الفصل 27 : المفترس (1)
لم تستطع مارثا أن تنسى المرة الأولى التي التقت فيها عيناها بطفلها.
كان الشيء الصغير الملتف بمعطف من الفرو يحدق بها دون أن يبكي. كانت عيون الطفل شديدة السواد، عميقة ومظلمة، كما لو أنها لا تعكس شعاعًا واحدًا من الضوء، وبدا كما لو أنها تلتهم صورتها بل وتمتص روحها.
في تلك اللحظة، بالكاد قاومت مارثا الرغبة في رمي معطف الفروي بعيدا.
* * *
".....أنت وغد سريع البديهة."
للحظة، شعر أصلان وكأن جسده كله متجمد ولا يستطيع الحركة.
كان لكلمات كايين آثار كثيرة. كان هو الذي تسبب في كل هذا. و هدفه هو أصلان.
هل ما قاله صحيح؟ إذا كيف؟ لماذا؟
نظر كايين إلى وجه أصلان الصلب ومرت بجانبه بسخرية. يعرج، يعرج.
لم يكن بوسع أصلان إلا أن يشاهد وفمه مغلقًا وهو يبتعد عن الساحة.
انتقل أصلان وبارت إلى مقصورة أصلان تحت مراقبة العديد من قطاع الطرق. وهذا يعني أن شكوك جيروم لم يتم حلها بعد.
"أريد أن التحقق من الفخ الذي تم نصبه...… ".
"هل الفخ هو المشكلة الآن؟ اقرأ المزاج أيها الوغد."
بصق أحد قطاع الطرق على كلمات أصلان وأغلق الباب من الخارج. وهذه علامة واضحة للحبس.
حسنًا، من حسن للحظ أنه لم يكن محبوسًا في حظيرة القرية التي كانت تستخدم كسجن.
وانزلق أصلان، الذي فقد أعصابه، وهو متكئ على الحائط وسقط على أرضية الكوخ.
"بارت."
نظر بارت إليه، الذي كان مستغرقًا في التفكير.
"بالأمس هل سألت كايين إذا كان لديه ضغينة من قبل؟"
" ......… "
"هل كل هذا حقًا من فعل كايين؟"
عيون بارت، وهي تنظر إلى أصلان في المقصورة المظلمة، تسلط بريقًا فضيًا غريبًا.
"لا تنزعج كثيرًا مما يقوله هذا الطفل. كل هذا استفزاز محسوب".
محسوب ؟
عندما نظرت إليه بصراحة، بدأ بارت يشرح بصوت هادئ.
"الأول هو أن يجعلك تشك فيه و أن تعمل جاهدا على محاولة إزالة شكوكك. أما أنت فلا تعرف ما إذا كان هذا من فعل الطفل أم لا، وليس هناك طريقة للتحقق. ومع ذلك، إذا كنت تعلم أن شخصًا ما يحاول توريطك، فسيكون من السهل الوقوع في فخ آخر بشكل متهور بسبب الشعور بالأزمة . "
"أوه…… ".
كان الأمر كذلك. اعتقد أصلان أن كايين كان يحاول الإيقاع به، وكان يتساءل عما إذا كان ينبغي عليه مغادرة الكوخ واتباع خطاه.
"ثانيًا، يريد أن يرى مدى معرفتك بهذا الأمر ورد فعلك لمعرفة ما إذا كان تجنب التهم الحرجة كان مجرد حظ أم لا".
" .....… "
كيف كان رد فعل أصلان في ذلك الوقت؟ بفضل تحذير بارت، خمن دون وعي أن شيئًا ما سيحدث، ولذلك أجاب بصدق على فارق كايين الدقيق عندما سأل إذا كنت قد لاحظ شيئًا ما.
الآن، يجب أن يقتنع كايين بأن أصلان يعرف شيئًا عن هذه الحادثة.
"..... إنه طفل ذكي. ربما كان هذا الموقف يدور في ذهنه منذ اللحظة التي أقنعك فيها بأن تأخذني معك."
ماذا؟
"اقناع....أنت تقول؟"
عندما اتسعت عيون أصلان في دهشة، أمال بارت رأسه قليلاً وأجاب.
"جيروم، ألم تخبرني أنه رجل مشبوه للغاية؟ عندما وصلت، كان نيته في قتلي كبيرة . لكن أليس بسبب عناد الصبي أنه غير رأيه و تدخلن أنت؟"
… بالتفكير في الأمر ؟
"أعتقد أنهم حسبوا أنه إذا تم اتهام أي منكم أو أنا بالتجسس، فلا بأس بذلك."
أدرك أصلان أنه لم يكن يعرف شيئًا عن كايين حتى الآن.
و كيف كان ينظر اليه حتى الآن؟
ابن جيروم ومرثا. صبي يصاب بالشلل بعد أن أساء إليه جيروم ويصب غضبه على العالم. الصبي الذي يريد قتل الجميع في هذا العالم ويقسم أنه سيقتل الجميع كلما سنحت له الفرصة. حياة مثل القمامة التي لا تفيد هذا العالم ولا تسبب سوى إزعاجًا للجميع.
ولكن ماذا لو، في الواقع، تم حساب كل شيء؟
"أوه، لا مفر .....أليست هذه فكرة مبالغ فيها؟"
تم نطق هذه الكلمات بضحكة، لكنه كان صوتًا لم يكن حتى أصلان نفسه واثقًا منه.
أعتقد أن هذا غير محتمل، لكن ماذا لو كان ما يقوله (بارت) صحيحًا؟ إذن ما هو الغرض من تصرف كايين بهذه الطريقة؟ لا، هل من الممكن الحصول على شيء من خلال التصرف بهذه الطريقة؟
فكر أصلان للحظة، لكن لم يتبادر إلى ذهنه شيء. في المقام الأول، لم يتمكن حتى من رؤية معنى كلمة واحدة قالها، فكيف يمكنه تخمين نواياه المعقدة؟
أررغغغ.
نظر بارت إلى أصلان، الذي كان يعبث بشعره، للحظة، ثم سار إلى أحد جوانب الكوخ، وجلس بهدوء على الحائط، وأغمض عينيه.
"هذه أشياء سيتم حلها بمرور الوقت على أي حال. سيصبح الأمر مجنونًا بعد فترة قصيرة، لذلك أعتقد أنه سيكون من الجيد بالنسبة لك أن ترتاح وتحافظ على قدرتك على التحمل."
لا يعني ذلك أنه لم يكن كذلك، بل بدا متعبًا بعض الشيء.
أحس أصلان غريزيا بالهالة حول بارت مرة أخرى، لكن مستوى نشاط الهالة كان لا يزال عند مستوى شخص مريض على وشك الموت. عادة، مع هذا المستوى من تنشيط الهالة، سيكون من الصعب تحريك جسده، لكنه بطريقة ما تمكنت من متابعته إلى أعلى الجبل طوال الصباح.
أوه، تعال للتفكير في الأمر.
"بينما لدينا الوقت، هل يجب أن نعالج جروحك أولاً؟"
قفز أصلان من مقعده وبدأ بأخذ زجاجات الدواء من الرف. كانت هذه اللصقات تساعد على منع انتشار الجروح وتخفيف الكدمات بسرعة. هذه هي أعمال أصلان الخاصة التي تم صنعها وفقًا لوصفة سيمور الخاصة.
حاول تحريك يديه للحظة، لكن معصه كان ممزقًا. قد تكون فكرة جيدة إضافة شيء ما إلى داخل الأصفاد.
في البداية، شاهد بارت ما كان يفعله دون أن يعرف ما كان يفعله، ولكن عندما اقترب أصلان وهو يحمل قارورة وقطعة قماش نظيفة، بدا وكأنه يدرك ما كان يحاول فعله.
"آه، إذا كان هذا هو الحال....… ".
حاول إيقافه لاحقًا، لكن أصلان كان أسرع في فك الأصفاد من يديه.
".....… ؟"
اتسعت عيون أصلان وهو يبحث بلا تفكير في الأصفاد. كان معصم بارت أملسًا وخاليًا من أي خدش، كما لو أنه لم يُصاب بخدش من قبل.
"ماذا؟"
نظر إلى وجه بارت، ثم إلى معصمه، ثم قال:
"ماذا؟"
همم. تجنب بارت نظرة أصلان قليلاً وأخفى يده تحت حاشية ردائه الطويل.
"ألم أذكر أنني كنت كاهنًا قبل أن تكون صيدليًا؟ إنه أمر طبيعي بالنسبة لأولئك الذين يتمتعون بالقوة الإلهية."
"آه، أليس غوستاف هكذا؟"
على الرغم من أنه كان كاهنًا منخفض المستوى، إلا أن غوستاف كان يمتلك قدرًا كبيرًا من القوة المقدسة. لا أعتقد أنه كان يمكن أن يتعافى بسرعة إلا إذا صلى بشكل عظيم واستخدم القوة المقدسة.
لا، ومع ذلك، لم يختفي كل شيء مرة واحدة دون أي ندوب.
علاوة على ذلك، ألم تفقد كل قواك المقدسة بعد محاكمتك بتهمة الهرطقة؟
لم تكن علامة عابد الشيطان علامة تجارية عادية.
علامة على أن كل البركات التي تلقتها من الحاكم الرئيسي قد أُخذت، وأن الروح فقدت إلى الأبد حتى الحق في الخلاص. إنها العقوبة الأبدية التي لا يمكن الهروب منها حتى بعد الموت. لا يطلق عليه أسوأ عقوبة أو عقوبة الإعدام من أجل لا شيء.
"إن الحاكم يشفق ويهتم حتى بالمؤمنين الشباب الذين ضلوا طريقهم."
وجه أصلان تشوه.
هل هذا منطقي؟ أين أصبحت فجأة تبشر بالهرطقة يا عبد الشيطان؟
"فقط في حالة هل انت جاسوس متنكر في زي سجين...لا، أليس كذلك؟"
"...أنا لست جاسوساً...لكن…"
"لكن؟"
" .......… "
"أوه بجدية! ما الذي أقحمت نفسي فيه مع جيروم بحق السماء؟"
مثل هذا تماما. أعتقد أنني سأطعن جيروم.
حدق أصلان في بارت بعبوس للحظة، ثم تنهد وبدأ في لف قطعة القماش التي أحضرها حول معصمه. راقب بارت أصلان بهدوء وهو يلف طبقتين أو ثلاث طبقات سميكة من القماش ويتركه بمفرده.
أخيرًا أنهى أصلان ربط العقدة بدقة وتذمر وهو ينظم زجاجة الدواء.
"حتى لو تم شفاءه بسرعة، فمن الأفضل ألا يكون هناك أي ندبات. وأيضًا، لا أعتقد أنه سيكون من الجيد أن يراها الآخرون.
فإذا رأيت خدشاً يظهر ويختفي في لحظة، فسوف تُتهم فوراً بأنك جاسوس، ولن يكون ذلك في صالحك. اتسعت عيون بارت قليلاً كما لو أنه لم يفكر في الأمر إلى هذا الحد، لكنه أومأ برأسه بعد ذلك.
"حسنا شكرا لك."
شعر أصلان فجأة بالغرابة. أعتقد أنني سمعت تحية مماثلة بالأمس، لكن خطر لي أن درجة الحرارة تغيرت قليلاً في يوم واحد فقط.
"... إذن، أنت لست جاسوسا حقًا؟ "
".....لا."
* * *
"إنه الشخص الوحيد الذي يمكن أن يطلق عليه جاسوس، أيها الرئيس. لا شك في ذلك."
قام أحد اللصوص بنظرة شرسة برفع أكمامه وهدر.
"لا بد أنه هو الذي قتل كونراد! إذا ذهبنا وتغلبنا على عابد الشيطان هذا الآن، فسيتم حل كل شيء!"
"لقد جاء بالأمس. وكانت إحدى الجثث التي تم العثور عليها أبكر بثلاثة أيام على الأقل.
ولوح جيروم بيده معبراً عن الانزعاج.
"لا، لماذا تفكر بهذه التعقيد!"
"هذا صحيح يا رئيس. بادئ ذي بدء، ليس هناك ضرر في قتل شخص مشبوه، أليس كذلك؟ "
"توقيت ظهور ذلك الرجل فجأة على الجبل غريب أيضًا. أليس من الغريب أن يهتم الباعة المتجولون بالدخول إلى طريق تجاري نادرًا ما يستخدم؟"
مع زيادة عدد المرؤوسين الذين وافقوا على رأي الرجل واحدًا تلو الآخر، تغيرت نظرة جيروم.
"وإلا هل هناك من تريد أن تتهمه وتتخلص منه بدلا منه؟ أو أن هناك مجموعة منا تريد أن تسكتها”.
" ......… "
في لحظة، تجمد الجو في المقصورة.
كان جيروم قائداً قوياً. كان أيضًا قادرًا على جمع رجاله مقدمًا قبل أن تجتاح قوة روهان القمعية الجبال وتظهر عليها علامات التوجه جنوبًا. ولذلك كان مرؤوسوه يثقون به ويتبعونه دون أي تردد.
ومع ذلك، بقدر ما كان قادرًا، كان أيضًا رجلاً كثير الشكوك. وأولئك الذين كانوا متشككا فيهم ولو قليلاً لم ينجوا طويلاً في قطاع الطرق.
"....هل هذا حقا ما يفعله أصلان؟"
أحد قطاع الطرق الذي كان يراقب بحذر فتح فمه.
لقد تم اكتشاف جثتين الليلة الماضية بالقرب من قرية القطع والحرق. عاد فريق البحث إلى القرية بعد منتصف الليل وأبلغ جيروم أنهم عثروا على جثث عليها آثار تعذيب واضحة في الجانب الشرقي من القرية.
بعد سرقة التاجر قبل بضعة أيام، حبسوا أنفسهم في منزلهم بزجاجة من الكحول وأخبروهم بعدم البحث عنها لبضعة أيام، لذلك لم يعرفوا حتى أنهم اختفوا من القرية.
بمجرد أن رأى جيروم وقطاع الطرق الجثث، كان أول شيء فكروا فيه هو أصلان. كان هو الوحيد الذي يتجول في الجانب الشرقي من الجبل مجتهدًا، مستخدمًا أعذارًا مثل الصيد والأعشاب الطبية.
ومع ذلك، في الأسابيع الأخيرة، كانت هناك شائعات شريرة تدور حول وجود دلائل على أنه سيتم تنظيم فرقة القمع في آسين، وأن الجواسيس قد تم إرسالهم بالفعل من آسين قبل القهر.
ومع ذلك، فإن سبب تردد جيروم، الذي كان على استعداد للقبض عليه وقتله، كان بسبب تصريحات كايين الساخرة خلفه.
—لماذا هذا الوغد؟ هل هو قادر على فعل ذلك؟
بعد كلماته، استعاد جيروم رباطة جأشه وبدأ يشعر بالقلق. بدأ الشك المعتاد يهدأ.
عندما فكرت في الأمر، كان الأمر كذلك. لماذا فعل ذلك؟ هل فعل ذلك بمفرده؟ إذا قتل شخصًا ما الآن لمجرد أنه غاضب، ألن تترك القضية دون أي أدلة؟
لذلك طلب جيروم من مرؤوسيه مراقبة تحركات أصلان. إذا ظهر دليل حاسم أو شخص يبدو أنه جزء من عصابة، كانت الخطة هي أخذ الوقت لضرب الشخص ببطء وجعله يكشف عن جميع الحقائق التي كان يخفيها.
ولكن تم اكتشاف جثة جديدة اليوم. يقال أنه بالقرب من الشلال، حيث يذهب أصلان عادة، كان المرؤوس المقتول مستلقيا مع خنجر عالق فيه. لم تكن بقع الدم على ظهره قد تصلبت بعد.
ومع ذلك، كان أصلان يتجول في المكان الخطأ في ذلك الوقت. والآن أصبح مكان هذه القضية غير معروف.
"يجب أن يكون هو ، أليس كذلك ؟؟"
"سمعت أنه الوحيد الذي نجا من مجموعة قطاع الطرق السابقة، أليس كذلك؟ هذا مشبوه أيضا. ربما كان متعاونًا مع قوة إخضاع روهان...… ".
كان جيروم ضائعًا في أفكاره، تاركًا مرؤوسيه يتهامسون.
بالأمس، كان رأسه ساخنًا جدًا لدرجة أنه لم يفكر في الأمر، لكنه لم يستطع استبعاد احتمال أن يكون شخص يعرف المكان الذي يذهب إليه أصلان عادة يحاول تلفيق الاتهام.
إذا كان الأمر كذلك، من سيكون؟ إذا كان شخصًا يكره أصلان دائمًا، فإن أول ما يتبادر إلى ذهنك هو ابنه كايين.
ومع ذلك، بالأمس، انتهى كاين بمنع جيروم من محاولة قتل أصلان...….
تحولت عيون جيروم إلى كايين، التي كانت يجلس في الخلف مع نظرة متجهمة على وجهه
لقد كان على حق في ذلك الوقت. وفجأة فتح أحدهم باب
المقصورة.
"رئيس! رئيس! هناك مشكلة كبيرة!"
اندفع مرؤوس شاحب الوجه على عجل أمام جيروم، وهو يلهث ويتحدث بسرعة.
"من الهاوية، سقطت مارثا من الهاوية، ويبدو أن حالتها..…"
"......… !"
نهض جيروم من مقعده مع تعبير قاس على وجهه.
انتهى الفصل السابع و الثلاثون
_____________________________________________________
ترجمة : روي / Rui
حسابي في الانستا لأي تساؤلات: jihane.artist