مقدمة
"لماذا وصل الأمر إلى هذا الحد...؟" همستُ بهذه الكلمات بهدوء بجانبه وهو
يغوص في نوم بلا وعي داخل غرفة المستشفى.
حالته تشخص ك غيبوبة مستمرة"، أليس كذلك؟" قال الرجل بصوت لا يُقرأ فيه أي
حزن أو فرح، بينما تمرّرت أصابعه برفق على الاسم المكتوب على بطاقة السرير:
"ماتسوأو إيتشيرو".
الغيبوبة المستمرة... أو ببساطة: "الحالة الخضرية".
حيث يفتح المريض عينيه ويتنفس، لكن دون وعي أو إدراك لمحيطه.
قال الطبيب إن هناك أملاً في استعادة وعيه إذا مرت أسابيع أو أشهر قليلة فقط منذ
بداية الحالة... لكن... ذلك الاحتمال ضئيل.
"يبدو أن ماتسو كان شخصًا طيب القلب"
"... أجل.... لو كنتُ... لو انتبهتُ إلى التغير الذي طرأ على إيتشيرو، لما وصلنا إلى هنا
كنتُ لأمنع هذا تمامًا.." انهمرت دموعي دون توقف من شدة اليأس
والألم.
" العالم لا يرحم الضعفاء. بل سيُحيلهم وقودا لوحوش لا تُشفى علتهم" همس الرجل
بهذه الكلمات ثم التفت إلي مبتسماً
فهمت قاعدة (أخذ وأعط)؟"
"نعم.
وأشكرك على حمايتك لنا" بعد أن تهربت منا المستشفيات، ورفضت علاجه
قام هذا الرجل بإحضارنا لهذا المأوى.
لو تأخرنا ٣٠ دقيقة ، لربما فقدناه إلى الأبد.
"ماذا تريد مني أن أفعل؟" سألته.
" سأعطيتك فرصةً لتصفية الحساب"
"... فرصة...؟" كررتُ.
"سأعلمك كيف تقتريين من هدفك" قال ذلك ثم وضع على الطاولة "استمارة قبول
مدرسية" وصورة.
"ما هذا...؟"
"الالتحاق بالمدرسة التنشيئية المتقدمة) هو الطريق الوحيد لبلوغه هذا الشخص"
... قبل ذلك، لم تُخبرني باسمك... من أنت؟" سألت.
"آه، عفواً. أنا (تسوكيشيرو) . أعرفُك جيدًا منذ الطفولة... وأعرفُ ماتسو أيضًا"
"رأيت الكثيرين يتظاهرون بالمعرفة ليخفوا نواياهم" قلت.
"كيف حال الأستاذ (شيروغاني) ؟ " اهتزّ جسدي لا إراديا عند سماع الاسم.
إنه يعرفنا حقا... استسلمت لهذه الحقيقة في تلك اللحظة.
"تعرف الأستاذ شيروغاني إذن"
كنتُ مدينا له كثيراً في شبابي
مظهره يوحي أنه في عمر الأستاذ تقريبًا. لكنّ كلمة "مدين" هنا تحمل معنى مختلفًا
تماما عما نعرفه
"لست شريرة... لكن العالم الذي أقطنه يعج بالوحوش. إما متخفين بزي الأبطال، أو عارية قذارتهم. أما أنتِ... (ناناسي تسوباسا)... فأنتِ كائنة غريبة: عادية لكنها موهوبة بسيطة لكنها قادرة. وهؤلاء هم من يهزمون الوحوش أحيانًا... هذه فلسفتي"
"قلت أن اسمك (تسوكيشيرو)... أويكون هذا من عصابة الوحوش؟ "
قلتها وأنا أشير على صورة فتى في عمري تقريبا.
"هذا (أيانوكوجي كيوتاكا)... المفتاح الذي سيوصلك لهدفك. التحق بـ(المدرسة التنشيئية المتقدمة) قبلك وهو يعيش بين الطلاب الآن"
"تريدني أن أقترب منه؟"
"أجل. سأوجهك خطوة بخطوة. لكن انتبهي... هذا الفتى يمتلك حدسًا ثاقبًا
كالذئاب إن اقتربت بتهور، سيكتشفك فورًا"
"فكيف أفعل ذلك؟"
"اختبئي بالحقيقة وغلفيها بالأكاذيب. حبّكِ لماتسو ورغبتك في الانتقام له حقيقيان. استخدميهما كقناع لتشكيل شخصية جديدة. حتى لو شك فيك، لن
يهتم... ففي نظره، أنت مجرد ذبابة عابرة"
"سؤال أخير... لماذا أنا بالذات؟"
"لأنك في المنطقة الرمادية... لا شرّ مطلق ولا خير صاف. هذا ما يجعلك الأداة
المثالية"
"وإذا... تعاطفتُ مع أيانوكوجي يومًا؟"
"سنفكر بذلك حينها"
سألني إن كنتُ مستعدة، فأومأت دون تردد.
أحيانًا ... ما زلتُ أتذكر ذلك الحوار كأنه كحلم بعيد.
في تلك الغرفة، كان قلبي يخفق بالانتقام.
كنت مصممة على جرّ " أيانوكوجي أتسومي" (والد كيوتاكا) إلى النور كي يحاسبه
العالم على ما فعل بإيتشيرو.
لكن شيئًا تغير الآن...
أريد إنقاذ أيانوكوجي سينباي.
هذه رغبة صادقة تنمو في داخلي.
إن تخرج من المدرسة التنشيئية المتقدمة دون أن يتغير، فسيصبح وحشا كأبيه.
وسيخلف وراءه ضحايا آخرين مثل إيتشيرو...
هذا ما لا أريده.
إذن... علي أنا – الوحيدة التي تعرف خطره – أن أمنع ذلك.
اليوم أيضًا... أواصل البحث في أعماق الغابة عن المفتاح الصغير الذي قد يُغير
مصيره...