الفصل الأول
مقدمة
صباح الأحد تحت المطر من نافذة غرفتي، بدا الصباح بلون رمادي ثقيل. لم تكن الأمطار غزيرة بعد، لكنّ خُطوًا تحت رذاذها دون مظلة يبقى أمرًا متعبًا.
بعد أن ارتديت ملابسي قبل العاشرة صباحًا، حملت مظلةً واحدةً واتجهت إلى بهو
السكن الطلابي.
عندما دخلتُ المصعد، لاحظت آثار ماء على الأرض.
آثار أقدام مبكرة لطلاب غادروا السكن باكرًا.
"يا أهلا! صباح الخير!" بمجرد وصولي للطابق الأول، التفت إلي طالب يرتدي هوديا
ورفع يده محيبًا.
إنه "يوشيدا" زميلي في الصف.
"صباح النور" بعد تبادل تحيات سريعة، أشار يوشيدا نحو الأريكة وقال
"شيمازاكي نزل للتو"
كأنه سمع اسمه، انتفض "شيمازاكي" من مقعده ونزع سدادة أذن لاسلكية بيضاء من
أذنه اليمنى، ثم وضعها في علبة صغيرة خرج بها من حقيبته.
"كنت تستمع إلى ماذا اقتربت منه أنا ويوشيدا متسائلاً.
"تمارين استماع بالإنجليزية للتحضير للامتحانات ليست مادتي القوية، لذا أحاول
تعويض الوقت"
كأنه يقول: "حتى دقائق الانتظار هذه ثمينة بالنسبة لي"
"انتظر ... ألست متفوقًا في الإنجليزية؟ درجاتك أعلى مني!"
تأمل يوشيدا في السقف كأنه يسترجع ذكريات الاختبارات السابقة.
"مقارنتك لنفسك بي غير عادلة. الإنجليزية هي أسوأ مادة عندي"
"آه... حسنًا. أعتذر عن المقارنة! اعتذر يوشيدا بنبرة ساخطة، لكن دون غضب.
شيمازاكي، رغم تصدّره دائماً قوائم المتفوقين، يعرف نقاط ضعفه جيدًا.
هذا الوعي هو سر تفوقه.
تلميذ من "الصف A" السابق بجدارة.
"ألم تثر كلمته غضبك؟" سألته مستغربًا. فعادةً ما يكون يوشيدا سريع الانفعال.
"بالتأكيد أزعجتني قليلا... لكنه دائما هكذا يدرس كالآلة. وأنا لستُ مثله... هذه
حقيقة" يقول هذا لربما أيضًا لأن صداقتهما متينة.
"ألا تدرس هذه الأيام على مدار الساعة؟"
"ربما . خمس ساعات يوميًا على الأقل... دون احتساب الحصص المدرسية" أجاب
شيمازاكي بهدوء.
"خمس ساعات؟ مستحيل" عبر يوشيدا عن رفضه بمبالغة كوميدية بيديه.
"شهادة التخرج من " المدرسة التنشيئية المتقدمة" ورقة مهمة... لكنّها لا تكفي لدخول جامعة جيدة. اليوم نفسه لدي حصةً في المعهد بـ"كياكي مول"
"معهد ؟ كم عدد الطلاب الملتحقين "به؟ سألته بفضول، فالتفت إلي شيمازاكي
محدقا وقال
" ألا تعرف؟ هناك ۲۰ طالبًا على الأقل من الصف الثالث. رقم صغير مقارنةً بمدارس أخرى... لكنّه سيزداد بحلول الصيف" إشارة إلى أن موجة التحضير للجامعات قد
بدأت.
"أنت أيضًا لست ضعيفًا... ألا تفكر في الالتحاق؟" نظر شيمازاكي ليوشيدا الذي هزّ
رأسه بالرفض قبل إكمال السؤال:
"لا شكرًا ! لا أطمح لجامعة نخبوية. أيام العطسة الوحيدة التي ألهو فيها مع
الأصدقاء... لن أضيعها في المذاكرة!"
"حسناً، هذا خيارك" قال شيمازاكي بنبرة حادة كأنه يشعر بالإهانة.
"لا تغضب! أعرف أنك مجتهد " رفع يوشيدا يديه مستسلماً.
"بالمناسبة... لماذا استدعيتني أنا وأيانوكوجي في يوم عطلة؟" حوّل يوشيدا
الموضوع بسرعة.
الحقيقة، الأمر يخص أيانوكوجي فقط اريد منه إستشارة... لكن وجودك سيسهل الأمور" كلمة "إستشارة" التي ذكرها أثارت فضولي
" في
"أها! إذن تحتاج مساعدتي؟" قال يوشيدا مزهوا.
"أيانوكوجي، اسمع جيدًا ما يقوله شيمازاكي" صفع كتفي بأسلوبه المعهود.
" يعتمد ذلك على طلب الاستشارة... ما بالضبط تريد ؟" علاقتي بشيمازاكي ليست
وثيقة لدرجة مناقشة أموره الشخصية.
"اليوم... سأجعلك تعترف بكل أسرارك" حدق في عيني مباشرةً.
"أسرار؟" رددت
"لن نصل لحلّ هنا. اتبعني وستعرف" خرج شيمازاكي من البهو مفتحًا مظلته بسرعة.
"إلى أين سيأخذنا؟"
"قال شيئًا عن "كياكي مول" تبادلتُ نظرةً مع يوشيدا قبل أن نلحق به تحت المطر.