🕯️ الفصل السادس: علامات غامضة
كنت قد بدأت أضعف بشكل ملحوظ، حتى أنني لم أعد أستطيع صعود الدرج دون أن أشعر بالدوار.
وجهي أصبح شاحبًا، ويداي باردتين، ونومي… نومي صار مضطربًا، مليئًا بالأحلام الثقيلة والكوابيس.
كانت مدام بيرودون قلقة عليّ، وكانت تراقبني طوال الوقت. أما الطبيب، فقد زارنا للمرة الثانية، وعاينني طويلًا، ثم قال لوالدي بنبرة حذرة:
> "ليست مريضة بالمعنى التقليدي… إنها تستنزف شيئًا ما من الداخل، كأنها تفقد الحياة ببطء دون سبب عضوي ظاهر."
عندما غادر، شعرتُ بالخوف.
---
لكن كارميلا، رغم كل شيء، لم تكن تبدو قلقة.
كانت تُقبل عليّ بحنان متزايد، تنظر إليّ بنظرات طويلة، وتهمس لي بكلمات لا أفهمها أحيانًا.
في إحدى الليالي، وبينما كنا نجلس في غرفتي نقرأ معًا، أغلقت الكتاب فجأة وقالت:
> "لورا… هل تخافين الموت؟"
نظرتُ إليها بدهشة:
> "سؤال غريب… لا أعلم، ربما… في بعض الأحيان، أفكر فيه. لماذا تسألين؟"
أجابت بهدوء، وكأنها تكشف عن سر دفين:
> "أنا لا أخافه… الموت ليس كما نظنه، إنه باب… عبور إلى شيء آخر… وأحيانًا، من نحبهم يبقون معنا، بطرق لا يفهمها الآخرون."
سألتها وأنا أرتجف:
> "هل فقدتِ أحدًا قريبًا منكِ؟"
أجابت وقد شردت عيناها:
> "ربما… وربما لا. هناك حب لا يموت، ولو مات الجسد."
صمتنا قليلًا، ثم اقتربت مني، وأمسكت بيدي، ونظرت في عينيّ بعمق مقلق. قالت بصوت خافت:
> "أريدكِ لي وحدي… إلى الأبد. لا أريد أن يسرقك أحد مني. ليس أحد."
أبعدتُ يدي بلطف، لكن في داخلي، كان الخوف يكبر شيئًا فشيئًا.
---
في تلك الليلة… حلمت مجددًا.
نفس الشعور: الثقل فوق صدري، العيون الداكنة تقترب، الوخز في عنقي… والرعب.
وعندما استيقظت، وجدت النقطتين ذاتهما في نفس المكان.
في الصباح، أخبرتُ والدي، فقلق كثيرًا، وبدأ يشك في وجود شيء غير طبيعي. قرر أن يستدعي طبيبًا من فيينا، أكثر خبرة، ليزورنا في الأيام القادمة.
أما مدام بيرودون، فكانت تضع الأعشاب على عنقي وتهمس صلوات قديمة.
لكن شيئًا لم يتغير… إلا خوفي.
---
في اليوم التالي، جاء خادم من إحدى القرى المجاورة، يحمل خبرًا مروّعًا:
> "الآنسة بيرثا راينفيلدت… توفيت."
كانت تلك الفتاة التي كنا ننتظر زيارتها قبل أسابيع.
لكن ليس هذا ما أرعبنا…
بل وصف الخادم لوفاتها.
> "كانت تشحب يومًا بعد يوم… تتلاشى… كأن شيئًا كان يمتص حياتها. وقالت قبل وفاتها بأيام إنها ترى فتاة غريبة في أحلامها، تجلس على سريرها، وتقبّل عنقها."
نظرتُ إلى والدي… ثم إلى كارميلا التي كانت واقفة عند النافذة، تنظر إلى الحديقة بهدوء.
كانت تبتسم.