326 : يوميات الرقم 21 (2)

لم تكن تصرفات "كايين" هكذا منذ البداية.

عُرض على الفتى قصر جميل في دوقية "آسين" كما أراد ، لأنه كان يريد في الاستمتاع بالحياة في مدينة كبيرة مليئة بالحركة، كان يبدو سعيدا جدا بالدعم الذي حصل عليه رغم أنه كان يتظاهر بالعكس

استغل كل الفرص التي أتيحت له ، ومع الملابس الجيدة والطعام الجيد والتعليم الأساسي، لم يكن من المفاجئ أن يتحول الصبي القروي القذر إلى نبيل في وقت قصير

عند النظر إلى مظهره الجميل وذكائه الاستثنائي، كانت هناك أوقات فكرت فيها: "أطفال الإمبراطور مختلفون حقاً"

لكن ، عندما حدث أن نظرت مباشرة الى عيون الصبي، شعرت وكأن عالمي كله قد أبتلع وان ما يقارب ثلاثمائة عين تراقبني بصمت

ومع ذلك، لم يفكر الرقم 21 كثيرًا في الامر ، كان يعتقد أن هذا بسبب أن "كايين" قد نشأ في ظروف قاسية بدون رعاية الوالدين

بل كان الغريب هو سلوك الإمبراطور المقدس في ذلك الوقت. كان صارمًا جدًا مع أعضاء النقابة الذين كانوا يعتنون بالصبي، وحتى مع الرقم 21 الذي كان يزور قصره بشكل متكرر

"عاملوا الطفل بشكل رسمي قدر الإمكان ، ليس هناك حاجة لإظهار مشاعر له أو الانتباه إليه.. وقبل كل شيء، احذروا من القيام بأي اتصال جسدي متهور معه ، هل فهمتم ؟"

في ذلك الوقت، لم يستطع الرقم 21 فهم أوامر الإمبراطور المقدس

لأنه في عيناي ، كان "كايين" مجرد صبي غير متعلم ، ربما لهذا السبب يتصرف بوقاحة مع الناس ويفقد أعصابه أحيانًا

ثم حدث شيء ما في أحد الأيام غير كل شيء

كالمعتاد، دخل الإمبراطور المقدس إلى جسد الدمية في الوقت المحدد، فجأة أصبح غاضباً وبدأ في مناداة "كايين" وتوبيخه بقسوة

"كايين.. ! لقد عصيت أوامري ! لماذا فعلت هذا الشيء؟! "

كان الجميع في حيرة، لأن الصبي بدا وكأنه كان يتبع روتينه اليومي بهدوء طوال اليوم

لكن الإمبراطور لم يتوقف عند هذا الحد. فقد التقط عصا وبدأ يلاحق الطفل ليضربه بها !

"لقد أكدت عليك مرارًا أنه لا يجب عليك إيذاء الآخرين أبدًا. ولكن بما أنك عصيت هذه القاعدة، ألا يجب أن تدفع الثمن المناسب ؟"

لم يستطع الجميع إلا أن يصابوا بالذهول من تحول الأحداث المفاجئ ، لم يتوقعوا أن يكون هناك مثل ذلك الجانب للإمبراطور

ولكن ما كان أكثر إثارة للدهشة هو موقف "كايين" الذي بدى وكأنه يعرف شيئًا ما، واحتج للإمبراطور قائلاً:

"كنت أشعر بالملل فقط ، كنت بحاجة إلى بعض التحفيز الجديد ! وانظر، لم ألحق أي ضرر به ! لم أعص أبي!"

"أتقول أنك لم تلحق اي ضرر به ؟! أفتح عيناك ! أين ذهب شعر هذا الرجل ؟! هل اعتقدت أنك تستطيع تجنبي لو أذيت شعره بدلا من رأسه ؟"

"لا ! لم المس ذراعيه ورجليه ! ، فقط شعره ! ما المشكلة ؟ وماذا لو اختفى؟ ما الأمر الكبير في ذلك ؟"

في ذلك الوقت، لم يكن لدى الرقم 21 أي فكرة عما كان يتحدث عنه "كايين"

وعندها ضرب الإمبراطور الطفل عدة مرات بسرعة وأرسل أعضاء النقابة إلى مكان آخر

"… … ؟"

لكن بعد ذلك بفترة وجيزة، أدرك الرقم 21 أن هناك شيئًا غريبًا

بدأ عضو النقابة الذي نُقل إلى القسم الجديد يفقد شعره شيئًا فشيئًا رغم صغر سنه، وسرعان ما أصبح جبهته أكثر وضوحًا

إذا استمر ذلك، كان من الواضح أنه سيصبح أصلعًا تمامًا في وقت قريب

-لا ! لم المس ذراعيه ورجليه ! ، فقط شعره ! ما المشكلة ؟ وماذا لو اختفى؟ ما الأمر الكبير في ذلك ؟

فجأة، تذكر الرقم 21 حجة كايين وبدأ يتصبب عرقًا برعب

عندها فقط فهم لماذا كان الإمبراطور المقدس صارمًا للغاية معه

"... هناك شيء ما ! كايين يمكنه أن يرى شيئًا لا يستطيع الآخرون رؤيته، ولديه القدرة على أن يؤذينا به!"

على أي حال، استمرت هذه الأنواع من الحوادث الصغيرة بعد ذلك. بعد كل شيء، كان صبيًا صغيرًا، لذا مهما حذّرته، لم يكن يستطيع دائمًا البقاء هادئا وسماع الأوامر

كان كايين أحيانًا يدخل في مشاجرات جسدية مع أطفال في سنه في الشارع ، أو يتسلل إلى أعضاء النقابة وينتزع شيئًا من روحهم ..

وفي كل مرة يحدث ذلك، كان الإمبراطور المقدس يمسك العصا ويبدأ بملاحقته ، وبطبيعة الحال، كان غضب "كايين" تجاهه يزداد.

"كيف يعرف أبي كل ما يحدث لي خلال اليوم؟ حتى الحراس لم يلاحظوا أي شيء ! أنت تتخيل كل هذا!"

"ألم أخبرك؟ لا يمكنك خداع عيناي ، كايين."

لكن الأمر المدهش هو أنه على الرغم من أن الإمبراطور المقدس كان يوبخ الطفل بصرامة، إلا أنه لم يحاول أن يقدم الحكمة له

بل قام بتحقيق شامل في الأضرار التي تسبب بها الصبي وأصر على معاقبته بنفس الطريقة التي تسبب بها في إيذاء الآخرين

بالطبع، طبيعة كايين لم يسمح له بتقبل هذا بسهولة

" لماذا تضربني؟"

"ألم أخبرك؟ لكل عمل سيء رد فعل ، ولكل سبب نتيجة"

"لكنني قمت بقطع أصبح شخص آخر ! لم يجب عليك تأديبي لذلك ؟! "

"أنا والدك، كايين ، واجبي هو تأديبك بشكل صحيح ، لا يمكنني فقط نزع جزء من روحك بعد أن يفسد ! هل ترغب حقًا في ذلك؟"

ثم نظر كايين إلى الإمبراطور بحقد في عينيه الحادتين.

" واو ! كان من الأفضل لو لم أقابل أبًا مثلك في حياتي! أنت الأسوأ !"

" طالما أنني أبقي عيني مفتوحتين، فلن تستطيع الاختباء مني لبقية حياتك. لذا استسلم واستمع إلي."

"تباً!"

ولكن كان هناك شيء لم يستطع الرقم 21 فهمه. هل من الصعب حقًا تصحيح الأخطاء الصغيرة التي يرتكبها هذا الطفل ؟

"كايين" كان أذكى من أقرانه وكان بإمكانه الحصول على كل ما يريده دون الحاجة إلى الدخول في صدامات مع الآخرين

لكن لماذا دائمًا يختلق المشاكل مع الآخرين عندما يستطيع فقط ان يتخطاها ، ويخلق مشكلات غير ضرورية تؤدي إلى ضربه من قبل الإمبراطور ؟

"...هل يحاول عمدًا استدراج جلالته ليضربه... بالتأكيد هذا ليس الأمر؟"

ربما كان في ذلك الوقت بدأ الإمبراطور في تغيير طريقة العقاب تلك

فبدلاً من ضرب "كايين" مباشرة، بدأ يقفل عليه في غرفته لفترة زمنية معينة لكل خطأ يرتكبه، أو حتى يفرض عليه عقوبة الإقامة الجبرية لفترة محددة

عندما بدا الرقم 21 متعجبًا من هذا ركض وسأل الإمبراطور مباشرة ، ثم تنهد الإمبراطور المقدس بهدوء وأجاب بإجابة قصيرة

"هذا لأن كايين يستخدم نفسه لينتقم مني "

"...كيف- ؟"

" أنه يعتقد أن الالم الذي يسببه لي عندما أضربه أكبر بكثير من العقاب الذي يتلقاه ، لذا عندما يفعل شيئاً سيئاً ، يعتقد أنه يعاقبني بدلاً من أن يتلقى العقاب ، ولهذا السبب لن يتوقف أبدًا عن افتعال المشاكل "

في ذلك الوقت، لم يكن الرقم 21 قادرًا على فهم كلمات الإمبراطور المقدس على الإطلاق

لكن الغريب، أنه مع زيادة الوقت الذي يقضيه كايين مقفلاً في غرفته بدلاً من تلقي العقاب الجسدي، بدأت تصرفاته السيئة بالتناقص تدريجيًا ، وظن رقم 21 أن هذه كانت نهاية الأمر

"لكن هل كان حقًا ينوي معاقبة والده ... ... ؟"

مهما كانت الحقيقة، بدا أنه كان هناك بعض الهدوء بينهما لفترة

لكن هذا لا يعني أن كايين قد تخلى عن التمرد ضد الإمبراطور. بدلاً من إحداث المشاكل للآخرين، زادت انتقاداته المباشرة ومعارضته للإمبراطور قوة

ثم، بدأ هذا الطفل الذكي تدريجيًا في جعل والده يشعر بالندم على كل شيء

"هذا ليس عدلاً! أنت الذي لم تأت إلي وتبحث عني حتى الآن! لماذا تشعر بالقلق الآن بحيث تتدخل في حياتي؟"

"لقد أخبرتك مرارًا وتكرارًا ، روحك قد وصلت إلى نقطة حرجة .. إذا ارتكبت أي ذنب آخر أو حاولت التغذي على أرواح الاخرين ، لا أستطيع أن أضمن ما سيحدث لروحك... "

"إذن هذا كله خطأ أبي!"

"... ... !"

"السبب الذي يجعلني أرى الأرواح هو لأني أشبه أبي! والسبب في أن روحي على هذا النحو هو بسبب أبي! لماذا يجب أن أدفع الثمن بدلاً منك؟ هذا غير منطقي!"

"... ... ."

لأول مرة في ذلك اليوم، لم يستطع الإمبراطور المقدس الرد على كايين. ولم يتمكن الرقم 21 من نسيان تلك العيون السوداء الحادة التي لمع فيها الغضب في تلك اللحظة

منذ ذلك اليوم، بدأ "كايين" تدريجيًا في التعبير عن عدوانيته مباشرة نحو الإمبراطور المقدس

- لا تؤذِ الآخرين أبداً مالم يؤذوك

كانت هذه هي القاعدة الوحيدة التي قدمها الإمبراطور المقدس للطفل

ولكن، الدمية التي كان الإمبراطور المقدس يسكنها لم تكن "إنسانًا".. والشخص الذي ارتكب الخطأ الأول بينهما كان هو الإمبراطور المقدس نفسه

ومن المضحك أن ذلك الطفل اكتشف تلك الثغرة بسهولة

***

"هاه... ... ."

"السيد 21 ما بك؟ لماذا تتنهد فجأة؟"

فرع النقابة في آسين

رقم 21، الذي توقف لفترة وجيزة قبل أن يتوجه إلى قصر "كايين" اليوم، شعر بالسرور عندما رأى "أسلان" يقترب من بعيد.

"لقد مضى وقت طويل، أسلان.. كيف حالك؟ هل تتدرب على المبارزة بشكل جيد هذه الأيام؟"

"هاهاها ! حسنًا، لا أعرف إن كنت جيدًا في ذلك، لكنني أحاول بذل قصارى جهدي."

اقترب "أصلان" بابتسامة خجولة

هذا الفتى، الذي يتدرب بجد ليصبح فارسًا في القصر العام المقبل، هو شاب طيب ومبهج حقًا كلما تعرفت عليه أكثر.

نظرًا لأن لقائهما الأول كان مميزًا للغاية، حتى الناس الذين لم يكونوا ودودين مثل رقم 21 بدأو يشعر بالارتباط بالفتى تدريجيًا

"لقد نموت كثيرًا في هذه الأثناء.. قريبًا ستكون بطولي."

"هذا بفضل لطف النقابة تجاهي ! أتناول طعامًا لذيذًا كل يوم."

"بالطبع .. ألا يعتني مدير الفرع 'جاستن' بك جيدًا؟"

"أه، أم... ... ."

عندما جاء ذكر مدير الفرع، بدا "أسلان" محرجًا وأدار نظره بعيدًا.

"لم يأتِ إلى مكتب الفرع مؤخرًا. لا بد أنه مشغول جدًا."

"حقًا؟"

"لكن، لحسن الحظ، قال لي إن لدي موهبة طبيعية ولهذا قال إنه بالنسبة لي، التدريب الفردي سيكون أكثر أهمية من تعليمات المعلم.. هل صحيح أن العبقرية هي شيء يجب أن تدركه بنفسك؟"

"يا إلهي... ... ."

نعم. أتساءل لماذا يدّعي هذا المدير المشاكس للنقابة أنه سياف بكل سهولة

مؤخرًا، يبدو أنه لم يُرَ مطلقًا في العاصمة ما الذي يفكر فيه بالضبط؟

"لكن، أنا... ... ."

بينما كان رقم 21 غارقًا في التفكير، فتح "أسلان"، الذي كان يراقب تعابيره، فمه بهدوء.

"بارت... ... ."

"ماذا؟"

"لا، أقصد ، كيف حال جلالته هذه الأيام... ... ."

بينما كان رقم 21 يحدق باهتمام، توقف "أسلان" عن الكلام وحك رأسه كما لو كان محرجًا

"لم أره منذ فترة "

"...حقًا."

'هل هو مميز لديك لهذه الدرجة؟'

على الرغم من أنهم لم يروا بعضهم سوى لأيام قليلة، يبدو أن الرجل قد ترك انطباعًا كبيرًا على الفتى.

بالطبع ، أليس رقم 21 يعرف أكثر من أي شخص آخر ما يعنيه أن يكون للطفل الذي ليس له مأوى ولا منزل شخص يحميه ؟

"إنه يسأل عن حالك بانتظام.. وسمعت أنه يتلقى تقارير عن إنجازاتك من السيدة "باولا" في كل مرة."

"حقًا؟ إذن يجب علي أن أبذل جهدًا أكبر كي لا أخيب أمله!"

أصبح وجه الفتى يضيء بفرح، غير قادر على إخفاء سعادته، وكأن هذه الإجابة كانت ما كان يأمل سماعه. يبدو أنه سعيد حقًا بالاهتمام البسيط من الإمبراطور ، ويريد أن يرد الجميل

فكر رقم 21 بمرارة

'إنه مختلف تمامًا عن أبنه ذلك ... ... .'

فقط لو كان هذا الفتى هو ابن جلالته، بدلاً من "كايين".

لم يستطع رقم 21 أخفاء أفكاره

2024/10/05 · 444 مشاهدة · 1722 كلمة
غيود
نادي الروايات - 2025