، أو تجلس بجانبي في الحديقة، أو تتكئ برأسها على كتفي في المساء.

وفي كل مرة، كانت تهمس لي بكلمات حنونة، غامضة… أحيانًا جميلة، وأحيانًا مخيفة.

ذات مرة، أمسكت بيدي وقالت:

> "أحيانًا أشعر أنني أحبك بجنون… بجنون يجعلني أرغب في أن أؤذيكِ… وفي الوقت نفسه، لا أتحمل فكرة أن يُؤذيك أحد… هل تفهمين ما أعنيه؟"

كنت مذهولة، لا أعلم كيف أجيب.

---

لكن شيئًا آخر بدأ يحدث…

بعد تلك الليلة، بدأت أضعف يومًا بعد يوم. كنت أشعر بالتعب، والدوار أحيانًا، حتى أن مدام بيرودون لاحظت وقالت:

> "وجهك شاحب يا طفلتي… كأنك تفقدين دمك ببطء!"

ضحكت، لكنها لم تكن ضحكة طبيعية.

---

شيءٌ ما كان يسحب الحياة مني... ببطء… صمتًا… وربما بابتسامة.

2025/06/24 · 3 مشاهدة · 478 كلمة
نادي الروايات - 2025