الفصل 113 : فرقة مكافحة الوحوش (6)

شارع برتراند.

يعد هذا الشارع الجميل الواقع على الجانب الغربي من العاصمة الامبراطورية مركزًا ثقافيًا تصطف على جانبيه مباني المسرح الرائعة.

و بما أن الشارع بدأ في الأصل كمستودع لوجستي، فإن الأزقة خلف المباني المزدهرة لا تزال مليئة بالمستودعات القديمة التي تم بناؤها من قبل.

تم استخدام معظمها لتخزين المواد المسرحية أو للعروض المؤقتة التي تقدمها شركات المسرح في الخارج، ولكن ظلت العديد من المستودعات الفارغة دون أي غرض.

في أحد تلك المستودعات، كان هناك مكان لاجتماع مجموعة روهان.

في وقت متأخر من المساء.

عندما دخل رومان المبنى، توقف في مكانه عندما لاحظ أن الأمير ليونارد يجلس بهدوء، رصينًا لأول مرة منذ فترة.

على عكس ملابسه الفضفاضة المعتادة، كان الأمير يرتدي ملابس روهان التقليدية بشكل أنيق، و كان شعره ممشطًا بدقة بزيت عطري.

"مرحبًا رومان. أين تتجول في هذا الوقت المتأخر من الليل؟ لقد توقفت عن طعن الأشخاص المخمورين الآن، أليس كذلك؟"

"...….."

سأله رومان بحذر، لأنه شعر أن هذا الأمير الذي نفد صبره قد فعل شيئًا أثناء غيابه.

"هل كنت في مكان ما يا ليو؟"

على الرغم من أن ملابسه كانت أنيقة، إلا أنها لم تكن مناسبة بأي حال من الأحوال للملوك. هز ليونارد كتفيه و التقط زجاجة من الكحول.

"ليس بالأمر الجلل. لقد كنت محبطا بسبب أن إذن دخول القصر الإمبراطوري كضيف شرف قد قد استغرق وقتا طويلا."

"بالتأكيد أنت لم تفعل…."

"نعم، لقد تنكرت في هيئة وافد دبلوماسي و ذهبت إلى القصر الإمبراطوري."

أخذ ليونارد رشفة من الزجاجة و مسح فمه بكمه.

"أما بالنسبة لعائلة روهان الملكية، فإن الدخول إلى القصر محظور، لكن يُسمح بدخول المبعوثين من مختلف البلدان الذين يجلبون الهدايا. لذلك تبعت مبعوثي روهان إلى غرفة الاستقبال."

كان رومان عاجزًا عن الكلام.

بغض النظر عن مدى تنكره، فإن وجه ليونارد كان معروفا جدا. كم سيكون من العار اذا اكتشفه شخص ما بالصدفة.

"لا تقلق. لقد تظاهرت بأني عضو منهم و اختبأت خلف الحشد. لقد أبقيت رأسي منخفضًا حتى لا يتم القبض علي".

على الرغم من أنه قال ذلك، إلا أن صوته كان غير متأكد بعض الشيء، على عكس ليونارد، الذي كان واثقًا دائمًا.

"لقد شعرت بالإحباط الشديد لدرجة أنني أردت رؤية وجه الأميرة. حسنًا، لسوء الحظ لم أتمكن من مقابلتها، لكنني تمكنت أخيرًا من رؤية وجه ذلك الشخص اللعين الذي يستمر في رفض حضوري."

"الامبراطور المقدس….هل قابلته؟"

"نعم. هذا الرجل ان مزاجه...…"

"ماذا حدث؟"

" اه، لا يوجد شيء خاص. الطريقة التي نظر بها إلي مباشرةً، عينيه حقاً...…"

ارتعد ليونارد فجأة عندما تذكر شيء ما.

حتى لو اختبأ وسط حشد المبعوثين الدبلوماسيين، يبدو أن وجهه الوسيم يجذب انتباه الجميع. أخذ رشفة أخرى من شرابه، محاولًا تجنب قول شيء غير منطقي، لكن رومان أدرك ذلك على الفور.

لقد تم القبض عليك.

في أعماقه، أدرك ليونارد هذه الحقيقة و يبدو أنه نادم قليلاً على هذا الادراك.

"لم يكن من الممكن أن يعرف هذا الشخص وجهي."

"ألم أقل لك أننا لا ينبغي أن نضعه في فئة البشر العاديين؟"

تنهد رومان و جلس مقابل الأمير.

لحسن الحظ، لا يبدو أن هذه المياه المسكوبة قد جلبت العار للأمير أمام المبعوثين الأجانب، لذلك سيكون من الأفضل التظاهر بالجهل و إعادة دخول القصر كشخصية مهمة.

"لا نعرف كيف ستكون ردة فعله إذا اكتشف أن الأمير يخطط للوصول إلى ابنته. عليك أن تعتني بنفسك من الآن فصاعدا."

م.م: هيهيهي هو يعرف بالفعل.

"آه، هل من الأفضل أن أتوقف بعد كل شيء؟"

لم يكن يعرف ما الذي كان يخاف منه، لكن موقفه كان خجولًا على غير عادته عكس سلوكه الجريء ، لكن رومان لم يهتم حقًا.

لم يكن الأمر أنه تعرف عليه لمدة يوم أو يومين، كان من الواضح أنه بحلول صباح الغد، سيستعيد ليونارد ثقته و يتوسل إليه لتحديد موعد مع الأميرة مرة أخرى.

"آه! الآن بعد أن فكرت في الأمر، حدث شيء غريب أثناء اللقاء."

الأمير، الذي كان وجهه أحمر من السكر، أراح ذقنه على إحدى يديه و استمر في الحديث.

أثناء ذلك.

انتهى موكب مبعوثي بريتاني و المناطق الأخرى، كان الخادم على وشك أن ينادي بأسماء مبعوثي آسين.

م.م: مبعوثي آسين الذي أرسلهم دوق آسين و هو والد الملكة ليزابيث أم موريس.

لكن الامبراطور المقدس، الذي كان يجلس في صمت حتى ذلك الحين، رفع يده فجأة لإيقافه.

بينما كانت هناك لحظة من الصمت الثقيل في غرفة العرش، لمس الإمبراطور المقدس جبهته ببطء بيده المرفوعة و أغلق عينيه.

في الوقت الذي كان فيه الجميع في حيرة من أمرهم و لم يعرفوا ما الذي يحدث، من الواضح أن ليونارد، الذي كان يقف بالقرب من العرش، سمع الامبراطور المقدس يتمتم بهدوء.

—صاخب جدا……

مع تجمع الكثير من الناس الصامتين في غرفة العرش الضخمة يقظين من كل تحركات الإمبراطور، كان من الصعب معرفة ما وجده صاخباً للغاية.

و بعد فترة فتح الإمبراطور عينيه، فاستأنف اللقاء و كأن شيئًا لم يحدث.

مع ذلك، فإن الانطباع بأنه كان شخصًا سيئ المزاج و غير مفهوم بالفعل كان متجذرًا بقوة في ذهن ليونارد.

و بعد سماع قصته، اكتسب رومان إدراكاً جديداً.

جزء الروح الخاصة به الذي كان يتملك أستلي بيتشر ربما مات ليس لأنه تم اكتشاف هويته الحقيقية، و لكن ببساطة لأنه كان صاخبًا.

م.م: يعني أن الامبراطور لم يوقف اللقاء بسبب مبعوثي آسين بل بسبب أنه اكتشف روح رومان التي تسللت للقصر و وجدها صاخبة و مزعجة.

ليونارد، الذي كان يحتسي بهدوء من زجاجته لفترة من الوقت، خفض رأسه فجأة و فتح فمه بصوت هادئ بعض الشيء.

"مهلا رومان. على الرغم من أنني كنت أسمع دائمًا ما تقوله، و اتعامل معه باستخفاف، و لكن عندما رأيت امبراطور ديلكروس المقدس عن قرب، كان هناك شيء مختلف حقًا بشأنه."

".....…"

"على الرغم من أنني كنت فقط جالسًا ساكنًا هناك، إلا أنني شعرت بوضوح بمدى رعب هذا الشخص."

رفع الأمير رأسه و نظر إليه بنظرة يائسة بعض الشيء.

"أخبرني يا رومان. هل يمكننا حقًا أن نفعل أي شيء ضد شخص مثله؟"

"..….."

نظر رومان إلى عينيه للحظة دون أن يجيب، ثم وضع يده بهدوء على كتفه.

[لقد كان وحيدًا و سيظل كذلك دائمًا. أعداءه موجودون في كل مكان، و هم أقوياء بلا حدود. سوف يذبل ببطء هنا في ديلكروس، مع عدم وجود مكان آخر للتراجع له.]

هدأ وجه ليونارد بشكل ملحوظ عند سماع صوته المليء بالسحر الغريب. أومأ برأسه و شرب مشروبه في صمت.

و مع ذلك، كانت عيون رومان، التي شوهدت خلف القناع، مظلمة و ضبابية قليلاً.

* * *

في الوقت نفسه. على الرغم من أن الوقت كان متأخرًا، كان هناك صف طويل من العربات متجهة إلى البوابة الشمالية لديلكروس. كان الكهنة الذين سافروا بعيداً لزيارة الهيكل بدعم من الكنيسة الأرثوذكسية يعودون للاحتفال بعيد الميلاد.

"قريبًا سنصل إلى بوابة العاصمة، أيتها الأخت سيسلي. ان قلبي يرفرفر، و هذا دليل على أننا ابتعدنا عن هنا لفترة أطول مما كنا نعتقد."

اهتزاز.

فتاة صغيرة كانت تقرأ كتابًا في عربة تهتز ببطء نظرت إلى الأعلى.

تمايل الشعر الفضي الناعم الطويل بصوت حفيف. كانت فتاة جميلة ذات هالة مقدسة، و كأنها ملاك خرج من لوحة مقدسة.

"لم أكن أعلم أنك تشعرين بالحنين إلى العاصمة، أيتها الأخت أورسولا."

"أنا؟ ألم أخبرك أبدًا كم أحب ديلكروس؟"

راهبة بدت درامية بعض الشيء أطلت من نافذة العربة بإثارة.

"لولا أن مهمتنا هي نشر نعمة الحاكم في جميع أنحاء القارة، لما كنت سأبتعد عن مسقط رأسي لفترة طويلة."

ثم أمالت الفتاة رأسها.

"ألم تقولي دائمًا أنك شعرت بالإحباط بسبب بقائك في العاصمة الإمبراطورية و أنك تريدين الحصول على بعض الهواء النقي، لذلك قررت الذهاب إلى مكان مجهول؟"

"حسنًا، لقد أكدت للتو مرة أخرى أنه بغض النظر عن المكان الذي أذهب إليه، لا يوجد مكان مثل ديلكروس."

أغمضت الأخت أورسولا عينيها و أخذت نفسًا عميقًا من هواء ديلكروس الذي افتقدته.

"في الواقع، يبدو الأمر مختلفًا بالتأكيد الآن بعد أن أصبحنا بالقرب من العاصمة! اعتقدت أن كل ما قالته الأخوات كان مجرد كلمات فارغة، و لكن الآن بعد أن غبت لوقت طويل، أستطيع أن أشعر بمدى عظمة تأثير جلالة الامبراطور."

الأخت أورسولا ليست شخصًا يتمتع بقوى مقدسة قوية جدًا. و مع ذلك، حتى هي يمكن أن تشعر بوضوح أن الطاقة المقدسة أصبحت أكثر كثافة مع اقترابها من ديلكروس.

يقولون أن الكهنة الذين يأتون زيارة إلى هنا من بلاد بعيدة يتوقفون أحيانًا بالقرب من البوابة و يذرفون دموعًا من العاطفة، يبدو أن الأمر لم يكن مجرد إشاعة.

شبكت يديها معًا و تحدثت بصوت عاطفي.

"هذه طاقة قوية! في الواقع، ديلكروس التي يعتني بها ممثل الحاكم، هي مملكة مباركة، الأخت سيسلي!"

"....نعم، أنا أرى."

أصبح وجه الفتاة مظلمًا قليلاً.

احتارت الأخت أورسولا من ردة فعل القديسة الصادمة، لكنها سرعان ما تشتت انتباهها بالوضع خارج النافذة. و ذلك لأن عملية التفتيش عند البوابة أصبحت أطول و انخفضت سرعة الموكب بشكل ملحوظ.

"عمليات التفتيش غير عادية اليوم."

في الواقع، جاء الفرسان و الحراس المسلحون مسرعين و فتحوا عربات المجموعة واحدة تلو الأخرى للتحقق من عدد الأشخاص.

في العادة، كان من الممكن أن يكون من الكافي مجرد التحقق من هويات الفرسان و الكهنة، و لكن كانت من الاجراءات الأمنية حذرة جدًا حتى مع الأخذ بالاعتبار مأدبة عيد الميلاد.

بعد فترة، وصل أفراد التفتيش إلى العربة التي كانت تستقلها القديسة سيسلي و الأخت أورسولا.

طرق باب العربة و فتحه بعناية. كان الفارس ينتمي إلى فرقة الفرسان الخامسة لقوات الأمن الخاصة و الذي تم إرساله لحراسة البوابة.

عندما رأى الشخصين يرتديان ثيابًا رهبانية بيضاء لامعة، أنزل رأسه على عجل. لم يكن هناك أحد من رعايا ديلكروس لا يعرف وجه القديس الصغير ذو الشعر الفضي الطويل.

"أحيي نعمة الحاكم الممنوحة لديلكروس!"

سألت سيسلي بينما انحنى الفارس بأدب.

"ما هناك مشكلة في العاصمة؟"

"نعم أيتها القديسة. في الواقع، كان هناك القليل من الضجة في العاصمة مؤخرًا عندما ظهرت مخلوقات غريبة تسمى الوحوش. و بسبب ذلك، أصبحت عملية التفتيش أكثر صعوبة إلى حد ما في فترة الاحتفال بعيد الميلاد. "

وحش؟ ما هذا؟

عندما رمشت الأخت أورسولا بعينيها بحيرة، سألت القديسة الشابة بصوت مرتعش.

"....وحش؟ كيف يمكن أن يحدث هذا؟"

عيون سيسلي الرمادية الصافية عكست فزعها.

نظرت الفتاة بسرعة إلى المذكرات الصغيرة التي كانت تحملها، و فتحت صفحة و حدقت فيها.

"....هذا لا يمكن أن يحدث. لم يكن من المقرر افتتاح بوابة العاصمة إلا بعد عدة أشهر...…"

م.م: قصدها البوابة التي تخرج منها الوحوش.

"هاه؟"

نظرت أورسولا و الفارس إلى بعضهما البعض بوجوه محيرة بينما تمتمت القديسة بشيء غير مفهوم.

"ماذا…..ما الذي تغير على وجه الأرض؟"

الفارس، الذي رأى وجه الفتاة الصغيرة يتحول تدريجياً إلى شاحب، استمر على عجل.

"آه، و لكن فل تكوني مطمئنة! قام فرسان ديلكروس المقدسون بإبادة الوحوش في لحظة. العاصمة آمنة الآن."

"...….."

"قبل كل شيء، يقال أن الأمير الثالث موريس قتل شخصيا أكبر وحش بينهم بيديه. و يقال أنه يقود أيضًا فرقة عمل خاصة تسمى فرقة مكافحة الوحوش، لذلك من الآن فصاعدًا، لن تتمكن مثل هذه الأشياء الشريرة من السير في ديلكروس بعد الآن!

"هاه؟ الأمير….موريس؟"

أصبح تعبير الأخت أورسولا غريبًا للحظة، لكن الفارس أومأ برأسه بقوة و استمر.

"نعم هذا صحيح! هذه هي المرة الثانية التي يقوم فيها الأمير الشجاع بقتل وحش. يقال أنه أنقذ طلاب الأكاديمية ذات مرة من التعرض للهجوم. على الرغم من الشائعات المختلفة عن الأمير، إنه بالفعل أحد أفراد العائلة المالكة النبيلة...…"

”موريس….."

بدأت سيسلي، التي كانت تفكر في الاسم الذي لم يكن مألوفًا لها بعض الشيء، بقلب صفحات مذكراتها مرة أخرى بيدين مرتجفتين.

من المؤكد أنه في هذا الوقت تقريبًا، ذلك المشاغب السمين غير رأيه و عمل بجد على تدريبه على فن المبارزة.

فرقة مكافحة الوحوش.

مهما بحثت في ذاكرتها، لم تتمكن من تذكر قراءة أي شيء عن هذه الفرقة. و بالطبع بحثت في المذكرات و لم تجد شيئًا عنها.

"سيسلي...…"

سمع صوت الأخت أورسولا القلق من بجانبها.

"فرقة مكافحة الوحوش."

استقرت عيون القديسة بهدوء يفوق عمرها.

و ذلك لأنها اعتقدت أنه إذا كان هناك شيء مختلف عما تعرفه، فمن المؤكد أنه سيكون له علاقة بالفرقة التي سمعت عنها لأول مرة.

أغلقت الفتاة المذكرات و ضمتها بقوى إلى صدرها.

نعم. لا داعي للذعر.

بمجرد عودتها إلى القصر الإمبراطوري، قررت التحقيق أولا عن فرقة مكافحة الوحوش هذه. و ثم...

"....أنا بحاجة لمقابلته، موريس."

على حد علمها، موريس الذي كان من المفترض أن يتجول لفترة طويلة دون هدف غير قادر على تجميع الهالة، أصبح الآن بالفعل ماهرًا بما يكفي لقتل الوحوش. هل قالوا أنه يقود أيضًا فرقة مكافحة الوحوش؟

ربما.

قد يكون بطاقة مخفية مهمة ستساعدها على تجنب مصيرها المقدر.

ظهر فجأة وميض حازم في العيون الرمادية للفتاة الصغيرة التي كانت تنظر بهدوء في اتجاه القصر الإمبراطوري.

انتهى الفصل مئة و ثلاثة عشر.

_________________________________________________

الفصل صدمات...

سيسلي أخيرا ظهرت، لكن كان الأمر حقا صادم، حسب الفصل فإنها تعرف بالفعل أشياء ستحدث في المستقبل كما أن لديها مذكرة كُتبت فيها الأحداث المستقبلية، هذا يجعلنا نضع الكثير من الفرضيات، منها هل هي أيضا عائدة بالزمن مثل أميليا؟ أم أنها رأت لمحة من المستقبل؟ المثير للإعجاب أنه لا يوجد أحد طبيعي من أطفال الامبراطور الذين ظهروا لحد الآن 🤣.

ترجمة : روي / Rui

حسابي في الانستا لأي تساؤلات : jihane.artist

2024/05/20 · 682 مشاهدة · 2024 كلمة
Rui / روي
نادي الروايات - 2024