582. الوعد (11)
أحسّ لياندروس بشعورٍ غريب. فقد بدت له كلمات الأمير موريس أقرب إلى وصيّةٍ منها إلى حديثٍ عابر.
"النتيجة محسومة، والسبب كافٍ. لذا، من الآن فصاعدًا، سيُرشدك شخصٌ آخر إلى الطريق."
وخاصةً هذه الجملة، فقد حملت معنًى مختلفًا قليلًا للياندروس الذي يسكن جسدًا بشريًّا.
أتُراه يعتزم، حقًا، تسليم جسده السليم إلى شيطانٍ آخر؟
'لا، هذا لا يُعقل. لا يمكن لشيطانٍ أن يتخلّى طوعًا عن الجسد الذي استحوذ عليه! هذا مستحيل!'
لولا ذلك الإلحاح الخافت في عيني الأمير، لكان لياندروس قد شكّ بشدّة أنّه يخطّط لفخٍّ ما.
لكن عيني الأمير… تلك النظرات المُلِحّة، التي تُشبه شمعةً تحاول ألا تنطفئ رغم الريح، جعلت لياندروس يتذكّر الشيطانة التي استدعته إلى هذا العالم أوّل مرّة.
-"بما أنّني سأمنحك قوّتي، فسأنقل إليك العهد أيضًا، سولاندر. ما لم يحدث أمرٌ خارج عن المألوف، فإنّك ستعيشُ لفترةٍ طويلة. لذا من الآن، افعل ما تراه صوابًا."
قالت تلك الكلمات ووجهها يفيض بالحنين، غير راغبة في الرحيل.
لكنّها كانت حالةً استثنائيّة. لذا، حتى لو بدت تصرّفاتها آنذاك وكأنّها تُخالف طبيعة الشياطين، فإنّها لم تكن تملك خيارًا آخر.
لكن ماذا عن الأمير موريس الآن؟
لقد وُلِد في جسدٍ بشريّ منذ البداية، وتمكّن من التسلّل بنجاح إلى صميم العاصمة الإمبراطوريّة. بل وضمّ إليه حتى الإمبراطور المقدس، العدوّ الأوّل للشياطين جميعًا.
فما الذي يفتقر إليه بعد كلّ ذلك، ليقول فجأة إنّه سيتخلّى عن جسده لشخصٍ آخر؟
"سموّ الأمير… حين تقول 'شخصٌ آخر'… من تعني بذلك؟"
سأل لياندروس بحذر، ففرك الأمير موريس عينيه المتعبتين وأجاب:
"نعم. أقصد، حتى لو اختفى وجودي الآن، فإنّ روحي ستُكمل ما لم تستطع إنجازه."
كانت الكلمات ما تزال غامضة، لكن لياندروس لم يستطع أن يستفسر أكثر، إذ إنّ الأمير لوغان أتى يحمل أكواب الشاي الفوّاحة.
"لياندروس، إن لم يكن لديك مانع، فهل ترغب بفنجان شايٍ هنا معنا؟"
وهكذا، وجد لياندروس نفسه يتناول شايًا نفيسًا حضّره الأمير بنفسه.
راح يرشفه بحذر، متفحّصًا نكهته الحلوة، وما لبث أن بدأ الأمير موريس يغفو قليلًا، حتى سقط رأسه للأسفل.
"يبدو أنّ مفعول شاي النوم مذهلٌ بالفعل."
قال ماسين وهو يسند رأس الأمير، بينما مال لوغان برأسه باستغراب:
"شاي النوم؟ ما هذا يا أخي؟"
"ألَم تعلم؟ الأمير موريس بات يُطلق على هذا الشاي اسم 'شاي النوم'."
"أوه، حقًّا؟ يبدو اسمًا يليق بموريس فعلًا!"
وفي النهاية، غادر لياندروس قصر الوردة الزرقاء وهو يشعر بانقباضٍ خفيّ في صدره. لكن ربّما كان عليه أن يُولي اهتمامًا أكبر لما جرى ذلك اليوم.
فبعد وقتٍ قصير، ورد خبرٌ صادم من الشمال، شيطانٌ عظيم وقويّ، لم يسبق له مثيل، تمّ استدعاؤه. وبالطبع، كان لياندروس أوّل من تمّ إيفاده إلى هناك، وفي النهاية، تدخّل الإمبراطور المقدس بنفسه ليقضي على ذلك الشيطان المروّع.
لكن ما إن عادوا إلى القصر بعد انتهاء المعركة، حتى تلقّوا نبأً مفاجئًا، الأمير موريس… قد اختفى.
– "استغلّوا بُعد جلالته، فتسلّلت بقايا طائفة الظلام إلى داخل القصر…!"
– "هل سمعت؟ إنّ الإمبراطورة إليزابيث، التي لم تكن تستلطف سموّه، قد أخذت ابنها بنفسها…"
– "ليس صحيحًا. قيل لي إنّ الأمير موريس هو من خرج بنفسه، متسلّلًا بين الحراس، وغادر قصر الوردة الزرقاء بكلّ هدوء…"
– "لكن دع بيننا فقط… هل سمعت عن الشائعات التي تتحدّث عن المُجهز مسبقًا؟…"
عندها فقط، شعر لياندروس وكأنّ ضربةً مباغتة أصابت مؤخرة رأسه.
لقد كان يشكّ بالأمر، لكنّ الأمير موريس في ذلك اليوم، كان بالفعل يستعدّ لنهايته!
***
بعد أن تمّ إنقاذه على يد الإمبراطور بسلام، لم تمضِ فترة طويلة حتى التقى لياندروس مجدّدًا بالأمير موريس في قصر الوردة الزرقاء. غير أنّه بدا عليه الإنهاك الشديد.
"...مرحبًا، سير لياندروس."
وبينما ينحني أمام فراش الأمير، تفاجأ لياندروس بالجوّ الكئيب الذي غلّف المكان.
لم يكن القصر على حاله، فالأجواء تغيّرت كثيرًا خلال تلك الفترة القصيرة.
لم تكن وجوه الخدم المتوتّرة وحدها ما لفت انتباهه، بل غياب الشخصين اللذين كانا دومًا إلى جانب الأمير.
صحيح أنّ الأمير لوغان ربما كان يُوبَّخ من قِبَل الإمبراطورة و حُبِس في قصرها، لكن… أين اختفى السيّر ماسين، الذي لم يكن يفارق الأمير حتى خارج أوقات دوامه؟
عندها، مرّت حروفٌ حمراء على بشرة الأمير، ثم اختفت تحت طيّات ثوبه.
-تشّتّتتْ… تشّتّتتْ…
"آه!"
شهقت الخادمة التي كانت قد دلّت لياندروس إلى الغرفة، ثمّ هربت راكضةً نحو الممرّ.
راقبها لياندروس ببرودٍ لثوانٍ، ثم استدار نحو الأمير وسأله بصراحة:
"سموّ الأمير. لماذا قمتَ بفعلٍ كهذا؟"
"لأنّ ذلك كان ضروريًّا."
قالها الأمير وهو يُعيد ترتيب ملابسه بصوتٍ هادئ. بدا أكثر اتّزانًا من المعتاد، بشكلٍ مريب.
"ضروريّ؟"
"نعم. ظننتُ أنّك لاحظتَ الأمر منذ زمن…"
تنهد الأمير بتعب، ثمّ أردف:
"لياندروس. ألا تشعر بأنّ أجواء هواء القصر بات أخفّ مؤخرًا؟"
شعر لياندروس بغرابةٍ شديدة في ملامحه.
ذلك الوجه الطفوليّ المشرق عادةً، بدا راشدًا فجأة، لا يقلّ نضجًا عن الأمير لوغان.
بل حتّى مفرداته بدت مختلفة عمّا اعتاد سماعه منه.
ولهذا، استغرق الأمر لحظاتٍ حتى أدرك المقصود من كلامه.
'الهواء… أخفّ؟'
أي أنّ القوّة المقدّسة التي تُحيط بالقصر قد ضعفت، أو تغيّر جوهرها قليلًا.
عندها فقط، أدرك لياندروس أنّه لم يُواجه أيّ صعوبات تُذكر في دخوله وخروجه من القصر في الآونة الأخيرة.
وبينما كان يتأمّل ذلك بذهولٍ صامت، شرح له الأمير بهدوء السبب.
"هل تشعر بذلك؟ القوّة المقدسة لوالدي تتغيّر تدريجيًّا… من أجلي."
نعم. إن فكّرنا مليًّا، فالأمر غريبٌ فعلًا. فموريس، وهو في الأصل شيطان، كيف أمكن للإمبراطور المقدس أن يغمره بالقوّة الإلهيّة في كلّ مرة يُصاب فيها، دون أن يؤذيه؟
لطالما ظنّ الجميع أنّه فقط قادرٌ على تحمّل تلك القوّة لأنّه شيطانٌ فائق.
لكن، أيمكن أن يكون هناك سرٌّ خفيّ خلف تلك الظاهرة؟
"أبي، الآن، يقف على مفترق طرقٍ بالغ الأهميّة."
أكمل الأمير حديثه بصوتٍ هادئ.
قدرة الإمبراطور المقدس على السيطرة على الأبعاد باتت قويّة للغاية، إلى درجة أنّ كلّ ما يُدركه، أو يتمناه، أو حتى ما يجهله من رغباتٍ دفينة… يؤثّر بعمق على هذا العالم.
لكن، بقدر ما تكون تلك القوّة عظيمة، بقدر ما تكون خطيرة.
لأنّ وعيه، دون قصد، يُمكن أن يُشوّه طبيعة هذا العالم.
وإذا لزم الأمر، فلن يتردّد الإمبراطور المقدس في الكذب من أجل إنقاذ العالم.
لكن الكذب، مهما كانت نيّته طيّبة، لا يُمكن أن يُبرّر إخفاء الحقيقة.
بل إنّ التشوّه الذي يُخلّفه في بنية الواقع، سيؤدّي إلى انفجارٍ أكبر لاحقًا.
لأنّ الخداع غير الناتج عن شرّ، يكون أكثر دهاءً وأطول عمرًا.
"وسقوط أبي… سيُؤدّي في النهاية إلى دمار هذا العالم."
عند هذا التصريح المرعب، جفّ حلق لياندروس.
"لكن… ألا يكفي أن يتفادى جلالته ذلك التشوّه قدر الإمكان؟"
هزّ موريس رأسه ببطء.
"ذلك غير ممكن. لن يكون أمام والدي في المستقبل أيّ خيارٍ آخر."
قال إنّ حالة دلكروس الآن خطيرة إلى حدٍّ يجعلها تنهار من أيّ اضطرابٍ بسيط. الواقع نفسه بات هشًّا، على شفا الانهيار.
قال الأمير
"أبي يعرف الحقيقة جيدًا، ومع ذلك، فإنه يغيّر طبيعة القوة المقدسة من أجل [موريس]، وفي النهاية، سيزعزع حتى تعريف الشر نفسه لأجل [موريس]. هذا يعني أن العائق الأكبر أمام والدي... هو وجود هذا [موريس] بعينه."
ربما تمر الأمور الآن بلا ضجة، لكن إن استمر الزمن هكذا، فسينتهي المطاف بالامبراطور، شاء أم أبى، بارتكاب عدد لا يحصى من الخطايا. لهذا السبب، يجب محو وجود هذا [موريس] قبل فوات الأوان — هذا ما قاله الأمير.
"وهل يعلم جلالة والدك بما تفكر فيه يا سموّ الأمير؟"
"لا. طالما أنا لا أريده أن يعرف، فلن يعرف أبدًا. أبي مقتنع تمامًا أنني الأوراكل القادم."
ابتسم الأمير، ابتسامة مُرّة لا تشبه الأطفال.
"إنه يحاول قدر الإمكان تجنّب الصدام معي الآن. لذا، فلن يتطفل على ما أحاول إخفاءه فعلاً."
"حتى وإن كان قادرًا على قراءة كل ما دار بيني وبين سموّك؟"
"نعم. حتى وإن استطاع قراءة كل شيء."
قال الأمير موريس ذلك بحزم، ثم خفّض صوته قليلاً وتابع:
"سأُخبرك بسر ممتع، لأنك كتوم بطبعك، ولأن بيننا [وعد]."
ثم أشار له ليقترب، فاقترب لياندروس بحذر من السرير، فمال الأمير نحوه وهمس بصوت خافت
"في الحقيقة، الشياطين العليا التي تطمع في هذا العالم، كانت تجهّز منذ زمن طويل ما يُعرف بـ [المجهز]."
"المجهز ...؟"
تذكّر لياندروس أنه سمع بعض العاملين في القصر يتهامسون مؤخرًا عن نبوءة تنشرها بقايا طائفة الظلام سرًا.
حين أنصت باهتمام، بدت على الأمير موريس علامات الثقة، وقال
"في الحقيقة، عرفت بخططهم في لحظة حاسمة. فطردت روح ذلك الذي كان مُعدًا ليكون البديل، وأخذت مكانه."
اتسعت عينا لياندروس بدهشة، فابتسم الأمير كمن يستمتع بردة فعله.
"بالطبع، ستسعى روحه للحاق بي لاحقًا، وتحاول أن تولد كابن لأبي، تمامًا كما خُطّط له. وربما... ربما وُلد فعلًا في هذا العالم ، لكن بما أنه طُرد من مكانة المجهز مسبقًا، فلن يتمكن بسهولة من الوصول إلى العاصمة الإمبراطورية."
توقف الأمير قليلًا، ثم تابع
"لذا، كن حذرًا يا لياندروس. فهو مقدّر له أن يدمّر والدي يومًا ما ، وقد وُلدتُ أنا كابنه بدلاً عنه على مضض، لكن في النهاية، كل ما فعلته هو تأجيل مخططه قليلاً."
"...ماذا؟"
حاول لياندروس جاهدًا استيعاب المعلومات المتدفقة فجأة.
"لحظة، سموّك... هل تقصد أنك تجسّدت في جسد بشري فقط لحماية جلالته؟ وأنك تنوي محو وجودك من أجله؟
ولكن لماذا؟ لماذا يُفترض بك، وأنت شيطان، أن تحميه بهذه الطريقة؟"
نظر الأمير موريس إليه بدهشة بريئة، وكأنه عاد إلى طبيعته الطفولية.
"هم؟ ما هذا الكلام الغريب؟ لأنه أبي، طبعًا."
"لكن يا سموّك، بناءً على ما قلتَ، هو أصبح والدك فقط لأنك قررت أن تولد كابنه، أليس كذلك؟"
"صحيح."
"ومع ذلك، تقول إنك وُلدتَ من أجله؟"
"بالطبع. ألم أكرر ذلك منذ قليل؟"
شعر لياندروس بارتباك شديد.
صحيح أن الأوراكل لا يملكون مفهومًا واضحًا للزمن، لكن لماذا، ومنذ متى، يعتبر الأمير الامبراطور والده؟
ولم يكن هذا ما أربكه فقط.
فبناءً على خبرته، من المستحيل أن يتخلى شيطان قويّ مثل هذا طوعًا عمّا يملك، فذلك يخالف طبيعته الجوهرية.
فالشيطان هو كائن من "العدم".
سقط من النور، وانفصل عن الكمال، ووجوده قائم على النقص.
وذلك النقص هو مصدر كل رغباته وجشعه.
وهو لا يكتفي بالتوق إلى ما لا يملكه، بل يدمّره بيديه إن حصل عليه، فقط ليثبت سيطرته.
وسط تفكيره هذا، مال الأمير موريس رأسه جانبًا وقال
"تقول كلامًا غريبًا، لياندروس. ما الغريب في أن أحب ما أملكه؟"
"ما تملكه أنت ؟، سموّك؟"
"نعم، يا لياندروس."
وفي عينيه الرماديتين، ومضة فضية باردة وقوية ظهرت فجأة، وهو يقول
"أبي، وكل ما يملكه أبي، هي أشياء أمتلكها بالفعل.
عالم ديلكروس، هذا القصر الفخم، الأمهات الطيبات، الأخت المسكينة، لوغان، السير ماسين، التوأمان، سيسلي، بل وحتى الكنيسة السخيفة وتلك الطائفة المجنونة...
كلها، بلا استثناء، ملكي."
....
ترجمة : لينا وغيود
بنات التشابتر جلطات فاا بحاول أفهمه واشرح لكم بالتعليقات 😭
اول شي المجهز مين ؟ هو الذي جهزوه ملوك الشياطين عشان يقاتل الحاكم ويكون ضده ( له اسماء مثل المستعد أو الاحتياطي )
وسخرية القدر أنه انولد كأبن لنيت
ونيت تقريبا قريب لمكانة القديس
وفوقها يحب موريس
يقال ان ولادة موريس كأبن لنيت هي شيء من تجهيز الحاكم الرئيسي عشان يقلب الطاولة عليهم ، ماعلينا من هذا كله ونرجع لاحداث موريس وانفصال الروح
خلينا نرجع بالزمن لموريس الصغير قبل حادثة الخطف ، طباع موريس وقتها كانت أنه يتنبأ بالمستقبل بنفس الوقت لطيف وضحوك ويلعب كثير
المهم
انخطف من قبل الطائفة المجنونة ( ماندري مين غالبا )
ليه؟
عشان يدخلون في جسمه روح المجهز ^ الي فوق قلنا شرحها
ويسوون فيه طقوس تدخل في جسمه المجهز
سبحان الله فجأه بنص الطقوس تدخلت شخصيه مهمة ، مين هي ؟ شيطان الراحة
شيطان الراحة تدخل وحاس الطقوس كلها ودخل جسم موريس وطرد موريس الأصلي والمجهز واخذ الجسم
موريس الأصلي ابن نيت راح كوريا
المجهز وش صار عليه ؟
يقولك شيطان الراحة أنه المجهز خسر قدراته وماعاد يقدر يسمي نفسه مجهز ، وروحه ستلاحق موريس ونيت وبتدخل في جسم احد أبنائه خارج ديلكروس
مين انولد خارج ديلكروس ؟ كاين
مين فاز واخذ قدرات المجهز ؟ موريس
معناها لولا الظروف لكان انولد المجهز ( كايين) بجسم موريس لكن موريس لعبها صح واخذ قدرات المجهز وقدرات الراحة والنار حقت ملك الشياطين مره وحدة